مقاربة حول علاقة الأملاك العمومية بحقوق الإنسان والحريات العامة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مقاربة حول علاقة الأملاك العمومية بحقوق الإنسان
والحريات العامة
الاستاذ : الزكراوي
محمد
اطار متصرف وزارة الداخلية
باحث في العلوم القانونية والإدارية
مقدمة :
الأملاك الوطنية هي كل الأموال العقارية و المنقولة
و الحقوق المتعلقة بها و التي تحوزها الدولة و الجماعات المحلية لتديرها بما يحقق المنفعة
العامة للمجتمع كما تساعدها على أداء المهام المنوطة به،
فكما أن المشرع قد منع الشخص الإداري المالك للملك العام من
المساس بتخصيصه طالما كان قائما فإن الأفراد يجب عليهم كذلك الانتفاع بالملك العام
في حدود الغرض الذي خصص من أجله .فإذا كان انتفاع الأفراد بالملك العام لا يتفق مع
تخصيص للنفع العام، كان للإدارة منعه دون حاجة إلي نص خاص كمنع وقوف السيارات في الطريق
العام مدة طويلة، أو سحب تراخيص للمخالفين شروط الانتفاع بالملك العام
ذلك أن مسار التقدم و وتيرة الازدهار تقاس بالتحكم العقلاني
و العلمي في تنظيم و تسيير هذه الأملاك لذا فان الحلول القانونية السديدة و النجاح
أو الإخفاق في مختلف المجالات لأي مذهب أو توجه ، يجد انعكاساته في السياسة القانونية
لهذا التنظيم .
بما يتوافق وما كفله المشرع من حقوق وحريات عامة للأفراد في سبيل تحقيق حكامة
رشيدة في تدبير. هده الأملاك والانتفاع بها
بشكل أفضل.
وتكمن أهمية دراسة موضوع الأملاك العمومية في علاقتها بحقوق
الإنسان و الحريات العامة. في الدور الكبير
الذي تلعبه في بناء سياسة اقتصادية و اجتماعية ناجعة بالنظر إلى طبيعتها القانونية
المتمثلة في عدم قابليتها للتملك و التصرف
و نظرا لكونها عنصرا أساسيا في تسيير وتنظيم مختلف المرافق العامة التي تهدف بدورها
إلى إشباع حاجة المجتمع في جميع المجالات
.
إن دراسة هذا الموضوع تفرض علينا إتباع طريقة معالجة و تحليل
النصوص للوصول إلى معرفة حقيقة و نوعية الترابط
بين تدبير الممتلكات العمومية وحقوق الانسان.
و عليه فقد ارتأينا طرح الإشكال التالي : اين تتجلى مظاهر
علاقة الممتلكات العامة في علاقتها بحقوق الإنسان والحريات العامة ؟
و لتحقيق هذه التجليات
لزم الأمر تقسيم مقالنا إلى مبحثين
يسبقهما مبحث تمهيدي نتعرض فيه إلى القوانين التي جاءت تعرف الأملاك العمومية ا والتحديد القانوني لقائمة الأملاك العامة
لنتناول في المبحث الثاني علاقة الأملاك العامة بحقوق الإنسان
والحريات العامة
بحيث سنبرز من خلاله أهمية هده العلاقة وتجلياتها ومدى دورها
في تحقيق تنمية مستدامة وحكامة مثلى في حسن تدبير واستغلال الأملاك العامة
وسنتطرق في المبحث الثاني الى دور القضاء الإداري في رقابة
و حماية. علاقة الممتلكات بحقوق الإنسان والحريات العامة، فممارسة الأفراد لحقوقهم
وحرياتهم لا يمكن حملها بمفهومها الواسع، دون قيد او رقابة، وإنما جعل القضاء لتأمين
هده الحقوق وعقلنتها،
التصميم :
المبحث التمهيدي
المبحث الأول ؛ علاقة الأملاك العامة بحقوق الإنسان والحريات
العامة
المطلب الأول : تجلياتها علاقة الأملاك العمومية بحقوق الإنسان
والحريات العامة
المطلب الثاني : حقوق وواجبات الأفراد اتجاه الأملاك العامة
المبحث الثاني : دور القضاء الإداري في رقابة و حماية. علاقة
الممتلكات بحقوق الإنسان والحريات العامة
المطلب الأول : رقابة القضاء الإداري على تصرفات الإدارة والأفراد
بخصوص الأملاك العامة
المطلب الثاني : رقابة القضاء على اعمال الضبط الاداري على
الاملاك العامة
خاتمة:
المبحث التمهيدي
:
تملك الدولة مجموعة من الاملاك و الحقوق العقارية و المنقولة
التي تستغلها اما لحاجياتها الخاصة او تضعها تحت تصرف الجمهور اما بطريقة مباشرة او
بواسطة المرافق العمومية يصطلح عليها الاملاك العامة او املاك الدومين العام .ونظرا
للخصوصية التي تتميز بها الاملاك العامة و كذالك اههمية الوظائف التي تلعبها .فقد خصها
المشرع بنظام حمائي خاص يكفل لها حماية اكبر من تلك المقررة للأصناف الاخرى من الملكية
وذالك من خلال تكريس بعض المبادئ و الاحكام
الحمائية التي لا نجد لها مثيلا في نظام الحماية المقرر لباقي أصناف الملكية.
.
وهذا ماذهب إليه الظهير الشريف ( 1 يوليه لسنة 1914 في شأن
الأملاك العمومية بالايالة الشريفة بنصه على أنه توجد بايالتنا الشريفة أملاك لايسوغ
لأحد ان بتملكلها كما هو جار به العمل في باقي الممالك لأنها على الشياع بين الجميع
وتدخل ضمن الأملاك العمومية بحسب الفصل الأول من الظهير كل من :
1 شاطئ البحر الذي يمتد
الى الحد الأقصى من مد البحر عند ارتفاعه مع منطقة مساحتها ستة أمتار تقاس من الحد
المذكور
2 الاخلجة والمراسي والاموان
وملحقاتها
3 المنارات و الفنارات
والعلامات التي توضع للإنذار بالخطر وكافة الأعمدة المعدة للاضاءة والانذار بالمخاطر
في الشواطئ وملحقاتها
4 مجاري المياه مهما كان
نوعها مع منابعها
5 -الآبار
المعروفة بالارتوازية والتي يفجر منها الماء وأيضا الآبار والموارد العمومية
6 -البحيرات
الكبيرة و الصغيرة والمستنقعات والسياج
7 -الترع
التي تسير فيها المراكب والتي تستعمل للري او التي تجفف وتعتبر اشغالا عمومية
8 -الحواجز
والسدود والقنوات واشغال التنقية وغيرها مما يحدث بصفة أشغال عمومية وذالك لوقاية الأراضي
من طغيان المياه او لحاجيات
المدن او لاستخدام قوة الماء
9 -الطرق
والأزقة والسبل و السكك الحديدية الخارجية و الكهربائية و الجسور وعلى العموم طرق المواصلات
ايا كان نوعها والتي يستخدمها العموم
10- الأسلاك
التلغرافية والتلفونية والأبنية الحديدية المعدة للتلغراف. اللاسلكي
11- كل
الاستحكامات والتحصينات المتعلقة بالمواقع الحربية والمراكز
العسكرية. وتوابعها وعلى العموم كل الأراضي والأعمال التي
لا يمكن للأفراد أن يمتلكوها لأنها مشاعة
ومن
مميزات هده الأملاك كما سبق بيانه انها لا تقبل التفويت ولا تسقط حقوق الملكية فيها
بالتقادم، ولا يمكن بأي حال الحجز عليها فهي
أملاك عمومية على الشياع بين الجميع ومن شأن الحكومة ان تتكلف بتدبير امرها لأنها وكيلة
العموم في ذلك
إلا
أنه لماكانت الأملاك العمومية بمقتضى ظهير فاتح يوليو.لسنة 1914 غير قابلة للتفويت
ولا يمكن امتلاكها من الغير بطول المدة. فذلك لا يعني عدم قابلية الترخيص بخصوصها
اذ
يمكن الترخيص للجماعات او الأفراد في إشغال بعض الأملاك المذكورة مؤقتاً اذا كان ذالك
لايضر بالمنفعة العامة وذالك بموجب مطلب يضمن فيه تصريحا بالغرض من إشغالها والتغيرات
المزمع إحداثها بهيئتها.، وهدا ما تم التنصيص عليه في الظهير الشريف ل 24 دجنبر لسنة
1918 المتعلق بإشغال الأملاك العمومية مؤقتا.
وبعد هده التوطئة لمقالنا هذا، نعرج لدراسة المبحثين التاليين
؛
المبحث الأول : علاقة
الأملاك العامة بحقوق الإنسان والحريات العامة
لاشك
ان المشرع أعطى للأفراد حقوقا وحريات، هده الحقوق والحريات تختلف مضامينها بحسب المواضيع
المتصلة بها، لأجل عمل المشرع المغربي على
ضمان حمايتها بموجب الوثيقة الدستورية بشكل عام وبموجب قوانين تنظيمية بشكل خاص،
و لأجل استبيان علاقة الأملاك العامة بحقوق الإنسان والحريات
العامة، أمكن لنا القول بأن كفالة الدستور لحقوق وحريات الأفراد حق الإنتفاع والاستغلال
على قدم المساواة للأملاك والمرافق العامة وبكل حرية شريطة ان لا يشكل ذالك
ضرار لما تقتضيه دواعي المصلحة والمنفعة
العامة.
المطلب
الأول : تجلياتها علاقة الأملاك العمومية بحقوق الإنسان والحريات العامة
إذا
كانت الأملاك العامة ملك لجميع الناس، فإن كل فرد من أفراد المجتمع حق الانتفاع من
مفردات تلك الأملاك، لا فرق بين رجل و مرأة.
و احترام الأفراد عند استعمالهم الملك العام بضرورة احترام
تخصيصه للمنفعة العامة، يعتبر التزاما مطلقا يشمل كل من رخص له بالانتفاع بالملك العام
كما
يستمد الانتفاع من تخصيص المال العام، من كونه مقرر للجمهور: للقواعد والشر وط العامة
المنظمة
لشروط الانتفاع القانوني و التي ينبغي معها حماية النظام العام، فضلا عن حماية و ضمان
أن أفضل استخدام الملك العام دون الإضرار به
فحق
الانتفاع من الملك العام يعتبر من الحقوق العامة التي تكلفها الدساتير عادة
للأفراد و بالرغم من أن الانتفاع العام يعتبر مظهر للحقوق الشخصية، و أن الأصل فيه
المساواة بين المنتفعين، وحرية ومجانية الاستغلال
إلا أن ذلك لا يعني تقييد حق و سلطة الإدارة في التدخل من خلال الأوامر و القرارات التنظيمية اللازمة لرعاية النظام
العام و الحفاظ على الأملاك العمومية
وتتجلى مظاهر وصور علاقة الأملاك العامة بحقوق الإنسان والحريات
العامة، في ما يحكم طبيعية الانتفاع المشترك او الفردي للأملاك العامة من مبادئ عامة
تقوم على أساس
المساواة والحرية والمجانية، ومع ذالك فقد توجد اعتبارات خاصة
تدعو السلطات العامة إلى الحد من هده المبادئ كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
فمبادئ
الاستغلال التي يقوم عليها الملك العمومي في علاقته بالأفراد هي التي تشكل الاساس في
علاقة الملك العام بحقوق الإنسان والحريات العامة، اذ لا يمكن ان نتصور
تدخل
الإدارة للتضيق على هده الحريات والحقوق، فالمشرع المغربي كفل وإلى حد ما هده الحريات
للأفراد بموجب الدستور بصفة عامة ومن جهة أخرى بموجب نصوص خاصة كقانون الحريات العامة
لسنة 1958.
وهكذا فحرية استعمال الطرق العمومية حق لجميع الأفراد على
حد سواء إلى حانب كل حقو
كل
من حرية التجول وركن السيارات بشكل مؤقت في للطرق العمومية، وحرية دخول الحدائق والمنتزهات والمساحات الخضراء
هى حق للجميع، لا يمكن الحد منها إلا بمقتضى القوانين، ويمارسها الأفراد في نطاق من
المساواة والمجانية وبكل حرية، كلما تعلق الأمر بالانتفاع والاستغلال المشترك للأملاك
العامة من طرف الأفراد.
بقي لنا ان نشير في مقالنا هذا إلى بعض الحالات التي يؤدى
عن الانتفاع بهده الأملاك العمومية بعض الرسوم او الاثاواة، والحقيقة أن الأمر لا يتعلق
بتكليف او قيد للمبدا العام الذي يقوم على أساس مجانية الانتفاع من الملك العام، كما
انه وفي بعض الأحيان ينصب استغلال بعض هده الأملاك على أساس عقود إدارية او رخص بشأنها،
والإدارة
نظراً لما تستوجبه العملية من تنظيم وعقلنة. حكامة تلك الأملاك
العامة،
ان استغلال الأملاك العامة. وكما سبقت الاشارة إلى ذالك يجب
ان يراعى فيه الاختلاف القائم على أساس طبيعية ونوعية الاستغلال فقد يكون ارتفاعا مشتركا
كالاستفادة
من
حرية التجول في الطرقات العامة اوالاصطياف بالأنهار والشواطئ وحرية النزول والاستمتاع
بالمناطق الخضراء
وبين
الإنتفاع الفردي او الشخصي بالمك العام، اذ في هده الحالة. يمكن للمعني بالأمر تغيير
الاستعمال المخصص له الملك العام شريطة الترخيص له في ذالك.
مادام ذالك الانتفاع الخاص لا يتعارض مع المنفعة العامة الذي
خصص من أجلها.
والحقيقة ان علاقة الممتلكات العامة بحقوق الإنسان والحريات
العامة لا يمكننا ان تصورها خارج علاقة الحق بالواجب وهذا ما سنتطرق إليه في مطلبنا
الثاني
المطلب
الثاني : حقوق وواجبات الأفراد اتجاه الأملاك العامة
كما
سبق وان اشرنا ستلفا
فعلاقة الأملاك العمومية بحقوق الانسان والحريات العامة والفردية.
هي علاقة احترام الأفراد والجماعات للحقوق والواجبات التي كفلها المشرع لهم أثناء ممارستهم
لحق الانتفاع واستغلال الملك العمومي سواء تعلق الأمر بالاستغلال المشترك او الاستغلال
الفردي لها،
وهكذا فاذا تعلق الأمر بالانتفاع الشخصي
فان
استعماله يعتبر استعمال عارض، يكسب صاحبه حقوقا
مؤقتة قابلة للتعديل أو الإلغاء في أي وقت بمعرفة الإدارة إذا دعت إلى ذلك الضرورة،
و بذلك تكون سلطة الإدارة تقديرية، و إن كان التقدير المتروك للإدارة يختلف حسب نوعه
و طبيعة الترخيص الذي يقرره الانتفاع.
- يكون متوقف على إذن سابق
من الإدارة التي لا تسمح به إلا إذا تأكدت من أنه لا يعوق الاقتطاع العام.
- أنه يتعلق باستعمال فردي
و غير عادي، و يعطي للمستفيد ميزة لا توفر لغيره من المواطنين، فإن الأصل فيه أن يتم
بالمقابل، لأنه ينطوي على حرمان الغير من التمتع بهذا الانتفاع كما أنه يستعمل الملك
العام في غير الغرض الذي خصص له، و غالبا يكون هدف صاحبه الربح
نفس الشيء يقال في حالة الانتفاع المشترك باستعمال الملك العام،
اذ ان الاستغلال الجماعي لها من طرف الجمهور مباشرة ودونما شرط للحصول على اذن مسبق
لا يعني ان طبيعية الحق المخول لهم يكتسي طابعا مطلقا وإنما ممارسته ينبغي ان يتم وفق
ضوابط قانونية وتنظيميه ذالك ان حق الولوج إلى الأسواق والشواطئ والمرافق العمومية
لا يمكن ان نتصوره خارج احترام تام لمقتضيات التنظيمية والقانون المنظمة لها، ونفس
الشيء يقال بالنسبة لحرية استعمال الطرقات العمومية، وحرية التجول بها، فهده الحقوق
تتسع وتضيق بحسب احترام. والتزام الجماعات
والأفراد. بالضوابط الإدارية التنظيمية ذالك ان حرية والجماعات
في الانتفاع بالملك العام الجماعي ترد عليها بعض القيود، كون
أن استعمال الحقوق و الحريات يتخذ أشكالا مختلفة و يترتب على ممارستها آثار خطيرة في
شتى المجالات حيث تغدو الإدارة مطالبة بالتدخل و إلا أدى ذالك إلى إزالة ذات الملك
من الناحية القانونية.
و هنا يبرز الدور الذي تقوم به السلطات العمومية عبر مراعاة
ما تمثله ضرورات المصلحة العامة و حاجيات ألأفراد و من هذا المنطلق تتدخل سلطات الضبط
الإداري عبر قرارات تنظيمية أو فردية لتنظيم حرية الاستعمال و تبيان كيفية و أشكال
الاستعمال و حدوده هذه التدابير التي بدورها لا يجب أن تحيد عن الأهداف التي تتوخاها
ألا و هي : حفظ النظام العام. بالإضافة إلى حماية الملك العام و الإبقاء على غاياته
المرجوة والمتمثلة في اشباع متطلبات الجمهور وتحقيق المنفعة العامة
ولا
ريب في أن موضوع الأملاك. العامة يحتل مكانة هامة فهي عماد النشاط ألاقتصادي حيث كان
للتطور الحديث لمهام الدولة وتوسع نشاطاتها أثر كبير في إزدياد أهمية الأملاك العامة, لذلك فإنها تبقى في حاجة إلى حماية, سواء جنائيا أو مدنيا, وذلك
لصيانتها من الاعتداءات حتى لا تخرج أو تحيد عن الإطار المرسوم لها, المتمثل في تحقيق
النفع العام, ذلك
لأن التعدي على الممتلكات العامة أكثر خطورة من الاعتداء على المال الخاص.وظاهرة
الاعتداء على الملك العام تنتشر في المجتمعات بدرجات متفاوتة, ولا يكاد يخلو منها مجتمع
واحد, ولهذا فإن مشكلة الاعتداء على الأملاك
العمومية مشكلة تستدعي توعية شاملة
للأفراد والجماعات بأهميتها من جهة، وترتيب الجزاءات في حق كل متطاول ومعتد عليها،
ولن يتأتى ذالك الا بالمحافظة عليها وحمايتها، وهذا ما سنتطرق
إليه من خلال مبحثنا الثاني بعنوان
المبحث الثاني: دور القضاء الإداري في رقابة و حماية علاقة
الممتلكات العامة بحقوق الإنسان والحريات العامة
ان
دور السلطة القضائية في الحفاظ على الحقوق والحريات والممتلكات العامة والخاصة بمقتضى
الدستور والقانون لن يتأتى إلا من خلال سلطة
قضائية مستقلة كفاءة وفعالة في اطار التعاون والتكامل مع سلطات الدولة، ويسعى القضاء
الإداري من خلال القيم التي اخذ على عاتقه
في احترام قيمة وكرامة الانسان لتحقيق رؤية السلطة القضائية من خلال التميز في تطبيق
سيادة القانون باستقلالية وعدالة تعزز ثقة المجتمع في كفاءة ونزاهة السلطة القضائية
.
المطلب الأول : رقابة القضاء الإداري على تصرفات الإدارة والأفراد
بخصوص الأملاك العامة
لقد لعب القضاء الإداري المغربي دورا هاما في مد رقابته على
تصرفات الإدارة بمناسبة تدبير الأملاك العامة التي تشرف على تدبيرها وذالك من خلال
العمل القضائي ومجموع الاجتهادات القضائية الفاصلة في الموضوع، بل ان الممارسة القضائية
لم تقف عند الحد فقط وانما امتدت كذالك إلى صيانة واستئمان حقوق الأفراد والجماعات
وحرياتهم في الانتفاع من الاملاك العمومية حفاظا على حقوقهم وحرياتهم من تعسف الإدارة
من خلال تصرفاتها التي تكون في بعض الأحيان مشوبة بالشطط في تجاوز السلطة،
بل تم تكريس امتداد رقابة القضاء في الحفاظ على الأموال العامة
بإدخال قضاء متخصص في هذا الشأن كالمحاكم المالية والمجلس الأعلى للحسابات والمجالس
الجهوية للحسابات، بحيث
فقد عرف المغرب تطورا نسبيا بالنسبة لعملية مراقبة المال العام
و كذلك على مستوى توسيع نطاق الرقابة المالية من خلال تخصيص حيز هام لأجهزة القضاء
المالي ضمن فصول الدساتير لاسيما دستور المملكة الحالي 2011 الفصل 147 الذي اعتبر بأن
المجلس الأعلى للحسابات هيئة عليا مستقل يتولى ممارسة اختصاصات ذات طبيعة رقابية قضائية
حقيقية . كما تم تخصيص غرف بمحاكم الاستئناف متخصصة في الجرايم المرتبطة بالمال العمومي
في مدن فاس ومراكش والرباط والدار للنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصلين 241
و256 من القانون الجنائي والمتعلقة بالغدر والرشوة والاختلاس والقضايا المرتبطة بها
. و قد تلقى القضاة تكوينا في التحقيق حول الجرائم المالية والاقتصادية،
وعلى
اعتبار الأملاك العامة هي أملاك لا تقبل الحجز عليها ولا تفويتها وتخضع للتقادم، فإن
القضاء كرس هذا الاتجاه في كثير من المناسبات
حيث ان القضاء الإداري المغربي أسبغ حمايته على أملاك الدولة الخاصة والعامة وحظر تملكها بالتقادم أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم
أو التعدى عليها
فالطرق
والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها من الأموال المخصصة للمنفعة العامة، أي المخصصة
لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة - تكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما
بموجب أداة قانونية مما أورده النص وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة بأداة قانونية
من السلطة المختصة.
وهكذا جاء في -قرار الغرفة الإدارية عدد 794 بتاريخ
30-10-2003 ملف إداري عدد 1070/4/03 قضية محمد بلقاضي ضد حماعة سيدي حرازم
رفض إيقاع الحجز التحفظي على العقارات المملوكة ملكية خاصة
للشخص المعنوي العام بعلة أنه يعرض فيه ملاءمة الذمة ولا يخشى عليه العسر ويؤدي ديونه
وفق قواعد المحاسبة العامة وهو ما جاء في قرارات أخرى للغرفة الإدارية
ومن بين هده الاجتهادات. قرار عدد 120 بتاريخ 2- 11-
2000 ملف إداري 1313 4/1/ 2000 قضية منانة لحلو ضد الجماعة القروية لزواغة حيث قضت
المحكمة الإدارية بوجدة برفض المصادقة على
الحجز لدى الغير الذي يجري على الأملاك العامة معللة حكمها بأنه من شأن الحجز أن يعرقل
عمل الإدارة في تحقيق النفع العام ويؤدي بالتالي إلى المساس بمبدأ أسير المرافق العامة
بانتظام واطراد إضافة إلى الاحتجاج بفكرة أن الإدارة لا يفترض عسرها . وجاء في امر
المحكمة
الإدارية بوجدة **أمر استعجالي عدد 02/95 بتاريخ 10 مارس
1995** بين ورثة صالح حمزة ضد المجموعة الحضرية لوجدة وهي تأمر بإجراء حجز تحفظي إلى
الاعتماد في قرارها
على
أن المشرع المغربي لم يمنع صراحة حجز الأموال الخاصة للأشخاص المعنوية كما فعل بالنسبة
للأموال العمومية كما اعتمدت على منشور لوزير الداخلية عدد 182 بتاريخ 11/05/1991 الدي
ينص على ان ممتلكات الجماعات العمومية التي لا تقبل أن تكون محلا للحجز هي الأموال
العمومية وحدها دون الأملاك الخاصة التي ليس هناك من الناحية القانونية والقضائية ما
يمنع إيقاع الحجز عليها
بل
ان رقابة القضاء لتصرفات الإدارة لم يقتصر على القضاء الإداري المغربي فقط وهكذا دهبت
محكمة النقض المصرية في المادة 87 مدنى )
( الطعن رقم 1648 لسنة
56ق جلسة 1996/4/11 س47ج1ص647 ) ان
(المقرر - فى قضاء محكمة
النقض - ان للدولة على الاموال العامة حق استعمالها او استثمارها ويجرى ذلك وفقا لاوضاع
واجراءات القانون العام وان تصرف السلطة الادارية فى الاموال العامة لانتفاع الافراد
بها لا يكون الا على سبيل الترخيص وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتا وغير ملزم للسلطة
العامة التى لها دائما لداعى المصلحة العامة الحق فى الغائه والرجوع فيه قبل حلول اجله
ثم هو - عدا ذلك - خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه واعطاء الترخيص ورفضه والرجوع
فيه كل ذلك من الاعمال الادارية التى يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص
، وكون الترخيص يصرف بمقابل رسم يدفع لا يخرجة من طبيعته تلك ولا يجعله عقد ايجار)
وهكدا
جاء في شان التعرف علي صفة المال العام . معياره . التخصيص للمنفعة العامة . التخصيص
يكون بموجب قانون أو قرار أو بالفعل .
القاعدة:
النص في المادة 87 من القانون المدني من أنه تعتبر أموالا
عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الإعتبارية العامة والتي تكون مخصصة
لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضي قانون أو رسم أو قرار من الوزير المختص يدل ـ وعلي ما
جري به قضاء هذه المحكمة ، علي أن المعيار في التعرف علي صفة المال العام هو التخصيص
للمنفعة العامة ، وأن هذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصا
فعليا .
( المادة 87 مدنى )
( الطعن رقم 263 لسنة
58 ق جلسة 1989/9/25 س 40 ع 2 ص 829 )
وبخصوص
الأسواق التي تخصصها الدولة أو الأشخاص العامة الأخري للنفع العام ، اعتبارها من الأموال
العامة تصرف السلطة الادارية فيها لا يكون الا علي سبيل الترخيص المؤقت ومقابل رسم
لا أجرة أثره اعتبارها من الأعمال الادارية وخروجها عن ولاية المحاكم العادية . علة
ذلك.
القاعدة:
الأسواق التي تقيمها الدولة أو الأشخاص العامة الأخري تعتبر
ـ وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة ـ من الأموال العامة بحكم تخصيصها للمنفعة العامة
، وأن الترخيص بالانتفاع بها يكون مقابل رسم لا أجرة ويعتبر من الأعمال الادارية ولا
ولاية للمحاكم العادية عليها في هذا الشأن ، ومن المقرر أيضا أن الأصل في المرافق العامة
أن تتولاها الدولة ، الا أنه ليس هناك مانع من أن تعهد الدولة بادارتها واستغلالها
الي فرد أو شركة ولا يخرج الملتزم في ادارتها أن يكون معاونا للدولة ونائبا عنها ،
وهذه الطريقة غير المباشرة لادارة المرفق العام لا تعتبر تنازلا أو تخليا من الدولة
عن المرفق العام ، بل تظل ضامنة ومسئولة عن ادارته واستقلاله قبل الشعب ، ولها في سبيل
القيام بهذا الواجب أن تتدخل في شئون المرافق العامة كلما اقتضت المصلحة العامة هذا
التدخل ولو كان ذلك قبل انتهاء مدة الترخيص ، ويعتبر الترخيص الصادر من الملتزم لأحد
الأشخاص لاستغلال ذا المرفق أو أي جزء منه يعتبر عقدا اداريا
.
( المادة 87 مدنى)
( الطعن رقم 152 لسنة
51 ق جلسة 1989/5/25 س 40 ع 2 ص434
المطلب الثاني : رقابة القضاء على اعمال الضبط الاداري على
الاملاك العامة
لقد سبق للمجلس الأعلى للحاساب، في تقاريره الأخيرة أن نبه
لتداعيات هذا الأمر. وفي سياق مهامه الرقابية، التي أجراها في سنة 2014 حيث
لاحظ تهاون السلطات المعنية في حماية الملك العمومي من الاحتلال غير المرخص أو تحصيل
الجبايات المحلية المفروضة على شغل الأملاك العمومية بشكل مؤقت. وتوقف المجلس الأعلى، كذلك، عند عدم احترام بعض الجماعات
لمبدأ المنافسة عند اللجوء إلى كراء العقارات التي تدخل ضمن الملك العمومي الجماعي،
سواء تعلق الأمر بالمحلات المعدة للسكن أو للأنشطة التجارية أو استغلال الملك الجماعي
العام عن طريق اللوحات الإشهارية. وجاء في التقرير المذكور أن استغلال الملك العمومي
الجماعي يعرف عدة نقائص، كضعف المراقبة الداخلية والتتبع والتنسيق بين المصالح المعنية.لقد
توقف المجلس الأعلى على أن العديد من المحتلين للملك العمومي يقومون بإشهار أنشطتهم
التجارية والصناعية والمهنية دون توفرهم على الترخيص الضروري
فكما سبقنا الإشارة
إليه .ان القاعدة في استغلال الأملاك العامة للدولة هي حرية الانتفاع بها وان الاستثناء
فيها، هو القيد المشروط بخصوص
كيفية وطرق استغلال الملك العام، إلا ان ذلك لا يعني خرقا وتقيدا لحريات الجمهور
والأفراد في الولوج والاستفادة منها، بل ان المشرع المغربي بوضعه ضوابط عملية وقانونية
تحكمها، إنما قصد بذالك تنظيمها وعقلنة تدبيرها وفق مايتطلبه القانون ومقتضيات النظام
والسلامة والأمن العمومي، حتى تؤدي إلى النتيجة المرجوة.منها الا
وهي
الانتفاع العام بها على قدر من المساواة وتكافؤ الفرص بين الجماعات والأفراد
ولأجل ذالك جعل من أمانة الحفاظ عليها من اختصاص أعمال الإدارة
في إطار ممارسة الإدارة لوظيفة الظبط الاداري
الانه يجب أن يراعي فيها حقوق الأفراد الأساسية وحرياتهم الدستورية
لان أعمال الضبط الإداري تتضمن تقييد الحقوق والحريات لفائدة المصلحة العامة ولايمكن
أبدا أن تتضمن المنع المطلق لممارستها. ويعتبر القضاء هيئة لها صلاحية المراقبة،يمكنها
إلغاء أعمال الضبطية الإدارية غير المشروعة التي لا تستند إلى نص قانوني وذلك لتحقيق
الحماية اللازمة للأفراد من تعسف الإدارة
لذا فان المنازعات والدعاوي القضائية المتعلقة بأنشطة وأعمال
الشرطة الإدارية تختص بها جهات القضاء الإداري
باعتباره الجهاز المكلف بمراقبة مشروعية القرارات الإدارية
المتحدة في إطار ممارستها لأعمال الضبط الإداري،
فقرارات الهدم الصادرة عنه بمناسبة الترخيص فوق الملك العام
وإن شكل مخالفة يعاقب عليها القانون، يجب ان يستوفي الشروط والإجراءات القانونية الشكلية
والموضوعية، حتى لا يكون معيبا من حيث الشكل هذا بالإضافة إلى كونه يجب ان يصدر عن
الجهاز المختص في ذالك وإلا كان مشوبا بعيب عدم الاختصاص
وهكذا جاء في حكم محكمة الرباط الإدارية
في قرارها عدد 1450 المؤرخ في 03/04/2012 ملف عدد 20/12/6
بأن اختصاصات الشرطة الإدارية العامة الجماعية لما لها علاقة وطيدة بالمحافظة على الأمن
العام لايمكن
تفويضها حتى في وجود عقد الامتياز، وهكذا لما ذهب المجلس البلدي
للرباط بتفويض ممارسة اعمال الشرطة الإدارية في نطاق التفويض بوضع افخاخ للسيارات التي
تركن الطرق العمومية فانه بذالك يكون قد خرق احد البنود الرئيسية التي تجعل من هذا
الاختصاص. اختصاصا اصيلا لرئيس المجلس بحيث لا يجوز تفويضه لجهة ما،
فالقضاء الاداري كرس رقابته على اعمال الضبط الإداري بمناسبة
مباشرتها منظرف الأجهزة المختصة سواء على المستوى المحلي او الوطني، فالقرارات التنظيمية
تعتبر قرارات ذات صبغة عامة ومجردة تفرض أمرا أو منعا على
سكان الجماعة أو بعض العناصر دون تعيينهم بذاتهم . كما قد تكون في شكل
تدابير فردية تتضمن أمرا أو منعا أو إذنا يصدر عن رئيس المجلس
الجماعي والتي غالبا ما تهم حالات خاصة ولا تطبق الى مرة واحدة . كما يمك ان تأتي في
صورة تدابير تلقائية
يقصد بها أن يقوم رئيس المجلس الجماعي ومن تلقاء نفسه بتنفيذ
قرار عندما يمتنع الأشخاص المعنيون عن تنفيذ الإجراءات المتضمنة فيها.
فجل هده التدابير الضبطية لا يمكن ممارستها خارج القوانين
المنظمة لها، حتى لا تكون موضوعا لدعاوى الالغاء.
وخلاصة القول فظهير 1914 أعتبر الأملاك العامة هي تلك التي
تملكها الدولة ملكية قانونية تامة، وهي مفتوحة للاسغلال والولوج إلى الانتفاع بها لسائر
الجمهور.، إلا ان ذالك لايعني، عدم تدخل الإدارة في تنظيمها و اتخاذ الإجراءات اللازمة
للحفاظ عليها وتثمين الاغراض المخصصة، بل ان تدخل الإدارة لضبظهاو تأمين حسن سيرها، لا يشكل اي قيد لحريات وحقوق الأفراد
والجماعات في مجال الانتفاع بها.
خاتمة :
جاء في فتوى رقم 215 بتاريخ 24/4/2010 – ملف رقم 7/2/256
– جلسة 24/3/2010 – مجلة هيئة قضايا الدولة العدد الثاني 2013 – ص 310 وما بعدها
ما يلي ؛
" ولما كان المال
العام خارج عن إطار التعامل بموجب تخصيصه للنفع العام ، فإن ملكية الدولة لا تكون بذات
السلطات التي تملكها الدولة أو الأفراد بالنسبة لما يملكونه ملكية خاصة ، و على ذلك
فيد الدولة عليه أقرب إلى يد الأمانة و الرعاية منها إلى يد التصرف و الاستغلال فالحق
عليه يقترب من الإشراف و الرقابة والحراسة
له و يبتعد عن حق الملكية المدنية و المشتملة على الانتفاع و الاستغلال و التصرف ،
و هذه المزايا الثلاثة التي يتمتع بها المالك في ملكه لا تتمتع بها الحكومة بالنسبة للأموال العامة لأن
الانتفاع بتلك الأموال من حق الجمهور، و قد غل القانون يد الحكومة عن التصرف في الأملاك
العامة بالبيع أونحوه ، و من قال بأن حق الدولة على الدومين العام يقترب من حق الملكية
قيد ذلك الحق بالتخصيص للمنفعة العامة ، و يتميز المال العام بأنه لا يجوز بيعه و لا
تقرير حق ذاتي خاص عليه و لا امتلاكه بوضع اليد المدة الطويلة أو تقرير حق عيني عليه
، و هذا لا يرجع إلى شئ في طبيعة هذا المال بل إلى تخصيصه للمنفعة العامة ، و حظر البيع
معناه عدم جواز التصرف في مفردات الأملاك العامة إلا إذا تقرر تحويلها إلى ملك خاص
و رفع الصفة العامة عنها ، كما لا يجوز الحجز عليه ، و لما كانت الأموال تصبح عامة
بتخصيصها للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص
فإنها تفقد صفتها العامة بطريقة قانونية إما بصدور قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير
المختص بإخراجها من الدومين العام ، أو بطريقة عملية إذا لم تعد مخصصة للمنافع العامة
فعلاً . و الأصل أن المال العام لا يفقد صفته
العامة بقرار أو تصرف إداري إلا إذا كان المال ذاته يقبل التحول بهذه الطريقة القانونية
و بتوافر دواع و أسباب إنهاء التخصيص للمنفعة العامة لأهداف و أغراض يتحقق بها الصالح
العام على نحو أفضل ، و ذلك في إطاراحترام القانون
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة
زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل
الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة
الخصوصية
نسخ الرابط | |
نسخ للمواقع |
0 التعليقات:
إرسال تعليق