تابعونا على الفيسبوك

Disqus

تعليق على قرار محكمة النقض بتاريخ 19/10/2005 انفجار قنينة غاز

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

تعليق على قرار محكمة النقض حول قيام المسؤولية المدنية لصانع الأشياء الخطرة في القانون المغربي.

                                             
                                              
                                                               
                                                            


  ــ هشام الأعرج
 باحث في منازعات الأعمال
كلية الحقوق فاس
  تتعلق وقائع النازلة محل التعليق أن السيد مصطفى مستقيل تعرض بتاريخ 20 ابريل 1999 وابنيه القاصرين حمزة ومريم بمنزله لحادث بسبب انفجار قنينة غاز ناتج عن إهمال الشركة المصنعة لقنينة الغاز وهي شركة تيسير. الأمر الذي دفع الأب أصالة عن نفسه ونيابة عن ابنيه القاصرين إلى رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية أنفا بالدار البيضاء في مواجهة المدعى عليهم كل من يحيى ايت كرايت وشركة تيسير غاز وشركة التأمين الوطنية، يطلب تحميل الحارس القانوني كامل المسؤولية والأمر بإحالته وولديه على خبرة طبية لتحديد الأضرار اللاحقة بهم بسبب الحادث، وأداء تعويض مسبق. فحكمت المحكمة الابتدائية لصالح الأب بتحميل الشركة كامل التعويض. وبعد استئناف هدا الحكم، قد قامت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم بناءا على أن المستأنف عليه لا يتوفر على أية وسيلة للتأكد من سلامة قارورات الغاز، وان تسرب الغاز يدل على وجود عيب في الصنع. فتقدمت الطالبتان بطلب نقض هذا القرار اخدة عليه خرقه لمقتضيات الفصل 88 من ق ل ع المغربي إذ أنهما أثبتتا  أن تسرب الغاز يرجع إلى خطأ المتضرر.
     فقضى المجلس الأعلى ( بتاريخ 19/ 10 / 2005 قرار عدد 2732 ) برفض الطلب مؤيدا بدلك لقرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بعلة انه فما يخص الوسيلة الأولى أنها غير ملزمة بضم الملفات، أما فما يخص الوسيلة الثانية إن المسؤولية عن حراسة الشيء تقتضي حراسته عناية خاصة وأيضا على أساس تحمل تبعة المخاطر.
    واضح مما سبق أن الأمر يتعلق من الناحية القانونية بقيام مسؤولية الصانع عن الأشياء الخطرة والتي يمكن أن تسبب الأضرار  بالمستهلك، وبالتالي يمكن صياغة المشكل القانوني الذي تثيره وقائع هذا النزاع كالأتي:
ــ ما مــدى قيام المسؤولية المدنية لصانع الأشياء الخطرة في القانون المغربي ؟
لمناقشة هذا المشكل والتعليق عليه يفرض علينا أن نتعرض في المبحث الأول لقيام المسؤولية المدنية لصانع الأشياء الخطرة في القانون المغربي، على أن نناقش في المبحث الثاني ما إذا كان قضاء المجلس الأعلى في هذه النازلة موافقا لما قرره المشرع المغربي بصدد هذا الموضوع.

المبحث الأول : قيام المسؤولية المدنية لصانع الأشياء الخطرة في القانون المغربي.    

     إدا كان الفقه المدني متفق على أن المسؤولية المدنية لا تنهض بدون ضرر، فإن مسؤولية الصانع  لا تخرج عن هذه البديهية القانونية، ولكنها تمثل تطورا جديدا وتوسعا عميقا في المسؤولية المدنية، باعتبار هذا النوع الجديد من المسؤولية يجسد فرعا جديدا وأصيلا في تلك المسؤولية الأم، ويتحدد نطاقه بطراز جديد من الأضرار التي تتسبب فيها المنتجات الحديثة، ألا وهي الأضرار الجسمانية. 
فما هو أساس المسؤولية المدنية لصانع الأشياء الخطرة:
لقد اصدر المشرع المغربي مؤخرا قانون خاص بالمسؤولية المدنية عن المنتجات المعيبة والدي ادمجه مع فصول ق ل ع المغربي وبدلك يكون قد احدث قفزة نوعية في هدا المجال وذلك من اجل حماية المتضررين من هذه المنتجات. إلا أن التساؤل يطرح هنا هو كيف كان الأمر قبل صدور هدا القانون وعلى أي أساس تقوم هده المسؤولية. ففي غياب هذه القواعد كان على المتضرر من منتجات الصانع أن يؤسس دعواه على القواعد العامة في المسؤولية المدنية لمواجهة الصانع، وعلى القضاء أن يستعين بتلك القواعد العامة.
يقصد بالأساس القانوني لمسؤولية الصانع للأشياء الخطرة، هي مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم مسؤوليته بالتعويض عن الأضرار التي تحدثها منتجاته، ويستخلص ذلك من خلال تكييف القواعد العامة للمسؤولية المدنية، وهي إما أن تكون قواعد المسؤولية العقدية أو التقصيرية لكن ما يهمنا نحن هنا هي هذه الآخرة.  
    وتنهض المسؤولية التقصيرية كما هو معروف في حالة إخلال الشخص بالالتزام العام الذي يفرضه القانون والمتمثل بعدم الإضرار بالغير، ويمكن اللجوء إلى قاعدتين من قواعد المسؤولية التقصيرية، وهي قاعدة الخطأ ثم المسؤولية عن حراسة الأشياء.
   فالأولى تنهض بموجب الفصل 77 و 78 من ق ل ع المغربي وعلى المتضرر هنا إثبات خطأ أو إهمال الصانع، إلا أن إتباع هذه القاعدة في غالب الأحيان يصطدم المتضرر مع مشكل الإثبات في ظل الإنتاج الحديث المتزايد ذي الطبيعة الخطرة، وفي ذلك قال الفقيه jean Overstake  انه في ظل الإنتاج الصناعي الحديث في الغالب أن الخطأ الذي يكون أصلا لهذا العيب يكون مستحيلا الكشف عنه.  
أما القاعدة الثانية المتعلقة بحراسة الأشياء فقد حضت باهتمام كبير  من الفقه والقضاء، ومرد ذلك يرجع بالدرجة الأولى إلى تعدد وتجدد المشاكل القانونية التي ترتبت على هذا النوع من المسؤولية الموضوعية. وقد نص المشرع المغربي على هذه المسؤولية في الفصل 88 من ق ل ع المغربي والدي ورد فيه " بأن كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر وذلك ما لم يثبت : 1ــ انه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر 2ــ وان الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو لقوة قاهرة أو لخطأ المتضرر."
     وقد اجتهد الفقه في فرنسا مند زمن في تكييف القاعدة القانونية الواردة في المادة 1384/1([1]) في القانون المدني الفرنسي من اجل الإحاطة بالمشكلات القانونية التي تطرحها مسؤولية الصانع من أجل إيصال التعويض الكامل للمنتج. وبدلك قد تم التمييز بين حالتين فالأولى مطالبة الصانع بالتعويض من قبل ( الحارس) المحكوم عليه بالتعويض، و مطالبة الصانع بصفته حارس المنتوج من قبل الغير المتضرر مباشرة.
    إن التطبيق الحرفي للمادة 88 يجعل الصانع يفلت من المسؤولية عن الأضرار التي تحدثها منتجاته الخطرة، وذلك لأن شروط تطبيق المادة المذكورة أن يكون للشخص ( الحارس)  سلطات الحراسة وهي سلطة الاستعمال والتوجيه والرقابة على الشيء. في حين أن هذه الشروط  تفتقد من الصانع مند اللحظة التي يتم فيها بيع المنتوج وتسليمه إلى الحائز، وبالتالي ينجم عن ذلك انه إذا تسبب المنتوج في وقوع الضرر بعد التسليم فإن الصانع لا يملك حق ملكية على المنتوج وليست له بسبب ذلك أي سلطة من سلطات الحراسة وبالتالي لا يمكن أن يعتبر حارسا للشيء. وهذا ما قال به الفقيه هنري مازو " أن الغير المتضرر لا يمكنه مطالبة الصانع طبقا لأحكام المادة 1384/1 لأن هذا الصانع  فقد سلطات الاستعمال والتوجيه والرقابة على الشيء نتيجة عملية البيع ولا يكون حارسا إلا في حالات استثنائية."  

ولذلك برز اتجاهين من الفقه يقولون بضرورة التفرقة بين نوعين من الحراسة، حراسة التكوين الداخلي للشيء la garde de la structure و حراسة استعمال الشيء من جهة أخرى la garde comportement .([2]) فإذا ما نشأ عيب في التكوين الداخلي للشيء فإن عبئ المسؤولية يتحمله الحارس المسؤول عن تكوين الشيء أو صناعته أو تركيبه، وإذا ما نشأ ضرر بسبب الاستعمال فإن الحارس المسؤول عن استعماله  هو الذي يتحمل عبئ المسؤولية قبل المتضرر من هذا المنتوج()[3].
    ويقصد بحراسة التكوين الداخلي للشيء حراسة العناصر الداخلية التي يتركب منها المنتوج وطريقة تصميمه وتكوينه وصناعته بالشكل النهائي، أما حراسة الاستعمال فهي تشغيل المنتوج بعد صناعته وتكوينه أي السيطرة الفعلية عليه أثناء عملية الاستعمال.
  ولإيضاح ذلك أن يبيع التاجر قنينة عصير المشروبات الغازية، فيثبت أن إحدى القنينات التي اشتراها المستهلك تحتوي على شراب فاسد فيتسبب بوفاة المستهلك أو الإضرار به، فهنا التاجر بإمكانه أن يتفحص كل قنينة على حدة فإذا وقع الضرر فإن الحاجة تدعو إلى التفرقة بين حراسة التكوين المتمثلة هنا بالمنتج صاحب مصنع الليمون وبين حراسة الاستعمال المتمثلة في التاجر العادي الذي ليس له سيطرة فعلية على تمنع وقوع مثل هذا الضرر الذي وجد مصدره في مرحلة سابقة.
     أما المثال الثاني مثلا تسليم التاجر للمشتري زجاجة مملوءة بالمرطبات التي تتكون من سوائل غازية، فتنفجر العلبة الزجاجية بين يدي المشتري بمجرد محاولة فتحها، وكان سبب الانفجار يعود إلى عيب في صناعة العلبة أو التعبئة، فهنا تتضح أهمية التفرقة بين الشخص المسؤول عن حراسة التكوين الداخلي للشيء المتمثل في الصانع وبين حراسة استعمال الشيء المسؤول عنها التاجر العادي.
    إن تطبيق هذه النظرية على مسؤولية الصانع كانت لمدة محل نقاش كبير بين الفقهاء من مؤيد لها ومعارض، فهناك من يرى بأن هذه النظرية تثير صعوبات على الصعيد العملي تتعلق بتحديد حارس التكوين هل هو المشتري أم تاجر التقسيط أم تاجر الجملة أو صانع الوعاء أو صانع محتوى الوعاء، إلا أن النقطة الوحيدة المؤكدة هنا هي أن الغير المتضرر يحصل عن التعويض دائما. بينما يرى جانب أخر أن إقرار نظرية تجزئة الحراسة من شأنه أن يقرب بين نظرية المسؤولية عن فعل الأشياء ونظرية العيوب الخفية.  
      أما بالنسبة للقانون المغربي فلقيام المسؤولية المدنية للصانع عن الأشياء الخطرة ففي غياب اجتهادات قضائية في هذا الشأن كما في فرنسا يمكن الاستعانة بالمسؤولية المدنية عن الأشياء، والأخذ بعين الاعتبار الحراسة القانونية على هذا النوع من المنتجات، فنظرية الحراسة القانونية تعني انه يجب في الشخص ليمكن اعتباره حارسا أن تكون له سلطة قانونية على الشيء، يستمدها من حق عيني على هذا الشيء أو من حق شخصي متعلق به. فلكي يكون الشخص حارسا يجب أن تكون له سلطة على الشيء بناء على عقد أو نص في القانون أو أي مصدر أخر من مصادر القانون وقد قال بهذه النظرية كل من هنري مازو والأستاذ جوسران والأستاذ كوريسي. إلى جانب هذا النوع هناك الحراسة المادية وهي التي تمثل العناصر الثلاثة وهي الاستعمال والرقابة والإدارة()[4].
وانطلاقا مم سبق نعتقد انه بالنسبة للمسؤولية المدنية لصانع الأشياء يمكن الانتقال من الحراسة المادية إلى تطبيق الحراسة القانونية في الحالات التي تكون المنتجات خطرة  و تحتاج إلى عناية خاصة، وذلك من اجل الحفاظ على سلامة المستهلك.  بالإضافة إلى الأساس التي تقوم عليه مسؤولية حارس الشيء وهي نظرية تحمل تبعة المخاطر Théorie du Risque التي تعتبر أن الخطأ  ليس شرطا لازما لتحقق هذه المسؤولية في ميدان حراسة الأشياء إذ العبرة بنوعية النشاط الاقتصاد الذي يمارسه الحارس ولدى المنفعة التي يحصل عليها من خلال هذه الأنشطة الاقتصادية فقد اعتبر أنصار هذه النظرية أن الشخص الذي يستفيد من شيء معين يتوجب عليه تحمل تبعات المخاطر التي يتسبب فيها إذ الغرم بالغنم([5]).

المبحث الثاني : مدى مطابقة ما قضى به المجلس الأعلى لما قرره المشرع المغربي بخصوص قيام المسؤولية لصانع الأشياء الخطرة.                                                                                                                

      برجوعنا إلى وقائع النازلة يتبين أن الأمر يتعلق بمسؤولية صانع الأشياء الخطرة، حيث أنه وقع الضرر للمتضررين جراء منتوج معروض في السوق للاستهلاك،وأن هذه المنتجات الخطرة الذي يقدمها الصانع بين يدي المستهلكين تتطلب عناية خاصة وذلك بسبب تركيب الشيء الصناعي وما يحتويه من مواد خطرة الذي يتوقع منها في جميع الأحوال والظروف إحداث ضرر، و بالتالي يبقى الحارس القانوني لقنينة الغاز هو المسؤول عن الأضرار الذي تحدث للمستهلك لاحتوائها على مواد خطرة تحتم على الصانع مداومة استمرار مراقبة القنينة بما لديه من وسائل غير متوفرة لدى المستهلك. وبالتالي فإن الحل القانوني الذي يصلح على هذا المشكل القانوني هو المسؤولية عن حراسة الأشياء التي نضمها المشرع المغربي في الفصل 88 من ق ل ع ، الذي ينص على أن : " كل شخص يسأل عن الضرر الحاصل له من الأشياء التي في حراسته إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر وذلك ما لم يثبت  1) انه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر 2) وأن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة أو لخطأ المتضرر." وبالتالي تكون مسؤولية الصانع  مفترضة حيث لا يتطلب من المضرور إثبات الخطأ في جانب الصانع، إلا انه يمكن دفع هده المسؤولية من قبل هذا الأخير بنفي الخطأ عنه أو بإثباته للسبب الأجنبي المتمثل في القوة القاهرة أو الخطأ الذي يقترفه المضرور أو الغير وهذا ما لم يتم من خلال القرار محل التعليق . وعليه فإن المتضرر الذي طلب التعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء المنتج الذي يعود إلى الصانع ولعيب فيه يكون قد مارس حقا قانونيا خوله له القانون بموجب الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود المغربي. 
   
     وإن المجلس الأعلى في قراره محل تعليقنا لما أقر بمسؤولية الصانع عن الأشياء الخطرة، وذلك استنادا إلى الفصل 88 يكون قد اهتدى للقانون الواجب التطبيق، ورغم ذلك يبقى هذا القرار محل نقاش في بعض النقاط. فلكي يعتبر الحارس مسؤولا هنا يجب النظر إلى الحراسة هل هي مادية أم قانونية ، فإذا اعتبرناها مادية هنا تنتفي مسؤولية المنتج عكس الثانية ، القرار هنا اعتبر الحراسة قانونية ويستشف ذلك من خلال عبارة "إن حراسة قارورات الغاز رغم انتقال الحيازة المادية الى المستهلك تبقى بيدي الصانع". ويلاحظ من خلال الاجتهادات القضائية الصادرة قديما كانت تعين الحارس المسؤول من غير أن تضع له معيار محدد مما جعل البعض يترك تعيين الحارس للظرف الذي يعرض به، إلى أن تقدمت محكمة النقض الفرنسية حكمها الشهير 15/12/1930 بأن الحارس هو الذي تكون له إدارة الشيء وحراسته القانونية، فكانت فيما قالت فيه فرقت بين الحراسة القانونية والمادية.
   ومن خلال تقييم الأستاذ Fabrice Leduc للقرارات الصادرة عن محكمة النقض الفرنسية المتعلقة بالمسؤولية المدنية عن الأشياء من سنة 1985 إلى سنة 1997 لاحظ أن القرارات التي اعتبرت فيها أن المسؤولية بالنسبة للصانع عن الأشياء باعتباره حارسا قانونيا تمثل %  3 من مجموع القرارات، ومن ذلك قرار محكمة النقض الصادر عن الغرفة المدنية بتاريخ 4 نونبر 1987 وذلك عندما اعتبرت شركة بريمغاز هي الحارسة القانونية لقارورات الغاز. وفي نفس الاتجاه  نقض الغرفة الثانية لمحكمة النقض 16 يناير 1991، وان محكمة النقض الفرنسية لا تلجئ إلى التمييز بين الحراسة القانونية والحراسة المادية إلا عندما تثير مسؤولية الصانع لأنه لا يمكن إسناد الحراسة إليهم بوسيلة أخرى خلال التمييز بين المسؤوليتين([6])
   من خلال ما سبق يتضح لنا أن القرار قد تجاوز بعض المقتضيات التي تتعلق بحراسة الأشياء، وهو بدأ يؤسس هنا للحراسة القانونية وأطعمها بمبادئ قانون الاستهلاك ويظهر ذلك من خلال إيراد بعض المصطلحات الواردة في القرار. بالإضافة إلى تأسيسها على نظرية تبعة المخاطر الذي يكون فيها الخطأ ليس بشرط لازم لتحقيق المسؤولية في ميدان حراسة الأشياء إذ العبرة بنوعية النشاط الاقتصادي الذي يمارسه الحارس ولدى المنفعة التي يحصل عليها من خلال تلك الأنشطة ، وهذه من الأمور الحسنة من أجل تمرير التعويض للمتضرر.
   أما بالنسبة فما يخص انتفاء المسؤولية عن حراسة الأشياء ومن بينها خطأ المتضرر، فبما أن الخطأ هنا مفترض فيقع على الصانع دفع المسؤولية وهذا ما قامت به الشركة والتي أدلت بخبرتين والتي تفيدان سلامة القنينة من كل عيب وأن الخطأ يرجع لفعل المتضرر مستعمل القنينة وأن تسرب الغاز يرجع لهذا الخطأ حينما تم تركيب قنينة الغاز، والقرار ذهب يقول أنها تقتضي عناية خاصة بسبب تركيبه الصناعي وما يحتوي عليه من مواد خطرة، وبالتالي منح للمتضرر تعويض كامل. إلا أننا نؤاخذ على هذا القرار في هذه النقطة فكان عليه تشطير المسؤولية بين المدعي والمدعى عليهم، والذي يؤيدنا على هدا الطرح أن القانون الجديد والذي أسس لمسؤولية خاصة للمنتج عمل بمبدأ تشطير المسؤولية في حالة خطأ المتضرر. 

     إن القرار الذي بين أيدينا قد اهتدى للقانون الواجب التطبيق وطبقه على الوجه الموافق لما شرع له والمساير لما هو عليه الفقه والاجتهاد بخصوص هذا الموضوع. حيث نجد ما يعضد هذا المسلك في العمل القضائي المغربي، من ذلك مثلا ما قرره المجلس الأعلى بتاريخ (31/12/1975)  القضية عدد 34166 حيث اعتبر المجلس الأعلى أن المسؤولية عن انفجار قارورات الغاز تقع على عاتق الشركة صاحبة القارورات وليس على عاتق البائع بالجملة أو التقسيط([7])، وهذا الاتجاه القضائي هو الذي توصلت إليه محكمة النقض الفرنسية في القضية المشهورة بالزجاجة المشؤومة التي أودت بحياة أحد الأشخاص فتوصلت محكمة النقض إلى إقرار المتابعة بالنسبة لصانع المشروب الذي كان فاسدا قرار بتاريخ 26/1/1953 . بالإضافة إلى قرار المجلس الأعلى السابق هناك قرار قضائي أخر ذهب في اتجاه مخالف  وهو قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 12 فبراير 2004،  و الذي جاء فيه انه  بإعمال لمقتضيات الفصل 78 من ق ل ع يقتضي من المدعي إثبات خطأ المدعى عليه بكيفية لا تدع للشك من كون هذا الأخير هو السبب المباشر في وقوع الانفجار، وحيث ما استند عليه المستأنف من قول إن القنينة الغازية انفجرت فيه بسبب عيب في صناعتها ينقصه الإثبات، خصوصا وان تقرير الخبرة لم يتوصل إلى ذلك، وبالتالي هذا القرار دفع المسؤولية بسهولة عن الصانع([8]). إلا أن هذا القرار تم الطعن فيه أمام المجلس الأعلى الذي أصدر قرار بتاريخ 31 يناير 2007 القاضي بنقض القرار الإستئنافي، والذي استند بالفصل 3 من م م لأن القاضي يبت طبقا للقانونين ولو لم يطلبه الأطراف، والفصل 88 من ق ل ع وبالتالي كان توجهه مطابق للقرار محل التعليق. وبعد ذلك أحال القضية على محكمة الاستئناف بالرباط  لتبت من جديد في القضية والتي أصدرت قرارها رقم 254 المؤرخ في 30 مارس 2011 والذي جاء فيه أنه حسب الفصل 88 من ق ل ع وهو الإطار القانوني للواقعة وفق ما جاء بنقطة النقض، تبقى مسؤولية الحادث على عاتق حارس الشيء، وهي مسؤولية مفترضة، لا يمكن التحلل منها إلا إذا اثبت أنه فعل ما كان ضروريا لتجنب الضرر ، وهذه المسؤولية تقتضي بذل عناية خاصة في التركيب الصناعي والتعبئة للمادة الخطرة القابلة للاشتعال وهي حالة قنينة الغاز الموضوعة رهن إشارة العموم والمتوقع حدوث الضرر، وهو ما يحتم على الصانع مداومة المراقبة التقنية لمنتجاتها  وبطبيعة الحال تتحمل تبعات صناعية. من هنا نستنتج أن ما الاتجاه التي تسير عليه المحاكم المغربية هو عموما ما قضى به القرار محل التعليق وما ذهبت عليه محكمة الاستئناف بالرباط هو راجع إلى خطأ المحامي الذي استند مطالبه على الفصل 78 واعتقد انه لو استند على الفصل 88 من البداية لكانت النتيجة مخالفة.  
       غير أن القرار محل تعليقنا وإن جاء باجتهاد جديد حيث قلما نجد مثله، فإنه لا يرقى إلى مصاف القرارات المبدئية المكرسة للمبادئ القانونية ويظهر ذلك من خلال التصميم المعتمد في القرار من حيث التأشيرة وحيثية التأويل التي لم تشتمل على الجمل التي تعرف بها القرارات المبدئية، فظل بدلك قرارا عاديا. إلا انه سبق للمجلس الأعلى أن اصدر قرارات مماثلة والأمثلة سبق ذكرها، وبالتالي يمكن السير على هذا النهج من قبل محاكم الموضوع في القضايا التي تشتمل على وقائع مماثلة ، وتجدر الإشارة إلى انه بصدور القانون الجديد الخاص بمسؤولية المنتج 09-24  يمكن تأسيس الدعوى على هذا القانون إلا انه يمكن لمحاكم الموضوع الأخذ بهذا القرار في حالة عدم تحقق شروط دلك القانون استنادا على المادة 106-14 والتي تحيل على القواعد العامة.  


[1]- l'article 1384 du code civil qui pose que l"On est responsable non seulement du dommage que l'on cause de son propre fait, mais encore du dommage qui résulte du fait des personnes ou des choses que l'on a sous sa garde".
[2] -  la jurisprudence s'autorise depuis un arrêt "Oxygène Liquide" du 5/1/1956 une distinction, pour les choses dangereuses ayant un dynamisme propre, entre la structure de la chose et le comportement de la chose. Intérêt : il peut y avoir deux gardiens en même temps, mais sur des domaines différents...
ـ سالم محمد رديعان العزاوي، مسؤولية المنتج في القوانين المدنية والاتفاقيات الدولية، الطبعة الأولى 2009، دار الثقافة، ص ى179,[3]
[4] ـ إياد عبد الجبار ملوكي، المسؤولية عن الأشياء وتطبيقها على الأشخاص المعنوية بوجه خاص دراسة مقارنة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2009، ص 119.
ـ عبد القادر العرعاري،مصادر الالتزام الكتاب الثاني المسؤولية المدنية، الطبعة الثانية 2011، دار الأمان الرباط، ص 200..[5]
[6] - Fabrice Leduc. La responsabilité du fait des choses. Economica 1997. p 46 et 47.
ـ قرار أورده الدكتور عبد القادر العرعاري، مرجع سابق،ص 184.[7]
ـ قرار محكمة الإستئناف بالرباط رقم 42 الصادر بتاريخ 12 فبراير 2004 منشور بقضاء نحكمة الاستئناف بالرباط في ظل المبادئ الحديثة المعتمدة من طرف المجلس الأعلى العدد 1، السنة 2011. [8]
اقرأ المزيد

جنحة إساءة استعمال أموال الشركة أية فعالية في حماية أموال الشركة من التلاعب

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جنحة إساءة استعمال أموال الشركة :
أية فعالية في حماية أموال الشركة من التلاعب 


                                                                                   هشام الأعرج
                                                                                   باحث في منازعات الأعمال
هشام الأعرج
حفاظا على الذمة المالية للشركة من أي استغلال يمكن أن تتعرض له من طرف أجهزة التسيير، فقد أقر المشرع المغربي جنحة إساءة استعمال أموال الشركة، بحيث تقوم في مواجهة الأجهزة المكلفة بالتسيير الذين استعملوا عن سوء نية أموال الشركة أو اعتماداتها استعمالا يعلمون أنه ضد مصلحتها الاقتصادية.
   إن جنحة إساءة استعمال أموال الشركة تعود أصولها في فرنسا لسنة 1935 بموجب مرسوم 8 غشت 1935، وقد حافظ عليها في قانون 24 يوليوز 1966.
    والمشرع المغربي فضل السير على النهج الفرنسي بتبنيه لجنحة إساءة استعمال أموال الشركة في قوانين الشركات، سواء بالنسبة لقانون شركة المساهمة 95-17 أو قانون باقي الشركات 96-5، وذلك أمام قصور جريمتي خيانة الأمانة والنصب والاحتيال المنصوص عليهما في القانون الجنائي(1)، واللتان كانتا تمثلان السلاح الوحيد لمواجهة التلاعب بمالية الشركة (2).
  ولتحقق هذه الجنحة لا بد من القيام بالعناصر المكونة لمفهوم إساءة استعمال أموال الشركة ( المبحث الأول )، ولمزيد من الحماية نجد المشرع المغربي قد نص على بعض تطبيقات إساءة استعمال أموال الشركة في قانون الشركات ( المبحث الثاني ).

   المبحث الأول: الأركان المكونة لجريمة إساءة استعمال أموال الشركة

   يلاحظ من خلال المواد 384 من قانون 95-17 و 107 من قانون 96-6، أن أركان جريمة إساءة استعمال أموال الشركة كباقي الجرائم الأخرى تتفرع إلى ركنين، الركن المادي ( المطلب الأول )، والركن المعنوي ( المطلب الثاني ).

 المطلب الأولى : الركن المادي

 باستقراء المواد المتعلقة بإساءة استعمال أموال الشركة،  يتبين لنا أن المشرع المغربي قد استعمل ألفاظا يشوبها الغموض وعدم الوضوح ضاربا بذلك بأحد أركان الشرعية الجنائية. غير أن هذا الأمر مقصود لتحقيق مرونة تشريعية تستهدف الردع الفعال لأي شكل من أشكال الانحراف المالي خاصة في ما لا تنطبق عليه النصوص التقليدية في جرائم الأموال. وتتعلق هذه المرونة التشريعية سواء بماديات الجريمة، وهي كما يظهر من النصوص عنصرين أولهما استعمال أموال وائتمان الشركة ( أولا ) وثانيها تعارض هذا الاستعمال مع مصلحة الشركة ( ثانيا ).
 أولا : عنصر الاستعمال

 إذا كان من الطبيعي أن يستعمل مسيرو الشركة أموالها أو اعتماداتها، وأن يمارسوا سلطاتهم في مهمة التسيير الإداري، إلا أن ذلك مشروط باحترام الغاية القانونية التي من أجلها منحوا وظيفة التسيير.
  غير أن بعض المسيرين لا يفرقون بين ذمتهم المالية الشخصية، وذمة الشركة التي يسيرونها، وهكذا فإنهم يتعاملون مع أموال الشركة ويستعملونها، كما لو أن الأمر يتعلق بأموالهم لقضاء مصالحهم الشخصية.
   ويثير مصطلح الاستعمال الذي استخدمه المشرع إشكالين، يتعلق الأول بمفهوم المصطلح في حد ذاته ( أولا )، ويتعلق الثاني بطبيعة المال الذي يكون محلا لهذا الاستعمال ( ثانيا ).
      1) مفهوم الاستعمال 
 لم يقم المشرع بإعطاء تعريف محدد لمفهوم الاستعمال(3)، وبذلك فقد تعمد أن يترك ذلك للقضاء والفقه لكي يتبنى منظورا واسعا و شموليا لكل التصرفات غير المشروعة(4).
     ومع هذا الصمت التشريعي هناك حركة دؤوبة لدى القضاء الفرنسي، بحيث أن الغرفة الجنائية لمحكمة النقض لم تستقر على قرار معين أو مفهوم محدد، فتارة تعتد بالاستعمال غير المشروع لأموال الشركة للقول بقيام جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، وتارة أخرى تتراجع عن هذا الموقف للقول بأن الهدف غير المشروع غير كفيل للقول بتعارضه مع مصلحة الشركة(5).
    و يعرف مصطلح الاستعمال بأنه" القيام باستخدام شيء ما"(6)، و هذا يعني استخدام مال مملوك للشركة بطريقة تخالف مصلحتها من أجل تلبية أغراض شخصية بحتة(7). وأيضا عرف بعض الباحثين مصطلح الاستعمال بأنه كل تصرف يقع على أموال الشركة، حيث يكفي أن يقوم المتصرف باستعمال عنصر من عناصر الذمة المالية للشركة لتحقيق غرض شخصي(8).
    ومما لا شك فيه أن اختيار المشرع المغربي لهذا المصطلح يعود لكونه له مفهوم واسع جدا، بحيث يمكن أن يشمل جميع أوجه الاستعمال(9)، بل إن مصطلح الاستعمال بحد ذاته يكفي ليشكل عنصرا ماديا، دون أن يصاحبه أي نية تملك، وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها ذهبت فيه إلى أن مجرد الاستعمال البسيط لأموال الشركة كاف لتحقيق الجريمة، بغض النظر عن نية تملك هذه الأموال10).
    إنّ الاستعمال الذي يقصده المشرع هو "الاستخدام" و لو بطريقة مؤقتة بنية الإرجاع، فيعتبر استعمالا الاستفادة من قروض، تسبيقات، سيارات، عتاد أو حتى موظَّفي الشركة بدون حق، واختلاس ممتلكات الشركة.
    و ليس من اللازم أن يأخذ الفعل في الاستعمال شكل تبديد أو اختلاس والذي يمثل العنصر المادي بالنسبة لخيانة الأمانة(11).
  إذا كان لمصطلح الاستعمال مفهوم واسع، بحيث يمكن أن يشمل جميع سلوكات المسيرين أثناء قيامهم بأعمال التسيير والإدارة، فهل الامتناع الذي يلحق ضررا بمصلحة الشركة يمكن أن يتحقق معه الاستعمال ؟.
  فبالنسبة للفقه فقد انقسم إلى اتجاهين مختلفين، فالبعض وهو الاتجاه الغالب، يعتبر أن السلوك السلبي أو الامتناع غير كاف ليكون استعمالا، لكون هذا المصطلح يتطلب فعلا ايجابيا، وهذا الامتناع يمكن أن يكون محل عقاب في نطاق جريمة إساءة استغلال السلط والأصوات(12). واتجاه فقهي(13) أخر يذهب إلى أنه بالامتناع تقوم الجنحة، معتبرا التقاعس عن اتخاذ قرار معين لصالح الشركة كافيا لقيام الجريمة.
   أمام هذا الاختلاف لا يسعنا إلا أن نؤيد الاتجاه الأول، فالسلوك الإجرامي يجب أن يتخذ صورة ايجابية، أما إذا انحصر ذلك في الامتناع، فالعقاب يكون بموجب جريمة إساءة استعمال السلط، بالإضافة إلى عائق آخر وهو المبدأ السائد في القانون الجنائي، والمتمثل في أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فلو أراد المشرع العقاب على الامتناع كسلوك سلبي تتحقق به الجريمة، لنص صراحة على ذلك.
 أما بالنسبة للقضاء الفرنسي، فمحكمة النقض قد اعتبرت أن عدم مطالبة المسير بدين للشركة التي يديرها من شركة أخرى له بها مصالح يشكل جنحة إساءة استعمال أموال الشركة(14). إلا أنها تراجعت عن هذا الموقف، إذ أكدت في أحد قراراتها اللاحقة بأن مجرد الإهمال أو الامتناع لا يمكن أن يشكل استعمالا(15). لكنه عاد مرة أخرى للاعتماد على أن الامتناع يشكل جنحة إساءة استعمال أموال الشركة، من خلال قراره الصادر بتاريخ 28 يناير 2004(16).

   2) مضمون الاستعمال
    تعتبر جنحة إساءة استعمال أموال الشركة الأكثر شيوعا من الناحية العملية، مقارنة مع جرائم التسيير الأخرى التي نصت عليها قوانين الشركات التجارية، والتي تختلف عنها من ناحية محل الاستعمال. وبذلك فالسؤال الذي يطرح هنا يتعلق بمعرفة طبيعة هذا المحل وهو المال.
   إذا كان المال بالمفهوم المدني هو كل الأشياء التي يصح امتلاكها، فإن هذا المعنى قد ازداد توسعا في مجال قانون الأعمال، حيث أصبح في سياق جنحة إساءة استعمال أموال الشركة، يفيد جميع الأموال التي هي في حوزة الشركة، سواء كانت منقولات أو عقارات مادية أو معنوية، كبراءة الاختراع أو العلامة التجارية وغيرها من الحقوق التي تتألف منها الذمة المالية للشركة(17).
   في كل الأحوال فإن الأموال يقصد بها كل القيم المملوكة للشركة([18]) والتي تشكل أصولها، وبعبارة أخرى فهي مجموع الأموال المنقولة والعقارية المسجلة أو غير المسجلة في الوثائق المحاسبية، مثل المنقولات والبضائع المحتفظ بها بمخازن الشركة، والديون التي تتصرف فيها، وكدا جميع العقارات من عمارات وأراض وغيرها مما يدخل في ممتلكات الشركة أو ما تحوزه بشكل من الأشكال(19).
    ولقد ثار خلاف في فرنسا حول مدى اعتبار الزبائن محلا للاستعمال التعسفي لأموال الشركة، ولقد اعتبر القضاء الفرنسي من خلال قضية  DOUAI بتاريخ 1 يونيو 1993 أن المسير الذي حول الزبون الرئيسي للشركة التي يرأسها إلى شركة أخرى بهدف الاستمرار في نشاط الشركة الأولى التي كانت على وشك إعلان إفلاسها يعتبر متعسفا في استعمال أموال الشركة.
  وتدخل الأشياء المستأجرة في المفهوم الواسع للأموال في جنحة إساءة استعمال أموال الشركة، باعتبار أن هذه الأشياء قد تم استئجارها بأموال الشركة.                         

  ثانيا : تعارض الاستعمال مع المصلحة الاقتصادية للشركة

 إن الغاية من وراء إنشاء الشركة هو تحقيق مجموعة من المصالح، ولعل أهم هاته المصالح، مصلحة الشركة نفسها(20). هاته المصلحة التي لم يتوصل الفقه والقضاء إلى وضع مفهوم موحد ودقيق لها، ولذلك فإن ضبط هذا المفهوم يبقى من المهام الصعبة، فمصلحة الشركة من المفاهيم التي يصعب وضع تعريف لها(21).
   وأمام غياب أي تعريف لمفهوم المصلحة الاقتصادية أو الاجتماعية، سواء من قبل المشرع المغربي أو نظيره الفرنسي، توصل الفقه إلى نظريتين بهذا الشأن، فاتجاه أخد بالنظرية التعاقدية واتجاه آخر أخد بالنظرية النظامية.                                  

  1) النظرية التعاقدية
    يستند القائلون بالنظرية التعاقدية Théorie contractuelle، وعلى رأسهم البروفسور Schmidt، على المادة 1348 من القانون المدني الفرنسي، والتي تقابلها المادة 1007 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، والتي جاء فيها: "يلتزم كل شريك بأن يقدم الحساب في نفس الحدود التي يلتزم الوكيل بتقديمه فيها:
    أولاـ ...
    ثانياـ عن كل ما تسلمه من أجل الصالح المشترك، أو بمناسبة العمليات التي هي موضوع
         الشركة.
 وكل شرط من شأنه أن يعفي شريك من واجب تقديم الحساب يكون عديم الأثر".
   يتضح من هذا الفصل أنه يجب على الشركاء سواء كانوا مسيرين أم لا، أن يتصرفوا داخل نطاق غرض الشركة(22)، وأن تنفد تصرفاتهم بحسن نية وبدون غش.
  وتبعا لهذه النظرية فإن مصلحة الشركة لا تعني شيء أخر غير مصلحة الشركاء، باعتبار أن الشركة هي ملك وثروة لمجموع هؤلاء الشركاء، ولا تؤسس إلا من أجل إرضاء مصالحهم المتمثلة في اقتسام الأرباح(23). فالشركاء والمساهمون لهم ذات الرغبات داخل الشركة ولا يمكن أن يتجلى ذلك إلا بالتمثيل الإجمالي لهذه الرغبات، ويقع تحديد المصلحة المشتركة للشركاء والمساهمين على عاتق الطائفة التي تحوز الأغلبية من بينهم، نظرا لما لهم من تأثير داخل الشركة.
   ويستند الفقه المؤيد لهذا الاتجاه على أن المشرع الفرنسي في المادة 1833 قد عبر عن على أن كل شركة يجب أن يكون لها محل مشروع وأن يستهدف تحقيق المصلحة المشتركة للشركاء. وقد تكرر نفس المعنى من خلال المادة  1832 من القانون المدني الفرنسي حينما أكدت على أن هدف الشركة ما هو إلا اقتسام الأرباح التي تنشأ عن التجميع المشترك لأموال الشركة. هذه النصوص تؤكد على مجموع المصالح التي تربط الشركاء والتركيز على أن الشركة إنما تكونت بهدف إشباع مصالح الشركاء والمساهمين والتي تتركز على اقتسام الأرباح الناشئة. وقد أخذ بذلك القضاء في حكم Fruehauf   والذي قالت فيه محكمة استئناف باريس على أن قاضى الأمور المستعجلة كان يجب أن يستوحي مصلحة الشركة من خلال المصالح الشخصية لبعض الشركاء والذين يكونون الأغلبية(24).
   إلا أننا لا نميل إلى هذا الاتجاه، فالمفهوم العقدي للشركة المعتمد على المصلحة المشتركة للشركاء، وإن كان يصلح في مجال شركات الأشخاص حيث يوجد شركاء متضامنون، فإنه لا يجد له مجالا في شركات الأموال، بحيث يسود شركاء حائزين لحصص مالية مجزأة على أسهم وسندات كما هو الحال في شركة المساهمة وشركة ذات المسؤولية المحدودة.
   2 ) النظرية النظامية
  يعتبر الفقيه Paillusseau(25) من أنصار هذه النظرية، والتي تعتبر أن المصلحة المشتركة هي مصلحة الشخص المعنوي، وبالتالي لا يدخل في نطاقها مصلحة الشركاء فقط، وإنما مصلحة الدائنين والأجراء والموردين والزبناء، بل وحتى مصلحة الدولة.
  إن الشركة وفق هذه النظرية تصبح شخصا معنويا متميزا عن أشخاص الشركاء، بحيث يتدخل المشرع في تنظيمها بقواعد قانونية، تهدف في نهاية المطاف إلى حماية هذا الشخص المعنوي، وهو ما يقلص هامش الإرادة.
  وبذلك أصبحت الشركة هيكلا حقيقيا، وتنظيما لاستقبال مختلف المشاريع الاقتصادية والتجارية وبتالي مركزا للعديد من المصالح(26). بحيث لم تعد مصلحة الشركة هي مصلحة الشركاء وإنما امتد نطاقها ليشمل أشخاصا آخرين.
   إلا أننا نذهب في اتجاه مخالف للنظريتين السابقتين، ونميل للتصور المختلط الذي سار عليه المشرع البلجيكي، فهو تارة يعطي مصلحة الشركاء وتارة أخرى مصلحة المؤسسة، وأساس ذلك أن الشركاء هم من أنشأوا الشركة، وأيضا مصلحة الشركة هي مصلحة الشخص المعنوي في حد ذاته وهي متميزة عن مصلحة الشركاء، وأن جنحة إساءة استعمال أموال الشركة لا ترمي فقط إلى حماية الشركاء، وإنما أيضا حماية الذمة المالية ومصالح الغير المتعاقدين معها.
   وبالرجوع إلى النصوص التشريعية في قانون الشركات سواء م 384 من قانون شركة المساهمة أو المادة 107 من قانون باقي الشركات التجارية، نستنتج أن المشرع المغربي لم يسلك المسار الذي سلكه نظيره الفرنسي، فقد استعمل مصطلح المصلحة الاقتصادية، خلافا للمشرع الفرنسي الذي استعمل مصطلح المصلحة الاجتماعية(27).
   فبالنسبة للمصلحة الاجتماعية فهي أوسع وأشمل من المصلحة الاقتصادية، لأنها تغطي الجانب المالي للشركة وسمعتها وقدرتها على استيعاب أكبر عدد من الأجراء، بالإضافة إلى مصلحة الدولة المتمثل في الاستفادة من الضرائب المفروضة على الشركات التجارية(28).
   والسبب في تفضيل المشرع المغربي لمصطلح المصلحة الاقتصادية، رغبته في تفادي الجدل الذي عرف في فرنسا، وأيضا لأن جنحة إساءة استعمال أموال الشركة لا تزال مجهولة في أوساط مسيري الشركات المغربية وكذا القضاء المغربي(29).  

   المطلب الثاني : الركن المعنوي

   لتحقق جنحة إساءة استعمال أموال الشركة، يتطلب المشرع توافر ركن معنوي بالإضافة إلى الركن المادي، ويظهر ذلك من خلال المادة 348 من قانون 95-17 و المادة 107 من قانون 96-5، وذلك أن المشرع أورد في هذين الفصلين عبارات تدل على وجود عنصر القصد لدى مرتكب هذه الجريمة، " الذين استعملوا بسوء نية " و " استعمالا يعلمون تعارضه مع المصلحة الاقتصادية..." وأيضا " بغية تحقيق أغراض شخصية..."
   نستنتج من خلال العبارات السابقة، أن المشرع المغربي تعمد استعمال هذه العبارات، لأنها تدل على ضرورة توفر القصد الجنائي لدى الفاعل، فمن هذه المصطلحات ما يدل على القصد العام ( أولا ) ومنها ما يدل على القصد الخاص ( ثانيا ).
    أولا : القصد الجنائي العام
     إن إساءة استعمال أموال الشركة جريمة عمدية، وهذا ما يظهر من نصوص قانون الشركات التجارية، ويتحقق القصد العام من خلال عنصرين، حيث يتجلى الأول في توفر سوء النية لدى الفاعل، ثم إرادة ارتكاب الواقعة الإجرامية.
1)   توفر سوء النية لدى الفاعل
    فمقتضى هذا العنصر الأول أن يكون المسير مدركا بكون الفعل الذي يأتيه يتعارض مع مصالح الشركة ومن شأنه تعريضها لخطر لا موجب له(30).
   النصوص القانونية تتطلب من جهة توفر سوء نية لدى الفاعل، ومن جهة أخرى معرفة أن التصرف متعارض مع مصلحة الشركة، لكن من الصعب التمييز بين العلم بتعارض الفعل مع مصلحة الشركة وسوء النية(31).
   إن المسير الذي لا يعلم بأن تصرفه يتعارض مع مصلحة الشركة لا يكون سيء النية، وعلى العكس من ذلك فالمسير سيء النية بإنجازه للتصرف يكون على علم أن تصرفه يتعارض مع مصلحة الشركة.
   إلا أنه من غير المألوف أن يتم الإشارة إلى العنصرين معا في القرارات القضائية لمحكمة النقض الفرنسية، لأنها تشير فقط إلى عنصر سوء النية، ولكنها لا تميز إلا ناذرا ما بين العلم بالتعارض مع مصلحة الشركة وسوء النية.
فمن بين القرارات التي وجدناها تشير إلى العنصرين معا قرار محكمة النقض 26 يوليوز 1971، والذي جاء فيه أن عنصر سوء النية يتحقق عند قيام المسير بتصرفات ويكون على علم بأنها تتعارض مع مصلحة الشركة(32).
   و في أحيان أخرى محكمة النقض تحتفظ فقط بعلم المسير بالتصرف المتعارض لمصلحة الشركة(33)، إلا أنها في حالات كثيرة تنص على توفر سوء النية فقط(34).
  ونعتقد أن المنطق القانوني يقضي بدراسة عناصر كل حالة على حدة، فالوقوف على عنصر دون الأخر يتعارض مع ما يتطلبه المشرع من القاضي، بضرورة دراسة القضية والإحاطة بكل جوانبها القانونية.

     2) توفر إرادة ارتكاب الواقعة الإجرامية
  يتمثل هذا العنصر في استهداف الجاني بسلوكه الواقعة الإجرامية، والتي تستدعي ضرورة توفر الإرادة الواعية لديه وأن استعماله لأموال الشركة يتعارض مع مصالحها، من هنا كان مجرد الإهمال أو الخطأ في التسيير لا يدخل في تكوين الركن المعنوي للجريمة.
     إلا أنه يبدوا أن ارتكاب الفعل عن طريق الإهمال يبدو غير متصور من الناحية الواقعية، إذ كيف يمكن أن يقترن الإهمال بعلم المسير أن هناك تعارضا مع مصلحة الشركة، فهذا السلوك غالبا ما يرتكب عن بينة واختيار وليس عن مجرد الإهمال(35).
   والسؤال الذي يطرح هنا على من يقع عبئ الإثبات؟.
    يعود على النيابة العامة إثبات هذا القصد، على غرار جريمة خيانة الأمانة، بإحضار الدليل على اجتماع عناصر الجريمة حتى تتم المحاكمة، إلا أن صعوبة إثبات العنصر المعنوي للجريمة، جعل القضاء يعتبره شيئا مفترضا، وهذا راجع للرابطة الوثيقة التي توجد ما بين العنصر المادي والعنصر المعنوي(36).

  ثانيا : القصد الجنائي الخاص
    القصد الخاص هو الباعث الذي يدفع الجاني إلى ارتكاب الفعل، ويتمثل في جنحة إساءة استعمال أموال الشركة، في السعي إلى تحقيق أغراض شخصية أو تفضيل شركة أو مقاولة له بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة.
   ومما لا شك فيه أن تقرير المشرع لهذه الجنحة يؤشر على تطلب القصد الجنائي الخاص بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، الأمر الذي يحصر هذه الجنحة في نطاق ضيق، حيث يمكن للقاضي الكشف عن الباعث المحرك على الفعل وتعزيز وجود القصد العام(37).
  فالمصلحة الشخصية هي شرط لتحقق جنحة إساءة استعمال أموال الشركة، على عكس جريمة خيانة الأمانة، التي لا تشترط تحقق المصلحة الشخصية لمرتكب الفعل(38).
    والقانون لا يقتصر على معاقبة الأساليب المتبعة من المسير في استعمال أموال الشركة لتحقيق هدف شخصي فقط، بل يتعدى ذلك للأفعال الأكثر تعقيدا، وذلك بالاختباء وراء الوسطاء حتى تحجب المصلحة الشخصية.
  إن مفهوم المصلحة الشخصية واسع جدا، وعليه يبقى تقديره متروكا للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع حسب الحالات المعروضة.
   وحسب الاجتهاد القضائي الفرنسي فإن مصلحة المسير تتسم بالصفة الشخصية، إذا حققت له نفعا ذاتيا، سواء أكان ذلك من طبيعة مادية، والتي يمكن أن تتمثل في تحويل مكافآت مغالى فيها لحسابه(39)، واستيلائه على المبالغ المحصل عليها من خلال بيع ممتلكات الشركة(40])، أو من طبيعة معنوية، والتي غالبا ما تؤخذ بطريقة واسعة والتي تجلت في العديد من أحكام محكمة النقض الفرنسية(41)، ومن ذلك مثلا حماية سمعة العائلة(42)، أو تحقيق مصالح انتخابية(43).
  إن إثبات وجود المصلحة الشخصية يقع على عاتق النيابة العامة، إلا أن هناك حالات تسقط فيها المحكمة عنها عبئ ذلك الإثبات، كوجود أدلة مثلا عن اختلاس أموال دون علم مصيرها النهائي، حيث تلزم المحكمة المسير بإثبات غياب المصلحة الشخصية، فضلا عن أن القضاء الفرنسي قد أقام قرينة على وجود المصلحة الشخصية، في حالتين هما حالة العمليات الخفية، وحالة الأفعال غير المبررة بطريقة كافية(44).                     

المبحث الثاني: تطبيقات إساءة استعمال أموال الشركة في قانون الشركات

  من أهم تطبيقات إساءة استعمال أموال الشركة، والتي نظمها المشرع المغربي في قانون الشركات، مسألة الاتفاقات المالية بين المسيرين والشركة.
   فإبرام مثل هذه الاتفاقات أمر شائع منذ زمن بعيد في الولايات المتحدة وبريطانيا، وكذلك سار الأمر مألوفا منذ فترة في فرنسا وفي الدول المتأثرة بالقانون المدني الفرنسي، حيث كثيرا ما يبرم المساهمون اتفاقات تسمى pactes d’actionnaires يتضمنونها مختلف الأحكام التي ترعى علاقتهم45). (
  و قد جعل المشرع المغربي الأصل في الاتفاقات المالية بين المسير والشركة المنع تحت طائلة البطلان إذا كان المسير شخصا طبيعيا، وفي الحالة التي يكون فيها المسير شخصا معنويا تخضع هذه الاتفاقات لمسطرة الترخيص المسبق.
  وللإحاطة بذلك، قسمنا هذا المطلب إلى فقرتين، سنتولى في الأولى دراسة الأشخاص المعنيون بالمنع ( المطلب الأول ) ثم الاتفاقات المعنية بالمنع في ( المطلب الثاني ).      

المطلب الأول :  الأشخاص المعنيون بالمنع

  يمنع على المتصرفين غير الأشخاص المعنوية إبرام اتفاقات مالية مع الشركة التي يسيرونها، كما يطبق هذا المنع على أزواج المسيرين وأصولهم وفروعهم إلى الدرجة الثانية بإدخال الغاية وعلى كل شخص وسيط.(46)
   فيسري هذا المنع حسب المادة 62 و 100 ق ش م على أعضاء مجلس الإدارة والمدير العام بالنسبة لشركة المساهمة ذات المجلس الإداري التقليدي، وأعضاء مجلس الإدارة الجماعية وأعضاء مجلس الرقابة بالنسبة لشركة المساهمة ذات المجلس الإداري العصري.
   وبخصوص شركة التوصية بالأسهم، فقد أحالت المادة 38 من قانون 96-5 المتعلق بباقي الشركات التجارية، على المقتضيات المتعلقة بشركة المساهمة، وقد منعت الفقرة الرابعة من نفس المادة المسيرين الأشخاص الطبيعيين أو الممثلين الدائمين للأشخاص المعنوية من إبرام الاتفاقات المالية.
  وقد عالج المشرع بطريقة مختلفة الاتفاقات المالية في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، ذلك أن المسير فيها يكون دائما شخصا طبيعيا طبقا لمقتضيات المادة 62 من قانون الشركات التجارية، بالإضافة إلى أنها لا يمكن لها أن تمارس نشاطا بنكيا أو ماليا حتى يتسنى لها أن تنفلت من المنع، وهذا ما تؤكده مقتضيات المادة 44 من قانون الشركات التجارية.(47)
   ولم يضع المشرع المغربي وكذا الفرنسي أي منع بخصوص الاتفاقات المالية بين المسير والشركة بخصوص شركة التضامن (م 6 ق الشركات التجارية) إذ يمكن للمسير سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا أن يبرم ما شاء من الاتفاقات المالية مع الشركة التي يتولى إدارتها، والقيد الوحيد الذي وضعه المشرع هو الحصول على ترخيص مسبق من الشركة، مع احترام مصلحة الشركة وغرضها الاجتماعي(48).  
   وينطبق على شركة التوصية بالأسهم ما قلناه على شركة التضامن، على اثر الإحالة المنصوص عليها في ( م 21 ق الشركات التجارية )، لكن مع اعتبار القواعد القانونية الخاصة بهذه الشركة، ومن بينها مثلا أنه يمنع على الشريك الموصي القيام بأي عمل تسيير ملزم للشركة تجاه الأغيار ولو بناء على توكيل، وفي حالة مخالفة ذلك يسأل بالتضامن مع الشركاء المتضامنين عن ديون والتزامات الشركة المترتبة عن الأعمال الممنوعة(49).
   والغاية من منع المسير من إبرام الاتفاقات المالية مع الشركة التي يتولى إدارتها، كونه الممثل القانوني لها، وبالتالي فهو الذي سيبرم الاتفاق، في نفس الوقت نيابة عن الشركة وأصالة عن نفسه(50)، مما قد يؤدي إلى ترجيح مصلحته الشخصية على مصلحة الشركة.
  كما أن المشرع خشي أن يعمد المسير إلى الحصول على قروض أو كفالات من الشركة بشروط مجحفة، فيما يخص الضمانات أو آجال الأداء أو الفوائد، إذ لو كان للمسير ما يلزم من ضمانات للجأ إلى الأبناك من أجل الحصول على هذه الائتمانات (51)، وبذلك فإن نصوص الشركات التجارية تمنع الاقتراض من الشركة.
   كما أن المشرع يرمي من وراء ذلك إلى دفع الشركة إلى استغلال كل أموالها في حدود غرضها الاجتماعي، وليس في عمليات قد تشكل خطرا عليها. وتندرج هذه المقتضيات في إطار سعي المشرع إلى تطهير العلاقات المالية للشركة من الاستغلالات التعسفية(52)، وترسيخ مبدأ فصل الذمة المالية بين المسير والشركة(53)، والتحول من المقاولة العائلية إلى المقاولة الرأسمالية.

المطلب الثاني : الاتفاقات المعنية بالمنع

 يمنع القانون على المتصرفين والمديرين العامين وكذا أعضاء مجلس الإدارة الجماعية أو أعضاء مجلس الرقابة الاقتراض بأي شكل من الأشكال من الشركة مهما كان شكل هذه القروض، كما يمنع عليهم العمل على أن تمنح لهم الشركة تغطية في الحساب الجاري أو أن يجعلوا الشركة تضمن أو تكفل التزاماتهم تجاه الغير ( م  62 و100 ق ش م ).
   ويتعلق الأمر هنا بالاتفاقات المتعلقة بإقدام المسير على الاقتراض من الشركة أو حصوله على تغطية في الحساب المفتوح باسمه لديها، وهو ما سنلخصه في اعتمادات الخزينة ( أولا ) أو منح الشركة لكفالتها وضمانها للالتزامات المسير، أي ما يخص اعتمادات التوقيع ( ثانيا ). 

      أولا : اعتمادات الخزينة

  حسب المواد (62 و100 ق ش م) و (66 و 38 ق الشركات التجارية) التي تنظم المقتضيات المتعلقة بالاتفاقات المالية بين الشركة والمسير، فإنه يمنع على المسيرين الاقتراض بأي شكل من الأشكال من الشركة أو العمل على أن تمنح لهم الشركة تغطية في الحساب الجاري أو بأي طريقة أخرى.
    ففيما يخص القروض، نجد أن المادتين السالفتين لا تقيمان أي تمييز بين أنواع هاته القروض، بحيث هي تمنع" الاقتراض بأي شكل من الأشكال من الشركة..."، الأمر الذي يدفع إلى القول بأن نطاق تطبيق مبدأ المنع يمتد ليشمل كافة القروض بما فيها تلك المنصبة على النقود والمنقولات(54)، وسواء جاءت في شكل قروض الاستهلاك أو قروض عارية الاستعمال(55).
     وبالنسبة للتسبيقات في الحساب الجاري، فيمنع على المسير أن يعمل كذلك على أن تمنح له الشركة تغطية في الحساب الجاري، أي أن تلتزم الشركة بوضع وسائل للأداء تحت تصرفه في حدود مبلغ معين من النقود، وهذا ما يرادف مصطلح فتح الاعتماد في إطار العقود البنكية ( م 524 م ت)56.
      وهذا المنع يشمل مختلف صور فتح الاعتماد، سواء اتخذ صورة تسهيلات الصندوق أو تسبيقات في الحساب الجاري(57).

   ثانيا : اعتمادات التوقيع
   من بين الاتفاقات المالية التي منع المشرع المسير من إبرامها مع الشركة التي يتولى إدارتها، نجد الكفالات والضمانات الاحتياطية.
   فيعتبر خطرا على الشركة أن تضمن تنفيذ التزام أحد مسيريها تجاه الغير، وذلك نظرا لما يترتب عن ذلك من إجبارها على تنفيذ ذلك الالتزام إزاء الغير في حالة تخلفه أو عجزه عن الأداء، مما من شأنه أن يضر بمصالح الشركة وحقوق الشركاء، لهذه الاعتبارات نص المشرع بموجب المادة 62 و 100 من ق ش م على منع المسيرين من العمل على الحصول على كفالة الشركة وضمانها لالتزاماتهم إزاء الأغيار وذلك تحت طائلة بطلان العقد(58)، وهذا ما جاء في أحد أحكام المحكمة التجارية بالدار البيضاء (59).
      وعلى الرغم من الفرق الاصطلاحي بين الكفالة والضمان الاحتياطي، حيث نجد هذا الأخير خاصا بالأوراق التجارية، فإن الآثار التي تترتب عنها واحدة.
      فإذا كانت الكفالة حسب ( م 1117 ق ل ع ) " عقد بمقتضاه يلتزم الكفيل بأداء التزام المدين، إذا لم يؤديه هذا الأخير نفسه "، فإن نفس المعنى يؤديه الضمان الاحتياطي، إلا أنه خاص بالأوراق التجارية، وبالتالي يمكن القول أن الضمان الاحتياطي شكل خاص من أشكال الكفالة.
     وتجدر الإشارة إلى أن ضمان المسير قبل الشركة يسري حتى على الالتزامات التي أنشئت في الخارج، إلا أن المنع خاص على ضمان المسير تجاه الأغيار وليس ضمان الأغيار تجاه المسير من قبل الشركة (60).
   والحكمة وراء منع المشرع هذا النوع من الاتفاقات، هو درء الخطر الذي يتهدد الشركة من جراء ضمانة أو كفالة مسيرها، وذلك أن إقدام الشركة على هذا الإجراء من شأنه أن يحملها أولا ضمانة المسير، وضمان التزامها الشخصي، وهي مهددة دائما بعدم تنفيذ المسير لالتزاماته، حيث تضطر إلى الحلول محله باعتبارها ضمانة له، دون أن تجد من ترجع عليه خاصة إذا كان المسير مفلسا.



[1]ـ فمثلا يتمثل العجز في جريمة خيانة الأمانة، عن عجز ناشئ عن محل الجريمة وإلى عجز في نشاط المجرم، فبالنسبة لمحل الجريمة فإنها لا ينطبق بشأنها هذا التجريم إلا بالنسبة للمال المنقول، أما فيما يتعلق بنشاط فلا يقع إلا بعمل مادي يتضمن الاختلاس والتبديد.
[2]ـ هنالك بعض من التشريعات التي تعاقب على إساءة استعمال أموال الشركة بجريمة خيانة الأمانة فقط، والتي هي في نظرها كافية لحماية الذمة المالية للشركة، وهي كل من القانون الألماني والإنجليزي والمصري.
[3]ـ تم استعمال مصطلح " استعمال "  Usage "  في فرنسا بمقتضى مرسوم قانون 1935، حيث اختار محررو هذا القانون هذا المصطلح لاتساعه والسماح بإدخال مجموعة من التصرفات لمعاقبة أجهزة التسيير عليها، وذلك بدل استعمال مصطلح اقتطاع Prélèvement  نظرا لمحدوديته.
[4]ـ المختار البقالي :  جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، بمكناس، 2009-2010.ص 32.
ـ منير فوناني : جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، مجلة القصر، العدد 19، يناير 2008، ص 164.[5]
[6]- « le fait de se servir de quelque chose »
[7]- A. Médina, abus de biens sociaux, prévention- détection- poursuite, Dalloz, 2001, p 31.
[8] ـ كرام محمد :  جريمة إساءة استعمال أموال الشركة في قانون شركات المساهمة المغربي، مجلة المحاكم المغربية، مجلة المحامي، العدد 39، ص 81.
[9]ـ أحمد بوهدي :  جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، ب د د ع م، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، 2003-2004، ص 51.
[10]- Cass. crim, 8 mars 1967, Rev soc. 1967, p 403.
 - la cour de cassation est déclaré : « la simple utilisation  abusive des biens suffit à caractériser l’infraction, en  dehors de toute volonté d’appropriation définitive »
[11]ـ فإنه قبل عام 1935 استخدم القضاء الفرنسي، من أجل ردع الانحرافات المالية الخاصة بأموال وائتمان الشركات, نص المادة 408 الخاصة بخيانة الأمانة، وقد كانت نقطة البداية عنده هي تبنى الفكرة المعروفة بنظرية "الوكالة عن الشركاء"Mandat social , والتي وفقا لها فإن في كل شركة توجد بين  الشركاء والقائمين على الإدارة رابطة وكالة يعهد بمقتضاها لهؤلاء بإدارة الذمة المالية للشركة فيما تقتضيه مصلحتها. غير أن تطبيق هذه النظرية سرعان ما صادفته الصعوبات الأمر الذي استوجب من القضاء أحيانا التوسع في تفسير نص المادة 408 في غير الحالات التي يقتضيه التطبيق التقليدي للنص والمعنى الضيق لخيانة الأمانة المبنى على عنصري الاختلاس والتبديد.
[12]- J. Larguier et Ph. conte, Droit Pénal des affaires, 10e édition, 2001, Armand colin, p 340 ; M. Veron, Droit Pénal des affaires, 3e édition, Armand colin, p 136 ; A. Medina, abus de biens sociaux, prévention- détection- poursuite, op.cit, p 31 et 32.
[13]- P. Didier & Ph. Didier, droit commercial, Tome 2, op.cit, p 606 ; R. Vecchia, Le délit d’abus des biens ou du crédit de la société, M.D.E.S.S, université du droit d’économie et des sciences d’Aix Marseille, 1984, p 16.     
[14]- Cass.crim, 15 mars 1972, Rev. Soc, 1973, p 357, note Bouloc.
[15]- Cass.crim, 24 avril 1984, Rev. Soc, 1985, p 25.
[16]- Cass.crim, 28 janvier 2004, Rev. Soc, n° 3 2004, p 722. note Bernard  BOULOC.
-La cour de cassation est déclaré : « l’usage des biens ou de crédits de la société contraire à l’intérêt de celle-ci peut  résulter non seulement d’une action, mais aussi d’une abstention volontaire »
[17]- A. Médina, Abus de biens sociaux, op.cit, p 40.
[18]ـ يجب أن يكون جزء من الذمة المالية للشركة ذاتها كشخص معنوى وليس جزءا من أموال الغير أو مجموعة من المساهمين، فمثلا لا تقوم الجنحة إذا احتفظ مدير الشركة لعدة شهور بسيارة مؤجرة بواسطة الشركة وفقا لنظام التأجير التمويلى Crédit-bail والتى لم يدفع عنها بعد أى إيجار حيث أن السيارة لم تصبح بعد جزءا من رصيد الشركة وأموالها وأن الشركة لم تخرج من خزانتها أى مال على سبيل الوفاء بأقساط الإيجار.
[19] ـ J. Larguier et Ph. Conte, Droit Pénal des affaires, op. cit, p. 337.
ـ20 أحمد بوهدي : جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، م س، ص 55.[]
[21]- Z. Essine, « L’abus de biens sociaux  un délit inutile », op.cit, p 36.
[22]ـ ما يجب الإشارة إليه هنا، أنه هنالك اختلاف ما بين غرض الشركة والمصلحة الاجتماعية للشركة، ذلك أن الغرض دو طابع شكلي ويجب أن يرد النص عليه في النظام الأساسي لأية شركة، في حين أن المصلحة الاجتماعية أشمل وأعم من الغرض.[23]ـ المختار البقالي :  جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، م س، ص 43.
[24]- CA. Paris, 22 mai 1965, JCP. 1965, II, 1271 bis ; D. 1968, p. 147, note Contin.
[25]- A. Médina, Abus de biens sociaux, op.cit, p 80.
ـ26 عبد الرحيم بوعيدة :  مفهوم مصلحة الشركة، مجلة المحامي، العدد 52، يوليوز 2008، ص 81.[]
[27]ـ نلاحظ بأن المشرع البلجيكي سار في اتجاه أخر، بحيث نجده يعاقب على الجرائم المتعلقة بتسيير الشركات التجارية، بموجب القانون الجنائي وليس قانون الشركات، وحيث نص في المادة 492 مكرر من القانون الجنائي، بأن الاستعمال التعسفي لأموال الشركة لا يتحقق فقط عند تعارضه مع مصلحة الشركة، وإنما كذلك عند تعارضه مع مصلحة الشركاء والدائنين.
-L’article 492 bis du code pénal belge : «  un usage qu’ils savaient significativement préjudiciable aux intérêts patrimoniaux de celle-ci à ceux de ses créanciers ou associes. »
 رضى ابن خدة :  محاولة في القانون الجنائي للشركات، الطبعة الأولى، دار السلام، ص 348.[ـ28]
ـ29] أحمد بوهدي :  جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، م س، ص 56.[
[30] ـ عبد الحفيظ بلقاضي :  جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد 11 أكتوبر 2006،ص 21.

[31]- A. Médina, abus de biens sociaux, op.cit, p 206.
[32]- Cass. crim, 26 juill. 1971, Bull. crim, n° 242.
[33]- Cass. crim, 28 mars 1996, Bull. crim, n° 142.
[34]- Cass. crim, 24 mars 1969, Bull. crim, n° 130.
[35]ـ أحمد بوهدي :  جريمة إساءة استعمال أموال الشركة، م س، ص 65.
[36]- A. Médina, Abus de biens sociaux, op.cit, p 210.
[37]- M. Veron, Droit pénal des affaire, op.cit, p 176.
[38]- S. BELHAJ, L’abus de biens sociaux, M.D.E.S.A, Faculté des sciences  juridiques économiques et sociales  Rabat Agdal, p 42.
[39]- Cass. crim, 26 juin 1978, n° 77-92.833, par Ba-sidi m’hamdi ALAOUI, L’expert-comptable face a l’abus de biens sociaux, M.D.N.E.C, institut supérieur de commerce et d’administration des entreprises, 2005, p 152.
[40]- Cass. Crim, 28 Novembre 1977, n° 75-92339, cité par Ba-sidi m’hamdi ALAOUI, op.cit, p 154.
[41]- A. Médina, Abus de biens sociaux, op.cit, p 216 et 217.
[42]- Cass. crim, 3 Mai 1967, n° 66-92965, par : Ba-sidi m’hamdi ALAOUI, op.cit, p 162.
[43]- Cass. crim, 16 Février 1971, n° 69-90205, par : Ba-sidi m’hamdi ALAOUI, op.cit, p 163.
[44]- A. Médina, Abus de biens sociaux, op.cit, 226.
[45]ـ غادة أحمد عيسى :  الاتفاقيات بين المساهمين في الشركات المساهمة، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، الطبعة الأولى 2008، ص 12.
[46]ـ تجدر الإشارة أنه قبل تعديل قانون شركة المساهمة من خلال قانون رقم 05-20 لسنة 2008، كان النص ( 62 من ق ش م ) يطبق المنع على كل من أزواج المسير وأقاربه وأصهاره إلى الدرجة الثانية وعلى كل شخص وسيط، وقد حذف من التعديل الجديد كل من الأصهار والأقارب لأنهم يطالهم المنع من خلال المفهوم الواسع للوسيط.
[47]ـ مصطفى حفرصيد : الاتفاقات المالية بين المسير والشركة، تقرير د د ع م، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، جامعة الحسن الثاني، السنة 2001-2000، ص 24.
[48]ـ عز الدين بنستي : الشركات في التشريع المغربي والمقارن، ج 2، القانون الخاص للشركات، مطبعة النجاح الجديدة، ط 2000، ص 141.
ـ مصطفى حفرصيد : الاتفاقات المالية بين المسير والشركة، م س، ص 26 و 27. [49]
[50]-Y. Guyon, Droit des affaires, op.cit, p 512.
[51]ـ مصطفى كمال طه : الشركات التجارية، الأحكام العامة في شركات الأموال والأشخاص، دار الجامعة الجديدة للنشر 2000، ص 271.
ـ عز الدين بنستي : الشركات في التشريع المغربي والمقارن، ج 2، م س، ص 141.[52]
[53]ـ ورد في قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 1585 بتاريخ 3/12/2008، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 71، 2009، ص 269 : " أن الذمة المالية للشركة مستقلة عن الذمة المالية للشركاء، والنزاع القائم بين هؤلاء الشركاء بخصوص الممثل القانوني لها وتسلط البعض على مجلسها الإداري لا يجعل الطلبات المقدمة من طرفها في شخص ممثلها حتى في حالة عدم ذكر اسمه، مقدمة من طرف غير ذي الصفة بل لها الصفة لتقديمها لأن التقاضي كان لفائدة الشريك أو الشركاء."
[54]ـ اختلف الفقه في تحديد المقصود بالقرض، فنجد البعض Percercou  يقول بأن المنع لا يشمل إلا القروض النقدية دون غيرها، ويسير في هذا الاتجاه المشرع المصري بصريح المادة 96 من ق 159 لسنة 1981، ورأي أخر Bizot Espiard يقول  أنها تشمل القروض النقدية والقروض الاستهلاكية والاستعمال.
[55]ـ المساوي كريم محمد : الاتفاقات المالية بين شركة المساهمة ومسيرها، ر د د ع م، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، جامعة محمد الخامس الرباط، بدون ذكر السنة، ص 45.
[56] " فتح الاعتماد هو التزام البنك بوضع وسائل للأداء تحت تصرف المستفيد أو غير المعين من طرفه في حدود مبلغ معين من النقود..."
[57]ـ تجدر الإشارة إلى أن قانون شركة المساهمة يتحدث عن الحساب الجاري في حين أن مدونة التجارة عن الحساب بالإطلاع أو الأجل، وكان على مشروع قانون الشركات الذي جاء بعد مشروع قانون التجارة أن يتبنى هذا المصطلح حيث يكون التنسيق بينهما.
ـ المساوي كريم محمد : الاتفاقيات بين شركة المساهمة ومسيريها، م س، ص 49.[58]
[59]ـ حكم عدد 3872 المحكمة التجارية بالدار البيضاء، بتاريخ 31/3/2009، ملف رقم 1072/6/2009، غير منشور. حيث جاء فيه " حيث تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق خاصة بروتوكول الاتفاق المبرم بين ممثل المدعية والمدعى عليها أنه تم إقحام المدعية في البروتوكول المذكور وتنصيبها ضامنة احتياطية للديون التي على الممثل المذكور لفائدة المدعى عليها.
وحيث تبين للمحكمة أن التصرف الذي قام به الممثل المذكور يتعارض مع مقتضيات المادة 66 من قانون الشركات الذي يمنع أن تكفل الشركة أو تضمن احتياطيا التزامات المسير تجاه الأغيار واعتبرت المادة المذكورة عقد الضمان أو الكفالة باطلا."

ـ مصطفى حفرصيد : الاتفاقات المالية بين المسير و الشركة، م س، ص 42. [60]

اقرأ المزيد

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016