تابعونا على الفيسبوك

Disqus

مستجد مقترح قانون المتعلق بكراء العقارات والمحلات ( الغاء مسطرة الصلح ) مقابل أي ضمانات للمكتري ؟

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مستجد مقترح قانون المتعلق بكراء العقارات والمحلات
( الغاء مسطرة الصلح )

مقابل أي ضمانات للمكتري ؟

حمزة التريد

حمزة التريد :
طالب باحث بماستر "الوسائل البديلة لفض النزاعات"
 بكلية الحقوق بفاس

بعدما كانت مسطرة الصلح في ظل ظهير 24 ماي 1955 المتعلق بكراء الاملاك أوالاماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أوالحرف ، تشكل مرحلة مهمة ورئيسية لتجديد الأكرية التجارية ، وذلك ما كان يبدو جليا من خلال تفحص مقتضيات الفصل 27 من الظهير ومايليها من الفصول المؤطرة لهذه المسطرة والتي ان دلت فانما تدل على حضور التصور الحمائي للمشرع ، هذا التصور قد انطوى في حيثياته على العديد من الضمانات المسطرية  المخول للمكتري سلوكها قصد الحفاظ على استمرارية حقه في الكراء وبقاء نشاطه التجاري  .
 لكن سرعان ما اندثر هذا التصور الحمائي بمجرد الاعلان عن الصيغة المتوافق عليها مع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين والتي تخص مقترح القانون المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي ، والذي حمل بين طياته تجاوزا لأحد أهم المساطر التي كان من الواجب على المكتري سلوكها في ظل الظهير ، مسطرة كانت بالأمس ولازالت الى يومنا هذا تتربع فصول الظهير ، لتشهد بذلك وبعد الاعلان عن مقترح قانون الذي جاء لنسخ مقتضيات الظهير مشارف اندثارها في وقت كان على المشرع الاستفادة من التجربة الميدانية لهذه المسطرة والعمل على تحسين وجهتها الى الأفضل وليس الاطاحة بها ، الأمر الذي يدفعنا الى التساؤل حول :
دواعي هذا الالغاء والأسباب الكامنة وراءه ؟ وفي المقابل أي ضمانات للمكتري في ظل غياب هذه المسطرة ؟
     أولا : دواعي الالغاء والأسباب الكامنة وراءه
لعل القارئ للمقتضيات المؤطرة لمسطرة الصلح في ظل الظهير سيقف عند العديد من الملاحظات الأساسية ، يأتي في مقدمتها طابع الغموض والتعقيد الذي يشوب جوانب هذه المسطرة والتي ترمي بظلالها على طرفي العلاقة الكرائية بشكل لايخدم مصالحهم بقدر مايأزم الوضع بينهم ، ناهيك أيضا عن تعدد الشكليات والاجراءات التي ينبغي على كلا الطرفين اتباعها أثناء سلوكهم لهذه المسطرة وغيرها . لذا وباستقرائنا للفصول المؤطرة للمسطرة وكذا الانفتاح على الرؤيا الجديدة للمقترح بخصوص هذه المسطرة ، لا يسعنا سوى القول على أن دواعي وأسباب هذا الالغاء هي في جوهرها صعوبات كانت تتخبط بثنايا هذه المسطرة منذ مجيء هذا الظهير لكن وللأسف لم تجد عند المشرع حلولا قادرة على امتصاصها ، مما حدى به في ظل التوجه الجديد الذي أبان عنه المقترح الى الغائها ، وتتجلى هذه الصعوبات بالأساس في :
·       صعوبات قانونية : راجعة بالأساس الى الغموض والتعقيد وصعوبة الفهم التي كانت تتخبط بثنايا الفصول المنظمة لمسطرة الصلح ، والتي سرعان ما كان الواقع العملي يفصح عن العديد من الحالات الناتجة عن سوء فهم تطبيق ظهير 24 ماي 1955 ، كقيام المكتري في حالة توصله بالانذار من طرف المكري بجوابه لهذا الأخير برفض الزيادة في السومة الكرائية ، وذلك عوض توجيهه لطلب الصلح لرئيس المحكمة داخل أجل 30 يوما من توصله بالانذار ، وبالتالي فالمكتري بتصرفه هذا يكون قد جنى على نفسه وتسبب في انهاء العلاقة الكرائية.

·       صعوبات ثقافية : تقضي بأن غياب الطابع التحسيسي بأهمية مسطرة الصلح لدى كل المتدخلين فيها خصوصا أن الأمر يتعلق بنص ظهير معقد وشائك ومركب ، ناهيك أيضا عن الأمية الضاربة في صفوف المغاربة والمغربيات والتي من الظلم تطبيق عليهم قاعدة "لايعذر أحد بجهله للقانون" ، لذا فغياب الجانب التحسيسي والتوعوي بأهمية هذه المسطرة سواء من خلال الحث على اللجوء القبلي للاستشارات القانونية وغيرها ، كانت تشكل بدورها عائقا أمام نجاح هذه المسطرة والوعي بالضمانات المسطرية التي تخولها لأطراف العلاقة الكرائية .

·       صعوبات قضائية : تتعلق بالأساس بالجهة الموكول لها تدبير النزاع أو مهمة اجراء الصلح بين أطراف العلاقة الكرائية ، وهي بالأساس جهة غير متفرغة لهذه المهمة بالنظر لكثرة المساطر المقدم أمامها ناهيك أيضا عن طول الاجراءات المتبعة خلال هذه المسطرة في مقابل انعدام الحضور الشخصي للأطراف خلال جلسة الصلح كلها اشكالات تحوول دون نجاح هذه المسطرة ، في الوقت الذي كان ينبغي فيه تخويل هذه المهمة الى أجهزة متفرغة وبعيدة كل البعد عن الجهاز القضائي كما هو الشأن بالنسبة للتشريع الفرنسي الذي عمل على انشاء لجنة خاصة وحدد اختصاصها في النظر في النزاعات المتعلقة بتجديد السومة الكرائية .    

    ثانيا : أي ضمانات للمكتري في ظل هذا الالغاء ؟
نبدأ في هذا الصدد بمنطوق المادة 22 من مقترح القانون حيث جاء فيها " يجب على المكري الذي يرغب في وضع حد للعلاقة الكرائية، أن يوجه للمكتري إنذارا،يتضمن وجوبا السبب الذي يعتمده وأن يمنحه أجلا للإفراغ اعتبارا من تاريخ التوصل.
يحدد هذا الأجل في:
- ثلاثة أشهر، إذا كان الطلب مبنيا على الرغبة في استرجاع المحل أو هدمه لإعادة بنائه أو على وجود سبب جدي يرجع لإخلال المكتري ببنود العقد؛
- ثلاثين يوما،إذا كان طلب الإفراغ مبنيا على كون المحل آيلا للسقوط.
في حالة عدم استجابة المكتري للإنذار الموجه إليه، يحق للمكري اللجوء إلى المحكمة المختصة للمصادقة على الإنذارابتداء من تاريخ انتهاء الأجل المحدد فيه.
إذا تعذر تبليغ الإنذار بالإفراغ لكون المحل مغلقا باستمرار، جاز للمكري إقامة دعوى المصادقة على الإنذار بعد مرور الأجل المحدد في الإنذار اعتبارا من تاريخ تحرير محضر بذلك.
يسقط حق المكري في طلب المصادقة على الإنذار بمرور ستة أشهر من تاريخ انتهاء الأجل الممنوح للمكتري في الإنذار".
    وباستقراء مقتضيات المادة أعلاه ، يتضح أن هناك تراجع تام للمشرع عن احدى الضمانات الحمائية التي كان يخولها ظهير 24 ماي 1955 للمكتري من قبيل اللجوء الى مسطرة الصلح رغبة في الحفاظ على حقه في الكراء وأيضا ضمان بقاء نشاطه ، هذه الضمانة التي أصبحت في ظل التوجه الجديد لمقترح قانون من قبيل العدم ، بحيث لم يعد للمكتري في ظل النص الجديد للمادة أعلاه أدنى امكانية للحفاظ على حقه في الكراء وبالمقابل ضياع نشاطه التجاري .
   بل الأكثر من ذلك ، هو التوجه الصريح والواضح للمادة 22 أعلاه والتي أتت لخدمة مصلحة المكري فقط على حساب المكتري من خلال منحه الحق في انهاء العلاقة الكرائية مقابل عدم الاعتراف للمكتري بالحق في الحفاظ على الكراء، بل الغريب في الأمر هو الاحتفاظ الذي أبداه المشرع بخصوص حق المكتري في المنازعة في أسباب الانذار والذي هو للأسف احتفاظ كان مقرونا في ظل الظهير باللجوء الى مسطرة الصلح مع امكانية ضمان المكتري لبقاء حقه في الكراء في حالة نجاح هذه المسطرة ، لكننا اليوم ونحن بصدد هذا المقترح يمكننا القول لاداعي لهذا الحق الذي أتى في مستهل المادة 23 اذا كان سيقتصر على المناقشة فقط على مدى صحة السبب الذي يعتمده في الانذار خصوصا اذا علمنا بأن الأسباب الثلاثة التي أوردها المشرع بين الرغبة في استرجاع المحل أو هدمه لاعادة البناء أو في حالة كون المحل أيلا للسقوط لايمكن أن تثير اشكالا بالقدر الذي يمكن أن يثيره السبب الذي اكتنفه الغموض وعدم التدقيق ألا وهو في حالة وجود سبب جدي يرجع لاخلال المكتري ببنود العقد ، مادام أن المصير هو سقوط حق المكتري في الكراء في مقابل حصوله على التعويض .   
أضف الى ذلك ، أن التصور الحمائي للمشرع في ظل الظهير والذي كان يهدف الى الحفاظ على استمرارية حق المكتري في الكراء وبقاء نشاطه التجاري أو الصناعي أو الحرفي ، قد انقلب في ظل التوجه الجديد الذي أبان عنه المقترح لفائدة المكري لكن بحمولة حمائية أكبر ، بحيث في ظل المادة 22 وعند حديثها عن انهاء العلاقة الكرائية من طرف المكري لم نلمس أي حضور حمائي للمكتري بين ثنايها اللهم في الحالات التي التي أقرت من خلالها المادة 23 امكانية مناقشته لأسباب الانذار فقط مع مطالبته بالتعويض ، ناهيك أيضا عن الغموض الذي أبداه المشرع بخصوص الجهة صاحبة الحق في البث في دعوى المناقشة في أسباب الانذار والمطالبة بالتعويض مع العلم أن المادة 23 قد أتت تحت لواء باب أتى ليحدثنا من خلال فصوله على المسطرة والاختصاص .   
ليبقى بذلك التساؤل المطروح بهذا الصدد هو في ظل سياسة الالغاء الذي تبناها المشرع في ظل التوجه الجديد لمقترح قانون والذي همت بالأساس التنازل عن أحد أهم الضمانات الحمائية للمكتري ألا وهي تعليق حق المنازعة في أسباب الانذارعلى اجبارية اللجوء الى مسطرة الصلح . ماهي الضمانات التي أتى بها في مقابل هذا الالغاء ؟ وهل ضمان التعويض كاف للمكتري في مقابل حقه في الكراء وكذا نشاطه التجاري الذي سيصبح في ظل هذا التوجه الجديد مهددا بشكل أو بأخر من طرف المكري من خلال ممارسته لحقه في انهاء العلاقة الكرائية .  
 وفي ظل هذا التساؤل ، الذي لم نلمس اجابات واضحة بشأنه من خلال الرؤيا الجديدة التي أبان عنها مقترح قانون باستثناء التعويض والحق في الرجوع الى المحل بعد البناء والذي ان دل فانما يدل عن غياب التوازن الحقيقي بين أطراف العلاقة الكرائية لصالح المكري على حساب المكتري ، لايسعنا سوى القول ومادام أننا أمام مقترح قانون يعني بالمقابل أننا أمام مبادرة برلمانية في مجال الانتاج التشريعي وبالتالي فهذا بالشيء المحمود خصوصا بعد ظرفية عاشت خلالها مقترحات قوانين نوعا من التعطيل في الحقل التشريعي المغربي ، أنه ينبغي اعادة النظر في هذا الحدف التشريعي الذي طال مسطرة الصلح من خلال العمل على تحسين وجهتها الى الأفضل بالاستفادة من التجارب الميدانية التي راكمتها و الحد من التعقيدات المسطرية التي كانت تعرفها ، وبالمقابل استحضار فلسفة المشرع الحمائية التي غابت بعض الشيء عن مقتضيات هذا المقترح من أجل تكريس الحماية اللازمة للمكتري وبالتالي الحفاظ على أهم عنصر من عناصر الأصل التجاري ألا وهو عنصر الكراء التجاري .


المراجع المعتمدة :
-         ظهير 2 شوال 1374 (24 ماي 1955) بشأن كراء الأملاك أو الأماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف.
    -  الصيغة المتوافق عليها مع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين حول مقترح القانون المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي .
    -  مجلة قضاء المجلس الأعلى ،العدد 39 ، السنة : نوفمبر 1986.


التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016