تابعونا على الفيسبوك

Disqus

قراءة في مقتضيات قانون رقم 19 .12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل بنسبة للعمال وعاملات المنازل

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قراءة في مقتضيات قانون رقم  19 .12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل بالنسبة
 للعمال وعاملات المنازل





شريف بوزردة   
باحث حاصل على شهادة ماستر في قانون الاعمال والمقاولات
كلية العلوم الاقتصادية القانونية الاجتماعية  السويسي الرباط


يعرف القانون رقم   19.12المتعلق بتحديد شروط الشغل و التشغيل بنسبة للعمال و عاملات  المنزل   بكونه مجموعة من القواعد القانونية التي تسعى الى تنظيم العلاقة الشغلية بين المشغل و العامل والعاملة في المنازل .
من اجل فهم خصوصيات هذا القانون لابد اولا تحديد مجموعة من المفاهيم المؤطرة له ندكر منها تعريفه للمفهوم العامل والعاملة المنازل الذي عرفه المشرع المغربي من خلال المادة الاولى  بكونه كل شخص يقوم بصفة دائمة واعتيادية مقابل اجر  بإشغال مرتبطة بالمنزل او بالآسرة كما جاء منصوص عليه في مقتضيات المادة الثانية ذلك اما عند مشغل واحد او اكثر.
كما يحدد  طبيعة الاعمال التي تدخل في حكم الاعمال المنزلية من خلال المادة الثانية من هذا القانون التي تنص على كالتالي :
تشمل الاعمال المنزلية : الاعمال المرتبطة بالبيت والاسرة والتي حددها المشرع المغربي في الاعمال الاتية :
اعتناء بشؤون البيت - الاعتناء بالاطفال - باحد افراد البيت بسبب عجزه اوسنه السياقة-  البستنة حراسة المنازل .
قبل صدور هذا القانون عرف  المجتمع المغربي جدلا محتدما بين أوساطه الحقوقية والقانونية حول ضرورة اصدار قانون حمائي للفئة لطالما عانت من كل اوجه التهميش و الاستعباد  ;على هذا الاساس كان المغرب ملزما بالوفاء بالتزاماته الدولية القاضية بحماية حقوق الطفل و حماية الكرامة الانسانية [1] خصوصا في ظل الحراك الدولي الذي عرفه المجتمع الدوليين مما دفع بالمشرع المغربي الى استصدار قانون 19.12رقم بتاريخ  16اغسطس2016 [2] الذي يهتم بتنظيم العلاقة التي تجمع بين المشغل او رب البيت حسب التسمية القديمة و العامل او العاملة  الذين كان يطلق عليهم خدام البيوت تطبيقا للمبدأ العمل اللائق ذلك تماشيا مع متطلبات المادة الرابعة   مدونة  الشغل في فقرتها الاولى
من هنا يمكن القول على انه لهذا القانون
ü   اهمية قانونية : تتجلى في ابراز البعد القانوني والحقوقي للتنظيم العلاقة الشغلية بين المشغل و عمال وعاملات المنازل .
ü   اهمية اجتماعية :  تتجلى في ابراز صور الحماية الاجتماعية التي تحظى بهذا الفئة من خلال مقتضيات القانون .
ü   اهمية اقتصادية : تتجلى في ابراز اثار النهوض بهذه الفئة على نمو الاقتصادي.
في هذا الاطار يمكن القول على ضرورة القيام بمحاولة استقرائية تحليلية  للمقتضيات هذا القانون
ذلك من اجل فهم خصوصيات هذا القانون .
من هنا يمكن طرح الاشكال  التالي :
اين تكمن خصوصيات قانون رقم  19 .12من الناحية الشكلية والموضوعية
من اجل الاجابة على هذا التساؤل سنعتمد على :
·       المنهج الاستقرائي : الذي سيمكننا من قراءة جميع النصوص القانونية المتعلقة تنظيم العلاقة التي تجمع بين المشغل او مجموعة من المشغلين و عامل او عاملة المنزل
·       المنهج التحليلي : الذي سيساعدنا في تحليل هذه المقتضيات من اجل الوقوف على نقط الضعف و القوة بنسبة لهذا القانون
هذه المناهج التي ستظهر من خلال التصميم التالي :
·       اولا : قراءة شكلية للقانون  19.12
·       ثانيا : قراءة موضوعية للقانون 19.12



اولا : قراءة في الناحية الشكلية للقانون 19 .12
يتطلب منا التحليل المنهجي للمقتضيات القانون رقم 19.12 القيام بقراءته قراءة  اكاديمية من حيث التركيبة البنيوية لهذا القانون . لهذا فان اول ما سنقوم به في هذا الصدد هو تحليله من الناحية الشكلية , على هذا الاساس يمكن القول على انه اول ما يثير ملاحظتنا في هذا القانون الصادر في اغسطس  2016تحت رقم 19.12 
·       مسالة  تسميته : حيث انه عمل  اعادة تسمية الفئة التي يخاطبها من خلال انه سماهم بعمال وعاملات المنازل  ذلك عوض خدام  وخادمات البيوت وهذا فيه نوع من الذكاء القانوني بنسبة للمشرع المغربي ذلك لكون ان هذه التسمية لطالما اثارت عدة اشكالات وجدالات داخل الساحة الوطنية و الساحة الدولية باعتبارها لا تخدم التوجه العام الاعلان العالمي  للحقوق الانسان للسنة     1948ثم الاتفاقية الدولية189  المتعلقة بهذا الموضوع  اضافة الى التوجه الاقليمي  والعربي من خلال مقتضيات قانون رقم  [3]92/274وكذلك مطالب التي كانت تنادي بها الجمعيات الوطنية اضافة الى المتطلب الدولي والوطني فانه بإعادة تسمية هذه الفئة انه قد تجاوز تلك التراكمات التاريخية التي ارتبطت بهذا التسمية حيث لطالما ارتبط هذا الاسم بمفهوم العبودية و سياسة الاقنان[4].
من هنا يمكن القول في الصدد ان في هذه التسمية تطبيق للنوع من الحماية القانونية لهذه الفئة المستضعفة ذلك من خلال ابراز طبيعة العلاقة التي تجمع بين هذه الفئة و المشغلين حيث  ادرجها المشرع المغربي في اطار العلاقات الشغيلة كما انه حدد البعد المجالي لهذا العلاقة والتي ربطها المشرع بمفهوم البيت بمفهومه الواسع.[5]
·       مسالة بنيته : وبرجوعنا الى تحليل البنية الشكلية سنجد انه يتكون من27   مادة  ثم تقسيمها على خمسة ابواب يرى فيها بعض الفقهاء القانونين و المتهمين بهذا المجال انها غير كافية من اجل تطبيق البعد الاجتماعي لهذا القانون حيث يؤكدون على ضعف العدد  حيث تدل على محاولة المشرع اسكات المطالب الدولية والوطنية ولا يعكس ابدا رغبة حقيقية  من اجل تطبيق حماية هذه الفئة , في حين يرى الفريق اخر ان العبرة في في الغاية و المكتسبات المحققة على ضوء هذا القانون اما فيما يخص ضعف عدد المواد فانهم ينادون برؤية شمولية لهذا القانون ذلك كما ثم الاشارة  اليه سابقا انه هذا القانون جاء في سياق تميم مقتضيات المادة الرابعة من قانون 65 .99 الذي يعتبر مدونة للشغل على هذا الاساس فهم مخاطبون بكل المقتضيات المنصوص عليها في هذا القانون كما انهم بتحديد طبيعة علاقاتهم التعاقدية يجعل منهم من الفئة المخاطبة بمقتضيات قانون رقم 18.12المعدل للظهير المتعلق بحوادث الشغل والامراض المهنية  وحثى في حالة غياب النص القانوني فيمكن لهم الرجوع الى المبادئ العامة المنصوص عليها في اطار صحة العقد و اثاره و اجارة الصنعة المنصوص عليها في مقتضيات ظهير للسنة  1913المتعلق بالالتزامات والعقود .
اضافة الى هذا يمكن القول على ان هذه المواد ثم تقسيمها بصفة عامة الى شقين اساسين :
·       شق الاول متعلق بالالتزامات الملقاة على عاتق المشغل في اطار هذه العلاقة التعاقدية
·       الشق الثاني متعلق بحقوق العمال والعاملات الذين يشتغلون في البيوت
ثانيا : قراءة في الناحية الموضوعية للقانون 19 .12
من اجل تحليل الجانب الموضوعي للقانون رقم19.12  لابد اولا  تحليل المحيط العام لهذا القانون فهذا الاخير لم يتم المصادقة عليه من طرف غرفتي البرلمان الا بعد مرور خمس سنوات على مسالة الأخذ والرد في مقتضيات هذا القانون باعتباره يمس شريحة عريضة من الفئة الشغيلة في المجتمع والتي ارتبط اسمها بوضعية الهشاشة اضافة الى اضافة الى ضغط المجتمع الدولي عبر صندوق نقد الدولي على هذا الاساس فان خروج هذا القانون يعتبر وفاء المغرب بأحد الالتزاماته الدولية
اذا في اطار تحليلنا للمقتضيات هذا القانون فانه
·       اول ما يثير حفيظتنا هو التصور الضيق الذي اتبعه المشرع المغربي في مسالة تعريفه للعامل الذي اشترط قرينة الدوام والاعتياد في حين ان توجه المشرع العربي من خلال مقتضيات قانون يتجاوز هذا التصور الضيق بمفهوم واسع يشمل حتى العمل المؤقت ذلك في اطار تطبيق حماية اكبر للفئة تعتبر مقصيه بمقتضى قانون .
·       ثانيا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء هو ان الاتجاه العام للدولة  يتجه نحو حماية حقوق القاصرين من خلال اعادة التفكير في جميع النصوص التي تمس حقوق هذه الفئة مثل اعادة التفكير في مقتضيات المواد[6] من مدونة الاسرة تأكيد على ضرورة  منع تزويج القاصرات على هذا الاساس فمسالة المصادقة على قانون رقم خصوصا مادة السادسة   التي سمحت بتشغيل الفئة ما بين  16سنة شمسية الى18  سنة شمسية الموجبة للسن الاهلية الكاملة  رغم اشتراطها للضرورة حصول الاذن من طرف الاولياء خصوصا اذا علمنا ان ما يعدل  من عاملات البيوت هن الامهات القاصرات العازبات في سنة  في حين ان المبررات التي اعطتها الدولة هو ان سن اجبارية التعليم في المغرب هو15  سنة  رغم كون ان هذا القانون قد اعطى مجموعة من الضمانات بنسبة لهذه الفئة  اولا المنع الكلي للتشغيل للقاصرين دون سن اضافة اجبار المشغل القيام بفحص طبي على نفقته في كل ستة اشهر  بنسبة للقاصر ثم  إدراج مسالة عدم اجبار هذه الفئة على القيام بإشغال شاقة او قاهرة اضافة الى امكانية الاستفادة من محو الامية والتكوين الغير النظامي اضافة الى حصص التكوين المهني لكنه جعلها رهينة بمسالة الاتفاق بين على المشغل و العامل او العاملة القاصر.

فاذا كان  هذا القانون  قد اطفى نوع من الحماية للفئة القاصرين فانه قدم نفس الحماية بنسبة للعمال او العاملات الرشداء  ذلك من خلال تحديد ساعات العمل في48  ساعة تقسم على الاسبوع ما استحضار استفادة هذه الفئة من راحة اسبوعية تتمثل في  24ساعة مستمرة  كاملة  اضافة الى عطلة سنوية بعد مرور ستة اشهر كما انه استحضر مسالة العاملة المرضع حيث اعطها الحق في ممارسة حقها في الرضاعة وذلك في اطار ساعة تقسهما على اليوم كله كما ان هذا القانون عمل على تحديد الحد الادنى لأجر الذي جعله يتمشى مع الحد الادنى في مجال الصناعة و الخدمات  [7]كما انه اوجب على المشغل ان يسلم الى العامل او العاملة شهادة وذلك في اجل ثمانية ايام من انتهاء العمل.
كل هذه النقط التي اشار اليها المشرع المغربي في مقتضيات هذا القانون تعتبر مكتسبات جد مهمة  بنسبة لهذه الفئة التي لطالما عانت من التهميش  قساوة العمل  وهزالة الاجر  الشئ الذي يدفعنا الى القول ان المشرع انه احسن صنعا في اصداره هذا القانون الذي يطبق  نوعا من الحماية الاجتماعية لكن هذا لا يمنعا من القول على ان هذا القانون مازال ينتظره الكثير. خصوصا ان مجموعة  من المواد او ضمانات تنتظر  صدور مرسوم تنظيمي يعمل على تفعيلها  كما ان جل هذه الضمانات غير مقرونة بجزاء جنائي يطبق على المشغل في حالة مخالفته بل هناك بعض الحالات التي اشار فيها الى مسالة تطبيق التعويض  و الغرامات الهزلية  المنصوص عليها في بابه الخامس من هذا القانون . كما انه نلاحظ غياب دور مفتشية الشغل في هذه العلاقة الشغلية خصوصا اننا نعلم الدور الرقابي الذي تعلبه هذه المؤسسة اللهم بعض حالات تتمثل في تسلم نظير من عقد الشغل اضافة الى مسطرة الصلح اضافة الى  هذا لاوجود الى اي مقتضى يشير الى امكانية ممارسة العمل النقابي بنسبة لهذه الفئة خصوصا اننا نعلم الدور الذي تعلبه النقابات في جلب مجموعة من المكتسبات الحقوقية اضافة الى الدور الحمائي الذي تلعبه في هذا الصدد .كما ان هذا القانون لم يشير الى مسالة متعلق بالتصريح بهذه الفئة الى صندوق الضمان الاجتماعي  او امكانية استفادتهم من التقاعد في حالة بلغوهم سن استحقاقه علما ان هذا النشاط الذي تقوم عليه هذه العلاقة هو نشاط بدني مما يجعلهم معرضين للتشرد في حالة عندما يصبحون غير قادرين على القيام باي نشاط عضلي .
اخيرا لا تفوتنا الفرصة الى ان نشير على انه رغم كل المكتسبات التي جاء بها هذا القانون او الاهداف التي يسعى الى تحققيها و التي تتطلب منا التنويه والتقدير الا انها تظل مجرد حبر على ورق استحضار للمجموعة من الاعتبارات اهمها :
غياب الوعي خصوصا الوعي الحقوقي لهذه الفئة التي هي مطالبة بتفعيل مقتضيات هذا القانون او معنية بها .
غياب الدور الرقابي للمفتشية الشغل و دور النقابات المهنية الذي يجعل من صوت هذه الفئة غير مسموع .
لهذا فان هذا القانون يتطلب نوع من المراجعة التي من شانها ان تساهم في تحقيق البعد الاجتماعي للهذا القانون تجعل منه يتمشى مع خصوصيات المجتمع المغربي 
هنا يطرح السؤال حول سبب غياب علم الاجتماع القانوي في استصدار القاعدة القانونية!

لائحة المراجع المعتمدة:
الكتب:
    محمد سعيد جرندي، الدليل العملي لمدونة الشغل، الجزء الأول،مطبعة صناعة الكتاب، الطبعة الأولى 2016.
    محمود جمال الدين زكي، عقد العمل في القانون المصري، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية،1982.
الاتفاقيات الدولية:
    الاتفاقية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين.  
    الاتفاقية رقم 182 بشأن حظر أسوء أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها.
    الاتفاقية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام.
النصوصو القانونية:
    قانون رقم 65.99 يتعلق بمدونة الشغل.
    قانون رقم 12.18 يتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.
تقارير:
    رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول مشروع قانون 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين، إحالة رقم 5/2013.




[1]  نذكر منها
الاتفاقية الاممية سنة  1989 للحقوق الطفل
اتفاقية العمل الدولية رقم  138التي تحدد الحد الادنى للسن العمل
اتفاقية رقم 182 اشكال العمل بنسبة الاطفال
  الصادر بتاريخ6  ذو القعدة 1437 بمقتضى ظهير رقم 1.16.121[2]
[3] المرسوم المحدد للقائمة العمال المشبهين لأجراء في مجال الضمان الاجتماعي المؤرخ في6 يونيو 1992
[4] الاقنان جمع قن هو العبد مملوك الابوين حسب المعجم الجامع للمعاني

[5] المنزل حسب مقتضيات الفصل من القانون الجنائي المغربي هو كل بيت او مسكن او خيمة ماؤى مسكون او قابل للسكنى ومشتملاته  حظيرة الدواجن و الحديقة
كما انه على مستوى المادة  من م ج يشمل المنزل ايضا  الغرف المؤجرة في الفنادق المكاتب المخصصة للمزوالة المهن الحرة
[6] االمادة 20المادة21 المادة22  من القانون رقم70.03

[7] يشكل الاجر المحدد في قانون المحدد للشروط الشغل والتشغيل للعمال وعاملات المنازل  60%الحد الادنى من الاجر في مجال الصناعة والخدمات  المادة   19
التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016