تابعونا على الفيسبوك
Disqus
تقرير تركيبي حول أشغال مائدة مستديرة للتفكير حول الوسائط الالكترونية في المحاكمات الجنائية، ضمانات المحاكمة العادلة من منظور حقوق الانسان والنوع الاجتماعي
تقرير
تركيبي حول أشغال مائدة مستديرة للتفكير حول الوسائط الالكترونية في المحاكمات
الجنائية، ضمانات المحاكمة العادلة من منظور حقوق الانسان والنوع الاجتماعي
نظمت
جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان صبيحة يوم
السبت 19 يونيو 2021 مائدة مستديرة للتفكير حول "الوسائط الالكترونية في
المحاكمات الجنائية، ضمانات المحاكمة العادلة من منظور حقوق الانسان والنوع
الاجتماعي"، احتضنتها رحاب فندق المرينيين بفاس.
استهلت
أشغال هذا اللقاء بكلمات افتتاحية، حيث قالت السيدة ليلى اشرعي ممثلة صندوق
الأمم المتحدة للسكان أن حماية النساء والفتيات من العنف والممارسات الضارة ليست
ضرورة أخلاقية وحقوقية فحسب بل هي شرط أساسي لتحقيق تقدم الدول الاقتصادي
والاجتماعي، نتيجة اللامساواة المتجذرة في توزيع الأدوار والحقوق والفرص بين
الرجال والنساء، وكذا المعايير الاجتماعية التي تتغاضى عن العنف أو تقلل من
أهميته، معتبرة أن فترة الجائحة كشفت عن أن التواصل عن بعد يمكن ان يسهم في
التقليص من الفوارق وتقديم الخدمات من الساكنة، وبالأخص المهمشة منها.
وفي
نفس السياق ذكرت رئيسة جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء السيدة الهام الودغيري
بالعمل التقييمي الذي سبق للجمعية أن قامت به بخصوص الخدمات الأساسية التي تلجأ
لها النساء ضحايا العنف بالاعتماد على التوجهات الدنيا لحزمة الخدمات الأساسية أو
برنامج الأمم المتحدة العالمي المشترك حول الخدمات الأساسية للنساء والفتيات
المعرضات للعنف، مما يجعلها معنية بشكل أساسي بموضوع المحاكمات عن بعد كفرص أو
مخاطر سواء تعلق الأمر بالمرأة كضحية مباشرة أو كشاهد أو كامرأة في وضعية نزاع مع
القانون في ظل علاقات النوع التي قد تؤدي بها الى ارتكاب بعض الجرائم ذات
الخصوصية، مؤكدة على أن الهدف من تنظيم هذا اللقاء هو "التفكير المشترك في
كيفية التعامل مع مشروع قانون الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية، وتتبعه
على امتداد مساره التشريعي قصد المشاركة ضمن الحركة الحقوقية والنسائية في التأثير
من منظور بعد حقوق النساء في فعلية الوصول الى العدالة والانتصاف".
وقدم
الدكتور خالد المروني مداخلة تمحورت حول "التجارب الدولية في مجال
المحاكمات" عن بعد مستعرضا عددا من الاتفاقيات الدولية التي نصت على استعمال
تقنيات التواصل عن بعد في المحاكمات من بينها، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
لسنة 2003، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مؤكدا أنه وبعكس ما يروج
إعلاميا، فإن أغلب الاتفاقيات الدولية الموجودة تسمح باستعمال التقنيات الحديثة في
الاستماع الى الشهود، ولا تنص مطلقا على استعمالها في الاستماع الى المتهم، بسبب
المخاوف التي يمكن ان تشكلها هذه التقنية من تهديد لشروط المحاكمة العادلة،
مستعرضا نماذج من اجتهادات المحكمة الأوربية لحقوق الانسان في تقييدها لاستعمال
هذه الوسائل بعدة شروط من بينها ربط حق الدول في تطبيق تقنية الاستماع عن بعد أمام
المحاكم بتوفيرها الشــروط والوسائـل الماديـة والتقنيـة اللازمـة لضمـان السيـر
العادي للمحاكمات، وممارسة رقابة على وجود المبررات المشروعة لتطبيقها، ومدى توفر
شروط صيانة حقوق الدفاع والمحاكمة العادلة، كما أن هذه المحكمة أكدت على أن حق
الحضور أمام القاضي يكتسي أهمية بالغة في أية محاكمة يراد لها أن تكون عادلة، وذلك
لما يضمنه ذلك من حق المتهم في الاستماع إليه، والتأكد من حقيقة أقواله، وإجراء
مواجهة ومقارنة بينها وبين أقوال الخصوم والشهود . وقد اعتبرت أيضا أن أي مساس
بشروط المحاكمة العادلة أثناء تطبيق تقنية الاستماع عن بعد، يعتبر خرقا للمادة 6
من الاتفاقية ويرتب بطلان المسطرة.
وقدم
الدكتور أنس سعدون عضو نادي القضاة مداخلة حول "حصيلة تجربة المحاكمات
عن بعد والتحديات المطروحة"، قال فيها انه وبالرغم من التقدم الملموس الذي
تكشفه أرقام المحاكمات عن بعد عبر كافة المحاكم بحسب الاحصائيات الصادرة عن المجلس
الأعلى للسلطة القضائية والتي مكنت المئات من المعتقلين من معانقة الحرية بعد
الافراج عليهم عقب محاكمات تحترم الأجل المعقول، ورغم حالة الضرورة التي فرضت
اعتماد هذا الاجراء عن طريق فرض نوع من التباعد الاجتماعي بين الأشخاص الموجودين
في حالة اعتقال، وبين فضاء المحاكمة، لأسباب صحية، يبقى اعتماد تجربة المحاكمة عن
بعد مند أبريل 2020، واستمرار تطبيقه رغم تخفيف حالة الطوارئ، مثارا لعدة إشكاليات
وتحديات عميقة ترتبط بمدى احترام شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المواثيق
الدولية"، معتبرا أن تجربة هذه المحاكمات تواجهها تحديات تقنية يمكن التغلب
عليها، وتحديات أخرى حقوقية، تستوجب تعميق النقاش العمومي العميق حولها، أبرزها
تحدي احترام الشرعية الإجرائية نتيجة التأخر في صدور قانون منظم للمحاكمة عن بعد،
وتحدي احترام مبادئ الحضورية والتواجهية الشفهية، العلنية، والمساواة في الأسلحة وحقوق
الدفاع.
وأضاف المتدخل أنه وبالرغم من تقييد
تطبيق المحاكمة عن بعد بموافقة المتهم، وبتنازله عن الحق في المحاكمة الحضورية،
فإن إشكالية وضعية المعتقلين الاحتياطيين الذين يتمسكون ودفاعهم بالحق في الحضور
يبقى مطروحا، وهو ما أشار اليه التقرير الأخير للمجلس الوطني لحقوق الانسان الذي
أبدى قلقه من كون تشبث بعض المعتقلين بالحق في الحضورية ورفض اجراء المحاكمة عن
بعد، يؤدي أحيانا إلى تأجيل البت في قضاياهم، وهو ما قد يشكل إخلالا بمبدأ الحق في
المحاكمة داخل أجل معقول، وقد كان من دواعي هذا القلق كون "الاحصائيات الدورية
المنشورة لا تشير الى وضعية هذه الفئة، وطبيعة القضايا المتابعين من أجلها، وما
اذا كانت جنايات أو جنح بسيطة، وطبيعة ونوعية الإجراءات المتخذة لضمان حقهم في المحاكمة
داخل أجل معقول، كما لا تتضمن أي جواب حول مدى مراعاة بعد النوع.
مذكرا
في ختام مداخلته بتوصية اللجنة الدولية للحقوقيين التي دعت الى ضرورة مراعاة
المحاكمات عن بعد للمنظور المتعلق بالنوع الاجتماعي حيث "يجب على الهيئات
القضائية أن تولي اعتبارا خاصا لأوضاع النساء والأطفال والأشخاص الأكبر سنا،
والأشخاص ذوي الإعاقة، وغيرهم مع الإقرار بالطبيعة المستعجلة للطلبات المقدمة الى
المحكمة بشأن تدابير الحماية للأشخاص المنتمين لهذه الفئات الذين يواجهون أو
يتعرضون لمخاطر متزايدة من العنف، أو الإساءة أو الإهمال مقارنة بمجموعات أخرى،
سواء كانت نتيجة لإجراءات العزل العام أو الذين يتعرضون لمخاطر أكبر في حال تم
تعليق أو تقييد أوامر الحماية الأخرى.
وقدمت
القاضية سهام بنمسعود عضو الودادية الحسنية للقضاة مداخلة حول "الاقتناع
الوجداني بين المحاكمات العادية والمحاكمات عن بعد"، أكدت من خلالها ان
المحاكم حرصت على احترام موافقة المعتقلين على اجراء المحاكمة عن بعد والاشارة الى
هذه الموافقة في محضر الجلسة، والاشارة في وصف الأحكام الى كونها حضورية عن بعد؛
وفي حالة تمسك المتهم بالحضورية فإن ذلك يؤدي الى تأجيل البت في ملفه الى حين تهيئ
الظروف الملائمة لإحضاره، مؤكدة أن حالة الطوارئ الصحية حتمت اللجوء الى اجراء
المحاكمة عن بعد.
وتساءلت
المتدخلة هل يمكن اعتبار المحاكمات عن بعد نوعا موازيا للمحاكمات العادية تكفل
ضمانات المحاكمة العادلة للمتقاضين وتحقق الاقتناع الوجداني للقاضي ويمكن اللجوء اليها
في جميع القضايا؟
وخلصت
وبعد نقاش مستفيض الى أن المحاكمة عن بعد لا تؤثر على القناعة الوجدانية للقاضي أو
للمحكمة، لكنها قد تؤثر أحيانا في تفريد العقاب، الذي تضرر بسبب استعمال الوسائط
الالكترونية، معتبرة أن الإيجابيات التي يمكن تحقيقها بفضل المحاكمة عن بعد ماليا
وأمنيا، في مجال ترشيد النفقات والاعفاء من نقل المعتقلين، لا ينبغي أن تحولها من
استثناء الى قاعدة، ما عدا في حالة الموافقة المتبصرة للمتهم.
أما
المحامية خديجة الروكاني فقدمت قراءتها في مسودة مشروع القانون المتعلق
باستعمال الوسائط الالكترونية في الإجراءات القضائية من منظور حقوق الانسان والنوع
الاجتماعي، حيث اعتبرت أن هذه المسودة طغى عليها الجانب التقني وغاب عنها
الجانب الحقوقي، بل وغيبت بشكل تام مقاربة النوع الاجتماعي سواء على مستوى لغة
النص أو على مستوى المضامين، وأضافت أن موقع المتهم أو المتهمة في مسودة القانون
يجعلهما الطرف الضعيف، مثلما لم يتم استحضار موقع المطالب بالحق المدني اذ لا وجود
مطلقا لمصطلح "الضحية" في مسودة هذا القانون، وخلصت الى وجود فراغات
كبيرة على مستوى تحديد المفاهيم، فضلا عن وجود تضييق كبير وواضح على حقوق الدفاع
وتضييق على مبدأ العلنية بشكل يمس عمق شروط المحاكمة العادلة، وهو ما يبدو من خلال
عدم اتاحة فرصة الطعن في قرار استعمال تقنيات التواصل عن بعد في المحاكمات رغم نص
المشروع على وجوب أن يكون القرار معللا.
أشغال
المائدة المستديرة عرفت تقديم قراءة في حالات نساء مررن بتجربة المحاكمة عن بعد،
قدمها الدكتور خالد تيسير أخصائي ومعالج نفسي داخل مركز البطحاء متعدد
الاختصاصات لتمكين النساء بفاس، تساءل فيها هل الضحية تتمتع فعلا بحالة نفسية
مستقرة تسمح لها بتتبع ملفها أمام القضاء، سواء في الحالة العادية أو في حالة
المحاكمة عن بعد؟ وهل تستفيد فعلا من الدعم النفسي والمواكبة، واذا كان هذا الدعم
موجودا، هل هو معمم على المستوى المجالي؟
هل التشخيص النفسي الذي قد ينتج عن العنف النفسي الذي تتعرض له الضحية
تأخذه المحكمة عند تقدير العقوبة؛ منتقدا اغفال موقع الضحايا في هذه المحاكمات
والتركيز أساسا على حق المتهم في أغلب النقاشات التي واكبت هذا المشروع.
المشاركات
والمشاركون في أشغال هذه المائدة المستديرة أكدوا على ضرورة الإسراع بإيجاد النص
القانوني المنظم للمحاكمة عن بعد احتراما لمبدأ الشرعية الإجرائية، وضرورة الإسراع
بتحقيق المحكمة الرقمية وتوظيف الرقمنة من أجل تكريس الحق في الوصول الى العدالة
لكل الفئات الهشة، وللنساء والفتيات، وتيسير سبل الحصول على المساعدة القانونية
والقضائية، وضرورة الاخذ بمقاربة النوع والأثر المتباين على الرجال والنساء في سياق المحاكمات عن بعد باستحضار السياق
الاجتماعي والثقافي، وعدم اغفال موقع الضحايا في هذه المحاكمات، كما تم التأكيد
على ضرورة الاستمرار في مواكبة المسار التشريعي لمسودة مشروع قانون الوسائط
الالكترونية بهدف المساهمة في التأثير من منظور بعد حقوق النساء في فعلية الوصول
الى العدالة والانتصاف.
تقرير تركيبي حول أشغال ندوة "واقع تطبيق المادة 53 من مدونة الأسرة وسبل تدارك الثغرات" من تنظيم جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق النساء
تقرير تركيبي حول أشغال ندوة "واقع تطبيق المادة 53 من مدونة
الأسرة وسبل تدارك الثغرات" من تنظيم جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء
والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق النساء
نظمت
جمعية مبادرات لحماية حقوق النساء بتعاون مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الانسان،
ندوة علمية حول موضوع "المادة
53 من مدونة الأسرة واقع التطبيق وسبل تدارك الثغرات"،
وذلك عشية يوم السبت 19 يونيو 2021 بمدينة فاس.
استهلت
أشغال اللقاء بكلمات افتتاحية ركزت على أهمية الموضوع الذي يتزامن مع مرور أزيد من
سنتين على صدور قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والذي تضمن عدة
مستجدات، سواء من حيث تجريم مجموعة من الأفعال كالطرد من بيت الزوجية والامتناع عن
ارجاع الزوج المطرود اليه، أو التنصيص على تدابير حماية للناجيات من العنف أهمها
المنع من الاتصال أو الاقتراب من الضحية، وايداع المعنف داخل مؤسسة للعلاج النفسي،
كما تمت الإشارة الى أن مقتضى ارجاع الزوج المطرود الى بيت الزوجية من طرف السلطات
المكلفة بانفاذ القانون ووجه بعدة إشكاليات على مستوى التطبيق، وهو الهدف من تنظيم
هذا اللقاء.
انطلقت
أشغال الندوة بتقديم شهادات حية لعدد من الناجيات من العنف استعرضن من خلالها
جانبا من معاناتهن في الوصول الى الانتصاف، نتيجة تكرار أفعال العنف، وغياب
التمكين الاقتصادي، وصعوبة المساطر، وغياب تفعيل تدابير الحماية وصعوبة عبء
الاثبات الذي يؤدي الى تكريس الإفلات من العقاب، وهي شهادات عمل الدكتور خالد
تيسير أخصائي ومعالج نفسي داخل مركز البطحاء متعدد الاختصاصات لتمكين النساء
بفاس، على تحليلها، مؤكدا على أهمية العلاج النفسي في دعم الناجيات من العنف،
وبالأخص المطرودات من بيت الزوجية.
وقدمت
القاضية سهام بنمسعود عضوة الودادية الحسنية للقضاة مداخلة تناولت
فيها دور النيابة العامة في حماية الزوجة والأبناء ضحايا الطرد من بيت الزوجية،
أكدت من خلالها وجود نوع من التمييز الإيجابي في التعامل مع الشكايات المقدمة من
طرف الزوجات مقارنة مع شكايات الأزواج بخصوص نفس الفعل والتي تتخذ المسار العادي
من حيث دراسة الشكايات، وتوقفت عند بعض الإشكاليات المتعلقة بالموضوع من بينها في
حالة رغبة الزوجة عدم الرجوع الى بيت الزوجية ومطالبتها بأخذ جزء من أمتعتها أو
متعلقاتها الشخصية ومعارضة الزوج ذلك، حيث يبقى الاختصاص في حل هذا النزاع لقضاء
الموضوع، مقترحة تفعيل مقتضيات المادة 121 من مدونة الاسرة في حالة عدم تمكن
النيابة العامة من حل المشكل في اطار التدابير الاحترازية.
من
جهته توقف الأستاذ سعيد بوهلال نائب رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس عند
دور القضاء الاستعجالي في حماية بيت الزوجية، مؤكدا أن البت في هذه النزاعات التي لا
تمس فقط الزوجين بل تمس الأبناء، مشروط بضرورة احترام حالة الاستعجال وعدم المساس
بجوهر الحق، وأشار في هذا الصدد الى وجود تداخل بين المادة 53 من مدونة الاسرة المتعلقة
بإرجاع الزوج المطرود الى بيت الزوجية، والمادة 121 من نفس القانون المتعلقة بالتدابير
المؤقتة التي تتخذها المحكمة عند عرض النزاع عليها وتعذر المساكنة بين الزوجين،
مستعرضا في نهاية مداخلته عددا من اجتهادات القضاء الاستعجالي ذات الصلة بالموضوع
في النزاعات المتعلقة بتمدرس الأبناء أو الحضانة.
وقدم
الدكتور أنس سعدون عضو نادي القضاة مداخلة حول "التجارب الدولية وتدابير
حماية الناجيات من العنف" قال فيها أن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد
المرأة أكدت على أنه: "لا يمكن التضحية بحقوق الانسان المكفولة للمرأة في
الحياة والسلامة البدنية والنفسية على مذبح حقوق أخرى، بما فيها الحق في الملكية
والحق في الخصوصية"؛ كما أوصت اتفاقية إسطنبول، بضرورة "أن تكون أوامر الحماية
متاحة لتأمين حماية فورية، ودون عبء مالي أو اداري إضافي على الضحية، وصادرة لفترة
معينة أو الى غاية تعديلها أو الغائها، وصادرة، عند الاقتضاء، في غياب المدعى
عليه، وبمفعول فوري"؛ وأشار الى أن بعض القوانين المقارنة ومن بينها قانون
القضاء على العنف التونسي الجديد منح صلاحية تطبيق تدابير الحماية لقضاة الأسرة،
دون اشتراط ضرورة تقديم شكاية جزائية، مؤكدا أن حصيلة تطبيق قانون 103.13 المتعلق
بمحاربة العنف ضد النساء كشفت عن ندرة اللجوء الى تفعيل تدابير الحماية، وصعوبات تداخل
الاختصاص بين القضاء الزجري وقضاء الاسرة والقضاء الاستعجالي وهو ما يشكل عقبة
أمام ولوج الناجيات من العنف الى العدالة، مقترحا في تفعيل تدبير ابعاد الزوج
المعنف فورا من بيت الزوجية، والاستعانة بالشكايات السابقة في الموضوع كقرينة
لإثبات العنف، مع إمكانية تسليم الزوجة جزء من أمتعتها ان أرادت مغادرة بيت
الزوجية، مع تسجيل ذلك في محضر قانوني حماية لمصالح الطرفين الى حيت بت قضاء
الموضوع في النزاعات المتعلقة بالشوار والأمتعة والممتلكات المشتركة بين الزوجية.
واعتبرت
الفاعلة الحقوقية خديجة الروكاني المحامية بهيئة الدار البيضاء أن من أسباب
الإشكاليات العملية التي تثيرها المادة 53 من مدونة الأسرة عدم الاستجابة لمطلب
الحركة النسائية في اصدار قانون شامل لمحاربة العنف ضد النساء، مشيرة الى أن عددا
من تدابير الحماية الواردة في صلب القانون الجنائي غير مفعلة، رغم إقرارها في قانون
حماية الضحايا والشهود السابق على صدور قانون 103.13، معتبرة أن تنصيص المشرع على
اعتبار شكاية الزوجة شرطا لتحريك الدعوى العمومية في بعض قضايا العنف الاقتصادي ضد
النساء، سببا لتكريس سياسة الإفلات من العقاب خاصة في قضايا العنف الاقتصادي.
وخلص
المشاركون في أشغال هذه الندوة لضرورة النهوض بمؤسسة المساعدة الاجتماعية ومدها
بالموارد المالية والبشرية الكفيلة بالقيام بمهامها كجهاز مساعد للقضاء، والاهتمام
بتوفير العلاج النفسي للناجيات من العنف، وضرورة توفير مراكز الايواء وتعميمها على
كافة الجهات ومدها بالموارد البشرية والمادية اللازمة، وإتاحة دلائل عملية لتيسير
مهام الجهات المتدخلة، وتوفير احصائيات مفصلة ودقيقة تأخذ بعين الاعتبار لبعد
النوع الاجتماعي، وتوفير الشباك الوحيد للناجيات من العنف لحل اشكال تنازع
الاختصاص وتعدد المسارات والتي تحول في كثير من الأحيان دون حقهن في الولوج الى
العدالة، وإعادة النظر في قانون المساعدة القضائية بهدف تيسير سبل الحصول عليها
للفئات الهشة، وتفعيل تدابير الحماية الواردة في قانون محاربة العنف ضد النساء أو
في قانون حماية الشهود والضحايا، ومراجعة مقتضيات مدونة الأسرة لملاءمتها مع
مستجدات دستور 2011 والمعايير الدولية ذات الصلة، ومحاربة الإفلات من العقاب في
قضايا العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي خاصة في مجال العنف الاقتصادي،
والاهتمام بجبر ضرر الضحايا.
تقرير حول ندوة حق الطفل في النسب بين الزاقع الاجتماعي و القانوني والمواثيق الدولية
تقرير حول ندوة حق الطفل في النسب بين الزاقع الاجتماعي و
القانوني والمواثيق الدولية
اللجنة الجهوية لحقوق
الانسان تناقش بتطوان حق الطفل في النسب بين الواقع الاجتماعي والقانوني والمواثيق
الدولية” شكل موضوع “حق الطفل
في النسب بين الواقع الاجتماعي والقانوني والمواثيق الدولية” محور ندوة فكرية
نظمتها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة بشراكة مع هيئة
المحامين بتطوان، وذلك عشية يوم الجمعة 09 يوليوز 2021 بمقر محكمة الاستئناف
بتطوان. افتتحت أشغال الندوة
بكلمة السيدة سلمى الطود رئيسة اللجنة والتي تطرقت فيها الى أهداف تنظيم هذا
اللقاء من أجل إثارة النقاش والتفكير بين الفاعلين المعنيين بحقوق الطفل حول
الحلول الممكنة والواقعية للإشكالات القانونية للأطفال المزدادين خارج مؤسسة
الزواج، وذلك استنادا إلى المصلحة الفضلى للطفل واستحضارا لمبدأ المساواة بين
الجنسين، مؤكدة أن هذا الموضوع يشكل أحد الملفات التي يشتغل عليها المجلس الوطني
لحقوق الإنسان في إطار الاختصاصات الموكولة إليها، بالنظر إلى الوقع الاجتماعي
لهذه الظاهرة. وأبرزت رئيسة اللجنة
أن المغرب صادق على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ويعمل على ملاءمة القوانين
الوطنية مع مقتضياتها، معتبرة أن “دستور 2011 جاء ليضمن عددا من الحقوق والحريات،
كما ينص على شمولية حقوق الإنسان وسمو الاتفاقيات الدولية، لكن ما زالت بعض بنود
مدونة الأسرة غير مسايرة لهذا التوجه”. وأكدت
أن الممارسة اليومية أظهرت أنه ما زالت هناك بعض العراقيل التي تعترض تمتع الأطفال
المزدادين خارج مؤسسة الزواج ببعض الحقوق، وهو ما يؤدي إلى تمييز بينهم وبين
الأطفال المزدادين داخل مؤسسة الزواج، مضيفة أن بعض إحصائيات المجتمع المدني تشير
إلى أن هناك 24 طفلا يزدادون يوميا خارج مؤسسة الزواج، ما يفرض العمل على ضمان
مصلحتهم الفضلى بغض النظر عن الوضع القانوني للعلاقة بين الأبوين. من جانبه أكد نقيب هيئة المحامين بتطوان
محمد مرتضى درجاج أن موضوع الندوة فرضته العديد من المستجدات التي عرفتها الساحة
الوطنية مؤخرا، سواء من خلال تعامل المؤسسة القضائية مع الملفات ذات الصلة، أو
ردود الفعل المجتمعية حوله. وأضاف أن للموضوع
أهميته بالنظر لتعدد النصوص التي تطرقت إليه، سواء الاتفاقيات الدولية أو مدونة
الأسرة أو القوانين المؤطرة للحالة المدنية والجنسية، مبرزا تعدد الرؤى والتيارات
التي تتجاذب هذه القضية. وتوقف الدكتور أنس سعدون
قاض مكلف بمهمة في ديوان رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان عند بعض التناقضات
الواردة في النصوص القانونية الناظمة لموضوع النسب والبنوة في مدونة الأسرة، إذ أن
النسب حق كرسه المشرع للطفل في المادة 54، واعتبره من بين أهم حقوق الطفل المرتبطة
بالهوية، إلا أنه في مواد أخرى من مدونة الأسرة يعلق استفادة الأطفال بهذا الحق
على شروط خارجة عن ارادتهم، من قبيل حسن نية الزوج في الزواج الباطل مثلا، أو
اشتهار الخطبة بين أسرتي الخطيبين، أو اعتراف الأب بالبنوة في حالة الإقرار، مؤكدا
أن بعض مواد مدونة الأسرة تكرس تمييزا بين الجنسين على المستوى الاجرائي حتى وان
تعلق الأمر بنفس الواقعة، وأعطى بذلك مثالا بحالة ولادة خارج اطار مؤسسة الزواج،
اذ يجوز للأب اللجوء الى الإقرار بوصفه سببا للحوق الأنساب دون ان يكون ملزما
باثبات الفراش حيث يبقى قوله مصدقا ويتم التعامل معه بمرونة، لكن في حالة رفضه
الإقرار بالنسب، لا يجوز للأم ولا للابن أو الابنة اثبات هذا النسب الناتج عن نفس
العلاقة حتى وان طالبوا باجراء الخبرة الجينية، لأنها تعتبر مجرد وسيلة لاثباث
الفراش ولا تعتبر سببا للحوق النسب، مقترحا ضرورة الاعتراف بالخبرة الجينية كسبب
للحوق الأنساب مثلها مثل الفراش والاقرار والشبهة، كما دعا الى استحضار المصلحة
الفضلى للطفل في قضايا النسب والبنوة حتى لا يترك أحد خلف الركب، والاعمال الواسع
للاتفاقيات الدولية، معتبرا أن هناك حاجة ماسة للإسراع بالمصادقة على قانون الدفع
بعدم دستورية القوانين لتنزيل الحق في الولوج الى العدالة الدستورية لكافة
المتقاضين كأحد أهم المستجدات التي كرسها دستور 2011 في مجال القضاء الدستوري،
مؤكدا في نهاية مداخلته على توصية المجلس الواردة في تقريره السنوي بضمان حق الطفل
في النسب في جميع الحالات بغض النظر عن الوضعية العائلية للابوين. وتطرق الأستاذ عبد النور الحضري رئيس
غرفة بمحكمة الاستئناف الى حق الطفل في النسب بين مدونة الأسرة والعمل القضائي،
حيث أشار الى أن موضوع النسب يعتبر من النظام العام مما يجعله مثارا لعدة إشكاليات
على مستوى القانون الدولي الخاص، تظهر أساسا عند تنفيذ الأحكام بالمغرب أو الخارج،
مؤكدا أن حرص القضاء المغربي على حماية حق الطفل في النسب من خلال تفعيل الإقرار
والشبهة وثبوت الزوجية، فضلا عن تضييق مجال نفي النسب الذي قيده المشرع بشرط وجود
سبب جدي. من جهتها تطرقت
الأستاذة نجاة الشنتوف محامية وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان الى موضوع
"الحق في النسب أية تقاطعات بين مرجعية النص الدستوري والنص القانوني"،
توقفت فيه على الفرص التي يتيحها دستور 2011 الذي أقر مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية
على التشريع الداخلي، وتقدم الممارسة الاتفاقية الوطنية بالمصادقة على عدد من الاتفاقيات
الدولية، ووجود مدونة الأسرة وخاصة المادة 54 التي أقرت مسؤولية الدولة اتجاه حقوق
الأطفال، ووجود مجتمع مدني قوي، كما توقفت عند المخاطر المتمثلة في استمرار الأمية
والجهل وعدم وجود سياسات عمومية واضحة في مجال الطفولة، ووجود بنية محافظة فضلا عن
البنية المجتمعية الثقافية، وأشارت الى أن البنية الداخلية للنصوص تكشف عن أن
مواطن القوة فيها هي ذاتها مواطن ضعف، فالدستور وان أقر مبدأ السمو الا أنه قيده
بنطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة وهويتها الوطنية الراسخة، كما أن المادة 54
من مدونة الأسرة ورغم تأكيدها على حق الطفل في النسب الا انها أضافت عبارة طبقا
لأحكام الكتاب الثالث من هذه المدونة، أي أنها اقرت التمييز بين البنوة الشرعية
وغير الشرعية، وتساءلت في نهاية مداخلتها هل هناك تقاطعات بين الدستور ومدونة
الأسرة؟ معتبرة أن الإجابة عن هذا السؤال ينبغي ان تسائل مرجعية مدونة الاسرة التي
تبقى مرجعية دينية لا علاقة لها بحقوق الانسان، داعية الى ضرورة إعادة النظر في
المادة 400 من مدونة الأسرة وفتح باب الاجتهاد المتنور ووجود إرادة حقيقية للحسم
في مرجعية مدونة الأسرة. أشغال الندوة عرفت
الى جانب القراءات القانونية والقضائية والحقوقية، اشراك وجهة النظر السوسيولوجية
وفي هذا الاطار قدمت السيدة نادية حرفي باحثة في مجال سوسيولوجيا النوع مداخلة
تمحورت حول "الأطفال بدون نسب سؤال الهوية وعنف التمثلات"، انطلقت فيها
من التأكيد على أن اللغة المستعملة داخل المجتمع المغربي لتوصيف هذه الظاهرة تجعل
الطفل المولود خارج إطار الزواج طفلا موصوما مند الولادة، وهو ما يؤدي الى تهميشه
واقصائه، مشيرة الى جانب من معاناة الأمهات العازبات اللواتي تراودهن فكرة التخلي
عن الحمل طوال فترته، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان للجوء الى الإجهاض السري،
التي تكون عواقبه خطيرة على حياتهن، كما أن تعاطي النساء الحوامل لبعض الادوية أو
الأعشاب من أجل التخلص من الحمل يؤدي الى إصابة الأطفال بتشوهات خلقية تبقى مصاحبة
لهم طول حياتهم وتنضاف الى الوصم الاجتماعي الذي يصاحبهم، كما تطرقت لمحدودية دور
مؤسسات الرعاية الاجتماعية لكون نطاق خدماتها يبقى محصورا بفترة الطفولة، ويلزم
الشخص ببلوغه سن 18 سنة الى مغادرتها، بعدما يجد نفسه قد تحول من طفل مجهول الأب
الى انسان راشد بدون أب وبدون هوية، مؤكدة اننا "نتحدث عن الموضوع بحذر شديد
لأنه حقل خصب للتجاذب الأيديولوجي، إذ أن النسب رابطة محروسة من طرف المرجعيات
الأساسية كالدين والقوانين والأعراف والتقاليد".
وكانت المقاربة الدينية للموضوع حاضرة أيضا من خلال
مداخلة الدكتور محمد كنون الحسني منسق المجالس العلمية بالجهة ورئيس المجلس العلمي
المحلي بطنجة الذي قدم مداخلة حول "حقوق الطفل في الإسلام : الحق في النسب
نموذجا" أكد فيها على أن الشرع الإسلامي متشوف تشوف للحوق الأنساب، فالنسب
يثبت بمجرد الظن، والإسلام وسع من مجال اثبات النسب وجعل الى جانب الفراش وسائل
أخرى مثل الإقرار إضافة الى القيافة، في مقابل ذلك ضيق بشكل كبير من إمكانية نفي
النسب حيث توجد وسيلة واحدة وهي اللعان، والذي قيده الفقهاء بشروط تجعله صعبة،
أهمها شرط السرعة، كما أشار المتدخل الى دور نظام الكفالة في الإسلام في معالجة
الظاهرة، مؤكدا "اننا اليوم أمام واقع مخيف يتجلى في الأعداد المتنامية من
الأطفال المزدادين خارج الزواج يعيشون في وضعية صعبة، وهي ظاهرة وواقع ينبغي
معالجته من جانب واحد هو الرأفة بهؤلاء الأطفال الذين لا ذنب لهم الا انهم نتيجة
لخطيئة من آخرين"، داعيا الى ضرورة اللجوء الى حل هذا الاشكال من خلال
الاجتهاد. أشغال الندوة
الفكرية، التي شارك فيها خبراء وباحثون وقضاة ومحامون وممثلو المؤسسات المعنية
بالطفولة والمجلس العلمي والجمعيات الفاعلة في المجال، عرفت مناقشات وازنة خلصت في
نهايتها الى ضرورة تعديل مدونة الأسرة في اتجاه حماية حق الطفل في النسب في جميع
الحالات بغض النظر عن الوضعية العائلية لأبويه، و اعتبار الخبرة الجينية سببا
للحوق النسب، والتعجيل بالمصادقة على قانون الدفع بعدم دستورية القوانين، وتشجيع
باب الاجتهاد والاعمال الاوسع للاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان. وتجدر الإشارة الى أن أشغال هذه الندوة
تميزت بالتوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان وهيئة
المحامين بتطوان لتعزيز العمل المشترك ونشر ثقافة حقوق الإنسان، فكرا وممارسة،
خاصة وسط الفاعلين في هيئات الدفاع ومؤسسات إنفاذ القانون.
1 التعليقات:
إرسال تعليق