قراءة في جريمة عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية بعد دفع قيمة الأسهم الاسمية بين المساهمين من خلال المادة 424 من القانون رقم 95-17
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قراءة في جريمة عدم قسمة رؤوس الأموال
الذاتية المتبقية بعد دفع قيمة الأسهم الاسمية بين المساهمين من خلال المادة 424
من القانون رقم 95-17
الفضيلي توفيق
باحث بسلك ماستر قوانين التجارة والأعمال
كلية الحقوق وجدة
مقدمة
يشكل القانون رقم 95-17 [1]المتعلق بشركات المساهمة بمعية القانون رقم 05.96[2]
المتعلق بباقي
الشركات الإطار القانوني الذي ينظم تأسيس الشركات و تسييرها ثم إنهائها بالمملكة
المغربية . و من خلال هاته المنظومة القانونية قام المشرع بتحديد دائرة التجريم
على جميع المستويات السابقة الذكر ناهجا في ذلك نهج كل تشريعات العالم بهدف حماية
الشركة و الشركاء و المتعاملين مع الشركة و كذا الأغيار. و من بين الأفعال التي
أدخلها في دائرة التجريم نجد جريمة عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية بعد دفع قيم الأسهم الاسمية بين المساهمين
بنفس نسبة مشاركتهم في رأس المال. وهي جريمة تترتب عن إخلال المصفي بالتزام
ملقى على عاتقه بمقتضى المادة 370 من قانون شركات المساهمة، و معاقب عليها بمقتضى
المادة 424 من نفس القانون. و نثير الانتباه هنا إلى أن المادة 105 من القانون
المنظم لباقي الشركات قد أحال على مقتضيات القانون الأول في الخصوص.
و عليه سنقوم من خلال هذا
الموضوع بدراسة هذه الجريمة من عبر التطرق لأركانها المتطلبة لكي تكون مكتملة
(المطلب الأول)، ثم للعقوبة المقررة لها(المطلب الثاني)
المطلب الأول: أركان جريمة
عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية
سنعمد في معرض تحليلنا لأركان جريمة عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية
المتبقية الوقوف على ركنها المادي ، ثم ركنها المعنوي من خلال استقراء ركنها القانوني المقرر في المادة 424 من قانون شركات
المساهمة.
الركن المادي: الركن المادي في جريمة عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية حسب المادة 424 من القانون رقم 17.95 يقوم بسلوك سلبي ،
فهي من جرائم الامتناع، تتحقق بمجرد الامتناع عن قسمة رؤوس الأموال الذاتية
المتبقية بين المساهمين بنفس نسبة مشاركتهم في رأس المال، بعد أن يكون قد تم دفع
قيم الأسهم الاسمية. فمتى تم دفع قيم الأسهم الاسمية، و لم يقم المصفي بقسمة رؤوس
الأموال الذاتية المتبقية بين المساهمين بنفس نسبة مشاركتهم في رأس المال، إلا و
تحقق الركن المادي للجريمة. و هي كذلك من جرائم الخطر و ليس من جرائم النتيجة، على
أن المشرع أوقف قيامها، على عدم وجود ما ينص في النظام الأساسي للشركة على خلاف
ذلك، فإن قرر مثلا النظام الأساسي عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية بعد دفع
قيمة الأسهم أو قرر ربط القسمة بإجراء آخر، فلا جريمة قائمة في حق المصفي إذ التزم
بما هو مضمن في النظام الأساسي و القانون يخوله ذلك[3].
لكن بالرجوع إلى منطوق المادة 424 من القانون رقم 17.95 و التي تتضمن نص الجريمة
نجدها تنص على أنه "يعاقب...كل مصف... لم يقم ما لم ينص النظام الأساسي
على خلاف ذلك، بقسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية بعد دفع قيم الأسهم الاسمية
بين المساهمين بنفس نسبة مشاركتهم في رأس
المال"، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه أمامنا هو ماذا لو قام المصفي بقسمة
رؤوس الأموال الذاتية المتبقية بعد دفع قيم الأسهم الاسمية بين المساهمين بنفس نسبة مشاركتهم في رأس المال وفقا لنص
المادة 424 و خلافا لما هو منصوص عليه في النظام الأساسي ؟ أو قام بقسمة تلك
الرؤوس الأموال المتبقية وفق طريقة غير المنصوص عليها في المادة 424 السالفة
الذكر، و خلافا لما هو منصوص عليه في النظام الأساسي ؟ هل يعتبر سلوكا مجرما و
يعاقب المصفي بنفس العقوبة المقررة في
المادة 424 موضوع التحليل[4] أم
ماذا؟، إن الأجابة على هذا السؤال في نظرنا متعذرة من خلال غموض هذه المادة و باستحضار
المبدأ الشهير في المجال الجنائي " لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص"
الركن المعنوي: لم يشترط المشرع المغربي القصد الجنائي صراحة في جريمة عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية
المتبقية وفقا للمادة 424 من القانون رقم 17.95 لذلك فإنه قد تجاوز البحث في الإسناد المعنوي ككل، و
على ذلك تكون هذه الجنحة جنحة امتناع بل وقد تعتبر جنحة إهمال مادية، فلو لم يقم
المصفي بقسمة رؤوس الموال الذاتية المتبقية بعد دفع قيمة الأسهم الاسمية بين
المساهمين بنفس نسبة مشاركتهم في رأس المال، بسبب إهماله، فالجريمة متحققة بالنسبة
إليه[5].
و يبدو أن المشرع قد كان موفقا في عدم اشتراط الركن المعنوي بالنسبة لهذه
الجريمة على اعتبار أنه مفترض في جانب المصفي إذ يعلم كافة الالتزامات الملقاة على
عاتقه. كما أنه و بافتراض اشتراط ضرورة وجود الركن المعنوي فإن ذلك يعني وجوب
إثبات النية الإجرامية و هي من الصعوبة بمكان خصوصا و أن إثباتها يتطلب المرور من
العالم المادي إلى العالم النفسي و هو ما قد لا يتأتى إلى بدلائل قوية و قد تحتمل
الدحض أو الإنكار.
المطلب
الثاني: العقوبة المقرر لجريمة عدم قسمة رؤوس
الأموال الذاتية المتبقية
لقد نص المشرع المغربي على عقوبة جريمة عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية بعد دفع
قيمة الأسهم الاسمية بين المساهمين بنفس نسبة مشاركتهم في رأس المال من طرف المصفي
و ذلك ما لم ينص النظام الأساسي على خلاف ذلك، بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و
بغرامة من 4.000 إلى 20.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
و الملاحظ عند مقارنة هذه العقوبة بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة
الثانية من المادة 421[6] من
القانون رقم 17.95 و التي تجمع بين عقوبة مالية و عقوبة سالبة للحرية و التي تعتبر
من جرائم التصفية ، هو أن هذه الأخيرة مرتفعة على الأولى في الشق المتعلق بالعقوبة
المالية، حيث تتراوح بين 5.000 إلى 25.000 و منخفضة عنها في الشق السالب للحرية حيث
يمكن أن تكون من شهر إلى ثلاثة أشهر.
أما عندما نقارن نفس العقوبة بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 423 و التي
هي أيضا من جرائم التصفية و تجمع بين الجزاء المالي و الجزاء السالب للحرية نلاحظ
أن الأخيرة مرتفعة في شقها المالي و الذي يقدر من 8.000 إلى 40.000 و مساوية
للأولى فما يتعلق بالعقوبة السالبة للحرية أي من شهر إلى ستة أشهر.
و ما يمكن أن نستنتج من المقارنتين السابقتين هو أن المشرع المغربي يعاني
من عدم انسجام على مستوى موقفه بالنظر إلى الجرائم المرتكبة و العقوبات المستحقة،
حيث ينظر إلى جريمتين مختلفتين نظرتين مختلفتين من زاوية العقوبة المستحقة فيجعل
العقوبة في واحدة أكبر من الأخرى في الجانب المالي، ثم يقلب الآية فيجعل تلك التي جعل
لها عقوبة مالية أكبر منخفضة العقوبة في الجانب السالب للحرة و بالمقابل يجعل تلك
التي قرر لها عقوبة مالية أصغر، أكبر في الجانب المتعلق بالعقوبة السالبة للحرية،
و هو حال الجريمتين المنصوص عليهما و على عقوبتهما في المادة 421، و المادة 424
موضوع المقارنة الأولى أعلاه.
كما أنه و في نفس السياق و تأكيدا لاستنتاجنا السابق نلاحظ أن المشرع يجعل
لجريمتين مختلفتين نفس العقوبة السالبة للحرية إلا أنه يفرد عقوبتيهما المالية و
هو حال الجريمتين المنصوص عليهما و على عقوبتهما في المادتين 423[7]و
المادة 424 من القانون رقم 17.95 موضوع المقارنة الثانية أعلاه.
خاتمة
بناءا على ما سبق، نرى أن المشرع لم يستحضر جميع صور إخلال المصفي بقسمة
الرؤوس الموال المتبقية بعد دفع قيمة الأسهم الاسمية و التي قد تشكل ركنا ماديا
يلحق ضررا بالشركاء، و هذا قصور يستدرك بوضع الحالة التي يقوم فيها المصفي بقسمة
رؤوس الأموال الذاتية المتبقية بعد دفع قيم الأسهم الاسمية بين المساهمين بنفس نسبة مشاركتهم في رأس المال وفقا لنص
المادة 424 و خلافا لما هو منصوص عليه في النظام الأساسي أو يقوم بقسمة تلك الرؤوس
الأموال المتبقية وفق طريقة غير المنصوص عليها في المادة 424 السالفة الذكر، و
خلافا لما هو منصوص عليه في النظام الأساسي
محل تجريم .
كما نرى أنه على المشرع أن يوحد
العقوبات بين كل الجرائم المتعلقة بالتصفية خصوصا إذا استحضرنا أن أقصى عقوبة
مالية هي 40.000 أف درهم و أدناها هي 4000 درهم و أقصى عقوبة سالبة للحرية هي ستة أشهر و
أدناها شهر[8]، و
عليه لا نرى مانعا من جعلها موحدة و تطبق على جميع الجرائم المتعلقة بالتصفية، على
أن تبقى الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 421[9]
مفردة الجزاء المالي و لكن موحدة من حيث المقدار مع الجرائم الأخرى و التي هي من
نفس النوع.
لائحة المراجع:
الكتب:
-
ابن خدة ضى، محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية –تأصيل و تفصيل-
وفق أخر التعديلات، مطبعة دار السلام للطناعة و النشر و التوزيع-الرباط، الطبعة
الثانية، 2012
القوانين
-
ظهير شريف رقم 1.97.49 صادر في 5 شوال 1417(13 فبراير 1997) بتنفيذ القانون
رقم (05.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة
وشركة التوصية بالأُسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة) ج. ر. عدد
4478 بتاريخ 01/05/1997 الصفحة
-
ظهير شريف رقم 124-96-1 صادر في 14
من ربيع الآخر 1417 بتنفيذ القانون رقم (95-17 المتعلق بشركات المساهمة (ج. ر. بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1417 - 17 أكتوبر 1996
الفهرس
مقدمة
المطلب الأول: أركان الجريمة جريمة
عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية
المطلب الثاني: العقوبة المقرر لجريمة
عدم قسمة رؤوس الأموال الذاتية المتبقية
خاتمة
[1]- ظهير شريف رقم 124-96-1 صادر في
14 من ربيع الآخر 1417 بتنفيذ القانون رقم (95-17 المتعلق بشركات المساهمة (ج. ر. بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1417 - 17 أكتوبر 1996
[2] -
ظهير شريف رقم 1.97.49 صادر في 5 شوال 1417(13 فبراير 1997) بتنفيذ القانون رقم (05.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة
وشركة التوصية بالأُسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة) ج. ر. عدد
4478 بتاريخ 01/05/1997 الصفحة
[3] -
ابن خدة رضى، محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية –تأصيل و تفصيل- وفق
أخر التعديلات، مطبعة دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع-الرباط، الطبعة
الثانية، 2012،ص: 548.
[4] -
نريد أن نشير في هذا الصدد أنه في حالة لو كان هذا السلوك معاقبا عليه فإنه
سيتحول إلى سلوك إجرامي إيجابي يتحقق عن طريق الفعل و ليس الامتناع.
[5] ابن خدة رضى، نفس المرجع، ص: 549
[6] -
تنص الفقرة لثانية من القانون رقم 17.95 على أنه" يمكن بالإضافة إلى ذلك (
أي غرامة مالية من 5.000 إلى 25.000)، الحكم بالحبس لمدة من شهر إلى ثلاثة أشهر،
إذا لم يقم مصفي الشركة بدعوة المساهمين عند انتهاء التصفية، للبث في الحساب
النهائي و إبراء ذمته من التسيير الذي أشرف عليه و إعفائه من مأموريته و إثبات
قفل التصفية، أو لم يقم في الحالة المنصوص عليها في المادة 369 بإيداع حساباته
بكتابة ضبط المحكمة و لا تقدم بطلب إلى القضاء لأجل المصادقة عليها."
[7] -
تنص المادة 423 من القانون رقم 17.95 على أنه" يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة
لأشهر و بغرامة من 8.000 إلى 40.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، المصفي
الذي قام عن سوؤ نية:
1. باستعمال أموال الشركة
الجارية تصفيتها استعمالا يعلم تعارضه مع المصالح الاقتصادية لهده الأخيرة و ذلك
بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل شركة أو مقاولة أخرى له بها مصلحة مباشرة أو
غير مباشر فقط،
2. بيع بعض أو كل أصول
الشركة الجارية تصفيتها خرقا لأحكام المادتين 365 و 366"
[9] -
تنص الفقرة الأولى من المادة 421 من القانون رقم 17.95 على أنه" يعاقب
بغرامة من 5.000 إلى 25.000 درهم مصفي الشركة الذي لم يقم داخل أجل ثلاثين يوما
من تعيينه، بنشر قرار تعيينه مصفيا في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و
في الجريدة الرسمية كذلك إن كانت الشركة قد دعت الجمهور للاكتتاب و بإيداع
القرارات القاضية بالحل في كتابة ضبط المحكمة و تقييدها في السجل التجاري.
...."
0 التعليقات:
إرسال تعليق