مقاربة جديدة لميثاق اصلاح منظومة العدالة في مجال النهوض بالوسائل البديلة لحل النزاعات (مكامن القوة)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مقاربة جديدة
لميثاق
اصلاح منظومة
العدالة في مجال
النهوض بالوسائل البديلة لحل النزاعات
(مكامن القوة)
حمزة التريد |
حمزة التريد :
طالب بماستر الوسائل البديلة لفض النزاعات
بكلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس
يعتبر ورش اصلاح
منظومة العدالة بالقيادة الفذة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، احدى أهم
الأوراش الاصلاحية الكبرى الهادفة بالأساس الى اصلاح قضائي شامل وعميق قادر على
الاستجابة وكسب رهان توفير وتعزيز الثقة في المؤسسة القضائية أو مايصطلح عليه
برهان " تحقيق الأمن القضائي " ، الذي ينبغي أن يسود أجواء وفضاءات
مؤسستنا القضائية من خلال رسم ملامح الثقة في أوجه المتقاضين ، وهذا لن يتأتى
بالفعل الا من خلال الحد من بعض الممارسات المنحرفة التي طالت مكونات العدالة
والتي أدت الى فقدان المتقاضين للثقة في المرفق القضائي ، وأيضا تعزيز الحماية
القضائية للحقوق والحريات.
وقد أتى هذا الورش الاصلاحي كاستجابة فعلية
للعديد من الخطب الملكية التي أكد من خلالها صاحب الجلالة الملك محمد السادس على
ضرورة النهوض باصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة ، يأتي في مقدمتها الخطاب الملكي
التاريخي ليوم 20 غشت 2009 ، ويليه أيضا الخطاب الملكي السامي المؤرخ في 9 مارس
2011 ، الذي أعاد من خلاله التأكيد على ضرورة الارتقاء بمنظومتنا القضائية كمنظومة
مستقلة وجعلها في خدمة المواطن تأسيسا لمفهوم جديد لاصلاح العدالة يراعي الأسس
والمبادىء التي أرساها الدستور .
وبالموازاة مع
هذه الاصلاحات ، كشف الورش الاصلاحي عن معالم رؤيا جديدة لاصلاح منظومة العدالة ،
لم تبقى حبيسة المؤسسة القضائية فقط بل خارج أسوارها متجسدة في مقاربة جديدة
لمنظومة الوسائل البديلة لحل النزاعات ، والتي أتت كرد فعل عن العديد من
الاختلالات والصعوبات التي طالت عمل هذه الأليات البديلة في شتى الميادين الجنائية
والتجارية والمدنية وغيرها ، وقد أتت هذه المقاربة لتحتل مكانتها ضمن الأهذاف
الاستراتيجية الكبرى لاصلاح منظومة العدالة .
هذه المقاربة
الجديدة قد أبانت عن مواطن ومكامن قوة من شأن النهوض بها تعزيز الثقافة التصالحية
وتحسين جودة الأحكام المقدمة للمتقاضين ، الذي لم تأتي الا للتخفيف عن القضاء من
الضغط وحمله على بلورة معالم الثقة في المؤسسة القضائية .
وتتأرجح مكامن
هذه القوة بين أهداف رئيسية قد أتت كرد فعل عن العديد من الصعوبات التي طالت عمل
هذه المنظومة البديلة ، وبين مخطط اجرائي يصبو نحو تحقيق هذه الأهداف من خلال
اقتراحه لأليات لايمكن تطبيقها دون التقيد باجراءات محددة .
أولا : الأهداف
الرئيسية
لقد أصبح مطلب
الارتقاء بفعالية ونجاعة القضاء يتعدى حدود الوحدة والتخصص وكذا الرفع من جودة
الأحكام وغيرها ، ليشمل هدفا رئيسيا يشكل منحى جديد لاصلاح منظومة العدالة ألا وهو
تشجيع اللجوء الى الوسائل البديلة من أجل حل النزاعات ، هذه الوسائل التي تزخر بها
ترسانتنا التشريعية والتي أعاد الميثاق تحسين وجهتها الى الأفضل من خلال النهوض
بالأهداف الرئيسية التي اتى بها بخصوص هذه المنظومة البديلة والتي تمحورت حول :
· تشجيع اللجوء الى الوساطة والصلح
والتحكيم لحل المنازعات .
· نظرا للأهمية التي أصبحت تحتلها
الوساطة ضمن الطرق البديلة لحل النزاعات خاصة في الميدان التجاري الذي عمل على فتح
أبوابه لاحتضان هذه البديل الجديد ، فقد سطر الميثاق ضمن أهدافه تطوير نظام
الوساطة وجعلها الزامية في بعض القضايا مع تعزيز دور القضاء بشأن تشجيع اللجوء الى
الوساطة .
· وأيضا كرد فعل عن الفشل الذريع
لمؤسسة الصلح الأسرية أمام القضاء الأسري ، انفتح الميثاق على رهان جديد يتعلق
بمأسسة الوساطة الأسرية بقضاء الأسرة .
· وفي الشق المتعلق بالميدان
الجنائي ، كان للميثاق انفتاح وتصور جديد لبدائل الدعوى العمومية لم يكن قاصرا على
ألية الصلح فقط بل تعداه ليشمل بديلا أخر يتجسد في الوساطة الجنائية .
ثانيا : المخطط
الاجرائي
الأهداف وحدها
ليست كافية ، بل لابد من مخطط اجرائي مضبوط قادر على انجاح وبلورة أهداف هذه
المقاربة الجديدة ، وهذا بالفعل ما تبناه أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني من
خلال اقتراحهم لاجراءات من شان تبنيها تشجيع اللجوء الى الوسائل البديلة لحل
النزاعات ، وقد تعددت هذه الاجراءات بتعدد الأهداف لتشمل :
· العمل على وضع مقتضيات قانونية
كفيلة بتشجيع اللجوء الى الوسائل البديلة لحل المنازعات .
· تنظيم ندوات للتكوين في مجالات
الوسائل البديلة لحل المنازعات .
· تنظيم لقاءات ومنتديات لتحسين
الفاعلين الاقتصاديين ، لاسيما غرف التجارة والصناعة والمقاولات الصغرى و المتوسطة
بأهمية اعتماد بدائل فض النزاعات .
· وضع دراسة ميدانية لتقييم مدى
اللجوء الى الوسائل البديلة لحل النزاعات ، لاسيما من قبل المقاولات .
· دعم مراكز الوساطة والتحكيم .
· مراجعة قانون المسطرة المدنية في
الشق المتعلق بأحكام الوساطة الاتفاقية ، والنص على ضرورة الزامية الوساطة قبل عرض
النزاع على القضاء فقط بخصوص بعض القضايا، مع الابقاء على اختياريتها في الحالة
التي يقترحها القاضي اذا ما تبين له أن النزاع قابلا لأن يكون محل الوساطة .
· تفعيل أليات الصلح والوساطة
الأسرية في المنازعات المرتبطة بالأسرة .
· توفير الفضاءات اللازمة لاجراء
الصلح والوساطة بأقسام قضاء الأسرة .
· تكوين القضاة وأطر المساعدة
الاجتماعية بأقسام قضاء الأسرة على مهارات الصلح .
· تعديل قانون المسطرة الجنائية
ليشمل بعض الرهانات الجديدة المرتبطة ببدائل الدعوى العمومية .
وفي الختام ،
يمكن القول على أن ورش اصلاح منظومة العدالة ببلادنا يعد ورشا اصلاحيا بامتياز ،
يحمل في طياته بلورة أسسية ومبادئية لوثيقة دستورية أبانت عن توجه جديد لدولتنا
المغربية في مجال تعزيز الحماية القضائية للحقوق والحريات والرفع من مؤشر الأمن
القضائي ببلادنا، وأيضا تبني مقاربة جديدة لمنظومة الوسائل البديلة قادرة على
التعاطي مع النزاعات ، تنطوي على أهداف ومخطط اجرائي واضح المعالم قد أتى كنتيجة
جهد وعناء لأعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني بالقيادة البناءة لصاحب الجلالة
الملك محمد السادس ، والتي من شأنها توسيع هامش العدالة التصالحية وتحسين جودة
العدالة المقدمة للمتقاضين ، لكن مع ذلك تبقى بعض النواقص تشوب الجانب الاجرائي
منها :
· غياب مقتضيات قانونية كفيلة
بالنهوض بالوسائل البديلة في ميدان النزاعات المرتبطة بالاستهلاك .
· اقتصار المقاربة التشاركية
الهادفة الى اشاعة ونشر ثقافة الوسائل البديلة على بعض المتدخلين في هذا المجال (
قضاة وأطر المساعدة الاجتماعية ) دون ادماج نخبة حساسة من المتدخلين تهم فئة
المحامين و الأساتذة الجامعيين والباحثين الحقوقيين .
· عدم مراعاة الجانب الوقائي
المرتبط بالأساس باللجوء القبلي للاستشارات القانونية ، وفي هذا الصدد ينبغي دعم
تكوين المحامي وفي اطار تعزيز وانماء القدرات المؤسسية لمنظومة العدالة جعل تطوير
ثقافة المحامي نحو الوسائل البديلة من بين التكوينات الأساسية التي ستمنحها مؤسسة
تكوين المحامين .
المراجع المعتمدة
:
-
ميثاق اصلاح منظومة العدالة ، يوليوز 2013 .
0 التعليقات:
إرسال تعليق