دور الوعي الاستهلاكي في تعزيز حماية
المستهلك
يوسف كوبيتي
باحث في العلوم القانونية
مقدمة :
إن حاجة
الافراد الى السلع والخدمات تدفعهم الى التعاقد مع المحترفين الذين يمتهنون بيع
هذه السلع وأداء هذه الخدمات،سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين،وتلك الحاجة
توجد بوجود الانسان[1].
ولم تثر طبيعة العلاقة بين طالبي السلع والخدمات وبين
مقدميها كبير اهتمام، الا مع ظهور التطور الصناعي والذي عرى تلك العلاقة ليكتشف
انها علاقة غير متكافئة،بحيث يفرض احد طرفي العلاقة (المهني او المحترف) شروطه على
الطرف الاخر(المستهلك = الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية) الذي ينبغي عليه ان
يرضخ لتلك الشروط جملة وتفصيلا، لحاجته الماسة الى السلعة أو الخدمة المعروضة دون
وعي بخبايا ما يتعاقد حوله،لذلك كان لزاما على المشرع أن يتدخل عن طريق وضع قانون
خاص[2] يرمي في طياته اعادة
التوازن المفقود للعلاقة التعاقدية،وفي الوقت نفسه حماية الطرف الضعيف من جشع
السياسات التسويقية المعاصرة.
وفي هذا الصدد يقول
البروفسير جيرالد زالتمان في كتابه " اللاوعي لدى المستهلك
" بأن %95 من قرارات الشراء لدى المستهلكين تتخذ دون
وعي منهم،و ذلك بسبب استخدام وسائل خداع ووسائط التأثير التي استطاعت الشركات
إيصالها إلى مركز اتخاذ القرار عند الإنسان، وهو ما يسمى بـ”العقل الباطن" .
ولقد شهدت القوانين المعاصرة تطورا سريعا وأهمية متعاظمة
في مجال حماية المستهلك ودرء المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها، بحيث لم تقف عند حد
ضمان السلامة البدنية، وإنما تجاوزتها إلى السلامة المعنوية للمستهلكين بكفالة
سلامة الرضا وحرية الاختيار المتبصر واتخاذ القرار عن وعي،تفاديا للوقوع في متاهات
التضليل والغش والاستغلال[3]،وهو الشيء الذي سنحاول التركيز عليه بنوع من الدقة
والشمولية عن طريق التركيز على الوعي الاستهلاكي وأهميته في توفير حماية فعالة
للمستهلك،ومن هنا يمكننا طرح الاشكالية التالية،أين يكمن دور الوعي
الاستهلاكي؟وهذه الاشكالية تتفرع عنها التساؤلات التالية :
* ما المقصود بالوعي الاستهلاكي؟
* أين تتجلى خصائصه ؟
* أين تتجسد أهميته ؟
المبحث الأول :
ماهية الوعي الاستهلاكي وواقعه في المجتمع المغربي
یعد الوعي الاستهلاكي من الأمور
الضروریة التي یجب أن یتحلى بها الفرد حتى لا یقع ضحیة للغش التجاري والأضرار الصحیة
، وعلى هذا الأساس سنعمل على تقسيم هذا المبحث الى مطلبين،بحيث سنتناول مفهوم
الوعي الاستهلاكي وخصائصه في (المطلب الأول )،فيما سنخصص المطلب الثاني
المطلب الأول :
مفهوم الوعي الاستهلاكي وخصائصه
سنعمل على تقسيم هذا المطلب الى فقرتين بحيث سنتناول
مفهوم الوعي الاستهلاكي في (الفقرة الأولى) على أن ننتقل الى خصائص الوعي الاستهلاكي
في (الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى
: تعريف الوعي الاستهلاكي
قبل وضع مفهوم للوعي الاستهلاكي یجب معرفة المقصود بالوعي
بصفة عامة ، فالوعي هو" كلمة
تعبر عن حالة عقلیة یكون فیها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محیطه
الخارجي عن طریق الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس، كما یمثل الوعي عند
العدید من علماء النفس الحالة العقلیة التي یتمیز بها الإنسان بملكات المحاكمة
المنطقیة الذاتیة (الإحساس بالذات)،
والإدراك الذاتي، الحالة الشعوریة والحكمة أو العقلانیة والقدرة على الإدراك الحسي
للعلاقة بین الكیان الشخصي والمحیط الطبیعي له[4].
أما الوعي الاستهلاكي"هو مقدرة الفرد على حسن
استخدام واستغلال الموارد المتاحة المرتبطة بكافة الخدمات المتوفرة وعدم الإس ارف
في استخدامها وتقلیل الفاقد منها بقدر الإمكان ولاشك أن للثقافة الاستهلاكیة
للفرد ووسائل الإعلان أثر هاما وفعال في تنمیة الوعي الاستهلاكي للفرد" .
الوعي الاستهلاكي هو تزوید المستهلك بالمعلومات
والإرشادات الهامة حتى تتم عملیة المعرفة على
أكمل وجه،كما یعد
وعي المستهلك بالسلوك الاستهلاكي من أهم محددات ارتفاع وانخفاض الأسعار.
ويقصد
بالوعي الاستهلاكي كذلك أن يكون المستهلك على بينة ودراية بحقوقه،وفي مجال التسويق
يقصد بالوعي الاستهلاكي جعل الزبائن على دراية بمميزات وخصائص السلع والمنتوجات
المعروضة عليهم،فضلا عن معرفة أماكن الشراء والأسعار التي تباع بها وكيفية الترويج
لها،وكذلك مصادر توزيعها،وهناك من الفقه من يعرف الوعي الاستهلاكي بكونه مجموعة من التراكمات المعرفية
عن كيفية استهلاك السلع والخدمات المتواجدة في الأسواق،من أجل حمايته من استغلال
المنتجين والموزعين،والمستهلك يحتاج إلى كل ذلك تفاديا للأساليب الاغرائية
والتضليلية المستخدمة من قبل بعض المنتجين ترويجا لمنتوجاتهم وسلعهم،وبهذا يستطيع
المستهلك التفرقة ما بين الصالح والطالح من المنتجات والخدمات المعروضة في السوق
لقاء ما يدفعه من ثمن جراء عملية الشراء،وبعد حديثنا عن المقصود بالوعي الاستهلاكي
سننتقل الى الحديث عن خصائصه في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية : خصائص الوعي
الاستهلاكي
للوعي الاستهلاكي مجموعة من الخصائص نوجز أهمها فیما یلي :
- تكوين موقف ایجابي أو سلبي اتجاه المنتوجات أو الخدمات
أو السلع؛
- يعمل على تمكين المستهلك من معرفة مميزات السلع و المنتوجات أو الخدمات المقدم على
شرائها ؛
- يساهم في تخطي الممارسات المضرة
بالسلامة الجسدية للمستهلك؛
- يؤثر على الاشهارات الكاذبة أو
التضليلية،ويسهم في الحد من تمرير المغالطات بشأن منتوجات أو سلع معينة ؛
- يساهم في توفير حماية حقيقية للمستهلك
،على اعتبار أن معرفة المستهلك لحقوقه سيمكنه دون أدنى شك من تخطي كل ما من شأنه
أن يؤثر على نفسيته،وبالتالي دفعه الى التعاقد ؛
- الإحاطة بكل أبعاد الواقع المحیط
بالمستهلك والمجتمع ككل؛ كما یتصف بالشمول والتنوع والتعقید؛ كما أنه أكثر ارتباطا
بالوجود الاجتماعي.
وما ينبغي الاشارة اليه هو أن
الكثير من المستهلكين يجهلون حقوقهم في الحصول على الحماية من استغلال المنتجين أو
المهنيين،على الرغم من تواجد مجموعة من الهيئات التي تسهم في التعريف بالحقوق التي
ضمنت بالقانون 31.08 ( جمعيات حماية المستهلك،المجلس الاستشاري الأعلى
للاستهلاك،مجلس المنافسة...) = (التركيز على التوعية الاستهلاكية)،وهو الشئ الذي
يتطلب تنشيط وتفعيل الوعي للمستهلك،والذي ظهرت الحاجة اليه مع تدرج مستويات السلعة
من الجيد ذي القيمة العالية إلى الغش الرديء ذي القيمة المنخفضة،ومن هنا برزت
الحاجة لنشر الوعي والرقابة على السلع المعروضة في الأسواق لكشف هذا الغش،وهذا ما
سنحاول اثارته في المطلب الثاني.
المطلب الثاني : أهمية الوعي الاستهلاكي وواقعه في المجتمع
المغربي
سنحاول في هذا المطلب الاشارة
الى أهمية الوعي الاستهلاكي في مختلف المعاملات التي يقبل عليها المستهلك في حياته
اليومية،وذلك من خلال الاشارة الى أهمية الوعي الاستهلاكي في (الفقرة الأولى) ثم
الانتقال الى واقع الوعي الاستهلاكي في المجتمع المغربي في (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : أهمية الوعي الاستهلاكي
+ تتجلى
أهمية الوعي الاستهلاكي في :
* المساهمة
في الدفاع عن حقوق المستهلك ومساعدته للحصول على تعویض عن أیة خسائر صحیة أو مادیة
تنجم عن استهلاكه أو حصوله على سلعة أو خدمة غیر صالحة للاستعمال؛
* إعداد المستهلك وتزویده بمهارات
ومبادئ ومفاهیم ضروریة للمعیشة كي یصبح مشتریاً واعیاً،یستفید من موارده أقصى
استفادة؛
* تمكین
المستهلك من اختیار ما یناسبه من السلع المعروضة وضمن الوسائل الممكنة؛
* الحصول
على المعلومات والإرشادات والإعلان الصحیح عن كل قدم ما ی إلى المستهلك من منتجات
وخدمات؛
*إبلاغه
عن جمیع الأمور التي تهم مصالحه ، وخاصة الأخطاء التي یمكن أن یتعرض لها في حال
استخدامه لسلعة بطريقة مختلفة عن كيفية استعمالها،مما قد يؤدي الى حصول أضرار
وخيمة على صحته وسلامة جسده؛
* خدمة
المواطن وترشيده نحو السلوكیات الصحیحة كمستهلك،وتنمیة الوعي الاستهلاكي لدیه
ومساعدته في اتخاذ قرارات الشراء الصائبة التي تحافظ على سلامته وترشید إنفاقه؛
*حمایة
مصالح المستهلك في جمیع المجالات التي تشكل خطرا على صحته وسلامته وأمواله وغیرها؛
الفقرة الثانية : واقع الوعي الاستهلاكي في المجتمع المغربي
يمكن القول بأن موضوع الوعي الاستهلاكي في الدول
العربية بشكل عام والمغرب على وجه الخصوص يأتي في المراتب المتأخرة،مقارنة بدول
أوربا وأمريكا بحيث قطعوا أشواطا كبيرة في هذا المجال،ولعل خير مثال على ذلك بعض
المظاهر التي توحي بنمو وعي المستهلك والتي من بينها نجد معرفة المستهلك لحقوقه
بصورة فعلية وملموسة،على اعتبار أن المستهلك قد يصاب بخيبة امل عندما يجد نفسه قد
خدع بالسلعة التي اشتراها وتبين فيما بعد بأنها مغشوشة أو غير صالحة للاستعمال،أو
أن الخدمة التي طلبها لم تنفذ بحسب الاتفاق،فضلا عن أن قيمتها دفعت بالكامل،وفي
هذه الحالة يشعر المستهلك أن حقوقه قد سلبت،على غرار ما إذا تعلق الأمر بمستهلك
واعي،بحيث يصعب على المنتج أو البائع غشه أو خداعه بسهولة.
وانطلاقا مما سبق يمكن القول بأن
المستهلك يتحمل جزءا من مسؤولية النتائج السلبية الواقعة عليه بسبب نقص الوعي
الكافي لديه،والذي يؤهله لكشف تلك الممارسات التسويقية الخادعة،وعلى هذا الأساس
تتضح أهمية تنمية وعي المستهلك من خلال
الندوات التثقيفية والاعلانات التجارية النزيهة ووسائل الاعلام بشقيه المكتوب
والمرئي،بالاضافة الى تضمين المعلومات بالمنتوجات المراد تسويقها،على اعتبار أن نشر
الوعي التسويقي لدى المستهلك سيجنبه لا محالة الوقوع في الخداع والتضليل
والغش،وبصفة عامة تجنيبه من كل الممارسات المخلة بأحكام الشريعة الاسلامية الغراء.
المبحث الثاني : توعية المستهلك وطرق
نشر وعي استهلاكي
مما لا شك فيه بأن غرس ثقافة
استهلاكية ستمكن لا محالة من التخفيف من الممارسات اللاواعية،والتي تؤثر على نفسية
المستهلك،وبالتالي دفعه الى الشراء دون معرفة مميزات وخصائص السلع أو الخدمات
المرغوب في الحصول عليها،وعلى هذا الأساس
سنعمل على تقسيم هذا المبحث الى مطلبين بحيث سنتناول توعية المستهلك ونشر ثقافة
استهلاكية في (المطلب الأول ) فيما سنخصص (المطلب الثاني) لطرق نشر الوعي
الاستهلاكي.
المطلب الأول : توعية المستهلك ونشر
ثقافة استهلاكية
سنعمل على تقسيم هذا المطلب الى
فقرتين،بحيث سنتناول توعية المستهلك في (الفقرة الأولى ) فيما سنخصص (الفقرة
الثانية) لنشر ثقافة استهلاكية.
الفقرة الأولى : توعية المستهلك
ما يلاحظ هو أن معظم الدراسات
القانونية لم تعر أي اهتمام لهذه المسألة بالرغم من أنها تشكل العمود الفقري الذي
يقوم عليه القانون 31.08،لأنه ليس من السهل تحديد الوسائل التي تساعد على تحقيقه
في الواقع الاقتصادي كما أنه يصعب حصر الأبعاد الحقيقة للتوعية،التي تعد في نظر
البعض،تلك اللبنة الأساسية التي يجب التركيز عليها في وضع أسس النظام القانوني
لحماية المستهلك.
فالتوعية من شأنها أن تدفع بالفرد
إلى تفعيل أدواره في المجتمع،وبمجرد حصول المستهلك على وعي حقيقي،وإدراكه لحقائق
الأمور سوف يتمكن من تفادي بعض الأضرار التي من شأنها أن تدفع بالفرد الى تفعيل
أدواره في المجتمع.
وبمجرد حصول المستهلك على وعي
حقيقي،وإدراكه لحقائق الأمور سوف يتمكن من تفادي بعض الأضرار التي من شأنها أن
تؤثر بشكل سلبي على سلوكه أو تصرفه الاستهلاكي.
كما قد تساهم التوعية بشكل كبير
في نجاح باقي التدابير و الاجراءات التي تضمنها القانون 31.08 المتعلق بتحديد
تدابير لحماية المستهلك،فهي بمثابة خط الدفاع الأول لحماية مصالح المستهلكين من
طمع وجشع بعض المنتجين الذين ينتجون سلعا خطيرة ويقدمون خدمات رديئة من شأنها أن
نؤثر سلبا على صحة المستهلك،رغبة في تحقيق الربح السريع،زد على ذلك فالتوعية
والتثقيف قد يمنحان للمستهلك الاحساس بقدرته على استخدام المعلومات الخاصة بالسلع
والخدمات بالشكل الذي يخدم مصالحة،ويمكنه من الاعتراض على كل أنواع الممارسات
التعسفية دون خجل أو خوف.
كما أن وعي المستهلك بحقوقه،وبمضامين ما يتعاقد
حوله قد يشكل وسيلة ضغط على المنتجين أو المهنيين من أجل الحصول على حقوق أكثر،زد
على ذلك استقطاب كل الهيئات الحقوقية والمؤسسات التي تهتم بقضايا تهم المستهلكين.
الفقرة الثانية : نشر ثقافة
استهلاكية
إن نشر الثقافة الاستهلاكية
وتوعية المستهلكين بحقوقهم،يجب أن يكون جزءا أساسيا من النظام التعليمي،بحيث ينبغي
التركيز على إعلام المستهلك بحقوقه الاساسية وواجباته،من قبيل تمكين المستهلك من
عملية الشراء والاختيار الواعي لمختلف السلع والخدمات التي يحتاجها في حياته
اليومية،في ظل تنامي ظاهرة الاشهارات التجارية والتي تلعب دورا كبيرا ومؤثرا لدفع
المستهلك نحو الاستهلاك،كما يجب على الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل
الاعلام أن تقوم بدورها في عملية التوعية،خاصة أن هذه الجهات أصبحت ملزمة للقيام
بهذا الدور وفقا لقانون حماية المستهلك[5].
وتعتبر قضية الاستهلاك من بين
أهم القضايا التي تحتل أهمية كبيرة في
الحياة اليومية للفرد لارتباطها بديمومة
واستمرار الحياة البشرية.
و لحماية المستهلك لا يكفي وضع
نصوص قانونية من قبل المشرع سواء كانت وقائية أو ردعية،وتخصيص مؤسسات وهيئات
لمراقبة المنتجات والخدمات المقدمة له،ولا الجمعيات المخصصة لحمايته،بل يجب أن
يكون المقتني أو المشتري سواء كان مستهلكا عاديا أو محترفا يتمتع بنوع من النضج
الاستهلاكي لتتوفر لديه حماية تلقائية ذاتية.
المطلب الثاني : طرق نشر الوعي الاستهلاكي
سنقسم هذا المطلب الى
فقرتين،سنتناول دور العامل الأسري في نشر الثقافة الاستهلاكية في (الفقرة الولى)
فيما سنخصص ( الفقرة الثانية ) لدور المؤسسات التعليمية في القيام بهذا الدور.
الفقرة الأولى : العامل الأسري
ودوره في نشر الثقافة الإستهلاكية
تعتبر الأسرة من أهم المؤسسات
الاجتماعية وأقدمها على الإطلاق بل هي السبب الوحيد والأوحد في نشأة المجتمعات
والمؤسسة الأولى التي نشأ فيها الإنسان وعرف خلالها بوادر التنظيم وهي بذلك خلية
اجتماعية تتفاعل داخلها مجموعة من العلاقات الإنسانية المعقدة، حيث تقوم على تعاقد
قانوني بين الرجل والمرأة لتأسيس أسرة يهتمان معا برعايتها،
ومما لاشك فيه أن للأسرة تأثیر كبیر على سلوك أفرادها كما
أنها تقدم لهم العدید من القیم ذات الطابع الاجتماعي خاصة في المراحل الأولى
للنمو، وعلیه تعتبر الأسرة هدفا یحاول رجال التسویق الوصول إلیه والتأثیر علیها.
وبالرغم من أن
مفهوم الأسرة من المفاهیم الأساسیة في علم الاجتماع، إلا أنه لیس من السهل تعریفها
لأن بناءها والأدوار التي تلعبها تختلف من مجتمع لآخر ولكن عموما یمكن تعریفها
بكونها " وحدة اجتماعیة تتكون من شخصین أو أكثر یكون أفردها على علاقة شرعیة
كالزواج، مع إمكانیة كفالة هذه الأسرة لأفرد آخرین كأبناء أو بنات یسكنون في بیت واحد
".
وتؤدي الأسرة دورا مهما في نشر الوعي الاستهلاكي، من خلال
التنشئة الاجتماعیة التي تقوم بها مع أبناءها،بحيث أن الأطفال یتعلمون
السلوك من خلال سلسلة من المواقف ومعاملة الآخرین لهم والأماكن التي یحدث فیها
السلوك الاستهلاكي، هذه الأمور تقدم الفرصة للطفل لكي یتعلم السلوك الاستهلاكي،وكما
يقول المثل " التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" .
كما یمكن للأسرة أن تساعد على عملیة تدریب قدرات الطفل المعرفیة
في المواقف الاستهلاكیة،وتؤثر بشكل مباشر على السلوك الاستهلاكي للأطفال ،أو
تعلیمهم مهارات استهلاكیة مثل تشجیعهم على اختیار هدایا الأعیاد ومناقشة ميزانية
الأسرة أمامهم واصطحابهم إلى السوق،وتعليمهم طريقة شراء السلع والمنتوجات المرغوبة.
الفقرة الثانية : المؤسسات
التعليمية ودرها في نشر ثقافة استهلاكية[6]
يقال أن " درهم وقاية خير
من قنطار علاج " وهذا القول يصدق في مجال الوقاية التي يجب أن تتم في مجال
إنفاذ القوانين المتعلقة بحماية المستهلك،وفي هذا الاطار يمكن القول بأن المؤسسات
التعليمية تلعب دورا أساسيا في توعية وتثقيف المستهلكين بحقوقهم وواجباتهم،وتسليط الضوء
على كل ما من شأنه أن يعرض حياتهم وحقوقهم للخطر،ولعل أبرز مثال على ذلك نجد بعض
الجامعات ( سلطنة عمان،بيروت ...) يقومون بتضمين المقررات الدراسية قانون حماية
المستهلك،والهدف من وراء ذلك تمكين الطلبة والتلاميذ من الالمام بكل ما له صلة
بالاستهلاك،وهذا الأمر لا ينبغي أن يتوقف على المؤسسات التعليمية فحسب،وإنما على كل
الفاعلين الحقوقيين الذين يناشدون بتوفير حماية فعالة للمستهلك لكونه طرفا ضعيفا
من جهة،وأهم حلقة في الدورة الاقتصادية من جهة أخرى.
كما ينبغي على دور العبادة أن
تعمل جاهدة في تقديم الوعظ الارشادية والتي لها أثر كبير في تهذيب النفوس،من قبيل الحث
على ضرورة مراعاة حقوق الأفراد المستهلكين وعدم الاضرار بسلامتهم عن طريق
الاستعانة ببعض أساليب الغش المحرمة شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم " من غشنا
فليس منا "،زد على ذلك دور الاعلام سواء المكتوب منه أو المرئي يتيح للمستهلك
إمكانية التحكم في الشروط التي يفرضها أرباب الانتاج والتوزيع في السوق
الاقتصادية،على اعتبار أن الاعلام يمكن المستهلك من معرفة خاصة بظروف وملابسات
السوق،ويخول له إمكانية مقارنة جودة السلع والخدمات وأسعارها على نطاق
واسع،فالاعلام يعد الأداة الضرورية لتفعيل حقوق المستهلك،وضمان الوسائل التي تمكنه
من الانتفاع بالمواد الاستهلاكية والقدرة على اشباع حاجياته.
خاتمة :
من خلال تمعننا في نصوص القانون
31.08 المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك،يمكن القول بأن المشرع المغربي بذل
جهودا جبارة في سبيل توفير الحماية اللازمة للمستهلك.
إلا أن مظاهر الحماية القانونية
للمستهلك من الناحية الواقعية،تبين عمق مشكلة المستهلك المغربي التي لا تتمثل في
قلة النصوص الحمائية،بقدر ما يتعلق بعدم تنفيذها وتفعيلها على أرض الواقع،الأمر
الذي يكشف عن حاجة المستهلك الى حماية فعلية عن طريق الاستعانة بشتى الطرق التي من
شأنها أن تضع حدا للانتهاكات التي يتعرض لها.
ومادام المستهلكون حسب خطاب
الرئيس الأمريكي جون كندي يشكلون المجموعة الاقتصادية الأكثر أهمية،فإنه كان من
اللازم تمتيعهم بمجموعة من الحقوق من قبيل الحق في الاعلام،الحماية الصحية،الاستماع،الاختيار...
وحتى يحق لنا الحديث عن توفير
حماية قانونية فعالة للمستهلك بما تحمله هذه العبارة من معنى،فإنه يبقى على الجميع
( الهيئات الحكومية وغير الحكومية،مجتمع مدني،القنوات الاعلامية،والمستهلك في حد
ذاته)كل من جانبه،تسخير كل الوسائل الكفيلة بتكريس هذه الحماية،وتمكين المستهلك من
معرفة حقوقه وواجباته.
فالمواطن ملزم بتمتين معارفه
خاصة في مجال الاستهلاك،لكونه يعد إحدى القضايا اللصيقة بحياته اليومية،كما ان
الجمعيات والهيئات الحقوقية ملزمة بتقديم الاستشارات ونشرات تحسيسية وبرامج
تثقيفية تساعد المستهلك على تفادي الاضرار التي قد تهدد سلامتهم وتهدد امنهم،ونفس
الشئ بالنسبة للجهاز القضائي والذي يقع على كاهله تطبيق القانون ومعاقبة كل من
سولت له نفسه بالتلاعب بالمصلحة العامة للمواطنين عن طريق بيع سلع فاسدة أو
مغشوشة،والضرب بيد من حديد كل مخالفي القانون بصفة عامة.
لائحة المراجع
* محمد بودالي:حماية المستهلك في القانون المقارن،السنة 2009.
* الحسين بلحساني،
الموجز في العقود الخاصة، 2014-2015
* مهدي منير،المظاهر القانونية لحماية المستهلك،أطروحة
لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص،السنة الجامعية 2004-2005.
* يوسف كبيطي،حماية
المستهلك من الشروط التعسفية
بقلم الطالب :
يوسف كبيطي
باحث في صف
الدكتوراه
[5] The need for empowerment of
consumers as a class cannot be over emphasized and is already well recognized
all over the world. The advancement of technology and advent of sophisticated
gadgets in the market and aggressive marketing strategies in the era
of globalization have not only thrown open a wide choice, for the consumer but
all the same also rendered the consumer vulnerable to a plethora of problems
concomitant to such rapid changes. There is an urgent and increasing necessity
to educate and motivate the consumer to be wary of the quality of the products,
and also the possible deficiencies in the services of the growing sector of
public utilities. In short, the consumer should be empowered with respect to
his rights as a consumer. He should be equipped to be vigilant with a
discerning eye so as to be able to protect himself from any wrongful act on the
part of the trader. In order to be able to position the consumer in such a
state, there is every need not only to evolve legal remedies but also provide
reliable and exhaustive information, which he can access without much effort
and expense. Recognizing the importance of the problem, the Government of India
and State Government have initiated steps to introduce dispute redressal
mechanism by way of Consumer Protection Ac, but a lot more has to be done in
the area of creating awareness on the part of the consumer to facilitate his seeking
suitable remedy wherever there is a need. This becomes more important in the
rural areas, where there is wide spread illiteracy.
[6] Education is one of the important factors which brought liberalization
from exploitation, ignorance, superstition and son. It enlightens individuals
and causes growth of every economy. It is true that in this developed trade and
global market consumer is the ruler. But it is so pity that the consumer is
being exploited in many ways. It is evident that the increased literacy rate
will reduce the exploitation. Consumer education is taking place in many ways.
The Government and educational institutions has identified the importance of
consumer education and giving support in many ways. With the urbanization and
increased literacy rate the consumer is still exploited and protection is
becoming a question? This paper deals with various means of bringing consumer
awareness through educational institutions. It also deals with the consumers’
opinion in bringing and promoting the consumer protection.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق