تابعونا على الفيسبوك

Disqus

القاضي الإداري ما بين مراقبة الإجراءات الشكلية والجوهرية المتطلبة في دعوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية ، ومدى الحماية القضائية لمصالح وحقوق طرفي الدعوى

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
القاضي الإداري ما بين مراقبة الإجراءات الشكلية والجوهرية المتطلبة في دعوى الاعتداء المادي  على الملكية العقارية ، ومدى الحماية القضائية  لمصالح  وحقوق طرفي الدعوى



                                                             ذ/ الحسن أولياس
                                             باحث في العلوم القانونية والإدارية

                                             توطئة:
             إن حق الملكية في مختلف الدساتير والقوانين، هو حق مقدس لا يمكن النيل منه أو المساس به ما لم تستوجب ضرورة المصلحة أو المنفعة العامة ذلك، ومن ثمة فأي انتهاك لهذا الحق يمكن صاحبه من مراجعة القضاء لوضع حد لهذا الانتهاك أو التعدي باعتبار القضاء هو الحامي الطبيعي لهذا الحق. (1)
             فالقضاء سواء في جانبه العادي أو الإداري يلعب دورا مهما في حماية الملكية العقارية أو إحدى الحقوق المرتبطة بها حقا عينيا كان أم شخصيا، ويتجلى هذا الأمر من مختلف أنماط وأشكال الدعاوى المعروضة على المحاكم والمرتبطة بالموضوع ومن ذلكم على سبيل المثال لا الحصر، دعاوى المنازعات المرتبطة بالتحفيظ العقاري، دعاوى استحقاق العقار، دعاوى استرداد وحماية الحيازة، دعاوى التعويض عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت....الخ، و تنضاف إليها دعاوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية والتي يصطلح عليها كذلك حسب الفقه والاجتهاد دعاوى النزع الغير المباشر للملكية أو دعاوى الاستيلاء والغصب على عقار.
          ومن أهم القضايا التي تطرح من خلالها الحماية القضائية لحق الملكية أو أحد الحقوق المتفرعة عنه بالنسبة للقضاء الإداري قضايا نزع الملكية مقابل التعويض وكذا نوازل الاعتداء المادي على الملكية العقارية.
          انطلاقا من ذلك، فان موضوع هذه الدراسة سيقتصر على دراسة دعاوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية من خلال عرضها على أنظار القضاء الإداري، مع إبراز كيفية مناولة هذا الأخير لهذا النوع من القضايا سواء من حيث شروطها الشكلية والجوهرية مرورا بكافة الإجراءات والجوانب المرتبطة بها وبكيفية البت فيها مع رصد لكافة الإشكالات القانونية والواقعية المرتبطة بتنفيذ الحكم النهائي بالتعويض عن واقعة الاعتداء المادي على أن يتم ختم الدراسة بمدى مساهمة القضاء الإداري في حماية مصالح طرفي هذا النوع من الدعاوى.
المحور الأول: شمولية مفهوم نظرية الاعتداء المادي وتمييزها عن مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة:               
الفرع الأول: حول شمولية مفهوم نظرية الاعتداء المادي
           اختلفت وتعددت التعريفات حول مفهوم الاعتداء المادي من جانب التصرفات الصادرة عن الإدارة، كما أن الفقه الإداري لم يكن ليعرف هذه النظرية كنظرية عامة وواضحة، إلا منذ عهد الفقيه "لافريير"  الذي يرجع إليه الفضل في إبراز معالم تلكم النظرية ووضع إطار مفصل حولها ضمن كتابه " مطول القضاء الإداري"،  الذي اوضح  من خلاله  أن القرار الإداري الذي لحقه عيب عدم المشروعية لا يفقد صفته الإدارية، بل يظل قرار إداريا دون أن تتغير طبيعته وان شابه عيب في صحته، وأنه لا يصح القول بان القرار الاداري الباطل لتجاوز السلطة يعتبر من قبيل العدوان المادي، على أن هناك حالات يخرج فيها رجل الإدارة ليس فقط عن اختصاصاته المخولة له بل عن اختصاصات الوظيفة الإدارية ذاتها، ومن ثمة يعتبر تصرفه هذا قابل للطعن فيه أمام القضاء. (2).
           وان كان الأمر كذلك، فان مفهوم " الاعتداء المادي" لصيق بمفاهيم أخرى التي تكاد تشتبه معه من جانب أو آخر من حيث الدلالة، كالغصب والاستيلاء والعمل الإداري المنعدم، فإذا كانت هذه المفاهيم تتحد مع نظرية الاعتداء المادي فيما يرتبط بعدم المشروعية، فان الاختلاف بينهما يكمن في كون الغصب والاستيلاء يقعان على العقار فقط، في حين آن الاعتداء المادي قد يرد على العقار والمنقول معا، بل وقد يمس حقا من حقوق الأفراد والجماعات كما سيرد تفصيله بعده.
           وقد عرف بعض الفقهاء المغاربة (3) " الاعتداء المادي "،بأنه كل عمل لا صلة له مطلقا بتطبيق نص قانوني آو تنظيمي أو حتى بإحدى الصلاحيات المخولة للإدارة " ، كما أن الفقه الفرنسي اعتبره عمل غير شرعي يتسم بعدم الشرعية الجسيمة مما يفقده كل علاقة بالسلطة الإدارية المخولة للإدارة (4).
           ومهما يكن من أمر، فالاعتداء المادي هو ذلك الفعل المتأتي من جانب الإدارة والذي يحيد عن مبدأ المشروعية، وبعبارة اصح هو الخروج الجسيم عن مبدأ المشروعية مع المساس بالملكية الخاصة أو حتى إحدى الحريات والحقوق الفردية للشخص أو الجماعة (5) ،بل إن ذلكم المفهوم لا ينظر إليه من جانب الإدارة اتجاه الفرد فقط، وإنما يتحقق حتى بين شخصين طبيعيين، في حالة اعتداء احدهما على حقوق الأخر، وقد طبق الاجتهاد القضائي هذا التعريف من جانبه الغير المتعلق بالملكية العقارية من جملة من النوازل المعروضة عليه، كما توضحه الأحكام والقرارات التالية الواردة على سبيل الحصر فقط:
- حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد3714 بتاريخ 17/10/2012 في الملف عدد10/12/376، الذي جاء فيه: " تبوث الاعتداء المادي على حق تأسيس الجمعية وتسييرها دون موجب قانوني وفي غياب الإجراءات القانونية للحل الواجبة الإتباع، يجعل طلب المدعية مرتكزا على أساس ويتعين الاستجابة له برفع الاعتداء المادي الواقع على الجمعية المدعية مع إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه" ..
- حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 22/11/2006 في الملف عدد316/2006ت، الذي جاء فيه: "  لا يجوز لضباط الشرطة القضائية ان ينتزعوا من مخالفي قواعد السير رخص السياقة أو وثائق السيارات إذا تعلق الأمر بمخالفات مجردة تتجاوز السرعة المحددة قانونا، بدون وجود أمر من طرف السيد وكيل الملك.... نعم
- قيام الضابط بحجز الرخصة دون التوفر على الأمر المذكور، يشكل اعتداء ماديا موجبا للتعويض........نعم"
- قرار محكمة النقض عدد4414 بتاريخ 24/12/2008 في الملف عدد 3928/1/3/2006، الذي جاء فيه: " الاحتلال بدون سند يشكل اعتداءا ماديا غير مبرر يمس بحق الملكية الذي ينظمه  القانون....ويعطي الاختصاص للقضاء الاستعجالي لطرد المحتل" (6)- علما أن هذا القرار صدر في إطار نزاع احتلال بين شخصين طبيعيين-
          من ثمة ، يتضح أن مفهوم الاعتداء المادي لا ينظر إليه فقط من جانب الملكية العقارية أو أحد الحقوق المرتبطة بها، وإنما يمتد ذلكم المفهوم ليشمل كذلك الاعتداء على حرية الأشخاص وحقوقهم طبيعيون كانوا أو معنويون.
الفرع الثاني : التمييز بين نظرية الاعتداء المادي على الملكية العقارية ومسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة

          كما سلف الذكر، فان مفهوم الاعتداء المادي على الملكية العقارية هو مفهوم مرتبط بعدم الشرعية في إتيان العمل، وقد اصطلح عليه الاجتهاد القضائي المغربي ما يسمى " بالنزع الغير المباشر للملكية"، فالفعل الإداري وفق هذه النظرية يترتب عليه التمكن من عقار الغير دون سلوك أية مسطرة قانونية لوضع اليد وهذا ما يميز هذه النظرية بالذات عن مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة التي تؤطرها نصوص قانونية تحضر على الإدارة أو الجهة المخول لها قانونا بالتملك، وضع اليد على عقارات الغير دون سلوك القانون واستصدار حكم بالحيازة، هذا ما لم تتبع في المسطرة إجراءات الاقتناء بالتراضي بين الإدارة ومالك العقار.
          فنزع الملكية، وكما ورد في الفصل 1 من القانون 7.81، هو إجراء ينصب على ملكية العقارات أو ملكية الحقوق العينية العقارية، ولا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة العامة ذلك، كما انه لا يمكن إجراؤه إلا وفق الكيفيات المحددة في القانون مع مراعاة الاستثناءات المدخلة عليه كلا او بعضا بموجب تشريعات خاصة، ومن ثمة فان هذه المسطرة تعد استثناء من حق الملكية المقدس دستورا وقانونا .
          وتتحقق نظرية الاعتداء المادي من جانب الإدارة فيما يلي:

      ا/ ـ الاعتداء المادي لانعدام الأساس القانوني:
          يتحقق  الاعتداء المادي عندما تعمد الإدارة إلى إتيان عـمل لا يرتبط بتطبيق نص تشريعي أو تنظيمي من شأنه أن يمس بحق من الحقوق الأساسية و هو حق الملكية  و  من ثمة، توصف قرارات الإدارة بكونها مشـوبة او متسمة  بخطأ جسيم، وبفعل التعدي المادي تفقد الإدارة الامتيازات التي تتمتع بها كسـلطة عامة و هـذا لفداحة الخـطأ المنسـوب إليها ، و في اجتهادات المحكمة العليا جاء في احد القرارات:
" .... يتحقق عندما تقوم الإدارة بتنفيذ عمل بالقوة غير مرتبط بتنفيذ نص تشريعي أو تنظيمي من شأنه أن يمس بحرية أساسية أو بحق الملكية "

     ب /ـ الاعتداء المادي لانعدام الإجراءات :
          تتجلى هذه الحالة عندما تعمد السلطة الإدارية على تنفيذ عمل إداري حتى و إن كان مشروع ، خارج حالات التنفيذ الجبري المسموح به للإدارة، كتهـديم مباشر من طرف الإدارة لعمارة مهددة بالانهيار دون قـرار إداري مسبق يحدد ظروف وملابسات تهديمـها لأن فيه مسـاس بحق الملكية العقارية ، و هي تشكل أكثر  واخطر حالات الاعتداء المادي،

    ج /ـ الاعتداء المادي لعدم إتمام الإجراءات :
          تتبع الإدارة الإجراءات القانونية التـي أوجبـها النـص التشريعي و لكن دون صرف التعويض المستحق عن هذا العـمل مخـالفة بذلـك الدسـتور و أحـكام القانون ، فمثلا مخالفة عـدم  أداء او إيداع مبلـغ التعـويض عن نزع الملكية يشكل اعتداء ماديا ناجما عن عدم إتمام إجراءات نزع الملكية وهكذا.....الخ.
          وبالرجوع إلى  صلب موضوعنا  فان عنصر المشروعية هو الذي يميز نزع الملكية على الاعتداء المادي، فإذا كانت مسطرة نزع الملكية تتسم بمجموعة من الإجراءات الإدارية و الاشهارية والقضائية ومن بينها استصدار الحكم أو الأمر ألاستعجالي بالحيازة، مرورا إلى التعويض عن نقل الملكية بشكل يضفي على تلكم الإجراءات نوعا من المشروعية المستمد أصلا من القانون، فان الاعتداء المادي عكس ذلك هو الإقدام دون سلوك أية مسطرة إلى احتلال الإدارة لملك الغير و وضع يدها عليه، الأمر الذي يدفع بالمتضرر إلى مقاضاتها أمام القضاء للحصول على التعويض أو إيقاف إجراءات الاحتلال إن كانت في مراحلها الغير المتقدمة.
          من هذا المنطلق،  فان مناط الشرعية أو عدم الشرعية في اتخاذ الإجراء، هو ما يميز أساسا نظرية الاعتداء المادي عن نزع الملكية لأجل المنفعة العامة لا غير. وقد استعمل القضاء المغربي في العديد من النوازل مصطلحات اخرى للدلالة على الاعتداء المادي منها: مصطلح "الغصب"  ،" التعدي"، " النزع الغير المباشر" ، " الاستيلاء والسطو"  ولا يسعنا في إطار التوضيح،  إلا تأكيد ذلك  من خلال اجتهادات  صادرة عن القضاء الإداري المغربي، وفق النحو التالي:
حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد724 بتاريخ 31/12/2010 في الملف عدد521/2008ش، الذي ورد فيه: " يعتبر احتلال الشخص العام لملك الغير بدون سند قانوني وانشاء مرفق عام عليه بنية الدوام والاستمرار غصبا للملك، ......". (7)
- حكم نفس المحكمة عدد983/2013 بتاريخ 10/10/2013 في الملف عدد718/2012ش، الذي جاء فيه: " وضع اليد من طرف الدولة على ملك الخواص وإقامة مرفق عمومي عليه دون سلوك مسطرة نزع الملكية وفق المقرر قانونا يعتبر تعديا وغصبا لذلك العقار.........."
- حكم نفس المحكمة عدد 613/2008 بتاريخ 19/11/2008 في الملف عدد260/2007ش، الذي ورد فيه: " يعتبر احتلال الشخص العام لملك الغير دون سند قانوني وانشاء مرفق عام على الملك.....نزعا غير مباشر للملك......". (8)
- حكم نفس المحكمة عدد 1277/2013 بتاريخ 26/12/2013 في الملف عدد 118/7112/13ش، الذي أورد:" إقامة مرفق عام على ملك الغير بنية الدوام والاستمرار دون اللجوء الى مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة يندرج ضمن اعمال الغصب والاعتداء على حق الملكية.....نعم"(9)
      وعموما يمكن ابراز،  اهم ما يميز  دعوى الاعتداء المادي عن نزع الملكية مقابل التعويض في التالي:
-          من حيث مشروعية الإجراء: فنزع الملكية ترتكز على موجبات شرعية للحصول على العقار، بينما الاعتداء المادي يفتقد لمبدأ المشروعية.
-          مسطرة نزع الملكية ينطوي على عنصرين هما: نقل الملكية والتعويض بينما الاعتداء المادي يطلب فيه التعويض فقط ما لم تبادر الإدارة إلى طلب نقل الملكية أمام القضاء.
-          رافع الدعوى أمام القضاء في مجال نزع الملكية هو الجهة الإدارية المعنية، بينما في دعوى الاعتداء المادي فالمتضرر هو الذي يبادر إلى رفع الدعوى.
-          دعوى الاعتداء المادي تستوجب أداء الرسم القضائي، بينما في إطار نزع الملكية فمقال الدعوى معفى من الأداء إلى حين استكمال المسطرة القضائية حيث تباشر تصفية الرسوم في مواجهة نازعة الملكية
-          تحديد التعويض في إطار دعوى نزع الملكية يتم في إطار القواعد المحددة في الفصل 20 من قانون نزع الملكية( تحديد التعويض بتاريخ صدور المرسوم أو تاريخ رفع الدعوى مع عدم إمكانية الأخذ بعين الاعتبار الأضرار المستقبلية..) في حين وفي نطاق دعوى الاعتداء المادي يتم تحديد التعويض خارج إطار تلكم القواعد، إذ يتم في إطار الأحكام العامة للتعويض عموما.
-          عدم استفادة الإدارة من بعض الامتيازات المنصوص عليها قانونا وخاصة الفصل37 من قانون التعمير فيما يتعلق بالمساهمة المجانية لإحداث الطرق في  حالة الاعتداء المادي على العقار في حين يتم استفادتها من ذلك في حالة إتباع الإجراءات القانونية لنقل الملكية مقابل التعويض. وهذا ما أكدته محكمة النقض من خلال قرار لها ورد فيه: " موضوع الدعوى هو اعتداء مادي على عقار المستأنف عليهما فلا يستساغ معه إعمال مقتضى المادة37 بشان المساهمة المجانية في إحداث طريق،...." (10)
-          الحكم الابتدائي الإداري الصادر في موضوع نقل الملكية مقابل التعويض يكون نهائيا في الشق المتعلق بنقل الملكية وقابلا للاستئناف في الشق المرتبط بالتعويض، بينما الحكم الصادر في دعوى الاعتداء المادي يكون قابلا للاستئناف في كافة مقتضياته ولو ارتبط بعضها بنقل الملكية من عدم ذلك.
المحور الثاني  : مراقبة القاضي الإداري للشروط الشكلية والجوهرية لدعاوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية
         من المعلوم، أن المشرع اعتبر قانون المسطرة المدنية هو الشريعة العامة للقواعد الإجرائية المتبعة أمام المحاكم الإدارية، إلا أنه أقدم على تعديل البعض منها من جهة، وأحدث مؤسسة المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق من جهة أخرى، مؤكدا ذلك في صريح نص المادة 7 من القانون90/41 المحدث للمحاكم الإدارية الذي ينص على ما يلي: " تطبق أمام المحاكم الإدارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك".
        وإذا كان الأصل هو المسطرة المدنية، فإن ظهير 41/90 أبرز بعض خصائص ومميزات المسطرة أمام المحاكم الإدارية، ويمكن دراسة هذا التلاحم عبر المقال والمساطر المتبعة:
- ينص الفصل 3 من قانون المحاكم الإدارية على أن القضايا ترفع بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل بجدول هيئة من هيأت المحامين بالمغرب، ويتضمن ما لم ينص على خلاف ذلك البيانات والمعلومات المنصوص عليها في الفصل 32 من ق.م.م
- بعد تقديم المقال، يسلم كاتب ضبط المحكمة الإدارية وصلا بإيداع المقال يتكون من نسخة منه ويوضع عليها خاتم كتابة الضبط، وتاريخ الإيداع مع بيان الوثائق المرفقة.
- ان المسطرة في القضايا الإدارية بما فيها دعاوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية، مسطرة كتابية تنطلق من المقال الذي يجب أن يحرر باللغة العربية ويتضمن الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي، وكذا عند الاقتضاء أسماء وصفة وموطن وكيل المدعي، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال اسمها ونوعها ومركزها.
- يجب أن يبين في المقال علاوة على ذلك موضوع الدعوى والوقائع والوسائل المثارة، وترفق بالطلب المستندات التي ينوي المدعي استعمالها.
- إذا قدم الطلب ضد عدة مدعى عليهم وجب على المدعي أن يرفق المقال بعدد من النسخ مساو لعدد الخصوم، وكذا بنسخة للمفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق.
- يطلب القاضي عند الاقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها (الفصل 32 ق.م.م). و يجب أن يقدم هذا المقال ويوقع من قبل محام، وعدم تقديمه من طرف محام أو عدم التوقيع عليه من قبل هذا الأخير يعرضه لعدم القبول
- وأخيرا، فانه ينبغي تقديم الدعوى ممن له الصفة وتوجيهها أيضا ضد ذي الصفة، مع إثباتها تحت طائلة عدم القبول، كما ينبغي أيضا تضمين عريضة الدعوى الدفوعات الموضوعية وتأسيسها أيضا على موجبات شرعية تحت طائلة الرفض.
       هذا، وقد كان للقضاء الإداري دور بارز في دراسة دعاوى الاعتداء المادي من حيث تقديمها وفق الشكل المتطلب قانونا، صفة وإثباتا وموضوعا، من خلال ما سيرد بعده:
الفرع الأول: مراقبة القضاء الإداري للشروط الشكلية للدعوى
       يترتب على تقديم دعوى الاعتداء المادي من غير ذي صفة، أو انعدام وسائل إثباتها أو تناقض حجج الادعاء حتما الحكم بعدم قبولها شكلا، ولتوضيح هذا الجانب من الناحية التطبيقية لا بد من استعراض أحكام وقرارات المحاكم الإدارية بالمغرب، بمناسبة الحكم بعدم قبول الدعوى أو سماعها شكلا للاعتبارات المتحدث عنها:
-          في الحكم بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة
       إن شرط الصفة من أهم شروط الدعوى حسب الفصل 1 من ق.م.م، وهي عنصر له صلة بالنظام العام ويترتب على تقديم الادعاء من غير ذي صفة، الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا، لذا فرافع دعوى الاعتداء المادي ينبغي أن يتوفر لديه شرط الصفة في تقديم الدعوى تحت طائلة عدم القبول، ومن التطبيقات القضائية:
- حكم المحكمة الإدارية بأكادير بتاريخ 31/10/2013 عدد 1048/2013 في الملف115/7112/2013ش، الذي جاء فيه: " حيث ان الصفة في التقاضي تعتبر شرطا أساسيا للتقاضي طبقا للفصل الأول من قانون المسطرة المدنية وتعتبر من النظام العام، وتثار تلقائيا في جميع مراحل التقاضي ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث ان صفة المدعين كمالكين للعقار موضوع مطالبتهم بالتعويض عنه، تعد شرطا جوهريا لقبول دعواهم في مواجهة أحد أشخاص القانون العام
وحيث آن شهادة الضبط العقاري المدلى بها في الملف من طرف المدعين لا تعتبر من الوثائق المطلوبة قانونا لإثبات صفة المدعين كمالكين للعقار موضوع الدعوى، الشيء الذي تكون معه صفة المدعين في التقاضي منتفية ويناسب تبعا لذلك الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا." (11).
- حكم نفس المحكمة عدد743/2013 بتاريخ 11/07/2013 في الملف عدد 114/7112/2013، الذي أورد ما يلي:" وحيث ان ثبوت صفة المدعين كمالكين للعقار شرط جوهري لقبول دعوى التعويض في مواجهة الشخص العام من اجل الاستيلاء على العقار........
وحيث تبين للمحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف ان المدعين لم يدلوا بأية حجة تفيد بان الملك موضوع الدعوى في ملكيتهم، وان الوثائق المدلى بها في الملف بالمقال ليست حجة لإثبات صفة التملك للعقار موضوع الدعوى، مما يجعل دعواهم مختلة من الناحية الشكلية، ويتعين تبعا لذلك الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا." (12)
- الحكم عدد 514/2014 بتاريخ 05/06/2014 في الملف عدد 108/7112/14ش، جاء فيه" وحيث ان ثبوت صفة المدعين كمالك للعقار شرط جوهري لقبول دعوى التعويض المقدمة في مواجهة الشخص العام من اجل الاستيلاء على العقار.
وحيث ان ثبوت ملكية العقار موضوع طلب التعويض عن واقعة الغصب منازع فيها من طرف المدعين و....، فان صفة المدعين كمالكين للعقار غير ثابتة ويتعين تبعا لذلك الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا."(13)
- الحكم عدد 357/2011ش بتاريخ 19/05/2011 في الملف عدد 87/2008ش، الذي جاء فيه: " ...وحيث ان هناك نزاعا جديا بين مجموعة من الملاك بخصوص القطعة التي ينسبها المدعي لنفسه ويدعي ملكيتها، مما يجرد ادعاء تملكه لها من شرط الاثبات وبالتالي انعدام الصفة في المطالبة باي تعويض عن اعتداء مادي يطال العقار موضوع النزاع" (14)
- في الحكم بعدم قبول الدعوى لانعدام الاثبات والتناقض في الحجج وعدم أداء صائر الخبرة:
       يترتب عن انعدام الإثبات أيضا وتناقض الحجج مع الادعاء، في الدعاوى عموما وفي قضايا الاعتداء المادي على الخصوص وجود مكامن الخلل في الدعوى، الشيء الذي يترتب عنه حتما عدم القبول كما أن القضاء الإداري رتب عدم القبول حتى على بعض الحالات التي يتم فيها تقديم الدعوى وفق الشروط المتطلبة غير انه في إطار التحقيق فيها يتم صرف النظر عنها لعدم متابعة إجراءاتها ومن ذلكم على سبيل المثال عدم أداء المدعي لمصاريف الخبرة القضائية من اجل الوقوف على موضوع النزاع والتأكد من واقعة الاعتداء المادي مع ما يترتب على ذلك من تحديد للتعويض، وكذا عدم تحديد المطالب النهائية بعد انجاز الخبرة، إضافة إلى حالة سبقية البت في الدعوى بحكم سابق في الموضوع......الخ
       وفي الجانب المرتبط بالادعاء وكما سلف الذكر فالتناقض في الحجج والادعاءات هو من أسباب عدم سماع الدعوى، إدارية كانت آم مدنية ومن المعلوم أن التناقض له عدة وجوه حددها ابن الناظم (ناظم التحفة) بقوله: "وحل العقود يكون بأشياء، إما بظهور تناقض على السواء أو بظهور تناقض من المشهد ومن في حكمه بالأصل كاختلاف قول...".
وفي المعيار عن العبدوسي" من تناقض قوله، فلا حجة له".
ومن كلام السجلماسي "إن الطالب تخالف قوله يوجب في دعواه التناقض والتكاذب".
وفي المواق عن ابن يونس عن أشهب: " فان اختلف قول المدعي بأمرين لم يكن له شيء"
ولتوضيح هذه النقط الشكلية، لا بأس من استعراض الاجتهاد القضائي في الموضوع، كالتالي:
 ا- في الاختلاف بين ما هو مضمن بالمقال وما هو ثابت من خلال حجج الادعاء:
- حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 814/2013 بتاريخ 02/08/2013 الذي جاء فيه: " حيث انه من الثابت من الاراثة انه من جملة ورثة المرحوم.... المنسوب له العقار المدعى فيه، زوجته...وهي لم تدخل ضمن المدعين بالمقال، كما انه من بين الورثة الآتية أسماؤهم: رشيدة وهي كذلك لم ترد الإشارة اليها في المقال، وانما اشير بدلا عنها الى اسم رشيد الغير المذكور بالاراثة المشار اليها.
وحيث يتبين من مقال المدعين ان أحد المدعين كتب اسمه.... في حين ان الاسم الصحيح هو.... كما وارد برسم الاراثة
وحيث يتبين مما سبق بيانه، ان هناك اختلاف بين ما هو مضمن برسم الاراثة وما هو موجود بالمقال، مما تكون معه الدعوى تبعا لذلك مختلة من الناحية الشكلية ويناسب الحكم بعدم قبولها شكلا." (15)
- في عدم أداء المدعي لمصاريف الخبرة القضائية من اجل الوقوف على موضوع النزاع والتأكد من واقعة الاعتداء المادي مع ما يترتب على ذلك من تحديد للتعويض، وكذا عدم تحديد المطالب النهائية بعد انجاز الخبرة:
- عدم أداء صائر الخبرة:
- ورد في الحكم الإداري عدد1226/2013 بتاريخ 12/12/2013، في الملف 159/13ش، ما يلي:" حيث أسس المدعي دعواه، على انه له بقعة أرضية بمدينة.... وان البقعة الأرضية شيدت عليها مؤسسة تعليمية...وانه لا وجود لقرار نزع الملكية بشكل رسمي وقانوني.
لكن، حيث ان عدم أداء صائر الخبرة من طرف طالبها، يبرر صرف النظر عن الخبرة المأمور بها إعمالا لمقتضيات الفصل 56 من قانون المسطرة المدنية، ويجعل بالتالي الطلب غير مقبول شكلا" (16)
- عدم تحديد المطالب النهائية بعد الخبرة:
-جاء في الحكم عدد631/2009 بتاريخ 29/12/2009 في الملف عدد 219/2008ش: " حيث امرت المحكمة بإجراء خبرة عقارية حدد من خلالها الخبير ...قيمة العقار موضوع النزاع
وحيث إن الطرف المدعي لم يحدد مطالبه النهائية بعد الخبرة، على الرغم من توصله بنسخة من تقرير الخبرة، وإنذاره بالجلسة
وحيث أن المحكمة تبت في حدود طلبات الأطراف مما يناسب معه التصريح بعدم قبول الدعوى". (17)
- حالة سبقية البت في الدعوى:
- ورد في الحكم عدد106/2012 بتاريخ 16/02/2012 الصادر في الملف عدد 55/11ش، ما يلي:" إذا سبقية المحكمة أن بتت في منازعة معروضة أمامها فان ذلك يعتبر مانعا من مراجعة القضاء مجددا بخصوص نفس المنازعة، وللأطراف المتضررة من الأحكام اللجوء الى وسائل الطعن المنصوص عليها في القانون". (18)
       تلكم بعض الجوانب الشكلية التي يترتب على عدم احترامها، التصريح بعدم قبول الدعوى في قضايا الاعتداء المادي، علما أن هناك ثمة شكليات أخرى يترتب عنها عدم القبول والمسطرة من خلال قانون المسطرة المدنية، ومنها بإيجاز:
- تقديم الدعوى دون تنصيب محام.
- توجيه الدعوى ضد غير ذي صفة بمعنى عوض توجيهها ضد الإدارة أو السلطة الإدارية المعتدية ماديا على العقار، يتم مباشرتها في اسم جهة إدارية أخرى لا علاقة لها بالموضوع.
- عدم أداء الرسم القضائي على الدعوى، إذ أن الأمر يحتم التصريح بعدم قبولها شكلا................الخ.
الفرع الثاني : الشروط الموضوعية والجوهرية لدعوى الاعتداء المادي ورقابة القاضي الإداري

من الجوانب الموضوعية لدعوى الاعتداء المادي، خوض القاضي الإداري في النظر في مدى تأسيس المطالبة بالتعويض على مرتكزات صحيحة ، خاصة  أن المدعي في الدعوى المذكورة يطالب بتعويض عن الاستيلاء الواقع على عقاره، وهنا القاضي يجد نفسه ملزما بالتحقق من شروط المطالبة بالتعويض جراء الاعتداء المادي على العقار (الخطأ، الضرر، والعلاقة السببية بينهما)، ثم بعد ذلك التحقيق في الدعوى بإجراء خبرة بواسطة أهل الاختصاص للتأكد فعلا من إنشاء مرفق عام فوق عقار المدعي وإبراز تاريخ إنشائه مع ما يترتب على ذلك من تحديد قيمة التعويض لمميزات العقار وخصوصياته.... الخ.

1-        شروط دعوى التعويض عن الاعتداء المادي:

حينما نتحدث عن دعوى التعويض أمام القضاء الإداري، فان الأمر يستلزم استحضار شروط وموجبات الحصول على التعويض، بمعنى ثبوت فعلا كون عمل الاعتداء المادي له علاقة بالضرر الحاصل لرافع الدعوى، أو بعبارة اصح ثبوت الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما.
- الخطأ: هو الفعل الغير المشروع الذي ترتب عليه الضرر الحاصل للمعني بالأمر وهو الركن الأول الذي تقوم عليه المسؤولية عموما في المجال القانوني، ويقصد به عند بعض الفقهاء " التعدي" أي تجاوز الحدود التي يجب على الشخص الالتزام بها في سلوكه، فهو انحراف في السلوك سواء كان متعمدا أو غير متعمد، وفي مجال الاعتداء المادي فالخطأ يتمثل في ثبوت الجهة المعتدية على العقار إقامة مرفق عمومي عليه دون سلوك أية مسطرة قانونية تبرر ذلك.
- حصول الضرر:الضرر ركن أساسي من أركان المسؤولية لا جدل أو خلاف في اشتراط وجوده. لان المسؤولية تعني التزاماً بالتعويض، والتعويض يقدر بقدر الضرر وبانتفائه تنتفي المسؤولية ولا يظل محل للتعويض ولا تكون لمدعي المسؤولية مصلحة في إقامة الدعوى، ويتجلى الضرر في دعاوى الاعتداء المادي في الواقعة المادية التي حرمت المعني بالأمر من عقاره.
-العلاقة السببية: هي تلك العلاقة التي يثبت بها أن الخطأ هو فعلا السبب الناتج عنه الضرر، وبانعدام الرابطة السببية تنتفي المسؤولية، وفي إطار موضوعنا هذا فالرابطة السببية تتجلى في كون خطا الإدارة المتمثل في استيلائها على عقار الغير دون وجه حق ودون إتباع أية مسطرة قانونية هو الفعل المترتب عنه الضرر في مواجهة الشخص المعتدى على عقاره.

2- اثبات واقعة الاعتداء بالاهتداء الى إجراءات التحقيق( الخبرة القضائية)
ا- التعريف بالخبرة القضائية وطريقة تعيين الخبير:
           تعد الخبرة وسيلة قررها المشرع لمساعدة القاضي للبت في النزاع إذا كان هذا الأخير يندرج ضمنه ما يحتاج إلى طلب استشارة تقنية من شخص ذي كفاءة.
           وقد تم تعريفها بأنها: تدبير تحقيقي بمقتضاه يكلف القاضي شخصيا من ذوي الاختصاص يسمى خبيرا للقيام بمهمة معينة تتطلب إجراء تحقيق واستقصاءات يستعصى على القاضي القيام بها بنفسه، فهي إجراء في نهاية المطاف يقتصر على مسائل فنية لا علاقة لها مطلقا بالقانون، لكون المحكمة مفروض فيها العلم بالقانون علما كافيا.
           فالخبرة تعتبر من طرق الإثبات المباشرة، وذلك نظرا لاتصالها بالواقعة المراد إثباتها، وبالتالي فان هذا الإجراء من إجراءات التحقيق، أصبح أكثر من ذي قبل يفرض نفسه بكل قوة في مجال الإثبات، وقد وردت مضامينها بالكتاب الحكيم في قول الله سبحانه وتعالى" فاسل به خبيرا".
           والجدير بالتذكير، أن المشرع قد نظم الخبرة في الفصول من59 إلى 66 من قانون المسطرة المدنية، وذلك ضمن الباب الثالث المتعلق بإجراءات التحقيق، بالإضافة لذلك نجد قانونا أخر يكملها، ويتعلق الأمر بالقانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين.
ويتم تعيين الخبير بواسطة حكم تمهيدي، يحدد النقط التي على أساسها سيتم انجاز الخبرة، إذ يجب على الخبير أن لا يتجاوزها أو يتغاضى عن بعضها، وذلك حسب الفقرة الثالثة من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية، أخذا بعين الاعتبار عدم اصطدام الخبرة بأحد عوارضها من قبيل تجريح الخبير في حالات توفر موجبات ذلك، أو استبداله من قبل المحكمة في حالة عدم إنجازه للمهمة الموكولة إليه خلال الأجل المحدد.
ب‌-       النقط التي يتم على أساسها استصدار الحكم او القرار التمهيدي بإجراء الخبرة وضرورة تقيد الخبير بها:
          في أفق التأكد من واقعة الاستيلاء على العقار، وتحديد التعويض المناسب لاحتلاله من الجهة المعنية، يتم استصدار أحكاما تمهيدية تتمحور نقطها حول التالي:
- استدعاء الأطراف للخبرة وعدم قيام الخبير بالمهمة إلا بعد التأكد من توصل كافة أطراف النزاع.
- الاستماع إلى الأطراف وتضمين تصريحاتهم في محاضر مستقلة وموقعة ترفق بتقرير الخبرة.
- الانتقال إلى عين المكان ووصف العقار موضوع الاعتداء المادي وصفا دقيقا من حيث الموقع والمساحة والمشتملات.
- التأكد من واقعة تشييد المرفق العمومي فوق العقار وتحديد الجهة المسؤولة وتاريخ تشييد المرفق
- تحديد المساحة المحتلة بكل دقة والغرض المخصصة له القطعة المحتلة قبل وبعد احتلالها مع انجاز تصميم بياني وتوضيحي واخذ صور فوتوغرافية للموقع.
- تحديد قيمة المتر المربع للمساحة المحتلة بتاريخ قيام المرفق مع بيان الأسس المعتمدة في تحديد القيمة........
          هذا ويتعين على الخبير، أن يتقيد بالمسائل التقنية والفنية التي تدخل ضمن مجال اختصاصه،وإذا احتاج أثناء قيامه بمهامه إلى ترجمة شفوية أو كتابية تعين عليه اختيار ترجمان أو اللجوء في الموضوع إلى القاضي أو المستشار المكلف بالقضية.
         وللخبير أيضا، وفي إطار القيام بمهامه تلقي على شكل تصريح عادي كل المعلومات الضرورية، وبيده أيضا صلاحية الانتقال إلى الإدارات العمومية والجهات الخاصة من اجل الحصول على المعطيات الكافية لإنجاز مهمته (الحصول على عناصر للمقارنة لتحديد الثمن).....
         وتجدر الإشارة أخيرا، إلى أن الحكم أو القرار التمهيدي يحدد أيضا قيمة الأتعاب أو الأجرة المستحقة للخبير، والتي ينبغي أن يضعها المعني بالأمر (طالب إجراء الخبرة) داخل اجل معين تحت طائلة صرف النظر عن خبرته، بل اعتبار مطالبه غير مؤطر شكلا وفق ما أكدته المحكمة الإدارية بأكادير في حكمها عدد1226 المشار إليه أعلاه
    ج- ضرورة تقيد الخبير أيضا بقواعد قانون المسطرة المدنية المنظمة للخبرة القضائية:
         إلى جانب ضرورة تقيد الخبير بمقتضيات الحكم أو القرار التمهيدي بإجراء الخبرة، فان الخبرة المنجزة من قبله يجب أن تتم أيضا في إطار القواعد القانونية التي يؤطرها أيضا قانون المسطرة المدنية، وبالرجوع إلى المقتضيات المذكورة، نجد بأنه يتعين على الخبير، إضافة إلى ما سيق ذكره أعلاه، ضرورة التقيد بمقتضيات الفصلين 59 و64 من ق.م.م، إذ تنص المادة 59 على ما يلي:"يحدد القاضي النقط التي تجرى فيها الخبرة، في شكل أسئلة فنية لا علاقة لها مطلقا بالقانون..... يجب على الخبير أن يقدم جوابا محددا وواضحا على كل سؤال فني.»، وتضيف المادة 64 من نفس القانون على ما يلي:" يمكن للقاضي إذا لم يجد في تقرير الخبرة الأجوبة على النقط التي طرحها على الخبير، أن يأمر بإرجاع التقرير إليه قصد إتمام المهمة..."
3- تزامن رفع دعوى الاعتداء المادي على العقار مع سلوك إجراءات نزع ملكيته من قبل الجهة المدعى عليها:
         يتبين أثناء رفع دعوى الاعتداء المادي في مواجهة الجهة الإدارية المعنية، سلوك هذه الأخيرة أو من يمثلها في الأمر لإجراءات نزع ملكية العقار موضوع نفس دعوى الاعتداء، والتساؤل المطروح: كيف يتم التعامل مع هذه الحالة
       - حالة تزامن دعوى الاعتداء المادي مع دعوى التعويض عن نزع الملكية:
           قد يحدث أن يتزامن تاريخ رفع دعوى الاعتداء المادي على العقار، مع سلوك الإدارة لإجراءات نزع الملكية مقابل التعويض عن نفس العقار ووجود ملف مفتوح لهذه الدعوى الأخيرة أمام القضاء الإداري، فكيف يمكن إذن التعامل مع الملفين معا.
        ذهب بعض الفقه إلى القول بوجوب ضم الدعويين معا لبعضهما البعض تفاديا لصدور حكمين مختلفين في موضوع التعويض، في حين ذهب اتجاه أخر إلى القول برفض الضم، وقد تأيد هذا الطرح بعدة قرارات قضائية صادرة عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، منها قرارها الصادر بتاريخ30/6/2011 في الملف عدد130/11/6، الذي جاء فيه:"....بيد انه بالاطلاع على عناصر المنازعة ومعطياتها تبين انه ليس هناك أي موجب لضم هذين الملفين الى بعضهما البعض لاختلاف موضوعهما ما دام أن الأول يتعلق بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمستأنف عليه (المدعي) وذلك في إطار القواعد العامة للتعويض عن الإضرار التي تسببها نشاطات وأعمال أشخاص القانون العام كما هي متفق عليها فقها وقضاء في حين ان الثانية تستهدف أساسا الحكم بنقل الملكية في إطار الضوابط المنصوص عليها في القانون 81/7 المتعلق بنقل الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت وبالتالي اختلاف الإطار القانوني للدعويين، مما تنتفي معه موجبات الضم المطالب به،ويبقى لذلك ما تتمسك به المستأنفة في هذا الصدد غير مؤسس ويتعين رده لهذه العلة" (19)
        ومن وجهة نظرنا، فانه حتى وأمام عدم توفر موجبات الضم في كلا الملفين فان صدور حكمين نهائيين فيهما بالتعويض سيخلق عدة إشكالات تعوق تنفيذ الأحكام باعتبار انه لا يمكن الحكم بالتعويض مرتين مختلفتين.
- حالة تزامن دعوى الاعتداء المادي مع متابعة الإدارة لإجراءات نزع الملكية دون بلوغ المرحلة القضائية لهذه المسطرة الأخيرة:
        وتفسير هذه الحالة بكون الإدارة سلكت إجراءات نزع الملكية، وربما تم استصدار المقرر المعلن للمنفعة العامة دون لجوئها بعد لرفع دعويي الحيازة ونقل الملكية، وموازاة مع ذلك ورغبة من المتضرر في طول الإجراءات يلتجئ إلى رفع دعوى الاعتداء المادي على العقار، فكيف إذن  يمكن التعامل مع هذه الحالة.
        للإجابة على هذا التساؤل، نستعرض موقف القضاء في مثل هذه الحالات:
  - ورد في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالبيضاء بتاريخ 24/11/2010 في الملف عدد168/6/2010، ما يلي: " إحداث سوق أسبوعي فوق عقار مملوك للغير والاحتجاج بنشر مرسوم نزع الملكية دون تفعيله بسلوك الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون7/81 المتعلق بنزع الملكية والاحتلال المؤقت، عمل يكتسي صبغة اعتداء مادي.... نعم. تعويض المتضرر من جراء ذلك..................نعم" . (20)
- كما جاء أيضا في حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 613/2008 بتاريخ 19/11/2008 في الملف عدد 260/2007ش، ما يلي: «وحيث دفعت.... برفض الدعوى على أساس ان عقار المدعي مشمول بتصميم التهيئة الذي يعتبر بمثابة إعلان للمنفعة العامة، وانه صدر مرسوم بتاريخ 10/10/2006 يقضي بنزع ملكية القطعة الأرضية اللازمة لإحداث مدرسة ومنها عقار المدعي...
لكن حيث أن وضع الإدارة يدها على عقار المدعي استنادا لتصميم التهيئة وكذا مرسوم نزع الملكية دون إثباتها لاستكمال مسطرة نزع الملكية القضائية أو الحبية يعتبر اعتداء ماديا على عقار المدعي موجب للتعويض في إطار ما اصطلح عليه بالنزع الغير المباشر للملكية...." (21)
  4- جاهزية القضية واستصدار الحكم
بعد إعداد تقرير الخبرة، وإدلاء الطرفين بمستنتجاتهما حوله، تعتبر المحكمة القضية جاهزة، وحينها تصدر حكما في الموضوع واستنادا أيضا لخلاصات الخبرة المنجزة، إما:
1-  برفض الدعوى موضوعا في حالة عدم ثبوت واقعة الاعتداء المادي، ومن ذلك تأكيد الخبرة لكون عقار المدعي لا يشمل أصلا الجزء المشمول بواقعة الاعتداء المادي أو كون المرفق العمومي مشيد على ارض الجهة المدعى عليها ومؤسس له رسم عقاري والمدعي غير عالم أصلا بعملية التحفيظ أو انه يتقاضى بسوء نية بعلمه تحفيظ العقار الذي يدعيه في اسم الجهة المعتدى عليها......الخ،
2- أو الحكم بتعويض عن الاعتداء المادي، بعد ثبوت موجباته واستنادا أيضا لما توصل إليه الخبير في تقريره وإجابته عن كافة النقط الفنية المتطرق إليها آنفا.

المحورالثالث:الإشكالات الواقعية والقانونية المرتبطة بتنفيذ الحكم النهائي بالتعويض عن الاعتداء المادي

الفرع الاول: الحكم بالتعويض دون نقل الملكية لفائدة الجهة المدعى عليها:

إن المحكمة قد تستجيب لطلب رافع دعوى الاعتداء المادي مع الحكم لفائدته بالتعويض، غير أن تنفيذ هذا الحكم يطرح إشكالات:
 هل سيتم صرف التعويض لفائدة المحكوم لصالحه مع بقاء العقار في ملكيته.
الواقع أن التجربة العملية أثبتت صدور العديد من الأحكام الإدارية تقضي بالتعويض لفائدة المضرور دون نقل الملكية إلى الجهة نازعة الملكية، وفي بادئ الأمر يمكن القول أن مثل هذه الأحكام مؤسسة قانونا أمام عدم دفع الجهة الإدارية بنقل الملكية إليها مقابل الحكم بالتعويض، استنادا لان القاضي لا يمكنه أن يحكم إلا بما طلب منه. إلا أن مسالة تنفيذ مثل هذه الأحكام لا يمكن أن تتم إلا بعد قيام الجهة الإدارية المحكوم ضدها بالتعويض بإبرام محضر الاتفاق بالمراضاة لنقل الملكية إليها مع الطرف المحكوم لصالحه أو لجوئها من جديد إلى تقديم مقال رام إلى نقل الملكية، إلا أن هذا النوع من المقالات ولا محالة سيقابل بالرفض أو عدم القبول لان المطالبة بنقل الملكية لا يمكن أن تتم إلا في إطار قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ( خلال مرحلته القضائية)  أو استنادا لمقال مضاد يقدم خلال المرحلة الابتدائية لدعوى الاعتداء المادي مقابل التعويض
 فالحكم للمعني بالأمر،بالتعويض على الاعتداء المادي الواقع على عقاره، مع بقاء هذا الأخير في اسمه أو تحت ملكيته،  فيه إثراء للطرف الحاصل على التعويض وافتقار للجهة الإدارية التي ستؤدي التعويض عن عقار مع بقائه في ملكية المعوض عنه، بل فيه ضرب لقواعد المحاسبة العمومية والتي تقضي بعدم صرف النفقة الا بعد استيفاء الخدمة.

وفي بادرة من نوعها، سبق للمحكمة الإدارية بالرباط أن حكمت بتعويض عن اعتداء مادي واقع على عقار، وإثناء حكمها أقرت من تلقاء نفسها بنقل الملكية لفائدة الجهة الإدارية مبررة ذلك بتفادي الإثراء بلا سبب لمقيم دعوى الاعتداء المادي وحماية لحقوق الجهة الإدارية المحكوم ضدها بالتعويض.
وهذا الاتجاه تكرس أيضا من خلال قرار لمحكمة النقض ورد فيه :" حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار المطعون فيه، ذلك أن المحكمة قضت بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه ماديا من طرف الطاعنة، ومع ذلك رفضت الحكم بنقل ملكيته لهذه الأخيرة ، خلافا لأحكام الإثراء بلا سبب، المتمثلة في نازلة الحال في إثراء المطلوبة عندما قضي لها بالتعويض المذكور مع احتفاظها بملكية نفس العقار موضوع الحكم بالتعويض، وافتقار الطاعنة لما حرمت من انتقال ملكية نفس العقار إليها، مما شكل افتقارا يقابله إثراء مباشر وتقوم علاقة سببية مباشرة تتمثل في واقعة واحدة هي السبب المباشر لكل منهما، وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم تنتقل ملكيته إلى من حكم عليه بدفعه، وهو الطالبة المفتقرة، فكان بذلك القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه الأخيرة والحال ما ذكر، فاسد التعليل ومعرضا للنقض" . (22)

الفرع الثاني: صدور حكم بالتعويض نتيجة الاعتداء المادي على عقار غير محفظ يجعل المطالبة بتحفيظه في إطار المسطرة العادية في حياد عن مبدأ التطهير:

        من المعلوم أن متابعة إجراء عمليات التحفيظ في اسم الجهة الإدارية التي صرفت التعويض عن عقار غير محفظ، يطرح إشكالات متعددة باعتبار أن تقديم مطلب التحفيظ بخصوص ذلك العقار الأيل إليها ، سيتم في إطار المسطرة العادية للتحفيظ وليس في نطاق الفصل37 من قانون نزع الملكية، في حياد عن مبدأ التطهير الذي يتمتع به العقار في إطار المسطرة الخاصة للتحفيظ، ومن ثمة  فتقديم المطلب ضمن المسطرة العادية سيفتح باب التعرضات التي ستقدم من قبل الاغيار( غير الطرف رافع دعوى الاعتداء المادي) وفي حالة صدور أحكام نهائية بصحة تلكم التعرضات ستجد الإدارة أو الجهة المعنية نفسها أمام دعوى ثانية من اجل التعويض وستكون ملزمة بدفع تعويض أخر لصالح الطرف المتعرض.

المحورالرابع: مدى مساهمة القضاء الإداري في حماية طرفي دعوى الاعتداء المادي مقابل التعويض

لا ريب في أن واقعة استيلاء الإدارة على عقار تعود ملكيته للخواص، دون إتباع الإجراءات القانونية اللازمة وإحداث مرفق عمومي على ذلكم العقار، يجعلنا أمام وضع تتعارض من خلاله مصلحتان عامة وخاصة، الأولى مرتبطة بإنشاء المرفق وعدم إمكانية الحكم بهدمه على اعتبار كونه مشيد في إطار ميزانية عمومية  والهدف منه النفع، والمصلحة الثانية فهي تتجلى في حق الملكية المصون دستورا وقانونا.
       وحري بالذكر، أن  توازن المصلحتين العامة والخاصة ومراعاة الحفاظ على المال العام  يفرض أنه في حالة صيرورة المنشأة التي أحدثت على عقار الغير من قبيل  الاستيلاء أو عدم إتباع الإجراءات القانونية لنزع الملكية،  مرفقا عاما يستفيد منه العموم حسب  الغاية التي احدث من اجلها،  يفرض أن هذا الوضع يجعل من طلب الطرد ورفع الاعتداء  بمثابة دعوى غير مؤسسة ، استنادا  لمبدأ "إن المنشأة العامة متى أحدثت بشكل غير سليم لا يمكن هدمها"، وذلك تجنبا لما قد سيترتب على الوضع من  تعطيل  الخدمة التي سيؤديها المرفق العام، وهذا المقتضى يساير أيضا المبدأ المعروف في الفقه الإسلامي الذي يقضي برفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر، بشكل دفع محكمة النقض المغربية إلى تأسيس توجه في هذا المنحى بناء على مقتضيات المادة25 من ق م م الذي يمنع على المحاكم عرقلة عمل السلطات العمومية. (23)
      من ثمة ، يكون المال العام الذي أنفق على المنشأة وتقدير حجمها وأهميتها وما أسفر عنه كل ذلك من إحداث مرفق ينتفع منه العموم ويرتادونه يمنع من هدم تلك المنشأة ويحول دون رفع الاعتداء وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، لذا ولهذه الغاية فإن حق مالك العقار موضوع الاعتداء يتحول إلى تعويض كامل فقط، .
      هذا، وقد دأب القضاء ألاستعجالي بدوره على رفض طلبات الاعتداء المادي وإيقاف الأشغال في مثل نفس الحالات، ويترتب على ذلك في المقابل أنه إذا ما ثبت أن الأشغال لا زالت في بدايتها أو في المرحلة التحضيرية لها لم يترتب عنها بعد إنشاء أية منشاة، فإن إيقاف الأشغال ورفع الاعتداء أمر محمود لما في ذلك من حماية للمال العام وحماية العقار من إحداث تغييرات جذرية تغير معالمه ويصعب تداركها. (24)
      ومن جانب أخر، فتقدير قيمة التعويض عن الاعتداء المادي يأخذ فيها أيضا  بعين الاعتبار مراعاة  مصالح طرفي الدعوى، فالقاضي الإداري يراعي جانب تمكين رافع الدعوى من تعويض عادل عن فقد عقاره من جهة استنادا سواء من خلال خلاصات الخبرة التي تجرى لتحديد التعويض أو استنادا أيضا للسلطة التقديرية للمحكمة في الموضوع،   وبالمقابل يراعى كذلك عنصر عدم الغلو في التعويض المحكوم به حماية للمال العام من جهة ثانية.
      ومن ناحية ثالثة وكما سبق سرد ذلك أعلاه، فانه من غير المعقول الحكم التعويض لرافع دعوى الاعتداء المادي وأداء الجهة الإدارية المعتدية لقيمة ذلكم التعويض بعد صيرورة الحكم نهائيا في مواجهتها، دون أن تنقل أليها ملكية العقار موضوع الاعتداء لما في ذلك من حصول إثراء لطالب التعويض وافتقار للجهة الإدارية المعنية ،(25) بشكل أو بأخر يمس بمبدأ توازن مصالح الأطراف ، ومن ثمة تدخل القضاء الإداري لإقرار التوازن المذكور من خلال الاجتهادات القضائية المتطرق أليها سابقا، أضف إلى ذلك ان البحث في الجوانب الشكلية لدعوى الاعتداء  المادي ومنها صفة رافع الدعوى ومدى تملكه للعقار يساهم أيضا في حماية مصالح أطراف الدعوى خاصة الجهة الإدارية المدعى عليها ،  إذ لا يمكن تصور الحكم بتاتا بالتعويض لفائدة شخص لا يملك العقار أصلا آو ليس لديه أي موجب أو سند يبرر تملكه للعقار.

                                             خاتمة:
      إن الحديث عن نظرية  الاعتداء المادي على الملكية العقارية، مرتبط أساسا بحق من الحقوق المصونة دستورا وقانونا، ومسالة فقد الملكية نتيجة الاستيلاء وعدم إتباع الإجراءات المتطلبة  وان كان المغزى منه مرتبط بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، فهو لصيق أيضا بمبدأ عدم حرمان الشخص من عقاره نتيجة تخصيصه لمشروع ذو نفع عام دون تمكين هذا الشخص من تعويض عادل ومناسب لحقه الذي فقده.
         وهذا البحث المتواضع الذي أبرزنا من خلاله الجوانب الشكلية والموضوعية لرفع دعوى الاعتداء المادي على الملكية العقارية، لم نستهدف من خلاله فقط سرد هذه الجوانب و الوقوف عليها دون أن يكون المغزى من ذلك إبراز مدى ارتباط الأمر بحماية حقوق ومصالح الطرفين المتنازعين إذ لا يمكن بتاتا الحكم بالتعويض لفائدة طرف سيء النية ليست له الصفة و لا الحجة في رفع الدعوى، ومن جانب أخر لا يمكن صرف التعويض لرافع دعوى الاعتداء المادي ما لم يتم الحكم بنقل الملكية للإدارة ( المعتدية ماديا) لما في ذلك من مس بمصالحها وبالمال العام
       ومهما اختلف الفقه والقضاء في معالجة هذه الأمور و الأخذ باتجاه معين، فان الأحكام القضائية  في نهاية المطاف ينبغي أن تنصب في اتجاه حماية مصالح كل طرف على حدة ، على اعتبار أن  قواعد العدل والإنصاف تتجاوز التطبيق الحرفي للنص القانوني في بعض آو جل الحالات، وهذه هي الغاية المتوخاة من صدور و وتنفيذ الأحكام القضائية.
 
                                الهوامش

1-        حق الملكية حق مقدس لا يمكن مسه إلا لغرض المصلحة العامة، وهو ما أكده دستور المملكة( الفصل 35 منه)، وتضمنته كذلك مختلف التشريعات المنظمة للعقار:قانون نزع الملكية ( المادة 1) - مدونة الحقوق العينية( المادة 23).
2-        مصطفى كيرة، نظرية الاعتداء المادي في القانون الإداري، دار النهضة العربية، يناير1964، ص37.
3-        أمال المشرفي، نظرية الاعتداء المادي للإدارة في العمل القضائي للمحاكم الإدارية بين التطور والتراجع" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد47، سنة2004، ص35.
4-        مجلة المحاكم المغربية، عدد86، ص190
5-        مقال الاعتداء المادي في القانون المغربي، الرشدي لحسن، ماستر القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات الترابية 2010-2011.
6-        قرار منشور بالموقع الالكتروني jurispridence.ma
7-        حكم غير منشور
8-        حكم غير منشور
9-          حكم غير منشور.
10-     قرار محكمة النقض عدد91 بتاريخ28/02/2007 في الملف الاداري عدد1764/4/3/2006.
11-     حكم غير منشور
12-     حكم غير منشور
13-     حكم منشور بالموقع الالكتروني jurispridence.ma
14-     حكم غير منشور
15-     حكم غير منشور.
16-     حكم غير منشور
17-     حكم غير منشور
18-     حكم منشور بالموقع الالكتروني jurispridence.ma
19-     قرار مشار إليه ضمن مقال الحماية القضائية لحق الملكية-ذ/انوار شقروني مستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط،مجلة المحاكم الإدارية العدد5، إصدار خاص يناير2017.
20-     حكم غير منشور
21-     حكم غير منشور
22-     قرار محكمة النقض عدد 316 بتاريخ 21/04/2011 في الملف الإداري عدد 471/4/2/2009، غير منشور.
23-     ذ/ عبد الحق اخو الزين- دور القضاء الإداري في حماية المال العام، مقال منشور بالموقع الالكتروني: http//droitagadir.blogspot.com
24-     ذ/ عبد الحميد حمداني، العمل القضائي في مجال الغصب ونقل الملكية، رسالة المحاماة، العدد27.
25-     في حالة رفع دعوى الاعتداء المادي مقابل التعويض على الجهة الإدارية المعنية، يتعين على هذه الأخيرة وأثناء النظر في الدعوى في المرحلة الابتدائية الإدارية المطالبة بنقل الملكية لفائدتها  عن طريق تقديم مقال مضاد ، لان عدم القيام بهذا الإجراء إلا خلال مرحلة الاستئناف سيعتبره القضاء طلبا جديدا يحضر النظر فيه طبقا للفصل3 من ق.م.م.
التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016