تابعونا على الفيسبوك

Disqus

جريمتي الخداع و الغش في المواد الاستهلاكية

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

جريمتي الخداع و الغش في المواد الاستهلاكية


 لطروش أمينة

أستاذة مشاركة بكلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم
متحصلة على شهادة الماجيستر في قانون الاعمال المقارن
سنة اولى دكتوراه قانون الاعمال المقارن
عضو في مخبر القانون الاقتصادي و البيئة



مقدمة
سعى المشرع الجزائري الى حماية المستهلك من المنتوجات التي تمس امنه وسلامته ،عبر تطوير اليات الرقابة و الكشف عن جرائم الغش و التدليس في المواد الاستهلاكية  التي ازدادت بتزايد حجم السلع و الخدمات المتداولة في الاسواق من طرف الاعوان الاقتصاديين الذين قد يقومون بتوزيع منتجات تنطوي على الغش و الغير المطابقة للمواصفات الفنية المعروفة ،مما يجعل المستهلك لا يستطيع التمييز بين المنتوج السليم و المزيف.
في هذا الاطار وضع المشرع الجزائري مجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بحماية المستهلك من هذه الجرائم ،والتي تتمثل في الامر 65/156 المؤرخ في 8/6/1966 المتضمن قانون العقوبات و الخاضع للتعديل فيما بعد بموجب الامر رقم 75/47 المؤرخ في 17/6/1975 الذي حافظ على المواد 429الى 435 منه ،والتي تتضمن تدابير عقابية بخصوص جرائم الغش في السلع.
اما بموجب القانون 09-03 المؤرخ في 25/2/2009 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش ،فان المشرع الجزائري اتخذ تدابير قانونية لحماية المستهلك من جرائم الغش و التدليس في المنتوجات ،وتعتبر هذه التدابير وقائية اكثر منها عقابية . ومن ثم فان الاشكالية تتحدد ببيان الاطار القانوني لجريمتي الخداع و الغش في المواد الاستهلاكية  ومدى تجريمها في النظام القانوني الجزائري؟
وبغية الاجابة على هذه الاشكالية  نلتمس خطة موزعة الى مبحثين ،تناولنا في المبحث الاول : الاطار القانوني لجريمتي الخداع و الغش ،اما المبحث الثاني فتطرقت الى :اليات قمع جريمتي الخداع و الغش

المبحث الاول :الاطار القانوني لجريمتي الخداع و الغش في المواد الاستهلاكية

لقد صنف المشرع الجزائري بموجب قانون العقوبات جرائم الغش و الخداع حسب كل جريمة على حدى ومدى الاضرار الجنائية الماسة بالمستهلك ،وهذا ما سوف نتطرق اليه في هذا المبحث .
المطلب الاول :جريمة الخداع في المواد الاستهلاكية
ان اظهار الشيء او المنتوج بمظهر يخالف الحقيقة و الواقع يؤدي لا محالة الى ايقاع المستهلك في الغلط حول طبيعة المنتوج مما يشكل جريمة الخداع من قبل العون الاقتصادي ،وبالتالي يتحقق الخداع بايهام المتعاقد المستهلك بان المنتوج يتوفر على بعض المزايا و الصفات وهو في الحقيقة عكس ذلك كأن يكون المنتوج مقلد او به عيب من شانه التأثير على امن وسلامة المستهلك.
اولا الركن المادي لجريمة الخداع في المواد الاستهلاكية
يقصد بالركن المادي للجريمة ترجمة الجاني للفكرة الإجرامية في صورة سلوك مادي ملموس، أي أن النشاط أو السلوك  الإيجابي، أو السلبي الذي تبرزه به الجريمة إلى العالم الخارجي، فتكون بذلك قد اعتدت على الحقوق و المصالح، أو القيم التي يحرص الشارع على صيانتها، أو حمايتها، ويقوم هذا الركن على ثلاث عناصر: وهي السلوك الإجرامي، وهو فعل، أو امتن اع يأتيه الجاني، والنتيجة الإجرامية وهي الاعتداء على المصلحة التي يحميها القانون سواء أدى هذا الاعتداء إلى الإضرار بالمصلحة المعتدي عليها أم تهديدها بالخطر، وعلاقة سببية لا بد لاكتمال البناء القانوني للجريمة أن يكون الفعل المرتكب من قبل الجاني أي أن يكون هو سبب حدوث النتيجة سواء كان فعلا إيجابيا أو سلبيا، وهو ما اتفق الفقه على تسميته بعلاقة أو رابطة سببية بين السلوك المجر م والنتيجة الضارة، ويجب أن تكون هذه النتيجة ناشئة عن ذلك الفعل، فإذا تحققت هذه العناصر جميعا، اكتمل الركن المادي وأصبحت الجريمة تامة، وإلا فإن الجريمة تكون ناقصة عندها يمكن أن يعد سلوك الجاني شروعا بإرتكاب الجريمة ويعتمد الركن المادي أساسا على عنصر السلوك الإجرامي، وأحيانا يكون هذا العنصر كافيا وحده في قيام الجريمة وتطبيقا على قضية الحال.
الفرع الأول: جريمة الخداع: تنص المادة 429 من قانون العقوبات على عقاب "...كل من يخدع أو يحاول
 خد اع المتعاقد..."
 - سواء في الطبيعة، أو في الصفات الجوهرية، أو في التركيب، أو في نسبة المقومات اللازمة لكل هذه السلع.
-سواء في نوعها أو مصدرها.
- سواء في كمية الأشياء السملمة أو في هويتها.."
يتضح من خلال هذا النص ما يلي:
1. لم يحدد المشرع الأفعال والوسائل التي يشترط على الجاني القيام بها لخداع المتعاقد، وبالتالي يكون الخداع بأي وسيلة تدليسية يتخذها الجاني سبيلا لمغالطة المتعاقد بشرط أن تكون حول ما حددته فقرات المادة المذكورة أنفا، باستثناء الوسائل والطرق التي حددتها المادة 430 من قانون العقوبات والتي تتعلق بظروف التشديد في الجريمة.
2. جاء تحديد المشرع لصور الخداع في المادة 429 من قانون العقوبات على سبيل الحصر محددا بذلك نطاق الخداع، أو محا ولة الخداع بأحد الصور المذكورة حصرا، وبالتالي لا يمكن التوسع فيه، ومع هذا يمكن القول أن هذا التعداد الذي أورده المشرع يكاد يغطي جميع فرضيات الخداع المعروفة عمليا ، ويحدث الخداع حسب نص المادة 429 من قانون العقوبات على ما سنبينه على النحو الأتي:
1. الخداع في الطبيعة: يتمثل الخداع في الطبيعة في حصول المتعاقد على السلعة محل العقد من طبيعة أخرى غير المتفق عليها، مثل تعاقد المجني عليه على شراء ماء معدني، وحصوله على ماء منبع جبلي عادي، ويستوي تعريف هذا العنصر مع الخداع المعاقب عليه بنص المادة 68 من القانون 09-03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش بتسليم المنتوجات غير تلك المعينة مسبقا.
- الخداع في الصفات الجوهرية: الصفات الجوهرية هي تلك الصفات التي لو علم المتعاقد بغيابها لما أبرم العقد، فتعتبر الدافع إلى التعاقد، كأن يشتري المتعاقد هاتف نقال على أنه جديد لكنه في الحقيقة تم استعماله قبل شرائه.
- الخداع في التركيب أو نسبة المقاومات: إن المصالح المختصة تقوم بإصدار مجموعة من النصوص التنظيمية واللوائح والقرا رات التي تحدد الموصفات والعناصر الداخلة في تركيب السلع، ونسبة المقومات الواجب توفرها.
فيلجأ المتدخل إلى إيهام المتعاقد بوجود عناصر معينة أو المقومات اللازمة لكنها غير موجودة في الحقيقة، أو أن تكون موجودة ولكن بنسب أقل مما صرح به المتدخل، وعادة ما يكون هذا الفعل عن طريق تظليل المتعاقد، وذلك بوجود بيانات خاطئة في دليل السلعة. وبالتالي فحصول المتعاقد على منتوج مختلف تركيبته، أو نسبة المقومات الداخلة فيه عن ما هو محدد في هاته اللوائح أو القرارات أو النصوص التنظيمية يعتبر جريمة الخداع قائمة.
- الخداع في النوع أو المصدر: يكون الخداع في النوع وذلك بقيام المتدخل بإنساب بضاعته، أو السلعة إلى غير نوعها رغبة في تصريفها للزبون مستغلا في ذلك جهله، أو معتمدا على أسباب ووسائل معينة لإيقاعه في الخطأ، مثال كأن يتعاقد المتدخل مع المتعاقد على ملابس من نوعية الحرير فيتضح على أنهاا مصنوعة من القطن. أما بالنسبة للخداع في المصدر فتقوم هاته الجريمة بقيام المتدخل بإنساب بضاعته إلى غير مصدرها، أي البلد الأصلي الذي صنعت فيه أو منشأها أو مكان صنعها، وذلك كأن يصرح للمتعاقد عند التعاقد بأن السيارة محل العقد ذات أصل بريطاني مع أنها صنعت بألمانيا.
- الخداع في كمية الاشياء المسلمة: تتحقق هذه الجريمة سواء بواسطة الوزن، أو الكيل، أو العدد وذلك باستعمال أدوات أو موازين خاطئة، أو مكاييل غير مطابقة  بهدف الخداع في عملية الوزن، أو حجم وعدد السلع، أو الكيل، أو القياس. وما يمكن ملاحظته أن الخداع في هذه الحالة يكون بفعل من يقوم بتسليم السلعة وبكل وسيلة ترمي خداعا منه إلى رفع الوزن، أو الكيل   وإما بفعل من يتلقى السلعة أو المنتوج كتاجر يشتري من فلاح منتجاته الزراعية ويتعمد ارتكاب خطأ في الوزن، أو كمستهلك يزور عدادا ما. ويتحقق الشروع في الجريمة بمجرد قيام البائع بعرض -بغرض البيع- سلعا تحتوى على بيانات الوزن، أو الكيل غير صحيحة، كوجود اختلاف بين الوزن الحقيقي للمنتوج والوزن المبين على الغلاف وكعرض خباز، يوزن أقل عما كان يجب أن يكون عليه وفقا لعادات المكان.
- الخداع في هوية الأشياء: يتم الخداع  بهذه الصورة بتسليم المتعاقد السلعة محل العقد تختلف عما تم التعاقد عليه ومثال ذلك . تسليمه طاقم ذهب من عيار 24 على أنه من عيار 18وفي حالة توافر صفة المستهلك في المجني عليه، فإنه يمكن أن يكون الخداع حول الحالات التي نص عليها القانون 09/03 المتعلق بحماية المستهلك في المادة 68 وهي كالآتي:
أ - كمية المنتوجات المسلمة أو تسليم منتوجات غير تلك المعينة مسبقا: تتحقق جريمة الخداع في هذه الحالة بالخداع في وزن وكيل وعدد وقياس السلعة محل التعاقد بأي طريقة، مثل استعمال المتدخل الموازيين والمكاييل الخاطئة، أو غير المطابقة، ويكون الخداع كذلك في حالة تسليم المستهلك بضاعة غير تلك التي تعاقد مع المستهلك حولها عند الشراء ووقع اختياره عليها.
2. قابلية استعمال المنتوج: يتحقق الركن المادي للجريمة في حالة قيام المتدخل بتقديم معلومات غير صحيحة حول قابلية استعمال المنتوج وفق الشروط التي يرغب فيها، أو الهدف الذي تم اعداد السلع من أجله، مثل قابلية استعمال المنتوج في درجة حرارة معينة أو السمات التقنية التي تجعله أكثر قدرة على التحمل، وعليه يجب على المتدخل تسليم الشيء محل العقد طبقا لشروط العقد بأن يكون صالحا المنتوج للاستعمال قيما يقصد به عادة.
- النتائج المنتظرة من المنتوج: يكون الخداع في هذه الحالة بإيقاع المستهلك في غلط، وإيهامه بأن المنتوج يحقق نتيجة، أو غرض معينا على خلاف ما هو عليه في الحقيقة، بحيث أن الدافع من التعاقد بالنسبة للمستهلك هو رغبته في صلاحية المنتوج . للاستعمال في الغرض الذي اشتراه من أجله، وأن يحقق له رغباته المشروعة فيما يخص النتائج منه حسب طبيعة المنتوج وبما أن المنتوج يشمل السلع والخدمات فإن هذه الأخيرة بدورها عرضة لمثل الجرائم التي كثيراً ما نجدها في الخدمات المتعلقة بالوكالات السياحية التي يتفاجأ المستهلك عادة بنوعية خدمات الفندق والمطاعم التابعة للوكالة، لعدم احترامها للمقاييس المعتمدة عندما تم التعاقد على الرحلة السياحية.
- تاريخ أو مدد صلاحية المنتوج: حيث يجب أن تتوافر في المنتوج، سواء كان سلعة، أو خدمة صلاحية الاستهلاك، أو الاستعمال لمدة زمنية معينة، وتختلف هذه المدة من منتوج إلى آخر حسب سماته وخصائصه، من خلال تحديد تاريخ صنعه والتاريخ الأقصى لاستهلاكه، أو استعماله، وعليه فتحقق هذه الجريمة في حالة وجود اختلاف بين التاريخ الأقصى الحقيقي للاستهلاك والتاريخ المبين على الغلاف أو الوسم.
- طرق الاستعمال أو الاحتياطات اللازمة لاستعمال المنتوج: بالرجوع إلى المادة 17 من القانون03-09
المتعلق بحماية المستهلك والغش التي تنص على ما يلي "...يجب على كل متدخل أن يعلم المستهلك بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج الذي يضعه للاستهلاك بواسطة الوسم ووضع العلامات، أو أية وسيلة أخرى مناسبة. ونصت المادة 18 من نفس القانون على أنه " يجب أن تحرر بيانات الوسم، وطريقة الاستخدام، ودليل الاستعمال، وشروط ضمان المنتوج، وكل معلومة أخرى.منصوص عليها في التنظيم الساري المفعول باللغة العربية أساسا، وعلى سبيل الإضافة يمكن استعمال لغة، أو عدة لغات أخرى سهلة الفهم من المستهلكين، وبطريقة مرئية ومقر وءة ومتعذر محوها" من خلال تحليل هاتين المادتين نجد أن المشرع ألزم المتدخل بإعلام المستهلك بكل المعلومات المتعلقة بالمنتوج، وبيان كيفية الاستعمال تفاديا للأخطار  الأعراض الجانبية الناجمة عن سوء وضعه في الخدمة بطريقة غير صحيحة، بالإضافة إلى تنبيهه إلى الاحتياطات الواجب اتخاذها عند الاستعمال لتجنب وقوع أضرار،
خاصة ما يشهده العصر الحالي من انتشار واسع للمنتجات والآلات التكنولوجية المختلفة وما يرافقها من تعقيد إلكتروني في طريقة استعمالها قد يعجز المستهلك من ورائه عن استعماله بطريقة تضمن أمنه وسلامته.
ثانيا:الركن المعنوي لجريمة الخداع في المواد الاستهلاكية:
يتمثل الركن المعنوي للجريمة بالقصد الجنائي الذي يتجسد باتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم بأركانها بقصد تحقيق النتيجة الإجرامية، ويجب أن يكون الجاني عالما علما يقنا لا يقترن بأي جهالة بأن فعله سيؤدي إلى حدوث عمل إجرامي يعاقب عليه المشرع، ويشترط أيضا لكي يكتمل الركن المعنوي أن يتمتع الجاني بإرادة حرة توجهه إلى ارتكاب الفعل المجرم، أو تصده عن القيام بما أوجبه عليه القانون، وكان له أيضا إدراك يميزه به ما يصدر عنه من التصرفات.
وجب عندئذ البحث عما إذا كانت هذه الإرادة جانية، أو آثمة وتكتسب الإرادة هذا الوصف على أساس العلاقة التي تقوم بينها ،وبين الفعل المرتكب والنتيجة التي يفضي إليها وتتخذ الإرادة الجانية أو الآثمة إحدى الصورتين: الأولى وهي القصد والثانية وهي الخطأ.
1. القصد الجنائي: يعني القصد الجرمي هو إتجاه إرادة الجاني إلى القيام بالنشاط الإجرامي، وإلى إحداث النتيجة المترتبة على هذا النشاط الذي قام به، مع توافر العلم لديه بكافة العناصر والشروط التي يتطلبها القانون من أجل قيام الجريمة، أي تنصرف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع توفر العلم لديه بكافة عناصرها الجنائية، نستنتج من التعريف السابق أن القصد الجنائي يتكون من عنصري العلم والإرادة.
2. الخطأ: إن غالبية التشريعات الجزائية لم تعرف الخطأ، وإنما أوردت صورا ونماذج للخطأ غير المقصود، لذا قام فقهاء القانون الجنائي بتعريف الخطأ غير المقص ود، فعرفه الدكتور عبد الحق ماني بأنه "إخلال الشخص بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون، وسواء اتخذت صورة الإهمال، أم قلة الاحتراز، أم عدة مراعاة إذ يفترض الخطأ اتجاه الإرادة إلى ارتكاب الفعل وعدم اتجاهها إلى إحداث النتيجة الضارة التي نجمت عن هذا الفعل.
كما تعتبر جريمة الخداع من الجرائم العمدية التي يستلزم لتوافر أركانها ثبوت القصد الجنائي للمتهم وهذا يعني انتقاء الجريمة بانتقائه.
ويتحقق القصد الجنائي للمتهم بتوافر عنصري العلم والإرادة وذلك بقيامه عن علم وإرادة بأن الطرق التضليلية والوسائل الصادرة منه تنطوي على خداع، أو وجود غش في طبيعة السلع، أو مصدرها، أو أي أمر من الأمور التي حددتها المادة 68 من القانون 03/09 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش.
نستنتج أن المشرع الجزائري لا يعاقب على الخداع الذي يقع بطريقة مشروعة، كما لا يعاقب على الجهل أو الغلط الذي يقع فيه المتدخل سواء البائع أو التاجر إزاء المتعاقد الآخر، لأن الخداع جريمة عمدية وأن حسن النية فيها ينفي نية الخداع، إلا أنه الغلط الذي ينفي القصد الجنائي لدى المتهم هو الغلط في الواقعة وليس الغلط في القانون، لأن العلم بالوقائع ليس مفترض، في حين أن العلم بالقانون مفترض، فإذا كان القانون ينص على التزام المحترف بفحص ومراقبة السلعة قبل بيعها، فإن مخالفة هذا الالتزام نتيجة اعتقاد المتدخل أن هذا الالتزام غير مجرم بنص القانون فإن هذا لا ينفي المسؤولية الجزائية عنه
المطلب الثاني: جريمة الغش:
لقد نصت المادة 423 من قعج على هذه الجريمة "التدليس في المواد الغذائية و الطبية ،وهي تعتبر نقل عن المادة الثالثة من قانون قمع الغش الفرنسي السابق لسنة 1905 و المادة 213-3 من قانون الاستهلاك ،كما نص قانون قمع التدليس والغش المصري رقم 48 لسنة 1941 المعدل و المتمم بالقانون رقم281 لسنة 1994 على جريمة الغش في المنتجات بمختلف انواعها ،ولم تورد النصوص القانونية تعريفا دقيقا لجريمة الغش ،على عكس القضاء الفرنسي وتحديدا محكمة النقض الفرنسية عرفت الغش بانه "كل اللجوء الى التلاعب،او المعالجة غير المشروعة ،التي تتفق مع التنظيم وتؤدي بطبيعتها الى التحريف في تركيب المنتوج ماديا .
اولا: الركن المادي لجريمة الغش في المواد الاستهلاكية:من خلال استقراء فقرات المادة 431 من قانون العقوبات الجزائري نجذ أنها حددت النشاط المادي بجريمة الغش وهي الأفعال المادية التي يترتب عليها قيام الركن المادي للجريمة وهي كالآتي :
1. الغش في المواد صالحة لتغذية الإنسان أو الحيوانات أو مواد طبية أو مشروبات أو منتوجات فلاحية أو طبيعية مخصصة للاستهلاك:يتم الغش بناءا على تدخل إيجابي عمديا من طرف المتدخل، وذلك من خلال قيامه بكل فعل من شأنه أن يغير من طبيعة أو خصائص المواد التي يقع عليها، وبأي وسيلة كانت كما يظهر الغش من خلال تعديل وتشويه يقع على جوهر المادة أو السلعة أو تكوينها الطبيعي، ويترتب على هذا التغيير أو التعديل التأثير، أو النيل من خواصها الأساسية، أو إخفاء عيوبها وذلك بهدف الاستفادة من الخواص المسلوبة، أو الانتفاع بالفائدة المستخلصة للحصول على كسب مادي عن طريق فارق الثمن، ونجد أنه يخرج عن هذا الطرح فساد تلك المواد لأسباب لا يد للإنسان فيها، كتلف أو فساد المنتوج نتيجة عوامل طبيعية، أو بمرور الوقت، لكن في حالة عرضها للبيع أو بيعت تعتبر جريمة قائمة بنص الفقرة 02 من المادة 431 وفي حالة وجود ها في حيازة  الجاني دون عرضها للبيع، أو بيعت كنا بصدد جريمة حيازة مواد مغشوشة أو فاسدة حسب نص المادة 433 من قانون العقوبات. وفي حالة قيام التاجر أو البائع بتضليل المتعاقد بسلامة المنتوج وصلاحيته للاستهلاك، قامت جريمة الخداع المنصوص عليها في المادة 429  من قانون العقوبات، ويقع الغش في الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 431 من قانون العقوبات بإحدى الوسائل الآتية:
أ. الغش بالإضافة أو الخلط: ويتحقق الغش فيها بخلط السلعة بمادة أخرى مختلفة، أو بمادة من نفس الطبيعة، ولكن ذات نوعية أقل جودة، وذلك بغية زرع الاعتقاد بأن السلعة خالصة، أو بغرض إخفاء رداءة نوعها أول إظهارها بوصفها ذات جودة عالية، مثل إضافة لتر من الحليب الطبيعي، لتر من الحليب الصناعي بشرط أن لا يكون هذا الخلط أو الإضافة تم ترخيصه بنصوص قانونية وتنظيمية أو مطابقا وموافقا لما تقتضيه العادات والأعراف التجارية، كأن يكون ضروريا لحفظ بعض المنتوجات أو يكون هدفه تحسين الإنتاج. وتقوم جريمة الغش بمجرد الخلط، أو الإضافة، ولو لم يترتب عليه الإضرار بالصحة، ويثبت الغش بالإضافة إذا كانت المادة المضافة لا تدخل في التكوين الطبيعي للمادة الأصلية، وتعرف المادة المضافة: كل مادة لا تكون بمفردها طعاما أو عنصر أساسيا للطعام ولكنها تضاف لأغراض فنية في صناعة الأطعمة أو تداولها ويشمل ذلك المواد التي تستعمل في حفظ الأطعمة، أو تغليفها  مما يحعلها جزء من الطعام بطريقة مباشرة أو غير مباشرةمثال ذلك إضافة المادة الملونة وبالتالي لا يشكل هذا الفعل غشا ما دام . القانون يسمح بذلك.
ب. الغش بالإنقاص: يتم هذا النوع من الغش بإنقاص جزء من العناصر الداخلة في تكوين المنتوج الأصلي، وذلك عن طريق التغيير أو التعديل الذي يدخله الجاني على وزنها، أو مكوناتها وذلك بغرض الاستفادة من العنصر الذي تم سلبه، ويشترط في ذلك أن يترك للسلعة المظهر الخارجي الذي يوحي باعتبارها السلعة الأصلية، ويجدر بنا أن نميز بين الغش بالإضافة، أو الخلط والغش بالإنقاص، حيث أن الأول يؤدي إلى أمرين هما: إحداث عيب في السلعة، وإظهاره على غير حقيقتها، في حين أن الغش بالإنقاص يؤدي إلى إحداث عيب في السلعة مع احتفاظها بطبيعتها.
ج. الغش بالصناعة: تتحقق هذه الوسيلة عن طريق صناعة سلعة مخالفة للنصوص القانونية والتنظيمية، أو العادات المهنية والتجارية من حيث المكونات الداخلة في صنعها وتركيبها، أو أن تكون المواد والمك ونات الداخلة في الصنع مطابقة للقوانين والتنظيمات، ولكنها تكون أقل من النسبة المحددة بموجب القانون، وعليه فقد ألزم المشرع في هذا الصدد المتدخل بوضع الوسم
على المنتوج تحدد نسبة المكونات والعناصر الداخلة في تركيبه .
2-تركيبه العرض أو وضع للبيع أو بيع مواد مغشوشة أو فاسدة أو مسمومة: نصت المادة 431 من قانون العقوبات في الفقرة الثانية على تجريم فعل العرض أو الوضع للبيع أو بيع مواد غذائية أو طبية أو مشروبات أو منتوجات فلاحية مع علمه بأنها مغشوشة أو فاسدة أو مسمومة، ويتكون الركن المادي من ثلاثة أنواع من الأفعال المادية، وهي العرض للبيع، الوضع للبيع، والبيع،
وجاءت هذه الأفعال محددة على سبيل الحصر في نص القفرة 2 السابقة الذكر طالما انصب العقد على المواد المحددة في المادة 2/431 من قانون العقوبات. ويكفي لاعتبار سلعة معروضة، أو موضوعة للبيع وجودها في مكان يصله الجمهور، كما هو الحال
في البضائع الموجودة في المحل، على عكس البضاعة الموجودة في الأمكنة التي لا يسمح للجمهور، بالدخول إليها، بينما لا يعتبر
عرضا أو وضعا للبيع نقل البضاعة في عربات السكك الحديدة أو السيارات، فيكفي إذن لقيام هذه الجريمة مجرد العرض أو الوضع
وثبت عدم صلاحيتها للاستهلاك كانت جريمة العرض قائمة وتامة.
3 العرض أو الموضوع للبيع أو بيع مواد تستعمل في الغش: نص المشرع في الفقرة 03 من المادة 431 من قانون العقوبات
على" كل من يعرض، أو يضع للبيع، أو يبيع مواد خاصة تستعمل لغش مواد صالحة لتغذية الإنسان، والحيوانات، أو المشروبات، أو منتوجات فلاحية، أو طبيعية ...،"فلم يكتف المشرع بتجريم أفعال الغش أو التعامل في المواد المغشوشة، ولكن استتبع التجريم ذلك إلى التعامل في المواد والأشياء أو الأجهزة الخاصة في الغش والغاية من ذلك التجريم هو تكريس مبدأ الوقاية بحماية الصحة العامة للمستهلكين قبل حماية حرية التجارة وذلك بالقضاء على الوسائل التي تيسر للجاني ارتكاب فعله الإجرامي.

4-التحريض على استعمال مواد خاصة تستعمل للغش: تنص الفقرة الثالثة من المادة 431 من قانون العقوبات على أفعال
الحث على استعمال المواد في الغش، أو ما يسمى بالغش الذي يقع بطريقة غير مباشرة، وهي جريمة قائمة بذاتها ويعاقب عليها
القانون، حتى ولو لم تقع جريمة الغش أصلا، وحتى ولو لم ينجر على التحريض أي آثر. وذلك بنصها "...أو يحث على استعمالها
بواسطة كتيبات أو منشورات، أو نشرات أو معلقات، أو إعلانات، أو تعليمات مهما كانت..". ويعرف المحرض بأنه كل من يبعث، أو يخلق فكرة الجريمة في ذهن شخص آخر فيدفعه إلى التصميم على ارتكابه ،إلا أنه نجد أن المشرع ذكر بعض الوسائل التي يتم بواسطتها التحريض، ويطرح هذا التعداد مسألة التحريض الشفهي الذي يقع بالكلام، والذي لا يدخل في تعداد النص القانوني، ووفقا للتفسير الضيق للنصوص الجنائية فإن التعداد السابق ينصرف إلى التحريض الكتابي فقط.ويوجه عام فإنه يتطلب لقيام هذه الجريمة توافر ثلاثة عناصر الآتية:-
- العنصر الأول: فعل مادي يتحقق به التحريض.
-العنصر الثاني: وأن يتحقق التحريض بإحدى الوسائل المحددة في نص كالمادة 431 من قانون العقوبات"..الكتيبات أو المنشورات أو النش ريات أو المعلقات أو الإعلانات أو التعليمات..".
- العنصر الثالث: القصد الجنائي وذلك بتوافر العلم لدى الجاني بأن المواد مغشوشة، أو فاسدة، أو مسمومة ونية التحريض على
استعمالها 
- الغش في المواد أو توزيعها عمدا وهي مغشوشة: تحقق هذه الجريمة عند قيام المتصرف أو المحاسب طبقا للنص المادة 434
من قانون العقوبات بالغش سواء بالخلط، أو الإضافة، أو بالإنقاص، أو الصناعة، بشرط أن ينصب الغش على أحد المواد المذكورة
في نص المادة 443 من قانون العقوبات وأن تكون هذه المواد قد وضعت تحت رقابته.أما الصورة الثانية لهذه الجريمة فتتمثل في التوزيع العمدي للمواد أو الأشياء أو مواد غذائية أو لحوم حيوانات مصابة بأمراض معدية أو وسائل فاسدة وتالفة من طرف المحاسب أو المتصرف. وما نلاحظه هو إرادة المشرع إلى الجمع بين مسؤ ولية الشخص المعنوي ومسؤولية بعض الأشخاص العاملة فيه كما هو الحال بالنسبة للمتصرف أو المحاسب.
ثانيا :الركن المعنوي لجريمة  الغش في المواد الاستهلاكية:
جريمة الغش يستلزم لتوافر أركانها ثبوت القصد الجنائي الذي يتطلب بدروه توافر عنصري العلم والإرادة: أي يجب أن يكون الجاني عالما بأن هذا الفعل من شأنه أن يغير من طبيعة أو خصائص المواد التي دخل عليها عمله باعتباره غشا في السلع. أو أن يكون على علم بأن السلع المعروضة للبيع أو المباعة مسمومة، أو مغشوشة، أو العلم بطبيعة المواد التي تستعمل في الغش واتجاه إرادته لغش المستهلك،كذلك هو الحال بالنسبة للجرائم المرتكبة من المتصرف، أو المحاسب التي تستوجب تتوافر القصد الجنائي بعنصريه أي العلم الإرادة بمعنى أن يعلم بأن الفعل الذي يقدم على إتيانه يغير من طبيعة المواد،وانصراف إرادته لغش المجني عليه، وأن يعلم أن لحوم الحيوانات، والمواد التي قام بتوزيعها منتهية الصلاحية الاستهلاك، وغايته غش المجني عليه وبالنظر إلى السلوك الإجرامي، والمتمثل في الأفعال المادية لجريمة الغش، تعتبر هذه الأخيرة من الجرائم الوقتية، لأنها تقع بمجرد ارتكاب فعل الغش؛ أي يلزم أن يكون القصد الجنائي معاصرا لوقت وقوع الفعل، والجرائم الوقتية هي الجرائم التي تتحقق لحظة القيام بالفعل، فيكون وقت ارتكاب هذه الجريمة محددا بهذا الزمن المعين .أما جريمة العرض، أو الوضع للبيع، أو بيع مواد مغشوشة، أو تستعمل في الغش، فإنها تعتبر من الجرائم المستمرة، وهي تلك الجرائم التي تتحقق بارتكاب الجاني فعلا، أو امتناعا يمتد في الزمن مع استمرار فعل الجاني وتكراره طيلة هذه المدة بعد الفعل الأول،وبذلك يتوافر القصد الجنائي في جريمة العرض، أو الوضع للبيع، أو بيع مواد مغشوشة، أو تستعمل في الغش، في أي وقت ما
دامت حالة الاستمرار قائمة.
المبحث الثاني :قمع جريمتي الغش و الخداع في المواد الاستهلاكية
    إن السماح للسلطات العمومية من الكشف و معاقبة الاعوان الاقتصاديين المرتكبين لجرائم الغش و الخداع ،يقتضي إتباع جملة من الإجراءات الصارمة تسمح بإثبات المخالفات ومتابعتها ،بما يحفظ حقوق الدفاع ،وقد راعى المشرع عندما قرر عقوبة  جريمتي الغش و الخداع ،خصوصيات هذا النوع من المخالفات ،حيث أنها صدرت بمناسبة ممارسة النشاط الاقتصادي ومرتبطة بمحيط الحياة الاقتصادية ،فكان من الملائم أن تكون العقوبات المقررة لها ،مناسبة لهذا النشاط ،وذات طبيعة اقتصادية .
المطلب الاول: اثبات جريمتي الغش و الخداع في المواد الاستهلاكية
     إن إثبات جريمتي الغش و الخداع ، يتم بواسطة الأعوان المذكورين في كل من المادة 25 من قانون 09-03 المتعلق بحماية المستهلك التي تنص عى انه" بالاضافة الى ضباط الشرطة القضائية و الاعوان الاخرين المرخص لهم بموجب النصوص الخاصة بهم ،يؤهل للبحث ومعاينة مخالفات احكام هذا القانون اعوان قمع الغش التابعين للوزارة المكلفة بحماية المستهلك"،والمادة 49 من القانون 04-02 المتعلق بالقواعد المطبقة على الممارسات التجارية  الذين يجب عليهم تبيان وظيفتهم وان يقدموا تفويضهم بالعمل ،خلال القيام بمهامهم، كما فرض المشرع على الموظفين التابعين للإدارة المكلفة بالتجارة و الإدارة المكلفة بالمالية،تأدية اليمين وان يفوضوا بالعمل طبقا للإجراءات التشريعية و التنظيمية المعمول بها. كما خول لهم مجموعة من الصلاحيات التي تسمح لهم بالقيام بمهام التحقيق التي تتمثل  في سلطة فحص الوثائق و المستندات وحجزها وسلطة التفتيش ،وهذا بموجب كل من المادة  50والمادة 52 للموظفين ، وتختتم تقارير التحقيق و تثبت المخالفات في محاضر التي تعتبر حجة قانونية حتى يطعن فيها بالتزوير. وتبلغ المحاضر المثبتة للممارسة الغير الشرعية لرفض البيع ورفض أداء الخدمات إلى المدير ألولائي للتجارة بمقتضى المادة 55 من القانون 04-02.
المطلب الثاني :العقوبات المقررة في حالة اكتشاف جريمتي الغش و الخداع في المواد الاستهلاكية
بالرجوع لنص المادة 429 من قانون العقوبات نجد أن المشرع أشار إلى العناصر التي تنصب عليها جريمة الخداع فهو لم يعطي تعريف للخداع، ويعرف بأنه قيام بأعمال أو أكاذيب من شأنها إظهار الشيء على غير حقيقته، أو إلباسه مظهرا يخالف ما هو عليه في الحقيقة والواقع
تنص المادة 429 من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وبغرامة من
20.000 دج إلى 100.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يخدع أو يحاول خدع المتعاقد سواء في الطبيعة، أو في الصفات الجوهرية، أو في التركيب، أو في نسبة المقومات اللازمة لكل هذه السلع.- سواء في نوعها أو مصدرها - سواء في كمية الأشياء المسلمة أو هويتها.
وفي جميع الحالات فإن على مرتكب المخالفة إعادة الأرباح التي حصل عليها بدون حق". وفي حالة اقتران هذه الجريمة بظروف مشددة فإنه ترفع العقوبة طبقا للمادة 430 إلى 5 سنوات حبس والغرامة إلى 500.000 دج إذا ارتكب المحاولة أو الجريمة بظروف مشددة وذلك حسب نصها الآتي: ترفع مدة الحبس إلى الخمس 5 سنوات والغرامة إلى 500.000 دج إذا كانت الجريمة أو الشروع فيها المنصوص عليهما أعلاه قد ارتكبا.
- سواء بواسطة الوزن أو الكيل، أو بأدوات أخرى خاطئة، أو غير مطابقة.
- سواء بواسطة طرق احتيالية، أو وسائل ترمي إلى تغليط عمليات التحليل، أو المقدار، أو الوزن، أو الكيل، أو التغيير عن طريق الغش في تركيب، أو وزن، أو كيل، أو التغيير عن طريق الغش في تركيب، أو وزن، أو حجم السلع، أو المنتجات، ولو قبل البدء في هذه العمليات.
- سواء بواسطة بيانات كاذبة ترمي إلى الاعتقاد بوجود عملية سابقة وصحيحة، أو إلى مراقبة رسمية لم توجد.
ومن خلال نص المادتين 429 و 430 من قانون العقوبات نجد أن المشرع قد ساير في تجريمه للخداع معظم التشريعات في القانون المقارن حيث نص القانون الاستهلاك الفرنسي في المادة  213-1 على جريمة الخداع  كما أحالت المادة 68 من قانون 09-03 المتعلق بحماية المستهلك وقمع الغش العقاب الى قانون العقوبات بنصها يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 429 من قانون العقوبات، كل من يخدع أو يحاول أن يخدع المستهلك بأية وسيلة أو طريقة كانت حول:
-كمية المنتوجات المسلمة؛
- تسليم المنتوجات غير تلك المعنية مسبقا؛
-قابلية استعمال المنتوج؛
-تاريخ أو مدد صلاحية المنتوج؛
-النتائج المنتظرة من المنتوج؛
-طرق الاستعمال أو الاحتياطات اللازمة لاستعمال المنتوج.
اما بالنسبة لجريمة الغش في المواد الاستهلاكية فإن المشرع الجزائري لم يعط تعريفا للغش المنصوص عليها في المادة 431 ن قانون العقوبات ويعرف بأنه "كل لجوء إلى التلاعب أو المعالجة غير المشروعة التي لا تتفق مع التنظيم وتؤدي بطبيعتها إلى تحريف المنتوج" ، ومنه يمكن أن تتحقق جريمة الغش بانتزاع أحد عناصر التركيب، أو التقليل منها، أو إضافة بعض المواد، أو إنقاص أخرى، أو القيام بكل فعل من شأنه إحداث التغيير أو التشويه في طبيعة أو خصائص المواد المذكورة، بنص المادة أو المتطلبات الخاصة  بها
تنص المادة 431 من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وبغرامة من 20.000 دج إلى 100.000 دج كل من:
1-يغش مواد صالحة لتغذية الإنسان، أو الحيوانات، أو مواد طبية، أو مش ر وبات، أو منتوجات فلاحية، أو طبيعية مخصصة
للاستهلاك.
2. يعرض أو يضع للبيع أو يبيع مواد صالحة للتغذية الإنسان، أو الحيوانات، أو مواد طبية، أو مشروبات، أو منتوجات فلاحية، أو طبيعية، يعلم أنها مغشوشة، أو فاسدة، أو مسمومة.
3. يعرض أو يضع للبيع، أو يبيع مواد خاصة تستعمل لغش مواد صالحة لتغذية الإنسان، أو الحيوانات، أو مشروبات أو منتوجات فلاحية، أو طبية أو يحث على استعمالها بواسطة كتيبات، أو منشو رات، أو نشرات، أو معلقات أو إعلانات أو تعليمات مهما كانت.
ولقد شدد المشرع العقاب حسب نص المادة 432 من قانون العقوبات بنصه "إذا ألحقت المادة الغذائية أو الطبية المغشوشة أو الفاسدة بالشخص الذي تناولها أو الذي سببت له مرضا أو عجزا عن العمل يعاقب مرتكب الغش وكذا الذي عرض أو وضع للبيع أو باع تلك المادة وهو يعلم أنها مغشوشة أو مسمومة بالحبس من 5 سنوات إلى 10 سنوات، وبغرامة من 500.000دج إلى 1000.000 دج.
ويعاقب الجناة بالسجن المؤقت من عشر إلى عشرين سنة، وبغرامة وبغرامة من 1.000.000 دج إلى 000.0002 دج إذا تسببت تلك المادة في مرض غير قابل للشفاء، أو في فقد استعمال عضو، أو في عاهة مستديمة ويعاقب الجناة بالسجن المؤبد، إذا تسببت تلك المادة في موت إنسان"
يتضح من خلال نص المادتين 431-432 من قانون العقوبات أن المشرع جرم الأفعال التي يكون محلها السلعة موضوع التعاقد نفسها مثل غش المواد المذكورة في نص المادة 431 من قانون العقوبات، أو بيع المواد المغشوشة، أو التي تستعمل في الغش، كما أن المشرع لم يفرق بين مواد تغذية الإنسان او مواد تغذية الحيوان، بحيث شمل كلتا الحالتين بالحماية الجزائية المقر رة في المادة 432 من قانون العقوبات وقد شدد المشرع العقاب بنص المادة 432 من قانون العقوبات على جريمة الغش، حيث يصل إلى حد تقرير عقوبة الجناية نظرا لجسامة الأضرار التي تنجم عن تداول، أو استهلاك تلك المواد المغشوشة، ويكون بذلك قد ضاعف الجزاء المقرر لها حماية لصحة المستهلك من جريمة الغش وضمانا لحقه في سلامة الجسم والحياة.
الخاتمة  
 إن تجريم كل من جريمتي الخداع و الغش في المواد الاستهلاكية ،يعتبر في حد ذاته موضوعا حديثا نسبيا،وقد دعا الاهتمام به أكثر هو ما يصاحب هذين الجريمتين من تأثيرات سلبية على تدعيم وجود منافسة كافية في السوق وعلى حماية مصلحة المستهلك في الحصول على السلعة،حيث أن المشرع في أي دولة،عادة ما يسعى إلى تحقيق هذه الوفرة في السلع و المنتجات عن طريق تجريم بعض الأفعال التي من شانها الإخلال بجودة السلع المطروحة في الأسواق لضمان تموين البلاد ولتحقيق العدالة في التوزيع تيسيرا على المستهلكين.
أما بالنسبة لقمع هاتين الممارستين فبالرغم من توفر كل من النصوص القانونية التي تبين الحدود القانونية الموضوعة من قبل المشرع لمراقبة السوق والممارسات التجارية و كذا الأجهزة المكلفة بمتابعة ورقابة النشاط الاقتصادي ،فلا يزال إلى غاية الآن البحث عن الآليات القانونية السليمة لمواجهة هذه المخالفات التي أصبحت تهدد التوازن في السوق من اجل حماية المصالح الاقتصادية لكل من العون الاقتصادي والمستهلك ،والعمل على إيجاد طرق القمع المثلى من اجل القضاء على الظاهرة من خلال تحقيق الاحترافية على مستوى الهيئات الإدارية و القضائية المكلفة بحماية السوق،وتفعيل دورها في محاربة هذه الجريمة الاقتصادية وذلك بالقيام بالتحقيقات المعمقة واكتشافها والسرعة في تنفيذها،حيث لحد الآن لم تفتح الدولة على مستوى هذه الجهات القضائية أقسام تتولى الفصل و البحث في النزاعات التي يكون المستهلك احد أطرافها.  هذا وتم التوصل إلى أن حماية المستهلك مرهون بتوعيته بخطورة هذه الجرائم والضرر الذي قد يصيبه من جرائها ،ذلك أن مسؤولية حماية المستهلك تقع بالدرجة الأولى على المستهلك ،كما هو مرهون بكفاءة و نزاهة الأعوان ا المكلفين بقمع هذه الممارسات الغير الشرعية ومدى جدية المشرع الجزائري في إصدار نصوص قانونية جديدة  تتضمن تطوير مهمة الرقابة و التصدي لهذه المخالفات خاصة مع تطور أساليب الحيل و الغش التي قد يستخدمها العون الاقتصادي .














التصنيف : |
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016