دور القضاء الإداري في تحقيق التوازن بين السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والمجالس المنتخبة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دور القضاء
الإداري في تحقيق التوازن بين
السلطة الحكومية
المكلفة بالداخلية والمجالس المنتخبة
الداودي عادل
باحث في قانون و الجماعات
الترابية
كلية الحقوق: فاس
مقدمة:
جاءت القوانين
التنظيمية للجماعات الترابية لـتأكيد وتنزيل مقتضيات الدستور فيما يخص الجماعات
الترابية والجهوية المتقدمة، إذ حملت العديد من المستجدات من أهمها التخفيف من
الوصاية الإدارية لصالح الرقابة القضائية من خلال المحاكم الإدارية.
وتعتبر رقابة القضاء الإداري أهم ضمانة لاحترام
المشروعية من جهة، وضمان استقلالية الجماعات الترابية من جهة أخرى، كما ستضمن
الشفافية في العلاقة بين السلطة المركزية والجماعات الترابية.
فالقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات
الترابية تضمنت انتقالا واضحا من المفهوم التقليدي للوصاية الإدارية إلى مفهوم
متطور يعتمد على إشراك القضاء الإداري في الرقابة على الجماعات الترابية[1]،
فالقوانين التنظيمية لم تتحدث عن الوصاية بل تضمنت الرقابة الإدارية والقضائية على
الجماعات الترابية، محتذيا في ذلك بالقانون الفرنسي المنظم للرقابة على الجماعات
المحلية، الذي ألغى الرقابة الإدارية المسبقة على الهيئات اللامركزية، وحولها إلى
رقابة إدارية بعدية تنتهي إلى رقابة قضائية في حالة الإحالة على القضاء الإداري.
وانطلاقا من الدستور والقوانين التنظيمية
المتعلقة بالجماعات الترابية سوف نقف عند الاختصاصات الجديدة التي أسندها المشرع
للقضاء الإداري، حيث أسند له الاختصاص في البت في النزاعات التي تثور بين السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية من خلال ممثليها في
الجماعات الترابية والمجالس المنتخبة في إطار الرقابة على الجماعات الترابية، وذلك
طبقا للمادة 66[2]
من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات التي نصت على أنه “يختص القضاء وحده بعزل
أعضاء المجلس وكذلك التصريح ببطلان مداولات مجلس الجهة، وكذا إيقاف تنفيذ المقررات
والقرارات التي قد تشوبها عيوب قانونية…يختص القضاء وحده بحل مجلس الجهة”، ونفس
المقتضى جاءت به المادة 64 من القانون التنظيمي للعمالات و الأقاليم، والمادة 63
من القانون التنظيمي للجماعات.
فهذه المقتضيات تشكل نقلة نوعية في رقابة القضاء الإداري على الجماعات
الترابية، إذ أصبح يختص بإنزال العقوبات التأديبية على أعضاء المجالس المنتخبة،
وحل هذه المجالس، وهي اختصاصات جديدة تسند للمحاكم الإدارية بالإضافة إلى رقابة
المشروعية.
من خلال كل ما سبق يتضح أن المشرع المغربي
أراد تقوية دور القضاء الإداري لتعزيز الجهوية المتقدمة والرقي بها، وضمان
المشروعية، من خلال تحقيق التوازن بين ممثلي السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية والمجالس المنتخبة، وبما أن الجهة لها مركز الصدارة بالنسبة لباقي
الجماعات الترابية الأخرى وتطبيقا لأحكام الفصل 143 من الدستور[3]
سوف نتطرق لرقابة القضاء الإداري على المجالس الجهوية، وعليه فان محور الإشكالية
يتمثل في دور القضاء الإداري في تحقق
التوازن ما بين السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والمجالس المنتخبة، وإلى أي حد
كرس المشرع الرقابة القضائية كبديل عن الوصاية الإدارية على المجالس الجهوية ؟
المطلب
الأول: رقابة القضاء الإداري على أجهزة المجالس الجهوية
لقد شكل القانون التنظيمي المتعلق بالجهة
نقلة نوعية في مجال الرقابة على الجماعات الترابية، حيث أصبح للمحاكم الإدارية دور
مهم في ممارسة الرقابة على المجالس المنتخبة، سواء الرقابة على أعضاء هذه المجالس
أو على المجلس ككل.
الفقرة
الأولى: الرقابة على أعضاء مجلس الجهة
حلت المحاكم الإدارية محل سلطات الوصاية في
توقيع الجزاءات التأديبية على أعضاء مجلس الجهة، في حالة إخلالهم بمهامهم سواء
الرئيس أو نوابه أو باقي الأعضاء، حيث أصبح العزل والتوقيف يتم بمقتضى حكم قضائي
بدل قرار إداري كما كان سابقا.
-العزل
جاء القانون التنظيمي المتعلق بالجهة بمقتضيات
جديدة فيما يخص العزل، إذ لم يعد يمكن عزل أعضاء مجالس الجهات إلا بمقتضى حكم
قضائي، وذلك طبقا للمادة 66 من القانون التنظيمي للجهات التي نص على أنه “يختص
القضاء وحده بعزل أعضاء المجلس…”.
وهذا يشكل تطورا مهما في نظام الرقابة على الجماعات
الترابية في المغرب، حيث لم يعد العزل يتم بقرار إداري صادر سلطات الوصاية، بل
أصبح يتم بمقتضى حكم قضائي، وهو يعتبر اختصاص جديد يسند إلى المحاكم الإدارية، حيث
لا يوجد أي مقتضى في قانون إحداث المحاكم الإداري يسند اختصاص إنزال العقوبات
التأديبية إلى المحاكم الإدارية.
وقد
حدد القانون التنظيمي المخالفات التي يمكن أن تؤدي إلى عزل أعضاء مجالس الجهات،
والمساطر التي يجب إتباعها، فبالنسبة للمخالفات يمكن إجمالها فيما يلي:
ارتكاب أفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري
بها العمل تضر بأخلاقيات المرفق ومصالح الجهة، إذا تعلق الأمر بعضو في مجلس الجهة[4].
ربط مصالح خاصة مع الجهة أو مجموعات الجهات فيما
أعضاء مجلس الجهة[5].
أن يمارس عضو في مجلس الجهة خارج دوره
التداولي المهام الإدارية، أو أن يوقع على الوثائق الإدارية، أو يدير أو يتدخل في
تدبير مصالح الجهة[6].
ومن المخالفات التي توجب توقيع الجزاءات
التأديبية مخالفة أحكام المادة 44 من القانون التنظيمي للجهات، و
التي تنص على عدم جواز تداول المجلس إلا في النقط التي تدخل في صلاحياته، والمدرجة
في جدول أعماله، فكل عضو في المجلس خالف بشكل متعمد هذه المادة يمكن إنزال عقوبة العزل
في حقه.
ولا يجوز اللجوء إلى المحكمة الإدارية إلا بعد
إعطاء المعني بالأمر حق الدفاع، من خلال مراسلته لتقديم إيضاحات كتابية حول
المنسوب إليه، ونفس الأمر بالنسبة لعزل رؤساء مجالس الجهات في حالة ارتكاب أفعال
مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، حيث يجب أن تتم مراسلة المعني بالأمر
لتقديم إيضاحات كتابية حول المنسوب إليه، قبل إحالة طلب عزله إلى المحكمة الإدارية.[7]
أما بالنسبة لنواب الرئيس الذين يمتنعون عن
القيام بمهامهم، فيكن تقديم طلب عزلهم إلى المحكمة الإدارية عن طريق مقرر صادر عن
المجلس الذي ينتمي إليه المعني بالأمر[8].
وتبت المحكمة الإدارية في طلب العزل في أجل شهر
من تاريخ تقديم الطلب، وفي حالة الاستعجال يمكن إحالة الأمر إلى القضاء الإستعجالي
بالمحكمة الإدارية الذي يبت فيه في أجل 48 ساعة من تاريخ التوصل بالطلب، ويترتب
على الإحالة على المحكمة الإدارية توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين
البت في طلب العزل، طبقا للمادة 67 من القانون التنظيمي للجهات.
لكن ما يلاحظ أن هذه الحالة الأخيرة فيها
نوعا من الإبهام، بالنسبة للإحالة على القضاء الاستعجالي، في حين أن من خصائص
القضاء الإستعجالي أنه لا يبت في الجوهر، ويصدر عنه حكم مؤقت إلى حين بت المحكمة
في الموضوع، كما أنه لا داعي إلى اللجوء للقضاء الإستعجالي ما دام أن الإحالة على
المحكمة ينتج عنها تلقائيا توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في
طلب العزل.
- التجريد من العضوية
لا يجوز لأعضاء مكاتب الجماعات الترابي التخلي
عن الانتماء السياسي أثناء فترة الانتداب، تحث طائلة التجريد من العضوية في
المجلس، ويتم التجريد من العضوية بمقتضى حكم قضائي يصدر عن المحكمة الإدارية طبقا
للمادة 54 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات
.
ويتم تقديم طلب التجريد من العضوية من طرف
رئيس المجلس أو الحزب السياسي الذي ترشح العضو باسمه، ويجب أن تبت المحكمة
الإدارية في الطلب في أجل شهر ابتداء من تقديم الطلب.
-الحلول
تهم هذه الحالة رؤساء مجالس الجهات، عند
امتناع الرئيس عن القيام بالأعمال الواجبة عليه بمقتضى القانون، حيث يجوز للوالي
بالنسبة لمجلس الجهة، الحلول محل الرئيس للقيام بهذه الأعمال.
إلا أن إثبات حالة الامتناع أصبح يتم بمقتضى
حكم قضائي، عكس ما كان عليه الأمر في السابق، إذ كان الحلول يتم بصفة تلقائية دون
اللجوء إلى المحكمة لإثبات وجود حالة الامتناع.
بالرجوع إلى القوانين التنظيمية يجب توفر
شرطين لاعتبار الرئيس في حالة امتناع وهي:
- رفض القيام الأعمال المفروضة عليه بمقتضى القانون التنظيمي.
- أن يترتب عن ذلك إخلال بالسير العادي لمصالح
الجهة.
ويجب على ممثلي السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية قبل اللجوء إلى القضاء توجيه إنذار للمعني بالأمر، لمطالبته بالقيام
بالأعمال المنوطة به، وفي حالة عدم الاستجابة في أجل 15 يوم يتم إحالة الأمر إلى
القضاء الإستعجالي في المحكمة الإدارية للبت في وجود حالة الامتناع.
ويتم البت في الموضوع بحكم نهائي، وفي حالة
إقرار وجود حالة الامتناع يمكن لممثل السلطة المركزية الحلول محل الرئيس في القيام
بهذه الأعمال[9].
الفقرة الثانية: حل مجلس الجهة
أصبح حل مجلس الجهة أو توقيفها يتم بمقتضى حكم
قضائي صادر عن المحكمة الإدارية، عكس ما كان عليه في السابق، إذ كان حل مجلس الجهة
يتم عن طريق مرسوم معلل ينشر في الجريدة الرسمية[10]، وهذا
المستجد يشكل ضمانة لاستقلالية هذه المجالس، واستمرارها إذ لم تعد تحث وطأة سلطات
الوصاية.
فبالرجوع إلى القانون التنظيمي المتعلق بالجهة
نجده ينص على اختصاص القضاء وحده بحل مجالس الجهات، وقد حددت الحالات التي تجيز
اللجوء إلى المحكمة الإدارية لطلب حل المجلس وهي:
- إذا كانت مصالح
الجهة مهددة لأسباب تمس بحسن سير المجلس[11].
- إذا رفض المجلس القيام بالأعمال المنوطة به
بمقتضى القانون، أو رفض التداول و اتخاذ المقرر المتعلق بالميزانية أو بتدبير المرافق
العمومية للجهة.
- إذا وقع إخلال في سير المجلس من شأنه تهديد
السير الطبيعي للجهة[12].
لكن ما يلاحظ على هذه المقتضيات أن الحالة
الأولى جاءت فضفاضة وغير دقيقة، إذ يمكن أن يدرج ضمنها أي إخلال في سير المجلس،
مما يجعلنا نتساءل إن كانت الحالات الأخرى مجرد تفصيل للحالة الأولى، مع أن الحالة
الأخيرة مجرد إعادة لمضمون الحالة الأولى.
وسوف يؤدي استعمال عبارات فضفاضة وعامة إلى
فتح الباب أمام التأويل، و يشكل مبررا لتدخل ممثلي السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية في شؤون مجالس الجماعات الترابية.
ومن الحالات الأخرى التي توجب حل المجلس
مخالفة أحكام المادة 44 من القانون التنظيمي للجهات، وذلك بالتداول في محاور لا
تدخل في نطاق صلاحيات المجلس، أو غير مدرجة في جدول أعمال المجلس.
ويجب التمييز بين حل المجلس وحل المكتب الذي
يمكن أن يتم بقوة القانون في حالة انقطاع الرئيس عن مزالة أعماله بإحدى الأسباب
التالية:
- الوفاة
- الاستقالة الاختيارية
- الإقالة
الحكمية
- العزل بما
فيه التجريد من العضوية
- الإلغاء
النهائي للانتخاب
- الاعتقال
لمدة تفوق ستة الأشهر
- الإدانة
بحكم نهائي نتج عنه عدم الأهلية الانتخابية
ويمكن حل المكتب كذلك في حالة صدور حكم قضائي
من القضاء الإستعجالي بالمحكمة الإدارية، يقضي بوجود حالة امتناع أو انقطاع الرئيس
عن مزاولة مهامه، وذلك عند انقطاع الرئيس أو امتناعه عن مزاولة مهامه لمدة شهرين،
ولكن قبل إحالة الأمر إلى القضاء الإستعجالي يجب إعذار الرئيس لاستئناف أعماله، و
في حالة عدم استجابته في أجل سبعة أيام يمكن اللجوء إلى القضاء[13].
من خلال ما سبق نلاحظ أن القضاء الإداري أصبح
يمارس رقابة من صنف تأديبي على مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى، وهي
اختصاصات جديدة تسند إلى المحاكم الإدارية، هذا بالإضافة إلى توسيع رقابة
المشروعية على أعمال الجماعات الترابية.
المطلب
الثاني: رقابة القضاء الإداري على أعمال المجالس الجهوية
لقد وسع المشرع من سلطات القضاء الإداري في
مجال الرقابة على أعمال المجالس الجهوية، وتشمل هذه الرقابة رقابة المشروعية
ورقابة الشرعية.
الفقرة
الأولى: رقابة المشروعية
عرفت الرقابة على مداولات مجالس الجهات
والجماعات الترابية الأخرى عدة تطورات، إذ تم التقليص من الرقابة الإدارية لصالح
الرقابة القضائية على أعمال المجالس، ولم يعد للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية السلطة التقريرية في مواجهة أعمال هذه المجالس، بل
لابد من اللجوء إلى المحاكم الإدارية لإعطاء كلمتها في كل نزاع، وذلك طبقا للمادة
66 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، التي نصت على اختصاص القضاء وحده
بالتصريح ببطلان مداولات مجلس الجهة.
فكل نزاع بين ممثلي السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية والمجالس المنتخبة حول شرعية قرارات ومقررات مجالس الجهات يجب إحالة
الأمر إلى المحكمة الإدارية للبت فيه، وإن كان هذا المقتضى لا يحمل جديدا بالنسبة
للجهات، لأن الإعلان عن البطلان كان من اختصاص المحاكم الإدارية في السابق[14]،
فإنه حمل الجديد على مستوى العمالات والأقاليم و الجماعات، إذ كان الإعلان عن
البطلان من اختصاص السلطة الإدارية بالنسبة للقرارات الصادرة عن مجالس العمالات
والأقاليم والمجالس الجماعية.
وعلى
هذا الأساس حدد القانون التنظيمي قرارات المجالس التي يشوبها البطلان وهي:
- المقررات و
القرارات التي لا تدخل في صلاحيات المجلس أو رئيسه.
- المقررات
والقرارات المتخذة خرقا لأحكام القانون التنظيمي للجهة والنصوص التشريعية
والتنظيمية الجاري بها العمل[15].
وتتم الإحالة على المحكمة الإدارية من طرف
السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بالنسبة للجهات، عكس ما كان عليه الأمر في السابق،
حيث كانت الإحالة تتم من طرف سلطة الوصاية أو من طرف من يعنيه الأمر[16].
وهو نفس الأمر الذي تضمنته قوانين
اللامركزية في فرنسا في بداية الثمانينات، حيث أن تحريك الرقابة القضائية كان
مرتبط بإرادة المحافظ، وقد عرف هذا النظام عدة إختلالات، كقلة الإحالة على القضاء
الإداري، والتركيز على فئة من القرارات دون الأخرى لإخضاعها للرقابة القضائية،
وبالتالي تحولت الرقابة القضائية إلى رقابة إدارية لممثل الدولة، حيث لوحظ أن
السلطة المحلية اللامركزية وممثل الدولة غالبا ما يفضلان الحوار التفاوضي لإرساء
قواعد المشروعية عوض المنازعة القضائية، مما حدا ببعض الفقه إلى الدعوة إلى سحب
الرقابة عن ممثل الدولة وتخويلها لسلطة مستقلة.
الفقرة
الثانية: رقابة الشرعية
نظرا للأثر غير الواقف للطعن في القضاء
الإداري، فقد نص القانون التنظيمي للجهات على انه في حالة وقوع نزاع بين مصدر
القرار والسلطة المكلفة بالمراقبة الإدارية فان الأمر يرفع إلى القضاء الاستعجالي
لدى المحكمة الإدارية الذي يبت في طلب إيقاف التنفيذ داخل اجل 48 ساعة ابتدءا من
تاريخ تسجيل الإحالة لدى كتابة الضبط[17]،
وإن كان قانون الجهة رقم 47.96 يرتب إيقاف التنفيذ في هذه الحالة تلقائيا بمجرد
تقديم الطعن، وذلك بالنص صراحة أن إحالة النزاع على المحكمة الإدارية يترتب عنه
بحكم القانون توقيف تنفيذ القرار الإداري المتنازع فيه، فان المشرع تدارك هذا
الأمر من خلال القوانين التنظيمية الحالية.
ففي
حالة رفع المنازعة في شرعية القرارات الإدارية أمام المحكمة الإدارية يجب
بالموازاة رفع دعوى إيقاف التنفيذ لوقف تنفيذ هذه القرارات، وكذلك الأمر في حالة التعرض
على أعمال المجالس.
حيث يمكن لممثلي السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية التعرض على كل قرار لا يندرج في صلاحيات المجلس أو جاء مخالفا للقانون،
و كذلك التعرض على النظام الداخلي للمجلس، و يجب على المجلس إجراء مداولة جديدة في
شأن الأمور التي كانت موضوع تعرض، لكن في حالة عدم استجابة المجلس، يمكن إحالة
الأمر إلى القضاء الإستعجالي لدى المحكمة الإدارية لطلب إيقاف تنفيذ القرار موضوع
التعرض، إلى حين بت المحكمة في الموضوع[18].
خاتمة:
صفوة القول إن المقتضيات القانونية المنظمة للجهة
عبرت عن رغبة المشرع في الانتقال من المفهوم التقليدي للوصاية، إلى مفهوم متطور
يعتمد على إشراك القضاء في الرقابة على الجماعات الترابية، إذ جاءت بعدة تطورات
على مستوى تدخل القضاء الإداري في الرقابة على الجماعات الترابية، وأسندت للمحاكم
الإدارية سلطات مهمة، سواء في ممارسة الرقابة على هياكل الجماعات الترابية، أو على
مستوى رقابة المشروعية على أعمال المجالس المنتخبة.
لكن ما يلاحظ انه رغم أهمية المستجدات التي
جاءت بها المقتضيات القانونية للقانون التنظيمي المتعلق بالجهات فيما يخص رقابة
المشروعية فإن تحريك الرقابة القضائية يبقى بيد ممثلي السلطة الحكومية المكلفة
بالداخلية، وبالتالي تملك هذه الأخيرة السلطة التقديرية في اللجوء إلى القضاء، كما
أن المشرع حدد جهة القضاء المختصة - الاختصاص النوعي- وهي القضاء الإداري من خلال
المحاكم الإدارية لكن بالرجوع إلى القانون المنظم لهده الأخيرة رقم 41.90 فالمادة
الثامنة منه تنص على الاختصاصات الحصرية للمحاكم الإدارية، فالمغرب من الدول التي
لم تجعل الولاية العامة للقضاء الإداري وإنما حصرت مجالاته، وباستقراء المادة
المذكورة نجد أنها لم تشر إطلاقا إلى اختصاصها في مجال رقابة الجماعات الترابية،
وهدا أمر طبيعي باعتبار أن قانون المحاكم الإدارية اسبق للوجود، مما يطرح سؤالا
مشروعا للاجتهاد، هل يمكن للقاضي الإداري الدفع بعدم الاختصاص النوعي، استنادا إلى
المادة الثامنة المذكورة، أم أن نفس القاضي سيعتبر القانون التنظيمي للجماعات
الترابية أسمى تراتبيا من قانون المحاكم الإدارية أم سيأخذ بالمبادئ العامة
للقانون التي تجيز نظر المحاكم الإدارية في كل ما هو إداري حتى بدون وجود نص
قانوني، وهذا النقاش متروك للقضاء والاجتهاد الفقه القانوني، هذا إن لم يسارع
المشرع بتعديل القانون المنظم للمحاكم الإدارية خاصة المادة الثامنة، وفق
المقتضيات الجديدة للقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية.
المراجع:
- محمد
الأعرج: القانون الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،
عدد94، 2015.
- محمد
أولاد الحاج: الجهة والجهوية المتقدمة : قراءة مقارنة بين القانون رقم 96-47
والقانون التنظيمي رقم 14-111, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية, عدد
مزدوج126-127 , 2016
- الحسن
الوزاني الشاهدي: “الجهة أداة لتطوير ودعم اللامركزية” منشورات المجلة المغربية
للإدارة المحلية والتنمية، العدد 52: 2006.
- أحمد أجعون:
“الإطار القانوني والتنظيمي للجهوية بالمغرب” منشورات المجلة المغربية للأنظمة
القانونية، عدد يونيو 2005.
- القانون
التنظيمي رقم 14-111 المتعلق بالجهات.
- الكلمة
الافتتاحية لوزير العدل والحريات المصطفى الرميد,أشغال ندوة منظمة بشراكة بين
وزارة العدل والحريات وجمعيات هيئات المحامين بالمغرب 6و7 يناير 2017 الرباط, "القاضي الإداري بين حماية الحقوق
والحريات وتحقيق المصلحة العامة", مجلة المحاكم الإدارية, العدد الخامس إصدار
خاص, 2017.
[1] الكلمة
الافتتاحية لوزير العدل والحريات المصطفى الرميد,أشغال ندوة منظمة بشراكة بين
وزارة العدل والحريات وجمعيات هيئات المحامين بالمغرب 6و7 يناير 2017 الرباط, "القاضي الإداري بين حماية الحقوق
والحريات وتحقيق المصلحة العامة", مجلة المحاكم الإدارية, العدد الخامس إصدار
خاص, 2017.
[3] محمد الأعرج:
القانون الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد94، 2015،ص134.
[10] أحمد
أجعون “الإطار القانوني والتنظيمي للجهوية بالمغرب” منشورات المجلة المغربية
للأنظمة القانونية، عدد يونيو 2005، ص:39.
[14] الحسن
الوزاني الشاهدي: “الجهة أداة لتطوير ودعم اللامركزية” المجلة المغربية للإدارة
المحلية والتنمية، العدد 52: 2006، ص:25.
[17] محمد أولاد
الحاج: الجهة والجهوية المتقدمة : قراءة مقارنة بين القانون رقم 96-47 والقانون
التنظيمي رقم 14-111, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية, عدد مزدوج126-127
, 2016, ص191.
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة
الخصوصية
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق