مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مراقبة عمليات التركيز
الاقتصادي
الاسم : عبير
عمير
طالبة باحثة في ماستر منازعات الأعمال بفاس
مقــــــدمــــــــة :
إن التحولات الاقتصادية التي عرفها العالم و التي تتجه
بشكل متصاعد نحو الانفتاح فرضت على المغرب نهج مجموعة من الإصلاحات في ميدان
المنافسة و التي تهدف إلى خلق منافسة شريفة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين.
لذلك قام المشرع بمنع مجموعة من الممارسات غير المشروعة
كالاستغلال التعسفي للوضع المهيمن و الاتفاقات المنافية للمنافسة ، كما قام بتنظيم
و مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي.
حيث أصبحت المقاولات اليوم ملزمة على التكتل فيما بينها
و إنشاء اتفاقات و تحالفات في إطار يعرف التركيز الاقتصادي و ذلك لأجل تحقيق
التنمية و الحفاظ على مكانتها داخل النسيج الاقتصادي.
إلا أن الممارسة أبانت على أن المقاولات تلجأ إلى إبرام
اتفاقات غير مشروعة من شأنها التأثير على سير المنافسة.
و نظرا للخطورة التي تشكلها عمليات التركيز الاقتصادي
عمل المشرع المغربي على إحداث آلية لمراقبتها.
و يكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة على المستوى النظري و
العملي ، فأهميته النظرية تتجلى في تعزيز مكانة المقاولات المغربية داخل النسيج
الوطني ، أما أهميته العملية فتكمن في الانعكاسات المترتبة عن مراقبة عمليات
التركيز الاقتصادي.
لذلك يمكن صياغة الإشكالية التالية :
إلى أي حد استطاع المشرع المغربي وضع مقتضيات قانونية من
شأنها تنظيم مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي ؟
للإجابة عن هذا التساؤل ارتأينا تقسيم الموضوع إلى :
المبحث الأول : التركيز الاقتصادي و شروطه
المبحث الثاني : نطاق مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي
المبحث الأول : التركيز الاقتصادي و شروطه
في هذا المبحث سنحاول تحديد مفهوم التركيز الاقتصادي
(المطلب الأول) ثم بعد ذلك سنقوم بدراسة شروطه (المطلب الثاني).
المطلب الأول : مفهوم التركيز الاقتصادي
حسب مقتضيات المادة 11 من قانون 104.12 نجد أن المشرع لم
يعط تعريفا دقيقا لعمليات التركيز الاقتصادي بل اكتفى بالإشارة فقط إلى الشروط
التي يجب توفرها لكي نكون أمام عملية التركيز و لعل الدافع وراء ذلك كان هو وضع
إطار واسع لمفهوم التركيز يشمل كافة أشكال التركيز[1].
و يعتبر بعض الفقه أن عملية التركيز الاقتصادي هو عملية
قانونية تنتج عن اتفاق بين مقاولتين أو أكثر عن طريق عمليات الاتحاد أو عن طريق
المراقبة و المشاركة في رأس المال حيث تتمكن هذه المقاولات من السيطرة على جميع
المقاولات الأخرى و بالتالي تسيطر على النشاط الاقتصادي الذي تمارسه[2].
و قد عرفه أستاذنا نور الدين التجكاني بكونه تجمع لمنشآت
يتضمن تعديلات في بنيات السوق ، و فقدانا لاستقلالية هذه المنشآت المجتمعة في
مقابل تقوية السلطة الاقتصادية للمجموعة.
و عليه فعمليات التركيز الاقتصادي حسب مدلول المادة 11
من قانون حرية الأسعار و المنافسة تنتج عن " كل عقد كيفما كان شكله إذا كان
يقضي بتحويل الملكية أو الانتفاع فيما يتعلق بمجموع أو بعض ممتلكات منشأة و حقوقها
و التزاماتها ، أو عندما يكون الغرض منه أو يترتب عليه تمكين منشأة أو مجموعة
منشآت من ممارسة نفوذ حاسم على واحدة أو أكثر من المنشآت الأخرى بصفة مباشرة أو
غير مباشرة ".
المطلب الثاني : شروط القيام بعملية التركيز الاقتصادي
إن من أهم شروط القيام بعمليات التركيز الاقتصادي أن
تكون المنشآت الأطراف في العقد و التي تشكل موضوعا له تبلغ حدا معينا من الأهمية
الاقتصادية و نسبة معينة من الحصة السوقية من طرف هاته المنشآت و ذلك حسب المادة
11 [3]من قانون حرية الأسعار و
المنافسة.
بالإضافة إلى الشرط السابق نجد أن عمليات التركيز
الاقتصادي لا تتحقق إلا إذا كان هذا التركيز من شأنه التأثير على المنافسة وتهديد
حرية التنافس داخل القطاع سواء داخل الحدود الإقليمية أو خارجها إذا كان من شأن
هذه التصرفات التأثير في السوق الوطنية.
و لعل ما جعل المشرع المغربي ينص على مقتضيات المراقبة
الوطنية على عمليات التركيز الدولية هو أن هذا النوع من التركيزات التي تتزايد
أعدادها يوما بعد يوم نتيجة عولمة الأنشطة الاقتصادية[4].
المبحث الثاني : نطاق مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي
في هذا المبحث سنتطرق إلى دراسة العمليات الخاضعة للتركيز
الاقتصادي (المطلب الأول) على أن نتطرق إلى الأجهزة المتدخلة في عملية التركيز
الاقتصادي (المطلب الثاني).
المطلب الأول : العمليات الخاضعة للتركيز الاقتصادي
إن المادة 11 من قانون 104.12 حددت نوعين من العمليات
الخاضعة للمراقبة
أولا : انتقال الملكية أو الانتفاع بممتلكات المنشأة
إن القانون حدد في المادة 11 على أنه يعتبر التركيز كل
عقد كيفما كان شكله إذا كان يقضي بتحويل الملكية أو الانتفاع فيما يتعلق بمجموع أو
جزء من ممتلكات منشأة وحقوقها و التزاماتها.
و ينتج ذلك عن طريق الاندماج أي الاتحاد أو الاندماج عن
طريق الضم ، أما الاندماج عن طريق الابتلاع يؤدي إلى انصهار الشخصيات المعنوية
للشركات المبتلعة وذوبانها في الشخصية المعنوية لشركة تكون قائمة قبل حصول الإدماج
بحيث تبقى هذه الأخيرة على شخصيتها المعنوية و تبقى ذمتها المالية بمجموع رأسمال
الشركة التي ابتلعتها و هذا الشكل هو الأكثر شيوعا في الواقع العملي[5].
مع الإشارة إلى أن العناصر التي تدخل في التركيز
الاقتصادي هي العناصر المادية و المعنوية التي يمكن استثمارها في العمل التجاري
فمثلا لا يعتبر بيع أثاث الشركة أو مقر الشركة تركيزا ، غير أن التحويل أو
الانتفاع نتيجة عقد التسيير الحر للأصل التجاري أو إيجار الأصل التجاري ، إضافة
إلى الترخيص باستغلال براءة الاختراع أو العلامة التجارية[6] ، فإنه يعتبر تركيزا.
ثانيا : ممارسة نفوذ حاسم على منشأة أو عدة منشآت
إن عمليات التركيز الاقتصادي تتحقق نتيجة كل عقد ينتج
عنه تمكين المنشأة أو مجموعة منشآت من ممارسته بصفة مباشرة أو غير مباشرة نفوذ
حاسم على واحدة أو أكثر من المنشآت الأخرى
و هذا النوع يتحقق في كل أشكال الاندماج العقدي ( تراخيص
الاستغلال ، عقود التوزيع الحصرية ، عقود المقاولة من الباطن...)، و ينبني على كل
هذا خروج بعض التصرفات التي تعطي حق منفعة الشيء.
و الملاحظ من خلال المادة 11 أن المشرع لم يكتفي باشتراط أن تؤدي العملية إلى حصول المنشأة على
نفوذ فقط بل أوجب أن يكون هذا النفوذ حاسما بمعنى أنه يجب أن يؤدي الحصول على هذا
النفوذ إلى فقدان المنشأة الممارس عليها سلطة اتخاذ القرارات المرتبطة بسيرها
التنافسي لفائدة المنشأة أو المنشآت الممارسة لهذا النفوذ الحاسم.
المطلب الثاني : الأجهزة المتدخلة في عملية التركيز
الاقتصادي
أولا : مجلس المنافسة
إن من بين الصلاحيات التي منحها قانون 104.12 لمجلس
المنافسة تجد صلاحية أعمال المراقبة لأن هذا المجلس هو الذي يتلقى التبليغات بشأن
مشاريع التركيز الاقتصادي.
حيث يقوم الأطراف و المنشآت و الهيآت المذكورة في المادة
50 من القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة بتقديم التبليغات إلى المجلس الذي
يقوم بالبت في عملية التركيز خلال أجل 60 يوم ابتداء من تاريخ تسلم التبليغ لكن
إذا قدمت أطراف العملية تعهدات بمعالجة الممارسات المنافية للمنافسة فيتم تمديد
الأجل ب 20 يوما[7].
ثانيا : الإدارة
إن قانون 06.99 كان يمنح صلاحية إعمال المراقبة لرئيس
الحكومة أما في ظل قانون 104.12 أصبح من حق الإدارة بعد تلقيها لقرار مجلس
المنافسة إما أن تطلب إجراء فحص معمق لقرارات المجلس الصادرة في مرحلة الفحص
البسيط ، و إما التصدي للقضية و البت فيها لاعتبارات مرتبطة بالمصلحة العامة عندما
يتعلق الأمر بقرارات المجلس الصادرة في مرحلة البحث المعمق و ذلك حسب منطوق المادة
18 من قانون حرية الأسعار و المنافسة.
خــــــــــاتمــــــــة :
في الختام يمكن القول أن المشرع حاول وضع نظام قانوني
محكم لإعمال مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي ، حيث قام بتحديد الشروط الواجب
توفرها في المقاولة لكي تطبق عليها هذه المراقبة كما خول صلاحيات المراقبة لمجلس
المنافسة و للإدارة و ذلك حسب ما تقتضيه المصلحة العامة.
الفهرس
مــــــقدمـــــــة
المبحث الأول ..........................................التركيز
الاقتصادي و شروطه
المطلب الأول ................................مفهوم
التركيز الاقتصادي
المطلب الثاني ..............................شروط قيام
التركيز الاقتصادي
المبحث الثاني ..........................نطاق مراقبة عمليات
التركيزالاقتصادي
المطلب الأول .........................العمليات الخاضعة
للتركيز الاقتصادي
المطلب الثاني .......................الأجهزة المتدخلين
في عملية التركيز الاقتصادي
خـــــــاتمــــــــة
المراجع المعتمدة :
الرسائل :
Ø
جعفر ايزوغار ، مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي ، رسالة
لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية
والاجتماعية فاس ـ2012-2013
Ø
ربيع
شركي ، الممارسات المنافية لقواعد المنافسة ، تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية الدار البيضاء ،
2007-2008.
المقالات :
ü
أحمد
عبد الرحمان الملحم ، مدى مخالفة الإندماج و السيطرة لأحكام المنافسة التجارية ،
مجلة الحقوق الكويتية ، السنة 19 ،العدد 3 ، سبتمبر 1990.
ü
أربعي
رشيد ، مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي وفق مقتضيات قانون حرية الأسعار و
المنافسة ، مقال منشور بالموقع الإلكتروني: www.marocdroit.com
Ouverage
·
Nour-Eddine
Toujgani « guide pratique du droit de la concurrence » 2eme
édition,2006
[1] جعفر ايزوغار ، مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي
، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية و
الاقتصادية والاجتماعية ، فاس ـ2012-2013 ، ص 12.
[2] أربعي
رشيد ، مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي وفق مقتضيات قانون حرية الأسعار و
المنافسة ، مقال منشور بالموقع الإلكتروني: www.marocdroit.com
[3] انظر
المادة 11 من قانون 104.12 .
[4] جعفر
ايزوغار ، مراقبة عمليات التركيز الاقتصادي ، مرجع سابق ، ص 42.
[5] ربيع
شركي ، الممارسات المنافية لقواعد المنافسة ، تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية الدار البيضاء ،
2007-2008 ، ص 102 .
[6]
Nour-Eddine Toujgani « guide pratique du droit de la concurrence » 2eme
édition,2006 , p 46.
[7] أحمد
عبد الرحمان الملحم ، مدى مخالفة الإندماج و السيطرة لأحكام المنافسة التجارية ،
مجلة الحقوق الكويتية ، السنة 19 ،العدد 3 ، سبتمبر 1990 ، ص 34.
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة
الخصوصية
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق