سلطة القاضي الجنائي في إعادة تكييف الوقائع
سلطة القاضي الجنائي في إعادة تكييف الوقائع
هاجر الداودي
باحثة في القانون الخاص
تمهيد
إن الأصل في التقاضي هو أن الطرف الذي يقيم الدعوى العمومية أو يمارسها يكون هو الملزم ببيان الفعل أو الأفعال موضوع المتابعة، والاشارة إلى الوصف القانوني لهذه الأخيرة، وكذا النصوص القانونية المطبقة عليها.
فالنيابة العامة والموظفون الذين سمح لهم المشرع بإقامة الدعوى العمومية والمتضرر عندما يقيم هذه الأخيرة وقاضي التحقيق عندما يقرر الإحالة على غرفة الجنايات (المادة 218 من ق.م.ج)، والغرفة الجنحية عندما تلغي قرارا بعدم المتابعة وتقرر المتابعة ( المادة 243 من ق.م.ج) كلهم ملزمون بتكييف الواقعة أو الوقائع موضوع المتابعة، وهو أمر كرسه المشرع كذلك من خلال الفقرة الثانية من المادة 308 والفقرة الثانية من المادة 420 من ق.م.ج حيث وضع البطلان كجزاء الاخلال بالبيانات المذكورة، كما نجد المشرع الفرنسي جعل البحث في التكييف القانوني للواقعة واجبا على المحكمة [1].
وخروجا عن الأصل منح المشرع صلاحية إعادة التكييف للقضاء الجالس، وهو ما يعني أن المشرع قد بوأ هذا الأخير مكانة المراقب لعمل كل الأطراف التي تملك صلاحية التكييف من نيابة عامة وقضاء تحقيق وغيرهما[2]، وما يعزز هذا المقتضى المادة 432 من ق.م.ج والتي جاء فيها أنه " لا ترتبط غرفة الجنايات بتكييف الجريمة المحالة عليها، ويجب أن تكيف قانونيا الأفعال التي تحال عليها وأن تطبق عليها الفصول القانونية المتلائمة مع نتيجة بحث القضية بالجلسة ".
غير أن إعادة التكييف القانوني للوقائع ليست مطلقة بل هي مسألة مشروطة باحترام مجموعة من المبادئ والضمانات، فأين تتجلى القواعد التي تحكم سلطة القاضي الجنائي في إعمال إعادة التكييف القانوني للجريمة ؟
ستقتضي منا مناقشة هذا الموضوع بسطه في محورين حيث سنتطرق في الأول لسلطة محاكم الموضوع في إعادة التكييف والمبادئ المؤطرة لهذه السلطة، فيما سنعرض في المحور الثاني من نفس الموضوع للآثار المترتبة على إعادة التكييف والرقابة القضائية عليه.
المحور الأول : سلطة المحكمة في إعادة التكييف والمبادئ المؤطرة لهذه المكنة
إعمال إعادة التكييف الجنائي للوقائع أمام محاكم الموضوع يعتبر تحقيقا لمبدأ شرعية التجريم والعقاب ( الفقرة الأولى )، لكن صلاحية إعادة التكييف هذه ينبغي إحكامها بشكل دقيق من أجل ضمان عدالة الأحكام ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : سلطة محاكم الموضوع في إعادة التكييف
إذا كان المشرع قد منح بشكل صريح لقاضي الجنايات الصلاحية في إعادة التكييف من خلال وجود نص المادة 432 من قانون المسطرة الجنائية، فإن صلاحية القاضي الجنحي في إعادة التكييف محل نظر.
إذ أن الإشكال المركزي الذي يثار في هذا الصدد يتمحور حول مدى صلاحية القاضي الجنحي في إعادة التكييف، فهل لهذا الأخير صلاحية إعادة تكييف الوقائع المعروضة عليه على الرغم من غياب نص قانوني صريح يخول له هذه الإمكانية ؟
لئن كان العمل القضائي في المحاكم الابتدائية قد جعل من إعادة التكييف عرفا لا محيد عنه، لأن محكمة النقض قد أجازت ذلك في العديد من المناسبات على الرغم من غموض موقفها في مناسبات أخرى، فإن الفقه لم يتوحد حول هذه الإمكانية.
فالتوجهات التي عارضت إمكانية لجوء القاضي الجنحي إلى مكنة إعادة التكييف تجتمع تحت ستار واحد، حيث تذهب إلى القول بأن المشرع لو أراد تمكين القاضي الجنحي من آلية إعادة التكييف لنص على ذلك صراحة مثلما فعل عندما أورد المادة 432 من قانون المسطرة الجنائية والتي تخول هذه الإمكانية لغرفة الجنايات صراحة من خلال نص المادة، و جعلها حكرا على قضاة الجنايات، أما تطاول القاضي الجنحي على ممارسة إعادة التكييف قد يجعل من محاضر الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح و المخالفات ( المادة 290 من ق.م.ج) مجرد معلومات أو بيانات لا تؤخذ إلا على سبيل الاستئناس على غرار المحاضر المحررة في شأن التثبت من الجنايات ( المادة 290 من ق.م.ج)[3].
في حين، ذهبت آراء المؤيدين إلى أن المحكمة لا تكون مقيدة بشكل مباشر بالتكييف الذي أعطته النيابة العامة للوقائع، فهي عندما تحال عليها القضية يكون دورها الأساسي هو المحاكمة و تفريد العقاب في مواجهة المتهم المحال عليها، أي أنها تكون مقيدة بتطبيق القانون و الحكم بالعقوبة وفقا للجريمة التي ارتكبها المتهم و مدى قناعتها من خلال المناقشة الجارية أمامها، و باعتبار أنها تسهر على تطبيق و احترام القانون فإن لها الحق بالتصرف في تكييف المتابعة ووضعها في إطارها المناسب، و بالتالي فهي لا تتقيد بنوعية المتابعة و إنما تنظر في النازلة و تصدر حكمها فيها وفق التكييف الذي تراه مناسبا و تطبق بالتالي العقوبة الملائمة.
أما الفئة الثالثة و التي التزمت الحياد في هذا الموضوع، فقد أجمعت على أنه لا ينبغي الانسياق وراء مؤيد لمؤسسة قانونية أو رافض لها للقول بعدم صحتها أو عدم مشروعيتها أو التسليم بقانونيتها و مشروعيتها من غير الاستناد على مرجعية و أساس قانوني، بل من واجب القاضي أن يتحرى في عمله القضائي ما أمكنه لتجنب الخطأ و عدم التمادي فيه، خاصة و أن التعامل مع النص القانوني يجب أن يتم في إطار احترام مقاصد المشرع، كما يقول البعض أن التعامل مع القاعدة القانونية يجب أن يكون كما أرادها المشرع لا كما يريد لها القاضي أن تكون[4].
ومن خلال ما سبق يمكن القول بأن للقاضي الجنحي صلاحية إعادة التكييف بحكم الواقع، بل هو واجب عليه بحكم التزامه بتطبيق القانون تطبيقا سليما على الوقائع التي يراها ثابتة في الدعوى، وهذا ما جاءت به محكمة النقض في أحد قراراتها أن " للمحكمة الجنحية مثل محكمة الجنايات حق تكييف الأفعال المحالة عليها التكييف القانوني الصحيح و ليست مقيدة بالمتابعة في هذا المجال" [5].
فالمحاكم الابتدائية أكدت أحقيتها في إعادة تكييف الوقائع المعروضة عليها من خلال العديد من القرارات على الرغم من أنها لا تبرز الأساس القانوني الذي تعتمده في تخويلها هذا الحق، لأن المشرع الزجري أكد أحقية هذه المحاكم في إعادة التكييف بطريقة غير مباشرة في العديد من النصوص الاجرائية المتفرقة.
وتجدر الاشارة إلى أن مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية قد حسمت النقاش حول صلاحية القاضي الجنحي في إعادة تكييف الوقائع عبر التنصيص على هذه الامكانية في المادة 386-1 والتي جاء فيها أنه " يمكن للمحكمة أن تغير تكييف الجنحة موضوع المتابعة إلى جنحة من الصنف نفسه إذا انطبقت عليها العناصر القانونية المكونة للجريمة موضوع الوصف الجديد.
وعلاوة على ذلك إذا كانت العقوبة المقررة للجنحة بعد تغيير تكييفها أشد، فلا يجوز للمحكمة الأخذ بها إلا بعد الاستماع لمطالب النيابة العامة وإيضاحات الدفاع بهذا الخصوص وإذا التمست النيابة العامة تغيير الوصف خلال دراسة القضية، تعين على المحكمة مناقشة القضية على ضوء الوصف الجديد بعد الاستماع للدفاع بهذا الخصوص".
ويرى أحد المتخصصين أنه يمكن إعادة تحرير هذه المادة على النحو التالي :
"يمكن للمحكمة أن تغير تكييف الجنحة المرفوعة به الدعوى إليها إذا تماثلت العناصر المكونة للجريمة موضوع المتابعة مع العناصر المادية المكونة للجريمة موضوع الوصف الجديد...، وإذا التمست النيابة العامة تغيير الوصف خلال دراسة القضية، تناقش المحكمة القضية على ضوء الوصف الجديد ( ولا ضرورة لكلمة " تعين" الواردة في المسودة حتى لا يفهم منها أن المحكمة ملزمة بإعادة التكييف في هذه الحالة فقط )".
وفي الحالة المشار إليها أعلاه، يخول المتهم أجلا لإعداد دفاعه، إذا طلب ذلك، وهذه الإضافة ضرورية في المادة، ضمانا لحق المتهم في الدفاع، لأنه حضر أو أحضر أمام المحكمة من أجل توصيف معين، ففوجأ وقت دراسة القضية بمطالبة بإعمال تكييف جديد[6].
الفقرة الثانية : القواعد المؤطرة لسلطة القاضي الجنائي في إعادة التكييف
إن سلطة القاضي الجنائي في إعادة التكييف تحكمها مجموعة مبادئ الهدف منها محاولة ايجاد أساس لضبط عملية التكييف وعدم الخروج عن نطاق الواقعة التي أخطر بها (أولا)، ومساعدة القاضي الزجري على تكوين قناعته القضائية وضبط أفكاره عبر منحه سلطة معتبرة في البحث عن الوصف الحقيقي للواقعة بعيدا عن التعجل أو سوء الفهم (ثانيا)، بالاضافة لارتباط هذه القواعد ببعض ضمانات المحاكمة العادلة وعلى رأسها حقوق الدفاع (ثالثا).
أولا : قاعدة التقيد بحدود الدعوى الجنائية
تعتبر قاعدة تقيد المحكمة بحدود الدعوى المرفوعة أمامها سواء بالنسبة للأشخاص المتهمين فيها أو بالنسبة للوقائع المسندة إليهم، من القواعد الاجرائية المتعلقة بالنظام العام لذلك فإن البطلان الذي يترتب على مخالفتها يكون بطلانا مطلقا لا جزئيا.
وتعني هذه القاعدة أنه متى دخلت الدعوى حوزة القضاء، فإن سلطته تقتصر على الواقعة المرفوعة عنها الدعوى، وعلى الأشخاص المتهمين بارتكابها، ومن ثم لا يجوز للقضاء أن يمد سلطته إلى واقعة غيرها تحت التذرع بإعادة التكييف، كما لا يجوز له أن يحكم على غير المتهمين فيها[7].
فمن أجل الحفاظ على سلامة سير الدعوى الجنائية، واحتراما كذلك للمبدأ المعتمد من طرف المشرع الذي يقضي بفصل اختصاصات سلطة المتابعة عن وظائف قضاة الحكم، لأن قاعدة التقيد بحدود الدعوى هي تطبيق للمبادئ العامة التي يحكمها القانون الجنائي، سيما مبدأ الفصل بين السلطات، فلو كانت المحكمة تفصل فيما لم يرفع إليها من وقائع وأشخاص، لكانت سلطتها تشمل كل من الحكم والاتهام، وهو ما يتنافى ومبدأ الفصل بين السلطتين، من أجل كل ذلك وضعت بعض القيود التي تحد من سلطة تغيير التكييف، وهكذا فإذا قامت السلطة القضائية بتغيير التكييف وجب عليها بالمقابل أن لا تقوم بتغيير الاتهام، أي عليها أن لا تعتمد في التكييف الجديد على أفعال لم تعرض عليها، غير أنه وبالرغم من ذلك يبقى لقضاة الحكم استثناء الحق في تغيير الاتهام، حيث يمكن للتكييف أن يشمل كذلك تلك الأفعال الأجنبية عن المتابعة، وينضاف إلى ذلك أنه يمكن للقاضي أن يأخذ بعين الاعتبار بعض الأفعال، وإن كانت غير مشمولة بالمتابعة صراحة وإنما تشكل مجموعة ظروف خاصة بالفعل الأصلي، ومن شأنها أن تساعد على إظهاره وفق التكييف الحقيقي[8]، فقد غيرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بأكادير التكييف القانوني من جناية الاغتصاب الناتج عنه افتضاض البكارة وجنحة هتك عرض بالعنف إلى جناية المشاركة في هتك عرض بالعنف مع التعدد، أي أن المحكمة غيرت التكييف بإضافة ظرف التشديد المتمثل في التعدد، فقد جاء في القرار " إن المحكمة واستنادا إلى كل ما ذكر اقتنعت بثبوت التهم أعلاه في حق المتهم المذكور مما يتعين معه مؤاخذته من أجلها وذلك بعد إعادة تكييف فعل هتك العرض بالعنف إلى المشاركة في ذلك مع إضافة ظرف التعدد طبقا للفصول 129 و 487 من ق.ج"[9].
ثانيا : قاعدة عدم تقيد القاضي الجنائي بتكييف جهة المتابعة
من المعلوم أنه من بين الاختصاصات الممنوحة للنيابة العامة تكييف الوقائع الواردة في محاضر الضابطة القضائية أي إعطاء الفعل الجرمي الوصف القانوني المطابق له وبيان ما إذا كان يمثل جناية أو جنحة أو مخالفة.
وفي إحدى القضايا التي طرحت مؤخرا للنقاش والمتعلقة بسرقة ارتكبت أثناء حالة الطوارئ الصحية، قامت النيابة العامة بمتابعة المتهمين بجنحة السرقة طبقا للفصل 505 من القانون الجنائي الذي يكيف السرقة على أنها جنحة عادية، وأحالت الملف على المحكمة الابتدائية التي أعادت تكييف الفعل الجرمي بوصفه جناية وليس جنحة، بعلة أن الفعل المنسوب للمتهمين ارتكب تحت ظرف تعدد الفاعلين من جهة والذي يعتبر ظرف مشدد للعقوبة[10]، ومن جهة أخرى ارتكب أثناء حالة الطوارئ الصحية وهو ما يكيف أنه اقترف في ظل كارثة بمفهوم الفصل 510 من القانون الجنائي ما جعلها تصرح بعدم الاختصاص النوعي.
وفي هذا الصدد يرى الأستاذ العربي محمد مياد ونشاطره الرأي، أن قاضي الحكم سيد ملفاته لا يقيده في سلطاته إلا التطبيق العادل للقانون وأن قضاة الحكم غير ملزمين بالوصف القانوني للمتابعة الذي تحدده النيابة العامة، وبإمكانهم تغييره تماشيا مع ما نص عليه الفصل 110 من الدستور بأن قضاة الأحكام في منأى عن الالتزام بأي تعليمات من رؤسائهم ومن أية جهة حتى لو كانت قانونية، بل وإن من حق قاضي الحكم إحالة الأمر على المجلس الأعلى للسلطة القضائية متى اعتبر أن استقلاله مهددا.
وهذا ما أكده العمل القضائي في العديد من المناسبات، ففي قرار للمجلس الأعلى سابقا - محكمة النقض حاليا- جاء فيه أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالوصف القانوني للمتابعة، ولها أن تغيره من جنحة السرقة إلى محاولة السرقة [11]، وفي قرار آخر له قضى كذلك بأن للمحكمة حق عدم الارتباط بوصف الجريمة المقررة من طرف جهة الإحالة، ويتعين عليها أن تصف قانونيا الأفعال التي تحال عليها وأن تطبق عليها القانون الجنائي بعد توضيح الأركان الحقيقة للفعل المعروض على نظرها وظروفه [12].
وهذا ما يستشف أيضا من قرار لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة والذي جاء فيه "حيث إن المحكمة تضع يدها على القضية كواقعة وليس كوصف، مما يجعل تكييف الوقائع من طرف النيابة العامة غير ملزم للمحكمة" [13] وهو نفس المقتضى الذي أكدته محكمة الاستئناف بالرباط والتي ذهبت إلى "... أن النظام القانوني المغربي لا يتضمن أي نص صريح يحجر على قاضي الموضوع ويغل يده في إخضاع ما يعرض عليه من نوازل ووقائع إلى وصفها القانوني الصحيح، بل دأب الاجتهاد القضائي في الممارسة إلى إعمال هذه السلطة..." [14].
فالقاضي الزجري إذن لا يتقيد في تكييفه للواقعة برأي الخصوم أو اتفاقاتهم فهو صاحب السلطة في صدده، ولا يتقيد بالتكييف القانوني الذي أثبتته غيره من جهات القضاء ويستوي أن تكون هذه الجهة قضاء النيابة العامة أو قضاء التحقيق أو قضاء محكمة أول درجة، فتكييف هذه الجهات مبدئي لا يقيد قاضي الحكم المحال إليه الدعوى، فله أن يطرحه أو يغيره أو يعدله، كما أن تحديد الاختصاص يعد من نتائج التكييف وكل جهة قضائية بمختلف درجاتها لها حق الفصل في اختصاصها تبعا لحقها في تكييف الواقعة المطروحة عليها.
مع ضرورة التنبيه إلى أن محكمة الاستئناف مقيدة بعدم الاضرار بمركز المتهم إذا كان هو المستأنف الوحيد طبقا لمبدأ عدم إضرار المستأنف باستئنافه [15]، ومقيدة أيضا بحدود الاستئناف المعروض عليها.
ثالثا : قاعدة التنبيه إلى التكييف القانوني الجديد
إذا كان المتهم قد دفع عن نفسه التهمة بناء على وصف قانوني معين، فمن حقه أن يستوفي حقه في الدفاع عن أي وصف جديد ترى المحكمة إضفائه على الواقعة حتى ولو كان وصفا أخف من الوصف الأول، ومن حقه مناقشة الوصف الجديد الذي قد تختلف أركان الجريمة فيه عن الوصف الأول، مثل تغيير وصف جريمة السرقة إلى جريمة إخفاء شيء مسروق التي تستوجب العلم بالشيء المسروق، أو تكييف الفعل على أنه سرقة بعد أن كان الوصف الأول هو خيانة الأمانة، فيتعين إذن على المحكمة أن تنبه المتهم حتى يتمكن من نفي العناصر القانونية للوصف الجديد [16]، ولا يكفي القول بأن المتهم سبق له أن منح فرصة نفي الوقائع من أساسها في دفاعه الأول أو القول بأنه كان يجب على دفاعه أن يتناول الموضوع من جميع أوصافه الممكنة [17].
من أجل ذلك وجب على المحكمة في هذه الحالة أن تمنح المتهم أجلا لاعداد دفاعه إذا طلب ذلك، فاحتراما لحق الدفاع استقر قضاء النقض على وجوب تنبيه المتهم كلما ترتب على تغيير وصف التهمة أو تعديله إثارة دفاع جديد للمتهم، ويتحقق ذلك في حالتين :
1. أن يتم تغيير وصف التهمة إلى وصف آخر أشد ولو كان مبنيا على ذات الواقعة المنسوبة إليه دون إضافة أي عنصر آخر لها.
2. أن يتم تعديل وصف التهمة بناء على إضافة عناصر جديدة إلى الواقعة المرفوعة بها الدعوى، بغض النظر عما إذا كان التعديل منطويا على مصلحة المتهم أو ضده [18].
ويرى بعض الفقه أنه إذا استبعدت محكمة الموضوع ظرفا مشددا أو أخذت ببعض ظروف التخفيف أو أسباب الاعفاء من العقوبة، أو استبعدت أحد أوصاف الجريمة كاستبعاد سبق الاصرار والترصد أو نية القتل العمد أو الأخذ بحالة الدفاع الشرعي وغيرها... فإجراء مثل هذه التعديلات لا تستوجب تنبيه الدفاع إليه لأنه ليس فيه مساس بحق الدفاع.
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو هل هناك شكل معين لتنبيه دفاع المتهم إلى تغيير الوصف القانوني للجريمة ؟ أيكفي التنبيه الضمني أم لابد من التنبيه الصريح ؟
إن المشرع لم يحدد شكلا معينا لتنبيه الأطراف إلى تعديل التهمة، وكل وسيلة تراها المحكمة محققة لهذا الغرض فهي كافية فيستوي أن يكون التنبيه ضمنيا أو صريحا.
فقد يكون التنبيه ضمنيا كتوجيه المحكمة أسئلة معينة أثناء الاستجواب يفهم منها أن نظرها متوجه إلى وصف جديد، مثال ذلك أن تستجوب المحكمة المتهم المتابع بانتزاع حيازة عقار الغير طبقا للفصل 570 من ق.ج حول ما إذا كان الوقت الذي وقع فيه انتزاع الحيازة ليلا، أو كونه استعمل العنف أو التهديد، أو كأن تحقق مع المتهم المتابع من أجل السرقة الموصوفة طبقا للفصل 510 من ق.ج في إضافة ظرف مشدد كان، حيث سيصبح الوصف الجديد تطاله مقتضيات الفصل 509، فكل هذا يعتبر تنبيها ضمنيا ويجب على الدفاع أن يتنبه إليه ويرافع احتياطيا على ضوئه [19].
أما التنبيه الصريح فيقصد به صدور قرار من المحكمة بتغيير وصف التهمة أو تعديلها، فيجب عليها أن تنبه المتهم ودفاعه صراحة، وقد تنبه المحكمة الدفاع حتى قبل صدور القرار من أجل الدفاع على وصفين اثنين أحدهما وارد في المتابعة والآخر يمكن أن ينطبق على الواقعة موضوع المتابعة، وقد يترافع الدفاع من تلقاء نفسه على أساس وصفين اثنين، كما إذا كانت نيته متجهة نحو استبعاد الوصف الذي بنيت عليه المتابعة لكونه أشد ويناقش وصفا آخر أخف، كمحاولة استبعاده عناصر جريمة الاغتصاب ومناقشة جنحة الفساد وذلك دون تنبيه من المحكمة، أو المرافعة على أساس أن الوقائع التي توبع من أجلها المتهم تندرج تحت وصف الضرب والجرح المفضي إلى الموت ولا ينطبق عليها وصف القتل العمد، ففي هذه الحالات إذا لم تنبه المحكمة الدفاع إلى تغيير الوصف لا يمكن القول معه بأن هناك إخلال بحقوق الدفاع لأن المقصود من التنبيه قد حصل فعلا [20].
لكن ما العمل في حالة ما إذا نبهت المحكمة الدفاع إلى الوصف الجديد ورغم ذلك بقي متشبتا بالوصف الأول ويرفض مناقشة الوصف الجديد لأنه يرى أنه ليس في مصلحة موكله ؟
يرى الأستاذ بوقين الحسن - رئيس المحكمة الابتدائية بتارودانت سابقا- أنه يتعين على المحكمة أن تنتدب محاميا آخر للدفاع عن المتهم حتى تستوفي المحاكمة إجراءاتها الضرورية، فيتعين انتداب محام آخر اذا رفض الدفاع الحاضر المرافعة على أساس الوصف الجديد وذلك كلما كان حضور المحامي ضروريا، وإذا لم يكن حضور الدفاع ضروريا بجانب المتهم ورضي هذا الأخير بالشكل الذي رافع به محاميه فلا مجال للقول بوجود اخلال بحق الدفاع.
المحور الثاني : الآثار المترتبة على إعادة التكييف والرقابة عليه
إعادة التكييف على النحو السابق هي تحليل للوقائع والتصرفات القانونية لاعطائها وصفها الحق وإخضاع التصرفات أو الواقعة القانونية محل النزاع للنص القانوني الذي يحكم هذا التصرف أو تلك الواقعة ولهذه العملية آثارعلى المستوى الإجرائي ( الفقرة الأولى) ومن هنا أيضا كانت إعادة التكييف غير الصحيح خطأ في تطبيق القانون، والخطأ في إعادة التكييف مسألة قانونية تخضع دائما لرقابة محكمة النقض ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : آثار إعادة التكييف على القواعد الاجرائية
إن لإعادة التكييف تأثير مهم على القواعد الإجرائية، ذلك أن وجود تكييف معين يترتب عليه نتائج على المتهم ونتائج على سير القضية، فأين يتجلى أثر إعادة التكييف على كل من التقادم والطعن في الحكم ؟
أولا : أثر تعديل التكييف على طرق الطعن
إذا كان المشرع قد قرر ضمانات للمتهم في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، إلا أنه بالرغم من ذلك يوجد احتمال أن تصدر بعض الأحكام مشوبة بأخطاء قضائية، لذا فإن اختلاف التكييف القانوني للجريمة يترتب عليه اختلاف في طرق الطعن في الأحكام الصادرة في شأن كل نوع من أنواع الجرائم، ومناط الطعن في الأحكام هو الخطأ في التكييف القانوني للواقعة أو الخطأ في تطبيق القانون.
والاشكال الذي يطرح بهذا الصدد حول صدور الحكم الغيابي في دعوى أقيمت بتكييفها جناية إذا تم الحكم فيها بعقوبة جنحية، فهل يخضع هذا الحكم في موضوع الدعوى لنظام بطلان الأحكام الغيابية في الجنايات أم لنظام بطلان الأحكام الغيابية في الجنح ؟ فهل العبرة تكون بالوصف الذي أقيمت به الدعوى أو بالوصف الذي اعتمده لها الحكم الغيابي أو الوصف المستمد من نوع العقوبة المحكوم بها ؟
بداية وجب التمييز بين إعادة التكييف والتجنيح، فالتجنيح القضائي يقصد به حسب الفقه الجنائي تغيير صفة جريمة معينة من وصف أشد إلى وصف أخف من حيث العقوبة المنصوص عليها في القانون، وذلك بإطلاق وصف جنحة على جريمة هي في الواقع جناية تحمل حسب ظروف ارتكابها لأكثر من وصف جنائي، كما يتحقق التجنيح أيضا بمجرد إحلال الصفة الجنحية محل الصفة الجنائية في النازلة، مثل اعتماد تكييف الضرب والجرح العمديين مع سبق الإصرار عوض اعتماد تكييف محاولة القتل العمد [21].
بخلاف إعادة التكييف الذي مفاده إعطاء الوصف الحقيقي للفعل الجرمي سواء أدى ذلك إلى اعتماد وصف من نفس المستوى أو جريمة مماثلة أو من وصف أخف إلى آخر أشد أو العكس.
فالتجنيح هو إجراء من صنع العمل القضائي ولم يتطرق إليه المشرع إلا في حالات استثنائية آخدا بعين الاعتبار معيار العقوبة المقررة للأفعال المجنحة والتي تتجاوز خمس سنوات وتصل إلى عشر سنوات، كما يختلف التجنيح عن إعادة التكييف في كون أن الإجراء الأول لا يتخذ إلا من طرف النيابة العامة وقاضي التحقيق، أما الثاني فيتخذ من طرف المحكمة الابتدائية والغرفة الجنحية وغرفة الجنايات أو من طرف قاضي التحقيق[22].
وجوابا على التساؤل أعلاه، فقد اختلفت الآراء الفقهية حول هذه النقطة، إلا أن الرأي الغالب فقها والمستقر عليه في أغلب التشريعات أن الوصف الوحيد الذي ينبغي أن يكون محل اعتبار في نطاق تقرير طرق الطعن الجائزة في الحكم، هو الوصف الذي أقيمت به الدعوى دون غيره من الأوصاف [23].
ثانيا : أثر تعديل التكييف على التقادم
يترتب على التكييف القانوني للجريمة بكونها جناية أو جنحة أو مخالفة اختلاف في مدد تقادم كل من الدعوى العمومية والعقوبة، فكلاهما تختلف مدته باختلاف نوع الجريمة.
وإذا كان تحديد أثر التكييف القانوني على تقادم الدعوى لا يطرح أي إشكال في نطاق التقسيم الثلاثي للجرائم ( الجنايات والجنح والمخالفات )، ذلك لاستقرار القضاء في معظم الدول على الأخذ بالتكييف القانوني الذي تنتهي إليه المحكمة التي نظرت في الدعوى بغض النظر عن التكييف الذي رفعت به الدعوى، فالاشكال يطرح :
- عند توافر ظرف من الظروف القضائية المخففة، إذا قضت المحكمة بعقوبة جنحية بدلا من الجنائية.
- وكذلك عندما تقام الدعوى بوصف معين، فترى محكمة الموضوع تغييره إلى نوع آخر، كتغيير وصف الجناية إلى الجنحة أو العكس.
في الأمر الأول العبرة تكون بالوصف الذي أقيمت به الدعوى دون غيره، أما في الاشكال الثاني فالعبرة بالوصف الذي أخذت به محكمة الموضوع [24].
بمعنى أن تعديل التكييف على تقادم الدعوى العمومية تكون العبرة فيه بالأخذ بالوصف أو التكييف القانوني الذي أصبغته المحكمة على الدعوى المقامة أمامها.
أما بالنسبة لأثر تعديل التكييف على تقادم العقوبة فيطرحنا أيضا أمام إشكال أي وصف يؤخذ بعين الاعتبار عند إعادة التكييف، هل هو الوصف المستفاد من العقوبة المحكوم بها، أو الوصف الذي اعتمدته المحكمة للواقعة، أو الوصف المقرر لها في القانون الموضوعي، أو الوصف الذي أقيمت به الدعوى؟
لقد اختلف الفقه بين رأيين، رأي أخذ بالوصف المنطبق على العقوبة المحكوم بها، استنادا إلى أن الحكم أصبح نهائيا وحائزا لحجية الشيء المقضي به، ورأي ثان أخذ بالوصف الذي اعتمده الحكم النهائي للواقعة، لا سيما في حالة تغيير وصف التهمة أو تعديلها بإضافة ظروف مشددة مثلا، وأن اعتماد ذلك الوصف لا يخل بحجية الشيء المقضي به طالما أن تقادم العقوبة لا يبدأ بطبيعته إلا بعد أن يصبح الحكم نهائيا حائزا حجيته [25].
وأحكام القضاء في هذا الشأن تكاد تكون نادرة، لأن هذا النوع من التقادم قلما يعرض على القضاء، كما أنه لا يثار إلا عند قيام السلطة التنفيذية بتنفيذ الأحكام.
الفقرة الثانية : نطاق إعادة التكييف الخاضع لرقابة محكمة النقض
المشرع الزجري أناط بقاضي النقض مهمة أساسية تتمثل في السهر على مراقبة تطبيق القانون بدقة من طرف المحاكم الزجرية، وتلك المراقبة تمتد إلى الوصف القانوني المعطى للوقائع المبنية عليها المتابعة، غير أن تلك المراقبة يجب ألا تمتد إلى حقيقة الوقائع التي ثبتت لدى قاضي الموضوع، ولا إلى قيمة الحجج التي حظيت باقتناعه ما عدا الحالة التي يحدد فيها القانون قبول تلك الحجج [26].
لذلك أوجبت محكمة النقض على قاضي الموضوع أن يبحث الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها حتى ينزل عليها التكييف القانوني السليم إعمالا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، فهذا المبدأ ليس موجها إلى المشرع وحده بل موجه أيضا إلى القاضي، فإذا تجاهل تطبيقه بأن أضفى على الواقعة وصفا قانونيا خاطئا انطوى ذلك على إخلال بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات [27].
وقد أكدت محكمة النقض أحقيتها في مراقبة التكييف لدى محاكم الموضوع إذ جاء في قرار لها أنه " لمحكمة النقض حق مراقبة سلامة التكييف القانوني الذي أعطته محكمة الموضوع للوقائع المعروضة عليها والتطبيق السليم للقانون عليها وكذا سلامة إجراءات المحاكمة"[28].
ليس هذا وفقط بل ألزمت محكمة النقض محكمة الموضوع في إعادة التكييف القانوني للجريمة إبراز الأدلة المعتمدة في التكييف الجديد وتسبيب منطوق الحكم على أساس قانوني سليم، فقد جاء في قرار لها " لئن كانت غرفة الجنايات لا ترتبط بتكييف الجريمة المحال عليها، ويجب عليها أن تكيف قانونيا الأفعال التي تحال عليها، وأن تطبق عليها النصوص الجنائية المتلائمة مع نتيجة بحث القضية بالجلسة، فإنه يتعين عليها أن تستند في ذلك على أدلة تؤدي واقعا وقانونا وعلى سبيل الجزم واليقين إلى قيام عناصر الجريمة طبقا للوصف الجديد الذي انتهت إليه.
وأن المحكمة عندما أدانت الطاعن بجناية الايذاء العمد ضد أحد الأصول طبقا للفصلين 403 و 404 من ق.ج بدلا من جناية القتل العمد لأحد الأصول، متبنية في ذلك علل القرار الابتدائي الذي تأسس على قرينة تواجده لوحده مع الهالك ساعة وقوع الحادث وما كان بينهما من خلاف وعلى تقرير التشريح الطبي...، تكون بنت قرارها على أدلة لا تبرز بصورة يقينية عناصر الجريمة طبقا للوصف المذكور، مما يجعله مشوبا بنقصان التعليل ومعرضا للنقض والابطال" [29].
وفي قرار آخر لمحكمة النقض جاء فيه " إن محكمة الاستئناف لما أعادت التكييف وخلصت إلى أن وقائع القضية تنطبق عليها العناصر التكوينية لجنحة النشر والاذاعة بواسطة الخطب في أماكن عمومية تخل بالنظام العام وتثير الفزع بين الناس طبقا للفصلين 38 و 42 من قانون الصحافة والنشر الصادر بتنفيذه ظهير 15/11/1958 وقضت بمؤاخذة الضنين من أجل ذلك، لم تبرز معه العناصر الواقعية والقانونية للجنحة التي أدانت بها العارض وفق ما يقتضيه الفصلين 38 و 42 من قانون الصحافة بما في ذلك بيان الادعاءات التي نسبت إلى الظنين نشرها وسوء نيته في القيام بهذا الفعل وما نتج عنه من إخلال بالنظام العام وما أثاره من فزع بين الناس، الأمر الذي جاء معه قرارها قاصر التعليل المنزل منزلة انعدامه ومعرضا للنقض والابطال [30].
كما قضى المجلس الأعلى سابقا بابطال حكم استئنافي أيد الحكم الابتدائي بعد تعديله تكييف الأفعال المنسوبة إلى الظنين بجنحة إخفاء المسروق والمشاركة في السرقة، بعد أن كانت التهمة الأولى فقط إخفاء المسروق، وقد علل المجلس الأعلى قضاءه ذلك بانعدام التعليل وفساده بالقول " ... إن الواقعة المنسوبة إلى العارض إذا كان لا ينطبق عليها واقعيا وقانونيا جريمة المشاركة في السرقة -وهي الجنحة المضافة بعد التكييف- فإن الحكم المطعون فيه لم يبرر التعليل السليم لحالة المشاركة كما حدد الفصل 129 من ق.ج، ويكون بهذا الأساس قد أخطأ في التعليل الذي استند عليه فيما قضى به، مما يجعله موازيا لانعدام التعليل ويستوجب التصريح بنقضه وإبطاله" [31].
غير أن إبراز الأدلة المعتمدة في التكييف الجديد دون الاستدلال بالفصول المنظمة للواقعة لا يؤدي إلى نقض الحكم، حيث ذهب المجلس الأعلى سابقا إلى " أن المحكمة ما دامت قد كيفت الأفعال المنسوبة إلى المتهم التكييف القانوني الصحيح، فإن عدم التنصيص على الفصل المطبق على النازلة لا أثر له على صحة قضائها" [32].
مع الاشارة إلى أن محكمة النقض قد تؤيد ما تذهب إليه محاكم الموضوع عند تغييرها للتكييف القانوني، إذا ما رأت أنها احترمت الضوابط المتعلقة بإعادة التكييف [33].
نخلص إذن إلى أن إعادة التكييف القانوني يمثل عصب العمل القضائي، وكل ما يقيد القاضي نصوص القانون وقاعدة احترام حقوق الدفاع، وفي مباشرته لهذه السلطة قد يستبعد عنصرا تمسك به الخصوم أو يضيف آخر لم يتمسكوا به، ويقف عند تكييف الوقائع المطروحة عليه سواء وردت في محاضر الضابطة القضائية أو في التحقيق الابتدائي أو النهائي، أو في تقارير أعمال الخبراء المنتدبين في الدعوى دون غير ذلك من الوقائع، وإعطاء القاضي الزجري سلطة تعديل الوصف القانوني للجريمة من شأنه تجنب الاحالة من طرف المحكمة الأعلى درجة على محكمة الموضوع، التي قد تضطر إلى إيقاف الدعوى وبدء الاجراءات من جديد في حالة ما إذا تبين أن الوصف غير صحيح، وفي ذلك استهلاك للزمن القضائي، وفي ذلك أيضا إضرار بحقوق المتهم الذي قد يبقى رهن الاعتقال الاحتياطي لمدة أطول وهو ما يتنافى وضمانات المحاكمة العادلة.
" S'il résulte des débats que le fait comporte une qualification légale autre que celle donnée par la décision de mise en accusation, le président pose une ou plusieurs questions subsidiaires.
Lorsque l'accusé majeur est mis en accusation du chef de viol aggravé par la minorité de quinze ans de la victime, le président pose la question subsidiaire de la qualification d'atteinte sexuelle sur la personne d'un mineur de quinze ans si l'existence de violences ou d'une contrainte, menace ou surprise a été contestée au cours des débats".
[2] علي حدروني، القضاء الجالس : التكييف، الاستدارك والمراقبة، أية عدالة!، مداخلة تمت المساهمة بها في إطار الندوة الوطنية المنعقدة في رحاب كلية الحقوق بفاس يومي الجمعة والسبت 20- 21 نونبر 2009 تحت عنوان " الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية في ضوء إصلاح القضاء"، ص1.
[3] يوسف قجاح، مدى صلاحية القاضي الجنحي لإعادة التكييف، مقال منشور بجريدة صوت العدالة بتاريخ 14 مارس 2018، ص 2.
[4] يوسف قجاج، مرجع سابق، ص 2.
[5] القرار 535 الصادر في الملف الجنحي عدد 10509 بتاريخ 19 يناير 1984، منشور بموقع محكمتي للأحكام والاستشارات القانونية
https://mahkamaty.blog
[6] الطيب عمر، مستجدات المحاكمة في مشروع المسطرة الجنائية، مداخلة قدمت خلال الندوة التي نظمت بدار المحامي وبشراكة بين هيأة المحاميين بالدار بالبيضاء وفرع الودادية الحسنية للقضاة بالدار البيضاء وكلية الحقوق بالمحمدية، منشورة بجريدة الصباح بتاريخ 24 يونيو 2014.
[7] حنان قودة، الالتزام بتكييف الواقعة الاجرامية، شهادة لنيل شهادة الماستر في العلوم القانونية : العلوم جنائية، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، سنة 2013 2014 ، ص 66.
[8] فريد السموني، محاضرات كتابية بعنوان التكييف في القانون الجنائي، ص 14.
[9] قرار صادر عن غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بأكادير عدد 345 بتاريخ 7 مارس 2017 في الملف الجنائي عدد 2017/18 ، قرار غير منشور.
[10] العربي محمد مياد، تأثير جائحة كورونا على الوصف القانوني لجنحة السرقة (تعليق على حكم) بتاريخ 13 أبريل 2020، منشور بموقع العلوم القانونية : Www.marocdroit.com
[11] العربي محمد مياد، مرجع سابق.
[12] فريد السموني، مرجع سابق، ص 14 و 15.
[13] قرار مؤرخ في 15 يناير 1991، منشور بمجلة الاشعاع العدد الخامس، يونيو 1991، ص 140.
[14] قرار مؤرخ في 5 أكتوبر 1993، منشور بمجلة الاشعاع العدد العاشر، يناير 1994، ص 182.
[15] المادة 417 من قانون المسطرة الجنائية.
[16] L’article 351-1 du procédure pénale française énonce que : "Le président ne peut poser une ou plusieurs questions prévues aux articles 350 ou 351 que s'il en a préalablement informé les parties au cours des débats et au plus tard avant le réquisitoire, afin de permettre à l'accusé et à son avocat de faire valoir toutes les observations utiles à sa défense".
[17] بوقين الحسن، تغيير الوصف وتعديل التهمة 1992، مقال منشور بموقع القانون والقضاء المغربي وبمجلة المحاكم المغربية العدد 66، ص 43.
[18] أمل المرشدي، الجمع بين المنطق القضائي والمنهج القانوني في الرقابة على حسن تطبيق القانون، مقال منشور بموقع محاماة نت.
[19] بوقين الحسن، مرجع سابق.
[20] بوقين الحسن، مرجع سابق.
[21] رحال البوشيخي، التجنيج القضائي وإعادة التكييف القانوني أي فرق؟، قراءة منشورة بموقع : http://7iwar.1fr1.ne
[22] رحال البوشيخي، مرجع سابق.
[23] محمود القبلاوي، التكييف في المواد الجنائية دراسة مقارنة، طبعة 2008، ص 397.
[24] حنان قودة، مرجع سابق، ص 130.
[25] حنان قودة، مرجع سابق، ص 132.
[26] المادة 518 من قانون المسطرة الجنائية.
[27] أمل المرشدي، مرجع سابق.
[28] قرار صادر عن محكمة النقض عدد 9142 بتاريخ 22 نونبر 1990 في الملف الجنائي عدد 22449/ 89، أورده محمد بفقير في مجموعة القانون الجنائي والعمل القضائي، منشورات دراسات قضائية سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين، العدد الرابع 2013، ص 361.
[29] قرار عدد 14 الصادر بتاريخ 7 يناير 2015 في الملف الجنائي عدد 2014/5/6/14250، نشرات قرارات محكمة النقض الغرفة الجنائية، العدد 26، يمكن تحميل القرار أيضا عبر موقع مجلة مغرب القانون Www.maroclaw.com
[30] قرار أورده الدكتور حسن فتوخ في مقاله حول دور القضاء المغربي في حماية حرية الصحافة، منشور في موقع المعلومة القانونية وكذا موقع منابر بريس بتاريخ 25 مارس 2019.
[31] قضاء المجلس الأعلى، العدد29، ص 196 وما بعدها.
[32] فريد السموني، مرجع سابق، ص 14.
[33] هذا ما جاء في قرار صادر عن محكمة النقض حيث اعتبرت فيه أن تغيير التكييف من جناية القتل العمد إلى جناية الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه مع استعمال السلاح، هو وصف صحيح ثبت للمحكمة من خلال المناقشات والأدلة.
قرار صادر عن محكمة النقض عدد 361 بتاريخ 8 فبراير 2002 في الملف الجنحي عدد 24722/05، أورده عمر أزوكار في مؤلفه قضاء محكمة النقض في المادة الجنائية، الطبعة الأولى 2012، ص 420.
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق