رهانات ادماج و تفعيل الوساطة
الأسرية في المجتمع المغربي
لينة البريني
باحثة بماستر الوسائل البديلة
لفض المنازعات
كلية الحقوق بفاس
مقدمة:
يعرف
العالم اليوم ظاهرة مجتمعية تتمثل في الطرق البديلة لتسوية المنازعات، تطورت إلى جانب
الآليات الرسمية لفضها، ويقصد بها مجموعة من الآليات التي يمكن اعتمادها لحل النزاعات
بمشاركة وموافقة أطرافها، وهي ليست بديلة عن القضاء، لأنها تجري تحت إشرافه ([1]).
ومن تم فهي بديلة عن بعض المساطر والإجراءات القضائية ([2]).
إن
الطرق البديلة لتسوية المنازعات ليست آلية جديدة، وإنما هي قديمة جدا قدم الإنسانية،
وكانت موجودة وفعالة. لكن الجديد هو ضرورتها في وقت يحتاج إليها الجميع على مختلف المستويات
والمجالات. هذه الضرورة أفرزتها المعضلة التي يواجهها القضاء منذ أمد بعيد في مختلف
الأنظمة القضائية عبر العالم، تتجلى في تراكم أعداد هائلة من القضايا، بسبب التأخير
في إصدار الأحكام، البطء في الحسم في النزاعات، تعدد أوجه الطعن عبر مختلف درجات التقاضي،
زيادة على اتسام إجراءات التبليغ بالتعقيد، وانعدام الفعالية. كما أن معضلة تضخم وتراكم
القضايا ليست حكرا على الدول النامية، بل تعاني منه أيضا وبدرجات متفاوتة الدول المتقدمة
مع فارق في نوعية وموضوع القضايا. هذه الأزمة عرفتها أمريكا في أول الأمر على مستوى
الدول المتقدمة، وما فتئ أن امتد الأمر إلى الدول الأخرى كانجلترا وفرنسا.
والمغرب
بدوره أولى في الآونة الأخيرة اهتماما كبيرا بهذه الوسائل حيث نظم المشرع بعضا منها
في عدد من قوانينه، ومنها التحكيم، و الوساطة الاتفاقية في قانون المسطرة المدنية،
الصلح في قانون الأسرة، وفي الميدان التجاري
والجنائي...
وإذا
كانت هذه المجالات خصبة لقيام النزاعات، و تتطلب إعمال هذه البدائل، فإن اللجوء للوسائل
البديلة يزداد أهمية متى تعلق الأمر بالمنازعات الأسرية نظرا لطبيعة العلاقات التي
تربط بين مكونات الأسرة. هذه الأخيرة التي قد تتصدع أحيانا وتفسد خاصة ونحن نعلم أن
النفس أمارة بالسوء، فالصراعات التي قد تنشب بين أفراد الأسرة الواحدة في غالب الأحوال تكون حول الصداق، أو الطلاق
وما يترتب عنه، والنسب، وقد يتجاوزه الأمر إلى بعض الجرائم التي قد تنشب بين الأصول
والفروع والأقارب. كل هذا يدفعنا للبحث والحديث عن الطرق البديلة لتسوية المنازعات
الأسرية.
إن
الطرق البديلة لتسوية المنازعات الأسرية تعمل على حل الخلافات التي تقوم داخل مؤسسة
الأسرة، حيث تعمل الجهات الموكولة إليها ذلك بالبحث عن اتفاقات ودية يرتضيها طرفي الخصومة
من خلال لغة الحوار على خلاف الإجراءات القضائية.
وهناك
عدة أنواع من الطرق البديلة أهمها الصلح والوساطة والتحكيم غير الملزم، التقييم المحايد
والتسوية الودية أمام القاضي... وهي تختلف حسب الأنظمة، و تستهدف حل الخلافات بشكل
ودي باتفاق الأطراف، وبعضها يقتضي تدخل القضاء في مرحلة ما والبعض الآخر يجد مشروعيته
انطلاقا مما تم التعاقد عليه. وبخصوص النزاعات الأسرية يعتبر الصلح والوساطة أهم البدائل
الممكن إعمالها في هذا المجال ([3]).
فالصلح
يعتبر وسيلة فعالة لإنهاء الخصومة، ووضع حد للنزاع في أقصر الآجال، وبأقل التكاليف،
كما يرسخ ثقافة الحوار والتسامح، وينمي العلاقات الاجتماعية والعائلية ويحافظ على أواصر
المودة ويحقق الأمن والاستقرار على مستوى الأسرة والمجتمع بصفة عامة ([4]). أما الوساطة
فيمكن تعريفها بأنها المساعي التي يقوم بها شخص محايد بين أطراف النزاع من أجل الوصول
إلى حل ودي. لكن وأمام الفشل الكبير الذي أبان
عنه الصلح كأحد الوسائل البديلة لتسوية المنازعات لم يبقى أمامنا سوى تسليط الضوء على
الوساطة علها تعمل على تسوية ،و إدارة الخلافات، وتعمل على إعادة الحوار والتواصل بين
أفراد الأسرة وتدفع أطراف الخصومة للوصول إلى
اتفاقات، وتسوية في صالح الأسرة ككل.
إن ما يميز الوساطة هو غياب
كل سلطة على الأطراف ، أو في فرض القرارات
، حيث يبقى للأطراف وحدهم اتخاذ قرار الاتفاق والتسوية الودية من عدمه
([5]). هذه المميزات تعبر بدون شك عن سبب جعل الوساطة الأصلح للأسرة بالإضافة إلى أن
النزاعات الأسرية هي ذات مواصفات، ومميزات خاصة، ذلك أنها تتضمن أشخاصا تجمعهم علاقات
ترابط تستمر في الزمان، والنزاعات الأسرية قبل أن تكون نزاعات قانونية هي نزاعات ذات
روح وماهية عاطفية ووجدانية، كما أن الفرقة والطلاق له انعكاسات على جميع أفراد الأسرة
خاصة الأطفال.
و علية
و انطلاقا من هذا التقديم الموجز يمكن رصد الإشكالية التالية :
- كيف
نظمت القوانين المقارنة الوساطة كوسيلة لتسوية النزاعات الأسرية، وما مدى إمكانية تطبيقها
وتفعيلها داخل المجتمع المغربي على المستوى القانوني والواقعي؟.
هاته
الإشكالية، و غيرها نرى أن نتطرق لها من خلال التصميم التالي:
v المبحث
الأول: الوساطة في بعض القوانين المقارنة.
v المبحث
الثاني: رهانات إمكانية إدماج وتفعيل نظام الوساطة الأسرية في المجتمع المغربي
المبحث الأول: الوساطة الاسرية في بعض القوانين المقارنة.
للوقوف
على تجارب بعض الدول التي تعد رائدة في فض المنازعات عبر الوسائل البديلة وخاصة الوساطة
القضائية، كان من اللازم العمل على دراسة كل من النظام الأنكلوساكسوني (المطلب الأول)، و النظام
اللاتيني (المطلب الثاني ).
المطلب الأول:الوساطة في النظام
الأنكلوساكسوني
للتطرق
للوساطة الأسرية في النظام الانكلوساكسوني ارتأيت الوقوف على التجربة الانجليزية (الفقرة
الأولى) ، على أساس التعريج على التجربة الأمريكية في (الفقرة الثانية)، إضافة إلى
التجربة الكندية في (فقرة ثالثة).
الفقرة الأولى: التجربة الإنجليزية
إذا
كانت بداية التجربة الأمريكية والبريطانية في مجال تطبيق الوساطة قد عرفت مناهضة كبيرة
من طرف هيئات الدفاع، حيث اعتبرت بأن المحامي الذي يملك حق احتكار النيابة عن الأطراف
أمام الإدارات وأمام القضاء، سيعرف مضايقة أشخاص آخرين كالوسطاء، الأمر الذي يعني بالمقابل
وجود منافسة بينهم وبين المحامين؛ فإن الأمر لم يدم طويلا لدرجة أصبح معها نجاح الوساطة
رهينا بنجاح المحامين الوسطاء ذوو الخبرة والتجربة.
من
جهة أخرى فإن المحامي الإنجليزي أصبح ملزما باللجوء إلى هذه الوسيلة قبل التوجه للمحكمة،
وأن يناقش مع زبنائه الإمكانيات المتوفرة في الوساطة تحت طائلة اعتباره مخلا بواجبه
المهني في حالة عدم احترامه لهذا المقتضى، ولا يقبل ادعاء المحامي جهله بالوساطة. ولذلك
فقد بلغ نجاح الوساطة في القضايا المدنية ببريطانيا نسبة تتراوح بين 70 و80 % .
وهنا
لابد من الإشارة بأن حوالي 90 % من النزاعات في المجتمعات المتقدمة تحل عن طريق التفاوض،
وأن 10 % فقط من القضايا هي التي تصل إلى المحاكم، ولا يبقى منها سوى 10 % للتقاضي
أمامها ، وهو ما يلاحظ اليوم في إنجلترا، حيث إن نسبة القضايا المعروضة على القضاء،
بعد العمل بالوساطة، انخفضت بنسبة %34
.الفقرة
الثانية : تجربة الولايات المتحدة الامريكية
إن
أول من قام بأبحاث حول الوساطة الأسرية هو المحامي الأمريكي ج. كولسن « J.Colsin » إذ انطلق من تقنيات التحكيم
وذلك من اجل التخفيف من أثار الطلاق الصادمة كما قام محام آخر من ولاية اطلانطا كولغر « Colgher » بفتح أول مركز للوساطة
الأسرية في حين اعتبرت ولاية كاليفورنيا أول ولاية تتبنى قانون يلزم الآباء باللجوء
إلى وسيط اسري في حالة النزاع على حضانة الأبناء وتنظيم حق الزيارة وقد تبعتها في ذلك
العديد من الولايات.([6] )
وقد
ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية القرن الماضي، وتم تكريسها في السبعينيات
ثم عرفت انتشارا في ربوع العالم بعد أن فرضت وجودها بفضل ما تمتاز بها من فعالية وسرعة
ويسر في المسطرة(.[7])
والوساطة في الولايات المتحدة
الأمريكية نوعان وساطة قضائية ووساطة اتفاقية إلا أنه لا يتم اللجوء إليها إلا وفق
الشروط التالي :
التكافؤ بين الأطراف ففي الحالة
التي يكون فيها أحد الأزواج يعتمد على الأخر في حياته أو عند وجود تخوف احد الطرفين
من الأخر أو عدم استقلاليته عنه لا يكون مجال الوساطة.
تكون الوساطة غير ممكنة أو غير
مجدية عندما يكون احد الطرفين متعاطيا للمخدرات أو الأدوية ويكون الطرف الأخر مساهما
أو متحكما في هذه المسألة كتزويده بمادة التخدير.
السرية في الوساطة المطلوبة
وعدم استعمال الحجج والوثائق الناتجة عنها أمام المحاكم إلا باتفاق الطرفين.
على الوسيط إخبار الأطراف بالطابع
الاختياري والاستثماري للوساطة ليكونوا في وضعية مريحة.
أما بالنسبة للوسيط المعين من
طرف المحكمة في قضايا حضانة الأبناء فإنه يجب أن تتوفر فيه[8] ):
معرفته بثقافة المجتمع الذي
سيتوسط بين أطرافه.
معرفته بالتطور الصحي والنفسي
والآثار التي قد تترتب على الطفل نتيجة طلاق أبويه.
إن
تجربة النظام الأنكلوساكسوني هي تجربة رائدة، ساهمت في تسوية نسبة كبيرة من الخلافات
المسجلة بالمحاكم . وما يمكن ملاحظته من خلال التجربة في مجال الوساطة القضائية، هو
أن النظام الأنكلوساكسوني نظام يعتمد الممارسة والتجربة الفعلية والعملية دون الاكتراث
للتقنين، كما أن الوساطة غير منظمة بالقوانين والقواعد الدقيقة والواضحة، عكس ماهو
عليه الأمر بالنسبة للنظام اللاتيني. لكن ما لا يمكن إنكاره هو أن التجربة الأنكلوساكسونية
تبقى من أغنى التجارب في العالم، وأثبتت ريادتها عبر العالم في هذا المجال.
الفقرة الثالثة: تجربة كندا(الكبيك)
ظهرت
الوساطة بشكل عام في كندا سنة 1972، أما الوساطة الأسرية ، فقد تم استلهامها من النموذج
الأمريكي ابتداء من سنة 1980،و ذلك قبل أن يصدر قانون 1985 الخاص بالطلاق، و الذي أصبح
مرجعا في الوساطة الأسرية في كندا، هذا الأخير – قانون سنة 1985- ألزم المحامي بموجب
مادته 45-1 بإرشاد موكله الذي يرغب في الطلاق للتوجه إلى المصالح المكلفة بالوساطة
الأسرية أولا، و قبل اللجوء إلى القضاء .ثم
بعد ذلك تم بتاريخ 1993-09-10 إصدار قانون معدل لقانون المسطرة المدنية ينص
على إجبارية الوساطة الأسرية قبل اللجوء المحكمة
[9]، و في 1997-09-01 دخل قانون الوساطة الأسرية حيز التنفيذ، و الذي منح الأزواج و
خاصة ذوي الأطفال ، إمكانية الإستفاذة من مجانية خدمات الوساطة الأسرية ، أثناء التفاوض،و
تسوية طلبات الطلاق، أو الحضانة ، أو النفقة[10].وتوجد بكندا خمس جهات مرخص لها من
طرف حكومة الكبيك لممارسة الوساطة الأسرية،
و يتعلق الأمر بمحام الكبيك، و غرفة الموثقين، و الهيئة المهنية للمستشارين في التوجيه،وهيئة
علماء النفس، و الهيئة المهنية للمساعدين الاجتماعيين.
المطلب الثاني: الوساطة في النظام
اللاتيني
للحديث
عن الوساطة الأسرية في الأنظمة اللاتينية كان
لابد من استحضار تجارب بعض القوانين السباقة، و الرائدة في هذا المجال، كتجربة النظامين
الفرنسي(الفقرة الأولى)، والبلجيكي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التجربة الفرنسية
وفي
بداية أكتوبر 1988 تم فتح مصلحة للوساطة الأسرية من طرف جمعية أصدقاء (جون بوسكو)،
التي نظمت بتعاون مع جمعية الارتقاء بالوساطة الأسرية المؤتمر الأوربي الأول للوساطة
بفرنسا في سنة 1990، والذي حضره أكثر من 500 مشارك من ثماني جنسيات مختلفة، وكان هذا
المؤتمر مناسبة لتقديم الوساطة من طرف محترفين وخبراء من آفاق مختلفة.
وبعد ذلك، تم خلق اللجنة الوطنية
لجمعيات ومصالح الوساطة الأسرية التي ستتحول إلى فيدرالية للجمعيات التي تدير خدمة
الوساطة، وذلك بهدف الدفاع عن وجود الوساطة، واحترام قانون المهنة.[11]
وفي هذه الفترة بالضبط حدث ارتفاع
في معدلات الطلاق فجاءت الوساطة كحل مطلوب للتخفيف من المنازعات القضائية ،وتم الترحيب
بها كعدالة مرنة و بديلة[12].
ثم ظهرت بعض الاجتهادات القضائية
التي تؤسس للوساطة بكونها طريقة من طرق تطبيق المادة 21 من قانون المسطرة المدنية الجديد،
الذي ينص في مقتضياته على أنه: "من مهام القاضي إجراء الصلح بين الأطراف".
كل هذه التطورات أدت إلى صدور
التعديل الذي طرأ على نص المادة 131 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي، والذي سيساهم من خلال مضمونه في تحقيق
السرعة والفعالية والمرونة والنجاعة في تصريف القضايا، وتخفيض كلفة التقاضي.
وعلى العموم فالوساطة ليست أمرا
جديدا على الفرنسيين، حيث كانت تمارس في العهود القديمة في فرنسا بمفهوم المصالحة،
وقد شاع في المثل الفرنسي أن "الصلح السيئ خير من الخصومة الجيدة".« Une mauvaise
transaction veux mieux qu’un bon procès ». واستخدمت
مجددا بعد الثورة الفرنسية لعام 1789، وقد أدخلت في النزاعات الأسرية بتأثير من وسطاء
مقاطعة الكيبك في كندا.
الفقرة الثانية: التجربة البلجيكية
فيما
يخص هذه التجربة، فإن المشرع البلجيكي نص صراحة على كل من الوساطة الاتفاقية والوساطة
القضائية. مع الإشارة إلى أن التشريع البلجيكي كان أكثر دقة وتفصيلا من التشريعيين
المغربي والفرنسي. وتظهر من خلاله الإرادة السياسية البلجيكية لإقرار نظام الوساطة
لفض المنازعات، وذلك من خلال إحداثه للجنة الوساطة الفيدرالية، مع تزويدها بالوسائل
البشرية والمالية اللازمة. وهذا بدون شك سيعمل على مساعدة القضاء في حل وتسوية المنازعات
مستقبلا باعتبار التجربة لازالت فتية، إذ لم يتم إصدار القانون المنظم للوساطة إلا
مع بداية العام 2005.
وهكذا إذا تم الوقوف على بعض
القواعد المنظمة للوساطة في الأنظمة المقارنة، يمكن القول بأن النظام اللاتيني تغلب
على مقتضياته الدقة والوضوح، كما أن التجربة اللاتينية ومن خلالها التجربة الفرنسية،
أثبتت كما هو الحال بالنسبة لتجربة النظام الأنكلوساكسوني؛ أن الوساطة تستطيع تحقيق
السرعة والحياد والمرونة، إلى جانب الفعالية في حل النزاعات بنوع من الليونة، إضافة
إلى الحفاظ على العلاقات القائمة بين طرفي النزاع، وبالتالي تكريس العدالة التصالحية.
المبحث
الثاني: رهانات إمكانية إدماج وتفعيل نظام الوساطة الأسرية في المجتمع المغربي
إن
اتخاذ أي رهان يقتضي وجود الأرضية الخصبة لتفعيله وكسبه، فرهان إدماج وتفعيل نظام الوساطة
الأسرية في المجتمع المغربي يقتضي البحث في مدى إمكانية تقبل هذا الأخير لهذا الطريق
البديل، وكذلك الأساس الذي سينبني عليه.
والمغرب
كبلد إسلامي نجده قائما على مبادئ الصلح، والوساطة في حل جميع الخلافات منذ دخول الإسلام
إليه، وقبله من خلال الأعراف والعادات التي طبعت الثرات المغربي، ومع تطور الدول وظهور
مبدأ السيادة أصبحت هذه المبادئ أو الطرق البديلة تتراجع لفائدة المساطر القضائية.
إلا أن ما تعانيه هذه الأخيرة من كثرة القضايا وقلة الأطر وغيرها... في كثير من دول
العالم أدى إلى التفكير في إيجاد بدائل للقضاء أو مساعدته لحل أزمته، فتم إحياء هذه
الطرق التي كانت متجدرة في عمق التاريخ، والثقافة الإسلامية من قرون غابرة، وإن كان
الغرب قد اعتبرها من صنعه وابتكاره. من هنا يتضح أن أرضية كسب الرهان موجودة وما بقي
إلا اتخاذ مجموعة من التدابير على المستوى القانوني والعملي مع ضرورة مراعاة خصوصية
المجتمع المغربي في الأخذ بنظام الوساطة الأسرية(المطلب الأول)، و تحديد آليات تفعيلها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الرهانات على
المستوى القانوني والعملي
إن أول رهان للتأسيس لوساطة
أسرية بالمغرب، وإنجاحها هو تقنينها وإدماجها ضمن مدونة الأسرة لإضفاء طابع الشرعية،
والقانونية عليها (الفقرة الأولى). مع الأخذ بعين الاعتبار هاجس الخصوصية المغربية
، و الهوية ، و المرجعية الإسلامية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: ضرورة تقنين
نظام الوساطة لحل الخلافات الأسرية
يعيش العالم اليوم منذ عقدين
نهضة قانونية مهمة في مجال البحث عن الحلول البديلة لفض النزاعات، بسبب اتجاه معظم
الأنظمة القضائية إلى شبه عجز عن مسايرة تطور مؤشر القضايا المعروضة عليها. ومن أهم
ما اهتدى إليه العقل البشري في هذا المجال التصالح الذي يتم في شكل ما يسمى بالوساطة
كآلية بديلة لفض النزاعات. ولما كانت هذه الآلية تنتهي بالحل الاتفاقي الذي لا يمكن
إلا أن يترتب عنه الصلح فهي إذن ليست غريبة عن معتقداتنا الدينية، وقوانيننا الوضعية،
وثقافتنا الاجتماعية وعادتنا، لذا فهي قابلة للتطبيق ببلادنا لكن ذلك يتطلب اتخاذ عدة
تدابير يبقى على رأسها تقنين نظام الوساطة في نصوص قانونية واضحة، ومفصلة، خالية من
الغموض وغير قابلة لعدة تأويلات، ومن الأفضل الأخذ بنظام الوساطة القضائية بخصوص القضايا
البسيطة ومنها المتعلقة بالأسرة ([13]). وفيما يتعلق بالوسيط الذي هو أهم عنصر فاعل
في نظام الوساطة يجب وضع شروط محددة ودقيقة
وذلك من خلال إيجاد تنظيم قانوني لهذه المهنة، من أجل تأهيل عناصر أكفاء لهذه المهمة
الخطيرة، والدقيقة تراعي خصوصية الأسرة وما تتطلبه من معاملة خاصة من أجل الحفاظ على
استقرارها وقيامها، وتفادي تفككها وانهيارها.و لضمان نجاح هذه المؤسسة - الوسيط - يجب
تخصيص جانب واسع من المراقبة والتأديب لشخص الوسيط في حالة تقصيره في أداء مهمته، إذ
من مقومات نجاح الوساطة وجود وسيط جيد سواء تعلق الأمر بوسيط قضائي أو وسيط حر
([14])، ومن يقول بنظام الوساطة فهو يقول حتما بضرورة خلق هيئة للوسطاء باعتبارهم خبراء،
أصحاب مهنة حرة، ويجب أن يكون لهم جدول خاص ضمن لائحة الخبراء. ويتكون هؤلاء من رجال
قانون مستقلين، والمتقاعدين من القضاء ومساعدي القضاء وكل من أبان عن كفاءة ومقدرة
في هذا المجال.
للتحفيز كذلك على ولوج هذه المؤسسة
يجب جعلها مجانية قدر الإمكان، وبأثمنة رمزية حيث ينبغي إحداث صندوق تساهم فيه كل الهيئات،
ويمول كذلك بنسبة بسيطة من المصاريف القضائية، يتكلف بأداء أتعاب الوسطاء في حد معقول،
حيث تقدر هذه الأتعاب من طرف جهة قضائية مختصة. وبهذه التدابير يمكن التشجيع على المشاركة
الفعالة في نظام الوساطة وإنجاحه. وفي إطار إحياء الوساطة الأسرية ببلادنا نجد أن مدونة
الأسرة تضمنت فقرة صغيرة لكنها ذات أهمية في تحديد مفهوم الوساطة، حيث يشير النص إلى
تعزيز آليات التوفيق والوساطة بتدخل الأسرة والقاضي[15]. فهذه العبارة تفيد تلازما
بين فعلي التوفيق réconciliation،
و الوساطة Médiation،
و رغم كون العبارة الواردة في النص جد مركزة فإنها تعطي المؤشرات الأساسية للوساطة
الأسرية، وإن كانت لا تستعمل هذا المصطلح في موادها. فهل يمكن اعتبار هذه الإشارة تمهيدا
ضمنيا لإعمال الوساطة الأسرية ببلادنا؟ إن مدونة الأسرة كنص تشريعي تعطي مؤشرات لتفعيل
حركة الوساطة في مجال قضاء الأسرة باستعمالها لفظ الوساطة، وتفعيلها لآليات مسطرة الصلح
ذات الصلة بها، كما هي معتمدة في الكثير من البلدان الأمريكية والأوربية.
الفقرة الثانية: ضرورة مراعاة
خصوصية المجتمع المغربي في الأخذ بنظام الوساطة الأسرية
إن اعتماد نظام الوساطة، وإدماجها
داخل المجتمع المغربي من خلال الاستفادة من تجارب الدول التي تأخذ بها، يقتضي مراعاة
خصوصية المجتمع، والأسرة المغربية وطبيعة العلاقات داخلها.
إذا كانت الوساطة الأسرية كما
يتم تعريفها ، بأنها عملية، أو مسلسل لفض النزاع القائم بين أفراد الأسرة، بتدخل شخص
ثالث يسمى الوسيط الأسري، الذي يعمل في حياد تام وعدم تحيز، لمساعدتهم على الوصول إلى
حل نابع من إرادتهم الحرة، فإننا نجدها ترتبط بتسوية المسائل المتعلقة بآثار إنهاء
العلاقة الزوجية سواء بعد الانفصال الجسماني أو الطلاق، حيث يتم الاتفاق على مسائل
مادية وكيفية تسيير الأموال المشتركة، وتغذية الأطفال ومصاريفهم وشؤون حضانتهم وبقاء
العلاقات الودية بعد كل ذلك، إلا أن مفهوم الوساطة بهذا الشكل، والمعتمد أساسا في الدول
الغربية لاينطبق على الأسرة المغربية كأسرة مسلمة لها عادات وثقافة، وتقاليد خاصة،
كما لايتماشى مع الأساس والغاية التي خلقت من أجلها وأرادها الله لها، ولا تتوافق مع
الغايات المنشودة من طرف المشرع في الحفاظ على كيانها واستقرارها وحماية أفرادها وكل
ذلك في جو يضمن حماية المرأة، كرامة الرجل وحقوق الطفل.
ولأجل ذلك يجب خلق وساطة مغربية
تتماشى والثقافة، والمرجعية الإسلامية للمجتمع المغربي حيث يجب تسخيرها في تعميق أواصر
التسامح والصلح بين أفراد الأسرة والحفاظ على كيانها مجتمعة، وذلك بمحاولة الوسيط أو
الوسطاء المساعدة على جبر ما تم كسره داخل العلاقة الأسرية- فيما معناه اصلاح ذات البين
-، وهذا ليس بالأمر الهين، بل يتطلب هيئة للوساطة تتألف من مجموعة من المتخصصين في شتى المجالات : النفسية ، و الاجتماعية ، و الأسرية
.... ،فالوساطة التي يجب أن تكرس: هي توفيق يسعى إلى الصلح بين الأطراف المتنازعة.
وهو فعل يحتاج إلى توضيح وملاءمة في ضوء حاجيات الأسرة المغربية، وبالنظر إلى نوعية
المشاكل المطروحة اليوم. كما أن هذه الوساطة تهم الأسرة ككل فقد يشارك في تفعيلها أفراد
من الأسرة لتأثيرهم في مجرى العلاقة الأسرية. لذلك يمكن أن يحضر أفراد من الأسرة جلسة
الوساطة كأطراف يمكن أن تساهم في حل النزاع لأنها قد تكون طرفا فيه أو قريبة منه وذلك
تحت إشراف الوسيط. كما يمكن استبعاد أطراف أخرى من أفراد العائلة يمكن أن تشوش على
الوساطة بسبب عدم الحياد. هناك القاضي كوسيط ممكن ويستحسن ألا يكون قاضي الحكم، بل
من القضاة المتقاعدين وغير الممارسين، فهو يملك المعرفة القانونية للحفاظ على حقوق
الطرفين، ولديه الخبرة لتسوية النزاع. كما تشير المدونة في عدة مواضع أنه للقاضي الحق
في إشراك أطراف أخرى في تسوية النزاعات الأسرية، وهذا يعني إمكانية إدخال خبراء لمساعدة
القضاة، حتى يتفرغوا للبث في الملفات وإصدار الأحكام والتخفيف على المحاكم. فلقد فتحت
المدونة إذن المجال أمام قضاة الأسرة ليساهموا بأنفسهم في تأسيس وتنظيم وساطة أسرية
تتلاءم مع روح الثقافة المغربية وتستجيب لحاجيات الأسرة المغربية في تطورها.
المطلب الثاني : آليات تفعيل
نظام الوساطة الأسرية
إن الإصلاح التشريعي المطلوب
لإدماج الوساطة الأسرية ضمن المنظومة القانونية المغربية لاينجح إلا إذا واكبه تفعيل
عملي لهذه المقتضيات القانونية من طرف مؤسسات الدولة من جهة (الفقرة الأولى) وفعاليات
المجتمع المدني من جهة ثانية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مجهودات مؤسسات
الدولة لإعمال الوساطة
من أهم الرهانات الاهتمام بقطاع
القضاء وإصلاح أوضاعه، لارتباطه بموضوع النزاعات. حيث يعتبر الملجأ الوحيد لأصحابها،
مما يشكل ضغطا كبيرا يجعله أقل مرد ودية. وبالنسبة لبلادنا فقد انخرطت في برنامج شامل
للإصلاح القضائي يتوخى تحقيق عدة أهداف من بينها ما له صلة بموضوعنا اعتماد وسائل بديلة
لحل النزاعات ومنها الأسرية، مع الانفتاح على تجارب الدول الأخرى للاستفادة منها وتبادل
الخبرات معها. وفي هذا الإطار تبنت وزارة العدل كمؤسسة رسمية ورشا خاضت من خلاله تجربة
في ميدان الوسائل البديلة لحل المنازعات، ويأتي في سياق عدة مبادرات لإدخال هذه الوسائل
في النظام القانوني والقضائي المغربي من خلال
سن مجموعة من القوانين، و كذا مشاريع القوانين التي تتقدم بها،
خاصة في الميدان الزجري، وقضايا
الأسرة وقانون الشغل ... وذلك بهدف تمديدها خاصة الصلح والوساطة والتوفيق لكل الميادين،
ومنها مجال الأسرة، وذلك لمواكبة التطورات العالمية التي يعرفها الميدان. ولإنجاح الوساطة والاستفادة من تجارب الدول السباقة
للأخذ بها، تم تنظيم برنامج دولي في موضوع الوسائل البديلة ، وعلى رأسها الوساطة، ويتعلق
الأمر بتجربة التعاون مع المؤسسة الأمريكية
ISDLS ([16]) بهدف إدخال الوساطة كحل بديل للنزاعات في
النظام القضائي المغربي والاستفادة من التجربة الأمريكية في هذا المجال ([17]) وقد
تم في إطار هذا البرنامج اعتماد المراحل التالية:
1 ـ
تكوين مجموعة مغربية للدراسة، قصد إجراء دراسة مشتركة مع خبراء ISDLS حول كيفية حل النزاعات أمام
المحاكم المغربية. وتمثل هذه المجموعة وزارة العدل المغربية وأطلق عليها اسم المجموعة
المغربية للدراسات القضائية GMEJ ([18]). تهدف
هذا الشراكة إلى القيام بدراسات ميدانية بكل من المغرب، وولاية كاليفورنيا بهدف الوقوف
على مدى إمكانية الاستفادة من التجربة الأمريكية في الطرق البديلة، وما هي الإمكانيات
التي يوفرها النظام القضائي المغربي في وضعه الحالي وهل هناك قوانين تسمح ،أو تحول
دون ذلك ،أو لابد من صدور قوانين أخرى.
2 ـ
زيارة المجموعة المغربية للولايات المتحدة قصد الاطلاع على نظام الوساطة هناك، حيث
تمت زيارة ولاية كاليفورنيا وزيارة المحاكم بها وكذا بعض المكاتب الكبيرة للوساطة للاطلاع
عن قرب على إجراءات وتفاصيل تطبيق هده الطرق ، وحضور بعض الجلسات وعقد اجتماعات مع
القضاة والمحامين والوسطاء، واستقصاء إمكانية استفادة المغرب من التجٍربة ووضع تقرير
مشترك مع الخبراء الأمريكيين.
3 ـ
تنظيم أيام دراسية بالمغرب، تتضمن استقبال الخبراء الأمريكيين من طرف المجموعة المغربية
للقيام بدراسة ميدانية تشمل زيارة المحاكم من مختلف الدرجات، وإجراء مقابلات مع القضاة
والمحامين والأساتذة الجامعيين وتهدف هذه الدراسة إلى إطلاع هؤلاء الخبراء على المساطر
الإجرائية في النظام القضائي المغربي والقوانين المنظمة لها، والوقوف على العراقيل
والأسباب المؤدية إلى التأخير والبطء في إصدار الأحكام، مع استقصاء أسباب عدم الإقبال
على الصلح والتحكيم رغم وجود أرضية قانونية، واجتماعية بالمغرب. كما تم في إطار هذه
الدراسة تقديم الخبراء الأمريكيين لعروض عن تجربة ولاية كاليفورنيا في اعتماد الحلول
البديلة، وتبادل الآراء حول مدى إمكانية استفادة بلادنا من ذلك وتحديد محكمة ابتدائية
لبدء التجربة، كما تم تنظيم ندوة ([19]) مشتركة حول الوساطة فتح فيها نقاش موسع حول
الموضوع.
الفقرة الثانية: دور الجمعيات
والمنظمات في إعمال الوساطة الأسرية
تعبر الجمعيات، و مؤسسات المجتمع
المدني عن العمل التطوعي، والتكافل الاجتماعي، وذلك بتوفيرها مراكز للاستماع والاستقبال
لمساعدة الأسر التي تعيش وضعية نزاع ولا تفاهم، من خلال مبادرات ومحاولات الصلح والإرشاد
التي تقوم بها. وبخصوص دورها أو مجهودتها في إعمال الوساطة الأسرية فإنه لازال محتشما.
فقد اتخذت بعضها عدة مبادرات في هذا المجال إلا أنها باءت بالفشل في أكثرها نظرا لقلة
الأطر والدعم، وعدم وجود إطار قانوني ينظم الوساطة، بالإضافة إلى عدم اقتناع الأطراف
بها لكونها لازالت مجهولة لدى المجتمع المغربي
وهناك مركزين اثنين بالمغرب يعملان على حل الخلافات المعروضة عليهما عن طريق
الوساطة دون اللجوء إلى القضاء ويتعلق الأمر بجمعية شمل للأسرة والمرأة ([20]). كما
يوجد مركز آخر بطنجة بخصوص نفس التجربة ويتعلق الأمر بمؤسسة أو جمعية INAS، المعهد الوطني للعمل الاجتماعي، وهو معهد للتكوين
حول الوساطة. وهناك بعض الجمعيات تتوفر ضمن آلياتها على مجالس للصلح حيث تعمل من خلالها
محاولة الاصلاح بين المتنازعين من أفراد الأسرة. وتشمل النزاعات العنف بين الزوجين،
عدم الاعتراف بالنسب والبنوة، ترك بيت الزوجية وإهمال الأسرة مع عدم الإنفاق. وفي نفس
الإطار توجد عدة منظمات وجمعيات أجنبية اتخذت مبادرة تطوير الوساطة ببلادنا ومنها الأسرية،
والعمل على تجاوز معيقات تطبيقاتها ونذكر على سبيل المثال منظمة البحث عن أرضية مشتركة
بالمغرب ([21]) التي تعمل مع المجتمع المغربي من أجل تطوير الطريقة التي يعالج بها
الأشخاص والمنظمات القضايا التي تكون عامل وحدة أو تفرقة بينهم، وبهدف تقليص المخاطر
والتكاليف الناجمة عن النزاعات. وتعمل هذه المنظمة على:
1 ـ
تقوية قدرة الأفراد والمؤسسات على حل النزاعات عن طريق التعاون
2 ـ
تطوير ثقافة الحوار عن طريق التقريب بين الفاعلين في المجتمع المدني والسلطات العمومية،
ووسائل الإعلام وكذا المغاربة المقيمين بالخارج.
3ـ
تعزيز ثقة المواطنين بهذه الوسائل البديلة.
4ـ
العمل على إحداث مؤسسة مغربية لإدارة الوسائل البديلة في حل المنازعات.
وفيما يخص اهتمامه بقضايا الأسرة
تضمن برنامج المنظمة تعزيز قدرات مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف وذلك بالعمل على
تطوير برنامج لتغيير مسار النزاعات يركز على دعم عمل هذه المراكز، وتعزيز قدرات الأطر
بتقنيات الوساطة، وكذا التواصل بين الأفراد حتى يكونوا قادرين على المساهمة بفعالية
في حل النزاعات الزوجية المعروضة عليهم، ومنع حدوث حلقات عنف جديدة.
كل هذه المجهودات تعبر عن رغبة
في تغيير مسار النزاعات بالمغرب سواء على المستوى القانوني أو العملي إلا أن الأمر
يتطلب نوعا من السرعة يواكب سرعة تزايد النزاعات.
خاتمة:
يعرف الاهتمام بنظام الأسرة
تطورا كبيرا على المستوى العالمي كما على المستوى الوطني، ذلك أن الأسرة تشكل أولى
لبنات التنمية. والمغرب في إطار المبادرة الوطنية للتنمية التي يقودها ملك البلاد يجعل
من بين أولوياته إصلاح نظام الأسرة، وقد تبلور ذلك من خلال نسخ قانون الأحوال الشخصية
و تعويضه بمدونة الأسرة. هذا الإصلاح التشريعي واكبه اهتمام على مستوى فعاليات المجتمع
المدني، ومع تنامي نظام الطرق البديلة والوساطة الأسرية بصفة خاصة اقتضى الأمر تسخير
مجموعة من المؤسسات لخدمة هذه الأخيرة بشكل إيجابي من خلال تفعيلها من جهة ،أو إحداث
مؤسسات جديدة تنظم وتطور هذه الطرق في اتجاه تسوية النزاعات الأسرية بالوسائل التي
تضمن تماسكها.
و عليه ، و انطلاقا مما سبق
يمكن الخروج بالمقترحات التالية :
1- العمل
على إدماج الوساطة الأسرية في عمل مراكز الاستماع والمؤسسات الاجتماعية.
2- ضرورة
التعريف والتمهيد للوساطة من خلال مراكز الاستماع.
3- ضرورة
إنشاء مراكز خاصة لممارسة الوساطة وتكوين الوسطاء.
4- ضرورة
إحداث نصوص تؤصل وتؤسس للوساطة الأسرية من خلال وضع دليل أو قانون للمهنة، ينظم الوساطة
الأسرية بصفة مستقلة، والذي يجب أن يعترف به من طرف الدولة والسلطات العامة والجمعيات
5- خلق
موقع للوساطة الأسرية على شبكة الإنترنيت.
6- ولتشجيع
الوساطة الأسرية يجب خلق إمكانيات المساعدة المالية للزوجين لولوجها.