تابعونا على الفيسبوك

Disqus

الشروط التعسفية في قانون 31.08، القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الشروط التعسفية في قانون 31.08، القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك.


 ذ/ كردافي صالح
-      "ماستر القانون المدني ابن زهر أكادير".
-      " شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة".
-      " مفوض قضائي".


تعتبر حماية المستهلك من القضايا الهامّة، خاصة في عصرنا الحالي؛ حيث قلَّ الوازع الدّيني لدى الأفراد، كما أن ما شهده العالم من نقلة نوعية، سواء بالنسبة للنواحي الاجتماعية أو الاقتصادية، أدّى إلى تغيير في إنتاج السلع والخدمات، وبالتالي تغيير في السلوكات الاستهلاكية لدى المستهلك، هذا الأخير الذي هو في حاجة دائمة للحماية، مهما كان النظام الاقتصادي الذي تطبقه الدولة، وبناء على ذلك تظهر أهمية هذا الموضوع.
والمشرع المغربي فطن إلى أهمية حماية المستهلك بالنظر إلى الثورة الكبيرة التي عرفها مجال توريد السلع والتطور الذي شهده مجال المعاملات المالية والتجارية ما انعكس سلبا على المستهلك كطرف ضعيف في مقابل المورد الذي يستقل في إنشاء عقود الإذعان التي تكون مجالا خصبا للشروط التعسفية، والتي تجعل العلاقات التعاقدية غير متكافئة في موازين القوى.
وسيكون موضوع هذه المقالة دراسة مدى حماية المشرع المغربي للمستهلك من خلال قانون تحديد تدابير حماية المستهلك ومدى نجاعتها في تحقيق التوازن العقدي؟

المطلب الأول: مفهوم الشرط التعسفي وفق القانون 31.08
لقد تولى قانون تحديد تدابير حماية المستهلك، تعريف الشرط التعسفي في المادة 15 منه، كالتالي:
" يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك"
دون المساس بمقتضيات الفصول 39 إلى 56 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 ) 12 أغسطس 1913( بمثابة قانون الالتزامات والعقود، تطبق الأحكام المذكورة كيفما كان شكل أو وسيلة إبرام العقد. وتطبق كذلك بوجه خاص على سندات الطلب والفاتورات وأذون الضمان والقوائم وأذون التسليم والأوراق والتذاكر والتي تتضمن شروطا متفاوضا في شأنها أو إحالات إلى شروط عامة محددة مسبقا"
من خلال هذه المادة يتبين بأن المشرع المغربي أعطى تعريفا دقيقا للشرط التعسفي في إطار العلاقة التعاقدية الرابطة بين المستهلك والمورد، وعبر عليه بأنه ذلك الشرط الذي يؤدي إلى اختلال كبير وملحوظ بين حقوق وواجبات أطراف العقد على حساب المستهلك، وقد أشار المشرع المغربي في هذه المادة في الفقرة الثانية منها إلى عدم المساس بالمقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، والمتمثلة في الفصول من 39 إلى 56 منه.
فقد نص الفصل 39 من قانون الالتزامات والعقود، على ما يلي بيانه:
" يكون قابلا للإبطال الرضى الصادر عن غلط، أو الناتج عن تدليس، أو المنتزع بإكراه"
وينص الفصل 41 من قانون الالتزامات والعقود على :
" يخول الغلط الإبطال، إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه، كانت هي السبب الدافع إلى الرضى"
وينص الفصل 47  من ق.ل.ع، على ما يلي:
" الإكراه إجبار  يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل بدون رضاه"
وينص الفصل  52 من ق.ل.ع، على مايلي:
" التدليس يخول الإبطال، إذا كان ما لجأ إليه من الحيل أو الكتمان أحد المتعاقدين أو نابه أو شخص آخر يعمل بالتواطؤ معه قد بلغت في طبيعتها حدا بحيث لولاها لما تعاقد الطرف الآخر، ويكون للتدليس الذي يباشره الغير نفس الحكم إذا كان الطرف الذي يستفيد منه علما به"
وينص الفصل: 55 من ق.ل.ع، على مايلي:
" الغبن لا يخول الإبطال، إذا نتج عن تدليس الطرف الآخر أو نائبه أو الشخص الذي تعامل من أجله وذلك فيما عدا الاستثناء الوارد بعد".
فهذه مقتضيات قانونية تعرف بعيوب الرضى وفق القواعد العامة، أي وفق قانون الالتزامات والعقود المغربي، والتي تطبق في جميع العقود متى طرأ عيب على عقد ما إلا وكان من حق المتضرر المطالبة القضائية بإبطال العقد المبرم.
بتصفح المادة 17 من قانون تحديد تدابير حماية المستهلك نلاحظ أنها نصت على مايلي:
"لا يشمل الطابع التعسفي لشرط من الشروط حسب مدلول المادة 16، تحديد المحل الأساسي من العقد ولا ملاءمة السعر للسلعة المبيعة أو الأجرة للخدمة المقدمة ما دامت الشروط محررة بصورة واضحة ومفهومة"
نلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع المغربي نص على أن الطابع التعسفي وتقديره لا يشمل:
1- تحديد المحل الأساسي من العقد.
2- ملائمة السعر للسلعة المبيعة أو الأجرة المقدمة
= وربطها بوجوب كون الشروط محررة بصورة واضحة ومفهومة.
المطلب الثاني: حالات الشرط التعسفي وفق القانون 31.08.
تنص المادة 18 من قانون حماية المستهلك، على مجموعة من الحالات التي يمكن اعتبار شروط العقد فيها تعسفا، إلا أن المشرع في ذلك ذكر هذه الحالات على وجه المثال وليس الحصر، تاركا في ذلك المجال لتقدير المحكمة بموجب السلطة التقديرية الموكولة لها، وتاركا أيضا المجال للمقتضيات القانونية التي يمكن أن تأتي بها النصوص التشريعية الخاصة.
وقد تطرق المشرع في المادة 18 من قانون حماية المستهلك إلى جملة من تلك الحالات التي تعتبر تعسفا وهي كالتالي:
" مع مراعاة تطبيق النصوص التشريعية الخاصة أو تقدير المحاكم أو هما معا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تعتبر الشروط تعسفية إذا كانت تتوفر فيها شروط المادة 15، ويكون الغرض منها أو يترتب عليها ما يلي :
- 1 إلغاء أو انتقاص حق المستهلك في الاستفادة من التعويض في حالة إخلال المورد بأحد التزاماته ؛
-2 احتفاظ المورد بالحق في أن يغير من جانب واحد خصائص المنتوج أو السلعة المزمع تسليمها أو الخدمة المزمع تقديمها ؛
غير أنه يمكن التنصيص على أنه يجوز للمورد إدخال تغييرات مرتبطة بالتطور التقني شريطة ألا تترتب عليها زيادة في الأسعار أو مساس بالجودة وأن يحفظ هذا الشرط للمستهلك إمكانية بيان الخصائص التي يتوقف عليها التزامه ؛
- 3 إعفاء المورد من المسؤولية القانونية أو الحد منها في حالة وفاة المستهلك أو إصابته بأضرار جسمانية نتيجة تصرف أو إغفال من المورد ؛
4 - إلغاء حقوق المستهلك القانونية أو الحد منها بشكل غير ملائم إزاء المورد أو طرف آخر في حالة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو التنفيذ المعيب من لدن المورد لأي من الالتزامات التعاقدية، بما في ذلك إمكانية مقاصة دين للمورد على المستهلك بدين قد يستحقه هذا الأخير على المورد؛
- 5التنصيص على الالتزام النهائي للمستهلك في حين أن تنفيذ التزام المورد خاضع لشرط يكون تحقيقه رهينا بإرادته وحده ؛
- 6فرض تعويض مبالغ فيه أو الجمع بين عدة تعويضات أو جزاءات عند عدم وفاء المستهلك بالتزاماته ؛
7- تخويل المورد الحق في أن يقرر فسخ العقد إذا لم تمنح نفس الإمكانية للمستهلك، والسماح للمورد بالاحتفاظ بالمبالغ المدفوعة برسم خدمات لم ينجزها بعد عندما يقوم المورد نفسه بفسخ العقد ؛
- 8الإذن للمورد في إنهاء العقد غير محدد المدة دون إعلام سابق داخل أجل معقول، ما عدا في حالة وجود سبب خطير ؛
9- تمديد العقد محدد المدة بصفة تلقائية في حالة عدم اعتراض المستهلك، عندما يحدد أجل يبعد كثيرا عن انتهاء مدة العقد باعتباره أخر أجل ليعبر المستهلك عن رغبته في عدم التمديد ؛
- 10التأكيد على قبول المستهلك بصورة لا رجعة فيها لشروط لم تتح له بالفعل فرصة الاطلاع عليها قبل إبرام العقد ؛
- 11الإذن للمورد في أن يغير من جانب واحد بنود العقد دون سبب مقبول ومنصوص عليه في العقد ودون إخبار المستهلك بذلك ؛
12- التنصيص على أن سعر أو تعريفة المنتوجات والسلع والخدمات يحدد وقت التسليم أو عند بداية تنفيذ الخدمة، أو تخويل المورد حق الزيادة في أسعارها أو تعريفتها دون أن يكون للمستهلك، في كلتي الحالتين، حق مماثل يمكنه من فسخ العقد عندما يكون السعر أو التعريفة النهائية مرتفعة جدا مقارنة مع السعر أو التعريفة المتفق عليها وقت إبرام العقد ؛
13- تخويل المورد وحده الحق في تحديد ما إذا كان المنتوج أو السلعة المسلمة أو الخدمة المقدمة مطابقة لما هو منصوص عليه في العقد أو في تأويل أي شرط من شروط العقد ؛
14- تقييد التزام المورد بالوفاء بالالتزامات التي تعهد بها وكلاؤه أو تقييد التزاماته باحترام إجراء خاص ؛
- 15إلزام المستهلك بالوفاء بالتزاماته ولو لم يف المورد بالتزاماته ؛
- 16التنصيص على إمكانية تفويت العقد لمورد أخر إذا كان من شأنه أن يؤدي إلى تقليص الضمانات بالنسبة إلى المستهلك دون موافقة منه ؛
- 17إلغاء أو عرقلة حق المستهلك في إقامة دعاوى قضائية أو اللجوء إلى طرق الطعن، وذلك بالحد بوجه غير قانوني من وسائل الإثبات المتوفرة لديه أو إلزامه بعبء الإثبات الذي يقع عادة على طرف آخر في العقد، طبقا للقانون المعمول به.
في حالة وقوع نزاع حول عقد يتضمن شرطا تعسفيا، يجب على المورد الإدلاء بما يثبت الطابع غير التعسفي للشرط موضوع النزاع.

المراجع المعتمدة:
         المقالات المعتمدة:
         محمد محبوبي، مظاهر حماية المستهلك في ضوء التشريع المغربي، مجلة الفقه والقانون، الموقع الالكتروني: www.majalah.new.ma.
         أوشن حنان، حماية المستهلك في التعاقد الالكتروني، مجلة الفقه والقانون، الموقع الالكتروني:              www.majalah.new.ma.
         الرسائل المعتمدة:
         سعيدة فكره، آليات حماية المستهلك في الاقتصاد الإسلامي، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الاقتصاد الإسلامي، جامعة الحاج لخضر باتنة، كلية العلوم الاجتماعية والعلوم الإسلامية –قسم الشريعة- الجزائر، 2008.
         عبد الله ذيب عبد الله محمود، حماية المستهلك في التعاقد الالكتروني-دراسة مقارنة-، بحث لنيل درجة الماجستير في القانون الخاص، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس فلسطين، 2008.
         القوانين المعتمدة

         ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول - 18 فبراير 2011- بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك/ منشور بالجريدة الرسمية عدد 5932- 3 جمادى الأولى 1432 - 7 أبريل 2011-.
التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016