تابعونا على الفيسبوك

Disqus

الحبس المؤقت كإجراء استثنائي لتقييد حرية المتهم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الحبس المؤقت كإجراء استثنائي لتقييد حرية المتهم


ركاب أمينة
أستاذة  في قانون عام معمق
جامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان –الجزائر-

ملخص:
يعتبر الحبس المؤقت بمثابة إجراء لتقييد حرية المتهم قبل صدور حكم نهائي في الدعوى، يمكن اللجوء إليه استثناء، في حالة ما إذا استحال تطبيق بدائل الحبس المؤقت، بهدف تحقيق العدالة الجنائية.
الكلمات المفتاحية:
الإفراج، الرقابة القضائية، الحبس المؤقت، قاضي التحقيق، المتهم .
Summary:
Preventive detention is a measure to restrict freedom of the accused before a final judgment in the trial may use an exception in the case of whether the impossible alternatives of temporary confinement to the application, in order to achieve justice criminal.
Keywords:
bail, judicial review, preventive detention, judge, accused.



مقدمة
تعتبر الحرية الفردية بمثابة حق أساسي للأفراد يقتضي الأمر حمايتها من أية تجاوزات، وضمان ممارستها بشكل لائق، ولهذا تعمل معظم المجتمعات على تحقيق الموازنة بين المصلحة العامة من أجل الوصول إلى عدالة جنائية فعالة، والمصلحة الخاصة من خلال تدعيم حريات الأفراد، خاصة في ظل وجود بعض القواعد الإجرائية التي قد تقيد ممارسة الحقوق الأساسية للفرد بحرية، ومنها إجراء الحبس المؤقت الذي يعد أخطر الإجراءات الماسة بحرية الإنسان.
وتكمن خطورة الحبس المؤقت على حرية الفرد في اعتباره إجراء يؤدي إلى سلب حرية المتهم قبل المحاكمة، رغم أن الأصل في إيداع المتهم الحبس أنه جزاء جنائي لا يوقع إلا بمقتضى حكم قضائي بالإدانة، ومع ذلك نجد أن معظم التشريعات أقرته كإجراء ضروري تفرضه طبيعة وخطورة الجريمة، لكن في الوقت ذاته أكدت على طابعه الاستثنائي ووضعت شروط لابد من توافرها عند إصداره، وهذا ما أكد عليه المؤسس الدستوري الجزائري بموجب تعديل 2016 [1] والمشرع بموجب الأمر رقم 15-02 [2]حماية لحقوق وحريات الأفراد.
وتبعا لذلك إلى أي مدى يمكن اعتبار الحبس المؤقت إجراء استثنائيا ؟
وللإجابة على هذه الإشكالية سوف نقسم هذا البحث إلى:
المطلب الأول: الطابع الاستثنائي لإجراء الحبس المؤقت
المطلب الثاني: شروط إيداع المتهم الحبس المؤقت
المطلب الثالث: انتهاء مدة الحبس المؤقت



المطلب الأول: الطابع الاستثنائي لإجراء الحبس المؤقت
أقر المشرع اللجوء لإجراء الحبس المؤقت كآخر خيار، إذا استحال تطبيق أحد بدائله واعتبر الإجراء الوحيد لتحقيق العدالة الجنائية.
الفرع الأول: الإفراج عن المتهم
تبعا لقاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولا يجوز إيداعه الحبس المؤقت إلا بمقتضى حكم قضائي بالإدانة، فإنه إذا رأى قاضي التحقيق أن الوقائع لا تستدعي حبس المتهم وأن إطلاق سراحه لا يشكل أي عائق أمام كشف الحقيقة، فإنه تبعا لذلك يتم الإفراج عن المتهم أثناء إجراءات التحقيق القضائي استنادا لنص المادة 123 الفقرة1 من قانون الإجراءات الجزائية، ولا يجوز إخضاعه لأي تدبير من شأنه التقييد من حريته، وأي إجراء يؤدي إلى سلب حرية المتهم دون أسباب جدية قبل المحاكمة يؤدي إلى اصطدامه بمبدأ قرينة البراءة التي يتمتع بها أمام القانون .
الفرع الثاني: إخضاع المتهم للرقابة القضائية
يعتبر هذا التدبير إجراء بديل عن اللجوء للحبس المؤقت، ويتخذه القاضي كضمان لمثول المتهم أمام القضاء طبقا لما ورد في نص المادة 123 الفقرة2 من قانون الإجراءات الجزائية، وفي هذه الحالة على قاضي التحقيق مراعاة إخضاع المتهم لتدبير أو أكثر من تدابير الرقابة القضائية المنصوص عليها في المادة 125 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية، بما يتناسب مع شخصية الجاني وتحقيق الغرض من توقيعها بما له من سلطة تقديرية.
الفرع الثالث: إيداع المتهم الحبس المؤقت
باعتبار إجراء الحبس المؤقت إجراء خطير يمس قرينة البراءة، فإن المشرع ترك اللجوء لهذا الإجراء كآخر خيار، وهذا ما يستخلص من نص المادة 123 الفقرة3 من قانون الإجراءات الجزائية:"إذا تبين أن هذه التدابير غير كافية يمكن بصفة استثنائية أن يؤمر بالحبس المؤقت".
وعليه حسب نص المادة لا يجوز اللجوء مباشرة لإجراء الحبس المؤقت، إلا بعد محاولة تطبيق أحد التدابير السالفة الذكر، وفي حالة ملاحظة أن اتخاذ هذه التدابير غير مجدية ولا تف بالغرض من اللجوء إليها، يمكن استثناء الأمر بإيداع المتهم الحبس المؤقت.
ومع أن المشرع قد قيد الأمر بالحبس المؤقت بجعله مقترنا بتوافر الضرورات السابق ذكرها، وفي حال انعدامها فلا خيار أمام قاضي التحقيق سوى الاختيار بين فرض التزامات الرقابة القضائية على المتهم، أو الإفراج عنه، وهذا ما تم النص عليه في المادة123 الفقرة4 من قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثاني: شروط إيداع المتهم الحبس المؤقت
باعتبار إجراء الحبس المؤقت إجراء خطير واستثنائي، فقد قيده المشرع بضرورة توفر عدة شروط:
الفرع الأول: تسبيب أمر إيداع المتهم الحبس المؤقت
باعتباره إجراء يتعلق بتقييد حرية الفرد، يقتضي الأمر أن يكون مسببا ومبنيا على إحدى الحالات التي تم تحديدها في نص المادة 123مكرر من قانون الإجراءات الجزائية، ألا وهي:
- انعدام موطن مستقر للمتهم أو عدم تقديمه ضمانات كافية للمثول أمام القضاء أو كانت الأفعال جد خطيرة.
- أن الحبس المؤقت هو الإجراء الوحيد للحفاظ على الحجج أو الأدلة المادية أو لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا، أو لتفادي تواطؤ بين المتهمين والشركاء، والذي قد يؤدي إلى عرقلة الكشف عن الحقيقة.
- أن الحبس ضروري لحماية المتهم أو وضع حد للجريمة، أو الوقاية من حدوثها من جديد.
- عدم تقيد المتهم بالالتزامات المترتبة على إجراءات الرقابة القضائية دون مبرر جدي.
وعليه إن مبررات الحبس المؤقت يجب أن لا تخرجه عن وظيفته الأساسية، بأن يجعل منه إجراءا أمنيا فيحوله عن طبيعته، ويصبح تدبيرا احترازيا فيكون بذلك في مصاف العقوبات، ويصبح إجراء فاصل في مشكلة معينة هي خطورة المتهم[3].
ومتى قرر قاضي التحقيق إيداع المتهم الحبس المؤقت، يبلغه بأمره شفاهة وينبهه بأن له أجل 3 أيام لإجراء استئنافه، مع الإشارة إلى هذا التبليغ في المحضر وفق المادة 123مكرر الفقرة2 و3 من قانون الإجراءات الجزائية.
الفرع الثاني: مدة الحبس المؤقت
تختلف مدة الحبس المؤقت بحسب ما إذا كانت الجريمة جنحة أو جناية.
أولا: في مواد الجنح: نميز بين:
- مدة الحبس المؤقت شهر غير قابلة للتجديد طبقا لنص المادة 124 من قانون الإجراءات الجزائية، حيث يخلى سبيل المحبوس فيها تلقائيا بعد انقضائها، ويشترط في هذه الحالة أن يكون المتهم مقيم بالجزائر، وارتكابه لجرائم ترتبت عنها وفاة شخص أو مساس بالنظام العام، وأن يكون الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هو الحبس لمدة لا تفوق 3سنوات.
- مدة الحبس المؤقت 4 أشهر كأصل عام، هذا ما يستخلص من نص المادة 125 الفقرة1 من قانون الإجراءات الجزائية :"في غير الأحوال المنصوص عليها في المادة 124، لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس المؤقت أربعة أشهر في مواد الجنح"، وعليه هذه المدة تكون في حالة إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا هو الحبس لمدة تفوق 3سنوات.
إلا أنه هناك استثناء إذ يجوز تمديد مدة الحبس المؤقت في مواد الجنح لمرة واحدة فقط طبقا لنفس المادة السابقة الفقرة2، وذلك في حالة ما إذا تبين لقاضي التحقيق أنه من الضروري إبقاء المتهم محبوس، وبعد أخذ رأي وكيل الجمهورية المسبب، ثم يتم إصدار أمر مسبب بتمديد مدة الحبس المؤقت من قبل قاضي التحقيق.
ثانيا: في مواد الجنايات: نميز بين:
- في حالة الجنايات المعاقب عليها بأقل من عشرين (20) سنة سجنا: المبدأ أن المدة الدنيا للحبس المؤقت في مادة الجنايات هي 4أشهر، وهذا في الجرائم التي تكون عقوبتها أقل من 20 سنة سجنا، وفي حالة الضرورة يجوز لقاضي التحقيق استنادا إلى عناصر الملف وبعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية المسبب أن يصدر أمرا مسببا بتمديد الحبس المؤقت مرتين لمدة 4أشهر في كل مرة، لتصبح المدة القصوى التي يستطيع قاضي التحقيق أن يأمر بها هي 12شهرا طبقا لنص المادة 125-1 الفقرة 1 من قانون الإجراءات الجزائية.
- في حالة الجنايات المعاقب عليها بمدة تساوي أو تفوق عشرين (20) سنة أو بالسجن المؤبد أو بالإعدام: طبقا لما ورد في نص المادة 125-1 الفقرة2 و3 من قانون الإجراءات الجزائية فإنه إذا تعلق الأمر بهذا النوع من الجنايات، فإن تمديد الحبس يمكن أن يصل إلى 3مرات، لمدة 4أشهر في كل مرة، مما يعني أن المدة القصوى للحبس المؤقت التي يجوز لقاضي التحقيق الأمر بها هي 16شهرا.
- كما يمكن استثناء تمديد مدة الحبس المؤقت من قبل غرفة الاتهام: وذلك في حالتين:
* الحالة1: يمكن لقاضي التحقيق تقديم طلب تمديد مدة الحبس المؤقت لغرفة الاتهام في أجل شهر قبل انتهاء المدد القصوى للحبس وفق المادة 125-1 الفقرة4 من قانون الإجراءات الجزائية، من خلال إرسال طلب مسبب وأوراق الملف للنيابة العامة، حيث يقوم النائب العام بتحضير الملف خلال 5أيام كحد أقصى من تاريخ الاستلام، ويقدمها مع طلباته لغرفة الاتهام، على أن تصدر هذه الأخيرة قرارها قبل انتهاء مدة الحبس الجاري وفق نفس المادة الفقرة5 و6 من قانون الإجراءات الجزائية.
وعليه في حالة ما إذا قررت غرفة الاتهام عدم تمديد مدة الحبس المؤقت، يقوم النائب العام بتبليغ الخصوم ومحاميهم بموجب رسالة موصى عليها تاريخ النظر في القضية بالجلسة، على أن يتم التبليغ قبل تاريخ الجلسة ب 48ساعة كحد أدنى وفق الفقرة 7 من قانون الإجراءات الجزائية.
ويودع أثناء هذه المهلة ملف القضية بكتابة ضبط غرفة الاتهام، ويكون تحت تصرف محامي المتهمين والمدعين المدنيين وفق نفس المادة الفقرة 8 من قانون الإجراءات الجزائية.
أما في حالة ما إذا قررت غرفة الاتهام تمديد مدة الحبس المؤقت، يكون هذا التمديد لمرة واحدة ولمدة 4أشهر وفق المادة السابقة الفقرة10 من قانون الإجراءات الجزائية.
أما إذا قررت غرفة الاتهام مواصلة التحقيق وعينت قاضي تحقيق، وكانت مدة الحبس المؤقت على وشك الانتهاء، فعليها الفصل في التمديد ضمن الحدود القصوى المبينة سابقا، وهذا الأمر ينطبق حتى عندما يصبح قاضي التحقيق المعين مختصا بتمديد الحبس المؤقت أي يتقيد بنفس الحدود القصوى المذكورة سابقا وفق نفس المادة الفقرة 11 و12 من قانون الإجراءات الجزائية.
* الحالة2: يجوز لقاضي التحقيق تقديم طلب تمديد مدة الحبس المؤقت وفق المادة 125 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية، وذلك في حالة إجرائه لخبرة أو اتخاذه إجراءات لجمع أدلة كأساليب التحري الخاصة (التسليم المراقب، المراقبة الالكترونية، التسرب)، أو لأجل تلقي شهادات خارج التراب الوطني، على أن يكون طلب التمديد في أجل شهر قبل انتهاء المدد القصوى للحبس المؤقت، وذلك وفق نفس الإجراءات السالفة الذكر والواردة في الفقرات 5، 6، 7، 8 من المادة 125-1 من قانون الإجراءات الجزائية .
وفي حالة ما إذا قررت غرفة الاتهام تمديد مدة الحبس المؤقت، يجوز لها التمديد لمدة 4أشهر قابلة للتجديد 4مرات، وذلك قبل انتهاء مدة الحبس الجاري.
ونفس الأحكام السارية في الفقرتين 11 و12 من المادة 125-1 من قانون الإجراءات الجزائية تسري في هذه الحالة.
الفرع الثالث: الجهات المختصة بإيداع المتهم الحبس المؤقت
تعددت الجهات القضائية التي لها صلاحية إيداع المتهم الحبس المؤقت، وتختلف بحسب المرحلة التي يكون بصددها المتهم .
أولا: قاضي التحقيق
يعتبر قاضي التحقيق المؤهل الأول لإصدار أمر الحبس المؤقت، فقد خوله المشرع في هذا الصدد مجموعة من الصلاحيات حيث نصت المادة 68/1 من قانون الإجراءات الجزائية:"يقوم قاضي التحقيق وفقا للقانون، باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة..." والتي من بينها إجراء الحبس المؤقت بموجب نص المادتين 109/1 وم123 من قانون الإجراءات الجزائية.
ثانيا: غرفة الاتهام
باعتبارها درجة ثانية من درجات التحقيق يمكنها إصدار أمر بالحبس المؤقت في عدة حالات:
- الحالة الأولى: استئناف النيابة لأمر قاضي التحقيق الرامي إلى رفض طلب الإيداع، وعليه يمكنها أن تبطل أمر الرفض وتصدر أمر بالحبس المؤقت وفق ما ورد في نص المادة 192 الفقرة1 من قانون الإجراءات الجزائية.
أما في الحالة العكسية فإذا قضت غرفة الاتهام بالإفراج عن المتهم، معدلة بذلك أمر قاضي التحقيق بحبس المتهم مؤقتاً، فلا يجوز لهذا الأخير أن يصدر أمراً جديدا بحبس المتهم مؤقتاً بناء على أوجه الاتهام عينها، إلا في حالة ما إذا قامت غرفة الاتهام بناء على طلب كتابي من النيابة العامة بسحب حق المتهم من الانتفاع بقرارها حسب نص المادة 131 الفقرة4 من قانون الإجراءات الجزائية.
- الحالة الثانية: لغرفة الاتهام حق إصدار أمر بالحبس المؤقت ضد المتهم المفرج عنه في حالة عدم الاختصاص، وذلك حتى ترفع الدعوى للجهة القضائية المختصة وفق نص المادة 131 الفقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية.
ثالثا: رئيس غرفة الاتهام
إذا كانت غرفة الاتهام قد أصدرت من قبل قرارا بأن لا وجه للمتابعة وظهرت أدلة جديدة، فإن لرئيسها بمفرده له حق إصدار أمر بالقبض على المتهم وإيداعه الحبس المؤقت ريثما تنعقد غرفة الاتهام، وفق المادة 181 من قانون الإجراءات الجزائية.
رابعا: وكيل الجمهورية
يجوز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بإيداع المتهم الحبس المؤقت بموجب المادتين 59 و117 الفقرة3، لكن بشروط:
 - أن يكون المتهم ألقي القبض عليه متلبسا بجريمة أو لم يقدم الضمانات الكافية لمثوله من جديد أمام القضاء.
- أن تكون الجريمة المتابع من أجلها المتهم جنحة ومعاقب عليها بالحبس.
- أن لا يكون قاضي التحقيق قد أخطر بالحادث أو أن يكون وكيل الجمهورية نفسه قد قام شخصيا باستجواب المتهم استجوابا رسميا عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه.
- أن يحدد جلسة للمتهم يحيله ليحاكم خلال مدة لا تتجاوز 8أيام.
- ألا تكون الجريمة من الجرائم الواردة في م59/4ق.إ.ج[4].
لكن بعد إجراء تعديل الأمر 15-02 قام المشرع بإلغاء إجراء التلبس وإقرار إجراء المثول الفوري للمتهم أمام هيئة المحكمة بموجب المادة 339 مكرر إلى 339 مكرر7 من قانون الإجراءات الجزائية، وبذلك قلص المشرع من صلاحية وكيل الجمهورية في الحبس المؤقت.
خامسا: قضاء الحكم
يملك كل من قضاة الحكم الجزائي في المحكمة الابتدائية وبالمجلس القضائي سلطة إصدار أمر الحبس المؤقت، وذلك في الحالات التالية:
- حالة إحالة المتهم على المحكمة بطريق المثول الفوري، وقررت المحكمة تأجيل القضية يمكنها الأمر بإيداع المتهم الحبس المؤقت وفق المادة 339 مكرر6 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة عدم الامتثال أي إذا استدعي المتهم للحضور بعد الإفراج عنه مؤقتا (كان محبوسا مؤقتا) ولم يمتثل، وظهور ظروف جديدة أو خطيرة تستدعي حبسه مجددا وفق المادة 131 الفقرة2 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة الإخلال بنظام الجلسة: إذا حدث بالجلسة أن أخل أحد الحاضرين بالنظام بأية طريقة كانت فللرئيس أن يأمر بإبعاده من قاعة الجلسة، وإذا حدث خلال تنفيذ هذا الأمران لم يمتثل له أو أحدث شغبا صدر في الحال أمر بإيداعه السجن إلى غاية موعد محاكمته طبقا للمادة 295 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة الحكم بعدم الاختصاص: نص المشرع صراحة على سلطة المحكمة و المجلس القضائي في إصدار أمر بإيداع المتهم الحبس المؤقت أو بالقبض عليه إذا حكم بعدم الاختصاص في القضية المطروحة أمامها لأنها تحمل وصف جناية وفق المادتين 362 و437 من قانون الإجراءات الجزائية .
- حالة الحكم بأكثر من عام حبس: يجوز للقاضي إذا تعلق الأمر بجنحة وكانت العقوبة المقضي بها لا تقل عن سنة حبس إيداع المتهم الحبس بموجب المادة 358 من قانون الإجراءات الجزائية.
وأمر الإيداع أو الصادر عن رئيس غرفة الاتهام أو عن قضاة الحكم سواء على مستوى الدرجة الأولى أو ثانية بأنه ذو أثر مستمر وليس له أجل محدد في القانون.
فمدة الحبس المأمور بها في م181ق.إ.ج غير محددة بزمن معين ولا تنقضي إلا بانعقاد غرفة الاتهام للنظر في الأدلة الجديدة المقدمة إليها من النائب العام.
أما مدة الحبس المأمور بها في م358ق.إ.ج غير محددة بزمن ولا تنقضي إلا بانقضاء مدة العقوبة أو بإلغاء أمر القبض أو أمر الإيداع من المحكمة التي أصدرته، وذلك عندما تعاد إليها القضية للنظر فيها من جديد بسبب الطعن بالمعارضة على أثر حكم غيابي.
أما مدة الحبس المأمور بها في م362-437ق.إ.ج فإنها لا تقضي إلا بانقضاء العقوبة أو بالأمر بالإفراج من الجهة القضائية المختصة. 
سادسا: قاضي الأحداث
يمنع على قاضي الأحداث إيداع الطفل الذي يكون سنه أقل من 13 سنة الحبس المؤقت، وحتى الذي يتراوح سنه بين ثلاث عشرة سنة إلى ثماني عشرة سنة، إلا إذا كان هذا الإجراء ضروريا واستحال اتخاذ أي إجراء آخر وفق المادة 72 من قانون حماية الطفل[5].
المطلب الثالث: انتهاء مدة الحبس المؤقت
تنتهي مدة الحبس المؤقت إما بالإفراج المؤقت أو عن طريق الإفراج بقوة القانون.
الفرع الأول: الإفراج المؤقت
القاعدة أن السلطة المختصة بالأمر بالحبس المؤقت هي السلطة المخولة بوضع حد له و إنهاءه، وذلك بالإفراج عن المتهم بالرغم من عدم انتهاء إجراءات التحقيق.
يمكن الإفراج عن المتهم بقرار من قاضي التحقيق في الحالات التالية:
- يجوز لقاضي التحقيق أن يأمر بالإفراج عن المتهم إذا كان هو الآمر بحبسه مؤقتا (أي الإفراج يكون جوازيا وليس لازما بقوة القانون)، أو كان وكيل الجمهورية هو الآمر به إذا باشرت النيابة العامة التحقيق قبل أن يندب قاضي التحقيق للقيام به، ويسري هذا الحكم على القاضي المندوب للتحقيق التكميلي وفق المادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية.
- كما يمكن أن يفرج قاضي التحقيق عن المتهم دون تدخل منه، و ذلك بناء على طلب وكيل الجمهورية فهذا الأخير له الحق بموجب نفس المادة الفقرة2 في أن يطلب من قاضي التحقيق الإفراج عن المحبوس مؤقتا، وعلى قاضي التحقيق البث في هذا الطلب خلال 48 ساعة، وفي حالة عدم البث يفرج عن المتهم في الحين.
- وقد خول المشرع للمتهم أو محاميه الحق في طلب الإفراج من قاضي التحقيق في كل وقت بموجب نص المادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية، على أن يتعهد بموجبها المتهم المفرج عنه بحضور جميع إجراءات التحقيق أو المحاكمة في حال استدعائه بالطريق القانوني وأن يلتزم بإخطار قاضي التحقيق بكل تنقلاته وفق المادة126 من قانون الإجراءات الجزائية، وأن يلتزم بتسليم نفسه إلى السجن قبل يوم واحد على الأقل من يوم الجلسة، سواء لم يحبس مطلقا أثناء التحقيق أو أفرج عنه بعد حبسه مؤقتا وهذا الشرط أدرجه المشرع ضمن نص المادة 137 من قانون الإجراءات الجزائية، وقد يقدم كضمان مقابل الإفراج عنه بكفالة مالية إن كان المحبوس مؤقتا أجنبيا وفق المادة 132 من قانون الإجراءات الجزائية، وسلطة فرض الكفالة ممنوحة لجهة الحكم المختصة بنظر الجنح المتلبس بها وفق م339 من قانون الإجراءات الجزائية.
كما يجوز الإفراج عن المتهم بقرار من غرفة الاتهام في الحالات التالية:
خول المشرع لغرفة الاتهام صلاحية الإفراج عن المتهم بعد استطلاع رأي النيابة العامة، وذلك بموجب نص المادة 186 من قانون الإجراءات الجزائية.
وتختص غرفة الاتهام في الفصل في طلبات الإفراج في الحالات التالية:
-  في حال لم يبث قاضي التحقيق في طلب الإفراج المقدم له من قبل المتهم في المدة المحددة فللمتهم في هذه الحالة أن يرفع طلبه مباشرة إلى غرفة الاتهام التي تصدر قرارها فيه بعد الإطلاع على الطلبات الكتابية للنائب العام، وذلك في أجل ثلاثين يوما( 30 )  من تاريخ الطلب، وإلا أفرج تلقائيا عنه ما لم تقرر غرفة الاتهام إجراء تحقيقات متعلقة بطلب الإفراج وفق المادة 127 من قانون الإجراءات الجزائية.
- في حالة الطعن بالاستئناف لدى غرفة الاتهام في قرار قاضي التحقيق برفض طلب الإفراج المقدم من المتهم أو محاميه وفق المادة 172/1 من قانون الإجراءات الجزائية.
- في حالة إجراء تحقيق تكميلي في مواد الجنايات قبل إحالة الدعوى على محكمة الجنايات، وفي الفترات الواقعة بين دورات انعقاد محكمة الجنايات المادة 128/4 من قانون الإجراءات الجزائية.
- في حالة القضاء بعدم الاختصاص في الموضوع أو لم ترفع القضية إلى أي جهة قضائية وفق المادة 128 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية.
وكذلك في حالة إحالة القضية إلى المحكمة فإن الجهة المختصة بالنظر في طلب الإفراج هي المحكمة باعتبارها الجهة التي يوجد بين يديها ملف القضية و صاحبة الاختصاص في قبول طلب الإفراج من عدمه عند تقديم الطلب إليها وهذا ما نصت المادة 128 الفقرة1 من قانون الإجراءات الجزائية.
والغرفة الجزائية بالمجلس القضائي متى استأنفت القضية أمامها، وكان المتهم محبوسا مؤقتا، كما تكون صاحبة اختصاص أيضا إذا طعن في قرارها بالنقض لكونها آخر جهة قضائية نظرت في الموضوع وفق المادة 128/5 من قانون الإجراءات الجزائية.
وكذلك الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا في حالة الطعن بالنقض في حكم محكمة الجنايات وفق م128/6 من قانون الإجراءات الجزائية.
الفرع الثاني: انتهاء الحبس المؤقت بقوة القانون
ينتهي الحبس المؤقت ويتم إخلاء سبيل المتهم بقوة القانون، متى استوفى الشروط القانونية:
تلتزم جهات النيابة بإخلاء سبيل المتهم في حالة إحالة المتهم على المحكمة عن طريق إجراء التلبس، وانتهاء مدة 8أيام ولم يتم محاكمة المتهم، هذا الإجراء طبعا كان قبل تعديل الأمر 15-02.
تلتزم جهات التحقيق بإخلاء سبيل المتهم في الحالات التالية:
- انتهاء مدة الحبس المؤقت في الجنح والجنايات المذكورة سابقا.
- عند عدم فصل قاضي التحقيق في طلب الإفراج المقدم من وكيل الجمهورية في مهلة 48 ساعة وفق المادة 126/1 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة إصدار قاضي التحقيق أمر بألا وجه للمتابعة المادة 163 من قانون الإجراءات الجزائية.
- إذا رأى قاضي التحقيق بمناسبة إصدار أمر بإرسال الملف، أن الواقعة لا تحتمل عقوبة الحبس بالرغم من كونها تحمل وصف الجنحة أو المخالفة وفق المادة 164 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة عدم فصل غرفة الاتهام في طلب الإفراج المرفوع إليها في مدة 30 يوما، في حالة عدم بث قاضي التحقيق فيه في مهلة 8 أيام وفق المادة 127/2 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة عدم فصل غرفة الاتهام في الطعن بالاستئناف ضد الأوامر المتعلقة بالحبس في مهلة 20 يوما حسب نص المادة 179 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة عدم فصل غرفة الاتهام بقرار في موضوع الدعوى بعد إحالته إليها حسب المادة 166 في المهل المحددة في المادة 197مكرر من قانون الإجراءات الجزائية.
- إذا أصدرت غرفة الاتهام حكما يقضي بأن لا وجه للمتابعة، بعد أن تبين لها أن الوقائع لا تكون بطبيعتها جنايات أو جنحة أو مخالفة وفق المادة 195 من قانون الإجراءات الجزائية.
- إذا رأت غرفة الاتهام عند إحالة القضية أمام محكمة الجنح، أن الواقعة لا تخضع بتاتا لعقوبة الحبس أو أن الواقعة لا تشكل سوى مخالفة وفق المادة 196 من قانون الإجراءات الجزائية.
و تلتزم جهات الحكم بعد إحالة الملف إليها، بالإفراج عن المحبوس مؤقتا في الحالات التالية:
- حالة عدم فصل الغرفة الجزائية للمحكمة العليا في طلب الإفراج المقدم إليها من قبل المتهم أو محاميه بعد خمس و أربعين( 45 )  يوما من تاريخ تقديم الطلب في حال الطعن بالنقض في حكم محكمة الجنايات وفق المادة 128/6 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة انتهاء مهلة شهر من صدور أمر الإحالة من قبل قاضي التحقيق إلى محكمة الجنح، وذلك في حالة عدم جدولة القضية للنظر فيها من قبل جهة الحكم وفق المادة165/3 من قانون الإجراءات الجزائية.
- حالة الحكم  ببراءة المتهم، أو بإعفائه من العقاب، أو الحكم عليه بالحبس مع وقف التنفيذ أو بالغرامة وفق المادة 365/1 من قانون الإجراءات الجزائية.
- إذا ما حكم على المتهم المحبوس مؤقتا بمدة عقوبة مساوية لمدة الحبس المؤقت التي سبق وأن قضاها، عملا بقاعدة خصم مدة الحبس المؤقت من مدة العقوبة وفق المادة 365/2 من قانون الإجراءات الجزائية.
وعليه في حالة انتهاء المدد السابقة الذكر وبقاء المتهم رهن الحبس المؤقت، يعتبر هذا بمثابة حبس تعسفي يرتب المسؤولية الجنائية.
خاتمة
يستنتج أن المشرع الجزائري أكد على الطابع الاستثنائي للحبس المؤقت من خلال اعتباره آخر إجراء يمكن اللجوء إليه، كما أنه قلص من مدد الحبس المؤقت، بالإضافة إلى ذلك قلص من صلاحية النيابة العامة في إيداع المتهم الحبس المؤقت، طبعا جميع هذه التعديلات تصب في مصلحة المتهم، وتعتبر بمثابة تدعيم لقرينة البراءة، إلا أنه ومع ذلك وسع من الحالات التي يمكن لقاضي التحقيق اللجوء بصددها لإجراء الحبس المؤقت، لذا كان ينبغي على المشرع التنبه لهذه المسألة والتقليص من هذه الحالات.
قائمة المراجع:
- فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، مصر، ط2، ص766.
- فضيل العيش، شرح قانون الإجراءات الجزائية، مطبعة البدر، الجزائر، ص215.
- التعديل الدستوري لسنة 2016.
- قانون رقم 15-12 المؤرخ في 15 يوليو 2015 المتعلق بحماية الطفل، ع.ر.ع.39 مؤرخة في 19 يوليو 2015.
- الأمر رقم 15-02 المؤرخ في 23 يوليو 2015 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، الجريدة الرسمية العدد 40 المؤرخة في 23 يوليو 2015.




[1] - م47 ف3 من التعديل الدستوري لسنة 2016.
[2] - الأمر رقم 15-02 المؤرخ في 23 يوليو 2015 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، الجريدة الرسمية العدد 40 المؤرخة في 23 يوليو 2015.
[3] - فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، مصر، ط2، ص766.
[4] - فضيل العيش، شرح قانون الإجراءات الجزائية، مطبعة البدر، الجزائر، ص215.
[5] - قانون رقم 15-12 المؤرخ في 15 يوليو 2015 المتعلق بحماية الطفل، ع.ر.ع.39 مؤرخة في 19 يوليو 2015.
التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016