دراسة في بعض مظاهر الحماية الدستورية الجنائية للحقوق والحريات
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دراسة
في بعض مظاهر الحماية الدستورية الجنائية للحقوق والحريات
أحمد الكفراوي
باحث بماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية
ظل تنظيم العلاقات الاجتماعية، ولا زال يقوم على تقرير
الحقوق والواجبات للأشخاص كلما امتد عمر الإنسان واتسعت ميادين اهتمامه وتشعبت
حوله طرق التطور والارتقاء، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال وضع قواعد قانونية تروم
حماية حقوق الإنسان وحرياته كهدف لها وغاية للمحافظة على الحياة الاجتماعية ووقاية
الفرد نفسه مما قد يهدد حياته.
وتشكل حماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية الدستورية
المكفولة للأشخاص، أسمى غاية في كل نظام قانوني حديث، لأنها من أخص واجبات الدولة،
مما يجعلها التزاما يقع على عاتقها.
فالتزام الدولة اتجاه أفرادها يمكن بحثه من مستويات
ثلاث: واجب الاحترام، بالامتناع عن فعل أي شيء قد ينتهك سلامة الفرد أو المس
بحريته، وواجب الحماية، باتخاذ إجراءات اللازمة لمنع الأفراد من انتهاك سلامة
غيرهم وحرية تصرفهم وكل ما لهم من حقوق، وواجب تنفيذ هذه الالتزامات، باتخاذ
الاجراءات الضرورية لكي تضمن لكل انسان تحت ولايتها فرص اشباع الاحتياجات المعترف
بها دوليا، والتي يمكن تأمينها بجهود الدولة كمؤسسة المؤسسات، ولا يمكن لهذه الأخيرة
أن تقف عند مستوى واحد من هذه المستويات؛ فمسؤوليتها هنا تتمثل في التزام بتحقيق
نتيجة وليس ببذل عناية، ولا يمكن التخاذل أو الانشغال عن تحقيق ذلك وإلا كنا أمام
انتهاك مستمر لإنسانية الانسان[1].
من هذا المنطلق يشكل الدستور
المرجعية الأصيلة لتأطير كافة القواعد القانونية الجنائية المتعلقة بالحقوق
والحريات لاسيما ما يتعلق منها بالحماية، وهو ما يفرض توقفنا لبحث مظاهرها دستوريا
في التشريع الجنائي المغربي.
فلا
شك أن الوثيقة الدستورية للمملكة المغربية لسنة 2011 بمجرد التزامها وتشبثها بمبادئ
حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا، ورغبة في ملاءمة قوانينها الداخلية في
هذا المجال، تستوجب دراسة الخلفيات المعلنة والخفية لمظاهر الحماية الدستورية
الجنائية للحقوق والحريات بالمغرب.
ولأجل توضيح كل ذلك، سوف نقف على التجليات العامة
للحماية الدستورية الجنائية للحقوق والحريات في (محور أول)، ثم التجليات الخاصة
لهذه الحماية في (المحور الثاني).
المحور الأول
التجليات العامة للحماية الدستورية
الجنائية للحقوق والحريات
يحدد القانون مساحة ممارسة الحقوق والحريات، ويضع بذلك
قواعد قانونية كفيلة لحمايتها من كافة السلوكات المنحرفة التي تشكل انتهاكا لها،
إذ ذاك فالتكييف القانوني الجنائي للجرائم يجد مرجعيته في الوثيقة الدستورية وفق
قواعد عامة تعتبر بمثابة موجه للمشرع الجنائي[2].
فإذا كانت فلسفة القانون الجنائي تتأسس على مبدأ حماية
المصلحة الاجتماعية[3]،
فإن الرجوع إلى الوثيقة الدستورية أمر ضروري وحتمي باعتبارها مقيد لحدود السلطة
التقديرية للمشرع الجنائي، فهذا الأخير قد يتدخل في مساحة ممارسة الأشخاص لحقوقهم
وحرياتهم مع ما يترتب عن ذلك من آثار، خصوصا عند وضع ضوابط التجريم والعقاب، الشيء
الذي يفرض تنظيم ممارسة الحقوق والحريات بالتوازن مع باقي القيم الدستورية.
ومن منظور آخر، فحماية الحقوق والحريات على اعتبارات
المصلحة العامة، ينبغي ألا تفوق الحماية الشخصية للحقوق[4] والحريات الفردية والطبيعية
التي تجد مرجعيتها في الوثائق والاتفاقات العالمية، مما يجعل تقيد المشرع الجنائي
بمقتضيات الدستور ضرورة تمليها طبيعة الممارسة داخل المجتمع، على اعتبار أن جميع
الحقوق والحريات التي يحميها الدستور تظل في منطقة الصدارة، وبالتالي لا يجوز
المساس بجوهرها أو بمحتواها[5].
فلا يجوز للدولة بأي حال من الأحوال أن تنال من هذه
الحقوق أو تنتقصها، "فالحماية" لا تقتضي اتخاذ تدابير طويلة أو مكلفة،
وإنما تقتضي مجرد الامتناع عن الانتهاك أو المبادرة إلى الكف عنه في حالة وقوعه[6].
يتبين مما تقدم مدى أساسية القاعدة القانونية الجنائية
الدستورية التي تراعي متطلبات العدالة الجنائية، حيث تقوم بخلق وقائع تمكن من
توفير مصدر عام للقانون الجنائي أولا، وسببا في سريان هذه الأخير ثانيا، ويمكن
القول أن ذلك يتلخص في مبدأ الشرعية الدستورية الجنائية[7].
وبالرجوع للوثيقة الدستورية المغربية نجد في الفصل 70 أن
البرلمان كسلطة تشريعية يصوت على القوانين والذي يمكن أن يأذن أحيانا للحكومة
(كسلطة تنفيذية تمثيلية) أن تتخذ في ظرف
من الزمن بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها[8].
ويختص كذلك البرلمان حسب الفصل 71 من دستور 2011 بالتشريع في ميدان الحقوق
والحريات الاساسية المنصوص عليها في تصديره وفي فصوله الأخرى، والمسطرة الجنائية.
من ذلك يتضح مدى استئثار المؤسسة التشريعية بضمان الحقوق
والحريات وكفالتها بانفراد تام، وأن تمكين الحكومة كذلك في زمن محدد ولغاية معينة
استصدار مراسيم يعمل بها بمجرد نشرها فذلك لتبيان مكانتها، واشتراط الإذن يؤكد هذه
الفلسفة مراعاة لحالات الضرورة[9] التي تتطلب تدخلا استعجاليا
لذرء المخاطر التي قد تهدد أمن واستقرار المجتمع.
وإذا كانت تلكم أحد مظاهر وظائف القواعد الجنائية
الدستورية الحمائية التي تروم صيانة الحقوق والحريات واقعيا إضافة لأثرها
الاجتماعي، فإن مطلب تحقيق العدالة الجنائية يعتبر أهم الأسس والثوابت التي جاءت
بها مقتضيات وأحكام دستور يوليوز 2011، وذلك من خلال الرقي بمكانة القضاء المغربي كسلطة
مستقلة عن باقي السلط الأخرى، وباعتباره أساسا ومرجعا دستوريا لحماية الحقوق والحريات.
ويتجلى الاهتمام الدستوري المغربي البالغ بالقضاء، بأن أسبغ
عليه صفة السلطة، وذلك من خلال الارتقاء ببعض المقتضيات إلى مبادئ دستورية
كاستقلالية القضاء وحياده، ومبدأ المساواة بين المتقاضيين، ومجانية القضاء والحق
في المحاكمة العادلة، كما حمل الدولة مسؤولية التعويض عن أخطاء القضاء وغيرها من
المبادئ والأسس الكفيلة بالنهوض بالقضاء وتدليل الصعاب أمام المتقاضيين[10].
فإذا كانت السلطة التشريعية وحدها من تحوز الاختصاص
الدستوري بالتصويت على القوانين التي تمس بالأساس الحقوق والحريات حتى يمكن العمل
بها، فإن الامتثال للوظيفة الايجابية والصحيحة لهذه القوانين يحتاج إلى سلطة
قضائية تصونها وذلك بضمان احترام قواعد الحماية الدستورية الجنائية المقررة لها من
خلال مراقبة احتمالية انتهاكها، ومن تمة المسارعة في اتخاذ اجراءات المنع أو الردع
وجبر الأضرار التي حصلت لمن كان ضحية لهذا الانتهاك، في أجل يمتاز بالمعقولية
وبمحاكمة عادلة ومنصفة.
وفي هذا السياق، يأتي دور النيابة العامة التي تتولى
إقامة وممارسة الدعوى العمومية ومراقبتها[11]، وتطالب بتطبيق القانون، والتي لها كذلك أثناء ممارسة
مهامها الحق في تسخير القوة العمومية مباشرة[12]، والسهر على تنفيذ المقررات القضائية[13]، وتتبع تنفيذها حسب الشروط المنصوص عليها في قانون
المسطرة الجنائية[14].
وفي
هذا الإطار، أوجبت مقتضيات دستور 2011 على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون،
والالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعونها[15] والمتمثلة في رئاسة
النيابة العامة من حيث المركز القانوني لهم، لا المركز الوظيفي الذي يبقى من
اختصاص المجلس الأعلى للسلطة القضائية[16].
إن
مؤسسة النيابة العامة تعتبر
فاعلا أساسيا في تحقيق العدالة الجنائية التي تنبني عليها فلسفة الحماية الدستورية
الجنائية للحقوق والحريات، بما يضمن استقرار المجتمع وكسبه ما يكفي من المناعة ضد
أي اضطراب من شأنه المساس بأمنه وطمأنينة أفراده، وذلك ما يعطي الدعوى التي تستأثر
بها النيابة العامة صفة "العمومية"، والتي أطلقت عليها إشارة إلى نسبتها
للدولة واستهدافها تحقيق الصالح العام، فهي دعوى ملك للدولة لحماية حقها الشرعي في
العقاب[17]، وفي المقابل، هي دعوى
قضائية فيما يتعلق بحماية الحقوق الفردية التي تتطلب وجوبا في بعض الحالات تقديم
شكاية[18] متى تطلب القانون ذلك وبين
طريقة وضع حد لها باختيار وإرادة تامة من المتضرر.
إن
كل هذه المظاهر التي سبق التطرق لها، والتي تبين -إلى حد ما- التجليات العامة
للحماية الدستورية الجنائية للحقوق والحريات تبقى قاصرة أمام فتور المواطن في بذل
المجهود للوقاية من الجريمة أو الاسهام في مكافحتها والراجعة بعض دواعيه إلى شعور
البعض بأن الدولة وحدها هي المسؤولة عن ذلك المجهود[19]، وهو ما يفرض عدم خروج هذه
الفئة من السياق العام لفسلفة النص القانوني الجنائي الدستوري.
وهو
ما تنبه له الدستور المغربي، وخصه بالفصلين 37 و38 منه، حيث حث جميع المواطنين والمواطنين على احترام الدستور
والتقيد بالقانون، وممارسة الحقوق والحريات المكفولة دستوريا بروح المسؤولية
والمواطنة الملتزمة التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات،
ومساهمتهم في الدفاع عن الوطن ووحدته الترابية اتجاه أي عدوان أو تهديد سواء كان
داخليا أو خارجيا لاستتباب الامن والاستقرار داخل المجتمع.
المحور الثاني
التجليات الخاصة للحماية الدستورية
الجنائية للحقوق والحريات
يضع القانون الجنائي
بمفهومه العام الظاهرة الاجتماعية في إطارها القانوني لكي ينظم سلوك الأفراد
بشأنها[20]، فهو يضطلع بدور الحارس
للحقوق والحريات الجماعية، ويحقق أهداف ثلاثة؛ الاستقرار القانوني وتحقيق العدالة[21] والدفاع عن المصالح
المشتركة[22].
لذلك، على المشرع الجنائي
عند صياغته لقواعد القانون الجنائي، أن يختار التكتيك القانوني أو الطرق الفنية
القانونية المناسبة لكي يصل إلى هدفه الذي رسمته له السياسة الجنائية[23]، والتي ينعقد الرهان على
عاتق الدستور من أجل وضع بنياتها الأساسية[24].
من هذا المنطلق، عمدت
الوثيقة الدستورية المغربية بادئ الأمر إلى استهلال تصديرها بالإعلان عن تشبثها بالتوجيهات
الدولية الجنائية الحمائية للحقوق والحريات والمؤطرة بموجب القانون الدولي الإنساني[25]، تكريسا
لمبدأ الوفاء بالعهد الذي التزمت به المملكة.
ورغم التنصيص الدستوري على
تقييد نشر واستصدار القوانين المتشبعة بفلسفة الاتفاقات والمعاهدات التي التزمت
بها المملكة أمام المنتظم الدولي، فإن العلة قد تكمن في إيجاد الصيغ الكفيلة بالمحافظة
على الخصوصية الوطنية للمجتمع -من حيث مصدر الحماية ووسائلها[26]- أولا، ولحماية حريات
أفراده في إطار نوع من التناسب الذي يفرضه الواقع والقانون من جهة ثانية، ومن
تمة فلا غروة بالتشبث بمبدأ الملاءمة كآلية
بديلة عن التنزيل الحرفي والسريع للإلتزامات الدولية في هذا المجال التي قد يمتنع
معها تحقيق الاهداف الكبرى للقانون الجنائي وحقوق الانسان بصفة عامة.
وبالرجوع للتوجهات
الدستورية الجنائية في مجال الحقوق والحريات ذات الطابع الحمائي الدولي التي رسمت
الوثيقة الدستورية المغربية منطلقاتها صراحة، نجد معاقبة مرتكبي جريمة الابادة[27] وغيرها من الجرائم ضد الانسانية[28]، وجرائم
الحرب[29] وكافة الانتهاكات الجسيمة
والممنهجة لحقوق الانسان، وذلك في الفصل 23 من الباب الثاني المعنون بالحريات
والحقوق الأساسية[30].
ولعل الغاية التي يتوخاها
المشرع الدستوري الجنائي من خلال تسييجه لهذه الجرائم الدولية التي قد تأخذ صور
أفعال، أو تروك، أو إهمال، هي الارتقاء بمستوى الحماية الدستورية الجنائية المقررة
للحقوق والحريات في الشرعة الدولية لحقوق الانسان، والتشبث بالقواعد التي تحقق هذا المستوى وسبق التنصيص عليها في
القانون الداخلي[31].
ومواصلة في تبني أسس
الحماية الجنائية للحقوق والحريات، ارتقى المشرع الدستوري الجنائي بكل حياة خاصة
يتمتع بها الأشخاص باعتبارهم أفراد المجتمع، إلى مستوى الحق الذي يتطلب الحماية، رغم
أن التمتع بها -أي الحياة الخاصة- بحرية قد يتعارض مع حريات الآخرين ويخل بها أمن
المجتمع ونظامه العام وآدابه واستقراره متى لم يتم الالتزام في التصرفات والأفعال
بالأصول والقواعد التي يتواضع عليها[32]، وهو ما يستوجب تقييد هذا
الحق بالقانون امتثالا لفلسفة العقد الاجتماعي الذي ترسخه قواعد وأحكام الدستور[33].
وعلى هذا الاساس، قرر
المشرع الدستوري حماية للحق في
الحياة الخاصة ورغبة في ربطه بسياق نسقه الاجتماعي تكريسا لمبدأ المساواة أمام
القانون، المنع من انتهاك بعض تمثلاته كتفتيش المنازل إلا وفق الشروط والاجراءات
التي ينص عليها القانون، مراعاة
للسرية التي تنتج عن ممارسة الحياة الخاصة داخلها[34].
ولا يتوقف الأمر عند حرمة
المنزل كأحد صور الحياة الخاصة التي نالت العناية الدستورية فقط، حيث أضاف دستور
2011 في الفصل 24 منه كل من سرية الاتصالات الشخصية، وحق التنقل إلى غير ذلك.
يتبين مما سبق، مكانة
الحياة الخاصة كأحد الحقوق الجديرة بالحماية الدستورية الجنائية التي لم يمتنع
المشرع الدستوري عن مركزتها إلى جانب باقي القيم الدستورية المؤطرة للحقوق
والحريات المخولة لعموم المواطنين باعتبارهم أفراد في المجتمع.
وعلى خلاف التوجه الذي اعتمده
المشرع الدستوري الجنائي في تعامله مع الحق في الحياة الخاصة باعتباره حقا للجميع،
فقد أخذ منحا مغايرا بخصوص الحق في الحياة الذي اعتبره أول الحقوق لكل إنسان
وجديرا بالحماية، لكونه حقا أصيلا للفرد باعتباره إنسانا لا عضوا في المجتمع.
وقد استتبع دستور 2011
منهجه الحمائي للحقوق والحريات بكفالته لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه
وممتلكاته، حيث أوجب على السلطات العمومية ضمان تمتع جميع أفراد المجتمع بسلامتهم
وسلامة الوطن[35]،
ومنع المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص وفي أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت
خاصة أو عامة[36].
وبما
أن الاسرة القائمة على علاقة الزواج
الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع وفق منظور الوثيقة الدستورية المغربية، فقد أوجبت
هذه الأخيرة على الدولة بذل عنايتها بالعمل والسعي لضمان الحماية الجنائية للأسرة،
وهو ما توج بصدور قانون 103.13[37]، الذي يمكن اعتباره إلى حد
ما من القوانين الجنائية الخاصة[38].
وفي ضوء القيم الدستورية
الجنائية الاجرائية التي تتوخى حماية المصلحة العامة، وتقتضي الحد من حريات
الافراد يتبين أن المشرع الدستوري أخد
بفلسفة مبدأ فاعلية العدالة الجنائية[39]، كلما باشرت السلطات البحث
والتحري من أجل كشف حقيقة الافعال أو التروك الجرمية ومتابعة مرتكبيها وبالتالي
تقرير حق الدولة في العقاب، متى تم القاء القبض، أو اعتقال، أو متابعة، أو إدانة
شخص[40]، وذلك بتقييده لهذه
الاجراءات بالحالات التي ينص عليها القانون، فهي استثناء من الأصل أي الحرية.
ومن بين الحقوق الأساسية
التي توجت بالعناية الدستورية الجنائية، نجد قرينة البراءة كركيزة أساسية للشرعية
الاجرائية الدستورية، والتي تظهر أهميتها بجلاء بضمانها دستوريا، واشتراط صدور مقرر مكتب لقوة الشيء المقضي به لدحضها دون
غيره، وبناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية[41]، تأكيدا لحرية المشتبه
فيه، أو المتابع، أو المتهم، في جميع المراحل الاجرائية الجنائية الذي يشك فيها بارتكابه لسلوك منحرف يستوجب
الردع أو الوقاية أو المنع، مواجهة للخطورة الاجرامية للأفعال أو التروك التي قد
تهدد استقرار وأمن المجتمع أو أفراده.
خاتمة:
جاءت
قواعد الحماية الدستورية الجنائية للحقوق والحريات لتكون وسيلة قانونية في يد الإنسان
لحماية حقوقه من ما قد يمسها أو ينتهكها، فهي قواعد لها ذاتيتها الخاصة عن غيرها
من القواعد القانونية، ومن ثم صار لها استقلاليتها حتى عن مصادرها وعن ما يشتبه
معها من قواعد تتحد معها في المصدر.
ومن
خلال دراستنا لبعض مظاهر الحماية الدستورية الجنائية للحقوق والحريات في الدستور
المغربي لسنة 2011، تبين جليا أن هذا الأخير لم ينشأ أي حق جديد بقدر ما أوجد وحدد
وسائل وآليات لحماية حقوق وحريات الأفراد الأصلية والمكتسبة.
لذلك،
ومن أجل تحقق الغاية المرجوة من هذه الحماية، يتعين على المشرع الجنائي المغربي
الالتزام بالضوابط الموضوعية والاجرائية المؤطرة دستوريا، وتوسيع هامش السلطة
التقديرية للقاضي الجنائي، والعمل على مواكبة تطورات السياسة الجنائية المعاصرة
والملازمة للحقوق والحريات الفردية والطبيعية.
[1] خيري أحمد الكباش:
"الحماية الجنائية لحقوق الانسان –دراسة مقارنة- في ضوء أحكام الشريعة
الإسلامية والمبادئ الدستورية والمواثيق الدولية"، رسالة دكتوراه، كلية
الحقوق جامعة الاسكندرية سنة 2001، مطبعة دار الجامعيين، طبعة 2002، ص: 73 وما
يليها.
[2] لأن القواعد القانونية الدستورية -في جزء منها- تنظم
كيان الدولة في جدورها وأصولها، فهي تبحث في الأجهزة الموجهة وتضع أسس العمل في
الدولة والمبادئ التي تسير عليها.
- مصطفى
البارودي: الوجيز في الحقوق الدستورية، مطبعة الطرابشي، دمشق، الطبعة الثالثة أعدت
لطلاب جامعة محمد الخامس المغرب، 1961، ص: 13-14.
[4] وهي تلك الحقوق التي تنصب على عناصر
الشخصية في مظاهرها المادية والمعنوية
والفردية والاجتماعية في إطار نوع من الازدواجية بينها وبين حقوق الانسان بصفة
عامة
-
خيري أحمد الكباش: "الحماية الجنائية لحقوق الانسان –دراسة مقارنة- في ضوء
أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ الدستورية والمواثيق الدولية"، م.س، ص: 17
[6] محمد سعيد الدقاق: التشريع الدولي في مجال حقوق الانسان ، المجلد
الثاني لحقوق الانسان، دار العلم للملايين، بيروت،، دون ذكر تاريخ النشر، ص: 82.
[7] يعتمد مبدأ الشرعية الدستورية الجنائية على
تدخل السلطة التشريعية وهذه الاخيرة تعتبر ممثل للأمة لا كوضع قانوني ذاتي فقط،
وإنما كقوة أدبية وفكرية ودينية واقتصادية، وهذا الاثر لا يعطي أي قوة لنواب الأمة
بقدر ما يقرها عندهم.
-منذر
الشاوي: "في الدستور"، مطبعة العاني،
بغداد، 1964، ص: 23.
[8] تساهم السياسة التشريعية
في صياغة القوانين عن طريق تحديد المصالح الواجب حمايتها وهو ما يتطلب تحديد
الوضعيات التي يراد تحقيقها في اتجاهات تتلاءم والقيم الدستورية التي تعتبر بمثابة
موجه لها.
[10] محمد الأزهر: "
السلطة القضائية في الدستور –دراسة قانونية-، مطبعة النجاح الجديدة، الدار
البيضاء، الطبعة الأولى، 2013، ص: 11.
[11] يتشبث معظم الفقه
المغربي بفكرة تحريك النيابة العامة للدعوى العمومية، وهو ما لا نوافقه الرأي، ففي
مكانتها الواقعية لا يستقيم القول من حيث مركزها كخصم وحكم أولا، أما من حيث
مكانتها القانونية فقد تتبعنا تطورها
التاريخي في التشريع الجنائي المغربي ووجدنا بانه في ظل ظهير 1.58.261 الذي يحتوي
على قانون المسطرة الجنائية والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 2418 مكرر بتاريخ 5
مارس 1959 لا يحتوي اطلاقا على مصطلح التحريك سواء في فصله الأول أو الثاني ولا ما يليه وهو نفس ما يسري على كل التعديلات
اللاحقة بهذا الظهير، بيد أن الظهير بمثابة قانون رقم 1.74.448 الصادر بتاريخ 28
شتنبر 1974 المتعلق بالاجراءات الانتقالية هو الذي عنون القسم الأول منه بعبارة
" تحريك الدعوى العمومية وممارستها"،
وبقراءة الفصل الثاني من نفس القانون اتضح لنا أن المشرع يخاطب الوكلاء العامين للملك لا وكلاء الملك ،
فقد اوكل المشرع الجنائي للوكلاء العامين للملك مهمة تحريك الدعوى العمومية
بانفراد تام أما وكلاء الملك فيستعملونها فقط وهو ما يطرح تساؤلا حول موقعة هذا
المصطلح هل يقصد به تضخيم اختصاصات
الوكلاء العامين للملك أم فقط استئثارهم بمراحل الدعوى العمومية- كما يقصد من
وراءها الفقه اليوم-.
وبالرجوع لقانون المسطرة الجنائية
الحالي 22.01 استنكف المشرع الجنائي مجددا عن اعتماد " التحريك"، واقتصر على الاقامة
والممارسة والمراقبة، وبالتالي يتعين الامتناع عن تخصيص هذا المصطلح في الابحاث
والدراسات التي تبحث في نظرية الدعوى العمومية أو توضيح الغاية من اعتماده.
[17] حسن الفكهاني:
"التعليق على قانون
المسطرة الجنائية المغربي في ضوء الفقه والقضاء"، الجزء الأول، الدار العربية
للموسوعات، القاهرة، الطبعة الاولى، 1983، ص: 31.
[18] إن اشتراط الشكاية بهذا الشكل قيد أورده القانون على حرية النيابة
العامة لعلة يراها، وهذا استثناء من الأصل.
- أحمد أجوييد:
"وقفة تأمل أمام نصوص المسطرة الجنائية"، أربعون سنة على صدور قانون
المسطرة الجنائية: الحصيلة وبوادر الاصلاح، أعمال الندوة التي نظمتها كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس بتعاون مع الجمعية الجهوية للمحامين
الشباب يومي 11 و12 فبراير 2000، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية
والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 39، ، الطبعة الاولى، 2003، ص: 39.
ومن أمثلة هذا الشرط نجد جريمة الخيانة الزوجية التي
تتطلب تقديم شكوى من الزوج أو الزوجة حسب
مقتضيات الفصل 491 من مجموعة القانون الجنائي، اللهم إن كان أحد الزوجين خارج
المملكة المغربية، إذ ذاك يمكن للنيابة العامة تلقائيا متابعة متعاطي الخيانة الزوجية
بصفة ظاهرة.
وتجدر الاشارة في هذا المقام أن تنازل أحد الزوجين يضع
حدا للمتابعة في هذه الجريمة حسب الفصل 492 من مجموعة
القانون الجنائي، وهو ما يطرح سؤال حول ما نرى من عمل قضائي يروم متابعة المتنازل
له بجريمة المشاركة في الخيانة الزوجية أو الفساد حسب الأحوال؟ نعم، صحيح أن فلسفة
القانون الجنائي تنظر للسلوك الاجرامي من زاويتين الأولى في شخص المجرم فجريمة
الخيانة الزوجية تتطلب الصفة، وفي المقابل هو مشارك لا بالنظر إلى صفته ولكن إلى
الفعل المرتكب، ونوافق القضاء في هذا الرأي فهو يطبق روح النص، لكن نخاطب المشرع
الجنائي ونسأله ما الغاية من التنازل من أساسه إن كان سيتابع لا محال.
نرى تقديريا أن
الحكمة من التنازل هي حفظ كرامة وشرف النواة الأساسية في المجتمع ألا وهي الأسرة،
غير إنه متى تم التنازل عن جريمة الخيانة الزوجية ولم يتابع الشخص كمشارك في الفعل
الجرمي فسيظل اسم الاسرة يتردد في قاعات المحاكم وهو ما يفرغ فلسفة التنازل من
محتواها.
[19] طيب محمد عمر: "
تصورات حول دو المجتمع المدني والمتقاضين في تفعيل أداء العدالة
الجنائية"، السياسة الجنائية
بالمغرب: واقع وآفاق، المجلد الثاني، أشغال المناضرة الوطنية التي نظمتها وزارة
العدل بمكناس أيام 9 و 10 و 11 دجنبر 2004، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية
والقضائية، سلسلة الندوات والأيام
الدراسية، العدد 4، 2005، مطبعة فضالة، 2005، ص:
445.
[21]
تحقيق العدالة يستنبط من مدى نزاهة النصوص
القانونية، وهي الخاصة السامية المرغوب فيها أو التي يهدف إليها كل نظام قانوني.
-مصطفى الرافعي: "
تاريخ التشريع والقواعد القانونية والشرعية"، الشركة العالمية للكتاب، الطبعة
الاولى، 1993، بيروث، ص: 249.
[22] عبد السلام بنحدو:
"الوجيز في القانون الجنائي المغربي، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش،
الطبعة الخامسة، 2004، ص: 15.
[23] عبد الرحيم صدقي:
" السياسة الجنائية في العالم المعاصر"، دار المعارف، الطبعة الاولى،
كلية الحقوق جامعة القاهرة، مصر، 1987-1986، ص: 18
إن
السياسة الجنائية التي تحدد الهدف من القانون الجنائي بجميع فروعه ليست مجرد تصور
فكري أو خيالي، بل هي مجموع أهداف يتوخاها المشرع من خلال التجريم والعقاب والمنع.
-سليمان عبد المنعم:
"أصول علم الاجرام والجزاء"، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع، بيروت، الطبعة الاولى، 1996، ص: 166 وما يليها.
[24]
انسجاما مع ذلك، اتخذت الوثيقة الدستورية
لسنة 2011 -بادئ ذي بدأ- منحا يوائم متطلبات الحماية الجنائية الدولية ، حيث تعهدت
المملكة المغربية بموجبها-أي الوثيقة الدستورية في تصديرها- بالالتزام بما تقتضيه
المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، وأكدت تشبثها بحقوق الانسان كما هي
متعارف عليها عالميا، و جعل الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق
أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو فور نشرها على
التشريعات الوطنية.
إن هذه المجهودات التي
تعمل المملكة المغربية على تحقيقها ليست وليدة اليوم، فقد اتضح بجلاء
للباحثين والدارسين في هذا المجال وقبل صدور دستور 2011 مدى حرص المغرب على
الارتقاء بمنظومته القانونية الجنائية إلى مستوى التزاماته الدولية، وقد ظهر ذلك من خلال تنوع مجالات الاصلاح
القانوني والوثيرة المتسارعة والمسترسلة
لعملية تحيين القوانين والتشريع خاصة منذ نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد
والعشرين.
-الحسن فارس:
"ملاءمة القانون الجنائي مع الاتفاقيات الدولية في مجال منع الجريمة"،
السياسة الجنائية بالمغرب: واقع وآفاق، المجلد الثاني، م.س، ص: 237.
[25] وضع القانون الدولي
الانساني أو ما يسمى أيضا بالميثاق الدولي لحقوق الانسان أسس وضمانات الحماية
الجنائية لحقوق الانسان، وأورد عددا من الحقوق الاساسية وأوجب حمايتها، وجعل منها
الحد الأدنى الذي لا يجوز لأية دولة أن تنزل عنه لحماية حقوق الأفراد المخاطبين
بأحكامها. ومن ثم جعل من هذا النطاق للحماية القاسم المشترك بين البشر دون تمييز
بينهم لأي سبب من الأسباب. وكان لهذه الحماية منهجا منذ بداية إصدار قواعدها،
فارتقت بالفرد وجعلته المخاطب الرئيسي بها
فصار واحدا من أشخاص القانون الدولي.
-Erica-Irene A. Daes: Status of the Individual
and Contemporary International Law Promotion Protection and Restoration of
Human Rights at National Regional and international level, United nation, New
York, 1992.
[26] إن قواعد الحماية
الجنائية للحقوق والحريات لم تكن وليدة الشرعة الدولية لحقوق الانسان، با كان
وجودها سابقا بوقت طويل لهذا الحدث الذي أضفى عليها وضعيا وصف العالمية.
فقد تضمنتها وبصورة واضحة وجلية ودقيقة أحكام ومبادئ
الشريعة الاسلامية منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرن مضت فكانت هذه الشريعة الغراء هي
مصدرها الديني.
-خيري أحمد الكباش:
"الحماية الجنائية لحقوق الانسان –دراسة مقارنة- في ضوء أحكام الشريعة
الإسلامية والمبادئ الدستورية والمواثيق الدولية"، م.س، ص: 86
[27]
تنص المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة المعاقبة عليها الصادرة في 9
دجنبر 1948، والتي دخلت حيز التطبيق في 12 يناير 1952، على إن جريمة الإبادة تعني
أي من الأعمال التالية المرتكبة قصد التدبير الكلي أو الجزئي لحماية قومية أو
اثنيه أو عنصرية أو دينية بصفتها هاته:
ـ قتل أعضاء من الجماعة؛
ـ إلحاق أذى جسدي أو
روحي خطير بأعضاء من الجماعة؛
ـ إخضاع الجماعة عمدا
لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا؛
ـ فرض تدابير تستهدف
الحيلولة دون إنجاب أطفال داخل الجماعة؛
ـ نقل أطفال عنوة من
جماعة إلى جماعة أخرى؛
وطبقا للمادة 06 من نظام روما الأساسي للمحكمة الدولیة الجنائیة فجریمة الإبادة الجماعیة تعني أيّ فعل یرتكب بقصد إهلاك جماعة قومیة أو إثنیة أو عرقیة أو دینیة بصفتها هذه إهلاكا كلّیا أو جزئیا.
[28] طبقا للمادة 1/07 من
نظام روما الأساسي للمحكمة الدولیة الجنائیة، فالجرائم ضدّ الإنسانیة هي أيّ فعل یرتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجّه ضدّ أیّة مجموعة من السكّان المدنیین و عن علم بالهجوم.
وتشمل بذلك الجرائم ضدّ الإنسانية الأفعال التالیة:
-
القتل العمد؛
- الإبادة؛
- الاسترقاق؛
- إبعاد
السكّان أو النقل القسري للسكّان؛
- السجن
أو الحرمان الشدید على أيّ نحو آخر من الحریة البدنیة بما یخالف القواعد الأساسیة للقانون الدولي؛
- التعذیب؛
- الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الاكراه على البغاء أو الحمل القسري أو التعقیم القسري أو أيّ شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدّرجة من الخطورة؛
- اضطهاد
أیّة جماعة أو مجموع محدّد من السكّن لأسباب سیاسیة أو عرقیة أو قومیة أو إثنیة أو ثقافیة أو دینیة أو متعلّقة بنوع الجنس على النّحو المعرّف في الفقرة 3 أو لأسباب أخرى من المسلّم عالمیا بأنّ القانون الدولي لا یجیزها، و ذلك فیما یتّصل بأيّ فعل مشار إلیه في هذه الفقرة أو بأیّة جریمة تدخل في اختصاص المحكمة؛
- الاختفاء
القسري للأشخاص؛
- جریمة
الفصل العنصري؛
- الأفعال
اللاإنسانية الأخرى ذات الطّابع المماثل التّي تتسبّب عمدا في معاناة شدیدة أو في أذى خطیر یلحق
بالجسم أو بالصّحة العقلیة أو البدنیة.
[29] إن جرائم الحرب عبارة عن انتهاكات جسيمة للقواعد العرفية وقواعد المعاهدات التي تشكّل جزءاً من القانون الإنساني الدولي، أو ما يسمى أيضاً بالقانون الدولي
للنزاعات
المسّلحة.
-أنطونيو
كاسيزي: "القانون الجنائي
الدولي"، ترجمة مكتبة صادر ناشرون، المنشورات الحقوقية صادر، الطبعة الاولى،
2015، ص: 138.
[30] وهوما التقطه المشرع الجنائي في مشروع القانون
الجنائي وذلك على الشكل التالي:
-تجريم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية
وجرائم الحرب في المادة 5-448 وما بعدها؛
ـ تجريم الارتزاق في المادة 1-145 وما
بعدها؛
ـ تجريم الاختفاء القسري في المادة
9-231 وما بعدها؛
ـ تجريم الاتجار بالبشر في المادة 1-232
وما بعدها؛
ـ تجريم التحريض على الكراهية في المادة
10-1-431؛
ـ تجريم ازدراء الأديان في المادة 219 وما
بعدها؛
ـ تجريم تهربين المهاجرين في المادة 18-231.
[31] كجريمة الارهاب،
بحيث أنه استجابة للرغبة الدولية في تحقيق تعاون مثمر لمكافحة الإرهاب ، وبناء على
الفصلين 26 و58 من الدستور المغربي لسنة 1996 تم اصدار القانون رقم 03-03 المتعلق بمكافحة
الإرهاب بتاريخ (28 ماي 2003).
وتجدر
الاشارة بأنه ليس هناك أدنى اتفاق حول تعريف دقيق و مقبول من كافة الدول و
الجماعات و الشعوب ، و حتى المشرع نفسه لمفهوم مصطلح الإرهاب أو الجريمة
الإرهابية.
[33]
فالحرية ليس قوامها أن يعمل الفرد ما يشاء وإنما أن يستطيع أن يعمل ما يجب أن
يريده، وأن لا يرغم على عمل ما لا يجب أن يريده، والذي يحدد الواجب هو القانون،
وبالتالي فالحرية هي الأصل والقيد هو القانون.
-مونتيسكيو: "روح
القوانين"، ترجمة عادل زعيتر، دار المعارف، القاهرة، 1953، ص: 14 وما يليها.
-المجلس الوطني لحقوق
الانسان: " في التأسيس الفلسفي لحقوق الانسان-نصوص مختارة-"، دار توبقال
للنشر، الدار البيضاء، 2013، ص: 105 وما يليها.
[37] القانون رقم 103-13 الذي
تمت المصادقة عليه يوم 14 فبراير 2018 ونشر بالجريدة الرسمية عدد 6655 ليوم 12 مارس 2018 بمقتضى ظهير شريف رقم 1.18.19 صادر في
22 فبراير 2018 ودخل حيز التنفيذ (بعد ستة أشهر من تاريخ نشره) في 13 شتنبر 2018
تكريسا للحماية
الدستورية الجنائية للحقوق والحريات ، حاول المشرع الجنائي إيجاد الصيغ الملائمة
لتنزيل الأهداف المتوخاة من حماية الأسرة بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة، وذلك
باستصدار قانون محاربة العنف ضد النساء 13-103 الذي دخل حيز التنفيذ في شتنبر 2018.
وقد جاء هذا
القانون بثلة من المستجدات المتمثلة في ما
يلي:
ــ تجريم الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت
الزوجية.
ــ تجريم ترك وإهمال الواجبات الزوجية .
ــ تجريم الإكراه على الزواج .
ــ تجريم تبديد الزوج لأمواله تحايلا على مستحقات النفقة
أو السكن أو المستحقات المترتبة عن إنهاء العلاقة الزوجية أو اقتسام الممتلكات .
ــ تشديد عقوبة السب والقذف حتى وإن استهدفت المرأة بسبب
جنسها.
ــ التنصيص على تدبير وقائي جديد في جرائم التحرش أو
الاعتداء أو الاستغلال الجنسي أو الاتجار بالبشر ضد المرأة أو الطفل والذي بمقتضاه
يمنع المحكوم عليه من الاقتراب أو التواصل مع الضحية، وبالخضوع لعلاج ضمان عدم
عودته لنفس الأفعال أو التروك أو الإهمال .
ــ إعادة تنظيم جريمة التمييز وذلك بتوسيع مجاله وأهدافه
.
ــ إعادة تنظيم جرائم العنف بمختلف أنواعه .
ــ توسيع مفهوم التحرش الجنسي وصوره ليشمل الفضاءات
العمومية وزملاء العمل والتحرش عبر الوسائل الالكترونية.
ــ تجريم المس بالحياة الخاصة عن طريق بث أو توزيع صور
أو تركيبات مسجلة وغير حقيقية ودون علم صاحبها أو وقائع غير حقيقة بقصد التشهير
بالأشخاص .
ــ الأخذ بتدابير وقائية كمنع المحكوم عليه من الاتصال
بالضحية وإخضاعه عند الاقتضاء لعلاج نفسي ملائم، وذلك في بعض الجرائم.
ــ ربط المتابعة بتقديم شكاية التي يتم وضع حد لها بمجرد
التنازل عنها.
[38] رغم ما أنه يحيل في
مواده الرئيسية على مجموعة القانون الجنائي أو على قانون المسطرة الجنائية، فإنه
من حيث موضوعه جاء بآليات جديدة تتمحور
حول آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف.
[39] يتطلب هذا المبدأ إجراء التوازن الضروري بين
حماية الحرية الشخصية وما يتعلق بها من حقوق وحريات، وحماية المصلحة العامة.
- أحمد فتحي سرور
"القانون الجنائي الدستوري"، م س، ص: 73.
[41]
تنص المادة 1 من قانون المسطرة الجنائية المغربي على أنه: "كل متهم أو مشتبه
فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمقرر مكتسب لقوة الشيء
المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية.
يفسر الشك لفائدة المتهم".
وتجدر
الاشارة في هذا ا لمقام أن الشك الذي ضمنه المشرع في المادة أعلاه مجال إعماله هو
وسائل الاثبات ولا يدحض البراءة بل المقرر القضائي كما سبق بيانه.
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة
الخصوصية
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق