خصوصيات

تقنيات الرقابة الحديثة المعتمدة من قبل إدارة الجمارك المغربية


تقنيات الرقابة الحديثة المعتمدة من قبل إدارة الجمارك المغربية


أيت الشيخ محمد كريم
باحث بسلك الماستر تخصص العلوم الإدارية والمالية
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ سويسي ـ

تعمل إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة على مراقبة جميع عمليات التصدير والاستيراد ذلك المنجزة على مجموع التراب الجمركي، وهي بذلك تكون مؤثرة بشكل واضح في حركة التجارة الدولية، حيث تخضع كل عملية تجارية لتدخل على مستويين على الأقل، الأول على مستوى التصدير، والثاني على مستوى الاستيراد.
 وتماشيا مع مطلب تيسير حركة التجارة الدولية ومواجهة حجم التدفق التجاري، تبني المغرب الإجراءات التي تضمنتها اتفاقية كيوتو، الهادفة الى توحيد وتبسيط الإجراءات الجمركية.
وخُصص الفصل السادس من الاتفاقية  للإجراءات الهادفة الى تعزيز الرقابة الجمركية التي تظل أهمها اعتماد إدارة المخاطر، واعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة في إجراء الرقابة، والتعاون مع إدارات الجمارك الموقعة على الاتفاقية.
وتعتبر هذه الاجراءات الحديثة من الأهمية بمكان، حيث تساعد في التوفيق ما بين المتطلبات الرقابية، ومطلب تسهيل حركة البضائع والأشخاص، والحرص على تأمين استخلاص حقوق الدولة، وتطبيقها على قدم المساواة بين الفاعلين والمتعاملين، وعموم العابرين.
ومن البديهي أن تُسفر رقابة بهذا المستوى من الأهمية، بضبط مخالفات وجنح جمركية، مما  يترتب عنه نشوء نزاعات بين إدارة الجمارك والمتعاملين معها، قد تكون أحيانا هذه المنازعات بسيطة يتم حلها وتصفيتها بطريقة ودية، وأحيانا قد تكون معقدة ، يستدعي حلها ضرورة اللجوء إلي القضاء من أجل الفصل فيها.             


ومن خلال هذه المقاربة الحديثة في إجراء الرقابة طرحنا الاشكالية الرئيسية التالية:
إلى أي حد يمكن للإدارة الجمارك المغربية التوفيق بين متطلبات تأمين الحقوق الجمركية للدولة وضمان تسهيل حركة الاشخاص والبضائع وهاجس تنافسية المقاولات المغربية من خلال الاعتماد على تقنيات الرقابة الحديثة المتمثلة في الرصد و تحليل المخاطر؟
 و تترتب عن هذه الاشكالية الرئيسة مجموعة من الاسئلة الفرعية:
كيف يمكن أن  يؤدي تطبيق إدارة المخاطر الى تسهيل حركة الاشخاص والبضائع؟
و ماهي الوسائل التقنية المعتمدة في إجراء الرقابة على الأشخاص والبضائع؟
من أجل محاولة الإجابة عن الاشكالية الرئيسية والأسئلة الفرعية، سنحاول بداية رصد انعكاس التقنيات الحديثة على العبور السلس للبضائع والإحكام الرقابي ( المطلب الأول)، وبعد ذلك سنرى كيف يمكن أن تساعد كذلك التقنيات الحديثة في تأمين العبور السلس للمسافرين مع استحضار الهاجس الرقابي ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: دور التقنيات الحديثة في تأمين العبور السلس للبضائع وتوفير مطلب الإحكام الرقابي
وفقاَ لما هو منصوص عليه في ديباجة دستور المملكة، فإن الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية، وبموجب ذلك يتم العمل على ملائمة هذه التشريعات مع ما تستلزمه المصادقة على الاتفاقية الدولية.


فالمغرب بمصادقته على اتفاقية كيوتو المعدلة بتاريخ 16 يونيو 2000، أصبح يعتمد الاجراءات التي تضمنتها الاتفاقية المذكورة، فعلى مستوى المراقبة أهم الاجراءات التي تضمنتها الاتفاقية، اعتماد إدارة المخاطر، هذه الأخيرة وكما جاء في ديباجة الاتفاقية تعتبر ركيزة لتسهيل حركة التجارة الدولية، والمغرب بوصفه دولة من الدول الموقعة على الاتفاقية، أخد بهذا المقتضى على غرار الدول الموقعة على الاتفاقية، التي يصل عددها اليوم ل 113 دولة.
من المفيد الوقوف على مفهوم إدارة المخاطر، حيث  تكلفت المنظمة العالمية للجمارك بوضع تعريف لإدارة المخاطر، وعرفتها كونها " تطبيق نظامي يتضمن الإجراءات والممارسات التي تزود الجمارك بالمعلومات اللازمة لمعالجة التحركات أو الشحنات التي تشير إلى وجود المخاطر".
ويعتبر تطبيق نظام إدارة المخاطر من الأنظمة الحديثة التي تدعمها المنظمة العالمية للجمارك، و ركيزة لتسهيل حركة التجارة الدولية، والفائدة من تطبيق إدارة المخاطر على مستوى مراقبة البضائع أن التدخل في حركة التجارة المشروعة يصبح بأقل قدر ممكن.
وقد عمدت معظم الدول إلى اعتماد الانتقائية في الرقابة باستعمال تقنية الاستهداف التي تقسم مستويات الرقابة الى ثلاثة درجات[1]:
الدائرة الخضراء:  تفيد غياب الرقابة؛
 الدائرة البرتقالية: تفيد تعميق البحث بخصوص الوثائق المتعلقة بالبضائع؛
 الدائرة الحمراء: تفيد تعميق البحث بخصوص الوثائق المتعلقة بالبضائع، وإخضاع البضاعة للفحص.


وفي إطار المراقبة الانتقائية التي تجريها إدارة الجمارك، كشف التقرير الصادر سنة 2017 بخصوص أنشطة الإدارة أن متوسط معدل فحص البضائع عند الاستيراد بلغ %19 بما فيها %6 من إعادة الانتقاء، و بلغ متوسط معدل فحص البضائع عند التصدير %13,6 بما فيها %1,3 من إعادة الانتقاء.
ودعما للرقابة القائمة على الإنتقائية أحدثت إدارة الجمارك المغربية خلية وطنية للاستهداف سنة 2016، مهمتها تحسين توجيه وتنسيق عمليات المراقبة الجمركية في جميع أنحاء التراب الوطني، الأمر الذي مكن إدارة الجمارك سنة 2017 من تحصيل 19 مليون درهم من الرسوم و المكوس، و إحالة مجموعة من القضايا على القضاء بلغت قيمتها الإجمالية 91 مليون درهم[2].
لكن وإن كان تطبيق نظام إدارة المخاطر مبني على تقنية الاستهداف، فإن فعالية هذا النظام مرهونة بمجموعة من الأمور، أهمها بناء قاعدة بيانات توضح التزامات المتعاملين مع إدارة الجمارك، وتوفير المعلومات التي تساعد في تحليل الشامل لكل صنف من أصناف البضائع المستوردة، وتحليل خطر كل عنصر من عناصر العملية الاستيرادية، وكلما كانت عملية تحليل الخطر صحيحة، ومبنية على معايير ومؤشرات واقعية وصحيحة، كلما أمكن الاعتماد على نظام إدارة المخاطر المطبق، والركون إلى عدم القيام بالكشف والرقابة الفعلية على جزء كبير من الواردات[3].


وحتى تتمكن إدارة الجمارك من التوفيق بين تدفق المبادلات التجارية والإحكام الرقابي، انشئت سنة 2014 خلية مركزية لليقظة الاستراتيجية مهمتها جمع البيانات المتعلقة بالتجارة الخارجية والتحليل الدقيق لوجهات المبادلات التجارية، ثم  تعمل على تقاسم النتائج المحصل عليها مع المسؤولين المعنيين عبر إصدار لوحة قيادة شهرية وتقارير محددة تخص بعض القطاعات، وتفيد هذه التقارير المنجزة المسؤولين عن المراقبة من توجيه عملياتهم نحو القطاعات التي تعرف تغيرات غير اعتيادية سواء من حيث حجم التداول أو الايرادات[4].
وحرصاَ على ضمان المنافسة الحرة والمشروعة والحفاظ على مصالح الخزينة، خول المشرع للإدارة الجمارك إجراء رقابة بعدية[5]، وهو إجراء لا تستطيع إدارة الجمارك عند تطبيقها للإدارة المخاطر أن تغفله، وهو أداة من الأدوات الفعالة لأحداث التوازن بين تسهيل حركة التجارة والرقابة الجمركية الفعالة.
عند إجراء الإدارة للمراقبة اللاحقة، ووقفت بعد مراجعة التصاريح على حقيقة مفادها، أن الأحكام المتعلقة بالنظام الجمركي المحدد للبضائع قد تم تطبيقها على أساس عناصر غير صحيحة أو غير تامة، فإنه يحق للإدارة في هذه الحالة اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية، من أجل تقويم هذه الوضعية باعتبار العناصر الجديدة التي أضحت تتوفر عليها.
 ونزولاَ الى الواقع والممارسة، فقد قامت إدارة الجمارك بإجراء عدد مهم من المراقبة اللاحقة، حيث خلال خمس سنوات الأخيرة،  أي من سنة 2013 إلى سنة 2017، عرفت سنة 2017 أكبر عدد لعمليات المراقبة البعدية ب 754 عملية، لكن تبقى سنة 2016 المسجلة للحصة المهمة، من حيث الرسوم المستحقة بعد إجراء المراقبة البعدية بمبلغ يصل ل 1495 مليون درهم[6].
بالإضافة إلى تطبيق إدارة المخاطر، تعتمد إدارة الجمارك، على الوسائل التكنولوجية الحديثة للإجراء الرقابة، بدل الكشف اليدوي التقليدي، وذلك راجع بالأساس لتوصيات معايير تأمين وسلامة التجارة الدولية SAFE، الذي وضعته المنظمة العالمية للجمارك، وتضمنته اتفاقية كيوتو المعدلة التي توصي الإدارات الجمركية في كل البلدان الموقعة على الاتفاقية، على أن تركز على الرقابة من خلال أفضل استخدام لتكنولوجيا، ولاسيما الأجهزة الحديثة التي تعمل بالأشعة السينية.
وكانت الولايات المتحدة الامريكية أول من استخدم الأجهزة الكاشفة بالأشعة السينية، من أجل مقاومة الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها في الحدود الجنوبية مع المكسيك، حيث كانت تستخدم الحاويات المتوجهة للولايات المتحدة الأمريكية في نقل البضائع و البشر[7].
وتتجلى أهمية الأجهزة الكاشفة كونها طريقة جيدة وفعالة لمراقبة حركة البضائع دون الحاجة لتفريغ البضائع من الحاويات، إضافة الى سرعة المسح وقوة الاختراق، ونتائج عالية الدقة.
ففوائد هذه الاجهزة متعددة، حيث يمكن الاستعانة بها لمحاربة التهريب، لكونها قادرة على الكشف عن الغرف السحرية، والأماكن الخفية التي يقوم المهربون بتطويرها، وتستخدم الأجهزة الكاشفة بالأشعة السينية كوسيلة لردع التهريب والإرهاب، و تكوين قاعدة البيانات تدعم أنظمة المخاطر والاستهداف والانتقائية، لكون هذه الأجهزة تعمل باستخدام الحاسب الألي، ويتضمن هذا الأخير بيانات وأرشيف كامل بالصور لكل الشحنات[8].
بالإضافة إلى جميع الامتيازات التي توفرها هذه الاجهزة، فإنها تساهم كذلك في ترشيد إجراءات الرقابة الجمركية من أجل خفض زمن الإفراج، باعتبار زمن الإفراج من أهم معايير قياس الأداء الجمركي، فالكشف بواسطة الاشعة يحتاج بضع دقائق، على عكس الكشف اليدوي يتطلب الوقت والجهد والمال.
وتجدر الإشارة إلى أن الأجهزة الكاشفة بالأشعة السينية تنقسم إلى نوعان، أجهزة ثابتة وأجهزة متحركة.
لكن وعلى رغم من كون الرقابة التي تجريها إدارة الجمارك المغربية، تعتمد فيها بالأساس على الوسائل الحديثة، من إدارة المخاطر وأجهزة كاشفة، إلا أن العنصر البشري حضوره يبقى ضروري ومهم، فالعنصر البشري هو المتحكم في هذه الأجهزة في أخر المطاف، وقد كشف التقرير الصادر عن المنظمة العالمية للجمارك في الفترة الممتدة من سنة 2016 ـ 2017 أن إدارة الجمارك المغربية تتوفر على 4705 موظف، بينما الجارة الشمالية إسبانيا تتوفر على 3968 موظف، أما الجارة الشرقية الجزائر تتوفر على  18500موظف، بينما الجارة الجنوبية موريتانيا تتوفر على 800 موظف[9].
وتطبيقا للقولة التي تفيد " وحدنا يمكننا أن نفعل القليل، معا يمكننا أن نفعل الكثير"، فإن إدارة الجمارك المغربية تعمد الى إجراء التبادل الالكتروني مع هيئات المراقبة الشريكة، وذلك بغية تبسيط إجراءات الرقابة على مستوى الواردات والصادرات، من التبادل المحوسب لنتائج المراقبة، وبالتالي التنسيق وتوفير المعلومة، ومن أجل إضفاء الطابع الرسمي على هذه التبادلات الالكترونية، تم إبرام اتفاقية بين كل من إدارة الجمارك وبورتنيت والمكتب الوطني للسلامة الصحية سنة 2017[10]، والهدف من هذه الاتفاقية:
 تبسيط إجراءات التجارة عبر الحدود؛
 تحسين ظروف استخلاص الجمركي للمنتجات الخاضعة للمراقبة المكتب الوطني للسلامة الصحية؛
 تعزيز حماية المستهلك عن طريق وضع مراقبة منسقة و فعالة عند الاستيراد.
وقد قامت إدارة الجمارك بإبرام اتفاقية أخرى مع بورتنيت والوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التالية[11]:
 تسهيل عملية تدبير طلبات الاعتماد والموافقة على أجهزة الاتصالات؛
 تبسيط المراقبة عند الاستيراد التي تتطلب تصريحا مسبقا من الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات وذلك من خلال التبادل المحوسب للبيانات عبر PORTNET.
المطلب الثاني: التقنيات الحديثة وهاجس التوفيق ما بين متطلبات العبور السلس للمسافرين والاحكام الرقابي
أسند المشرع لأعوان إدارة الجمارك صلاحية تفتيش الأشخاص وأمتعتهم بمجرد دخولهم أو خروجهم من التراب الجمركي، أو حتي عند المرور من التراب الجمركي[12]، لكن أمام عدد الاشخاص الذين يلجون التراب الجمركي عمليا يستحيل إجراء تفتيش للجميع الأشخاص الذين يلجون أو يمرون من التراب الجمركي ، خاصة وأنه قد بلغ مجموع المسافرين خلال سنة 2017 ما مجموعه 27,5 مليون عبر مختلف نقط العبور(البرية، البحرية، المطارات)، مقابل 24 مليون مسافر سنة 2016، وقد مكنت المراقبة الجمركية للمسافرين من تسجيل 6500 قضية، أسفرت عن تحصيل 147,5 مليون درهم من الرسوم والمكوس المتجانف عنها إضافة إلى 54 مليون درهم من الغرامات[13].
 من أجل تأمين العبور السلس للمسافرين، وتأمين مراقبة حركة الاشخاص، تعتمد إدارة الجمارك نفس المقاربة المعتمدة على مستوى مراقبة حركة البضائع حيث يتم تطبيق إدارة المخاطر عند مراقبة الاشخاص، والهدف من اعتماد هذه المقاربة على مستوى مراقبة الاشخاص هو ضمان العبور السلس للمسافرين، والتركيز فقط على ما يمكن أن يشكل خطرا حقيقيا.
لكن رغم العدد الكبير للمسافرين، لا يجد ما يمنع الجمركي من إخضاع الأشخاص للتفتيش متى قامت دواعي الشك له، وفي هذا الصدد ذهب الاجتهاد القضائي المصري للتأكيد أنه متى قامت دواعي الشك للموظف الجمركي حول البضائع أو الأمتعة يحق له اجراء الكشف، و الشبهة هي حالة نفسية تقوم بذهن الجمركي، يصح معها في العقل القول بمظنة التهريب عند الشخص الموجود في دائرة المراقبة الجمركية[14].
 وتتجلى أهمية إدارة المخاطر في مراقبة حركة الأشخاص، كونها ستساعد الجمركي في اتخاذ القرار المناسب، وتحدد له درجة الخطر وطريقة التعامل مع الشخص الذي خضعت ظروفه لتطبيق نظام إدارة المخاطر، فبناء على درجات الخطر تحدد الوثائق والاجراءات والمعاينات المطلوبة، ومن أجل تعزيز الرقابة على الأشخاص تلجئ إدارة الجمارك كذلك إلى إبرام اتفاقيات لتبادل المساعدة الإدارية في المجال الجمركي، مثال ذلك الاتفاقية الموقعة ما بين الجمارك المغربية، وجمارك روسيا الاتحادية بتاريخ 11 اكتوبر 2017، والتي تضمنت إجراءان أساسيان، الأول يهم تبادل المعلومات حول الأشخاص الذين ارتكبوا أو يشتبه في ارتكابهم للمخالفة جمركية بالتراب الجمركي التابع  للمغرب أو لروسيا الاتحادية، أما الإجراء الثاني يؤكد على ضرورة تبادل المعلومات بخصوص المركبات التي ارتكبت أو يشتبه في ارتكابها للمخالفة جمركية بالمغرب أو روسيا الاتحادية، و أكدت الاتفاقية على ضرورة تبادل المعلومات حول نتائج المراقبة وبدون تأخير[15].


وتتم مراقبة الأشخاص كذلك من خلال الاعتماد على قراءة المؤشرات السلوكية للمسافرين، فمثلا الشخص الذي يهرب عن طريق البلع تظهر عليه مجموعة من الإشارات، كالسلوكيات العصبية غير المبررة، ويبدو و كأنه نائم، ويتحرك بطريقة مرتبكة، ولا يستطيع الجلوس بشكل مريح، وعند البحث في الأمتعة الخاصة به سيتم إيجاد حتما أدوية الغثيان والإسهال والمسكنات  والتجهيزات اللازمة للصنع اللفافات[16]، وساير المشرع المغربي هذه التقنية المعتمدة في التهريب، من خلال ما تضمنته المادة 45 مكرر من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، والتي أعطت للأعوان إدارة الجمارك صلاحية إخضاع كل شخص للكشف الطبي تظهر عليه دلائل جدية، بحمله للمواد مخدرة أو أخرى في أمعائه، و يتم إجراء الكشف بعد حصول أعوان إدارة الجمارك على موافقة الشخص المعني بالأمر، و في حالة امتناعه يوجه طلب لنيابة العامة، التي ترخص لأعوان إدارة الجمارك إجراء الفحص ، وتعين النيابة العامة الطبيب المكلف بهذا الاجراء.
وتعتمد إدارة الجمارك في الرقابة التي تجريها على الأشخاص الأجهزة الكاشفة بعد أن كانت تستخدم في السابق لغرض الكشف عن عمليات التهريب بجميع أنواعه( البضائع المحظورة أو الممنوعة أو المهربة أو المحرمة أو المتفجرات أو غير ذلك مما يحظر التعامل معه لأسباب أمنية أو صحية).
 ليصبح دور الأجهزة الكاشفة الكشف عن الاشخاص كبديل عن عملية الكشف اليدوي، ويتضمن جهاز الكشف نفقا تمر منه أمتعة المسافر من ناحية، وعلى الجانب الأخر من الجهاز يجلس المشغل  الذي لديه أدوات التحكم والتشغيل والتحليل والشاشات[17].





خاتمة
إن عمل إدارة الجمارك المغربية تطور خلال السنوات الاخيرة، حيث أصبح من الأدوار المنوطة بها تحقيق الموازنة بين سيولة التدفقات التجارية وفعالية المراقبة الجمركية، وتغيرت الوسائل التي أصبحت تعتمد عليها الجمارك المغربية في المراقبة، حيث أصبحت تعتمد على تقنية الرصد والاستهداف من خلال ما توفرها لها الاجهزة الحديثة من معلومات.
لكن أمام عولمة الظاهرة الاقتصادية، وما ترتب عنها من زيادة في المبادلات التجارية بين الدول، هل حقاَ تستطيع هذه التقنيات الصمود، وقادرة على توفيق بين مطلب الإحكام الرقابي والعبور السلس للبضائع والمسافرين.




[1]  Geourjon Anne-Marie, Laporte Bertrand. L'analyse de risque pour cibler les contrôles douaniers dans les pays en développement : une aventure risquée pour les recettes ?. In: Politiques et management public, vol. 22, n° 4, 2004. pp. 95-109/

[2]  التقرير السنوي الصادر عن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة برسم سنة 2017، ص 20.
[3]  محمود محمد ابو العلا، أليات تسهيل التجارة الدولية من منظور جمركي، ص 175.
[4]  التقرير السنوي الصادر عن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة برسم سنة 2014، ص 20.
[5]  الفصل 86 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
[6]  تركيب شخصي وفق المعطيات التي تضمنتها التقارير السنوية الصادرة عن إدارة الجمارك والضرائب الغير المباشر، من سنة 2013 إلى سنة 2017.
[7]  محمود محمد ابو علا، استخدام اجهزة الفحص بالأشعة في العمل الجمركي، ص97.

[8]  نفس المرجع، ص81.
   [9]  rapport annuel de l’organisation mondiale des  douanes 2016-2017 , p 30-53-54.           
[10] التقرير السنوي الصادر عن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة برسم سنة 2017، ص 16.
[11]  نفس المرجع، ص 16.
[12]  الفصل 38 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
[13]  التقرير السني الصادر عن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة برسم سنة 2017، ص 22.
[14]  عبد الله ولد، مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة مع اجتهاد القضاء المغربي و المقارن، ص 61
[15]  القانون رقم 75.17 القاضي بالموافقة على اتفاقية التعاون و المساعدة الإدارية المتبادلة في المجال الجمركي، الموقعة بالرباط في 11 اكتوبر 2017 بين حكومة المملكة المغربية و روسيا الاتحادية.
[16]  احمد مصطفى صبيح، الرقابة الجمركية و لغة الجسد، الطبعة الأولى 2016، ص 178.
[17]  محمود محمد ابو علا، استخداما اجهزة الفحص بالأشعة في العمل الجمركي، ص 113.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق