تابعونا على الفيسبوك

Disqus

مؤسسة قاضي حماية الحريات في التشريع المغربي في أفق إصلاح منظومة السياسة الجنائية

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مؤسسة قاضي حماية الحريات في التشريع المغربي في أفق إصلاح منظومة السياسة الجنائية


الأستاذ: الزكراوي محمد
ذ:باحث في الشؤون القانونية و الإدارية


مقدمة:

إن المملكة المغربية وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات تعزيز مراقبة حقوق المعتقلين والسجناء، بالنص على اعتبار البراءة هي الأصل إلى أن تثبت إدانة الشخص بحكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية، هذا المبدأ يكرس ما تضمنه الدستور من أن المملكة المغربية تتعهد « بالتزام ما تقتضيه المواثيق (الدولية) من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دولياً في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة، وتلازما مع ذلك يعمل المشرع المغربي حاليا على إعداد مشروع قانون لتكييف القانون الجنائي المغربي مع الالتزامات التي تنص عليها الاتفاقية من أجل مواءمة التشريعات الوطنية مع أحكام الاتفاقية، و تكريس سبيل الإنصاف القضائي لحماية الحرية لشخصية أو السلامة البدنية من عمليات الاحتجاز و الاعتقال لتعسفية، من خلال إعداد مسودة مشروع وإحداث مؤسسة قاضي حماية الحريات، الذي من المنتظر أن تنسد إليه مهمة البت على سبيل الاستعجال، في كل طعن يحال عليه من كل شخص اتخذ في حقه الوكيل العام لدى محكمة النقض أو الوكيل العام للملك أو وكيل الملك إجراء من الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 40 و 49 من قانون المسطرة الجنائية الحالي بالإضافة إلى ضرورة إحالة كل قرارات الاعتقال على قاضي حماية الحريات، حيث سيتم إنشاء غرفة الحريات وذلك بجميع محاكم المملكة تتكون من قضاة يستقبلون شكايات المواطنين الذين صدرت في حقهم أوامر وكيل الملك بالاعتقال.
ومن اجل المزيد من التعريف بمؤسسة قاضي حماية الحريات سوف نتطرق من خلال مقالنا هذا إلى تحديد ماهية مؤسسة قاض الحريات وطبيعتها القانونية في محاولة منا لرصد أهم الأدوار المنوطة به ومدى إسهام هذا الوافد الجديد في تكريس مبادئ العدالة و الإنصاف و احترام حقوق الإنسان.

ماهية مؤسسة قاضي الحريات العامة في ضل التشريع المقارن ( نموذج فرنسا)

مما لا شك فيه أن السلطة القضائية هي الوصي على الحريات الفردية والتطبيق العادل للقانون حيث تشير المادة 6 من الدستور، بان القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ويخضع له الجميع على قدر المساواة سواء تعلق الأمر، بأشخاص ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، فهم متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له وتعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، وتكرسا لذلك جعل المشرع المغربي أمانة الحفاظ و حماية الحريات عامة كانت او أساسية من اختصاص الولاية الشامل للقضاء حيث نصت المادة من الدستور 110 على انه لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون، ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون .
إن مشروع أحداث مؤسسة قاضي حماية الحريات بالمغرب هو من قبيل استكمال صرح مؤسسات العدالة و تكريسا على أرضية الواقع لمفهوم الأمن القانوني و القضائي في مجال حماية الحريات والحقوق وفقا لما تقتضيه المواثيق (الدولية) من مبادئ وحقوق وواجبات كما هي متعارف عليها دولياً، كما أن مشروع إحداث مؤسسة قاضي التحقيق يندرج بصفة عامة وفقا للاستراتيجية الوطنية لإصلاح منظومة العدالة بصفة عامة و مسيرة للإصلاح السياسة الجنائية بصفة خاصة، وعليه فقاضي حماية الحريات مستوحاة من تجربة القضاء الفرنسي حيث يطلق عليه اسم قاضي الحريات والاحتجاز فهو بذلك هو أحد القضاة الذين يتدخلون عندما تكون حقوق الأفراد معرضة للخطر، ويخضع للاحتجاز السابق للمحاكمة، ولكن له صلاحيات أخرى كثيرة تتعلق بحرية المواطنين، وقد عرفت فرنسا مؤسسة قاضي الحريات و الاحتجاز، بموجب إقرار القانون عدد 2000-516 المؤرخ 15 يونيو 2000، حيث في 1 أيلول / سبتمبر 2017،أسندت له وظيفته المتخصصة، مثل باقي الوظائف القضائية الأخرى كقاضي الأطفال أو قاضي التعليم إلى غير ذلك، أما من حيث وظيفته العملية في مجال احترام و حماية حريات الأشخاص فيعتبر الجهة المخولة لها صلاحية اتخاذ القرار في كل الوقائع المتعلقة باحتجاز شخص متورط في العدالة في الحبس الاحتياطي، كما يقرر أيضا في مسالة طلبات الإفراج عن الشخص أو، على العكس من ذلك، تمديد الاحتجاز رهن الحبس الاحتياطي وذلك في مرحلة التحقيق في القضية، قبل أن يعاد إلى المحكمة التي يحكم عليها، وللمزيد من توسيع نطاق عمل قاضي الحريات عمل المشرع الفرنسي على إثراء مؤسسة قاضي الحريات والاحتجاز بولاية جديدة تخلت عنها المحكمة الإدارية، فيما بعد وذلك بموجب أحكام القانون رقم 2016-274 المؤرخ 7 آذار / مارس 2016 بشأن قانون الأجانب في فرنسا، هذا الإصلاح كان بمثابة استمرار للقانون رقم 2011-672 المتعلق بالهجرة والتكامل والجنسية المؤرخ 16 حزيران / يونيه 2011. فمؤسسة قاضي الحريات والاعتقال تشارك في مجالات القانون الجنائي، عندما تكون الحرية الفردية على المحك، حيث تفصل في النزاعات المتعلقة بالاحتجاز والرعاية النفسية بناء على طلب، كما يمكن لقاضي الحرية والاحتجاز قبول الحبس الاحتياطي لفترة محددة، ورفض الاحتجاز رهن الحبس الاحتياطي، والوضع تحت الإشراف الفضائي و اتخاذ الإجراءات المتعلقة بترتيب وضع السوار الإلكتروني، أما من حيث طبيعة أعماله من الناحية القانونية ،فقاضي الحريات، هو قاض في المقعد، وهو يحكم وحده ويساعده كاتب،و يحكم بأمر مسبب ويخطر الشخص المتهم،ولا يمكن الطعن في القرار أو طلب الإفراج الصادر عنه، فيما يتعلق بمدة الاحتجاز و الوضع رهن الحبس الاحتياطي ،وله أن يحتفظ بالشخص رهن الاحتجاز،إلى أن يعقد المدعي العام جلسة استماع جديدة، على أساس أن تعقد هذه الجلسة الجديدة بعد 10 إلى 20 يوما من قرار المجلس،حيث إذا لم يتم احترام هذا الموعد النهائي، يتم الإفراج عن الشخص،ويجوز وضع المتهم في السجن رهن الاحتجاز قبل المحاكمة،ولا يجوز أن يتجاوز الاحتجاز السابق للمحاكمة الحد الذي يحدده القانون،وقد يكون ذلك ممكنا في سياق التحقيق القضائي أو المثول إمام القضاء، فالتحقيق القضائي هو تحقيق يقوده قاضي تحقيق في الحالات المعنية، ولا يجوز طلب الحبس الاحتياطي إلا إذا وجهت إليه اتهام بارتكاب جريمة يعاقب عليها بالسجن لأكثر من ثلاث سنوات،،ولا يجوز طلب الحجز او الحبس الاحتياطي إلا إذا كانت المراجعة القضائية أو ارتداء سوار إلكتروني غير كاف من أجل الاحتفاظ بأدلة أو أدلة مادية،او لتفادي الضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم،ومنع التشاور الاحتيالي بين الشخص المتهم ومرتكبيه أو المتواطئين معه من ابتكار حجة على سبيل المثال،وضمان الإبقاء على الشخص المشتبه به تحت تصرف المحاكم، وإنهاء الجريمة أو منع تجديدها، ووضع حد للاضطراب الاستثنائي والمستمر للنظام العام الذي تولده القضية، هذا ويمكن اصدر الأمر بالحبس الاحتياطي أيضا في حالة عدم امتثال الشخص المكلف به للمراجعة القضائية أو الواجبات الجبرية مع المراقبة الإلكترونية حيث آنذاك يتخذ قرار إجراء الإحالة من طرف النيابة العامة إلى قاضي الحرية والاحتجاز يطلب الحجز الاحتياطي.

دور مؤسسة قاضي الحريات في ترسيخ مبادئ احترام الحقوق و الحريات

إن الحديث عن الديمقراطية،يدفعنا للحديث عن مجموعة من الحقوق الأساسية التي تبرز لنا مدى فعالية السلطة داخل الدولة و جهودها في تكريس دولة القانون،و ذلك من خلال ضمان احترام حقوق و حريات المواطنين العامة،حيث تنعكس صورة الدولة القانونية او شرعية الدولة بمدى التزامها بالدستور والقوانين الأساسية النافذة ،والتي لابد من أن تكون متضمنة لمجموعة من الحقوق والحريات الأساسية للأفراد مع ضمان احترام هذه الحقوق والحريات، فلا جدوى من النص على هذه الحقوق والحريات دون أن يكون هناك احترام وتطبيق فعلي لها ،وترتيبا مع ذلك نص الفصل 23 من الدستور المغربي على انه لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته،إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون على أساس أن الاعتقال التعسفي أو السري والاختفاء ألقسري،يعد من أخطر الجرائم، وتعرض مقترفيها لأقسى العقوبات،فحماية الحريات في التضور التشريعي المغربي أصبح ضرورة ملحة استوجبتها المتغيرات التي عرفتها ساحة السياسات الحنائية بحيث يتولى القضاء حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي،وتطبيق القانون،فلكل شخص الحق في محاكمة عادلة،وفي حكم يصدر داخل أجل معقول،فحقوق الدفاع مضمونة أمام جميع المحاكم.وعلى هذا المنوال،عملت الكثير من النظم و الاتجاهات السياسة الجنائية الحديثة إلى تخصيص قاض يضطلع بملف الحبس الاحتياطي سواء من حيث الأمر به أو بتمديد مدته،أو بالإفراج عن الأشخاص المحبوسين احتياطيًا،ويتمتع بسلطات مستقلة عن باقي القضاة،وهو ما يمثل ضمانة للمتهم ولفعالية نظام الحبس الاحتياطي نفسه في ذات الوقت،فإذا كان المشرع المغربي رغبة منه في تحقيق قواعد الإنصاف و العدالة و حماية حريات الأشخاص عمل على إحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات ومنحه الاختصاص في تتبع مدى تطبيق القانون المتعلق بتنظيم المؤسسات السجينة وتسييـرها,والمعبر عنه في الفقرة السابعة من ديباجة قانون المسطرة الجنائية بالقول, بأنه" ولعل في إحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة تدعيم ضمانات الدفاع,وصيانة كرامة المعتقل, بالإضافة إلى استمرار الحماية القضائية للمحكوم عليه لما بعد صدور الحكم, وهو شيء إيجابي لأن صلة القضاء بالمحكوم عليهم كانت تنتهي بمجرد صدور الحكم ليصبح تنفيذه بيد جهاز إداري،واتبعه بإحداث بمؤسسة قاضي المكلف بإجراءات التنفيذ حيث خصه بمجموعة من الاختصاصات عن طريق الإشراف العام على عمليات التنفيذ و تسوية النزاعات التي تقوم بين السادة المكلفين بالتنفيذ والخصوم من جهة وبين طالب التنفيذ والمنفذ عليه من جهة أخرى،ونتيجة لما منح المشرع من اختصاص واسع لقاضي التحقيق في القضايا الجنائية أو الجنحية بأن يصدر أمرا بالحضور أو أمرا بالإحضار أو أمرا بالإيداع في السجن أو أمرا بإلقاء القبض،ونظرا لما يمكنه أن يتخذه من أوامر وقرارات من شانها المس بحريات الأفراد والزج بهم في السجن،وهي تعتبر كذلك شاقة لما تتطلبه من إجراءات دقيقة للوصول إلى الحقيقة،وأمام هذين الأمرين بات واجبا على المشرع المغربي البحث و التروي وأخذ الحيطة عند اتخاذه للأوامر القضائية حتى لا يمس بالحريات وحقوق الدفاع ويستعمل الأوامر في غير محلها تطبيقا لمبدأ :(كل متهم يظل بريئا إلى أن تثبت إدانته) هذا المبدأ الذي تحول إلى قاعدة قانونية في ظل قانون المسطرة الجنائية وذلك بتكريس إحداث مؤسسة جديدة تمنح لها صلاحيات واسعة و مستقلة في شمول رعايتها و حمايتها للحريات المعترف بها لكل الأشخاص،من خلال إقرار مؤسسة قاضي الحريات وعرف للحريات بجل المحاكم الابتدائية،فالواقع أن تجربة نظام قاضي الحريات والحبس،تبدو جديرة بالنظر والاهتداء بها، لما تتضمنها من مزايا فهي تمثل من ناحية أولى ضمانة لحقوق المتهم باعتبار أن هذا القاضي ليس جهة اتهام ولا سلطة تحقيق مما يمنحه قدرًا كبيرًا من الاستقلال والحياد،كما أن هذا النظام سيبعد عن فرضية كون قاضي التجديد هو ذاته الذي ينظر القضية إذا ما انتقلت للمحكمة،فضلا عن أن هذا النظام يسهم في فعالية التحقيق الجنائي إذ يكون بوسع هذا القاضي المتفرغ أن يعكف بدرجة اكبر على النظر في كافة المسائل المتعلقة بالحبس الاحتياطي سواء من حيث تقدير سلطة الأمر به أو بتمديد مدته أو الإفراج عن المتهم المحبوس احتياطيًا،كما يجوز له أن يأمر بالاحتجاز السابق للمحاكمة أو أن يمدده بأمر مسبب يصدر بعد مناقشة عامة،وهو أيضا مختص في حالة انتهاك التزامات الرقابة القضائية، فضلا عن طلبات الإفراج التي لم يسمح بها قاضي التحقيق.

الاختصاص المنوط بمؤسسة قاضي الحريات في أفق إصلاح السياسة الجنائية

إن مؤسسة قاضي الحريات في ظل رؤية مشروع القانون المرتقب أصبح الصوت القضائي الوحيد الذي يسمع في مسألة الاحتجاز الإداري او ما يطلق عليه الحبس الاحتياطي، سواء تم النظر في تحدي التدبير الأولي للإيداع أو طلب تمديد هذا الإجراء إلى ما بعده 48 ساعة أو طلب لاحق للإفراج،فمن المعلوم انه وفي ظل قانون المسطرة الجنائية الحالي يمكن إصدار أمر بالاعتقال الاحتياطي في أي مرحلة من مراحل التحقيق،ولو ضد متهم خاضع للوضع تحت المراقبة القضائية،حيث يتم تبليغ هذا الأمر فورا وشفهيا للمتهم وللنيابة العامة،وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 160،ويصدر القاضي عندئذ أمرا بالإيداع في السجن يكون سندا للاعتقال،أو أمراً بإلقاء القبض إن كان المتهم في حالة فرار،فإذا ظهرت عند انصرام الأجل القانوني ضرورة استمرار الاعتقال الاحتياطي،جاز لقاضي التحقيق تمديد فترته بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصاً، يصدره بناء على طلبات النيابة العامة المدعمة أيضا بأسباب،ولايمكن تمديد فترة الاعتقال الاحتياطي إلا لمرتين ولنفس المدة،بحيث إذا لم يتخذ قاضي التحقيق خلال هذه المدة أمراً طبقاً لمقتضيات المادة 217،يطلق سراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق،كما يمكن للنيابة العامة أيضا أن تلتمس في كل وقت وحين الإفراج المؤقت،وعلى قاضي التحقيق أن يبت في ذلك خلال أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم هذه الملتمسات.
أما في ظل مؤسسة قاضي الحريات فأصبح هذا الأخير الجهة الراعية والحامية للحقوق و الحريات عن طريق الرقابة الآنية للأوامر الصادرة عن النيابة العامة في شان اتخاذ التدابير و الأوامر المتعلقة بالحبس الاحتياطي وطلبات تمديده عن طريق عملية الطعن في تلك الأوامر الصادرة من الجهات المعنية أمام غرفة الحريات التابعة لنفوذ المحكمة صاحبة الولاية بالنظر في القضية،ففي ظل مشروع قاضي الحريات أصبحت العلاقة الجامعة بين كل من مؤسسة النيابة العامة و قضاء الحريات متناغمة و متناسقة في تحقيق الغايات المنشودة حيث سيتولى وكيل الملك بالمحكمة وقاضي الحريات والاحتجاز مهمة التحقق من احترام الحقوق وحريات الأشخاص طوال مدة الاحتجاز،ويمكنهم في هذا الصدد التنقل بين الأماكن والاطلاع على السجلات التي تحتوي على معلومات عن ظروف الاحتجاز،والإشراف الرقابي على أي تدبير يتعلق بإحالة غير طوعية إلى المستشفى من طرف مؤسسة قاضي الحريات،من خلال عمليات التحقق من ضرورة تدبير الحرمان من حرية ومدى نظاميته،التي يقوم بها على فترات منتظمة ينص عليها القانون،او من خلال دعوى يصطلح تسميتها بالدعوى الاختيارية،فإذا جرى رفضها تحال إلى قاضي الحريات والاحتجاز الذي يقرر في نهاية المطاف احتجاز أو عدم احتجاز المتهم،وتمكن الدعوى الاختيارية من اللجوء في أي وقت إلى قاضي الحريات الذي تقع مؤسسة الأمراض النفسية التي يوجد فيها المريض ضمن نطاق اختصاصه حيث يمكنه أن يأمر بالإنهاء الفوري لتدبير الرعاية النفسية، حيث يمكن أن يتصل به ليس فقط الشخص الخاضع للرعاية، ولكن أيضاً من يمارسون حقوق الوالدين أو الوصي إذا كان الشخص المعني قاصراً،والشخص المكلف بحمايته إذا كان المريض خاضع للوصاية أو القوامة، أو زوجه أو الشخص الذي يربطه به اتفاق تضامن مدني، أو مقدم طلب الرعاية، أو أحد الأقرباء أو شخص يمكن أن يتصرف لما فيه مصلحة الشخص الخاضع للرعاية، ووكيل الملك.
ويمكن لقاضي الحريات والاحتجاز أيضا أن يتدخل تلقائيا وفي أي وقت، إذ يجوز لأي شخص مهتم أن يوجه انتباهه إلى المعلومات التي يراها مجدية بالنسبة لحالة الشخص الخاضع لذلك التدبير،تحقيقا لهذه الغاية،هذا و انه في ظل القانون الفرنسي منحه المشرع ،زيادة على إمكانية الدعوى الاختيارية،إمكانية المراجعة المنهجية المنصوص عليها في المادةL. 3211-12-1من قانون الصحة العامة التي لا يمكن بموجبها مواصلة الرعاية الكاملة للمريض دون أن يتخذ قاضي الحريات والاحتجاز قراراً بشأن هذا التدبير قبل انقضاء خمسة عشر يوما من تاريخ اتخاذه، ثم مرة أخرى في غضون ستة أشهر،كما له إمكانية الاستماع إلى الشهود بنفسه خبث يرفق قرار قاضي الحريات والاحتجاز بمحضر الاستماع للشاهد،الذي لا يكشف عن هويته ولا يتضمن توقيعه.
وفي الأخير نود الإشارة من جهة نظرنا أن تفعيل مؤسسة قاضي الحريات بالمغرب رهبن بمدى تعديل شروط الاعتقال والاحتجاز لكي تتطابق مع المعايير الدولية بموجب قانون "العدالة والحرية"الذي يحدد القواعد المتعلقة بالاحتجاز الاحتياطي (المدة؛ والقاضي المختص وحقوق الشخص الموضوع رهن الاحتجاز الاحتياطي)

اقرأ المزيد

0 التعليقات:

صدور العدد 29 من مجلة منازعات الأعمال لشهر فبراير 2018

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
صدور العدد 29 من مجلة منازعات الأعمال
 لشهر فبراير 2018



لتحميل العدد من هنا
اقرأ المزيد

1 التعليقات:

"البطلان القضائي لمسطرة الفرض الضريبي على ضوء الاجتهاد القضائي الحديث"

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
"البطلان القضائي  لمسطرة الفرض الضريبي على ضوء الاجتهاد القضائي الحديث"
"" نظرية تطوير الاجتهاد القضائي للتشريع الضريبي على أسس القواعد العلمية للمنهج الدياليكتيكي""





     ذ. يونس شكران
باحث في الإجتهاد المغربي و المقارن
مقدمة:
  يعتبر بطلان مسطرة الفرض الضريبي وصف أو تكييف قانوني يخالف نصوص تشريعية آمرة تعتبر من النظام العام الضريبي ; تؤدي إلى عدم إنتاج الآثار القانونية التي يرتبها عليه القانون الضريبي ، لاعتبار الحكم ببطلان مسطرة الفرض الضريبي يعتبر من أقصى الجزاءات القانونية نظراً للآثار الخطيرة التي تؤدي إلى إعدام الآثار المترتبة عنه، وقد تؤدي إلى فقدان الحق برمته لإدارة الضرائب في بعض الحالات.
إن المشرع جعل بطلان مسطرة الفرض الضريبي  يرتبط أساساً بالإختلالات التي تشوب المسطرة قبل الفرض الضريبي، وهي ضمانة قانونية لدى الملزم ضد تعسف الإدارة في سلطتها، وكذلك ضمانة حق الدفاع التي يتبناها القضاء الإداري للبث في المنازعات الضريبية، لكن بالرجوع إلى القانون الضريبي نجد أن المشرع لم يتوسع عندما نص على البطلان; حيث لم ينص عليه إلا في حالتين محصورتين بموجب المادة 220 من المدونة العامة للضرائب ، تتعلق أولهما بعدم توجيه الإشعار بالفحص إلى الخاضع للضريبة على الأقل خمسة 15عشر يوما قبل إجراء إدارة الضرائب لعملية الفحص، وثانيهما بعدم تبليغ الإدارة إلى الخاضع للضريبة للرسالة الثانية المقررة في مسطرة التصحيح داخل ستين (60) يوماً من تاريخ توصل الإدارة بجواب الخاضع للضريبة عن الرسالة الأولى.
لكن يمكن بطلان مسطرة الفرض الضريبي رغم عدم وجود حالة صريحة تقرر البطلان، وهذا نابع في كون النصوص التشريعية الضريبية آمرة; لها أهمية جوهرية في الفرض الضريبي بالإضافة إلى وجود حق الدفاع، وكذلك مخالفة الإجراءات القانونية يرتب بطلان مسطرة الفرض الضريبي رغم عدم التنصيص عليه بنص صريح ، باعتبار الإجتهاد القضائي الإداري كرس قواعد من خلالها أصبح يتوسع في بطلان مسطرة الفرض رغم الحصر القانوني.
إذا كان الحكم بالبطلان لا يجوز إلا إذا نص عليه القانون صراحة استناداً إلى قاعدة "لا بطلان إلا بنص" فالقضاء الإداري يرتب جزاء البطلان استناداً إلى قاعدة "لا بطلان إلا بضرر" معتمداً على أساس الفصل 94 من قانون المسطرة المدنية[1].
وإذا نص القانون على البطلان كجزاء بنص صريح، فإن الإجراء يكون باطلاً و لا حاجة لمن يتمسك به لإثبات أي ضرر، أما إذا لم ينص عليه المشرع صراحة ; فإن هذا لا يمنع من الحكم به، على أنه يشترط أن يثبت لمن يتمسك به إثبات الضرر، وعلى هذا الإتجاه ذهب المشرع[2] الفرنسي الذي ألزم المتمسك بالبطلان بإثبات الضرر حتى وإن خرق الإجراء قاعدة جوهرية أو قاعدة من النظام العام، لذلك فالبطلان القضائي هو الجزاء الذي يرتبه القاضي الإداري مستنداً إلى وجود ضرر ناتج من عدم الإلتزام بالإجراءات القانونية من طرف الإدارة الجبائية مستنداً على قاعدة "لا بطلان إلا بضرر" حيث أصبح العمل القضائي مستقر على هذه القاعدة، لأن المقتضيات القانونية مصاغة على صيغة الوجوب، مما يفيد على أنها إجراءات جوهرية من النظام العام، يترتب على مخالفتها الحكم ببطلانها، وهذا التوجه هو ما أكدته الغرفة الإدارية في قرارها عدد 129 حين اعتبرت أن" مسطرة فرض الضريبة تشكل ضمانة حقيقية للملزم ترتب عن الإخلال بها البطلان لتعلقها بحق الدفاع الذي يعتبر من قبيل الإجراءات الجوهرية الآمرة"[3]. من هنا نطرح التساؤل الجوهري المتمثل في ما حالات البطلان القضائي لمسطرة الفرض الضريبي ؟ و على أي أساس واقعي و قانوني استند الإجتهاد القضائي الإداري لبطلان مسطرة الفرض خارج حالات البطلان القانونية ؟ وكيف استطاع الإجتهاد القضائي تطوير التشريع الضريبي ؟
لذلك انطلاقاً مما سبق سنتطرق إلى حالات البطلان القضائي التي كرسها الإجتهاد القضائي الإداري في ثلاثة ركائز أساسية جوهرية،  تتعلق(أولا)  بالبطلان القضائي لمسطرة الفرض التلقائي و(ثانيا) تتمركز حول البطلان القضائي لمسطرة تصحيح الأساس الضريبي.و(ثالثا) تتمحور حول  البطلان القضائي لمقررات اللجان الضريبية على ضوء الاجتهاد القضائي.
أولا : البطلان القضائي لمسطرة الفرض التلقائي على ضوء الإجتهاد القضائي الإداري
يقصد بمسطرة الفرض التلقائي قيام الإدارة الضريبية، بصورة انفرادية بتقدير وعاء الضريبة في الحالات التي نص عليها المشرع في المادة 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب، أي عند عدم تقديم الإقرار الضريبي بالحصيلة الخاضعة للضريبة، أو عند عدم تقديم الإقرارات داخل الآجال المقررة، أو تقديم الإقرار غير تام، أولم ينجز أو لم يدفع إلى الخزينة المبالغ المحجوزة في المنبع، وكذلك تفرض الضريبة بصورة تلقائية في حالة عدم تقديم الوثائق المحاسبية، أوفي حالة عدم إرادة الخضوع لحق المراقبة ، لكن بعد إجراءات قانونية معينة تعتبر من قبيل القواعد الآمرة ; رتب القضاء جزاء بطلان مسطرة الفرض التلقائي لعدم سلوكها أو عيب في سلوكها.
لذلك فالفرض التلقائي هو وسيلة قانونية لفرض الضريبة ، وأن المطالبة بدين عمومي لا يستقيم إلا في ظل إجراءات ضريبية; باعتبار أن الإخلال بآجال الإجراءات وضمانة التبليغ يرتب بطلان مسطرة الفرض التلقائي رغم أن المشرع لم ينص على جزاء البطلان بخصوص مسطرة الفرض التلقائي، لكن الاجتهاد القضائي يبطل مسطرة الفرض التلقائي لعيب إجرائي، بحيث على هذا الأساس  سار الإجتهاد القضائي المغربي و المقارن ، وبالتالي سنتطرق إلى حالات بطلان مسطرة الفرض التلقائي  التي ابتدعها الإجتهاد القضائي مع إغناء النقاش والتحليل بالتوجهات الحديثة للاجتهاد القضائي.
الفقرة الأولى:حالة عدم التبليغ القانوني والإخبار بالأساس المعتمد قبل الفرض التلقائي
إن التبليغ بالرسالة الأولى وبالأساس المنوي اعتماده في الرسالة الثانية هو الوسيلة التي يمكن من خلالها للملزم تقديم ملاحظاته; والدفاع عن وضعه القانوني ومناقشة الإدارة في تقديراتها، لذلك الإخلال بإجراء التبليغ ينسف التوازن القانوني للمراكز القانونية بين الملزم والإدارة، مما جعل القضاء الإداري يقضي ببطلان مسطرة الفرض التلقائي لعيب التبليغ، كما قضى ببطلان مسطرة الفرض التلقائي لعدم الإخبار بالأساس المنوي اعتماده ، حيث على هذا الاتجاه ذهبت الغرفة الإدارية في قرراها عدد 422 إلى اعتبار أن "مسطرة فرض الضريبة تشكل ضمانة حقيقية للملزم يترتب عن الإخلال بها البطلان لتعلقها بحق الدفاع الذي يعتبر من قبيل الإجراءات الجوهرية الآمرة"[4].

ا : حالة الإخلال بإجراءات التبليغ
يشكل تبليغ رسالتي التذكير بإيداع الإقرار أو تتميمه الحلقة الأساسية في صحة مسطرة الفرض التلقائي لضمان فرض عادل ومطابق للقانون، لكن التبليغ غالباً ما تشوبه عوائق تحول دون تحققه لأسباب قد تعود إلى الملزم أو إلى الإدارة الضريبي ، والتبليغ في المجال القانوني هو إخبار الملزم بالإجراءات السابقة لتحديد أساس الضريبة، وفق شكليات محددة.
إن قبل أي فرض تلقائي للضريبة; يتم تبليغ الخاضع للضريبة بطريقة التبليغ المنصوص عليها بموجب المادة 219 م.ع.ض، وذلك بتبليغ الملزم بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسلاته برسالة مضمونة; مع إشعار التسلم بواسطة المأمورين المحلفين التابعين لإدارة الضرائب أو أعوان كتابة الضبط أو المفوضين القضائيين أو بالطريقة الإدارية.
تعتبر هذه الإجراءات من النظام العام لا يجوز مخالفتها تحت طائلة بطلان مسطرة الفرض التلقائي، لأن التبليغ جوهر المسطرة ، ويجب أن يتم وفق حرفية المادة 219 م.ع.ض  ; لضمان حقوق الملزم، وعلى هذا الإتجاه ذهبت محكمة النقض في قرارها عدد[5] 355 المؤرخ في 4/040/2013 إلى اعتبار" أن عدم تبليغ الإدارة الجبائية الملزم بالاندار بإيداع إقراره الضريبي أو إتمامه يجعل مسطرة الفرض التلقائي للضريبة غير سليمة مما يترتب عنه بطلان الأمر بالتحصيل الصادر على  أساسها."
حيث أن عدم التبليغ القانوني بالإنذارين المنصوص عليهما في مسطرة الفرض التلقائي للضريبة ; يرتبان أثر بطلان مسطرة فرض الضريبة، يستوي في ذلك أن تكون الإدارة قد قامت بهما على وجه سيء حينما لم تبلغهما بشكل قانوني للملزم، أو اكتفت بتبليغ أحدهما فقط أو لم تباشر أي منهما وأن محكمة الاستئناف لما أيدت الحكم الابتدائي القاضي بإلغاء الضريبة موضوع المنازعة ; تكون قد بنت قضاءها على أساس سليم من القانون، ولم تخرق المقتضيات القانونية المحتج بها في شيء وما بالوسيلة على غير أساس".
من هنا يتضح أن قضاء النقض كرس أن ضمانة التبليغ من الإجراءات الجوهرية التي يجب على الإدارة احترامها لمساسها بحق الدفاع، وأن عدم التبليغ القانوني بالإنذارين يرتبان أثر بطلان مسطرة الفرض التلقائي.
في هذا الإتجاه العام ذهبت محكمة النقض إلى بطلان مسطرة الفرض التلقائي لعدم تقيد إدارة الضرائب بتسلسل البيانات الواردة في المادة 219 م.ع.ض ، حيث ذهبت في قرارها عدد[6] 1065/2 سنة 13/11/2014 إلى اعتبار أنه لئن كانت المادة 219 م.ع.ض " تنص على أنه يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة في إقراراته أو عقوده أو مراسلاته... ، إلا أن التعداد المذكور ليس وارداً على سبيل التخيير بل على سبيل الترتيب، إذ يجب البدء بالإقرار فإن لم يتضمن العنوان أخذ بالعنوان الوارد في العقود وهكذا ما لم يتم توصل الملزم في أحد العناوين المذكورة، إذ تنتفي المصلحة في الطعن في التبليغ إذاك..."
وبالتالي فمحكمة النقض تتمسك بحرفية الإجراءات لإعتبارها محكمة قانون، وسارت على هذا التوجه  محكمة الإستئناف الإدارية بمراكش في قرارها عدد[7] 233، المؤرخ في 20/2/2013 حين اعتبرت أنه " لا يعتد بالتبليغ الذي رجعت قسيمة المرجوع بملاحظة الرجوع إلى المرسل، لكون هذه العبارة غير واردة في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب وأيدت الحكم الابتدائي الذي قضى ببطلان مسطرة الفرض التلقائي معللة قرارها بأنه وحيث بالرجوع إلى طي التبليغ المستدل به من طرف إدارة الضرائب والمرفق بمذكرتها الأولى المدلى بها أثناء المرحلة الابتدائية بتاريخ 30/11/2011 تبين أنه رجع بملاحظة "الرجوع إلى المرسل" ومعلوم أن هذه العبارة غير واردة ضمن مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 219، (م.ع.ض) ، وبالتالي فإنه لا يمكن ترتيب أي أثر قانوني عليها، وأن الإدارة لم تدل بطي التبليغ الذي تدعي أنه رجع بملاحظة (عنوان غير معروف).
حيث يبقى ما عابته المستأنفة على حكم الدرجة الأولى عديم الأساس، ويتعين التصريح تبعاً لذلك بتأييد الحكم المستأنف".
وعلى هذا المنحى في قضية أخرى ذهبت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، في قرارها عدد 2241 المؤرخ 21/5/2012 إلى اعتبار "أنه لا يكون التبليغ صحيحا لان الإشعار البريدي المتعلق بتبليغ الرسالة الأولى لا يتضمن أي ملاحظة وخصوصاً عبارة غير مطلوب.
حيث ألغت مسطرة الفرض التلقائي واعتبرت الحكم المستأنف لما نحى غير هذا المنحى مجانبا الصواب وواجب الإلغاء، بحيث عللت قرارها، أن بالإطلاع عل الوثيقة المحتج بها من طرف إدارة الضرائب لإثبات احترام سلوك مسطرة الفرض الضريبي يتبين بأن الإشعار البريدي المتعلق بتبليغ الرسالة الأولى لا يتضمن أي ملاحظة وخصوصاً عبارة غير مطلوب، وأن شهادة تبليغ نفس الرسالة لا تتضمن تاريخ تبليغها، كما أن شهادة تبليغ الرسالة الثانية لا تتضمن اسم وصفة العون المكلف بالتبليغ وتوقيعه، مما تكون معه جميع هذه الوثائق المتطلبة قانونا وتبقى منه مسطرة الفرض التلقائي غير مشروعة ويتعين إلغاءها."
لكن نفس المحكمة في قرارها عدد[8] 1587، اعتبرت أن "التبليغ صحيحاً إذا رجع مرجوع الطي بملاحظة انتقال الملزم من العنوان من غير إدلائه بالعنوان إلى الإدارة الضريبية ،بحيث وجهت الإدارة إلى الملزم رسالة أولى أرجعت بعبارة "انتقل من العنوان ووجهت إليه رسالة ثانية رجعت إليه بملاحظة غير معروف العنوان، مما تكون معه مسطرة الفرض التلقائي سليمة".
وكذلك نفس المحكمة اعتبرت في قرارها عدد 2005[9]، " أن التبليغ يكون باطلاً إذا وقع التبليغ إلى الملزم في غير العنوان الذي صرح به إلى إدارة الضرائب في إقراراته.
حيث أن تذكير الإدارة الضريبية برسالتين أرجعتا كلاهما بملاحظة "لم يطلب" مما يعتبر تبليغاً قانونياً بعد مرور عشرة أيام من تاريخ الإجراء، علماً أن مراسلة الإدارة كانت في العنوان السابق، لكن حيث الثابت في الملف أن الملزم صرح بعنوان جديد وأن الإدارة أرسلت الرسالتين إلى العنوان القديم، الأمر الذي تظل معه الرسالتين عديمتا الأثر، في إثبات احترام الإدارة لمسطرة الفرض التلقائي، مما يرتب عنه عدم مشروعية المسطرة".
كما يجب على الإدارة الجبائية الإدلاء بما يفيد قيامها بالتبليغ عن طريق المفوض القضائي احتراماً لمسطرة التبليغ ; في حالة تعذر التبليغ بطرق الأخرى، حيث على هذا المنوال ذهبت محكمة النقض في قرارها عدد[10] 775 حين اعتبرت "أن عبارة غير مطلوب هي عبارة لا تفيد التوصل ولا يمكن أن يترتب عنها أي اثر أما ما تثيره الإدارة بكون المدعي هو المتحمل وزر عدم الإدلاء، فان الإدارة لم تدل بما يفيد أنها سلكت إجراءات التبليغ عن طريق مفوض قضائي احتراماً لمسطرة التبليغ و بذلك تكون قد خرقت حق من حقوق الدفاع".
كما سارت إدارية أكادير على هذا التوجه في حكمها عدد 547[11] المؤرخ 2017/04/03 عندما قضت "ببطلان مسطرة الفرض التلقائي المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة برسم سنة 2008، و إجراءات استخلاصها مع ما يترتب عن ذلك قانونا ، بعلة أن الثابت من الملف أن المدعي راسل إدارة الضرائب بتاريخ 23/01/2004 بطلب تغيير عنوان المراسلات الضريبية، بخصوص الجدولين عدد 48185600 و 67535819 و ذلك إلى الصندوق البريد 8050.
و حيث أن إدارة الضرائب لم تعمل على مراسلة المدعي في العنوان المحدد في مراسلته المذكورة و هو صندوق البريد 8050 أو في العنوان الوارد تحت اسم المدعي في ذات المراسلة، و هو 59 بلوك (ج) حي الداخلة أكادير، مما يجعل المسطرة التواجهية التي سلكتها الإدارة مختلة و يجعل الضريبة المفروضة على إثرها باطلة.
و حيث لم تثبت الإدارة الضريبية احترامها للتدرج في إجراءات التحصيل المنصوص عليها في المادة 36 من مدونة تحصيل الديون العمومية، ولجوئها مباشرة إلى مسطرة الإشعار للغير الحائز، مما يجعل إجراءات التحصيل باطلة مما يكون الحكم جمع بين ببطلان مسطرة الفرض التلقائي لعيب التبليغ وبطلان إجراءات التحصيل لعدم سلوك التدرج في التحصيل". 
هكذا من خلال مختلف الإجتهادات القضائية يتضح أن التبليغ القانوني في مسطرة الفرض التلقائي يشكل جوهر المسطرة وأن أي خلل في التبليغ يترتب عنه بطلان مسطرة الفرض التلقائي.

إن عدم إخبار الملزم بالأساس المنوي اعتماده، وعدم تضمين الضريبة في الرسالة الثانية الأسس التي قدرتها والتي على أساسها ستفرض الضريبة في مسطرة الفرض التلقائي، يرتب بطلان المسطرة لإرتباط هذه العناصر بحق الدفاع ، وغاية المشرع هو اطلاع الملزم على الأساس الذي يمكن فرضه في حالة عدم التجاوب مع الرسالة الثانية ; لتمكين الملزم من حقه في مناقشة الأساس ، لأن هذا الإجراء مرتبط بالحق في الدفاع، حيث في هذا الإطار ذهبت إدارية الرباط، في حكمها[12] 70 حين اعتبرت أن " تبليغ الرسالة الثانية، لا يمكن أن يكون صحيحاً إلا إذا تضمنت الأسس التي تنوي الإدارة اعتمادها، وأن عدم تضمين الرسالة لهذه المعطيات القانونية يجعل مسطرة الفرض التلقائي غير سليمة، تستوي في ذلك من حيث الآثار القانونية مع عدم القيام بها أصلاً".
يتضح من خلال الحكم تكريس المحكمة الإدارية إلى ضمانة حق الدفاع عن طريق الإلتزام بحرفية النص القانوني ومقتضياته، لأن الرسالة الثانية يجب أن تتضمن الأسس المنوي اعتمادها بحيث غاية المشرع هو تبصير الملزم من أجل إعداد ملاحظاته ودفوعاته، مع أحقيته في تقديم حجج الإثبات، ويترتب على مخالفة هذه المقتضيات بطلان مسطرة الفرض التلقائي.
 ونفس التوجه سارت عليه إدارية مكناس في حكمها عدد[13] 879/2009/5ش، وهي تؤكد هذه الضمانة، حيث ذهبت إلى القول "حيث لم تدل الإدارة الجبائية بما يفيد، احترام المسطرة التواجهية المنصوص عليها بالمادة 28 من قانون رقم 85/30 المنظم للضريبة على القيمة المضافة وذلك بتوجيه رسالة أولى، موصى بها تتضمن الدعوة الملزمة إلى الإدلاء بإقرارها داخل أجل 30 يوماً، من التوصل وفي حالة عدم الجواب داخل الأجل المذكور تقوم بتوجيه رسالة ثانية تتضمن الأسس الجديدة المعتمدة من المفتش والمعتبرة كأساس لفرض الضريبة والتي على إثرها ستصدر الضريبة، وفي حالة تخلف الملزمة عن الجواب عنها أيضاً تفرض الضريبة آنذاك تلقائياً.
حيث إن الإجراء الشكلي يعتبر من الضمانات الجوهرية التي يتعين احترامها في مواجهة الملزمة ; قبل إصدار أي ضريبة عملاً بأحكام المادة 28 الآنفة الذكر، حيث يكون الإصدار الضريبي تبعاً لذلك معيباً ويتعين الحكم ببطلان مسطرة فرض الضريبة لمخالفة المقتضيات الآمرة المنصوص عليها بالمادة 28 الآنفة الذكر".
ونفس التوجه سلكته نفس المحكمة سنة[14] 2014 في حكمها عدد 191/2014، حين اعتبرت أن " كون الإدارة في البداية ملزمة قبل فرض الضريبة بصورة تلقائية أن تدعو المدعي وفقا المادة 228 من المدونة العامة للضرائب، بتقديم الإقرار بالحصيلة أو مجموع الدخل أو الأرباح وفق الإجراءات المنصوص عليها بالمادة 219 من نفس القانون، داخل أجل ثلاثون يوماً وتذكره بالأسس التي قدرتها والتي ستفرض على إثرها الضريبة، إذا لم يقم بإيداعها داخل أجل ثان مدته 30 يوماً من تاريخ تسلم رسالة الإخبار المذكورة، حيث تكون الإدارة تبعاً لذلك قد خرقت مسطرة فرض الضريبة، ومقتضيات الفصل  228من المدونة العامة للضرائب وعرضت الفرض الضريبي الطعين للإلغاء".
من هنا فإدارية مكناس، منسجمة في توجهاتها، بتكريس اجتهادات سابقة، مما يمكن القول أنها تحافظ على استقرار العمل فيها مما يكون معه الأمن القضائي داخل هذه المحكمة محققاً باستقرارها على التوجهات السابقة.
لذلك يجب على الإدارة أن تدلي بما يفيد توجيه الرسالة الثانية السابقة عن مسطرة الفرض التلقائي، والتي تحتوي الأسس التي على أساسها ستتحدد الضريبة، حيث على هذا المنوال سارت محكمة الإستئناف الإدارية بمراكش في قرارها رقم[15]115 إلى اعتبار الحكم الابتدائي على صواب عندما قضى" ببطلان مسطرة الفرض التلقائي بعلة أن إدارة الضرائب لم تدل بأنها أخبرت الملزم بالأسس التي قدرتها والتي على أساسها ستفرض عليه الضريبة، وهو الأمر الذي لا حظه عن صواب الحكم المستأنف."
تجدر الإشارة على أنه ولئن كانت بعض الإجتهادات تشير إلى خاصية التواجهية في مسطرة الفرض التلقائي إلا أنه في حقيقة الأمر فإن هذه الأخيرة لا تنبني على أية مواجهة كما هي في مسطرة تصحيح الأساس الضريبي، لكن فقط يدخل الملزم في حوار ويبدي كل طرف ملاحظاته، وموقفه من الطرف الآخر، وهذا يظهر من خلال مضمون الرسائل التبليغية، فالإدارة لا تهدف لفتح نقاش مع الملزم حول أسس فرض الضريبة بل هو مجرد تذكير يوضح الإقرار والإخبار بالأسس التي ستفرض عليه في حالة عدم الإدلاء بالإقرار، وبالتالي فالفرض التلقائي للضريبة يعتبر كرد فعل أو جزاء عن إخلال الملزم بواجباته، ولا يمكن أن يقوم على خاصية تواجهية.
كذلك نفس الإتجاه المتعلق بضرورة تضمين الأسس المنوي اعتمادها في الرسالة الثانية، وبطلان المسطرة في حالة عدم تضمين البيانات ; كرسته الغرفة الإدارية في قرارها عدد[16] 655 حين اعتبرت "أن المشرع إذا كان في الفصل 47 من القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، أوجب على الملزم أن يتظلم  لدى الإدارة المختصة قبل رفع المنازعة إلى القضاء، فإن المشرع قبل ذلك أعطى الملزم حقاً أساسياً ينص عليه الفصل 28 من نفس القانون، وهو حق الدفاع المتمثل في وجوب تمكين الملزم من التعرف على أساس الضريبة ومناقشتها قبل فرضها تلقائياً عليه..."
هنا يتمظهر أن القضاء الإداري بمختلف المحاكم والدرجات يكرس نفس الإتجاه، وهذا يدل على أن المحاكم الإدارية تعتمد على ما استقرت عليه الإجتهادات السابقة مما يجعل الأمن القضائي على مستوى المنازعات الضريبية متوفر، وذلك بالإستقرار على نفس الإتجاه.
إن تضمين الأسس المنوي اعتمادها عبر الرسالة الثانية اعتبره القضاء الإداري من المسائل الجوهرية، يترتب على عدم وجودها بطلان مسطرة الفرض التلقائي لإرتباطها بضمانة الدفاع، والضمانات القانونية المخولة للملزم، والقضاء لم يتوان عن بطلان مسطرة الفرض التلقائي حالة عدم تضمين الرسالة الثانية بالأسس المنوي اعتمادها، من طرف الإدارة الضريبية.
الفقرة الثانية: حالة الإخلال بالآجال القانونية وحالة الملزم الأصلي
إذا كان التبليغ يعتبر جوهر مسطرة الفرض التلقائي ; فإن الآجال القانونية لا تقل شأناً منه، إذ تعتبر نقطة جوهرية تخول للملزم الفرصة لتقديم ملاحظاته وتفاعله مع الإدارة، وهي ضمانة قانونية جسدها القضاء الإداري، باعتبارها من النظام العام، يمكن بطلان المسطرة حالة الإخلال بها، حيث على هذا المنوال اعتبرت إدارية البيضاء[17] "بأن مسطرة فرض الضريبة تعتبر من قبل الإجراءات الجوهرية الآمرة، وتشكل ضمانة حقيقية للملزم، يترتب على الإخلال بها البطلان لتعلقها بحق الدفاع".
كما اعتبر القضاء الإداري عند حالة وفاة الملزم الأصلي أنه يجب تبليغ الورثة لإيداع الإقرار لصحة مسطرة الفرض التلقائي، وبالتالي سنقسم هذا المطلب إلى نقطتين، نقطة أولى سنتطرق فيها إلى حالات البطلان المتعلقة بالإخلال بالآجال القانونية على أساس  التطرق إلى حالة عدم تبليغ الورثة عند وفاة الملزم الأصلي في النقطة الثانية.
ا: حالة الإخلال بالآجال القانونية
رجوعاً إلى المادة 228 من المدونة العامة للضرائب، فالمشرع الضريبي نص على آجال قانونية في مسطرة الفرض التلقائي، سواء المتعلقة بالرسالة الأولى أو الثانية، وهي آجال كاملة ترتبط بالإجراءات الجوهرية، حيث ألزم المشرع على الإدارة توجيه رسالة أولى وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 إلى الملزم، تطلب إليه إيداع إقراراته أو عقوده التي كان من المفروض حجزها داخل أجل ثلاثين (30) يوماً الموالية لتاريخ تسلم الرسالة الأولى، وكذلك الرسالة الثانية عند عدم استجابة الملزم للرسالة الأولى ; تخبره الإدارة في رسالة ثانية وفق نفس الإجراءات بالأسس التي قدرتها والتي على أساسها ستفرض الضريبة تلقائياً، داخل أجل ثان مدته ثلاثين (30) يوماً، وهي  آجال ترتب بطلان مسطرة الفرض التلقائي حالة الإخلال بها لإرتباطها  بالنظام العام، وهذا ما أكدته  الغرفة الإدارية في قرارها عدد 151[18] حين اعتبرت "أن الآجال في المادة الضريبية تعتبر من النظام العام، يمكن الدفع بها في أي مرحلة من مراحل التقاضي".
وهذا الإتجاه سارت عليه إدارية البيضاء في حكمها عدد[19] 2092 حين قضت "ببطلان مسطرة الفرض التلقائي، باعتبارها أن المسطرة غير سليمة لعدم وجود ما يثبت توجيه الرسالتين داخل الآجال القانونية.
حيث أنه ليس بأوراق الملف ما يثبت أن الإدارة قد وجهت إلى الملزم للرسالتين التبليغيتين الأولى والثانية داخل الأجل المنصوص عليه، مما يكون معه الفرض التلقائي للضريبة والحال ما ذكر قد تم وفق مسطرة غير سليمة، مما يتعين معه الحكم ببطلانها، مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية".
لذلك هذا الحكم كرس ارتباط الآجال القانونية بحق الدفاع، وأن رغبة المشرع في الآجال هو الإلتزام بها لتوفير الضمانات القانونية، لكن هذه الآجال تتعلق بمسطرة الفرض التلقائي المنصوص عليها في المادة 228 (م.ع.ض) أما الآجال المتعقلة بالمادة229 في حالة عدم تقديم الوثائق المحاسبية أو منع المراقبة فهي آجال مختلفة.
حيث تدعو الإدارة الضريبية برسالة وفق المادة 219 من م.ع.ض، داخل أجل 15 يوماً، من تاريخ تسلم الرسالة، وفي حالة عدم تقديم الوثائق المحاسبية، أو لم يبرر عدم تقديمها تفرض عليه الضريبة بصورة تلقائية مع تطبيق الغرامات، و الآجال لا تدخل فيها  اليوم الأول و الأخير وهي مرتبطة بالنظام العام، حيث على هذا المنوال ذهبت إدارية فاس في حكمها عدد[20]529 حين اعتبرت أنه" يشترط في الإدارة قبل الفرض التلقائي للضريبة أن تحترم مسطرة الفرض التلقائي المقررة في الفصل 229 من المدونة العامة للضرائب"، وهو تعبير لهذه المحكمة بالمقتضيات الحرفية المتعلقة بالفصل 229، سواءاً تعلقت بالإجراءات أو الآجال القانونية.
كذلك انسجاماً مع التوجهات السابقة سارت الغرفة الإدارية في قرارها عدد[21]286 عندما اعتبرت "أنه يكون الفرض التلقائي مؤسساً، إذا لم تبادر الشركة إلى الإدلاء بالوثائق المحاسبية المطلوبة من الإدارة في إطار مسطرة فحص المحاسبة بعد إنذارها برسالتين ومروراً بأجل الرد".
من خلال القرار أعلاه، فهو مطابق للمادة 47 من القانون 86/24 المنظم للضريبة على الشركات، لأن الإدارة وهي بصدد عملية المراقبة وجهت إلى الشركة رسالة تحثها على تقديم وثائق محاسبتها من أجل فحصها، إلا أن الشركة لم تستجب لطلب الإدارة داخل أجل 15 يوماً، من تاريخ التسليم، كما أعادت الإدارة توجيه رسالة ثانية للشركة، لكن لم تستجب داخل أجل ثان مما كان معه فرض الضريبة بصورة تلقائية في مواجهة الشركة مطابقاً للقانون.
يلاحظ احترام الإدارة للآجال القانونية مما خول تفادي مسطرة الفرض التلقائي، وجعل القضاء يتجاوب بصورة إيجابية.
من خلال ما سبق يتضح قانوناً و قضاءاً أن الآجال القانونية ترتبط بحق الدفاع، ومن النظام العام، وأي إخلال بهذه الآجال يرتب بطلان مسطرة الفرض التلقائي.
ينص البند II من المادة 85 من المدونة العامة للضرائب، على أنه إذا توفي الخاضع للضريبة على الدخل، وجب على المستحقين عنه أن يوجهوا في رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسليم، أو يسلموا مقابل وصل إلى مفتش الضرائب التابع لها الموطن الضريبي للهالك أو المؤسسة الرئيسية، إقرار بمجموع دخله، عن الفترة المنصوص عليها في البند I من المادة 175من المدونة العامة للضرائب وذلك داخل الثلاثة أشهر التالية لتاريخ الوفاة..."
انطلاقاً من هذه المقتضيات فإن الورثة لا يحق لهم الدفع بعدم احترام مسطرة الربط الضريبي في حقهم، إلا عند إدلائهم بالإقرار المنصوص عليه أعلاه، حيث لا شك أن إلزام الإدارة الضريبية باحترام مسطرة الربط في مواجهة الورثة الذين لم يقوموا بالتعريف بأنفسهم عن طريق تقديم الإقرار تنسجم وطبيعة الوضع، إذ كيف للإدارة أن تباشر هذه المسطرة في مواجهتهم، أمام غياب التعريف بأنفسهم إلا في حالة كان محل ممارسة النشاط معروف عند الإدارة، وتمت ممارسة النشاط في نفس المحل، إذ يقع على الإدارة توجيه رسالة إلى الورثة في حالة عدم تقديمهم للإقرار الضريبي، وتبطل المسطرة في حالة توجيه الرسالة إلى المتوفى وليس في مواجهة الورثة.
حيث في هذا الاتجاه ذهبت محكمة النقض في قرارها عدد 198[22] حين "بطلت مسطرة الفرض التلقائي، لأن إدارة الضرائب بعد وفاة المرحوم ع. الحق العمراني الجو طي الحسني بتاريخ 28/8/1999 وتم بيع محله من طرف الورثة بتاريخ 2/6/2000 أرسلت مراسلات كانت تطالبه بالإدلاء بإقراره لكن رجعت المراسلات تحمل عبارة (متوفى) ومع ذلك تم فرض الضريبة باسمه، في حين كان على الإدارة أن تمارس المسطرة في مواجهة خلفه مما يكون ما أثير بدون أساس والحكم المستأنف صائب وواجب التأييد".
وفي نفس الإتجاه ذهبت كذلك محكمة النقض في قرراها عدد[23] 200 عند تأييدها القرار الإستئنافي القاضي" ببطلان الفرض التلقائي للضريبة، حيث أن المرحوم فضائي الشتوي توفي بتاريخ 19/1/1990 وأن الضرائب المتنازع بشأنها تتعلق بالسنوات من 1995 إلى 2002، فإنه إذا كان ورثته قد استعملوا نفس المحل لممارسة تجارة أخرى وهي بيع المواد الغذائية عوضاً عن بيع الدرجات طبقاً للمعاينة التي قام بها أعوان الإدارة الجبائية سنة 1996، فقد كان على إدارة الضرائب أن تفرض الضريبة على ورثة الهالك المذكور، مما يكون ما أثير بدون أساس والحكم المستأنف صائباً وواجب التأييد".
من هنا يعتبر أن القضاء الإداري استقر على أنه يجب تبليغ الورثة في حالة وفاة الملزم الأصلي وأن كل فرض تلقائي في حق هذا الإتجاه يعتبر باطلاً.
لم تتطرق المدونة العامة للضرائب إلى أسباب بطلان مسطرة الفرض التلقائي، ويعود ذلك إلى غاية المشرع الضريبي للتضييق على حالات البطلان لأنها تكتسي درجة بالغة الخطورة في نظر المشرع، من شأنها عرقلة فرض الضريبة الأولية وبالتالي حرمان الخزينة العامة من الموارد اللازمة لتمويل النفقات، مما يؤدي إلى خلق عدم التوازن بين الإيرادات والنفقات في الميزانية العامة.
لذا ارتأى المشرع إلى إتاحة الفرصة للإدارة الضريبية ; للقيام بواجبها في فرض الضريبة الأولية، وفي ممارسة حقها في المراقبة وعدم التطرق إلى البطلان عند تناوله لمسطرة الفرض التلقائي، كما أن مسطرة الفرض التلقائي ليست مسطرة تواجهية بين الملزم وإدارة الضرائب ; وإنما هي مسطرة إخبارية، والغاية منها تذكير الملزم بالتزاماته الإقرارية وخضوعه للمراقبة الضريبية وحثه على الإلتزام بالمقتضيات التشريعية في هذا المجال، قبل أن تقوم الإدارة بفرض الضريبة بصورة تلقائية.
لكن بعد مناقشة مختلف وحالات الفرض التلقائي التي تطرق لها القضاء الإداري، يتضح أن القضاء يذهب في اتجاه بطلان مسطرة الفرض التلقائي في حالة خرق ضمانة قانونية وقواعد آمرة، وهذا راجع أولاً إلى مصدرنا المادي والتاريخي في التشريع، المتمثل في العائلة الرومانية الجرمانية، إذ تتضمن البطلان الضمني، أي رغم عدم التنصيص على البطلان بشكل صريح لكن عند مخالفة القواعد الآمرة، يكون الجزاء هو البطلان، وهذا ما كرسه القضاء الإداري المغربي و المقارن.
وما يلاحظ كذلك أن القضاء الإداري يذهب في اتجاه أكثر واقعية، حيث يعتمد على الواقع لإصدار مقرراته وهذا يدل على أن القاضي الإداري بسلطته التقديرية أصبح يذهب في اتجاه القاضي الإنجليزي الذي يعتبر قاض الواقع، والمكرس للإجتهادات القضائية السابقة.
وبالتالي فإن مسطرة الفرض التلقائي لا تخل بحقوق الملزم بل إنها تعزز الضمانات المخول له، لأن من شأن استجابة الملزم لتذكير الإدارة الضريبية أن يجنبه استعمال هذه الأخيرة لسلطتها في تقدير الأسس التي سوف يتم فرض الضريبة على أساسها، وبالتالي اللجوء إلى تقديم مطالبة في حالة منازعة لهذه الأسس والضريبة المترتبة عنها.
ثانيا: البطلان القضائي لمسطرة تصحيح الأساس الضريبي على ضوء الاجتهاد القضائي
           خول القانون الضريبي للإدارة الضريبية الحق في مراقبة الإقرارات المودعة من لدن الملزمين بغية التحقق من صحة البيانات فيها، حسب مدلول المادة 232 من م ع ض، حيث يمكن للإدارة القيام بتصحيح كل نقص أو خطأ أو إغفالات كلية أو جزئية في إقرارات الملزمين إلى غاية السنة الرابعة التي تلي السنة التي من خلالها ضبط الموارد الخاضعة للضريبة، بعد لجوء الإدارة الضريبية إلى تطبيق المسطرة العادية أو السريعة لتصحيح الأساس الضريبي ; لتمتعها بحق الاطلاع على الوثائق التي يملكها الخاضعون الضريبة ; من أجل الحصول على كل المعلومات التي تساهم  في تحديد الوعاء الضريبي.
       تختلف المسألة بين مسطرة تصحيح الأساس الضريبي ومسطرة الفرض التلقائي، لأن الأمر في الأولى يتعلق بضريبة تكميلية إضافة إلى الضريبة الأصلية التي تم فرضها، الناتجة عن تصحيح الأسس المصرح بها، من لدن الملزم لأنها مرتبطة أساساً بالضمانات والحقوق التي خولها المشرع للملزم، لاسيما حقوق الدفاع، والتي يجب على الإدارة الضريبية أن تحترمها وإلا ترتب عن خرقها بطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي.
لذلك أعطى المشرع لإدارة الضرائب أحقية إجراء مسطرة تصحيح الأساس الضريبي، لكن في المقابل ألزمها باحترام مجموعة من الإجراءات القانونية، يترتب على مخالفتها انتقاص حق الدفاع لدى الملزم، وتنقسم مسطرة التصحيح الضريبي إلى مسطرة عادية تلجأ إليها الإدارة في الأحوال العادية ومسطرة سريعة في الأحوال الإستثنائية، نظراً لما تنطوي عليه هذه الحالات من خطورة وإمكانية تسببها في ضياع أموال مهمة على الخزينة العامة.
لذلك انطلاقاً مما سبق سنتطرق إلى بعض حالات البطلان القضائي التي كرسها الإجتهاد القضائي في مسطرة تصحيح الأساس الضريبي،  سواءا فيما يخص المسطرة العادية أو السريعة لتصحيح الأساس الضريبي.
الفقرة الأولى: البطلان القضائي لمسطرة التصحيح العادية
 كرس الإجتهاد القضائي الإداري أثناء ممارسته القضائية مجموعة من حالات البطلان أصبح مستقر عليها في النزاعات الضريبية ، لذلك تنقسم هذه الحالات إلى حالة بطلان مسطرة التصحيح للإخلال بإجراءات الفحص، وحالة عدم ذكر المفتش لأسباب التصحيح.
ا: حالة الإخلال بإجراءات الفحص
خص القانون الضريبي الخاضعين للضريبة الذين يقدمون إقرارات توافق إلزامية مسك المحاسبة طبقاً للقوانين الجاري بها العمل في حالة فحص الإدارة لمحاسبتهم بإجراءات قانونية مهمة ; رتب القضاء على عدم الإلتزام بها بطلان مسطرة التصحيح، وهذه الضمانة تعتبر أساسية وقوية بالنظر إلى أهميتها بالنسبة للخاضع للضريبة، إذ أنها على الأقل تجعله مستعداً للفحص وتهيئ دفاعه وحججه ; قبل أن يبدأ المفتش في عملية الفحص، كما تسمح للإدارة بتأسيس الضريبة على أسس مقنعة وثابتة.
إن تغيير تاريخ الفحص وتغيير المفتش المكلف بالإجراء ; يجب أن يتم عبر إشعار موجه للخاضع للضريبة، في رسالة وفق الإجراءات القانونية المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب تحت طائلة بطلان إجراء الفحص، وعدم إشعار الخاضع للضريبة يمكن أن يعتبر كإلغاء إجراء الفحص من طرف المفتش، وعلى هذا المنوال سارت الغرفة الإدارية عدد 53[24]، لتؤكد حكم إدارية فاس، حين اعتبرت "من جهة ثانية فإن الإدارة الجبائية حينما ارتأت تغيير موعد إجراء التفتيش واسم المفتش المحقق ; كان عليها إشعار الشركة المستأنف عليها بذلك برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، لا أن تشعرها في تاريخ لاحق وهو يوم 26/09/1996 باستبدال المفتش المحقق وبرسالة عادية خلافاً لما يمليه النص، وأن المحكمة الإدارية لما بنت قضائها على أن تغيير تاريخ إجراء التفتيش وقيامها بتعيين أجل جديد يعد تنازلاً من الإدارة عن الإشعار الأول بإجراء التفتيش تكون قد بنت قضائها على أساس سليم مما يتعين مع تأييده..."
هذا الإجتهاد القضائي للغرفة الإدارية ذهبت في اتجاه ; أن عدم تغيير تاريخ إجراء التفتيش وقيام بتعيين أجل جديد يعد تنازلاً من الإدارة عن الإشعار الأول، أي تنازل ضمني على الإشعار الأول، وبالتالي يجب توجيه إشعار ثان في حالة سلوك مسطرة الفحص.
وفي نفس التوجه ذهبت محكمة النقض في قرارها عدد 571/7، حين اعتبرت "أن إثبات خلافاً ما تضمنه الإشعار بنهاية الفحص من إشارة لتاريخ بدايته ; يقع على عاتق مدعيه، ما دام أن المشرع الضريبي لم يستوجب من الإدارة تحديد محضر ببداية الشروع في الفحص إلا بمقتضى قانون المالية لسنة 2011."[25]
لذلك بموجب مستجد قانون المالية 2014 الذي نص على تحديد محضر بداية الفحص الضريبي، وهذا ما نصت عليه المادة I.212 حيث على هذا المنوال جاء قرار محكمة الاستئناف رقم 1912، "حيث إنه تأسيساً على ما سلف ونظراً لعدم إثبات الإدارة الجبائية لواقعة تحديد بداية الفحص ونهايته، سيما وأن المستأنف عليه يتمسك بأن بداية الفحص كانت قبل نهاية الأجل القانوني تكون مسطرة التصحيح معيبة وغير سليمة، وما أثير في هذا الشأن غير مرتكز على أساس[26]".
إن الأمر الذي يطرحه هذا الإجراء هو التاريخ الذي يتعين فيه الشروع فعلا في عملية الفحص، بعد التوصل بالإشعار، خصوصاً بالنسبة للحالة التي تتخلف فيها الإدارة عن الموعد الذي حددته للخاضع للضريبة، من أجل الشروع في الفحص، بعد تجاوز مدة خمسة 15 يوماً من تاريخ التوصل بالإشعار، لأن هذا الإشكال سيجعل الخاضع للفحص في وضعية انتظار إلا ما لا نهاية ;ما دام أنه ليس هناك أي أجل يقيد الإدارة بوجوب الشروع في الفحص من تاريخ توجيه الإشعار.
لذلك ذهبت مجموعة من الإجتهادات القضائية في اتجاه عدم التزام الإدارة بالموعد يحتم عليها توجيه إشعار ثان تحدد الموعد الجديد، حيث تكريساً لهذا الإتجاه ; ذهبت المحكمة الإدارية الإستئنافية بالرباط في قرارها عدد 121[27] وهي تلغي حكم إدارية الرباط[28]، واعتبرت "ان الإدارة المستأنف عليها عندما لم تحضر في الموعد المحدد للشروع في الفحص، وهو اليوم السادس عشر الموالي لتوصل المستأنفة بالإشعار في 23/7/2002 وتحديد بداية الفحص في 9/8/2002 تكون قد أخلت بالأجل المحدد لها قانوناً لإجراء هذا الأخير وبالتالي بطلان مسطرة التصحيح".
وهذه القاعدة هي التي كرستها إدارية الرباط في حكمها عدد 588[29] حيث قضت بأن "رسالة الإخبار التي توجهها الإدارة إلى الخاضع للضريبة لا يمكن أن تكون حجة على تاريخ الشروع في عملية الفحص، معللة حكمها أن تلك الرسالة لا تصلح للاستدلال على واقعة مادية في مصلحة الإدارة وتحتج بها في مواجهة الملزم، بالإضافة إلى أن الرسالة المذكورة هي مخصصة لواقعة مغايرة وهي إخبار هذا الأخير بانتهاء عملية الفحص، وبالتالي لا يمكن تضمينها واقعة سابقة عليها في التاريخ واعتماد ذلك كحجة".
هذا يؤكد عدم شروع الإدارة في عملية الفحص في اليوم المحدد في الإشعار الموجه للمدعية; يرتب بطلان مسطرة الفحص الضريبي، كما استقر كذلك القضاء الإداري في مجموعة من الإجتهادات بضرورة إشعار الملزم في حالة عدم الحضور في الإشعار الأول، لإعطاء الفرصة مرة أخرى للملزم من أجل إعداد وثائقه المحاسبية وتهيئ الظروف المادية للتفتيش وتوفير مكان الفحص، كما يبقى على عاتق الإدارة إثبات ما يفيد الإدلاء بإشعار الفحص، من أجل معرفة مدى تمسك الإدارة بالأجل القانوني، حيث ذهبت محكمة النقض في قرارها عدد 225[30] في هذا التوجه حين اعتبرت كذلك" أنه يجب على الإدارة الضريبية الإدلاء بما يفيد الإشعار بالفحص، إذ أيدت القرار الاستئنافي القاضي ببطلان مسطرة التصحيح الضريبي، لأن محضر نهاية الفحص تضمن ما يفيد تاريخ الشروع في الفحص يقل عن الأجل الأدنى المقرر قانوناً للخاضع للفحص قصد إعداد دفاعه.
معللة قرارها، أنه بالرجوع إلى نسخة محضر يثبت بداية تاريخ الشروع في عملية الفحص، غير ثابتة في نازلة الحالة ما دام أن المستأنفة لم تدل بأي محضر يثبت بداية تاريخ الشروع في عملية الفحص مما يحترم فعلاً الأجل المحدد لها قانوناً لإجراء الفحص و يكون معه القرار والحالة هذه قد علل قضاءه تعليلاً سليماً ومرتكزاً على أساس سليم، والوسيلة على غير أساس".
هذا توجه الذي استقرت عليه هذه الغرفة أصبح قاعدة تم تقعيدها في الإجتهادات السابقة، حيث تذهب هذه الغرفة بأن أي إخلال بضمانات الإشعار بالفحص أو أي ضمانة قانونية أخرى تستوجب بطلان الإجراء.
وهذا الإتجاه سارت فيه محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، في قرارها عدد 1921[31] التي اعتبرت أنه "وحيث إنه تأسيساً على ما سلف، ونظراً لعدم إثبات الإدارة الجبائية لواقعة تحديد تاريخ بداية الفحص ونهايته; سيما وأنا المستأنف عليه يتمسك بأن بداية الفحص كانت قبل الأجل القانوني، تكون بذلك مسطرة التصحيح معيبة ; ولما أثير في هذا الشأن غير مرتكز على أساس".
يمكن القول بأن الإجتهادات القضائية للمحاكم الإدارية ; عملت على ترتيب بطلان إجراءات الفحص خارج الحالة المنصوص عنها بنص صريح، مستنداً على الضرر الذي قد يصيب الملزم، وتكون بهذا التوجه قد كرست الضمانات القضائية المخولة للملزمين عبر الإجتهادات القضائية.
ب: حالة عدم ذكر أسباب التصحيح
            قرر المشرع الضريبي للإدارة الضريبية حق تصحيح الأساس الضريبي الذي وقع الإقرار به من طرف الملزم شريطة احترام مسطرة التصحيح المقررة بموجب التشريع الضريبي، إذ تنص المادة 220 من المدونة العامة للضرائب على أنه يبلغ المفتش إلى الخاضعين للضريبة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 م ع ض:
*      أسباب التصحيح المزمع القيام به وطبيعته وتفاصيل مبلغه  .
*      الأساس الجديد الواجب اعتماده وعاء لتصفية واجبات التسجيل وكذا مبلغ الواجبات التكميلية، الناتجة عن الأساس المذكور.
لكن المشرع لم يرتب أي جزاء عند عدم ذكر أسباب التصحيح، على عكسه نجد القضاء الإداري يقضي ببطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي في حالة عدم ذكر أسباب التصحيح، ويكون بهذا القضاء كرس الضمانات القانونية في تمكين الملزم من التعرف على الأسباب والأسس الواجب اعتمادها لتغطية إمكانية تقديم الملاحظات، وهذه هي إيجابيات المسطرة التواجهية.
يحق للإدارة الضريبية القيام بمراجعة الضريبة العامة على الدخل في مواجهة الملزم ; متى توفر لها من دلائل ما يوجب ذلك، وتكون عملية التصحيح الضريبي رهينة إشعار الملزم بأسباب التصحيح والأساس الجديد وفقاً للإجراءات القانونية، حيث استقر الإجتهاد القضائي على بطلان مسطرة التصحيح الضريبي لعدم تقيد الإدارة الجبائية بالإجراءات القانونية لتعلقها بحق الدفاع، في تمكين الملزم من مناقشة أساس تصحيح الضريبة قبل فرض الأساس الجديد، حيث في هذا الإتجاه ذهبت محكمة النقض في قرارها، عدد 432[32] حين أيدت القرار الاستئنافي القاضي ببطلان مسطرة التصحيح، بعلة "أن عملية التصحيح رهينة بإشعار الملزم وفق الإجراءات القانونية بالأساس الجديد المصحح و كذا أسباب التصحيح، و باعتبار رسالتي تصحيح جاءتا مجردتين من بيان أسباب التصحيح والعناصر المعتمدة لإستبعاد ما جاء في إقرار المطلوبين في النقض، وأن مسطرة التصحيح جاءت مخالفة لما تنص عليه المادة 15 من المساطر الجبائية، وأن الأمر بتحصيل الضريبة التكميلية على الأرباح  العقارية باطلا ويتعين تبعاً لذلك التصريح بإبطاله ; تكون قد عللت قرارها تعليلاً سليماً، ولم تخرق المقتضيات القانونية المحتج بها في شيء وما بالوسائل على غير أساس".
إذ لا يمكن اعتبار الرسالة التبليغية مكرسة لحق الدفاع دون أن تكون متضمنة لكافة البيانات القانونية ; التي تخول الملزم التعرف على الأسباب والأسس لإعداد حججه إما بمناقشتها أو الاقتناع بها، لذلك يجب أن تكون الرسالة التبليغية رسالة قانونية موقعة من طرف مفتش الضرائب ومتضمنة لتفصيل المبالغ المراد تصحيحها والأسس الجديدة المتخذة بشأنها الضرائب تحت طائلة بطلان المسطرة، وتأسيساً لما سبق ذهبت محكمة النقض في هذا الصدد في قرارها 424[33] حين "اعتبرت أن مسطرة التصحيح باطلة لعدم تضمين الرسالة التبليغية لإمضاء مفتش الضرائب، وعدم تضمين لأي تفصيل للمبالغ المراد تصحيحها.
لذلك أيدت محكمة النقض القرار الإستئنافي، حيث اعتبرت هذا خرقاً للمادة 107 من القانون 17/89 واعتبرت مسطرة الفرض الضريبي معيبة، فجاء قرارها مطابقاً للقانون ومعللاً بما فيه الكفاية وما أثير منعدم الأساس".
اعتبر أن تأييد قرار محكمة النقض للقرار الإستئنافي جاء مطابقاً للقانون، ومكرساً للضمانات القانونية والإجتهادات القضائية السابقة، وما زاد أكد هذا هو قرار محكمة النقض عندما أعطت حق الملزم في الدفع بعدم تضمين الرسالة الأولى لأسباب تعديل الأساس الضريبي المصرح به ولأول مرة أمام محكمة الإستئناف،  لأنه لا يصنف ضمن الطلبات الجديدة التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة الإستئناف، وذلك من خلال قرار محكمة النقض عدد 619[34] عندما اعتبرت فيه "أن محكمة الإستئناف لم تعلل قرارها تعليلاً كافياً وعرضته للنقض، لأن عدم تفحص المحكمة لوثائق ملف النازلة بما فيه الكفاية، فخالفت القانون، وخرقت حقوق الدفاع وأساءت التعليل وعرضت قرارها للنقض ; وأن ما نعاه الطاعن صحيح، وبالتالي تكون محكمة الإستئناف الإدارية جانبت الصواب مما عرض قرارها للنقض بعلة أنه يمكن الدفع بعدم تضمين أسباب التصحيح ولو أمامها، لأن هذا الدفع لا يصنف ضمن الطلبات الجديدة".
وعلى هذا المنحى ذهبت محكمة الإستئناف بمراكش في قرارها عدد 153[35] عندما قضت ببطلان مسطرة التصحيح الضريبي بعلة" أن إدارة الضرائب اكتفت بتحديد الأساس الجديد المصحح دون بيان الأسباب المعتمدة في صلب رسالتها، حيث بالرجوع إلى رسالة التبليغ الأولى المدلى بها رفقة المقال الإستئنافي يتضح أنها لا تتضمن ما انتهت إليه اللجنة الإدارية الإستشارية على إثر مراقبة إقرار الملزم.
ولقد قضى بأن تحديد الأساس الجديد المعتمد لا يعتبر في ذاته كاشفاً للدواعي والأسباب المعتمدة من طرف الإدارة الضريبة في تصحيح ما وقع التصريح به تلقائياً، مما يوجب إلغاء الضريبة لبطلان مسطرة فرضها.
وحيث أنه، وتبعاً لذلك فإنه لا مجال لمناقشة باقي أسباب الاستئناف المثارة ويكون بذلك الحكم المستأنف للصواب فيما قضى"،ونفس التوجه كرسته نفس المحكمة في قرارها عدد 98[36] حينما قضت ببطلان مسطرة التصحيح الضريبي، بعلة "أن الرسالة التبليغية الموجهة إلى الخاضع للضريبة لم تتضمن أسباب التصحيح ولم يقع الجواب على هذا الدفع المتمسك به أمام القضاء الإداري المعروض عليه النزاع.
حيث تعيب المستأنفة على المحكمة الإدارية كونها حكمت بأكثر مما طلب منها، لأن السبب الذي اعتمدته في حكمها لم يثر من طرف المدعين، كما أثاروا المدعين انعدام تعليل الرسالة التبليغية بخصوص تحديد الأساس المعتمد في تصحيح الضريبة".
تكون محكمة الإستئناف الإدارية بمراكش قد سلكت نفس الإجتهادات السابقة، وراعت إلى الضرر الناتج عن عدم تضمين الرسالة التبليغية لأسباب التصحيح، حيث أسباب التصحيح والأساس المنوي اعتماده هي وسائل تعطي الملزم سهولة التفاعل مع الرسالة التبليغية وسهولة تكوين قناعته.
لا خلاف بأن ذكر أسباب التصحيح والأساس المعتمد ضمن الرسالة التبليغية أمر يشكل ضمانة قانونية للملزم، ويرتب عدم تضمينها نقصان الحق في الدفاع، لذلك رتب القضاء بطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي في حالة عدم تضمين الرسالة التبليغية هذه البيانات، حيث أصبح القضاء الإداري مستقراً على هذا الإجتهاد.
يتضح مما سبق أن الإجتهاد القضائي في المادة الضريبية يستنطق النص القانوني ويستند على القواعد العامة ; ويسير في اتجاه تكريس حق الدفاع، إن القضاء الإداري ببطلانه لمسطرة التصحيح الضريبي بعلة عدم التنصيص على أسباب التصحيح والأسس المعتمد عليها يكون بذلك أرحم من النص القانوني، ومدافعاً على تطبيق القواعد الجوهرية للنصوص القانونية.

الفقرة الثانية:البطلان القضائي لمسطرة التصحيح السريعة
كما سبقت الإشارة إليه أن المسطرة السريعة هي كآلية لحالات استثنائية محددة، سنها المشرع الضريبي لطبيعتها الاستثنائية، مخافة ضياع الأموال على الخزينة العامة، لكن رهنها المشرع بمجموعة من الضمانات القانونية، جعلت القضاء الإداري يتمسك بها في حالة مخالفتها، وذلك بترتيبه بطلان المسطرة تصحيح الأساس الضريبي كلما تبين له ضرر في مخالفة هذه الضمانات، وهناك حالتين ذهب فيهم الإجتهاد القضائي في هذا الاتجاه، هي:
1-    حالة عدم إحالة الملف الضريبي على اللجنة المحلية
2-    بطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي على الأرباح العقارية
ا: حالة عدم إحالة الملف الضريبي على اللجنة المحلية لتقدير الضريبة
تنتهي مسطرة تصحيح الأساس الضريبي بجواب الملزم على ملاحظات المفتش ; إما بقبولها كلياً وجزئياً أو طعن الملزم أمام اللجنة المحلية في الأساس الضريبي، حيث يطلب الملزم من مفتش الضريبة إحالة ملفه على أنظار اللجنة المحلية داخل 3 أشهر من تاريخ الطعن، لأنه بمدلول المادة 225 "يحدد أجل ثلاثة أشهر لتسليم اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المطالبات والوثائق من طرف الإدارة من تاريخ تبليغ الإدارة بالطعن المقدم من طرف الخاضع للضريبة أمام اللجنة المحلية.
وفي حالة عدم توجيه المطالبات والوثائق السالفة الذكر داخل الأجل المضروب لا يمكن أن تتجاوز أسس فرض الضريبة تلك التي تم الإقرار بها أو قبولها من لدن الخاضع للضريبة"، ويتسلم المفتش المطالبات الموجهة إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة مصحوبة بالوثائق المتعلقة بإجراءات المسطرة التواجهية.
مما سبق لم يرتب المشرع الضريبي أي جزاء قانوني على إخلال الإدارة الجبائية بعدم توجيه الملف الضريبي للجنة المحلية، حيث اقتصر على أنه لا يمكن أن تتجاوز أسس فرض الضريبة تلك التي تم الإقرار بها، هذا ما فتح التأويلات والتفسيرات المتباينة للنص القانوني، على عدم وجود أي صيغة إلزامية في النص القانوني تلزم الإدارة على إحالة الملف، لكن القضاء الإداري وتجسيداً لمواقفه السابقة، استبعد مختلف التبريرات والتوجهات وقضى في مجموعة من المقررات القضائية ببطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي، لأن عدم إحالة الإدارة لملف الملزم على اللجنة المحلية تكون قد خرقت القانون وحرمت الملزم من إحدى الضمانات المتمثلة في إمكانية عرض النزاع أمام اللجنتين المحلية والوطنية مما تكون معه هذه المسطرة باطلة، وعلى هذا التوجه ذهبت محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط في قرارها عدد 867[37] حين اعتبرت " أن إدارة الضرائب بعدم إحالتها ملف المستأنفة على اللجنة المحلية، تكون قد خرقت القانون وحرمتها من إحدى الضمانات المتمثلة في عرض نزاعها أمام اللجنتين المحلية والوطنية للنظر في الطعون الضريبية، مما تكون معه مسطرة الفرض التكميلي للضريبة على الدخل (أرباح عقارية) غير مشروعة ويتعين الاستجابة لطلب بطلانها، ويبقى الحكم المستأنف لما نحى غير هذا المنحى مجانباً للصواب وواجب التأييد".
يعتبر توجه محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط معاكساً لتوجه الحكم الابتدائي، وتكون بذلك قد كرست الضمانات القانونية عبر الواقعية القضائية، وهذا الطرح سارت عليه نفس المحكمة في قرار آخر عدد 883[38] جاء في نفس اليوم للقرار السابق، حيث ذهبت محكمة في اتجاه "اعتبار مسطرة التصحيح الضريبي باطلة لعدم إحالة الملف الضريبي على اللجنة المحلية، بعد أن تقدمت المستأنفة بطلب عرضها على اللجنة المحلية.
حيث لم تدل الإدارة الجبائية بما يفيد إحالتها طعن المستأنفة على اللجنة المحلية، مما يشكل خرق للضمانات الأساسية المخولة للخاضع للضريبة في مواجهة سلطة الإدارة في إجراء التصحيح، وبالتالي تكون معه مسطرة الفرض التكميلي التي تمت في مواجهة المستأنفة غير مشروعة، والحكم المستأنف عندما نحى في غرار هذا الإتجاه، يكون قد جانب الصواب ويتعين إلغاؤه".
إن إحالة الملف الضريبي على اللجنة المحلية تحت رغبة الملزم هي ضمانة الملزم لإمكانية الدفاع عن حقه أمام اللجنتين، وهي ضمانة تشريعية أكدها القضاء الإداري، وذهبت كذلك نفس المحكمة على نفس المنوال في قرارها عدد 5938[39]، حين اعتبرت مسطرة التصحيح باطلة لتخلف إدارة الضرائب عن القيام بإحالة الملف الضريبي على اللجنة المحلية، وجاء في قرارها "حيث لئن كان المشرع الضريبي قد نص في المادة 220 من المدونة العامة للضرائب وعلى سبيل الحصر للحالات التي تؤدي إلى اعتبار مسطرة التصحيح لاغية.

وهذا هو التوجه العام للقضاء الإداري أكدته كذلك محكمة النقض في قرارها عدد 98، حين نطقت "وأما في نازلة الحال لم يتثبت لمحكمة الإستئناف أن الطاعنة قد أحالت النزاع على اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بناءاً على الطلب الذي تقدم به المطلوب في الطعن، واعتبرت بأن الإشعار بإمكانية الطعن أمام اللجنة الوطنية لا أثر له للعيب المذكور، وأن مسطرة التصحيح الضريبي لاغية".
يتضح من خلال هذه الإجتهادات القضائية هي في تقييدها للإدارة الجبائية، حيث تتمسك الإدارة الجبائية بكون عدم الإحالة على اللجنة المحلية من طرف المفتش ; داخل الأجل وإلى حين انصرام أجل 24 شهرا من تاريخ تقديم الملزم لطعنه أمام اللجنة المحلية لا يترتب عنه بطلان المسطرة التواجهية، بدعوى أن بإمكان الملزم عرض نزاعه على اللجنة الوطنية ثم إمكانية الطعن القضائي من جهة، ولعدم ترتيب المشرع لجزاء البطلان في مثل هذه الحالة على اعتبار أن حالات بطلان مسطرة التصحيح واردة على سبيل الحصر، غير أن هذا التمسك المذكور رده التوجه القضائي في إطار التطبيق السليم للقانون وتكريس حقوق الدفاع التي تعتبر حقوقاً دستورية تسمو على القانون...
هكذا فقد أكدت هذه التوجهات القضائية على ضرورة تقييد الإدارة بمقتضيات جبائية، وذلك بإحالة النزاع على اللجنة المحلية ; كلما طلب منها ذلك الملزم صراحة، وهي مقيدة بهذه الإحالة داخل الأجل القانوني وأن عدم قيامها بهذه الإحالة لا يصححه إشعار الملزم بإمكانية الطعن أمام اللجنة الوطنية، ولا حتى عرض النزاع على هذه اللجنة ; ما دام أن مسطرة الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة هي حلقة من حلقات المسطرة التواجهية يؤدي عدم تقيد المفتش المكلف بالمراقبة بها ; إلى بطلان ما عداها من الإجراءات لكون تلك اللجنة هي من بين الضمانات القانونية التي سنها المشرع لفائدة الملزم، وأن الإخلال بهذه الضمانة يترتب عنه مساس واضح بحقوق الدفاع، مما يترتب عنها بطلان مسطرة التصحيح، ومختلف التوجهات القضائية الحديثة استقرت على هذا الإتجاه.
لذلك في حالة طلب الإحالة إلى اللجنة المحلية، فإن عدم قيام إدارة الضرائب بإحالة ملف الطاعن على اللجنة المحلية ; يشكل إخلالاً جوهرياً بالمسطرة ويجعل لذلك الضريبة المطعون فيها مفروضة حياداً على القانون، وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في قرارها عدد 654[40] عندما "اعتبرت عدم قيام إدارة الضرائب بإحالة ملف الطاعن على اللجنة المحلية رغم ما ذكر يشكل إخلالاً جوهرياً في المسطرة، ويجعل لذلك الضريبة المطعون فيها مفروضة حياداً على القانون وأن الحكم المستأنف عندما سار في هذا المنحى كان صائباً وواجب التأييد"، هذا القرار فريد حيث ذهب الى اعتبار مسطرة التصحيح باطلة رغم عدم تقديم الطعن داخل الأجل القانوني.
كما قرر جانب من قضاء الموضوع أن لجوء الإدارة إلى المسطرة السريعة ; لا ينفي حق الملزم في الطعن أمام اللجنة المحلية لتقديم الضريبة المنصوص عليها في المادة 225 من المدونة العامة للضرائب، وضرورة التزام الإدارة الضريبية بمقتضيات المادة 220 من المدونة المذكورة، وباحترام الآجال المحددة قانوناً لإحالتها على اللجنة المحلية لتقدير الضريبة في إطار إجراءات المسطرة التواجهية مع حق الطرفين في الطعن أمام اللجنة الوطنية، وتكريساً لهذا التوجه ذهبت إدارية الرباط في حكمها رقم 76[41] عندما قضت ببطلان مسطرة التصحيح الضريبي لعدم احترام المسطرة التواجهية، معللة حكمها ""أنه إذا كان من حق مفتش إدارة الضرائب فيما يتعلق بالأرباح العقارية تصحيح الإقرار المقدم من الخاضع للضريبة وتطبيق المسطرة السريعة بفرض الضرائب باعتبار الأسس المبلغة في رسالة التبليغ الثانية، فإن ذلك لا ينفي حق الملزم في الطعن أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المنصوص عليها في المادة 225 من المدونة العامة للضرائب والمنازعة في الضريبة المفروضة، وضرورة التزام الإدارة الضريبية بمقتضيات المادة 220 من المدونة المذكورة، التي توجب على المفتش احترام آجال محددة لإحالتها على اللجنة المحلية لتقدير الضريبة في إطار إجراءات المسطرة التواجهية مع حق  الطرفين في الطعن أمام اللجنة الوطنية.
حيث أن الإدارة لم تدل بما يفيد احترام المسطرة التواجهية، مما يكون معه التمسك بخرق حق الدفاع قائماً ; ما دامت الإدارة لم تثبت قيامها باحترام المقتضيات القانونية وتكون بالتالي مسطرة فرض الضريبة باطلة لعدم احترام المسطرة التواجهية ويتعين الحكم ببطلانها وترتيب الآثار القانونية على ذلك..".
انطلاقاً مما سبق تكون الإجتهادات القضائية سالكة لنفس التوجه بتكريس الضمانات القانونية، واعتباره أن المساس بها يترتب عنه بطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي، من هنا يمكن القول بان البطلان القضائي كرس قواعد مستقر عليها لبطلان مسطرة التصحيح ; ليكون الإجتهاد القضائي آلية لسد الفراغات القانونية بالإضافة الى مساهمة في تطوير التشريع الضريبي.
ب: بطلان مسطرة التصحيح الضريبي على الأرباح العقارية
إذا لاحظ مفتش الضرائب فيما يتعلق بالأرباح العقارية ; بعد الاطلاع على إقرار الخاضع للضريبة المنصوص عليها في المادة 83 من المدونة العامة للضرائب، ما يستوجب القيام ببعض التصحيحات أو تقديم ثمن التملك أو نفقات الإستثمار غير المبررة أو هما معاً أو القيمة التجارية للأملاك المبيعة، وجب عليه أن يبلغ الخاضع للضريبة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب ; الأساس الجديد المصحح وكذا أسباب ومبلغ التصحيحات المزمع القيام بها داخل أجل لا يتجاوز تسعين 90 يوماً الموالية لتاريخ إيداع الإقرار المذكور.
ولقد كان الأجل القانوني المحدد في ظل المساطر الجبائية والمدونة العامة للضرائب قبل التعديل في أجل ستين 60 يوماً من تاريخ إيداع الإقرار, وتبقى مسألة الأجل القانوني وسلوك المسطرة القانونية من بين الإجراءات القانونية المفروضة على الإدارة الجبائية سلوكها، ويترتب على مخالفتها جزاء بطلان مسطرة التصحيح، حيث  في هذا الصدد ذهبت محكمة الإستئناف الإدارية بمراكش في هذا الإتجاه بقرارها عدد 221[42] حين "اعتبرت مسطرة التصحيح باطلة بعلة أن الإدارة الجبائية لم تدل أمامها بما يثبت سلوكها لمسطرة التصحيح، كما أنه أدلت به في المرحلة الإستئنافية في طي التبليغ مرفق بالإشعار البريدي الذي يعمل عبارة غير مطالب به والمتضمن الرسالة الأولى، والتي تبين من خلال الإطلاع عليها أنها مؤرخة في  5/05/2008 وأنها حسب الإشعار البريدي وجهت للمعني بالأمر بتاريخ 15/05/2008 أي بعدما يزيد عن 90 يوماً من تاريخ وضع المعني بالأمر لإقراره بالبيع بتاريخ 15/02/ 2008 ;أي خارج الأجل القانوني المنصوص عليه في المادة 224 من المدونة، التي تقضي الفقرة الأولى منها بأن تجري مسطرة التصحيح داخل أجل لا يتجاوز 60 يوماً، الموالية لتاريخ إيداع الإقرار مما تعتبر معه مسطرة التصحيح معيبة وموجهة لإبطال الضريبة التكميلية المترتبة عنها، وهو ما قضى به الحكم المستأنف الذي يبقى واجب التأييد".
لذلك يجب على رسالة التصحيح الضريبي المتعلقة بالأرباح العقارية أن تضم الأساس الجديد للتصحيح، وأسباب ومبلغ التصحيحات المزمع القيام بها، لأن قيام الإدارة الضريبية بفرض الضريبة العامة على الدخل صنف الأرباح العقارية ; دون مراعاة الإجراءات المذكورة يترتب عنه بطلان مسطرة التصحيح التي باشرتها الإدارة، وهذا التوجه هو ما أكدته إدارية فاس في حكمها عدد 790[43] عندما قضت ببطلان مسطرة التصحيح صنف الأرباح العقارية، معللة حكمها "بأنه انطلاقاً من هذا المبدأ القانوني المتعلق بالشروط المتطلبة قانوناً للقول بمشروعية فرض الضريبة على الدخل الربح العقاري، انطلاقاً من مشروعية وقانونية مسطرة فرضها وتصحيحها، وبالاطلاع على عناصر المنازعة ومعطياتها الضريبية، بدليل عدم إدلائها بأي وثيقة  تفيد سلوكها للمسطرة المحددة في المادة 224 من المدونة العامة للضرائب، مما يشكل مساساً بإحدى الضمانات الجوهرية المخولة للملزم في إطار المسطرة التواجهية، وبالتالي فإن الفرض الضريبي موضوع النزاع يبقى غير مشروع وواجب الإلغاء، استناداً إلى وسيلة خرق مسطرة التصحيح.
وحيث أنه من دون حاجة إلى مناقشة الوسيلة الثانية والتي يستقيم الحكم بدونها، فإنه يتعين إلغاء الفرض الضريبي بما يرتب عن ذلك من آثار قانونية".
إن مقصد المشرع الضريبي من سن هذه الإجراءات القانونية هو توفير ضمانات للملزم، وإمكانية خلق مسطرة تواجهية أمام الإدارة الضريبية رتب عنها الإجتهاد القضائي عند مخالفة هذه الأحكام بطلان مسطرة تصحيح الضريبة على الأرباح  العقارية، لأنه في حالة جواب الخاضع للضريبة التكميلية للأرباح العقارية على الرسالة التبليغية الأولى، وجب على الإدارة أن توجه إليه الرسالة الثانية وفق الإجراءات القانونية تحت طائلة بطلان الإجراء، إذ لا يحق للإدارة أن تلجأ إلى التصحيح المباشر دون احترام وجوب توجيه الرسالة التبليغية الثانية إلى الخاضع للضريبة، ولا يوجد ما يمنع مسطرياً من إنذار المحكمة  للإدارة الضريبية للإدلاء بالرسالة المحتج بها ; والتي ادعت أنها أرسلتها إلى الخاضع للتصحيح الضريبي، حيث في هذا الصدد ذهبت محكمة الإستئناف الإدارية بمراكش في قرارها رقم 338[44] حين أيدت الحكم الابتدائي لإدارية أكادير، التي اعتبرت "أن إجراءات التصحيح غير سليمة، وبالتالي غير منتجة للآثار القانونية، معللة قرارها بأن مفتش الضرائب في أكادير، وإن كان قد توصل بجواب المستأنف عليه والذي نازع بموجبه في رسالة التبليغ متمسكاً بصحة ثمن البيع المصرح به في عقد التفويت، فإنه لم يتابع الإجراءات التي كان عليه أن يبلغ الملزم في حالة  رأى أن هذه الملاحظات لا تستند على أساس، أسباب رفضه الجزئي أو الكلي في رسالة ثانية، وسبق للمحكمة في شخص المقرر أن كلفتها بالإدلاء برسالة التبليغ الثانية التي دعت أنها وجهتها بواسطة البريد المضمون بتاريخ 21/09/2006 تحت عدد 735 لكن دون جدوى، مما يبقى معه ما أثارته ضمن وسائل طعنها غير مبني على أساس ويتعين رده، والتصريح تبعاً لذلك بتأييد الحكم الإبتدائي الذي قضى ببطلان مسطرة تصحيح الأساس الضريبي صنف الأرباح العقارية".
كما ذهبت المحكمة الإدارية بالرباط في نفس الإتجاه في حكمها رقم 1126[45] حين قضت" بإلغاء الضريبة المطعون فيها لبطلان مسطرة التصحيح مع تحميل إدارة الضرائب الصائر، معللة حكمها على أن التبليغ لرسالة التصحيح جاء خارج الآجال القانونية، إذ اعتبرت "وحيث أنه بالرجوع لوثائق الملف يتضح أن الطاعن قدم إقراره بتاريخ 22/10/2008 ،وفي إطار مسطرة التصحيح وجهت إليه إدارة الضرائب الرسالة الأولى إلى العنوان المصرح به ; رجعت بعبارة غير مطلوب بتاريخ 22/01/2009، ولا تعتبر توصل إلا بعد مرور 10 أيام أي أن التوصل القانوني الذي يعتد به هو 2/2/2009 ;في حين كان على الإدارة الضريبية أن تبلغه بالأسس داخل أجل تسعين 90 يوماً، من الإقرار أي على أبعد تقدير بتاريخ 22/1/2009 مما يعني أن التبليغ جاء خارج الأجل القانوني".
واستناداً لما ذكر تكون مسطرة تصحيح الضريبة المفروضة على المدعي غير محترمة لمقتضيات المادة المذكورة أعلاه، ويتعين الحكم ببطلانها لتفويت الفرصة على المدعي بإتمام المسطرة التواجهية التي تعد إحدى الضمانات الممنوحة للملزم.
يتضح من خلال ما سبق أنه مخالفة المقتضيات القانونية المتعلقة بالمادة 224 من المدونة العامة للضرائب صنف الأرباح العقارية، رتب عنها القضاء الإداري بطلان مسطرة التصحيح لإرتباطه بضمانة الملزم، وعلى هذا المنحى كذلك ذهبت إدارية أكادير في حكمها رقم 199/2000 حين قضت" ببطلان مسطرة تصحيح الضريبي صنف الأرباح العقارية، معللة حكمها أنه قيام الإدارة الضريبية والحالة هذه بفرض مقتضيات المادة 108 من القانون 17/89 من شأنه حرمان الملزم من الضمانات المخولة له قانوناً والمقررة لفائدته ولمصلحته، ويترتب عن عدم مراعاتها بطلان مسطرة التصحيح التي باشرتها الإدارة الضريبية  في مواجهة المدعي".
تبين أن مختلف المقررات القضائية لمختلف المحاكم سارت في اتجاه بطلان مسطرة التصحيح الضريبي صنف الأرباح العقارية في حالة تبين للمحكمة وجود ضرر كان نتيجة مخالفة ضمانات مقررة قانوناً، وهذا يدل على مدى انسجام المحاكم في التوجهات القضائية مما يساهم في ترسيخ الأمن القضائي على مستوى المنازعات الضريبية، كما لا يمكن أن ننكر مدى مساهمة الإجتهادات القضائية في خلق قواعد أصبحت مستقر عليها، و تأثير البطلان القضائي في تطوير المشرع الضريبي، كما يمكن القول بأن القاضي الإداري لما له من سلطة تقديرية من تكييف الوقائع، و الإستناد إلى الواقع أكثر من الإستناد إلى النص يكون ذهب على نفس توجه القاضي الإنجليزي.
كما سارت إدارية أكادير على هذا التوجه في حكمها عدد [46]305 بتاريخ 2017/03/07 بحيث قضت "ببطلان الضريبة على الأرباح العقارية برسم سنة 2014 موضوع الإنذار المؤرخ في 2016/04/25 الصادر عن قابض الإدارة الجبائية أكادير و الحكم تبعا لذلك ببطلان إجراءات تحصيلها، بعلة أن الإدارة لم تقم بتبليغ الملزم بالأساس المصحح و أسباب التصحيحات التي تعتزم القيام بها ، في إطار المسطرة التواجهية داخل الأجل المنصوص عليه في المادة 224 من م ع ض ، مما يجعل الأساس المتخذ في عدم احترام المسطرة التواجهية في الفرض الضريبي مؤسسا و يتعين اعتباره.
وحيث انه بالإضافة إلى عدم احترام مسطرة فرض الضريبة، فان الأساس المعتمد في تحديد المبلغ وعدد الأسهم المعتبرة لم يكن سليما على أن حصته في منتوج البيع; اقل بكثير مما تم فرضه حسب ما تم التصريح به من قبل ممثل إدارة الضرائب أثناء جلسة البحث بخصوص الأسهم".
يلاحظ أن مختلف هذه الإجتهادات القضائية ذهبت في اتجاه بطلان مسطرة التصحيح الضريبي صنف الأرباح العقارية; رغم أن المشرع الضريبي لم ينص عنها بنص صريح، لكن كما سلف الذكر أن القضاء الإداري يقضي ببطلان مسطرة تصحيح حالة مخالفة قواعد آمرة من النظام العام، مما يعكس تطور القضاء على التشريع بتأسيسه للبطلان القضائي استنادا الى قواعد قضائية واقعية أصبح مستقر عليها.
                إن معظم التفسيرات والإجتهادات القضائية تواجه بتعديلات تشريعية بمقتضى القوانين المالية السنوية، بحيث يعتبر الإجتهاد القضائي مصدر أساسي من مصادر التشريع الضريبي، إذ هنا تكمن جدلية قائمة بين اجتهاد القضاء الإداري وتعديلات المشرع، بحيث في قواعد التبليغ يذهب القضاء الإداري إلى اجتهادات ترتب في أغلب الأحيان بطلان مسطرة الفرض الضريبي، مما يجعل المشرع الضريبي في السنة المالية الموالية، يتدارك الأمر لسد الفراغات التشريعية، وبالتالي تتضح نظرية تطوير القضاء الإداري للتشريع الضريبي ; باعتبار قواعد التبليغ من أهم مسببات البطلان.
مهما قلنا إن القضاء يساهم في تطوير التشريع الضريبي وأن المشرع يحرك آلته التشريعية وراء كل اجتهاد قضائي، فإن القاضي الإداري باجتهاداته المستنبطة من الواقع والضامنة لحق الدفاع ; ستجعل المشرع الضريبي في حركية دائمة وراء الاجتهاد القضائي.
ثالثا: البطلان القضائي لمقررات اللجان الضريبية على ضوء الاجتهاد القضائي
تعتبر مسطرة الطعن أمام اللجان الضريبية ضمانة قانونية ; على إثر مباشرة الإدارة لمسطرة التصحيح الضريبي ، بحيث فتح باب الطعن في الأسس الضريبية أمام اللجان الضريبية ; يعتبر من أهم الضمانات الأساسية التي ينص عليها المشرع الضريبي لفائدة الخاضعين للضريبة قصد البحث عن حل عادل يرضي الطرفين.
إن اللجان الضريبية تهدف إلى تدعيم ضمانات الخاضعين للضريبة والتقليل من الطابع الانفرادي لفرض الضريبة، لكن لا تتخذ هذه اللجان مقرراتها إلا وفق شروط وإجراءات قانونية منصوص عنها بنصوص خاصة في القانون الضريبي ، ويترتب عنها بطلان المقرر كلما خالفت قواعد آمرة من النظام العام ; رغم أن المشرع لم يشر إلى بطلان مقررات اللجان الضريبية بشكل صريح لذلك تبقى سلطة القاضي الإداري التقديرية أساسية في بطلان مسطرة الفرض الضريبي بوجه عام.
  وعموما فإن هذه اللجان الضريبية متمتعة بسلطة اتخاذ القرار في مسائل واقعية من شأنها المساهمة في تحديد أسس الضريبة، وقيد المشرع الضريبي اللجان الضريبية بالنظر في المسائل الواقعية دون القانونية، وذلك بأن تبت في النزاعات المعروضة على أنظارها ، ويجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية ، و تجدر الإشارة أن المقصود بالمسائل القانونية هو تفسير النصوص التشريعية أو التنظيمية، أما تطبيق النص القانوني الغير الغامض فمباح عليها، هذا الإتجاه هو الذي سار فيه القضاء الإداري بخصوص بت اللجنة الوطنية في مسألة قانونية، حيث اعتبرت الغرفة الإدارية في قرارها عدد  1026" أن المشرع حصر اختصاص اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية في المسائل الواقعية المتعلقة بتقدير قيمة العناصر التي تدخل في تكوين أساس الضريبة ويمكنها في هذا الإطار مراقبة تطبيق النصوص القانونية الواضحة للتوصل إلى تحديد أساس الضريبة فلا تكون مختصة في حالة غموض النص أو عندما يتعلق الأمر بمسالة إجرائية منفصلة عن تحديد أساس الضريبة مثل مسألة مراعاة مفتش الضرائب للأجل الذي يجب أن يعطى للملزم".
            لذلك فالنصوص القانونية الضريبية المتعلقة باللجان الضريبية من القواعد الآمرة مرتبطة بالنظام العام القانوني للدولة، ولا يجوز تعطيلها أو الامتناع عنها لأن عدم الإلتزام بها يرتب بطلان مقررات هذه اللجان ، وكذلك مخالفة هذه اللجان الضريبية لمقتضيات تشريعية يرتب بطلان مقرراتها لإعتبار هذه النصوص ضمانة قانونية للملزم، وتتمثل في حقه للدفاع عن مركزه القانوني وعلى هذا المنوال سار الإجتهاد القضائي في بطلان مقررات اللجان الضريبية في مجموعة من الحالات.
ا: بطلان مقرر اللجان الضريبية لعدم اختصاصها
          تنظر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بمدلول المادة 225 م ع ض ، في المطالبات التي يقدمها في شكل عرائض الخاضعون للضريبة الكائن مقرهم الإجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية، داخل دائرة اختصاص اللجنة المحلية حيث تحدد الإدارة اختصاصها، لذلك بت اللجنة المحلية لتقدير الضريبة في مطالبات خارج دائرة اختصاصها ; يعرض مقررها للبطلان، ويمكن للطرف المتضرر الدفع بعدم الإختصاص، لبت اللجنة المحلية في قضية خارج دائرة نفوذها المحددة من طرف الإدارة الجبائية.
    وهذا الإتجاه هو الذي سار فيه الإجتهاد القضائي الإداري، عندما بتت بعدم الاختصاص المكاني، إذ قضت إدارية أكادير في حكمها[47]   182/2006 ببطلان مقرر اللجنة المحلية، بعلة أن "اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المختصة بالنظر في الطعون الضريبية، هي اللجنة التي يوجد مقر الشركات أو مؤسساتها الرئيسية داخل إدارة ترابها، وسارت أن بثت اللجنة المحلية بأكادير في منازعة تتعلق باختصاص لجنة أخرى يجعل الضريبة المفروضة بناءا على مقرر اللجنة المحلية بأكادير مخالفا للقانون، مما يرتب إلغاءه".
حيث أن الثابت من وثائق الملف أن الطاعنة قد غيرت مقرها الإجتماعي من مدينة أكادير إلى العيون، حسب ما هو مضمن بالجريدة الرسمية عدد 4580 بتاريخ 09/08/2000 الصفحة 4213، وأن إدارة الضرائب تم إعلامها بهذا التغيير بمقتضى الرسالة التي وجهتها المدعية للإدارة والمتواصل بها بتاريخ 2000/06/12.
وكذلك المادة 3 من المرسوم رقم 917/87/2 بتطبيق القانون رقم 24/86 التي تنص على أنه" تحدت في كل عمالة أو إقليم لجنة محلية لتقدير الضريبة يكون مقرها بعاصمة العمالة أو الإقليم للمعنى بالأمر".
      كذلك يمكن القول بأن رغبة المشرع الضريبي، اتجهت في حصر اختصاص اللجنة المحلية بالنظر فقط في المسائل الواقعية دون القانونية، حيث في هذا الإتجاه ذهب ذ.ادريوش وذة الصابري إلى القول بأن "اللجنة المحلية ليس لها حق النظر في احترام المسطرة القانونية وتقديم بطلانها من عدمه، بل يكتفي بإثارة حالة البطلان أمامها لضمان حق إثارتها أمام القضاء ; الذي ينعقد له الإختصاص للتصريح بالبطلان من عدمه[48] ، لكن -الأستاذ محمد قصري- يرى خلاف هذا التوجه بل يعتقد " أن هذا الرأي لم يكن إرادة المشرع لسبب وحيد، وهو أن حق الملزم محفوظ بقوة القانون في إثارة تلك الخروقات وغيره أمام القضاء، ولا يلزمه أي نص ضريبي بإثارة تلك الخروقات أمام اللجان، حتى يصبح الدفع بها أمام القضاء باعتبار أن اللجنة تبت في المسائل الواقعية[49] .
         لذلك ذهبت إدارية البيضاء في حكمها رقم 4338[50] التي " أيدت به مقرر اللجنة المحلية للضريبة التي اعتمدت على عدم إرسال رسالة قفل المراجعة داخل الأجل القانوني، مستندا على دفوعات العارضان وخاصة تلك المتعلقة بعدم إحترام إجراءات المراجعة; سواء عدم بت رسالة المراجعة وإعطائها أجل 15 يوما فيما يخص عدم إمكانية الشريك الثاني، وعدم إرسال قفل المراجعة كما منصوص عليه قانونا في الفصل 105 من الضريبة العامة على الدخل، كما أن العارضان تقدما بدفوع بخصوص الأسس المعتمدة في المراجعة و عدم التعقيب داخل الأجل القانوني بخصوص الرسالة الثانية.
      وأن تصريح اللجنة الوطنية بعدم إختصاص اللجنة المحلية لإرتباط موضوع الطعن بمسألة تتعلق بتأويل مقتضيات قانونية، الأمر الذي يكون معه موقف اللجنة الوطنية مطابق للقانون، وتكون بذلك الوسائل المرتبطة بهذا الشق في الطعن غير مبنية على أساس سليم في الواقع والقانون، وتكون انطلاقا من هذا إدارية البيضاء قد عللت قرراها تعليلا سليما."
      إن الحكم الإبتدائي أعلاه، ذهب في اتجاه  بطلان مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ; بعلة البت في مسألة ترتبط بالقانون، رغم دفوعات العارضان على أن اللجنة طبقت القانون فقط، ويطرح هذا الحكم إشكالية أن البت في مسألة قانونية هل هو تطبيق القانون أم تفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية.
عموما فإن مقررات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، تعتبر مقررات باطلة في حالة بتها في خارج دائرة اختصاصها أو في مسألة قانونية هذا ما أكده القضاء الإداري في العديد من المقررات القضائية.
        كما يمكن للجنة المحلية أن تقضى بعدم اختصاصها، في البت في نقطة قانونية، أو تفسير لمقتضى تشريعي، حيث على هذا المنوال سارت إدارية فاس في حكمها عدد 380[51] ، حينما قررت اللجنة المحلية رفع يدها على النزاع ، بحيث قضت " ببطلان مقرر اللجنة المحلية لعدم اختصاصها لكون النزاع بين الطرفين يكتسي طبيعة قانونية، حيث اعتبرت أنه في جوهره يروم إلى إلغاء رسوم التسجيل التكميلية المفروضة على المدعي، وهي رسوم لم يدل المدعي بما يفيد فرضها في مواجهته عقب صدور مقرر اللجنة المحلية، وحيث إنه إذا كان الطعن يرمي إلى إلغاء مقرر اللجنة المحلية القاضي ; برفع يدها عن النزاع بعلة كونه يكتسي طبيعة قانونية، فإن المدعي لم يبين الأسس المعتمدة في الطعن وفي النتيجة التي أقرتها اللجنة المذكورة التي اعتمدتها في إصدار قراراها، لذلك عموما القضاء الإداري متمسك بالإجتهادات السابقة حالة الخلاف في تحديد المسائل الواقعية والقانونية.
       كما  أجبر المشرع الضريبي اللجنة الوطنية للبت في النزاعات المعروضة عليها، ويجب أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية، لذلك بت اللجنة الوطنية في مسألة قانونية يعرض مقررها للبطلان، وقد أكد القضاء الإداري هذا التوجه; حيث سارت إدارية وجدة[52]في حكمها إلى  " أن لجوء اللجنة الوطنية إلى تفسير نص قانوني وإعطائه تأويلا حسب منظورها تكون قد بتت في مسألة تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية، وأن هذا يعني أن اللجنة المذكورة يمنع عليها تفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية".
وأضاف الحكم أنه "إذا كان النص واضحا كعدم الطعن لديها داخل الأجل القانوني أو غير ذلك مما هو واضح ولا يحتاج إلى تفسير فيمكنها آنذاك تطبيقه".
لكن الإشكال المطروح هو صعوبة التمييز بين المسائل القانونية والواقعية; لأن هناك حالات تختلط فيها المسائل الواقعية والقانونية، لكن القضاء الإداري وجد معيار التمييز بين هذه المسائل، حيث ذهبت الغرفة الإدارية في إيجاد معيار الفصل بين المسائل القانونية والواقعية، معتبرا أن تقديم قيمة العناصر التي تدخل في تحديد أساس الضريبة ومراقبة تطبيق النصوص القانونية الواضحة تعتبر من المسائل الواقعية، وأما تفسير النصوص الضريبية الغامضة والبت في مسالة إجرائية كالإشعار بالفحص وغيره فتعتبر من المسائل القانونية" [53].
لذلك يشكل بت اللجنة الوطنية في مسألة قانونية اعتداء على إختصاص القضاء الضريبي الذي يحتفظ بالحق في تناول النقط القانونية، لذلك تجسيدا لهذا الموقف يذهب القضاء الإداري إلى بطلان مقرر اللجنة الوطنية حالة بتها في مسألة قانونية، حيث على هذا المنوال سارت إدارية البيضاء في حكمها رقم 4331 [54]  حين قضت ببطلان مقرر اللجنة الوطنية، عندما فسرت المادة 6 من قانون  الضريبة على الشركات، و اعتبرت أن قيام اللجنة الوطنية بتخصيص عموم لفظ تاريخ الإستغلال الذي يعتبر اصطلاحا جامعا فيه تفسير لمقتضيات المادة6 من قانون الضريبة على الشركات، حيث أن تفسير مقتضيات المادة 6 من القانون 24/86 يجعل المقرر المطعون فيه مشوبا بعدم الإختصاص ومعرضا للبطلان، لأن تفسير المفتش الضريبي لمقتضيات رفع التخفيض من رأسمال الشركة وإعتباره ذلك وربط ومسايرة مقرر اللجنة المحلية لذلك التأويل; يعد بمثابة إحداث مقتضى جديد يدخل من ضمن العائدات والأرباج المنصوص عليها حصرا في المادة 6 من القانون 24/86، مما يشوب المقرر بعيب عدم الإختصاص ويعرض المقرر للبطلان".
يلاحظ من خلال هذا الحكم أنه قضى ببطلان مقرر اللجنة الوطنية، وذلك لإعتمادها عند إيجاد مقررها لتفسير مفتش الضريبة للمادة 6 من قانون 24/86 ضريبة على الشركات، مما يكون معه المقرر يستحق جزاء البطلان وتكون بذلك إدارية البيضاء على صواب.
وفي نفس الإتجاه ذهبت نفس المحكمة مستقرة على التوجهات السابقة، وذلك في حكمها رقم 4338 [55] حين قضت ببطلان مقرر اللجنة الوطنية لإرتباط المسألة بتأويل نص قانوني، وقررت عدم إختصاص اللجنة الوطنية في المنازعات مطابقا للقانون.
كذلك كرست الغرفة الإدارية نفس التوجه، في قرارها عدد 899[56] عندما اعتبرت أنه" لكن حيث أن اللجنة الوطنية للضرائب تقتصر على دراسة الوقائع المادية ومراقبة مصداقية الحسابات والمبالغ المعتمدة، وأنها لا تتوفر على أي صلاحية لمراقبة تطبيق النصوص القانونية أو تفسيرها أو تأويلها، وإنه في النازلة الحالية كان على المحكمة الإدارية أن تتأكد من توفر أو عدم توفر الإجراءات التي يفرضها القانون على إدارة الضرائب لمراجعة الأساس الضريبي، ومن المعلوم أن عدم توضيح الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي أسست عليها للجنة الوطنية مقرراتها ; أو إنعدام التسبيب والتعليل قد يكون سببا كافيا لبطلان مقرراتها".
 وبالتالي يمكن القول بأن تطبيق المقتضيات القانونية الواضحة يدخل في اختصاص اللجنة الوطنية ولا يجب أن يرتب عنه أي جزاء، لكن تفسير نص القانوني للنصوص الغامضة فلا حرج عنها في تقرير بطلان المقرر.
والمقررات أعلاه تنطوي  على إجتهادات فريدة وتعكس الدور الإيجابي للقضاء في المجال الضريبي، فهو اجتهاد سيساهم لا محالة في وضع إطار الإختصاص النوعي للضريبة، بالشكل الذي يجعل هذه الأخيرة لا تتجاوز حدود المسائل الواقعية حتى لا تبت في مسائل قانونية، وهو مجال يخرج عن إختصاصها النوعي بنص القانون، فقد أوضح الحكم أعلاه أن اختصاص اللجنة للنظر في المسائل الواقعية يتحدد بالتحقق العادي من الوقائع، وأعطى لتلك اللجنة صلاحية تقدير مكونات الأساس الضريبي ولا تخفي أهمية ذلك لأنه لا يعقل أن تمنح اللجان الضريبية سلطة اتخاد قرارات، ويحاط تكوينها بقدر من الأهمية في حين تسلب منها صلاحية  تقدير مكونات الضريبة، فتدخلها في مسطرة التصحيح ينبغي أن تكون من ورائه فائدة ألا وهي الإحاطة بوقائع تأسيس الضريبة والتقدير فيها، أما ترتيب جزاءات على خرق الإجراءات الجوهرية للمسطرة فهو من قبيل تأويل نصوص قانونية، لذا فإن الحكم أعلاه اعتبر اللجنة قد تجاوزت اختصاصها بتناول مسألة قانونية.
يجب أن تكون مقررات اللجان المحلية لتقدير الضريبة مفصلة ومعللة، ويبلغها مقررو هذه اللجان إلى الطرفين وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 أعلاه خلال 4 أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر ; بمدلول المادة 225 من م ع ض.
إن الغرض من تعليل المقررات الصادرة عن اللجان الضريبية المحلية وتفصيلها ; هو تبصير الخاضعين للضريبة بالأساس الواقعي المعتمد عليه، بحيث التعليل هو الوسيلة التي بموجبها يمكن أن تعتبر أن اللجنة المحلية تفصل وفق أسس واقعية، بحيث يجب عليها أن تبين المعطيات والعناصر القانونية والتقنية،وإنعدام التعليل يعرض مقررات اللجنة المحلية إلى البطلان، كذلك عدم تبليغ المقرر إلى الملزمين وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من م.ع.ض خلال 4 أشهر من صدورها ; لإمكانية الطعن فيه أمام اللجنة الوطنية.
على هذا المنحى ذهب  الإجتهاد القضائي الإداري، حيث قضت إدارية الرباط في حكمها رقم 2522 [57] ، " ببطلان مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة لإنعدام التعليل، حيث أن مقرر اللجنة المحلية لم يوضح ولم يبين أسباب إستبعاد نفقات الإستثمار ، وخاصة أنهما أدليا بالفواتير، ولما للمحكمة من سلطة تقديرية في تحديد قيمة تكلفة الإستثمارات للعقار موضوع الضريبة المطعون فيها، واعتمادها على مواصفات هذا الأخير الذي كان العقار عاديا، واعتبار لنوعية الإشعارات التي يمكن إنجازها في مثل هذه العقارات في حالة تملكها، فقد تقرر الأخذ بتكلفة الإستثمار المصرح بها من طرف المدعيات ; مع الحكم بإلغاء المقرر المطعون فيه وإتخاذ هذه التكلفة أساسا لإحتساب الربح الخاضع لأداء الضريبة العامة على الدخل ( الربح العقاري) موضوعه."
نلاحظ من خلال هذا الحكم الإبتدائي الذي قضى ببطلان مقرر اللجنة المحلية على أساس انعدام التعليل، وقضى بإتخاد التكلفة أساس لإحتساب الربح الخاضع لأداء الضريبة العامة على الدخل، انه يبين أهمية التعليل مما يخوله للملزم من الإقتناع بمقرر اللجنة المحلية.
ونفس المحكمة سارت على نفس التوجه في حكمها رقم 3774  [58]   ; عندما قضت ببطلان مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، وإتخاذ مبلغ 409.248.00 درهم كأساس لإحتساب  الربح الخاضع للضريبة التكميلية على الأرباح العقارية، موضوعه انعدام التعليل تعليلا سليما، حيث أن اللجنة  المحلية اكتفت وهي تنظر في النازلة بالقول أنه تبعا للعناصر التي جمعها والمتعلقة بالموقع الجغرافي في العقار المبيع وثمن السوق العقاري وقت التفويت، والصلح المبرم بين الإدارة والمدعية فإن قيمة المتر مربع للعقار وقت التفويت هي 100 درهم، وأن اللجنة المحلية لم تجعل لقرارها هذا أي سند، ذلك أنها لم تتطرق بالتفصيل لهذه التبريرات كما أنها تبقى غير جديرة بالإعتبار نظرا لأنها غير مقرونة بأي حجج قانونية تثبتها، وما ذهبت إليه اللجنة المحلية في تحديد لقيمة العقار في مبلغ 100 درهم غير ذي أساس، ويتعين إلغاؤه.
وحيث إن هذه المحكمة لما لها من سلطة تقديرية في تقييم نتيجة الخبرة معها القيمة التجارية الحقيقية للعقار موضوع مسطرة التصحيح، واعتبار الموقع الذي يشمل أرضا فلاحية متواجدة بمدشر كورات بمنطقة العوامة بطنجة ذات الرسم العقاري عدد 61/3220 مساحتها 5304 متر، قررت أن تحدد القيمة العقارية في المبلغ الذي حدده الخبير هو 137 درهم للمتر المربع للواحد، لكونها تبقى ملائمة لمواصفات وموقع عقارات توجد في مثل موقعه ومواصفاته ; والذي اعتمد عليها الخبير في خبرته كعناصر للمقارنة.
لذلك قضت إدارية الرباط، ببطلان مقرر اللجنة المحلية، بعلة عدم التعليل المقرر واتخاذ مبلغ 408.248.00 درهم كأساس لاحتساب الربح الخاضع للضريبة التكميلية على الأرباح العقارية.
من خلال ما سبق من المقررات اتضح واقعيا اتجاه الإجتهاد القضائي الإداري الى بطلان مقرر اللجنة المحلية لإقتناعه بالوقائع المطروحة أمامه ; رغم عدم التنصيص على بطلان مقررات اللجنة المحلية بنص القانون، لكن انسجام هذا التوجه مع التصور العام للبطلان القضائي جعل القضاء يسير في نفس التوجه وقد أحسن ما فعل تكريسا منه للضمانة القضائية في تطبيق و استنتاج مقصد النص القانوني .
        كما اشترط المشرع الضريبي بمدلول المادة  226  من م ع ض،  على أنه "يجب أن تكون مقررات اللجنة الوطنية معللة ومفصلة، وتبليغها من طرف القاضي الذي يشرف على سير اللجنة إلى الطرفين وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من م.ع.ض خلال 6 أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر".
إن تعليل مقرر اللجنة الوطنية هو تبيان الأسباب الواقعية والقانونية التي أسست عليها اللجان الفرعية قرارتها، والقضاء هو الجهة المختصة للحسم في وجود تعليل المقرر أو إنعدامه، وكذا سلامة تبليغه، والقضاء الإداري يرتب بطلان مقرر اللجنة الوطنية بعلة إنعدام التعليل,حيث في هذا الإتجاه ذهب القضاء الإداري حين قضت إدارية البيضاء في حكمها رقم  3958 [59]  ببطلان مقرر اللجنة الوطنية بعلة إنعدام التعليل والتسبيب.
حيث اعتبرت أنه" يجب أن تكون مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية مفصلة ومسببة وأن عدم تسبيب اللجنة الوطنية لقرارها وغياب أسس وتفاصيل التحديد يرتب بطلان مقررها".
حيث الثابت في الملف أن اللجنة الوطنية لم تعلل التصحيحات التي أدخلتها على الإقرار الضريبي، وطالما لم تبين المعطيات الواقعية والعناصر القانونية والتقنية في المجال العقاري، علما بأنها تبنت قرار مفتش الضرائب الذي يفتقد لتلك العناصر والمعطيات، والذي يبين خلال مراسلة العارضين في رسالتيه الأسباب وطبيعة المبلغ التفصيلي للتصحيحات المعتمدة.
وحيث أنه من المقرر قانونا، أن مقررات اللجان المحلية والوطنية، يجب أن تكون معللة ومسببة، وتنص المادة 40/41 من قانون الشركات على أنه" يجب أن تكون مقررات اللجان الفرعية مفصلة ومسببة".
ذهب الحكم أعلاه إلى بطلان مقرر اللجنة لإنعدام التعليل والتسبيب، لكن محكمة النقض في قرارها عدد [60]2/467 رفضت طلب بطلان مقرر اللجنة الوطنية لإنعدام التعليل، المقدم من طرف الشركة العقارية رضا التي دفعت بإنعدام التعليل، وأن مقرر اللجنة جاء خارقا للدستور ولقانون التعريب بصدوره باللغة الفرنسية، وكذلك تعنى للطاعنة سوء التعليل وإنعدامه وخرق مقرر اللجنة جاء خارقا المادة 51 من القانون 24/86 وإنعدام الأساس القانوني.
حيث اعتبرت محكمة النقض أن " لا رقابة لها على محكمة الموضوع إلا بخصوص التعليل، واعتبرت أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي تبت لها تقديم الشركة لتسبيقات الشركاء ،واعتبرت أن ذلك يدخل في حكم القرض الذي تستحق عليه الفوائد وأن عدم احتسابها لتلك الفوائد لا تواجه به الخزينة العامة، وتكون قد أوردت تعليلات سليمة .
وبالتالي فإنه طبقا للقواعد المتعلقة بالتجارة، فإن تلك الأموال يجب أن تفرض عليها فوائد يؤديها المستفيدون منها مما يجعل القرار مرتكزا على أساس ومعللا تعليلا سليما بما فيه الكفاية والوسيلة على غير أساس.
تكون بذلك محكمة النقض لها الرقابة على قضاء الموضوع، على مستوى التعليل فقط حينما ألزم المشرع الضريبي أن تكون مقررات اللجنة الوطنية للطعون الضريبية مفصلة ومعللة أي توضيح الأدلة الواقعية و الحجج القانونية التي اعتمدت عليها اللجنة الفرعية لإصدار مقررها، لأن إنعدام التسبيب أو التعليل رتب عنهما القضاء الإداري بطلان مقرر هذه اللجنة، والقضاء هو الجهة المختصة لرقابة تعليل أو إنعدام تعليل مقررات اللجنة الوطنية، وفي هذا السياق ذهبت إدارية وجدة[61] وهي ترد الدفع بإنعدام التعليل حين اعتبرت" أنه بالإطلاع على محضر اللجنة الفرعية المدلى به يتبن أنه مفصل ومسبب وفق ما رأته اللجنة المذكورة بعد إستماعها للطرفين، علما بأنها تبت الأسباب المعتمد عليها من طرف اللجنة المحلية وأن المشرع لم يشترط تضمين المحضر أسباب محددة".
كما سارت نفس المحكمة وهي تجيب عن الوسيلة المتعلقة بنقصان التعليل بأنه إدعاء الطاعن بكون" قرار اللجنة الوطنية جاء ناقص التعليل يرد بأن هذا المقرر جاء معللا بما فيه الكفاية وأن المدعي لم يشير إلى أنه وسيلة من وسائل الطعن لم تناقشها اللجنة المذكورة".
إنطلاقا من المقررات القضائية السابقة يتبن أن التوجه القضائي، رسا على أن عبء الإثبات عدم كفاية التعليل على عاتق الخاضع للضريبة، ويكفي أن يثبت هذا الأخير أوجه دفاعه المقدمة من طرفه; والتي لم تناقشها اللجنة الوطنية حتى يتسنى للقضاء مناقشة كفاية التعليل من عدمه.
هذا من جهة ومن جهة أخرى "يجب تبليغ مقررات اللجان الفرعية من طرف القاضي الذي يشرف على سير اللجنة إلى الطرفين، وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من م.ع.ض خلال 6 أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر، وبتبليغ مقرر اللجنة الوطنية تبدأ المسطرة في إنتاج آثارها سواءا في حالة نهاية النزاع، أو بطعن الملزم في المقرر أمام المحكمة الإدارية طبقا للشروط القانونية.
وتجدر الإشارة إلى أن حق الإدارة مقيد، إذ لها أن تباشر الطعن أمام القضاء فقط في حالة ما إذ بتت اللجنة الوطنية بغير حق في مسائل قانونية.
لذلك يمكن بطلان مقرر اللجنة الوطنية عند عدم تبليغ المقرر، بشكل قانوني حيث التبليغ يعطي للأطراف إمكانية الطعن أمام المحكمة الإدارية.
ج: البطلان القضائي لمقرر اللجنة الضريبية حالة عدم استدعاء ممثلي الخاضعين الضريبة أو عدم اكتمال النصاب القانوني
       يستدعي رئيس اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بمدلول الفقرة 3 من المادة 225 م ع ض الخاضعين للضريبة وممثلي الإدارة الجبائية 15 يوما، قبل التاريخ المحدد للإجتماع وفق الإجراءات المنصوص عنها في المادة 219 م ع ض، ويكون المشرع بهذا محققا نوعا من التوازن بين الأطراف للدفاع عن حقوقهم من داخل الإجتماع، ويقع على عاتق الإدارة الضريبية الإدلاء بما يفيد تبليغ الإشعار بالحضور أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة تحت طائلة اعتبار مسطرة التصحيح غير سليمة، وبالتالي بطلان المقرر الصادر عن اللجنة المحلية في حالة عدم حضور الأطراف.
 لذلك القضاء الإداري، ذهب في اتجاه توفير الضمانات الكافية للأطراف، وبطلان مقررات اللجان الضريبية المحلية حالة لم تدلي بما يفيد إشعار الخاضعين للضريبة بحضور الإجتماع حيث في هذا الإتجاه  ذهبت محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، عندما أيدت الحكم الإبتدائي القاضي ببطلان مقرر اللجنة المحلية، حيث تمسكت المستأنفة وتعيب على المحكمة بقبول الطلب بالرغم من أن المستأنف عليهم تقدموا به في وقت كان النزاع ما زال معروضا على أنظار اللجنة الوطنية للبت في النزاعات الضريبية، وأنها لم تناقش دفوعات المستأنفة المتعلقة بالخبرة المنجزة في النازلة، لكن تمسك المستأنف عليهم بأنه لم يتم استدعاؤهم بحضور جلسة اللجنة المحلية للنظر في الطعون الضريبية وأنه لم يتم تبليغها بمقررها العام بتاريخ 2005/05/31 إلا بتاريخ 2008/12/31.
كما تعتبر وجود ممثلي الخاضعين للضريبة في تكوين اللجنة ضمانة فعالة بالنسبة للخاضعين للضريبة إذ أنها الوسيلة التي بواسطتها يستطيعون الدفاع عن مواقفهم ومصالحهم، كما أن المشرع قصد من ورائها استمرارية الشرعية في مقررات اللجان الضريبة.
بالإضافة إلى حالة عدم توفر النصاب القانوني، حيث تبت اللجنة في الأمر بصورة صحيحة إذا حضرها ثلاثة على الأقل من أعضائها من بينهم الرئيس وممثل الخاضعين للضريبة، وتتداول بأغلبية أصوات الحاضرين فإن تعادلت الأصوات رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس.
لكن المشرع في الإجتماع الثاني لم يحدد الصفة بل فقط أشار إلى النصاب القانوني لشرعية المقرر وهو ثلاثة من اللجنة من بينهم الرئيس، أي كيفما كانت صفتهم بل فقط شريطة الإنتماء إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة.
لذلك يبقى بطلان مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة في حالة عدم توفر النصاب القانوني، مما يمكن القول بأنه عدم استدعاء الخاضعين للضريبة، يعتبر مسا بحقوق الخاضعين للضريبة وفسخا للضمانات القانونية، وكذلك نفس الأمر ينطبق في حالة عدم توفر النصاب القانوني لإتخاذ مقرر شرعي، بل يمكن بطلان مقرر اللجنة المحلية في هذه الحالات السالفة الذكر.
و نفس الأمر ينطبق على اللجنة الوطنية بحيث عمل المشرع الضريبي من خلال تكوين اللجنة الوطنية على توفير التوازن والتكافئ من داخل اللجنة، وتعقد اللجان اجتماعها بطلب من رئيسها الذي يشرف على سير اللجنة الفرعية والذي يقوم بدوره بإخبار ممثلي الملزمين الأعضاء في اللجان الفرعية بتاريخ إنعقاد الإجتماعات بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل وذلك بتاريخ محدد لها بما لا يقل عن 15 يوما.
ويكون حضور الطرفين جوهريا قصد الإستماع لأقوالهم ودفوعاتهما والإدلاء بحججهم، ويمكن للجنة الفرعية أن تعقد العدد اللازم من الجلسات التي ترى أنها ضرورية لتكوين قناعتها، وبعد الإستماع إلى الأقوال والدفوعات تختلي اللجنة الفرعية بأعضائها قصد التداول بشأن النزاع المطروح عليها وإتخاد مقررها، وفي جميع الحالات لا يجوز للجنة الفرعية أن تصدر مقرراتها بحضور الخاضع للضريبة أو وكيله أو ممثلي الإدارة أو الخبراء وتكون مداولاتها صحيحة بحضور الرئيس  وعضوين آخرين أحدهما يمثل الملزم الإدارة الجبائية.
وهذا ما أكده القضاء الإداري[62] حيث قضى بأنه "يشترط لصحة المدولات أن تحضر إجتماعاتها الرئيس وعضوان آخران من الأعضاء وأنه بالإطلاع على قرار اللجنة الوطنية يتبين أنه موقع من طرف الرئيس وثلاثة أعضاء مما يكون معه الدفع مردودا".
لذلك يعتبر عدم وجود أحد الأطراف الضرورية لإتخاد المقرر سبب قد يكون كافيا لبطلان مقرر اللجنة الوطنية ولأن شرعية المقرر تتطلب توفر النصاب القانوني من أجل قانونية المقرر ،إذ على هذا المنوال سارت إدارية الرباط في حكهما 3452[63]  حيث قضت ببطلان مقرر اللجنة الوطنية بعلة "عدم توفر النصاب القانوني الواجب توفره في اللجنة الوطنية لإصدار مقررها"، حيث أوضح المدعي من خلال الأسباب والدوافع الكامنة وراء رفضه المراجعة الضريبية، هو أن اللجنة بتت في غياب المدعي خرقا للقانون وأصدرت مقررها المطعون فيه، وأن هذا الأخير صدر مخالفا للقوانين المنظمة لعمل اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية، لأنها لم تكن تتوفر على النصاب القانوني، ولم تكون مجتمعة بصيغة قانونية، وأن تغيب الحرفيين عن اللجنة الوطنية بمناسبة صدور المقرر المطعون فيه; تكون قد أصدرت مقررا وهي غير مكتملة النصاب، وأن المقرر جاء خرقا لمبدأ أساسي وجوهري وهو الحق في الدفاع، وبالتالي اعتمدت المحكمة على دفوعات المدعي، وقضت ببطلان مقرر اللجنة الوطنية لعدم إكتمال النصاب القانوني للجنة.
وعلى نفس التوجه ذهبت سابقا الغرفة الإدارية في قرارها عدد 204 [64]حيث اعتبرت أنه" تكون مداولات اللجنة الوطنية صحيحة وإذا حضر الإجتماع الرئيس وعضوان آخران أحدهما يمثل الإدارة والآخر يمثل الخاضعين للضريبة، ومن يدع أن الإجراء وقع تنفيذه بصفة غير قانونية، فالأصل إنجازه طبقا للقانون ومن يدع خلف ذلك إثباته ".
وبالتالي تكون الغرفة الإدارية بقاعدتها هذه رفضت طلب الطاعن الهادف إلى بطلان مقرر اللجنة الوطنية بعلة عدم توفر النصاب القانوني في إصدار المقرر.
   كما يمكن للقضاء أن يبطل مقرر اللجنة الوطنية إذ بتت خارج أجل 12 شهر من الطعن، رغم انه لا يوجد عندنا مقرر قضائي في هذا الشأن، لكن تماشيا مع الإتجاه العام، بحيث ألزم المشرع الضريبي بموجب الفقرة الأخيرة من البند 3 من المادة 226 من م.ع.ض، على اللجنة الوطنية بالبت في الطعن المقدم أمامها في اجل 12 شهر بين تاريخ تقديم الطلب وتاريخ المقرر المتخذ في هذا الشأن، لذلك في حالة انصرام أجل 12 شهر ولم تتخذ اللجنة الوطنية أي مقرر فلا يجوز لها إدخال أي تصحيح على إقرار الخاضع للضريبة أو على أساس فرض الضريبة المعتمد من لدن الإدارة في حالة فرض الضريبة بصورة تلقائية.
خاتمة :
يمكن القول بان القضاء الإداري ذهب إلى الأخذ بفكرة الضرر ، وقرر الإنطلاق من قاعدة " لا بطلان إلا بضرر " للتوسع في الحكم بالبطلان ; متى تبث أن الإجراء الذي أخلت به الإدارة مس بالمراكز القانونية والحقوق المالية، وكذا حق الدفاع المخول للملزم ما لم تثبت الإدارة أن الغاية من الإجراء قد تحققت، كما اعتبر القضاء الإداري أن القانون الضريبي هو قانون إجرائي ومسطري بامتياز وقواعده من النظام العام، وأن مخالفتها ترتب البطلان ما دام أن المشرع قنن إجراءات فرض الضريبة وتصحيح وعائها ، وبالتالي لا يجب أن تستهدف الإدارة الضريبية تحقيق الإلزام الضريبي بأية طريقة أو أية وسيلة كانت لبلوغ الغاية المذكورة ، وإنما يجب عليها أن تتبع الإجراءات الآمرة التي حددها المشرع قبل كل فرض ضريبي حتى لا نضرب عرض الحائط الضمانات التي أقرها المشرع لفائدة الملزم.       
حيث لا احد يجادل في الطابع الإجرائي و المسطري للقانون الضريبي ،  فدوره الأساسي  هو توفير الضمانات الكافية لتمكين الملزم ; باعتباره الحلقة الضعيفة في المعادلة الضريبية من الدفاع عن حقوقه، غير أن تسليط الضوء على حقوق الدفاع بالنسبة للملزم يجب أن يجعلنا نجزم بأن وظيفة المساطر الجبائية هي فقط تمكين الملزم من محاكمة عادلة عن طريق ممارسته لتلك الحقوق، ذلك أن وظيفة المساطر الجبائية تتعدى هذا المستوى لتتمحور أساسا في تنظيم و عقلنة الممارسات و العمليات التي تقوم بها الإدارة الجبائية قصد اتخاذ القرارات الإدارية الصائبة .
فالبطلان الذي يترتب كجزاء على الإختلالات المسطرية، يعتبر جزاء قاس من شأنه أن يهدر أموال مهمة على الخزينة العامة،الشيء الذي جعل التشريعات تبتعد عنه والآراء الفقهية تدعو للحد منه، إلا أن إمكانية إعادة المسطرة بعد إلغائها من طرف القضاء بسبب عيب مسطري ; جعلت منه بطلانا نسبيا، وبالتالي فالبطلان يبقى أثره نسبيا على الإلتزام الضريبي.
إن الطرح الذي نستنتجه من خلال تطور ير الوقائع للإجتهاد القضائي، و تطوير هذا الأخير للتشريع الضريبي ، هو الصراع الجدلي القائم بين تضارب الإجتهادات القضائية و الرؤى الفقهية  و اختلاف الوقائع القضائية ، يجعل الجدل قائم بين هذه الأطراف في خدمة تطوير التشريع المغربي، و بدراسة  الاجتهاد القضائي  الإداري  في مجال البطلان يظهر لنا قصور النص القانوني أمام تتطور الوقائع ، لذلك كتقدميين نراهن دائما على العمل على تطوير القانون انطلاقا من الواقع و أن يكون الواقع هو أساس إفراز القاعدة القانونية ، بحيث أن دراسة حجم هذه الإجتهادات القضائية و سلوك القضاء الإداري طريق القضاء الواقعي يكشف لنا عورة أسس العائلة الرومانية الجرمانية، التي ننهل منها النص القانوني ،
و أن القاضي الإداري أصبح بوعي أو بدونه، يستند على أسس المدرسة الواقعية الانكلوسكسونية في إصدار اجتهادات قضائية تمتاز بالواقعية.    
ملاحظة هامة   :هذا المقال تناول فقط حالات البطلان القضائي لمسطرة الفرض الضريبي  التي ابتدعها الاجتهاد القضائي ولم يتطرق الى الحالتين القانونيتين لإلغاء مسطرة التصحيح الضريبي  التي أوردهما المشرع في المادة 220 من المدونة العامة للضرائب.




[1] ف 94 ق.م.م: "يسري نفس الحكم بالنسبة لحالات البطلان والإخلالات الشكلية والمسطرية التي لا يقبلها القاضي، إلا إذا كانت مصالح الأطراف قد تضررت فعلاً".
[2] المادة 119 ق.م.م الفرنسي.
[3]قرار عدد 422 المؤرخ 04/07/2000، ملف إداري عدد 299/2000 غير منشور.
[4] قرار عدد 422 المؤرخ 04/07/2002، ملف عدد 204/3/04، غير منشور.
[5] قرار محكمة النقض عدد 355 المؤرخ 04/04/2013، ملف إداري عدد 79/4/1/2012، غير منشور.
[6] قرار محكمة النقض عدد 1065/2 المؤرخ 13/11/2014، ملف إداري عدد 3910/4/2/2013، غير منشور.

[7] قرار محكمة الاستئناف بمراكش عدد 233 المؤرخ 20/02/2013، ملف إداري عدد357/1915/2012، غير منشور.
[8] قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 1587 المؤرخ 16/04/2012، ملف إداري عدد 464/11/9، غير منشور.
[9]قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 2005 المؤرخ 07/05/2012، ملف إداري عدد 784/10/9، غير منشور.
[10]قرار محكمة النقض عدد 775 المؤرخ 27/10/2012، ملف إداري عدد 1223/4/1/2010، غير منشور.
حكم إدارية أكادير عدد 547 المؤرخ 13/04/2017 ملف عدد 0112/7113/2017.قضية محمد صبري غير منشور.[11]
[12]حكم إدارية الرباط رقم 70 المؤرخ14/01/2009، ملف إداري عدد 66/07، غير منشور.
[13]حكم إدارية مكناس عدد 1879/2009/5ش المؤرخ 24/12/2009، ملف عدد 359/2009/5ش. غير منشور.
[14] قرار المحكمة الإدارية مكناس عدد 191/2014 المؤرخ 10/04/2014، ملف إداري عدد 142/1915/2013، قضية الغريسي محمد ضد إدارة الضرائب .غير منشور
[15]قرار  عدد 115 المؤرخ 31/01/2013، ملف إداري عدد 192/9/2012، محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش.غير منشور
[16] قرار عدد 655 الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، ملف إداري عدد 14/5/1/97، قضية إدريس هردير ضد الإدارة أورده محمد قصري،المرجع السابق ص 27-28.
[17] حكم عدد 1444 المؤرخ 16/01/2008، ملف إداري عدد 466/07، إدارية الدار البيضاء. غير منشور
[18] قرار عدد 151 المؤرخ 20/02/2008، ملف إداري عدد 3419/4/2005، و3/4/2/2006 "المجلس الأعلى". غير منشور
[19] حكم إدارية البيضاء عدد 2092 المؤرخ 25/06/2012، ملف إداري عدد 62/12/9، غير منشور.
[20] حكم إدارية فاس عدد 529 المؤرخ 10/07/2013، ملف إداري عدد 29/09/2012، غير منشور.
[21]   قرار الغرفة الإدارية عدد 286 المؤرخ 26/03/2008، ملف إداري عدد 2345/214/2006، غير منشور.
[22] قرار محكمة النقض عدد 198 المؤرخ 05/03/2008، ملف إداري القسم الثاني عدد 971/4/2/2006، غير منشور.
[23]قرار محكمة النقض عدد 200 المؤرخ 05/03/2008، ملف إداري عدد 1171/4/2/2006، غير منشور.
[24] قرار عدد 53 المؤرخ 23/01/2003، ملف إداري عدد 866/214/2002 غير منشور.
[25] قرار محكمة النقض عدد 571/7 المؤرخ 02/07/2015، ملف إداري عدد 2121/4/2/2014، غير منشور.
[26] قرار عدد 1921 المؤرخ 30/04/2012، ملف إداري عدد 451/09/9، غير منشور.
[27] قرار عدد 121 المؤرخ 22/01/2009، ملف إداري عدد 267/08/09. غير منشور
[28] حكم عدد 2450 المؤرخ 4/12/2007، ملف إداري عدد 420/07  .ش ض. غير منشور
[29]  حكم  إدارية الرباط عدد 588 المؤرخ 09/04/2008، ملف إداري عدد 2092/07.غير منشور
[30] قرار محكمة النقض عدد 225 المؤرخ 31/03/2011، ملف إداري عدد 948/4/2/2009. غير منشور
[31]قرار إستئنافية الرباط عدد 1921 المؤرخ 30/04/2012، ملف إداري عدد 451/09/9. غير منشور
[32]قرار محكمة النقض عدد 432 المؤرخ 02/05/2013، ملف إداري عدد 1597/4/1/2011، غير منشور.
[33] قرار محكمة النقض عدد 424 المؤرخ 02/05/2013، ملف إداري عدد 95/4/1/2011، غير منشور.
[34] قرار محكمة النقض عدد 619 المؤرخ 23/08/2012، ملف إداري عدد 190/4/1/2011، غير منشور.
[35] قرار محكمة الاستئناف مراكش عدد 153 المؤرخ 09/03/2011، ملف إداري عدد 220/9/2010، غير منشور.
[36] قرار محكمة الاستئناف مراكش عدد 98 المؤرخ 09/02/2010، ملف إداري عدد 232/09/2010-2.غير منشور
[37] قرار محكمة الاستئناف الإدارية الرباط عدد 867 المؤرخ 05/03/2012، ملف إداري عدد 145/10/9، غير منشور.
[38] قرار محكمة الاستئناف الإدارية الرباط عدد 883 المؤرخ 05/03/2012، ملف إداري عدد 143/10/9، غير منشور.
[39] قرار محكمة الاستئناف الرباط عدد 5938 المؤرخ 31/12/2015، ملف إداري عدد 360/7202/2015، الإدارة ضد إبراهيم شوقي.غير منشور
[40] قرار عدد 654 المؤرخ 27/06/2007، ملف إداري عدد 1558/4/2/2005، غير منشور.
[41] حكم المحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط عدد 76 المؤرخ 9/1/2013، ملف إداري عدد 20/7/2012، غير منشور.
[42] قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش عدد  221 المؤرخ 24/03/2011، ملف إداري عدد 247/9/2010، غير منشور.
[43] حكم إدارية فاس عدد 720  المؤرخ20/06/2012، ملف إداري عدد 26/9/2012، غير منشور.
[44] قرار محكمة الاستئناف الإدارية مراكش عدد 338 المؤرخ 27/4/2011، ملف إداري عدد 289/9/2010، غير منشور.
[45] حكم إدارية الرباط عدد 1126 المؤرخ 07/04/2015، ملف إداري عدد 19/7113/2015، قضية عبد اللطيف الجوزي، غير منشور.
  حكم إدارية أكادير عدد 305 المؤرخ 2017/03/07 ملف 950/7113/ 2016 قضية زربيت مبارك غير منشور.[46]
[47] حكم إدارية اكادير عدد 182/2006 المؤرخ 2006/05/04 ملف عدد 625/2005. غير منشور
[48] ذ ادريوش وذة الصابري م.س ص: 162. للإشارة فالأستاذ ادريوش رئيس المحكمة الابتدائية بوجدة حاليا.
[49] محمد قصري "مسطرة فرض الضريبة أية ضمانات" ص: 82.
[50] حكم إدارية البيضاء رقم 4338 المؤرخ 2008/06/2 ملف عدد 162/2007ق.ش. غير منشور
[51] حكم إدارية فاس عدد 380 المؤرخ 2013/05/15 ملف رقم 2013/09/21 غير منشور.
[52] حكم إدارية وجدة رقم 99/109 ملف عدد 99/25 المؤرخ 1998/09/29 أوردته صابري ص:186.
[53]قرار المجلس الأعلى للغرفة الإدارية عدد 1026 ملف 99/696 المؤرخ 2000/07/06 منشور في النشرة الإخبارية للمجلس الأعلى العدد 2001/9، مطبعة الأمنية الرباط ص: 42.
[54] حكم إدارية البيضاء رقم 4336 ملف عدد 2009/6/28 المؤرخ 2009/10/14 قضية شركة سويت أند ييفردج. غير منشور
[55]حكم إدارية البيضاء رقم 4338 ملف 2007/162 ق.ش المؤرخ 2008/06/02 قضية خمسين- ع.الله قويدر ع. السلام مؤسسة أنوال 1270 شارع الفداء عين الشق.
[56]قرار عدد 899 المؤرخ 2000/06/01 أشارت إليه عزيزة هندار ص :144.
[57]حكم إدارية الرباط رقم 2522 المؤرخ 2015/06/23 ملف رقم 2015/7113/73 قضية ع. الفتاح اصلمين بن علي ونعيمة البوزيدي التيالي بنت بوشتى قرار غير منشور.

[58] حكم إدارية الرباط 3774 المؤرخ 15 شتنبر 2015 ملف رقم 2015/7113/18 قضية ربيعة الجدايني.غير منشور.
[59]حكم إدارية البيضاء 3958 المؤرخ 2007/05/23 ملف 07/131 ق.ش قضية اساكور.
[60] قرار محكمة النقض عدد 2/467 المؤرخ 2014/05/15 ملف 2013/2/4/98 الشركة المدنية رضا، غير منشور.
[61] حكم إدارية وجدة ملف رقم 97/589 أوردته الصابري رشيدة م.س ص: 193.
[62]حكم إدارية وجدة عدد 795/97 المؤرخ 1997/10/15 ملف رقم 97/9 أوردته الصابري م س ص: 192.
[63]حكم إدارية الرباط عدد 3452 المؤرخ في 28 بوليوز 2015 ملف رق 2015/7113/22 غير منشور.
[64] قرار محكمة النقض 204 المؤرخ في 2008/03/05 ملف إداري عدد 2006/2/4/1983 غير منشور.   [64]



اقرأ المزيد

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016