تابعونا على الفيسبوك

Disqus

العقد الإلكتروني

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
العقد الإلكتروني




من اعداد قادري فلة
جامعة مولود معمري
تيزي وزو
  
شهد العالم عبر العصور عدة تطورات ،فبعد حقبة الثورة الصناعية و ما ترتب عنها من تغيرات عادت  بالنفع على المجتمع ، تابعتها سلسلة من الاكتشافات أخرى بحيث استمر المجتمع في السعي وراء التطور والبحث و ذلك في شتى المجلات ،الامر الذي أدى الي الى بروز أساليب اخرى لم تكن معروفة من قبل ، بحيث ساهمت هذه الاخيرة بشكل كبير في تسهيل التواصل وكذا التعامل بين الافراد .وهذه الأساليب لا تزال في تطور الامر الذي  أدى الى بزوغ ثورة ثالثة وهي الثورة المعلوماتية وهذا في مجالات  تقنيات الاتصال اذ ترتب عن ظهور و ربط  بين التطور في مجال المعلوماتية و التطور في مجال الاتصال  الى ما يعرف ظهور بشبكة المعلومات الدولية ،التي عرفت تقدما هائلا ،الامر الذي ساعد على ازدهار التجارة الالكترونية وتطورها وكذا ساهم بشكل كبير الى تغير أسلوب اخر لإبرام العقود وذلك دون ان يبارح المتعاقد منزله او أماكن عمله  وهذا يبدوا اثاره الإيجابية خاصة في المعاملات التجارية التي تحتاج بشكل كبير لسرعة المعاملات فهذا يساعدها على مباشرة اعمالها بسرعة تقل عن  ساعة كحد اقصى وهذا ما يترجم خاصية السرعة التي تتميز بها الاعمال التجارية .
فقد أصبحت شبكة الانترنت العمود الفقــري للمعاملات بين الافراد نظرا لما تتميز به من التسهيلات والسرعة
 الفائقة (1)
فكما سبق القول ان شبكة الانترنت قد ساهمت  في تغيير المفاهيم السائدة في المعاملات المدنية والتجارية وكذلك نظم وطرق الإثبات وذلك بما يواكب و ما يسود العالم في الحاضر من تقدم تقني وفني هائل في مجال الثورة المعلوماتية، وكذلك لمواكبة الأنظمة العالمية والمتغيرات الاقتصادية التي سيدشنها العالم بأسره والتي بمقتضاها ستكون هناك ضرورة ملحة لعقد الصفقات وإبرام العقود في أقصى وقت ممكن، ولن يتم ذلك إلا عن طريق وسائل الاتصال الحديثة عبر شبكة المعلومات العالمية ((الإنترنت)) بهدف تسهيل عمليات التبادل التجاري، وانسياب حركة التجارة في سهولة ويسر دونما تعقيد أو معوقات أو تأجيل حتى يلتقي طرفي التعاقد وما يصحبه من سفر وانتقال وإقامة وخلافة من إهدار الوقت والاجتماعات. لذا فلا مناص قبل التطرق الحديث عن العقد الالكتروني الذي هو موضوع البحث كان لابد من التوقف عند مصطلح التجارة الالكترونية لأن التجارة الالكترونية توحي بشكل عام الى اجراء المعاملات و الصفقات التجارية بأنواعها و اشكالها المختلفة من بيع و شراء المنتجات و الخدمات سواء المادية منها كالبضائع و الادوية و السيارات و غيرها او الرقمية كالأخبار و برامج الحاسوب الالي و المجالات ....الخ(2).

فمصطلح التجارة الالكترونية حسب ما نص عليه قانون المبادلات و التجارة الالكترونية التونسي رقم 83 لسنة 2000 من الفصل الثاني له ان : ""العمليات التي تتم عبر المبادلات الالكترونية "" كما نصت المادة 02 من قانون الامارة دبي بشان المعاملات و التجارة الالكترونية رقم 2 لسنة 2002 على ان :""التجارة الالكترونية هي المعاملات التجارية التي تتم بواسطة المراسلات الالكترونية "".اما المادة الأولى من مشروع قانون التجارة الالكترونية المصري فقد نصت على مايلي :""التجارة الالكترونية هي تبادل السلع و الخدمات عن طريق وسيط الكتروني ""كما جاء في المادة الثانية من تشريع المعاملات الالكترونية ما يلي :""هي المعاملات التي تنفذ بوسائل الالكترونية ""(1)
من خلال هذه التعريفات يلاحظ انها واردة ضمن نصوص قانونية خصص لإبراز المعاني للعبارات  و المصطلحات الواردة في التشريعات المشار اليها ،كما ارتكزت على التجارة التي تتم عبر شبكة الانترنت أي لم تستبعد صراحة في النصوص أعلاه وسائل الاتصالات الالكترونية عن نطاق مفهوم التجارة الالكترونية،ولا تتم هذه المبادلات او التجارة الالكترونية الا من خلال ما يعرف بالعقود الالكترونية و بالتالي ،لا مناص من التسليم بان العقد الالكتروني يعتبر بمثابة القلب النابض للتجارة الالكترونية حيث انه يمثل ترجمة قانونية لتلاقي الارادات بين البائع و مقدم الخدمة من الناحية و المشتري او المستهلك من الناحية أخرى     
سيتم دراسة في هذا الموضوع بحث ''العقد الإلكتروني''، الذي هو اهم وسيلة من وسائل التجارة الالكترونية اذ  يتميز هذا العقد بخصائص لا تتوفر في العقود المبرمة بالوسائل التقليدية، كونه مبرم في بيئة افتراضية غير مادية وعبر شبكات الإتصالات العالمية التي لا تعترف بالحدود الجغرافية للدول، كما أنه غالبا ما يكون محررا على دعامات غير ورقية مخزنة داخل الأنظمة المعلوماتية.(2)
كما ان  التوقف عند هذا المصطلح الذي يعد مصطلح العصر ذات طبيعة تميزه عن غيره من العقود الامر يدفع الى التساؤل عن مفهوم المصطلح من زوايا مختلفة و عن  ما يميزه عن غيره من العقود وباعتباره مصطلح جديد ونطاق تطبيقه و أخيرا انعقاده ؟
لكل هذا الذي ذكرناه فإن معالجة هذه المسائل أصبح واجبا ولابد من البحث عن معالجة قانونية له محاولين في هذه الدراسة إجراء مقاربة بين هذه المشاكـل والنظريـة العامـة للعقـد، كما هي منظمة ـ اليوم ـ في القانون المدني، ومدى ملائمة هذه النصوص للعقد الإلكتروني، وذلك وفق الخطة التالية:
 


المبحث الأول: مفهوم العقد الإلكتروني.
      المطلب الأول:  تعريف العقد الإلكتروني.
        الفرع الأول: تعريف مواثيق الدولية للعقد الالكتروني.
        الفرع الثاني: تعريف القوانين المقارنة للعقد الالكتروني .
        الفرع الثالث: تعريف الفقهي للعقد الإلكتروني.
     المطلب الثاني: خصائص العقد الإلكتروني.
        الفرع الأول: العقد الالكتروني من حيث العقد ذاته.
        الفرع الثاني: العقد الالكتروني من حيث الأطراف.
        الفرع الثالث :العقد الالكتروني من حيث الموضوع .
المطلب الثالث :طبيعة  القانونية للعقد الالكتروني
        الفرع الأول :العقد الالكتروني باعتباره عقد اذعان
        الفرع الثاني :العقد الالكتروني عقد رضائي
المبحث الثاني: اركان العقد الإلكتروني .
       المطلب الأول: التراضي في  العقد الإلكتروني.
        الفرع الأول: االتعبير عن الارادة.
        الفرع الثاني: توافق الارادتين .
       
      المطلب الثاني: المحل في العقد الالكتروني  .
        الفرع الأول : تحديد  ركن محل في العقد الالكتروني .
        الفرع الثاني: شروط  ركن محل العقد الالكتروني .
       المطلب الثالث : السبب في العقد الالكتروني .
             الفرع الأول :تحديد ركن السبب  في العقد الالكتروني . 
             الفرع الثاني :شروط  سبب العقد الالكتروني .
الخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتـــــــــــــــــــــمـــــــــة.

المبحث الأول: مفــــــهـــــوم العــــقــــــد الإلكتـــــروني
 إن العقد الإلكتروني، في الواقع، لا يخرج في بنائه وتركيبة وأنواعه ومضمونه عن غيره من العقود ، ومن ثم فهو يخضع في تنظيمه للأحكام الواردة في النظرية العامة للعقد، وهو من العقود غير المسماة حيث لم يضع المشرع تنظيماً خاصاً له. و سوف نتناول الحديث من خلال هذا المبحث التوقف عند مصطلح العقد الالكتروني و ذلك من خلال بيان:  تعريفه من جانب المواثيق الدولية و القوانين المقارنة من جهة و من جهة أخرى تعريف العقد الالكتروني من جانب الفقهي  و ذلك في المطلب الأول ،اما في المطلب الثاني فنسعى من خلال التعاريف الواردة في المطلب الأول الى استخلاص جملة من خصائص التي يتميز بيها هذا العقد عن غيره من العقود و بيان طبيعته القانونية  .
1- تعريف العقــد الإلكتروني
ليس هناك تعريف موحد للعقد الإلكتروني، سيما لو أخذنا بعين الإعتبار تعدد الجهات والمحافل التي أوردت هذه التعاريف من جهة، ونوع التقنية التي تستعمل في إبرامه من جهة أخرى، وعليه سيتم عرض أهم التعاريف الواردة بشأنه في المواثيق الدولية أولا، ثم تلك التي جاءت بها القوانين المقارنة ثانيا، وأخيرا نشير إلى بعض التعاريف التي جاء بها الفقه.
* التعريف الوارد في المواثيق الدولية.
 عرفت المادة الثانية من التوجيه الأوربي رقم 97-07 الصادر في 20 مايو 1997عن البرلمان الأوربي والمتعلق بحماية المستهلك في العقود المبرمة عن بعد، المقصود بالتعاقد عن بعد بأنه" أي عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد ومستهلك من خلال الإطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد،والذي يتم باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل الاتصال الإلكترونية،حتى إتمام التعاقد ".
عرفت تقنية الإتصال عن بعد في نفس النص بأنها: "كل وسيلة بدون وجود مادي ولحظي للمورد وللمستهلك يمكن أن تستخدم لإبرام العقد بين طرفيه"، فهذا التوجيه قد عرف العقود عن بعد التي تشمل في مفهومها العقود الإلكترونية .( 1)
 * تعريف القوانين المقارنة للعقد الالكتروني .
أوردت بعض التشريعات المنظمة للتجارة الالكترونية تعريف للعقود الالكترونية ضمن النصوص القانونية التي تبين معاني المفردات و المصطلحات المتداولة في التجارة الالكترونية ،من جملة هذه التعريفات نرد مايلي :
عرف المشرع الأردني في قانون المعاملات الالكترونية رقم 10 لسنة 2001 العقد الالكتروني و ذلك في مادة الثانية منه بانه : الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسائل الالكترونية كليا او جزئيا .
كما نجد قانون الاونسترال النموذجي بشان التجارة الالكترونية قد أشار للعقود الالكترونية دون تعريف وذلك في نص المادة 11/01 و تحت عنوان تكوين العقود و صحتها على انه :""في سياق تكوين العقود ،و مالم يتفق الطرفان على غير ذلك ،يجوز استخدام رسالة البيانات للتعبير عن العرض و قبول العرض و عند استخدام رسالة البيانات في تكوين العقد لا يفقد ذلك العقد صحته او قابليته للتنفيذه لمجرد استخدام رسالة بيانات لذلك الغرض .""
IN THE CONTEXTE OF CONTRACT FORMATION ,UNLESSOTHERMISE AGREED BY THE PARTIES ,AN OFFER AND THE ACCEPTANCE OF AN OFFER MAY BE EXPRESSED BY MEANS OF DATA MESSAGE ,WHERE A DATA MESSAGE IS USED IN THE FORMATION OF A CONTRACT,THAT CONTRACT SHALL NOT BE DERIED VALIDITY OR ENFORCEABIBITY ON THE SOE GROUND THAT A DATA MESSAGE WAS USED FOR THAT PURPOSE.   (01)  
كما ان هناك تعريف تنظيمي مفاده ان التعاقد الالكتروني هو :( كل شكل من اشكال الاتصال يستهدف تسويق بصورة مباشرة او غير مباشرة بضائع او خدمات او صورة مشروعة او منظمة او شخص يباشر نشاط تجاري اوصناعي او حرفي او يقوم بمهنة منظمة .) (02)
في مشروع قانون التجارة الالكترونية المصري فقد كان تعريفه اعم بالنسبة لتبادل البيانات الإلكترونية بحيث كان تعريفه اعم بالنسبة لتبادل البيانات الالكترونية بحيث اطلق عليها في مادته الأولى تسمية المحرر الالكتروني و عرفه بانه :'' كل انتقال او ارسال او استقبال او تخزين لرموز او إشارة او كتابة او صورة او صوت او معلومات أيا كانت طبيعتها من خلال وسيط الكتروني '' (03)

أما في فرنسا، فقد شكلت لجنة خاصة برئاسة وزير الإقتصاد من أجل تنظيم المسألة أين عرفت التجارة الإلكترونية بأنها: "مجموعة المعاملات الرقمية المرتبطة بأنشطة تجارية بين المشروعات ببعضها البعض وبين المشروعات  والأفراد وبين المشروعات والإدارة.
في حين لا نجد تعريف خاص للعقد الالكتروني القانون التجاري الجزائري .ولا القانون المدني الذي يعد الشريعة العامة
*التعريف الفقهي للعقد الالكتروني
هناك عدة تعاريف فقهية للعقد الالكتروني و يمكن جملها على النحو التالي :
1 -" العقد الإلكتروني هو العقد الذي يتم إبرامه عبر الأنترنيت" [1]، والملاحظ على هذا التعريف أنه حصر وسيلة إبرام العقد الإلكتروني في شبكة الأنترنيت متجاهلا الوسائل الأخرى لإبرامه مثل التيلكس والفاكس والمينيتل.
2- ومن هذه التعاريف أيضا القائل بأن العقد الإلكتروني هو: " كل اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب بالقبول على شبكة دولية مفتوحة للإتصال عن بعد، وذلك بوسيلة مسموعة مرئية، وذلك بفضل التفاعل بين الموجب والقابل" [2]، يلاحظ أن هذا التعريف اشترط وسيلة مسموعة مرئية لكي يعتبر العقد إلكترونيا.  
3-العقد الالكتروني هو اتفاق بين طرفي العقد من خلال تلاقي الايجاب و القبول عن طريق استخدام شبكة المعلومات سواء في تلاقي الارادتين،او في المفاوضات العقدية،او التوقيع،او أي جزئية من جزئيات ابرامه،سواء كان هذا التصرف في حضور طرفي العقد في مجلس العقد او من خلال التلاقي عبر شاشات الحاسب الالي او أي وسيلة الكترونية سمعية او بصرية .(3) و غيرها من التعاريف الفقهية الواردة.

2-خصائص العقد الإلكتروني.
يتم التطرق في هذا المطلب إلى أهم الخصائص التي يتميز بها العقد الالكتروني عن بقية العقود وذلك من خلال بيان ميزته كعقد بحد ذاته ببيان ما يميزه عن غيره من العقود ومن جهة من خلال الأطراف المبرمة لهذا العقد و من ناحية أخرى نلتمس لخصوصيته من حيث موضوعه في الفرع الثالث. و ذلك على نحو الايجاز
*خصوصية العقد الالكتروني كعقد في حد ذاته
إن أهم خاصية يتميز بها العقد الإلكتروني عن غيره من العقود هي أنه عقد مبرم بوسيلة إلكترونية، فالوسيلة التي من خلالها يتم إبرام العقد هي التي تكسبه هذه الصفة، وتتمثل هذه الوسائل عادة في أنظمة الكمبيوتر المرتبطة بشبكات الإتصالات المختلفة( السلكية واللاسلكية) (01)،اذ ان انعقاد هذا العقد على خلاف العقود الأخرى يكون دون وجود ما يعرف بالمجلس الانعقاد العقد بحيث تم الجمع بين الأطراف بطريقة الكترونية عند ابرام العقد اذ ينعقد العقد بطريقة الكترونية الحديثة ،فتواجده يكون بشكل مختلف يتوافق و التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم حاليا و الاخذ في التطور بشكل غير مسبوق ،وبطريقة مستمرة .فعليه ان اتشار الوسائط الالكترونية عالميا و تنوعها اصبح من الطبيعي انعقاد العقد دون وجود ما كان يسمى بمجلس انعقاد العقد .كما العقد فيه تكون دائما غير مدونة او مثبتة على دعامة ورقية.
* العقد الالكتروني من حيث الأطراف
في العقود الالكترونية المبرمة على شبكة النترنت لايكون هناك حضور طرفي العقد في مجلس العقد فتتراسل الأجهزة الالكترونية فيما بينهما تلقائيا و يتم تبادل التعابير الإدارية وفقا للبرامج الحاسوبية المعدة لهذا الغرض (02) .
3- العقد الالكتروني من حيث الموضوع .
يعد العقد الالكتروني هو أهم وسيلة من وسائل هذه التجارة، وهذا ما جعل بعض الفقه يعبر بمصطلح التجارة الإلكترونية على العقود الالكترونية تجاوزا، ولا يقصد بالتجارة الالكترونية تلك التجارة في الأجهزة الإلكترونية، بل يقصد بها المعاملات والعلاقات التجارية التي تتم بين المتعاملين فيها من خلال استخدام أجهزة ووسائل إلكترونية مثل الأنترنيت، وعرفها البعض بأنها: " مجموع المبادلات الإلكترونية المرتبطة بنشاطات تجارية والمتعلقة بالبضائع والخدمات بواسطة تحويل



3-طبيعة  القانونية للعقد الالكتروني
*العقود الالكترونية من صبغة عقود الإذعان
يرى بعض الفقه في القانون الإنجليزي و الفرنسي الحديث ان العقود الالكترونية هي بمثابة عقود اذعان ،وكذلك التشريعات المنظمة للتجارة الالكترونية كالمشروع المصري لقانون التجارة الالكترونية في مادته 18 التي تنص على
''تعتبر العقود النمطية المبرمة الكترونيا من العقود الإذعان في مفهوم القانون من حيث تفسيرها لمصلحة الطرف المذعن و جواز ابطال مايرد فيها من شروط تعسفية و يعد شرطا تعسفيا كل شرط من شانه الاخلال بالتوازن المالي للعقد و كل شرط يتضمن حكما لم يجر به العرف .''(01) و علة اعتبارها من عقود الإذعان هو بسبب ان المتعاقد لا يملك الا ان يضغط في عدد من الخانات المفتوحة امامه في موقع البائع او المشتري على الموصفات التي يرغب فيها من السلعة و على الثمن المحدد سلفا دون مناقشة او مفاوضة عليه مع المتعاقد الاخر فليس له الا القبول العقد كليا او رفضه .(02)
*العقود الالكترونية عقود رضائية
ذهب راي من الفقه الى اعتبار ان العقد الالكتروني هو عقد رضائي بحيث استدلوا في ذلك على انه لاتوجد تشريعات المنظمة للتجارة الالكترونية مايدل على اعتبار العقود الالكترونية من عقود الإذعان ،كما ان بالرجوع الى المشروع قانون التجارة الالكترونية المصري فقد اكد أيضا على اعتبار العقود الالكترونية النموذجية المعدة شروطها مسبقا فقط من عقود الإذعان اما العقود الأخرى غير نموذجية فتبقى في ايطار العقود الرضائية .
موقف المشرع الجزائري
لم يحدد المشرع الجزائري طبيعة العقد الالكتروني الا انه اكتفى بالنص عليها في النص المادة 323 مكرر1 باعتبارها وسيلة اثبات  .
 

المبحث الثاني :انعقاد العقد الالكتروني
1- التراضي في  العقد الإلكتروني
* التراضي هو احد الأركان الأساسية لانعقاد العقد الذي ينعقد بتوافق الارادتين بقصد احداث الأثر قانوني ،ويعتبر التراضي موجود اذا تطابقت ارادتا المتعاقدين و ذلك حسب المادة 59 من قانون المدني الجزائري ،فبالتالي لابد من توفر الايجاب هو تعبير عن إرادة المتعاقد،يدل بصورة قاطعة على انه يقبل التعاقد وفقا لشروط معينة  الذي قد يتم عن طريق البريد الالكتروني ،او بالمحادثة او المشاهدة .
*اما القبول فهو تعبير عن إرادة من وجهه اليه الايجاب يفيد موافقته على الايجاب و يؤدي القبول الى إتمام العقد متى وصل الى علم الموجب و كان الايجاب لايزال قائما و فقا لمواد60 الى 68 من قانون المدني ،ولا يخرج القبول الالكتروني عن مضمون هذا التعريف سوى انه يتم عبر الوسائط الالكترونية (01) .ويختلف وقت القبول الالكتروني حسب الوسيلة المستعملة ،فان عرض الموجب ايجابه عبر الخدمات الاتصال المباشر عبر الانترنت كغرفة المحادثة  فان وقت القبول محدود بوقت المحادثة فيجب صدور القبول مباشرة،و على يطبق على القبول في العقد الالكتروني نفس القواعد المنصوص عليها في القواعد العامة .
*توافق الارادتين
كما لابد ان يتم تطابق الارادتين  و ذلك فيما يعرف بالمجلس العقد فيمكن القول ان المتعاقدين بالرغم انه لم يجمعهما نفس الحيز المكاني الا ان التعاقد فيما بينهما بالنضر الى القواعد العامة هو عبارة عن تعاقد بين حاضرين ل بالرغم انه لم يجمعهما نفي الحيز المكاني الا ان شبكة الأنترنت و ما لها من تقنيات عدة للتواصل سواء عن طريق الانترنت او الاتصال فهذا يعني ان اتصال القبول بالإيجاب يتم في الوقت ذاته ، الانه هناك اراء أخرى قد اعتدت الى القول ان التعاقد في العقد الالكتروني هو تعاقد بين غائبين مستدلين في ذلك على على حجج و ذهب فريق اخر الى اعتباره تعاقد بين حاضرين .
و يشترط في التراضي ان يكن صحيحا من بان يكون صادرا من ذي اهليه و خاليا من عيوب الرضا كالتدليس و الغلط  فهذين يمكن تصور حدوثهما في التعاقد الالكتروني اكثر من الاكراه.
2- المحل في عقد الالكتروني
* تحديد  ركن محل في العقد الالكتروني :
لكل عقد لا بد ان يكون له محل ،فالعقد الالكتروني هو عقد كباقي العقود لكنه يكتسب الطابع الالكتروني من خلال الطريقة التي ينعقد بها او الوسيلة التي تتم ابرامه من خلالها فبالتالي هذا لا يفي عنه توفر اركان العقد التي نص عليها المشرع الجزائري من رضا و محل و سبب،و يختلف محل العقد الإلكتروني فقد يكون بيع كما قد يكون ايجار        * شروط  ركن محل العقد الالكتروني .
يستوجب ان يتوفر في المحل شروط العامة المنصوص عليها  في القانون المدني الجزائري من المادة 92 الى غاية المادة 95 من قانون المدني ونجملها على النحو التالي :
يلزم ان يكون محل الالتزام موجودا و ممكنا
ان يكون معينا او قابل للتعين و ان يكون قابل للتعامل فيه .
فمحل الالتزام في العقد الالكتروني لا يختلف عن محل الالتزام في العقد التقليدي ،و محل الالتزام هو ما تعهد به المدين سواء كان التعهد ينصب على القيام بعمل او امتناع عن عمل او باعطاء شيء .فشروط المحل اللازم توفرها في العقد التقليدي لابد من توفرها كذلك في العقد الالكتروني.
3- السبب في العقد الالكتروني
* تحديد ركن السبب  في العقد الالكتروني :
لا بد ان يكون سبب العقد الالكتروني موجودا حتى يصح العقد الالكتروني طبقا للقواعد العامة ويشترط  لصحة العقد الالكتروني كغيره من العقود الكلاسيكية ان يكون سبب العقد الإلكتروني صحيحا
*شروط  سبب العقد الالكتروني :
لا يكون صحيحا الا اذا توفرت الشوط التالية و المنصوص عليها في المواد 96 الى نص المادة 98 من قانون المدني
*شروط السبب في العقد الالكتروني
وجود السبب و الا كان باطلا .
صحة السبب
مشروعية السبب بان لا يكون مخالفا لنظام العام والاداب العامة.
ان يكون موجودا .
ان لا يكون السبب صوري .


الخاتمة
امام ماسبق نستخلص القول ان العقد الالكتروني بالرغم من كونه يتميز عن غيره من العقود سواءفي  الطابع الالكتروني الذي يضفيه على العقد خلافا عن العقود الأخرى و غيرها من الخصائص السالفة الذكر
*الانه يمكن ان نستخلص القول الى وجوب ان يتضمن العقد الالكتروني التنظيم التشريعي للمعاملات الالكترونية كون ان النظرية العامة للعقد بصفة عامة لا تكفي .
*كما لابد من احداث بعض التغيرات على القانون المدني  و القانون التجاري وذلك بإضافة مواد تنظم أصناف جديدة من العقود التي تتم عن بعد التي تعرف تطور ملحوظا فلابد من تنظيم خاص .
*ونختم القول الى  وجوب سن قوانين خاصة بتنظيم العقد الالكتروني كعقد يختلف عن العقود التقليدية المعروفة سابقا و بيان المفصل لها و هذا يعد كذلك الية من اليات حماية المستهلك و سد لسد الثغرات القانونية و تفادي التواءات التي تؤدي الى جعل المستهلك هو ضحية هذه الثغرات ,و باعتبار ان العقد الالكتروني هو من خلق كيان افتراضي يؤدي الى ترتيب اثار قانونية .


قائمة المراجع
1-ا/امانج رحيم احمد ،التــراضي في العقود الالكترونية عبر شبكة الانترنت،ماجستر في القانون الخاص ،جامعة السليمانية،  دار وائل ،ط 1، 2006 .
2-د/ حسام الدين كامل الاهواني، النظرية العامة للالتزام ،الج1،المجلد الأول ،المصادر الارادية للالتزام ،الطبعة 3 ،2000،ص101 و مابعدها.
www gn4me .comالالكتروني  3-سمير برهان ،ابرام العقد في التجارة الالكترونية ،ص 2،بحث  
4-د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني لحماية التجارة الإلكترونية، الكتاب الأول نظام التجارة الإلكترونية وحمايتها مدنيا، دار الفكر الجامعي،  2002
5- د/فوزي محمد سامي ،شرح القانون التجا ري (الجز ء الأول )الطبعة الأ ولى ،دار الثقافة ،عمان ،2009،
.6- د/محمد السعيد بوخليفي قويدر مذكرة النظام القانوني لعقود التجارة الالكترونية ،ج محمد خضيربسكرة،2015.
7-د/ ماجد محمد سليمان أبا خليل .العقد الالكتروني , مكتبة الرشد ،الطبعة 1 ، الرياض 2009 .
8-Beaure D'Agère (Guillaume), Breese (prière) et Thuiler (Stéphanie), paiement numérique sur Internet, Etat de l'art, aspect juridiques et impact sur les métiers,Thomson Publishing, 1997, P76.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-       Directive n°97-07 CE du 20 Mai 1997, JO CE 04/06/1997 N°144,P19. 
  1-امانج رحيم احمد،المرجع السابق،ص 11 /19 .
  2--د ماجد محمد سليمان أبا خليل .المرجع السابق ،ص 16 .
           3- د/فوزي محمد سامي ،شرح القانون التجا ري (الجز ء الأول )الطبعة الأولى ،دار الثقافة ،عمان ،2009، ص 312.
 - د/ عبد الفتاح بيومي حجازي، النظام القانوني لحماية التجارة الإلكترونية، الكتاب الأول نظام التجارة الإلكترونية وحمايتها مدنيا، دار الفكر الجامعي، 2002، ص 47 .
2-Beaure D'Agère (Guillaume), Breese (prière) et Thuiler (Stéphanie), paiement numérique sur Internet, Etat de l'art, aspect juridiques et impact sur les métiers,Thomson Publishing, 1997, P76.
           3-د/فوزي محمد سامي ،المرجع السابق ،ص 316 
--د ماجد محمد سليمان أبا خليل .المرجع السابق ،ص 16 .
          2- د/حسام الدين كامل الاهواني ،النظرية العامة للالتزام ،ج 1 ،،،المجلد الأول ،المصادر الارادية للالتزام ،ط 3 ،2000 ،ص 141 
www gn4me .comالالكتروني  سمير برهان ،ابرام العقد في التجارة الالكترونية ،ص 2،بحث متاح  العنوان 

التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

2 التعليقات:

Unknown يقول...

عمل جيد جدا اتمنى لك كل التوفيق دكتورة قادري

Unknown يقول...

شكرا دكتورة على هذا الموضوع المهم الذي تبادر في ذهني سؤال فيما يخص اركان العقد الالكتروني هل يتطلب الشكلية؟

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016