رقابة السلطة القضائية على حسن سير مهام الطب الشرعي" دراسة في ضوء القانون الجديد رقم 17-77 المتعلق بممارسة مهام الطب الشرعي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
رقابة السلطة القضائية على حسن سير مهام الطب الشرعي"
دراسة في ضوء القانون الجديد رقم 17-77 المتعلق بممارسة مهام
الطب الشرعي
فاطمة الزهراء جمجمة
باحثة
في قانون الأعمال
عرف يوم 6 مارس 2020 صدور الظهير
الشريف رقم 08-20-11 القاضي بتنفيذ القانون رقم 17-77 المتعلق بتنظيم ممارسة مهام الطب
الشرعي، هذا القانون الذي يهدف إلى وضع إطار قانوني متكامل وموحد لممارسة الطب الشرعي
بالمغرب والرفع من مستوى العاملين بهذا المجال بغية تشجيع الإقبال على هذا التخصص بالجامعات
المغربية و ذلك من خلال استقطاب الأطباء الداخليين و تحفيزهم ماديا و معنويا للولوج
إليه و تحسين ظروف تكوينهم و كذا توفير أفاق مهنية محفزة لهم.
و الجدير بالذكر أن صدور هذا
القانون يأتي في إطار استكمال تنزيل بنود الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة على
اعتبار أن الطب الشرعي يعتبر من أهم الوسائل العلمية التي تساهم في كشف ملابسات الجرائم
و جمع الأدلة وهو بذلك يلعب دورا محوريا في خدمة أجهزة العدالة الجنائية.
ولعل ما يتضمنه هذا القانون
من مقتضيات تتجلى في تحديد المقصود بالطبيب الممارس لمهام الطب الشرعي وتحديد اختصاصاته
وحقوقه وواجباته و كيفية انتدابه لكي تبقى جل هذه المقتضيات
دون جدوى إن لم تمارس عليها السلطة القضائية رقابتها سواء
القبلية أو البعدية.
ويظهر
بجلاء الدور الأولي الذي يلعبه القضاء فيهذا الإطار من خلال الرقابة التي تمارسها
الجهة القضائية على السجل الخاص بالمهام المسندة إلى الطبيب الشرعي الممارس لهذه المهام
الذي يتمتع بكامل الاستقلالية في إبداء آرائه الفنية و التقنية بشأن المهام الموكولة
إليه و لا تحول هذه الاستقلالية دون مراقبة الجهة القضائية التي انتدبته لتقديم جميع
التوضيحات المطلوبة منه بشأن النتائج و الخلاصات التي توصل
إليها حسب ما جاءت به المادة الخامسة منه، ومن أجل ضبط عمل
الطبيب الشرعي وتسهيل الرقابة على أعماله ألزمه المشرع في الفرع الثالث من القانون
رقم 17-77 وذلك بالمواد من أربعة و عشرون إلى
ثلاثون بإعداد تقرير يضمن فيه على الخصوص البيانات المنصوص
عليها في المادة أربعة و عشرون مع ضرورة توقيعه من طرفه و
إحالته في ثلاثة نسخ إلى الجهة القضائية التي انتدبته مع تسليم نسخة منه إلى ضابط الشرطة
القضائية بإذن منها عند الاقتضاء.
هذا التقرير الذي يكتسي طابعا
سريا إذ لا يمكن الاطلاع عليه إلا من طرف الجهة القضائية التي انتدبته أو ضابط الشرطة
القضائية بإذن منها أي النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو هيئة الحكم كل في حدود اختصاصه
المحدد بمقتضى القانون ( المادة 12).
و برجوعنا إلى المادة 15 نجد القانون ألزم الطبيب الشرعي
بضرورة إشعاره للجهة القضائية التي انتدبته حال تعذر قيامه بمهمته بحيث لا يمكنه التخلي عن أداء
مهمته إلا بناء على موافقتها.
وما يعزز القول بوجود رقابة
قضائية قوية على ممارسة مهام الطب الشرعي مما يضفي
نوع من الشرعية عليها هو التنسيق المنصوص عليه
في المادة السادسة عشر بين
الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف ورئيس النيابة
العامة في الرقابة على الطب الشرعي إذ يقومون برفع تقارير سنوية إلى الوكيل العام للملك
لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة حول حصيلة العمليات المنجزة من قبل الأطباء
الممارسين لمهام الطب الشرعي داخل نفوذ دوائرهم القضائية بالإضافة إلى قيام الوكيل
العام للملك لدى محكمة النقض بإعداد
تقرير تركيبي سنوي على ضوء التقارير يرفقه عند الاقتضاء بالملاحظات التي تثيرها ممارسة
مهام الطب الشرعي.
ولا يمكن للطبيب الشرعي عند
القيام بعمليات التشريح أن ينتدب المختبرات المختصة من
أجل الاحتفاظ بعينات تحديد أسباب الوفاة إلا بعد طلبه من الجهة
المختصة التي انتدبته إصدار أمر بذلك مع ضرورة موافقة السلطة القضائية لتسليم الطبيب
الشرعي الجثة المشرحة إلى ذويها (المواد من 21 و 22)مع وجوب رفعه لتقرير إلى الجهة
القضائية المختصة فور إنجاز عملية التشريح و قبل دفن الجثة ( المادة 26)، و تبقى للجهة
القضائية المختصة السلطة التقديرية في قبوله أو الاعتراض عنه بعد الاستماع إلى توضيحات
الطبيب الممارس للطب الشرعي بشأن المهام التي أنجزها و تفسير مضمون التقرير الذي أعده
مع وجود إمكانية إصدار أمر من قبل الجهة القضائية بالقيام بما تراه مناسبا لإظهار الحقيقة
أو أن تأمر باجراء خبرة مضادة أو خبرة تكميلية طبقا للتشريع الجاري به العمل ( المادة
29 و 30).
ومن المحاسن التي تحسب لهذا
القانون في علاقته بالسلطة القضائية و الرقابة التي تمارسها هذه الأخيرة على حسن سير
مهام الطب الشرعي فقد خصص الباب الرابع منه للأحكام التأديبية تجاه كل طبيب منتدب للقيام
بمهام الطب الشرعي الذي يرتكب خطأ مهنيا عند إخلاله الغير المبرر بتنفيذ الانتدابات
القضائية الموجهة إليه أو كل تأخير عمدي و غير مبرر في إنجازها
مما يعرضه للمتابعات و العقوبات التأديبية التي تنشأ عنها مسؤوليته التأديبية هذا من
جهة.
أما من جهة ثانية، فقد خول المشرع
حماية قضائية لهم عبر زجر كل من استعمل صفة طبيب ممارس للطب الشرعي أو زاول مهامه المحددة
في هذا القانون دون أن يكون مخولا له ذلك. وكذا زجر كل طبيب ممارس للطلب الشرعي منتدب
بمقتضى مقرر قضائي قدم رأيا كاذبا أو ضمن تقريره وقائع يعلم أنها مخالفة للحقيقة أو
أخفاها عمدا، إذ يعتبر مرتكبا لجريمة شهادة الزور و يعاقب بالعقوبات المقررة لها في
مجموعة القانون الجنائي.
و من أجل أن تتم ممارسة مهام
الطب الشرعي بشكل سليم فقد عاقب المشرع بالحبس من سنة إلى سنتين و غرامة من 1200 إلى
5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل شخص عرقل أو حاول عرقلة عمل الطبيب الممارس
للطب الشرعي المنتدب من قبل الجهة المختصة في إطار المهمة الموكولة إليه ،دون أن ننسى
الحماية التي قررها له المشرع بمقتضى الفصلين 263 و 267 من مجموعة القانون الجنائي.
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة
الخصوصية
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق