تابعونا على الفيسبوك

Disqus

من يحق له تحرير محضر جمركي؟

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
من يحق له تحرير محضر جمركي؟






الكاتب : ذ. يونس النهاري
باحث في العلوم القانونية والجمركية
حاصل على الماستر في القانون الخاص

مقدمة:
ينص الفصل 233 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة على أن إثبات الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة الجمركية يقوم بها أعوان الإدارات الذين أدوا اليمين طبقا للشروط المحددة في الفصل 3 من هذه المدونة وضباط الشرطة القضائية، وكذا كل الأعوان محرري المحاضر التابعين للقوة العمومية.
ويقصد بالأعوان محرري المحاضر التابعين للقوة العمومية، رجال الشرطة والدرك الملكي الذين أثبتوا جريمة جمركية صادفوها أثناء قيامهم بالبحث في قضية تهم القانون العام، مما ينبغي معه أن يكون هناك تعاون بين أعوان القوة العمومية، وبين أعوان إدارة الجمارك، بمعنى آخر أن يشعر كل واحد منهما الآخر بما ثبت لديه بمناسبة قيامه بعملية البحث في جريمة القانون العام أو القانون الجمركي.
من خلال الفصل 233 أعلاه يلاحظ أن المشرع المغربي وسع من دائرة الأشخاص المؤهلين للتثبت من الجريمة. الأمر الذي يدفعنا إلى طرح إشكالية جوهرية مفادها : حدود الأشخاص المكلفون بتحرير محضر جمركي؟، بدورها هذه الإشكالية تتفرع عنها عدة أسئلة من قبيل: هل هناك أشخاص غير أعوان إدارة الجمارك يحق لهم تحرير محضر جمركي؟، وهل المحضر المحرر من غير أعوان الجمارك له نفس الحجية القانونية؟. للإجابة على كل هذه الأسئلة وغيرها سوف نعتمد التقسيم التالي:
الفقرة الأولى: أعوان إدارة الجمارك
الفقرة الثانية: ضباط الشرطة القضائية

  
الفقرة الأولى: أعوان إدارة الجمارك
لقد خول القانون لأعوان إدارة الجمارك عدة سلطات وصلاحيات من أجل زجر الجنح والمخالفات المرتبطة بالتشريعات والتنظيمات الجمركية أو التشريعات والتنظيمات الأخرى التي تتكلف إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بتطبيقها، وفي ذلك يتمتعون بسلطات واسعة يتعين ممارستها دون الإخلال بحقوق الأفراد، وهي اختصاصات تدخل في نطاق مهام الشرطة القضائية، وفي هذا الإطار يقومون بأبحاث تمهيدية وأبحاث في إطار التلبس[1].
وإن كان إسناد مهمة تحرير المحاضر لأعوان الإدارة ومن ضمنهم أعوان إدارة الجمارك مجافاة وخروج عن مضمون المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، التي تحدثت عن ضباط وليس أعوان الشرطة القضائية.  فإن التسليم بهذا الأمر يتعارض مع مقتضيات الفصل 242 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة و المادة 19[2] و 289 من قانون المسطرة الجنائية ذاتها.
من جهة أخرى ولأجل رفع كل لبس عن مهام أعوان إدارة الجمارك بخصوص –اختصاصهم في تحرير المحاضر وإثبات الجريمة وجب التمييز بين الأعمال التي يقومون بها في إطار المهام الإدارية والأعمال التي يقومون بها في إطار مهام الشرطة القضائية.
فالمهام الإدارية المسندة لأعوان إدارة الجمارك تتمثل في مراقبة العمليات والإجراءات الجمركية، والتحقق من مدى احترامها للقوانين الجمركية، كما تهدف إلى الوقاية من الجريمة وتفادي وقوعها كمعاينة البضائع ووسائل النقل وتفتيشها، ومراقبة هوية وصفة الأشخاص الذين يدخلون إلى التراب الجمركي أو يخرجون منه أو يتجولون في الدائرة، وحق المطالبة بالوثائق والحصول عليها والقيام بحجزها عند الاقتضاء، تفتيش الأشخاص وذلك تبعا لمعلومات أو قرائن على وجود الغش، ويخضع لشكليات دقيقة تم سنها بواسطة دوريات للإدارة، وكل هذا يختلف تماما عن أعمال الشرطة القضائية، ذلك أن هذه الأخيرة تهدف إلى إثبات الجريمة وجمع الأدلة والبحث عن مرتكبيها، حيث تعتبر مقتضيات المادتين 19 و27 من قانون المسطرة الجنائية الأساس القانوني لممارسة أعوان إدارة الجمارك لمهام الشرطة القضائية وذلك حسب الشروط وضمن الحدود التي وضعتها النصوص الخاصة التي خولتهم ممارسة هذه المهام[3].
بمعنى أنه كلما كانت اختصاصات أعوان إدارة الجمارك تتعلق بأعمال الشرطة القضائية فإنه يعترف لهم قانونا بمهمة معاينة وإثبات الجريمة الجمركية ومن تم تحرير محضر بشأنها، مع تضمينه كافة الوقائع والإجراءات وفقا للشروط و الشكليات المنصوص عليها في مدونة الجمارك.
يتضح مما سبق، أن أعوان إدارة الجمارك مؤهلون بل ومكلفون بمتابعة الجرائم ذات الطبيعة الجمركية وإثباتها بشتى طرق الإثبات القانونية ومن بينها المحاضر التي يكلفون بتحريرها عند ضبط أية مخالفة لنصوص القوانين الجمركية.
الفقرة الثانية: ضباط الشرطة القضائية
بالإضافة لأعوان إدارة الجمارك، خول المشرع لضباط الشرطة القضائية وكذلك كل الأعوان محرري المحاضر التابعيون للقوة العمومية صلاحية إثبات الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة الجمركية.
تعتبر الشرطة القضائية[4] إحدى الأجهزة التي أوكل إليها المشرع التثبت من الجرائم وجمع الأدلة عنها وإيقاف مرتكبيها، وهي بذلك أول سلطة تباشر عمليات البحث والتحري والتحقيق وتقوم بأدوار ووظائف تمهيدية تسبق إجراءات التحقيق الإعدادي والمحاكمة[5].وفي هذا الإطار تتحدد مهمة الشرطة القضائية في إثبات المخالفات والجنح الجمركية وتجميع الأدلة والبحث عن المشتبه فيهم وفقا لإجراءات قانون المسطرة الجنائية[6].
وبالاطلاع على بعض الأحكام في المادة الجمركية، تبين أن إثبات ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليه في المادة 20 من قانون المسطرة الجنائية لا يشمل المخالفات ذات الطابع الجبائي، أو ما يتعلق بمخالفة الأنظمة الجمركية وغير ذلك ذات الطبيعة الضريبية، كل ما في الأمر عملهم يقتصر في الغالب على إثبات الحيازة والاتجار الغير مشروعية للمخدرات والخمور[7].
أما فيما يخص الأعوان محرري المحاضر التابعين للقوة العمومية، فإذا كانوا ضباطا للشرطة القضائية، يمكن لهم بهذه الصفة القيام بإجراءات البحث التمهيدي عملا بمقتضيات المادة 27 من قانون المسطرة الجنائية، وبمقتضى ذلك يحق لهم القيام بجميع أعمال الحجز أو البحث والتحري وتحرير المحاضر والأدلة إذا تطلب تدخلهم القيام بإجراءات التفتيش أو الحجز، أو دخول المنازل، أو الوضع تحت الحراسة النظرية، أو تفتيش الأشخاص، فإنه يلزم حضور ضابط الشرطة القضائية المختص الذي له الصلاحية في القيام وحده بهذه الإجراءات، كما يجب أن يدرج اسمه لزوما بالمحضر[8].
ويحق لأعوان الإدارات العمومية إثبات الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة الجمركية من خلال إثباتها عن طريق الحجز أو البحث (الفصل 233 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة)، وفق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في مدونة الجمارك وبالتالي لا يحق لهم تحرير محضر في هذا إلا أن ممارسة هذا الحق يظل مرتبطا بالمهام المناطة بهم، وتحت إشراف ومراقبة الشرطة القضائية دون إدارة الجمارك[9].

خاتمة:
ما يجب الإشارة إليه في الأخير أنه لا فرق بين محضر أعد من قبل أعوان الجمارك ومحضر أعد وفقا للشروط والشكليات المنصوص عليها في مدونة الجمارك من قبل غيرهم من الأعوان المؤهلين بموجب الفصل 233 من هذه المدونة.


لائحة المراجع المعتمدة:

الكتب

&  أحمد قيليش ومحمد زنون وسعاد حميدي ومجيدي السعدية: "الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية"، مطبعة الأمنية –الرباط- ،2016،

الاطروحات

& فؤاد أنور: "التخليص الجمركي البضائع في التشريع المغربي"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- عين الشق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2006-2007،

بحوت نهاية التدريب

& بدر غلان وعلاء الشاهد: "وسائل الإثبات في المخالفة الجمركية وحدود المسؤولية فيها"، بحث نهاية التدريب، المملكة المغربية وزارة العدل والحريات، المعهد العالي للقضاء، مديرية تكوين الملحقين القضائيين والقضاة، الفوج 37، فترة التدريب 2011-2013،

مقالات

? حجار فتح الله: "القوة الثبوتية لمحاضر أعوان الجمارك"، مقال منشور بمجلة الجمارك المغربية، عدد: 5/1995،




[1]- حجار فتح الله: "القوة الثبوتية لمحاضر أعوان الجمارك"، مقال منشور بمجلة الجمارك المغربية، عدد: 5/1995، الصفحة: 7.
[2]- ينص هذا الفصل على أنه: "تضم الشرطة القضائية بالإضافة إلى الوكيل العام للملك ووكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق، بوصفهم ضباطا للشرطة القضائية :
  أولا: ضباط الشرطة القضائية؛
  ثانيا: ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث؛
  ثالثا: أعوان الشرطة القضائية؛
  رابعا: الموظفون و الأعوان الذين ينيط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية."
[3]- بدر غلان وعلاء الشاهد: "وسائل الإثبات في المخالفة الجمركية وحدود المسؤولية فيها"، بحث نهاية التدريب، المملكة المغربية وزارة العدل والحريات، المعهد العالي للقضاء، مديرية تكوين الملحقين القضائيين والقضاة، الفوج 37، فترة التدريب 2011-2013، الصفحة: 15.
[4]- تناول المشرع المغربي جهاز الشرطة القضائية ومهامها وكيفية قيامها بالإجراءات الموكولة لها من المواد 16 إلى 35 من قانون المسطرة الجنائية.
[5]- أحمد قيليش ومحمد زنون وسعاد حميدي ومجيدي السعدية: "الشرح العملي لقانون المسطرة الجنائية"، مطبعة الأمنية –الرباط- ،2016، الصفحة: 14.
[6]-ينص الفصل 18/1 من قانون المسطرة الجنائية على أنه: "يعهد إلى الشرطة القضائية تبعا للبيانات المقررة في هذا القسم بالتثبيت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها".
[7]- من خلال الاطلاع على مجموعة من الأحكام الصادرة على الأقل في المحكمة الابتدائية بمكناس يلاحظ أن عمل الضابطة القضائية في الميدان الجمركي لا يخرج عن مجرد إثبات الاتجار والحيازة في المخدرات والمشروبات الكحولية.
[8]- بدر غلان وعلاء الشاهد: مرجع سابق، الصفحة: 20.
[9]- قرار المجلس الأعلى(محكمة النقض حاليا) عدد: 3637 بتاريخ 17/04/1984، ملف جنحي عدد: 86232/84، أورده:
- فؤاد أنور: "التخليص الجمركي البضائع في التشريع المغربي"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- عين الشق الدار البيضاء، السنة الجامعية 2006-2007، الصفحة: 446.
التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016