التعليق على القرار رقم 2065 ملف اجتماعي عدد 9570/89 المتعلق بحادثة شغل
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
التعليق على القرار رقم 2065
ملف
اجتماعي عدد 9570/89
المتعلق بحادثة شغل
مليجي
الصحراوي-
طالب باحث
بسلك الماستر- قانون الأعمال
سنحاول التعليق على
القرار رقم 2065 الصادر عن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) بتاريخ 10 شتنبر 1990 ملف اجتماعي عدد 9570/89 [1] .
تتلخص الوقائع في أن المرحوم صالح الوادي سقط
مغشيا عليه و هو يعمل في فندق سفير و نقل إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه في نفس اليوم,
و بعد إحالة التصريح بالحادثة على المحكمة الابتدائية أصدرت حكمها في الملف عدد
1303/86 باعتبار الحادثة حادثة شغل و قضت لورثة الضحية بالإيراد , و بعد استئناف
الحكم من طرف كل من شركة التامين العربية و المشغل أصدرت محكمة الاستئناف بمراكش قرارها
عدد 233 بتاريخ 25 يناير 1989 بإلغاء الحكم الابتدائي و الحكم من جديد برفض الطلب .
طعن الورثة في القرار و عابوا عليه انعدام الأساس القانوني ذلك أن موروثهم كان
يعمل بصفة طبيعية لصالح فندق سفير و هذا ما أكده التقرير الطبي في 07 فبراير1981 و
أن وفاته كانت بسبب النزيف بعد سقوطه و أنه بعد 7 سنوات يأتي تقرير مقتضب للدكتور
المنصوري اعتمد على الوثائق الطبية دون معاينة المرحوم يخلص فيه إلى أنه لا علاقة لوفاة موروثهم
بانزلاقه كما أن القرار لم يبين لماذا
استبعد الخبرات السابقة مما يجعله منعدم الأساس القانوني .
وقد ثبت صدق
ما نعته الوسيلة على القرار , وأنه من الثابت و مما لا جدال فيه أن الضحية سقط مغميا عليه و هو يعمل عند مشغله فندق سفير حيث لفظ أنفاسه بعد
نقله للمستشفى و من تم فان الحادثة تعتبر
حادثة شغل و لو كانت نتيجة عن نزيف دموي
أصيب به الضحية قبل سقوطه على الأرض اللهم إلا إذا برهن المؤاجر انه كان عرضة سهلة
للأمراض قبل إصابته .و أن محكمة الاستئناف عندما اعتبرت الحادثة ليست حادثة شغل
بمجرد كون التقرير الطبي أثبت أن الوفاة كانت نتيجة عن النزيف و ليس عن السقوط من
غير أن يثبت المؤاجر أو مؤمنه أن الضحية كان عرضة سهلة للأمراض و من غير أن تتأكد
من ذلك جعلت قرارها منعدم الأساس القانوني مما يتعين نقضه .
و لهذه
الأسباب قضى المجلس الأعلى بنقض قرار محكمة الاستئناف بمراكش و بإحالة الملف على
نفس المحكمة لتبت فيه من جديد طبقا للقانون و هي مؤلفة من هيئة أخرى و بتحميل
المطلوبتين الصائر .
سنحاول البحث
و التركيز في هذا التعليق على العلاقة السببية بين الحادثة و الشغل أي الطابع
المهني للحادثة في نقطة أولى, و على العلاقة السببية بين الحادثة و الضرر في نقطة ثانية.
النقطة
الأولى : العلاقة السببية بين الشغل و
الحادثة أو الطبيعة المهنية للحادثة:
لا
يعتبر كل فعل ضار يتعرض له الأجير الذي يستفيد من مقتضيات القانون 18.12 [2] حادثة
للشغل , إذا لا بد لكي يطالب هذا الأخير بتطبيق أحكام هذا القانون , من وجود علاقة
ما بين الشغل و الحادثة نظرا للطابع الاستثنائي للمسؤولية الملقاة على عاتق المشغل
و الأسس التي تنبني عليها هذه المسؤولية من جهة أخرى.ولذلك فان هذه العلاقة غالبا ما يصعب تحديدها لانعدام وجود خط يفصل ما بين الضرر المسمى بحادثة شغل و الضرر
العادي , وحتى لا يبقى تردد فيما إذا كان الفعل الضار الذي يعتبر حادثة شغل هو
الضرر الحاصل من جراء الشغل أو الضرر الذي ما كان يقع لو لم يقم الأجير بعمله , فقد
نص المشرع المغربي في المادة 3 من القانون 18.12 على أنه :" تعتبر حادثة شغل كل حادثة , كيفما كان
سببها يترتب عنها ضرر , للمستفيد من أحكام هذه القانون , سواء كان أجيرا أو يعمل بأي
صفة تبعية كانت و في أي محل كان إما لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين , وذلك بمناسبة
أو بسبب الشغل أو عند القيام به , و لو كانت هذه الحادثة ناتجة عن قوة قاهرة , أو
كانت ظروف الشغل قد تسببت في مفعول هذه القوة أو زادت من خطورتها إلا إذا اثبت
المشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون أن مرض المصاب كان سببا مباشرا في
وقوع الحادثة
.
و
يقصد بالضرر في مفهوم هذا القانون كل إصابة جسدية أو نفسية تسببت فيها حادثة الشغل
و أسفرت عن عجز جزئي أو كلي , مؤقت أو دائم , للمستفيد من أحكامه " . وبهذا النص يكون المشرع المغربي قد
استخدم صيغة مرنة تترك مجالا, و حرية كبيرة للمحاكم و للاجتهاد القضائي في تكييف
الفعل الضار الذي يقع بمناسبة القيام بالشغل أو
بسببه بأنه حادثة شغل أم لا.
موقف
الفقه و الاجتهاد القضائي من العلاقة بين الشغل و الحادثة:
ثار جدال فقهي لمعرفة ما إذا كانت العلاقة بين
الشغل و الحادثة تستند إلى نظرية المخاطر المهنية أم إلى نظرية التبعية
القانونية [3]. فالنظرية الأولى تقوم على المبدأ القائل بأن
الغنم بالغرم , و اعتبرت المشغل مسؤولا عن الحوادث التي يتعرض لها أجراءه لأنه
يجني الفائدة التي تدرها عليه المهنة , و من هنا جعلت هذه النظرية العلاقة بين
الشغل و الحادثة قائمة على الفوائد التي تجنيها المقاولة من مهنة الأجير , بحيث
يصبح التعويض الذي يجب على المشغل دفعه للمصاب أو ذوي حقوقه داخلا ضمن المخاطر
التي تتحملها المقاولة في مقابل ما يعود عليها من نفع , و بذلك فقد بنيت العلاقة
ما بين الشغل و الحادثة في هذه النظرية
على أساس المخاطر الناتجة عن النفع .
أما النظرية الثانية فهي نظرية التبعية القانونية التي تعتد بما إذا كان
الشغل قد أنجز بأمر من المشغل أو تحت رقابته أو إشرافه و توجيهه لأن التبعية
القانونية من المميزات الأساسية لعقد الشغل , و بالتالي فإن التعويض عن حوادث
الشغل ما هو إلا أثر من الآثار الناتجة عن تنفيذ عقد الشغل , و أن المشغل مسؤول عن
الأضرار التي تحدث للأجير مادام يقوم بعمله تحت إشرافه و رقابته و توجيهه , وبذلك
لا تبنى هذه النظرية العلاقة بين الشغل و الحادثة على النفع الذي تجنيه المؤسسة من
الشغل , و لكن على أساس المخاطر الناتجة عن سلطة المشغل في الإشراف و التوجيه و إعطاء
الأوامر أو ما يعبر عنه بالتبعية القانونية , التي نرى أنها أولى بالتطبيق على نازلة
القرار الذي نحن بصدد التعليق عليه ,
فالأجير لما حل بالفندق و باشر القيام بالشغل المنوط به تنفيذا لأوامر المشغل و
تحت رقابة و توجيه هذا الأخير أو من يقوم مقامه فإنه يكون مسؤولا عن الضرر الذي
تعرض له الأجير المتوفى و دفع الإيرادات و
التعويضات الواردة في القانون 12.18 لذوي حقوقه . و قد صرحت محكمة النقض
الفرنسية في قرارها الصادر في 20 أبريل 1912 "بأنه يجب أن تعتبر بمثابة حادثة للشغل
الحادثة التي تقع للأجير بمناسبة ممارسته لمهامه التي يفرضها عليه عقد الشغل
المبرم بينه وبين المؤاجر"[4] .
و يعتبر
الاجتهاد القضائي المغربي شأنه شأن نظيره الفرنسي أن الحادثة التي يتعرض لها
الأجير و هو في وقت و مكان العمل حادثة شغل نظرا لوجود هذا الأخير في علاقة التبعية
التي تربطه بالمشغل , و في هذا الصدد تتوسع المحاكم في إعطاء الفعل الضار و صف
حادثة شغل لأن المادة 3 من القانون 12.18 لا تعتد بسبب الحادثة من جهة , و تترك
لها سلطة تقديرية لتفسير الحادثة التي تصيب الأجير بمناسبة القيام بالشغل من جهة أخرى , بحيث متى ثبت لها أن
الحادثة حصلت في وقت و مكان العمل إلا و مالت إلى اعتبارها تكتسي طابعا مهنيا أي
حادثة شغل , حتى إن عبارة " وقت و مكان العمل " أصبحت من
العبارات المألوفة التي كثيرا ما ترد في أحكام المحاكم , و لا يحصر الاجتهاد
القضائي المغربي هذه المسالة في الحوادث التي تتسبب فيها الآلة أو أدوات الشغل فقط
, بل يعممها على الحوادث مهما كان سببها , اذ يعتبر الفعل الضار الحاصل في و وقت و
مكان العمل حادثة شغل ، و قد ورد في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 5 فبراير
1969 " بما أن محكمة الاستئناف ثبت لديها أن الحادثة وقعت في مكان و وقت العمل , فإنها صادفت الصواب
عندما اعتبرتها حادثة شغل "[5] .
من خلال ما تقدم يتضح أن الاجتهاد
القضائي يعتمد على علاقة التبعية لتحديد
العلاقة بين الشغل و الحادثة , متى أنجز الشغل في وقت و مكان العمل و بمناسبته , و
كان الأجير خاضعا لتوجيه و إشراف مشغله منفذا لأوامره , أي خاضعا للتبعية
القانونية , لذا فإننا نسلم بسهولة أنه كان يخضع إلى هذه التبعية , فإذا ما أصيب
بحادثة شغل , فإن المشغل مسؤول عن هاته الأضرار و أن عليه أو على مؤمنه دفع التعويضات و
الإيرادات المنصوص عليها لفائدة الأجير أو لذوي حقوقه في حالة وفاته .
النقطة
الثانية : العلاقة السببية بين الحادثة و الضرر:
يهدف قانون 12.18 إلى تعويض الضرر
الحاصل من جراء حادثة الشغل , و ككل القوانين الخاصة بالتعويض يهتم القانون
المذكور بالضرر اهتماما كبيرا إذ أن حاثة الشغل لا تؤخذ بعين الاعتبار إلا إذا
كانت السبب في حصول هذا الضرر بحيث أن الأجير إذا ما تعرض لحادثة و هو يقوم بعمله و
خرج منها سالما معافى , غير مصاب بأذى فإنه لا يمكنه مطالبة مشغله بشيء . على أنه إذا
كان لا بد من وجود ضرر للمطالبة بالتعويض , فإنه يجب القول أن و جود الضرر و حده
لا يكفي , بل لابد أن يكون هذا الأخير ناتجا عن حادثة التي هي عبارة عن فعل ضار
يصيب الأجير فجأة [6] أي أنه لا بد من وجود علاقة سببية بين
الحادثة و بين الضرر الذي يصيب جسم الأجير و في أغلب الأحيان فان إثبات هذه
العلاقة يتم بدون صعوبة إذا ما اكتسى
الفعل الضار صفة حادثة شغل و ترتب عليه حصول أضرار للأجير في جسمه مباشرة على إثر
الإصابة .
فإذا
خلفت حادثة الشغل ضررا حصل للمصاب بكيفية فورية و مباشرة , فإن المحاكم تأخذ بصدد
هذا الضرر المباشر بقرينة الإسناد و العزوية و
اللزومية , و التي بمقتضاها يعزى الضرر أو يسند إلى حادثة
الشغل . لكن هل لابد من إقامة الدليل على أن السبب في حصول الضرر هو الحادثة طبقا
للقاعدة القائلة بان البينة على المدعي, أم يكتفي بوقوع الحادثة فقط من أجل
استخراج العلاقة السببية بينها و بين الضرر .
منذ
السنوات الأولى لتطبيق ظهير 25 يونيو 1927 نجد الاجتهاد القضائي المغربي[7] يأخذ بقرينة الإسناد مستعملا نفس العبارات
التي كانت توردها محكمة النقض الفرنسية مرارا في قراراتها التي تصرح " بأن
كل ضرر يحصل من جراء حادثة تقع بسبب الشغل أو بمناسبة القيام به يجب اعتباره ناتجا
عن حادثة شغل إلا إذا أقيم الدليل على عكس ذلك " [8] و هذه القرينة التي يأخذ بها الاجتهاد
القضائي المغرب يستفاد من قرارات المجلس الأعلى كما في القرار الصادر بتاريخ 24
مارس 1964 [9] الذي يتمسك بنفس العبارات التي توردها محكمة
النقض الفرنسية , يمكن تبريرها انطلاقا من الاتجاه الذي أعطاه المشرع المغربي
للقانون 12.18 و خصوصا مقتضيات المادة 3 منه التي تقضي بأنه "
تعتبر حادثة شغل كل حادثة , كيفما كان سببها يترتب عنها ضرر , للمستفيد من أحكام
هذه القانون , سواء كان أجيرا أو يعمل بأي صفة تبعية كانت و في أي محل كان إما
لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين , وذلك بمناسبة أو بسبب الشغل أو عند القيام به ,
...إلا إذا اثبت المشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون أن مرض المصاب كان
سببا مباشرا في وقوع الحادثة... " . فقد أراد المشرع
المغربي أن يحمل المشغل الأضرار التي تقع للأجير من جراء الحادثة التي تقع بسبب
الشغل الذي أمره بالقيام به بحيث أن كل ضرر ينجم مباشرة عن هذه الحادثة يفترض أنه
مرتبط بها , و على المشغل أن يقيم الدليل على عكس ذلك بأن يثبت بأن الضرر الذي
يعتقد أنه موال لوقوع الحادثة هو سابق لوقوعها مثلا أو أنه بالرغم من كونه ظهر مع
الحادثة فإن له سببا آخر أجنبيا عن هذه الأخيرة .
و في هذا
الصدد قضى المجلس الأعلى في قراره بتاريخ 27 يونيو 1961 " بأن وفاة الأجير
التي حصلت بسبب سكتة قلبية أثناء الشغل يفترض أنها ناتجة عن حادثة الشغل , و لهدم
هذه القرينة فإنه يجب على المؤاجر أو على مؤمن أن يثبت مرضا سابقا للمصاب و أن
يقيم الدليل على أن الأزمة القلبية لم يتسبب فيها الشغل " [10] كما في نازلة الحال لدينا فعلى المشغل أو
مؤمنه إثبات أن النزيف سابق عن السقوط المفاجئ للأجير و ليس ملازما له , و أن وفاة
هذا الأخير كانت بسبب النزيف و ليس بسبب السقوط العنيف , و أن النزيف ناتج عن
استعدادات مرضية سابقة و ليس عن ظروف و ضغوط الشغل , وأن الأجير كان سيموت في جميع
الأحوال حتى و لو لم يحضر إلى الفندق و أدائه لعمله . مع الإشارة إلى أن أي منهما لم يطالب بتشريح
الجثة و أن ذوي الحقوق لم يعارضوا في ذلك, بل اكتفيا بعد 7 سنوات من الوفاة بتقرير
منجز من طرف الطبيب المنصوري دون معاينة المرحوم .
و يرى
- أستاذنا الدكتور امال جلال - بأن موقف الاجتهاد القضائي المغربي و على رأسه
المجلس الأعلى يعفي الأجير أو ذوي حقوقه في حالة وفاته من إثبات العلاقة السببية
بين حادثة الشغل و الضرر و يحمل على عاتق المشغل أو مؤمنه عبئ إثبات العكس و إثبات استعدادات الأجير المرضية السابقة أو
الأمراض السابقة لوقوع الحادثة التي غالبا ما يتمسك بها المشغل للدليل على أن
الإصابة ناتجة عنها و ليس عن حادثة الشغل . و قد قدر للاجتهاد القضائي المغربي أن
ينظر في قضايا من هذا النوع تتعلق مثلا بالإصابات الناتجة عن الفتق أو داء السل
بحيث كان موقفه واضحا إذ قضى بأن المشغل أو مؤمنه لا يمكنه أن يتحلل من أداء
التعويض إلا إذا اثبت أن الضرر يشكو منه المصاب يجد مصدره في الاستعداد المرضي
لهذا الأخير و أن الحادثة لم تكن السبب الذي سمح باندلاع هذا الضرر . و في هذا
الصدد قضت محكمة استئناف الرباط في حكمها الصادر بتاريخ 17 ابريل 1954 "
أنه تعتبر ناتجة عن حادثة شغل وفاة الأجير المصاب بداء السل و التي حدثت 12 يوما
بعد إصابة هذا الأخير في ظهره على حادثة شغل , و أنه كان على المؤاجر أن يثبت في
الوقت المناسب أن وفاة هذا الأجير كانت ستحصل و لو لم يصب في حادثة شغل "
[11] , فمن
باب أولى الوفاة التي حصلت مباشرة بعد سقوط الأجير مغشيا عليه و هو يعمل في الفندق و نقله إلى المستشفى حيث لفظ أنفاسه هناك كما في نازلة الحال التي بين أيدينا.
كما نحا المجلس الأعلى منحى المحاكم المغربية
الدنيا إذ رفض في قراره الصادر في 30 دجنبر 1965 [12] نقض
حكم محكمة استئناف الرباط لأن المحكمة المذكورة اعتبرت أن إصابة عظام الرجل تكون
ناتجة عن حادثة شغل حتى و لو كان هناك داء من هذا النوع ناتج عن إصابة سابقة ما
دامت الحادثة هي التي كشفت عن هذا الداء الذي اختفى إلى حد وقوعها .
فهذا
الاتجاه الذي يسير فيه الاجتهاد القضائي المغربي و الذي يبدو معقولا و مقبولا- حسب
أستاذنا الفاضل - يمكن تبريره بأن المحاكم تطبق مقتضيات القانون 12.18 متى تبين
لها أن رابطة السببية هي كافية لهذا التطبيق و لو كانت عرضية. فكما هو الشأن
بالنسبة للمسؤولية المدنية , فان المحاكم لا تفحص أمام أسباب متعددة للضرر أي هذه
الأسباب كان رئيسيا و أيها كان فرعيا , و لذلك فهي تكتفي بالتصريح بأن الفعل
المختلف حوله و هو حادثة الشغل , هو أحد أسباب الضرر , علما بأن الأسباب الأخرى
تعد على درجة واحدة من حيث أهميتها . و عليه فهي تطبق نظرية تكافؤ
الأسباب حماية الأجير و لذوي
حقوقه , و هذه النظرية تعد منطقية نظرا لكونها تعتبر أن آخر هذه الأسباب , وهي
وقوع الحادثة , هي التي سمحت للأسباب السابقة بأن تتدخل , و لذلك لا يعقل أن تكون
قيمة هذه الحادثة أقل من قيمة الأسباب الأخرى , لأنه لولا وقوع هذه الأخيرة لتأخرت
الاستعدادات المرضية للمصاب عن الظهور أو لما اندلعت إطلاقا. و عليه فانه من
العدالة أن يعتبر ضرر المصاب ناتجا عن الحادثة التي هي آخر سبب من أسباب الضرر , و
على المشغل أو مؤمنه أن يقيم الدليل على أن الضرر لا يجد مصدره في الحادثة و إنما
في سبب آخر هو أجنبي عنها .
من خلال ما تقدم نرى أن موقف كل من المحكمة
الابتدائية, و المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) كان سليما لما اعتبر أن حادثة
سقوط الأجير أثناء عمله حيث لفظ أنفاسه حادثة شغل ولو كانت ناتجة عن نزيف. و أن محكمة
الاستئناف قد خرقت القانون لما اعتبرت
الحادثة ليست حادثة شغل لمجرد أن الوفاة كانت نتيجة نزيف و ليس للسقوط على الأرض,
و من غير أن يثبت المشغل أو مؤمنه أن الضحية كان عرضة سهلة للأمراض قبل إصابته
بالنزيف الدموي , ومن غير أن تتأكد من ذلك جعلت قرارها منعدم الأساس القانوني مما
عرضه للنقض .
[1] - مجلة قرارات المجلس الأعلى في المادة الاجتماعية 1962-1996, منشورات المجلس الأعلى في ذكراه
الأربعين سنة
1997, ص 79.
[2] - الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 1.14.190 بتاريخ 29 دجنبر 2014, الجريدة الرسمية عدد 6328 , بتاريخ 22
يناير 2015, ص 489
.
[3] - أستاذنا الدكتور آمال
جلال " مسؤولية المؤاجر عن
حوادث الشغل و الأمراض المهنية "نشر كلية الحقوق بالرباط , الطبعة الأولى
1977,ص 203 .
[6] - للتوسع أكثر في العناصر المكونة للحادثة راجع أستاذنا الدكتور
آمال جلال, المرجع السابق الفقرة رقم 159 ص 183 و ما بعدها.
[8] - القرار الصادر عن محكمة النقض الفرنسية بغرفها مجتمعة بتاريخ 17
ابريل 1921, أورده لأستاذنا الدكتور آمال جلال, بالمرجع السابق ص 219
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة
الخصوصية
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق