تابعونا على الفيسبوك

Disqus

"قراءة نقدية في مستجدات قانون 13.89 المتعلق بالصحفيين المهنيين"

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
"قراءة نقدية في مستجدات قانون 13.89 المتعلق بالصحفيين المهنيين"


هشام عزى
باحث في العلوم القانونية والسياسية

عرف قطاع الصحافة هذه السنة نهضة تشريعية تجلت في إصدار لأول مرة قانون ينظم المجلس الوطني للصحافة[1]، وتعديل قانون الصحافة والنشر وقانون الصحفيين المهنيين[2] كتتويج للإصلاحات السياسية التي أطلقها المغرب بموجب دستور 2011. وتدعيها لحرية الرأي والتعبير والحق في الوصول إلى المعلومة.
وقد أقدم المشرع على تعديل القانون المنظم لمهنة الصحفيين المهنيين رقم 21.94 لسنة 1996، لعدم قدرته مواكبة تطورات العصر الحالي والمجال الصحفي الذي أصبح يعتمد على وسائل تكنولوجية متقدمة، ونظرا للغاية التي يحظى بها العمل الصحفي من لدن الأجهزة الرسمية والمجتمع المدني، والنابعة من الدور النبيل الذي يقوم به الصحفي داخل المجتمع من توجيه السياسات العامة للبلاد، وممارسة الرقابة على القائمين بالشأن المحلي، والمساهمة في توجيه الرأي العام والتأثير في ضمير الجماهير، وخدمة الحاجات الوطنية والإنمائية للمجتمع.
لأجل هذا فإن القانون الجديد للصحفيين المهنيين جاء لتمتيع الصحفي المهني بمركز قانوني قوي داخل المقاولة التي يشتغل بها، وإحاطة عقود شغلهم منذ إبرامها إلى إنهائها بقواعد حمائية تمكنهم من أداء عملهم في مناخ تسوده الحرية النقابية والمفاوضات الجماعية، وتقيهم  من الضغط والتعسف والتحكم حينا والفصل من العمل في حين أخر، وتمتيعهم بحصانة تمكنهم من أداء أمانتهم في أحسن الظروف بكل حرية وتجرد.
-  ما هي مستجدات قانون 13.89 المنظم لمهنة الصحفيين؟ وهل المشرع كان موفقا في حماية الصحفي المهني في هذا القانون؟ ونواقص وعيوب هذا القانون؟.
للإجابة على هذه الأسئلة سنتناول بحثنا من خلال فقرتين نتناول في الأولى مستجدات قانون 13.89 فيما يخص تعريف الصحفي المهني وبطاقة الصحافة. وفي الفقرة الثانية مستجدات قانون 13.89 فيما يخص علاقة شغل الصحفي المهني على أن نخصص الفقرة الثالثة لمستجدات قانون 13.89 بالنسبة للصحفيون المعتمدون.
الفقرة الأولى: مستجدات قانون 13.89 فيما يخص تعريف الصحفي المهني وبطاقة الصحافة.
أولا: تعريف الصحفي المهني:
لعل أهم مستجدات هذا القانون أن المشرع أعاد  النظر في تعريف الصحفي المهني، ليكون قادرا على مواكبة التطور الذي عرفه قطاع الصحافة، فبعدما ما كانت المادة الأولى من القانون القديم تعرف نوعا واحدا من الصحفيين المهنيين فقط فإن القانون الجديد صنف الصحفي المهني إلى عدة فئات هم:
·الصحفي المهني المحترف، الذي كان معروف في القانون القديم بالصحفي المهني وكان هو الوحيد المشمول بحماية قانون الصحفيين المهنيين دون باقي الفئات الأخرى التي جاء بها قانون 13.89. ومن المستجدات التي عرفها تعريف الصحفي المهني المحترف أن المشرع لم يعد يميز في منشآت الصحافة التي يشترط العمل بها لاكتساب صفة الصحفي المهني بين المكتوبة التي كان يتطلب فيها  المشرع أن تصدر بالمغرب، والسمعية البصرية التي كان يشترط أن يكون مقرها الرئيسي بالمغرب، فبموجب القانون الجديد يعد الشخص صحفي مهني إذا كان يشتغل بمقاولة صحفية مقرها الرئيسي بالمغرب، دون النظر لمكان صدور الأولى ومكان تواجد المقر الإجتماعي للثانية.
هذه محاسن التعريف الجديد أما عن مساوئه فإنه لم يحسم في مسألة التبعية القانونية التي كانت تثير إشكالية في النص القديم، وأبقى على تبعية الصحفي الاقتصادية للمقاولة فقط.
·                  الصحفي الحر: والمعروف في الوسط الفقهي بالصحفي بالصفحة، ويقصد به الشخص الذي يتعاطى العمل الصحفي بصفة غير منتظمة ويتلقى مقابل عمله أجر يتغير حسب حجم وأهمية الأعمال التي ينجزها لصالح المقاولة الصحفية. إذ أنه يأجر على الصفحة التي كتبها، ويشتغل لصالح مؤسسة صحفية واحدة أو أكثر، دون أن يرتبط مع أي منها بعقد شغل.
      هذه الفئة من الصحفيين عاشت في عهد القوانين القديمة (قانون بمثابة ظهير 1942 وقانون 21.94 لسنة 1995) على هامش النصوص القانونية المهنية  لأن المشرع لم يبين وضعيتهم المهنية وما إذا كانو صحفيين مهنيين أم لا وبفعل الانتقادات التي وجهت إلى قانون 21.94 وظهير 1942[3]، عالج المشرع وضعهم وأخضعهم لقانون 13.89 وأصبحوا مشمولين بحمايته.
·الصحفي المتدرب: أصبح حتى الصحفي المتدرب صحفيا مهنيا يخضع لقانون 13.89، والخضوع لهذا القانون سواء بالنسبة لهذه الفئة من الصحفيين أو غيرهم يكون لصالحهم لأنه يجلب لهم حقوق مهنية متعددة أكثر ما يحملهم بالتزامات. وقد أورد النص القديم إشارة واحدة فقط في المادة 8 التي أعطته إمكانية الحصول على بطاقة صحفية خاصة بهم، دون أن يبين المشرع ما إذا كانوا يستفيدون من حمايته القانونية أم لا.
·      الصحفي الشرفي: حسب البند 4 من المادة 1 من قانون 13.89 هو كل صحفي مهني أحيل على التقاعد بعدما مارس مهنة الصحافة لمدة 21 سنة، إن إيراد تعريف الصحفي الشرفي في القانون المهني للصحفيين المهنيين دليل على خضوعه له. وإذا كان المشرع فعل حسنا عندما أخضع كل من الصحفي المتدرب والصحفي الحر لقانون 13.89 ما كان عليه أن يجعل الصحفي الشرفي هو الآخر صحفيا مهنيا لأنه لا تربطه أية علاقة مع المنشآت الصحفية كما أن المشرع لم يمنح له أي حق ولم يخصص له ولا مادة من قانون 13.89. ما عدا القانون 13.90 الذي جعله عضو في المجلس الوطني للصحافة.
  ولعل الغاية من وراء وصف الصحفي المتقاعد بالصحفي المهني هي رغبة المشرع تشريفه على المجهودات التي بذلها مدة 21 سنة في خدمة الرأي العام، غير أننا نرى أن المشرع لم يوفق في تشريفه لمتقاعدي الصحفيين، لأن التشريف لا يكون بذكر الإسم  في نص قانوني دون امتيازات مادية ولا معنوية.
ثانيا: المستجدات بخصوص بطاقة الصحافة المهنية:
1)      الجهاز الذي يسلم بطاقة الصحافة المهنية.
حسب المادة 6 من قانون 13.98 تسلم بطاقة الصحافة المهنية من لدن المجلس الوطني للصحافة المحدث بموجب قانون 13.90 لسنة 2016 الذي نصت مادته الثانية على مهام هذا المجلس وجعلت من بينها مهمة منح بطاقة الصحافة، ونظرا للمهام الكبيرة الملقاة على عاتق هذا المجلس فإن المشرع خول له بموجب المادة 12 من قانون 13.90 إحداث لجان دائمة لأجل الاضطلاع بالمهام المسندة إليه ومن بينها لجنة بطاقة الصحافة التي يرأسها صحفي مهني.
شكل جهاز منح بطاقة الصحافة المهنية في القانون الجديد نقلة نوعية، فبعدما كانت السلطة الحكومية تحتكر مهمة منح بطاقة الصحافة في القانونين القديمين وكان لجنة بطاقة الصحافة مجرد دور استشاري، أصبح هذا الدور الاستشاري الآن للسلطة الحكومية التي تعين مندوبيها لدى المجلس ويحضر اجتماعاته بصفة استشاريات فقط.
ومنح المشرع مهمة تسليم بطاقة الصحافة المهنية إلى هيئة مستقلة عن السلطة الحكومية، دليل على إرادة المشرع الحقيقة لاستقلال سلطة الإعلام عن السلطة التنفيذية.
ولم يشهد الأشخاص الذين يتسلمون بطاقة الصحافة المهنية أي جديد يذكر ما عدا الصحفي الحر والصحفي الشرفي المتحدث عنهم في النقطة السابقة.

2)      شروط تسليم بطاقة الصحافة المهنية:
أ‌-      الشروط الموضوعية لتسليم بطاقة الصحافة المهنية:
حدد المشرع في قانون 13.89 الشروط الموضوعية اللازم توفرها للحصول على بطاقة الصحافة المهنية في المادة 7، وأولى هذه الشروط أن يثبت طالبها أنه لم يصدر في حقه حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل جناية أو جنحة في قضايا الابتزاز والاحتيال والنصب والارتشاء واستغلال النفوذ وخيانة الأمانة، لها علاقة باختصاص المجلس الوطني للصحافة أو قضايا الاتجار في المخدرات أو أفعال إرهابية أو الاغتصاب أو الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الجرائم ضد الأصول والفروع أو حكم بالحرمان من حق أو أكثر من حقوقه الوطنية أو المدنية. من أجل عدد من الجرائم مقسمة إلى ثلاث فئات:
 الفئة الأولى اشترط المشرع أن تكون لها صلة باختصاص المجلس الوطني للصحافة وحددها حصرا وهي النصب والابتزاز والاحتيال والارتشاء واستغلال النفوذ وخيانة الأمانة.
أما الفئة الثانية تتجلى في الاتجار في المخدرات و الجرائم الإرهابية أو الاغتصاب أو الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الجرائم ضد الأصول أو الفروع.
 والفئة الثالثة لم يحصرها المشرع في جرائم معينة، بل حددها بنوع العقوبة الممكن إدانة المرتكبين للجرائم بها وهي الحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الوطنية أو المدنية.
ويختلف هذا الشرط عن النص القديم في أن المشرع كان في قانون 21.94 يشترط مستخرج من سجل السوابق العدلية، ويبقى للجنة بطاقة الصحافة السلطة التقديرية في منح الشخص البطاقة مهما كان نوع الجريمة التي ارتكبها. في حين أن النص الجديد قلص نوعا من الجرائم الممكن أن تحرم الصحفي المهني من البطاقة لكنه في المقابل جرد المجلس الوطني من السلطة التقديرية التي كانت للجنة في القانون القديم.

ب‌-    الشرط الثاني: أن يثبت الصحفي أنه لا يشتغل لدى دولة أو منظمة أجنبية:
هذا الشرط من مستجدات قانون 13.89 إذ لم يكن له وجود في القانون القديم، ووضع هذا الشرط الغاية منه هو ممارسة الرقابة في الخارج حتى لا يعمل الصحفي لدى أكثر من مقاولة صحفية، مما قد يشكل منافسة للمقاولة التي يشتغل فيها بالمغرب ولممارسة رقابة بعدية على التزام الأجير بعدم منافسة مشغله فإن المشرع في المادة 15 من قانون 13.89 منع الصحفيين من الاشتغال لدى أكثر من مؤسسة صحفية واحدة إلا إذا حصل على إذن مكتوب من مشغله.
ج- الشرط الثالث: تقديم التزام مكتوب: بالإضافة إلى الشروط السابقة اشترط المشرع في طالب بطاقة الصحافة أن يقدم التزاما مكتوبا باحترامه الالتزامات القانونية وميثاق أخلاقية مهنة الصحافة ونظام المجلس الوطني لها.
وهذا الالتزام بنظرنا يبقى غير ذي جدوى ويزيد في تعقيد الإجراءات المسطرية للحصول على بطاقة الصحافة لأن النصوص القانونية ما وضعت إلا لتحترم ولا حاجة لإلزام الأفراد بإقرارهم احترامها.
ويتعين على طالب بطاقة الصحافة أن يحدد طبيعة الأنشطة والمؤسسة الصحفية التي يشتغل بها وعند الاقتضاء المؤسسة أو المؤسسات الصحفية التي يتعامل معها.
3)      سحب بطاقة الصحافة:
لقد وسع المشرع المغربي في القانون الجديد من حالات سحب بطاقة الصحافة المهنية في المادة 9 من قانون 13.89 إذ أنه اعتبر انتفاء أي شرط من شروط تسليمها أو صدور حكم بإدانة الصحفي المهني من أجل ارتكاب أفعالا منصوص عليها في المادة 7 سببا موجبا لسحب بطاقة الصحافة. في حين أن القانون القديم لم يكن يسمح بسحب بطاقة الصحافة إلا في حالة صدور حكم نهائي بإدانة الصحفي لارتكابه أفعالا تخل بالأخلاق أو لخرقه قانون الصحافة أو عدم التقيد بقواعد آداب المهنة. وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن المشرع حرم الصحفي المهني من حقوق الدفاع بمناسبة سحب بطاقة الصحافة أمام المجلس الوطني للصحافة. بإبداء ملاحظاته والدفاع عن نفسه كما كان في قانون21.94 وهو ما يفسر تضييق المشرع الخناق على العمل الصحفي.
الفقرة الثانية: مستجدات علاقة شغل الصحفي المهني:
أولا: الحقوق الأساسية للصحفي المهني:
 منع المشرع المغربي الصحفي المهني من العمل لدى أكثر من مؤسسة صحفية كقاعدة و كمبدأ في المادة 15، واستثناء لهذه القاعدة يمكن للصحفي المهني أن يشتغل لدى مؤسسات صحية أخرى شريطة حصوله على إذن مكتوب من مشغله الأول، وهذا الشرط الغاية منه ضمان تخصيص الصحفي المهني كامل جهده ووقته في خدمة مقاولة واحدة بغية الرفع من مردودية عمله وتفادي نقل خبرة و تجربة المقاولة الأولى وأسررها إلى مقاولات أخرى الأمر الذي يشكل منافسة غير مشروعة تؤثر سلبا على المقاولة الأولى.
وقد منح القانون الجديد للصحفيين المهنيين حقوقا لم يكن لها وجود في القانون القديم، فالمادة 18 من قانون 13.89 أعطت للصحفي الحق في رفض نقل خبر أو بثه إلى الجمهور بتوقيعه عندما تدخل عليه المقاولة تعديلات، ما لم يكن منافي لأخلاقيات المهنة وفي حالة ما قامت المقاولة بفصل الصحفي بسبب امتناعه عن بث عمله هذا فإن فعلها يعتبر تعسفيا يستحق عنه الصحفي التعويضات الأربع.
وقد أفرد القانون الجديد المادة 19 للحقوق الفكرية للصحفيين المهنيين وأعطى للمقاولة الصحفية إمكانية استغلال المصنف الأدبي للصحفيين، وسمح لها بإعادة نشر مقال أو نص مكتوب أو عمل فني عدة مزات إلا إذا نص اتفاق صريح على غير ذلك[4].  وبخصوص العطل الأسبوعية والسنوية والعطل الرسمية فإن المشرع لم يأتي بأي جديد يذكر، إذ أنه أعاد صياغة المادة 17 من القانون القديم في المادة 20 من قانون 13.89.

ثانيا: التعويضات المستحقة للصحفي المهني:
يرتبط الصحفي المهني بالمقاولة الصحفية بموجب عقد شغل، الذي يرتب عدة حقوق والتزامات في ذمة طرفيه، ويبقى الأجر الذي يتقاضاه الأجير أهم الحقوق التي تنتجها علاقة الشغل بالنسبة إليه، ويفقد الصحفي المهني هذا الحق إذا توقف عن أداء العمل المتفق عليه. كما أن المقاولة الصحفية قد ترغب في تحليل نفسها من عبئ أداء الأجر فتلجأ إلى فصل الصحفي المهني عن عمله ولو لم تستند على مبرر مشروع.
 وكلما كان المشغل متعسفا في استعمال سلطته  ولجأ إلى فصل الصحفي من العمل كأقصى عقوبة يمكن أن يتعرض لها هذا الأخير خلال حياته المهنية، فإن الصحفي يستحق أربع تعويضات.
ومن هذه التعويضات، التعويضات عن الإخطار الذي لم يغير المشرع من مدته فالمشغل إذا أنهى عقد الشغل الغير محدد المدة ولم يعلم الصحفي بهذا الإنهاء، يلزم بإعطائه تعويض يعادل أجرة شهر أو ثلاث أشهر، حسب ما إذا كانت مدة تنفيذ عقد الشغل لا قل عن ثلاث سنوات أو تزيد عن هذه المدة.
والتعويض الثاني الذي يستحقه الصحفي المهني هو التعويض عن الضرر، وحدد المشرع مقداره في المادة 22 من قانون 13.89 بعد ما  كان القانون القديم يحيل بشأنه على مدونة الشغل.
وحسب المادة 22 من القانون الجديد فإن التعويض عن الضرر لا يقل عن أجرة شهرين بالنسبة لكل سنة أو جزء من السنة من الشغل الفعلي بالنسبة للخمس سنوات الأولى. وإذا ازدادت مدة الأقدمية عن خمس سنوات فإن مقدار التعويض تحدده لجنة التحكيم التي يشرف عليها المجلس الوطني للصحافة، ويثير هذا التعويض إشكالية المعيار الذي ستعتمده لجنة التحكيم لتحديد التعويض في حالة ما إذا كانت أقدمية الصحفي تتجاوز 5 سنوات.
وفيما يتعلق بالتعويضين الأخيرين فإن المشرع أحال في الفقرة الأولى من المادة 22 من قانون 13.89 على مدونة الشغل بالنسبة للتعويض عن الفصل ولم يشر إلى التعويض عن فقدان الشغل وبنظرنا يبقى الرجوع بشأنه لمدونة الشغل حتميا في ظل المادة 13 من القانون الجديد[5].
ولحماية حرية ضمير الصحفي المهني، فإن المشرع المغربي وعلى غرار العديد من التشريعات اعتبر استقالة الصحفي إعمالا لحرية الضمير بمثابة الفصل التعسفي.
وقد أبقى المشرع على الحالات الثلاث[6] التي تمس فيها حرية ضمير الصحفي المهني كما كانت في القانون القديم، ماعدا الحالة الثانية المتعلقة بالتوقف النهائي للمقاولة الصحفية.
ففي القانون القديم كان الصحفي المهني يستفيد من التعويض سواء كان توقف الصحيفة إراديا أو اضطراريا بسبب صعوبات اعترضت المقاولة، وهو ما يستفاد من العبارة الواردة في المادة 15 من قانون 21.94 "لأي سبب من الأسباب" وفي القانون الجديد لن يستفيد الصحفي من التعويض إلا إذا كان التوقف لأسباب إرادية[7]، وذلك استنادا إلى المادة 23.


ثالثا: الضمانات القانونية لحماية الصحفي المهني:
وفر القانون المنظم لمهنة الصحفيين الجديد ضمانات قانونية لحماية حقوق الصحفي المهني، في المواد 24 و 25. حيث أن الأولى سمحت للصحفيين المهنيين بإبرام اتفاقية الشغل الجماعية كآلية لكفالة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لإجراء وتحقيق النمو والسلم داخل المقاولة وكوسيلة لممارسة الحرية النقابية والحقوق السياسية للصحفي المهني.
وما يميز اتفاقية الشغل الجماعية للصحفيين المهنيين في القانون الجديد هو أن المشرع ألزم أطرافها بإحالتها عل المجلس الوطني للصحافة لإبداء رأيه فيها قبل المصادقة عليها من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالإعلام.
والضمانة الثانية التي جاء بها القانون الجديد، هو إجبارية التحكيم في حل نزاعات شغل الصحفي المهني سواء النزاعات الفردية أو الجماعية بغض النظر عما إذا كانت تتعلق بتحديد التعويض عن الضرر أو غيره[8].
الفقرة 3: الصحفيون المعتمدون:
نظم المشرع المغربي الصحفيون المهنيون في الباب الثاني من القانون الجديد، كما كان معمولا به في القانون القديم، والجديد الذي جاء به قانون 13.89 للصحفيين المعتمدين، هو أنه أعطى في الفقرة الثانية من المادة 26 للمقاولة الصحفية الأجنبية إمكانية إحداث مكتب أو تمثيلية لها بالمغرب لتتمكن من تنظيم عمل صحفييها المراسلين، إذا كانوا مستوفين للإجراءات التي تجعلهم خاضعين لقانون الصحفيين المهنيين المغربي.
وبعدما كان القانون المطبق على الصحفيين المهنيين المغاربة المشتغلين في مقاولات لها مقر رئيس خارج المغرب ومعتمدين في المغرب مجهولا، ويثير تحديده صعوبات لأنهم يدخلون في دائرة القانون الدولي الخاص، تدخل المشرع في القانون الجديد لسد هذه الثغرة التشريعية بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 28 ومنح الصحفيين المهنيين المغاربة المعتمدين نفس الحقوق التي يتمتع بها باقي الصحفيين المنصوص عليهم في المادة الأولى.



[1] -  قانون رقم 13.90 منشور بالجريدة الرسمية عدد 64.54 بتاريخ 7 أبريل2016 ص :2961 .
[2]-  قانون رقم  13.89 منشور بالجريدة الرسمية عدد 6466 بتاريخ 19 ماي 2016 ص : 38.52.
[3] لا لوح شعيب الوضع القانوني للصحافة في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 1987،ص:224.
[4] للتوسع أكثر حول الحقوق الفكرية للصحفي المهني راجع رسالتنا حول النظام القانوني للصحفي المهني، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، الكلية المتعددة التخصصات تطوان، جامعة عبد المالك السعدي، السنة الجامعية 2016-2017 ص:64.
[5]  وتحدثت مدونة الشغل عن التعويض  عن فقدان الشغل في المواد 53 59. ولم يتم الاستفادة من هذا التعويض إلا بعد سنة 2014 عندما أصدر المشرع القانون رقم 03.14 المنظم لكيفية الاستفادة منه.
[6] هو هذه الحالات تتمثل بناء على المادة 23 من قانون 13.89 في :
1-      بيع المؤسسة الصحفية.
2-      انتهاء صدور اليومية أو الدورية، أو إغلاق وكالة الأنباء أو منشأة الإذاعة والتلفزة لأسباب إرادية.
3-      حدوث تغيير جدري على طابع منشأة الصحافة إذا ترتب عن هذا التغير بالنسبة للصحفي وضعية من شأنها أن تمس بمصالحه المعنوية أو بمعتقداته.
[7]  أنظر، هشام عزى، النظام القانوني للصحفي المهني م س ،ص:79.
[8] كان القانون القديم لا يحيل على التحكيم في حالة النزاعات المتعلقة بتحديد التعويض عن الفصل فقط.
التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016