الإكراه والتدليس بين مدونة الأسرة وقانون الالتزامات و العقود
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الإكراه والتدليس بين
مدونة الأسرة وقانون
الالتزامات و العقود
ياسين العيوض
باحث في القانون
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
جامعة ابن زهر
أكادير
يعد الزواج من العقود الشرعية ذات المنزلة السامية
والمكانة المرموقة، فهو يقوم على أساس التوادد والتراحم لا على البغضاء والتنافر،
ولهذا أولت الشريعة الإسلامية الغراء مسألة الزواج أهمية قصوى باعتباره السبيل
الشرعي الأوحد لاستمرار الجنس البشري على وجه البسيطة، وكونه النظام الكوني
المتفرد الذي يلائم الطبيعة الإنسانية ويحقق السكون والتوازن النفسيين ويضمن الأمن
الاجتماعي والاستقرار الروحي، الذي عبر عنهم المولى عز وجل بقوله :
(...ومن آياته
أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات
لقوم يتفكرون... )[2].
كما أن الزواج يعتبر ميثاقا مقدسا يؤسس لتكوين الأسرة
التي هي النواة الأولى للمجتمع، فإن صلحت صلح المجتمع كله وإن فسدت فسد المجتمع
كله، ولأجله أحيط الزواج بعناية تشريعية بالغة من خلال فرض التعاقد بين الزوجين
وفق أركان وشروط وضوابط تكفل مصلحة الزوجين والأسرة والمجتمع، وأي إخلال بها ينتج
عنه بالتبع الإخلال بحقوق هؤلاء جمعا وإفرادا.
لذلك ولغيره فصل
مشرع مدونة الأسرة المغربي في أحكامه من خلال إفراد تسع وستين مادة نظمت سائر
متعلقاته عموما وخصوصا، تلافيا للاختصار الذي كان يعتري مدونة الأحوال الشخصية
الملغاة، والتي كانت لم تنظمه سوى بثلاثة وأربعين مقتضى، لم تكن تلم بسائر
مقتضياته الموضوعية والإجرائية، مما حمل القضاء على الاجتهاد والاستمداد من الفقه
الإسلامي شرحا لإغلاق أو تجلية لغموض أو تكملة لنقص، فتضاربت الأحكام للاختلاف في
مصادر الاستمداد ومناهج الاجتهاد.
ويخضع
الزواج عند إبرامه وترتيب آثاره لرضا سليم من العيوب التي قد تشوبه والواردة في
قانون الالتزامات والعقود[3]،
لذا تنبه المشرع إلى التدليس والإكراه عند إبرام عقد الزواج.
وهكذا
منح للمكره أو المدلس عليه إمكانية طلب فسخ الزواج قبل البناء وبعده خلال أجل لا يتعدى
شهرا من يوم زوال الإكراه، ومن تاريخ العلم بالتدليس مع حقه في طلب التعويض[4].
ولأهمية
الإكراه والتدليس كأحد العيوب المؤثرة في الرضا، فإننا سنحاول تقريب صورة العقد
المشوب بهما من خلال محورين، نتناول في الأول عقد الزواج المشوب بعيب التدليس، أما
المحور الثاني فسنخصصه للحديث عن عقد الزواج المشوب بعيب الإكراه.
المحور الأول:
عقد الزواج المشوب بعيب الإكراه
تطرق الفقه الإسلامي إلى الزواج المشوب
بإكراه، ولكن تحت مصطلح الإجبار والإكراه[5]،
وقد اختلف الفقهاء في حكم الزواج المشوب بعيب الإكراه إلى فريقين، حيث ذهب الأحناف
إلى أن الإكراه[6]
يعدم الرضا لكنه لا يعدم الاختيار والرضا عندهم شرط من شروط الصحة، وليس ركنا من
أركان العقد، ولا شرط من شروط انعقاده.
لذلك
فشرط الصحة يترتب عليه فساد العقد لا بطلانه، واستثنى الحنفية من هذا الحكم بعض
التصرفات التي تحصل نتيجة الإكراه عليها، وجعلوها صحيحة لا فاسدة وذلك مثل عقد
الزواج[7]،
وبهذا يرى هذا الجانب من الفقه أن الإكراه لا يؤثر على صحة عقد الزواج.
أما جمهور الفقهاء، ومنهم الأئمة
الثلاثة مالك والشافعي وابن حنبل، فالإكراه عندهم يبطل العقود حتى ولو تعلق الأمر
بالزواج؛ لأن الإكراه يعدم الرضا وإذا فقد كان العقد باطلا،[8]
واستدل الجمهور على رأيهم هذا بقول الله تعالى:
(من كفر
بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان )[9].
واستشهدوا أيضا بما جاء في سبل السلام أنه
:"وان زوجها وهي كارهة، فالعلة كراهتها فعليها علق التخيير لأنها المذكورة،
فكأنما قال صلى الله عليه وسلم :"ولا تنكح البكر حتى تستأذن" إذا كانت
كارهة فأتت بالخيار وقول المصنف أنها واقعة عين الكلام غير صحيح بل حكم عام لعموم
علته فأينما وجدت الكراهة تبث الحكم". [10]
وموقف الجمهور هو الذي أخد به المشرع
المغربي، حيث اعتبر الإكراه عيب يمكن معه
فسخ العقد وجعله كأن لم يكن، وهو ما يظهر من خلال المادة 63 مدونة الأسرة[11]،
فالمشرع طبقا للقواعد العامة، أعطى لضحية عيوب الإرادة الخيار بين إبطال العقود
ودعوى التعويض مع بقاء العقد، فهل الأحكام التي أتت بها مدونة الأسرة بخصوص
التعويض عن الإكراه، تستقيم مع القواعد العامة المعمول بها في قانون الالتزامات
والعقود؟
وإذا رجعنا إلى مدونة الأسرة وبخلاف مدونة
الأحوال الشخصية، نجدها كرست عيوب الإرادة كما هي منصوص عليها في قانون الالتزامات
والعقود، حيث نصت المادة 12 من مدونة الأسرة على أنه :" تطبق على عقد الزواج
المشوب بإكراه أو تدليس، الأحكام المنصوص عليها في المادتين 63 و66 بعده"، فهذه المادة أوجدها المشرع لحماية أحد طرفي
العلاقة الزوجية من الإكراه، ومنحه إمكانية فسخ عقد الزواج والمطالبة بالتعويض.
ويشترط في الإكراه أن تكون الوسائل المستعملة في
هذا العيب، هي الدافع إلى التعاقد، وقد حدد المشرع أجلا قصيرا للمطالبة بالفسخ أو
التعويض، حدده في شهرين من يوم زوال الإكراه أومن تاريخ العلم بالتدليس، واستثناء على
آجال التقادم المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود والمحددة في خمس سنوات،
فيما يخص الجرائم وأشباه الجرائم من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الطرف المتضرر
حصول الضرر.
ومن المسؤول عليه بحيث لا تبدأ مدة هده التقادم
إلا من الوقت الذي يتوفر فيه العلم بهذين الأمرين معا، ولقد أراد المشرع من تحديد
مدة التقادم هده في شهرين هو الحفاظ على استقرار الأسرة.
وبهذا إذا تحققت العلاقة السببية بين الفعل
والضرر، فانه يحق للمتضرر طلب التعويض طبقا للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية، ولكن
الإشكال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو أن المادة 63 من المدونة لم تحدد ما إذا
كان التدليس أو الإكراه الصادر من الغير موجبا للفسخ، ويمكن من المطالبة بالتعويض؟
للإجابة على هذا الإشكال لابد من الرجوع إلى
المقتضيات العامة في قانون الالتزامات والعقود، التي تقضي بأن المسؤولية التقصيرية
عن العمل الشخصي تقتضي صدور العمل غير المشروع عن الشخص ذاته، وهكذا يمكن طلب
الفسخ أو المطالبة بالتعويض في حالة الإكراه الذي يقع على شخص قريب من المكره.
إلا
أن أثر الإكراه على العقد يختلف بين قانون الأسرة وقانون الالتزامات والعقود، ففي هذا
القانون الأخير يقرر حكم القابلية للإبطال، في حين أن مدونة الأسرة قررت التعويض
على الفسخ إذا وجد له مبرر.
كما أن المشرع في مدونة الأسرة اشترط لإيقاع الفسخ،
أن يتم خلال أجل لا يتعدى شهرين من يوم زوال الإكراه، وهذا مخالف لمدة التقادم
المحددة في سنة كما هو ظاهر من خلال الفصل 311 من قانون الالتزامات والعقود[12].
ومن
الاجتهادات القضائية في هذا المجال، فقد سنحت الفرصة للقضاء المغربي تفعيل نص
المادة 63 قانون الأسرة، من خلال حكم صادر
عن ابتدائية الرباط، حيث قررت المحكمة فسخ
العقد مع حق المدعية في التعويض الذي قدر ب 20 ألف درهم.
وقد
كانت وقائع الحكم تدور، حول امرأة تقدمت بطلب الحكم بفسخ العقد لأنه تم تحت
الإكراه،[13]
ما دام أن الزوج الذي هو أستاذها، كان قد أكرها على الزواج به وإلا رسبت في السنة
الجامعية فاضطرت تحت ذلك الإكراه، الزواج به مع تعليق الدخول بها إلى ما بعد ظهور
نتائج الامتحانات.
وبعد
ظهور النتائج تقدمت الزوجة بطلب الفسخ في الأمد القانوني المحدد في المادة 63 من
مدونة الأسرة معززة طلبها بشهادة اللفيف تثبت أنها سبق وقد رفضته.
وعموما
يمكننا القول بأن مدونة الأسرة في تقنينها حاولت الجمع بين أحكام الفقه وقواعد
القانون المدني، وهكذا اعتمدت في أنواع العيوب على قانون الالتزامات والعقود بشكل
جزئي.
أما آثار تحقق العيب فقد رجعت إلى أحكام الفقه
الإسلامي، وهذا ما سيتبين لنا من خلال أن بعض جوانب القانون المدني، تظهر عندما
استعمل المشرع مصطلحات من قبيل الإكراه والتدليس والتعويض.
إلا
أن الملاحظ هو أن المشرع، لم يضف الغلط رغم أن الفصل 39[14] من
قانون الالتزامات والعقود قد أدرجه ضمن عيوب الرضا وبين حكمه في الفصل 40[15]
منه، ورغم أن الفقه المالكي عالجه من خلال قاعدة لا خيار بسبب تخلف الظن
والاستثناءات الواردة عليها[16].
كما أن جوانب الفقه الإسلامي تظهر،
عندما استعمل المشرع مصطلح الفسخ وذلك لما لعقد الزواج من طابع خاص، والحكم الذي
يعطى للعقد المشوب بعيب في الرضا في قانون الالتزامات والعقود، هو القابلية
للإبطال وآثار ذلك تتنافى مع آثار الفسخ.
بالإضافة إلى أن مدونة الأسرة، لم تتحدث عن حالة
المرض والحالات الأخرى التي تشابهه والتي نص عليها المشرع في الفصل 54 من قانون الالتزامات
والعقود[17].
وهكذا ومن خلال ما سبق، فقد تبين لنا أن عقد
الزواج المشوب بعيب الإكراه وإن كان في البداية ينشأ معه عقد الزواج، إلا أنه يمنح
للطرف الذي عيبت إرادته حق طلب فسخ العقد وجعله كأن لم يكن مع طلب التعويض في حالة
وجود ما يبرره.
وبناء على ما ذكر، تكون مدونة الأسرة قد
وفقت عندما أدخلت عيوب الرضا، وهو ما كان يشكل نقصا في مدونة الأحوال الشخصية[18].
بالإضافة إلى هذا، تنص مجموعة من الاتفاقيات الدولية، على ضرورة توافر الرضا في
الزواج[19]، حيث
تنص اتفاقية الرضا بالزواج في المادة الأولى :" لا ينعقد الزواج قانونا إلا
برضا الطرفين رضاء كاملا لا إكراه فيه، وبإعرابهما عنه شخصيا..."
ولا
تكتفي هذه الاتفاقية برضا الطرفين لاعتبار الزواج منعقدا، وإنما تشترط ضرورة
تعبيرهما شخصيا عن هذا الرضا.
يرى الأستاذ الخمليشي، في
هذا الشرط تعارضا مع موقف جمهور الفقهاء الذي يشترط الولاية على المرأة ويخول
للولي صلاحية موضوعية، تمكنه بواسطتها
التدخل في قبول أو رفض الزواج بل وحتى الإجبار عليه عند من يسمحون به، وصلاحية
شكلية له إبرام العقد اسم المرأة والنطق بالإيجاب أو القبول نيابة عنها أمام
الشهود[20]، وبالتالي
يشكل الرضا قوام عقد الزواج فلا ينعقد صحيحا إلا برضا طرفيه رضاء كاملا لا إكراه
فيه.
المحور الثاني:
التدليس في عقد الزواج
يطلق مصطلح التدليس[21]
في الفقه الإسلامي على التغرير،[22]
حيث عالج الفقهاء الزواج المشوب بعيب التدليس[23]
واعتبروه ظرفا مرافقا لظهور العيب في أحد الزوجان مع علم الطرف المعيب بذلك، وقد
رتبوا هنا حق الزوج من الرجوع بالصداق على المدلس حتى وفق الفسخ.
لكن القانون المغربي في معالجته لعيب التدليس،
نجده يذهب في قانون الالتزامات والعقود إلى جعله سببا مستقلا لطلب إبطال العقد حسب
الفصل 52 منه، متى كان هو الدافع إلى التعاقد، أما في قانون الأسرة فقد بين المشرع
أحكام العقد المشوب بعيب التدليس، من خلال المادة 12[24] و63
وأفرد مادة خاصة بعيب التدليس في المادة 66[25] منها.
فالتدليس
هو عبارة، عن مجموعة من الوسائل الاحتيالية التي يمارسها أحد المتعاقدين قصد إخفاء
الحقيقة وتضليل الطرف الأخر الشيء الذي يحمله على التعاقد[26].
والتدليس
باعتبار أنه قد تم عن طريق الحيلة والخداع، فهو يعتبر في ذاته عملا غير مشروع،
وبهذا يرتبط التدليس بنظرية المسؤولية التقصيرية، وبالتالي فانه يوجب على الطرف
المدلس تعويض الطرف الأخر.
وبعبارة
أخرى؛ فالتدليس يوقع المتعاقد المدلس عليه في غلط يعيب رضاه، وعلى هذا الأساس يكون
العقد قابلا للإبطال، والذي يعيب الإرادة هنا هو الغلط الناتج عن التدليس عن طريق
استعمال وسائل احتيالية من طرف المتعاقد المدلس، فالصلة وثيقة مابين الغلط والتدليس فهذا الأخير لا يخول الإبطال للعقد
الذي يولده في نفس المتعاقد[27].
فالمشرع
أعطى في هذه المادة للمكره أو المدلس عليه حق طلب فسخ عقد الزواج قبل الدخول
وبعده، لأنه مشوب بعيب من عيوب الإرادة.
وهكذا فقد خول الزوج الحق في طلب الفسخ، خلال أجل لا يتعدى شهرين يحسب من
تاريخ زوال الإكراه أو العلم بالتدليس، فمهما اكتشف أن الطرف الأخر قد دلس عليه إلا
وله الحق في طلب الفسخ، وشهرين بعد زوال الإكراه أو العلم بالتدليس كافية، ما لم
يكن قد استحسن الأمر وأصبحت له الرغبة في الاستمرار في الزواج.
وبعد
فسخ عقد الزواج في حالة ما إذا حكمت المحكمة بذلك، فان الطرف الأخر الزوج أو
الزوجة ضحية هذا التدليس أو الإكراه، له الحق في طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه
من جراء ذلك.
وقد
حاول المشرع إبراز بعض الأمثلة، التي تخول لصاحبها حق التعويض ومنها إذا حصل الطرف
المقبل على الزواج وعن طريق التدليس على الإذن المشترط في المادة 65 من مدونة
الأسرة[28] بشكل
تدليسي، إذا كان دون سن الأهلية أو كان معاقا ذهنيا أو كان أجنبيا أو كان من
اعتنقوا الإسلام أو عند الحصول على شهادة الكفاءة المشترطة في نفس المادة.
حيث
يخول للمدلس عليه حق طلب الفسخ مع الحق في التعويض، وذلك بشروط وهي أن يكون
التدليس هو الدافع إلى قبول الزواج وأن يطلب الفسخ في أجل لا يتعدى شهرين من تاريخ
العلم بالتدليس أما بخصوص التعويض فبعد إثبات الضرر.
ومن
التطبيقات في هذا الصدد، ما جاء في قرار للمجلس الأعلى حيث قرر فيه: " أنه بما أن الزوج قد ارتكب جريمة نصب
واحتيال وانتحال صفة وكيل الملك على زوجته فذلك يمثل ضررا معنويا يسمح معه للزوجة
رفع دعوى التطليق"[29].
وبقراءتنا
للمادتين 12 و66 من مدونة الأسرة، فان التدليس يمكن أن يكون بهدف الزواج دون سن
الأهلية أو من أجل الحصول على شهادة الكفاءة بهدف التعدد، خاصة في حالة الأجنبي
وغير ذلك من الحالات التي يمكن أن يلجأ فيها الشخص إلى التدليس.
وبخصوص
التدليس من أجل الحصول على إذن الزواج وقد سبقت الإشارة إلى مفهوم التدليس والعناصر التي تؤدي إلى أن يجعل
عقد الزواج باطلا.
واستعمل
المشرع هذا التدليس من طرف أحد المتعاقدين، من أجل الحصول على الإذن في الزواج،
كالتدليس في الخبرة قصد الزواج دون السن القانوني أو زواج شخص مصاب بإعاقة ذهنية
أو إعطاء بيانات خاطئة قصد الحصول على الإذن بتعدد الزوجات وغيره مما هو محدد في
البندين 5و6 من المادة 65.
والتدليس
في جميع هذه الحالات تطبق عليه مقتضيات الفصل 366 من مجموعة القانون الجنائي[30] وذلك
بطلب من المتضرر من هذا التدليس.
هذا إضافة إلى حقه في طلب فسخ الزواج، والتعويض
عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقته،
وبهذا ينص المشرع المغربي في المادة 66 من مدونة الأسرة، على أن التدليس في الحصول
على الإذن المنصوص عليه في البند الخامس من المادة 65 أو التملص منه تطبق غلى
فاعله، والمشاركين معه أحكام الفصل 366 من القانون الجنائي بطلب من المتضرر، ومن
الحالات التي تستلزم الحصول على هذا الإذن حالة الزواج دون سن الأهلية.
فقد
يتم التدليس في الحصول على الإذن بالزواج بادعاء الشخص أنه قد بلغ سن الرشد، وهذا
ما يحدث غالبا أمام عدم تعميم نظام الحالة المدنية خاصة في القرى والبوادي
النائية. وإما بإدلائه بإذن بالزواج حصل عليه بطرق تدليسية، كإدلائه بشهادة ازدياد
مزورة، أو بالتواطؤ مع الجهات المسألة على منح الإذن، وحسب المادة 66 من مدونة
الأسرة، فانه تطبق على فاعل التدليس والمشاركين فيه أحكام الفصل 366 من مجموعة القانون
الجنائي بطلب من المتضرر.
ويتعلق
الفصل 366 من مجموعة القانون الجنائي بجريمة صنع عن علم شهادة تتضمن وقائع غير
صحيحة، والذي يعاقب عليها في حالة ثبوتها من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة مالية
يتراوح قدرها مابين 200 درهم و1000 درهم، بالإضافة إلى هذا الجزء الجنائي، تنص
المادة 66 في الفقرة الأخيرة على أنه يخول للمدلس عليه من الزوجين حق طلب الفسخ مع
ما يترتب على ذلك من التعويضات عن الضرر.
ويرى
أحد الباحثين، أن ضابط السن تتظافر حوله عوامل تتعلق بالحماية من الزواج المبكر،
والاحتياط لمسألة الرضى من جانب الفتاة بصفة خاصة، لذلك فهو يعتقد أنه يجب اتخاذ
حل مرن بخصوص مسألة تخلف شرط السن، غير أنه يتعين في نفس الوقت التشديد على التثبت
من عامل السن لدى الشباب المقبلين على الزواج والفتيات خاصة، رغم صعوبة ذلك أمام
عدم تعميم نظام الحالة المدنية وأمام لجوء بعض الآباء إلى طلب تغيير تواريخ ازدياد
بناتهم توصلا إلى إمكان تزويجهن[31].
ونعتقد
على غرار ما ذهب إليه أحد الباحثين[32]،
أنه يجب أن يكون القاضي حذرا في التأكد من بلوغ المقبلين على الزواج على سن الرشد القانوني خاصة بالنسبة للفتاة، ذلك أن
الوضع الاجتماعي في هذا العصر يدعو كلا من الفتى والفتاة إلى التزود بسلاح المعرفة
والعلم في ميدان الحياة، وعلى الفتاة ألا تلج بيت الزوجية وهي ما تزال في طور
التكوين[33].
وسار
المشرع المصري على غرار المشرع المغربي، حيث نص في المادة الثانية من قانون رقم 44
لسنة 1993 على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على
مائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ احد الزوجين السن
المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها
أوراقا كذالك متى ضبط عقد الزواج على أساس هده الأقوال أو الأوراق.
ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه
كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج إذا عقده وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ
السن المحددة في القانون"[34].
والملاحظ
أن مدونة الأسرة، لم تفصل كثيرا في أحكام عيبي الإكراه والتدليس فلم تبين شروط
الإبطال المبنية عليها ولم تنص صراحة على الرجوع إلى القواعد العامة المضمنة في
قانون الالتزامات والعقود، لذلك فما يمكن قوله هو أنه يبقى من اللازم الرجوع إما
إلى القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود. وإما الرجوع إلى الفقه
الإسلامي الذي عالج هذه العيوب بدرجة من العمق[35]
حيث عالج الفقهاء حالة الإكراه من خلال مؤسسة ولاية الإجبار.
وهكذا
إذا ثبت ضرر ضحية التدليس أو الإكراه، وتحققت العلاقة السببية بين الفعل والضرر
فانه يجوز للمضرور طلب التعويض طبقا للمسؤولية التقصيرية.
ويختلف
التدليس والإكراه في الميدان المدني عنه في مدونة الأسرة يكمن في الجزاء المترتب
عنهما في كلا المجالين، حيث تخول عيوب الرضا المطالبة بإبطال العقد في القانون
المدني والمطالبة بفسخه في أحكام مدونة الأسرة، حسب ما نصت عليه المادتان 63 و66 من المدونة وتتقادم دعوى المطالبة بإبطال
العقد في قانون الالتزامات والعقود بسنة، عكس دعوى الفسخ في مدونة الأسرة حيث
تتقادم بشهرين.
لكن
ما يعاب على المشرع عدم تنصيصه على عيب الغلط، باعتباره من العيوب المؤثرة في
الإرادة خاصة في حالة الغلط في الشخص أو في صفة جوهرية فيه.
[1] القانون رقم 70.03بمثابة مدونة
الأسرة.المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 14 ذو الحجة 1424 (5 فبراير 2004)، ص 418.
[2] الآية 20 من سورة الروم
[3] قانون الالتزامات والعقود.ظهير 9 رمضان 1331 (12
أغسطس 1913).كما تم تغييره وتتميمه
وتعديله
[4] محمد المهدي
:"المقتضب في أحكام الأسرة من خلال قانون الأسرة المغربي" الجزء الأول. "الزواج".
الطبعة الأولى. مطبعة أنوبرينت. 2004.ص 28.
[5] يعرف
الإكراه في الفقه الإسلامي بأنه:
" حمل الغير بغير
حق على أمر يمتنع عنه بتخويف يقدر الحامل أي المكره على إيقاعه ويصير الغير خائفا
به"
- عبد الكريم
زيدان:" المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية ". الطبعة الرابعة عشر.مطبعة
مؤسسة الرسالة بيروت. 1417ه-1996م.ص 300.
[6] الإكراه حسب الفصل
46 من قانون الالتزامات والعقود هو :
"إجبار يباشر من
غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه".
[7] علاء الدين أبو
بكر بن مسعود الكساني الحنفي.كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع.الجزء السابع. الطبعة
الأولى. دار الكتاب العربي بيروت. 1328ه/1910م. ص 175 .
[8] عبد الكريم
زيدان:" المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية" م.س.ص 302.
[9] سورة النحل الآية
106 .
[10] محمد بن إسماعيل
الكحلاني والصنعاني:" سبل السلام في شرح بلوغ المرام من جميع أدلة الأحكام
"المجلد الثاني الجزء الثالث، مكتبة الرسالة الحديثة دون تاريخ الطبعة، ص 122.
[11] تنص المادة 63 من
مدونة الأسرة على أنه:
يمكن للمكره أو المدلس
عليه من الزوجين بوقائع كان التدليس بها هو الدافع إلى قبول الزواج أو اشترطها
صراحة في العقد، أن يطلب فسخ الزواج قبل البناء وبعده خلال أجل لا يتعدى شهرين من
يوم زوال الإكراه، ومن تاريخ العلم بالتدليس مع حقه في طلب التعويض.
[12] ينص الفصل 311 من قانون
الالتزامات والعقود على أنه:
"يكون لدعوى الإبطال محل في الحالات المنصوص
عليها في الفصول 4 و39 و55 و56 من هذا الظهير، وفي الحالات الأخرى التي يحددها
القانون، وتتقادم هذه الدعوى بسنة في كل الحالات التي لا يحدد فيها القانون أجلا
مخالفا. ولا يكون لهذا التقادم محل إلا بين من كانوا أطرافا في العقد".
[13] الإكراه
هو ضغط مادي أو أدبي يقع على الشخص فيولد لديه رهبة أو خوفا تحمله على التعاقد فهو
يصيب الإرادة في أحد عناصرها وهو عنصر الحرية والاختيار، إذ المكره لا يريد أن
يتعاقد ولكن الرهبة التي ولدها الإكراه تدفعه إلى التعاقد والإكراه ليس بذاته هو
الذي يفسد الرضي ويعيب الإرادة وإنما يفسدها ويعيبها ما يولده الإكراه في نفس
المتعاقدين من رهبة أو خوف.
فقد يكره أحد الزوجين
الأخر على التعاقد إما إكراها ماديا حيث يعدم الإرادة ولا يترك للمكره أي اختيار
بإجباره على التعاقد حيث تنعدم الإرادة تماما.
أما الإكراه المعنوي
فهو يترك مجالا للمتعاقد أن يتعاقد أو يلحقه ضرر فيما بعد وقد يتعاقد توقيا لهدا
الضرر فهناك رهبة وخوف من ضرر قد يلحقه هي التي تجعله يتعاقد فإرادة المتعاقد تكون
معيبة والعقد يستوجب الإبطال.
-للمزيد ينظر: عبد
القادر العرعاري.نظرية العقد.الطبعة الثالثة.مطبعة الأمنية.الرباط.2013. ص 159 وما بعدها.
[14] ينص الفصل 39 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:
يكون
قابلا للإبطال الرضى الصادر عن غلط، أو الناتج عن تدليس، أو المنتزع بإكراه
[15] ينص الفصل 40 من قانون الالتزامات
والعقود على أنه:
الغلط
في القانون يخول إبطال الالتزام:
1 -
إذا كان هو السبب الوحيد أو الأساسي؛
2 -
إذا أمكن العذر عنه.
[16] أحمد
الخمليشي:" التعليق على قانون الأحوال الشخصية". الطبعة الثالثة. مطبعة
المعارف الجديدة. الرباط. 1994م.ص76.
[17] أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى
المشابهة متروكة لتقدير القضاة.
[18] أحمد
الخمليشي:" التعليق على قانون الأحوال الشخصية" م س.ص.76.
[19] يقرر
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته 16 مايلي:
"للرجل
والمرأة...حق التزوج..دون قيد بسبب...الجنس...وهما معا يتساويان في الحقوق لدى التزوج...ولاينعقد
الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه".
ويؤكد الميثاق الدولي بشان الحقوق المدنية
والسياسية هذه الحقوق في الفقرة 3من المادة 23 بالتنصيص على أنه:
"لاينعقد الزواج
بدون الرضاء الكامل والحر الأطراف المقبلة عليه".
[20] أحمد
الخمليشي:"التعليق على قانون الأحوال الشخصية" الجزء الأول دار نشر
المعرفة، الرباط، الطبعة الثالثة.1994.ص 54.
[21] التدليس هو: "
استعمال الحيل والخدع لإيقاع المتعاقد في غلط يحمله على التعاقد"
- للمزيد ينظر: الطيب
الفصايلي "النظرية العامة للالتزام. الطبعة الثانية.مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء.1977.ص 43.
[22] التغرير
هو: "الإغراء بوسيلة قوليه أو فعلية كاذبة لترغيب أحد المتعاقدين في العقد
وحمله عليه".
- للمزيد ينظر: مصطفى
أحمد الزرقاء " الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد" الجزء الأول المدخل
الفقهي العام الطبعة التاسعة. 1967-1968 .مطبعة ألف باء الأديب. دمشق. ص 379.
[23] ينقسم التدليس في
الفقه الإسلامي إلى قسمين: التدليس الفعلي هو استعمال طرق احتيالية لخداع
المتعاقد. والتدليس القولي ومجاله الوصف
بتزوير وصف في المعقود عليه يوهم فيه مزية مصطنعة غير حقيقية.
- للمزيد ينظر: أمحمد
الأمراني زنطار:" أحكام رضائية في العقود بين الفقه الإسلامي والقانون
الوضعي" دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص،
جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء.
السنة الجامعية 1989-1990.ص 287.
ومحمد سلامة:
"نظرية العقد في الفقه الإسلامي من خلال عقد البيع" ط. الأولى. 1414ه-1994م.مطبعة فضالة المحمدية. ص 234
[24] تنص
المادة 12 من مدونة الأسرة على أنه:
تطبق على عقد الزواج
المشوب بإكراه أو تدليس الأحكام المنصوص عليها في المادتين 63 و66 بعده
[25] تنص
المادة 66 من مدونة الأسرة على أنه:
"التدليس في
الحصول على الإذن أو شهادة الكفاءة المنصوص عليهما في البندين 5 و6 من المادة
السابقة أو التملص منهما، تطبق على فاعله والمشاركين معه أحكام الفصل 366 من
القانون الجنائي بطلب من المتضرر.
يخول للمدلس عليه من
الزوجين حق طلب الفسخ مع ما يترتب عن ذلك من التعويضات عن الضرر".
[26] ينص
الفصل 52 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:
"التدليس يخول الإبطال، إذا كان ما لجأ
إليه من الحيل أو الكتمان أحد المتعاقدين أو نائبه أو شخص آخر يعمل بالتواطؤ معه
قد بلغت في طبيعتها حدا بحيث لولاها لما تعاقد الطرف الآخر. ويكون للتدليس الذي
يباشره الغير نفس الحكم إذا كان الطرف الذي يستفيد منه عالما به".
-
ينص
الفصل 53 من قانون الالتزامات والعقود على أنه:
"التدليس الذي يقع
على توابع الالتزام من غير أن يدفع إلى التحمل به
لا يمنح إلا الحق في التعويض".
[27] عبد الكريم شهبون
:"الشافي في شرح مدونة الأسرة" الجزء الأول الزواج انحلال ميثاق الزوجية
وأثاره الولادة ونتائجها، مطبعة النجاح
الجديدة ط. الأولى 1427-2006.ص172.
[28] تنص المادة 65 من مدونة الأسرة على أنه:
"أولا: يحدث ملف لعقد الزواج
يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة لمحل إبرام العقد ويضم الوثائق الآتية؛
وهي:
1 - مطبوع خاص
بطلب الإذن بتوثيق الزواج يحدد شكله ومضمونه بقرار من وزير العدل؛
2 - نسخة من
رسم الولادة ويشير ضابط الحالة المدنية في هامش العقد بسجل الحالة المدنية، إلى
تاريخ منح هذه النسخة ومن أجل الزواج؛
3 - شهادة
إدارية لكل واحد من الخطيبين تحدد بياناتها بقرار مشترك لوزيري العدل و الداخلية؛
4 - شهادة طبية
لكل واحد من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدارها بقرار مشترك لوزيري العدل
والصحة؛
5 - الإذن بالزواج في الحالات الآتية، وهي:
- الزواج دون
سن الأهلية؛
- التعدد في
حالة توفر شروطه المنصوص عليها في هذه المدونة؛
- زواج الشخص
المصاب بإعاقة ذهنية؛
- زواج معتنقي
الإسلام والأجانب.
6 - شهادة
الكفاءة بالنسبة للأجانب أو ما يقوم مقامها.
ثانيا: يؤشر قاضي الأسرة المكلف بالزواج قبل الإذن على ملف
المستندات المشار إليه أعلاه، ويحفظ برقمه الترتيبي في كتابة الضبط.
ثالثا: يأذن هذا الأخير للعدلين بتوثيق عقد الزواج.
رابعا: يضمن العدلان في عقد الزواج، تصريح كل واحد من
الخطيبين هل سبق أن تزوج أم لا؟ وفي حالة وجود زواج سابق، يرفق التصريح بما يثبت
الوضعية القانونية إزاء العقد المزمع إبرامه."
[29] قرار صادر عن
المجلس الأعلى رقم 973 في الملف الشرعي عدد 400/2/98.بتاريخ 18اكتوبر 2000، منشور
بمجلة المناهج عدد1.ص 170.
[30] ينص الفصل 366 من
القانون الجنائي على أنه :
" يعاقب بالحبس
من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائة وعشرين إلى درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين
فقط ما لم يكن الفعل جريمة اشد من :
1-صنع عن علم إقرارا
أو شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة.
2-زور أو عدل بأية
وسيلة كانت إقرارا أو شهادة صحيحة الأصل.
3-استعمل عن علم
إقرارا أو شهادة غير صحيحة أو مزورة."
[31] عبد المجيد
غميجة:"موقف المجلس الأعلى من ثنائية القانون والفقه في مسائل الأحوال الشخصية "أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص.السنة الجامعية 1420-1421ه. 1999-2000م. ص 173.
[32] عبد
المجيد غميجة.م س.ص 173.
[33] حماد
العراقي:" شرح قانون الزواج المغربي .الكتاب الأول من مدونة الأحوال
الشخصية" المطبعة الملكية الدار البيضاء.دون ذكر تاريخ الطبعة.ص 98.
[34] أحمد
أبو الروس:" قانون جرائم التزييف والتزوير والرشوة واختلاس المال العام من الوجهة
القانونية والفنية" المكتب الجامعي الحديث الإسكندرية ط.1997 م. ص100.
[35] عبد
الرحيم بن سلامة:"عيوب الرضا في الفقه الإسلامي والقانون المغربي"-مجلة
الأحياء-عدد14. 1999.ص 296.
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة
الخصوصية
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق