محاضرات
في مادة منهجية ومناهج البحث العلمي
للأستاذة
: نسرين بوخيزو
*خصوصيات البحوث القانونية
-صعوبة التقيد بالضوابط
الموضوعية في مجال الدراسات الإنسانية:
إن
الموضوعية هي من خصائص العلم و البحث العلمي و قد يحاول الباحث في مجال العلوم الإنسانية
أن يتقيد بضوابط الموضوعية،إلا أنه يجد نفسه أحيانا في اتجاه فكري معين،وهذا يجعل الباحث
يوصف بأنه متحيز إلى تيار معين،مثل الاتجاه الاشتراكي أو الاتجاه الليبرالي،أو غير
ذلك.
إن
دراسة الباحث الاجتماعي لظاهرة إنسانية معينة تجعله يسعى لتحقيق نتائج في البحث تتوافق
مع معتقداته و ذاتيته أي مع عواطفه و أحاسيسه و غير ذلك،في حين أن الأمر في مجال العلوم
الطبيعية يجعل من الظاهرة المدروسة ظاهرة مادية موجودة خارج فكر و وعي الإنسان و هنا
يجد نفسه يتعامل معها بكل حياد.
صعوبة
الاعتماد على المنهج الواحد / الاعتماد على التعددية المنهجية
يهدف
البحث الاجتماعي منذ القدم إلى محاولة الوصول إلى المعرفة اليقينية بشأن الظاهرة الاجتماعية
المدروسة.
لكن
البحوث الاجتماعية و خاصةالقانونية منها لا
تتميز بأحادية المنهج و إنما بالتعددية المنهجية و هذا يدخل في إطار التكامل المنهجي
و يمكن أن يرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل نذكر منها:
-
كون الظاهرة الإنسانية و الاجتماعية تشكل جزء
من الباحث في حد ذاته و هو جزء لا يتجزأ منها و ليس مستقلا عنها مثلما هو الحال في
مجال العلوم التطبيقية و الطبيعية
-
إن كل منهم هو وليد عصر معين و نتاج مفكر معين،و
هذا معناه أن المنهج المعمول به في العهد الاغريقي ليس هو المعمول به في العهد الروماني
والعكس صحيح.
كما أن علاقة العلوم القانونية بغيرها من العلوم الاجتماعية
تؤدي بالضرورة إلى استخدام مناهج أخرى،فمثلا للقانون علاقة كبيرة بعلم التاريخ فتستخدم
بذلك العلوم القانونية في بحوثها المنهج التاريخي،و كذلك نظرا للعلاقة الوطيدة بين
العلوم القانونية و العلوم الاقتصادية تستخدم بعض الدراسات القانونية المنهج الإحصائي.
فكيف يمكن التمييز بين مفهوم المنهج والمنهجية؟ وكيف يمكن التفريق بين مجموعة من المناهج
التي تعتمد على أسس وضوابط متشابهة ؟ هذا ما سيتم التعرف عليه من خلال التعريج، على
أخلاقيات وضوابط البحث العلمي؟.
المبحث الأول :أخلاقيات وضوابط البحث العلمي( المحاضرة الأولى
شفوية)
المطلب الأول: اخلاقيات الباحث
المطلب الثاني: ضوابط البحث العلمي
الفقرة الأولى: الضوابط الشكلية والموضوعية
الفقرة الثانية: الضوابط المنهجية
المبحث الثاني المناهج المستخدمة في الدراسات القانونية
المطلب الأول : المناهج النظرية الاستدلالية
المطلب الثاني : المناهج النظرية الاستبيانية
المبحث الثاني: مناهج البحث العلمي
إن المنهجية يقابلها في اللغة الفرنسية مصطلح Méthodologie وهذا المفهوم مركب من
كلمتين : Méthode وتعني
المنهج ، وLogie وتعني
علم ، وبذلك فالمنهجية هي العلم الذي يهتم بدراسة المناهج فهي علم المناهج .
وبذلك
فالمنهجية هي أشمل من المنهج ، ففي البحوث العلمية نستخدم مفهوم المنهجية في حال اعتمادنا
على مجموعة من المناهج في إطار التكامل المنهجي ، ونستعمل مفهوم المنهج في حالة اعتمادنا
على منهج علمي واحد . فالمنهجية هي الاعتماد على مجموعة من المناهج والضوابط العلمية
والأكاديمية،أثناء القيام بدراسة ظاهرة علمية معينة.
بينما يقصد بالمنهج لغة: هوالطريق أو المسلك. أما اصطلاحا
،فيعرف المنهج تعريفات مختلفة ، ففي العهد الإغريقي يرجع أول استعمال لمصطلح
" منهج "وهو
المترجم
من مصطلح " méthode" ويقصد
به البحث أو المعرفة المكتسبة من تعامل الإنسان مع واقعه ، وعرفه الفيلسوف " أرسطو
" تلميذ أفلاطون – بأنه البحث نفسه وعرفهعلماء وفلاسفة المسلمون ك ( ابن خلدون
وابن تيمية ) بأنه عبارة عن مجموعة من القواعد المصاغة التي يعتمدها الباحث بغية الوصول
إلى الحقيقة العلمية بشأن الظاهرة أو المشكلة موضوع الدراسة والتحليل .
ويعرف عبد الرحمان بدوي المنهج بأنه " الطريق
المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن
على سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة
".
ويعرف
جابر عصفور المنتهج بأنه " يهدف إلى الكشف عن الحقيقة من حيث أنه يساعدنا على
التحديد الدقيق والصحيح لمختلف المشكلات التي يمكن معالجتها بطريقة علمية ويكننا من
الحصول على البيانات والنتائج بشأنها .
من
خلال ذلك يمكن القول أن المنهج هو تلك الطريقة العلمية التي ينتهجها أي باحث في دراسته
وتحليله لظاهرة معينة أو لمعالجته لمشكلة معينة وفق خطوات بحث محددة من أجل الوصول
إلى المعرفة اليقينية بشأن موضوع الدراسة والتحليل
.
ويعتمد المقتربكطريقة من طرق المعرفة، خاصة المستعملة في الحقل
السياسي، ويطلق عليها اسم approche/ les approches وهي منظورات ونماذج للظاهرة
السياسية ، فالمقترب هو الطريق الأوسط للتعامل مع الموضوع المطروح للبحث، من خلال نظرة
الباحث للموضوع، بينما تكون تقنية البحث والارشادات المتبعة فيه هي المنهجية المعتمدة.
مثال : كأن يقسم الباحث موضوعه الى مقاربة نظرية وموضوعية، أو الى مقاربة قانونية ومقاربة
واقعية، المقاربة الشكلية و الموضوعية، المقاربة التاريخية،والمقاربة التطبيقية، المقاربة
الأفقية، والمقاربة العمودية.
إن دراسة ظاهرة انسانية عامة أو ظاهرة قانونية خاصة، قد لاتتيح
استعمال منهج علمي واحد ،من أجل الاحاطة بكل جوانب هذه الظاهرة بل قد تتطلب استعمال
أكثر من منهج ومقترب، ومن هنا سيتم التعريف بمجموعة من المناهج التي تستعمل بكثرة في
الدراسات القانونية من خلال المطالب التالية.
المطلب الأول: المناهج المرتبطة بالدراسات القانونية
تعتبر
العلوم القانونية أحد فروع العلوم الإنسانية و الاجتماعية و بذلك فهي تخضع من حيث الدراسة
المنهجية إلى كل الأسس و الركائز المعتمدة في مجال الدراسات الاجتماعية بصفة عامة .
و
تتميز العلوم الاجتماعية و من بينها العلوم القانونية بأنها تستخدم مجموعة من المناهج
في البحث الواحد و هذا ما يسمى بالتعددية المنهجية،و هذا ما تقضيه الدراسات الاجتماعية
و منها القانونية
من
خلال ذلك سنتناول:
_المنهج الاستنباطي
_المنهج الاستقرائي
_المنهج القانوني
_المنهج المقارن
_المنهج التاريخي
_المنهج البنيوي
_ المنهج الوصفي
_المنهج الاحصائي
_المنهج النسقي
الفقرة الأولى : المناهج النظرية الاستدلالية
وهيي مناهج تنطلق من نص معين أو نازلة معينة للوصول الى نتائج
نسبية.
أولا: المنهج الاستنباطي
1- تعريف
الاستنباط :
يعرف الاستنباط بأنه ذلك الاستدلال التنازلي الذي ينتقل فيه
الباحث من الكل إلى الجزء،أي الدراسة الكلية الظاهرة معينة وصولا إلى جزئياتها ()()
و
كمثال على ذلك يبدأ الباحث في دراسة السلطات الرئيسية في الدولة و هي السلطة التنفيذية
و السلطة التشريعية و السلطة القضائية ، و انطلاقا من دراسة النظام السياسي للدولة
و هي الظاهرة الكلية وصولا إلى دراسة كل سلطة على حدا أي وصولا إلى الظاهرة الجزئية
المتفرعة عن الظاهرة الكلية و هي نظام الحكم السياسي المتبع في الدولة و في هذا المثال
نلاحظ أن دراسة السلطات المختلفة للدولة تفرض علينا انطلاقا من دراسة نظام الحكم المتبع
فيها ، و في هذه الحالة نكون أمام استدلال تنازلي تنتقل فيه من دراسة الظاهرة الكلية
إلى دراسة الظاهرة الجزئية.
و
يعرف عبد الناصر جندلي المنهج الاستنباطي بأنه تلك الطريقة الاستدلالية التي تعتمد
على قاعدة تحليل كل جزء من أجل الوصول إلى معرفة يقينة بشأن الظاهرة محل الدراسة و
التحليل.
- دراسة
المؤسسات الدستورية: مقدمة كبرى
-أهمية السلطة التنفيذية
: مقدمة صغرى
_ العلاقة بين السلط :
النتيجة المطلوبة من البحث
ففي
هذا المثال نلاحظ أن النتيجة أصغر من المقدمات السابقة عليها ، حيث أنها تتعلق فقط
بالعلاقات بين السلط دون ذكر التكوين وطريقة الانتخاب والاختصاصات في حين أن المقدمة
القائلة بدراسة المؤسسات الدستورية توجب على الباحث البحث والتشعب في مكونات كل المؤسسات
الدستورية.
ففي هذا المثال نلاحظ أن التفكير أخذ طريقه من العام إلى الخاص
أي من الكل إلى الجزء أي من المبدأ العام إلى التطبيقات الخاصة.
ففي المثال السابق كانت النتيجة أصغر من المقدمات نحاول أن
نأخذ مثال تكون فيه النتيجة مساوية للمقدمات:
علاقة السلطة التشريعية بالتنفيذية : مقدمة كبرى
_ تداخل اختصاصات السلطة
التنفيذية والتشريعية : مقدمة صغرى
_ التعاون والتوازن بين
السلطتين: النتيجة
ففي
هذا المثال استنتجنا أوجه التعاون والتوازنبطريقة استنباطية ، و لكن نلاحظ أن النتيجة
مساوية للمقدمة التي ساهمت في تكوين الدليل عليها القائلة "بعلاقة السلطة التشريعية
بالتنظيمية. ثم أنها متساوية مع المقدمة الصغرى المرتبطة بمدى تداخل اختصاص السلطتين.
و
يرجع استخدام المنهج الاستنباطي إلى الفيلسوف " أفلاطون" من خلال أبحاثه
السياسية و الاجتماعية ، و يظهر ذلك من خلال مؤلفه "الجمهورية " كما يرجع
استخدامه المنهج الاستنباطي إلى ثقافته الرياضية الواسعة()
2- مفهوم
الاستدلال :
مادام
أن المنهج الاستنباطي هو استدلال تنازلي فلا بد أن نفهم معنى الاستدلال ، لذلك نحاول
أن نتطرق إلى تعريف الاستدلال ، و مبادئه
أ- تعريف الاستدلال
:
يعرف
الاستدلال بأنه ذلك البرهان الذي يبدأ من قضايا مسلم بها و يسير إلى قضايا تنتج عنها
بالضرورة دون الالتجاء إلى التجربة.
و
يعرف الاستدلال كذلك بأنه "عملية عقلية يبدأ بها العقل من قضايا يسلم بها ، و
يسير رفقها إلى قضايا أخرى تنتج عنها بالضرورة
.
دور الاستدلال في العلوم القانونية:
يعتبر المنهج الاستنباطي من أهم المناهج المستعملة في مجال
البحث القانوني ، و يعتبر الاستدلال بصفة خاصة أحد ركائز الدراسات القانونية نظرا لاستخدامه
من طرف القضاة و المحاميين و الباحثين في مجال العلوم القانونية.
و
في المسائل القانونية التي تطرح على القاضي يستخدم القاضي أداة القياس() لتكييف النزاع
المعروض عليه ، حيث يكيف القاضي مسألة ما إذا كانت مسألة واقع أم مسألة قانون، و الفرق
واضح بين مسألة الواقع و مسألة القانون ففي الحالة الأولى لا رقابة للنيابة العامة
والمجلس الأعلى ، في حين أن الحالة الثانية تخضع لرقابة المجلس الأعلى حيث أن دور المجلس
الأعلى هو مراقبة تطبيق القانون.
مــثـال:
قام
عمر ببيع عقاره إلى أحمد بتاريخ 01/01/1994،و هذا الأخير لم يقم بتسجيل العقد و شهره،و
بعد مرور سنة ، قام عمر ببيع العقار نفسه بتاريخ 01/01/1995 إلى المدعو علي الذي قام
بتسجيله و شهره .
السـؤال : أي المشتريين الأسبق تاريخيا في شراء العقار؟
الجواب :
- تاريخ
01/01/1994 أسبق من تاريخ 01/01/1995 ( مقدمة كبرى)
- عقد
البيع الخاص بأحمد مؤرخ في 01/01/1994 و عقد البيع الخاص بعلي مؤرخ في 01/01/1995
(مقدمة صغرى)
- عقد
أحمد أسبق تاريخيا من عقد علي ( النتيجة)
من خلال هذا المثال نلاحظ أن المقدمة الكبرى و المقدمة الصغرى
تتكون من وقائع مادية ، وهذه الحالة تكون المسألة مسألة واقع.
لكن
إذا طرح السؤال بالطريقة التالية : إلى أي من المشتريين تنتقل الملكية؟
الجواب:
- تنتقل
ملكية العقار في عقد البيع بعد تحفيظه/تسجيله في المحافظة العقارية (مقدمة كبرى)
-عقد
البيع الخاص بأحمد لم يتم تحفيظه،و عقد البيع الخاص بعلي تمتحفيظه(مقدمة صغرى)
- تنتقل
الملكية إلى علي (نتيجة)
ففي هذا المجال نلاحظ أن المقدمة الكبرى هي مبدأ قانوني و
في هذه الحالة فالمسألة هي مسألة قانون تخضع لرقابة النيابة العامة والمجلس الاعلى.
من
خلال ذلك يمكن القول أن التمييز بين مسألة الواقع و بين مسألة القانون يقدم على الربط
بين وقائع مادية و وقائع مادية أخرى في حالة مسألة الواقع تقوم على الربط بين وقائع
مادية و مبادئ قانونية في حالة مسألة القانون.
إذن من خلال ذلك يعتمد القاضي على الاستدلال في الوصول إلى
الحكم و حل النزاع بحيث يتم الربط بين الوقائع المادية و المبدأ القانوني و يؤدي ذلك
إلى الوصول إلى النتيجة المتمثلة في الحكم
.
من
خلال كل ذلك ،فإن الاستدلال ارتكزت عليه الدراسات القانونية في مجال فلسفة القانون
و علم الاجتماع القانوني ، و البحث عن أصل الدولة و السلطة و الأمة و الديمقراطية.....إلخ
بالإضافة
إلى ذلك فإن المنهج الاستنباطي الاستدلالي له أهمية كبيرة في العمل القانوني من خلال
تدقيق كلام الشهود و الوثائق لمعرفة صحتها ، و في إعداد الأبحاث و المذكرات القانونية
بحيث تلتزم بالقواعد المنطقية و عملية تكييف المسائل القانونية.
ثانيا: المنهج الاستقرائي
أولا: تعريف المنهج الاستقرائي
الاستقراء هو عبارة عن استدلال تصاعدي حيث ينطلق الباحث من
الجزء إلى الكل ، أي من الظاهرة الجزئية إلى الظاهرة الكلية
()
إذن يتمثل المنهج الاستقرائي في السير من الخاص إلى العام
و معنى كلمة "استقراء" بحسب الترجمة للكلمة اليونانيةenaywyn
يقود حيث تدل على حركة العقل للقيام بعمليات هدفها التوصل
إلى قانون أو قاعدة كلية تحكم الفرعيات أو التفاصيل التي تم إدراكها من قبل الأفراد()
و
الفرد بين الاستنباط و الاستقراء يتمثل في أننا ننتقل في الاستقراء من الجزئيات إلى
القانون الكلي الذي يحكمها ،في حين أننا في عملية الاستنباط ننتقل من القانون الكلي
إلى الجزئيات التي تقع تحته. إذن هناك تداخل بين عملية الاستقراء و عملية الاستنباط
و الخلاف بينهما لا يكون إلا في الاتجاه العكسي من أسفل إلى أعلى بالنسبة للاستقراء
و من أعلى إلى أسفل بالنسبة إلى الاستنباط()
و كمثال على عملية الاستقراء
:
أن
يقوم الباحث بدراسة علاقة جهاز القضاء بجهاز التنفيذ ، ثم علاقة القضاء بالجهاز التشريعي
ثم علاقة القضاء بالجهاز التشريعي ثم علاقة الجهاز التشريعي بالجهاز التنفيذي ، من
خلال كل ذلك نصل إلى تقرير مبدأ الفصل بين السلطات كمبدأ السلطات كمبدأ ضروري لنظام
الحكم في الدولة .
و
في هذا المثال تكون قد انتقلنا من دراسة الجزئيات المتمثلة في السلطات المختلفة إلى
دراسة الكليات المتمثلة في مبدأ الفصل بين السلطات ، و بالتالي نكون قد استخدمنا المنهج
الاستقرائي في الدراسة.
من الناحية التاريخية ، يعتبر الفيلسوف "أرسطو"
أول من استعمل المنهج الاستقرائي في أبحاثه و تحليلات السياسية حول الدولة و الحكومة
و قد انتقد الفيلسوف "أرسطو" المنهج الاستقرائي الاستنباطي الذي استعمله
الفيلسوف "أفلاطون" و نتيجة هذه الانتقادات جاء المنهج الاستقرائي
ب): خطوات المنهج الاستقرائي
:
يتبع المنهج الاستقرائي الخطوات التالية :
1- تحديد
الظاهرة المراد دراستها
2- جمع
المعلومات المتعلقة بالظاهرة
3- الوصول
إلى نتائج و الكشف عنها
فالأسرة
هي الخلية الأولى للمجتمع و هي تتكون من الزوج و الزوجة و الأبناء و كذلك الأهل و الأقارب
. و هذه الأسرة لا يمكنها أن تعيش بمعزل عن بقية الأسر، كذلك وجدت القرية التي تشمل
مجموعة من الأسر.
أما الدولة فهي تتكون من مجموعة من القرى و هي تمثل الظاهرة
الكلية عند "أرسطو"، أما الأسرة و القرية فتمثل الظاهرة الجزئية.
و من خلال ذلك، فإن المنهج الاستقرائي أصبح مطبقا بشكل واسع
من طرف مفكري العصر الحديث في مجال القانون الدستوري خصوصا و العلوم الاجتماعية عموما.
ثالثا : المنهج القانوني
وهو المنهج الذي يعمل على تحليل النصوص القانونية، وتفسيرها
للوصول الى النتائج المرتقبة في البحث وهو منهج تصاعدي، ينطلق من نص معين لتحليل ظاهرة
عامة، وهو يعتمد على المنهج الاستقرائي، في معظم خصائصه، وضوابطه، فهناك من يعتبره
منهج منفصل بذاته، ومن يعتبره جزء لا يتجزء من المنهج الاستقرائي.
الفقرة الثانية: المناهج النظرية التحليلية
أولا: المنهج المقارن
تحل المقارنة في مجال العلوم القانونية خصوصا في العلوم الاجتماعية
و الإنسانية عموما محل التجربة ،فإذا كانت العلوم الطبيعية تستخدم التجربة و تعتمد
عليها في أبحاثها فإن المقارنة هي البديل في مجال العلوم الاجتماعية و الإنسانية ،
و يصنف العالم الاجتماعي "إميلدوركايم" المنهج المقارن بأنه " نوع من
التجريب غير المباشر"
إن المنهج المقارن يدفعنا إلى توضيح معنى المقارنة ، فهذه
الأخيرة تعني تلك العملية التي يتم من خلالها إبراز أوجه الشبه و أوجه الإختلاف بين
شيئين متماثلين أو أكثر ، و هذا يعني أنه لا يمكنأن تجرى المقارنة بين شيئين متناقضين.
و
بذلك فإن المنهج المقارن هو تجريب غير مباشر و يقصد إميل دور كايم هنا بالمقارنة و
التي هي المعوض الأساسي و الرئيسي للتجريب المباشر ،و هذا ما يعتبر من خصائص العلوم
الإنسانية و الإجتماعية.
و يعرف جون ستيوارت مل المنهج المقارن بقوله "إن المنهج
المقارن الحقيقي يعني مقارنة نظامين سياسيين متماثلين في كل الظروف و لكنهما يختلفان
في عنصر واحد ، حتى يمكن تتبع نتائج هذا الاختلاف
.
و عموما ، فإن المنهج المقارن هو ذلك المنهج الذي يعتمد على
المقارنة في دراسة الظواهر حيث يبرز أوجه الشبه و أوجه الإختلاف فيما بين ظاهرتين أو
أكثر ، و يعتمد الباحث من خلال ذلك على مجموعة من الخطوات من أجل الوصول إلى الحقيقة
العلمية المتعلقة بالظواهر المدروسة.
تطبيق المنهج المقارن في الدراسات القانونية :
تجرى
على مستوى العلوم القانونية الكثير من الأبحاث التي تستعمل المنهج المقارن ، من خلال
مقارنة مؤسسات قانونية (مؤسسة الرقابة على دستورية القوانين – مؤسسة وظيفة السلطة التنفيذية...)
المؤسسات قانونية في نظم قانونية أخرى . و كثيرا ما تؤدي هذه الدراسات المقارنة إلى
تعديل و تغيير المنظومة القانونية بما يتوافق مع التطورات الجديدة
خطوات المنهج المقارن( بحيث أن تكتب قبل تطبيق المنهج المقارن
في الدراسات )
يتبع
الباحث في مجال الدراسات المقارنة في مجال العلوم القانونية الخطوات التالية :
- تحديد الظواهر المتجانسة(المتماثلة)
و ليس الظواهر المتناقضة.
- القيام بجمع المعلومات
بواسطة استخدام بعض أدوات البحث العلمي.
- القيام بعملية التحليل
و التصنيف للمعلومات و مقارنتها.
ثانيا المنهج التاريخي
يعني علم التاريخ بدراسة الحوادث الماضية من أجل فهم الحاضر
و من ثم التنبؤ بالمستقبل و من خلال ذلك فإن الباحث في مجال علم التاريخ يقوم بتحليل
الأحداث الماضية و تفسيرها بهدف الوقوف على مضامينها و تفسيرها بصورة علمية تحدد تأثيرها
على الواقع الحالي للمجتمعات()
من خلال كل ذلك عرف بعض الباحثين التاريخ بأنه"التدوين
للأحداث الماضية" و عرفه البعض الآخر "وصف الحقائق التي حدثت في الماضي بطريقة
تحليلية ناقدة"
من
خلال ذلك ، نلاحظ أن علم التاريخ لا يمكن فصله عن المنهج التاريخي ،و ذلك باعتبار البحث
أو التقصي العلمي وسيلة موضوعية هدفها الوصول إلى نتائج أو قوانين أو قواعد يمكن تعميمها
و استخدامها للتنبيء بما قد يحدث في المستقبل ضمن السياق التاريخي.
بعدما
تطرقنا إلى تعريف التاريخ ، من الضروري أن نعرف الآن المنهج التاريخي ، فما هو المنهج
التاريخي ؟و ماهي خصائصه؟
تعريف المنهج التاريخي:
تعرف
الدكتورة ليلى الصباغ المنهج التاريخي بأنه"مجموعة الطرائق و التقنيات التي يتبعها
الباحث التاريخي ، و المؤرخ للوصول إلى الحقيقة التاريخية و إعادة بناء الماضي ، بكل
دقائقه و زواياه ، و كما كان عليه في زمانه ،و مكانه و بجميع تفاعلات الحياة فيه، و
هذه الطرائق قابلة دوما للتطور ، و التكامل مع تطور مجموع المعرفة الإنسانية و تكاملها
و نهج اكتسابها"
إذن
يمكن القول أن المنهج التاريخي هو ذلك المنهج الذي يقوم على طريقة علمية يتبعها الباحث
من أجل الوصول إلى المعرفة و الحقيقة ، و يتبع في ذلك الدراسة التحليلية للظاهرة المدروسة
من خلال الإطار الزماني و الإطار المكاني ، و يكون ذلك وفق خطوات معينة تعتمد على المصادر
التاريخية من أجل فهم الظاهرة كما هي في الوقت الحالي.
خصائص المنهج التاريخي:
يتميز
المنهج التاريخي بأنه يسعى إلى سد فجوات الوقائع و الأحداث الاجتماعية و السياسية ،
كما يزودنا بإحساس تاريخي لأن الأحداث التاريخية ليست منعزلة أو المستقلة عن بعضها
البعض،و إنما هي مترابطة في سياق زمن محدد.
خطوات المنهج التاريخي:
من أجل دراسة الظاهرة التاريخية يتطلب من الباحث أن يتبع الخطوات
التالية :
1- تحديد
الظاهرة محل الدراسة و البحث
2- جمع
المعلومات و المصادر التاريخية بشأن الظاهرة المدروسة
3- نقد
المصادر التاريخية
4- عملية
التركيب و التفسير التاريخي
5- الوصول
إلى نتائج
1- تحديد
الظاهرة التاريخية ( المشكلة التاريخية)
إن
تحديد الظاهرة التاريخية يتعلق بتحديد المشكلة التي يريد الباحث التصدي لها في بحثه.
و يستعين الباحث في مجال العلوم القانونية بالمنهج التاريخي
حيث يقوم بتحديد الظاهرة التاريخية المتعلقة بموضوع بحثه و مثال ذلك : أصل الدولة و
نشأتها في مجال القانون الدستوري – التطور التاريخي للعقوبات في النظم القانونية المختلفة
....إلخ
2- جمع
المعلومات و المصادر التاريخية :
تعتبر
مرحلة جمع المعلومات و الوثائق و المصادر التاريخية من أهم مراحل المنهج التاريخي،
و يكن تقسيم المصادر التاريخية إلى قسمين: مصادر أولية ، و مصادر ثانوية
* المصادر
الأولية : في الآثار و الوثائق الرسمية مثل المعاهدات و الاتفاقيات و الخطب ، و المؤتمرات
الصحفية ..... و تسمى هذه المصادر كذلك بالمصادر الأصلية أو المباشرة
* المصادر
الثانوية : و تتمثل في كل ما نقل و كتب بالاستناد إلى المصادر الأولية و يمكن القول
أن المصادر الثانوية هي الأعمال العلمية و الأدبية التي تكتب تحليلا للمصادر الأولية.
3- نقد
المصادر التاريخية:
تعتبر
هذه المرحلة بالنسبة للباحث من أصعب مراحل البحث التاريخي لأنها تتعلق بنقد الوثائق
التاريخية التي تشكل الركيزة الأساسية للدراسة التاريخية.
و
تتعلق هذه المرحلة بالبحث عن صحة الوثيقة المعتمد عليها في البحث التاريخي و التأكد
من شخصية أصحابها و مدى نسبتها لهم، بمعنى أن الباحث يتطرق إلى مدى صحة أو خطأ أو تزييف
المصادر التاريخية.
و
النقد الذي يقوم به الباحث إما أن يكون نقدا خارجيا أو نقدا داخليا.
* النقد
الخارجي : و يتعلق بالتأكد من صحة الوثيقة من خلال مظهرها الخارجي و علاقتهما فعلا
بعصر من العصور التي صدرت فيها من خلال الدراسة الزمانية و المكانية انطلاقا من نوع
الخط و اللغة المستعملة في الكتابة و شخصية مؤلفها و ربط زمن صدور الوثيقة بحياة شخصية
هذا المؤلف.
* النقد
الداخلي : و يسمى بالنقد الباطني ، و يتعلق النقد الداخلي بالتفاصيل الموضوعية التي
تتضمنها الوثيقة و هو نوعان :
- نقد
باطني إيجابي ( نقد داخلي إيجابي) و يتعلق بتفسير النص التاريخي و هدف المؤلف منه.
- نقد
باطني سلبي ( نقد داخلي سلبي) و يتعلق بتحليل شخصية المؤلف و ظروفه ، مدى صلة ما ورد
من حوادث .
4- عملية
التركيب و التفسير التاريخي:
بعد الانتهاء من عملية نقد المصادر التاريخية يقوم الباحث
بالانتقال إلى عملية التركيب و التنظيم و كذلك التفسير استنادا إلى التفسير السببي
للظاهرة التاريخية.
و
يتتبع الباحث في هذه العملية خطوات معينة هي
:
-تكوين محصلة واضحة للباحث
حول كل حقيقة من الحقائق التي جمعها و اكتشفها.
- يقوم الباحث بتنظيم الحقائق
المتوصلإليها عن طريق تصنيفها إلى حقائق جزئية استنادا إلى التسلسل التاريخي للأحداث.
- ملء الفراغات التي تحدث
أثناء تصنيف الحقائق ، و يؤدي ذلك إلى اسقاط حوادث لم ترد في الوثائق أو استنتاج حوادث
لم يتم ذكرها في الوثائق و لكنها وقعت.
- استعمال عملية ربط العلاقات
بين الحقائق التاريخية ربطا حتميا و سببيا بمعنى الخضوع إلى عملية التسبيب و التعليل
التاريخي.
5- الوصول
إلى استخلاص النتائج :
و
هذه المرحلة الأخيرة حيث يتوصل المؤرخ أو الباحث إلى مجموعة من النتائج.
هذه هي خطوات المنهج التاريخي الذي يستخدمه المؤرخ في دراسته
التاريخية العلمية ، كما يمكن تطبيق المنهج التاريخي في الدراسات القانونية و السياسية
،و هذا ما سيتم التطرق له فيما يلي:
*دور
استخدام المنهج التاريخي في العلوم القانونية
تستعين العلوم القانونية بمختلف فروعها بالمنهج التاريخي ،فإذا
درسنا أصل القانون أو تطور حركة التشريع ، فلا بد أن نرجع إلى الحضارات القديمة ، و
كمثال على ذلك الحضارة البابلية ، فقد عرفت هذه الأخيرة ما يسمى بــ"قانونحمورابي"،و
في الحضارة الرومانية هناك"الألواحالأثني عشر لجوستنيان" و بذلك فعند دراستنا
للنظم القانونية السابقة لا بد علينا استخدام المنهج التاريخي .
و
عند دراستنا للعقوبة و تطورها التاريخي عبر النظم القانونية المختلفة لابد علينا التقيد
بظوابط المنهج التاريخي في هذه الدراسة العلمية.
المطلب الثاني: المناهج العلمية الاستبيانية
المناهج العلمية الاستبيانية هي مناهج تعتمد على وسائل و أدوات
علمية من أجل البحث والتدقيق، كاستعمال لغة الارقام والجداول المبيانات من أجل دراسة
ظاهرة معينة.
الفقرة الأولى: المنهج الوصفي والاحصائي
يعتمد كل من المنهج الوصفي أو المنهج الاحصائي على دراسة الوقائع
المادية من أرقان وحقائق وبيانات متعلقة بالظاهرة.
أولا: المنهج الوصفي
يعتمد
هذا المنهج على التركيز الدقيق على الوصف، حيث يصف ظاهرة معينة استنادا إلى وضع حالي،
و من خلال ذلك يطرح الباحث مجموعة من الأسئلة:
- ما
هو الوضع الحالي لهذه الظاهرة؟
- ما
هي العلاقات بين الظاهرة المحددة و الظواهر الأخرى؟
- ما
هي النتائج المتوقعة لدراسة هذه الظاهرة؟
و قد تكون الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال القيام بعملية جمع
الحقائق و البيانات الكمية أو الكيفية عن الظاهرة المدروسة مع محاولة تفسير هذه الحقائق
تفسيرا كافياو يهدف المنهج الوصفي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف نذكر منها :
- القيام بجمع المعلومات
ذات العلاقة بموضوع الظاهرة المدروسة بطريقة مفصلة
- القيام بتوضيح الظواهر
الأخرى و علاقاتها بالظاهرة المدروسة.
- مقارنة الظاهرة محل الدراسة
بالظواهر الأخرى المحيطة بها.
إذن
يمكن القول أن المنهج الوصفي هو ذلك الطريقة العلمية التي يعتمدها الباحث في دراسته
لظاهرة معينة وفق خطوات معينة،و يقوم خلالها بتحليل المعطيات و البيانات التي بحوزته
المتعلقة بالظاهرة المدروسة و ذلك من أجل الوصول إلى الحقيقة العلمية المتعلقة بالظاهرة.
إذن
من خلال ذلك نلاحظ أن هناك خطوات للمنهج الوصفي هي
:
- تحديد الظاهرة محل الدراسة
و البحث.
- القيام بجمع المعلومات
المتعلقة بالظاهرة المراد دراستها.
- و ضع الفرضيات
- اختيار عينة الدراسة
- القيام باختيار أدوات
البحث التي سيستعملها الباحث في دراسته
- الوصول إلى نتائج
- القيام بتحليل النتائج
و تفسيرها و الوصول إلى تعميمات.
I. أنواع المنهج الوصفي :
تتقسم
المناهج الوصفية إلى أنواع هي :
- منهج الدراسات المسحية
- منهج دراسة الحالة
- منهج دراسات النمو و
التطور
1- منهج
الدراسة المسحية :
يعتبر منهج المسح من أكثر المناهج استعمالا في البحوث الوصفية،
و استنادا إلى هذا المنهج فإن الباحث يقوم بعملية دراسة شاملة لموضوع دراسته و جمع
البيانات و المعلومات المتعلقة بهذه الظاهرة، و تحليل الوضع الراهن لها في بيئة محددة
و وقت محدد.
من خلال ذلك يمكن القول أن المنهج المسحي يهدف إلى:
1- وصف
الظاهرة المدروسة و تشخيصها و تحليلها و جمع بيانات حولها و تقرير حالتها كما هي في
الوقت الراهن، و في هذا المجال فإن الدراسة المسحية تتعلق بالوقت الذي يجرى فيه البحث
و لا تتعلق بالظاهرة و لا بمستقبلها.
2- يقوم
الباحث بتقديم المعايير المحددة التي يجب أن تكون الظاهرة وفقها.
3- من
خلال دراسة الواقع يقوم الباحث بإسقاط ما هو موجود فعلا في المجتمع مع ما ينبغي أن
يكون عليه الحال وفق معايير محددة، و في هذا الإطار فإنه يقوم بمقارنة بين الواقع و
بين المعايير المحددة.
4- يقوم
الباحث بتقديم اقتراحات و أساليب من أجل الوصول إلى ما ينبغي أن تكون عليه الظاهرة
استنادا إلى المعايير المحددة.
5- يصل
الباحث في الأخير إلى استخلاص النتائج التي يمكن تطبيقها على مجتمع الدراسة كله.
إن
الدراسات المسحية تعتمد كثيرا على أدوات البحث العلمي، التي لا يمكنها أن تغفل عنها،
بل أن هذه الأدوات هي محور هذه الدراسة و مثال ذلك، المقابلات التي يجريها الباحث مع
العينة التي يختارها من مجتمع الدراسات و كذلك قيامه بعملية الاستبيان.....الخ
و
الحقيقة أن للدراسات المسحية أنواع كثيرة منها: المسح المدرسي – الدراسة المسحية للرأي
العام – المسح الاجتماعي .
و
قد يقوم الباحث بإجراء دراسة مسحية تتعلق بطريقة عمل وتسيير مجلس المستشارين مثلا،
وهذا يتطلب دراسة القانون التنظيمي الداخلي للمجلس، ودراسة ممارسة المجلس لمهامه.
و قد يقوم الباحث بدراسة المناهج الدراسية المطبقة و مدى تأثيرها
وفعاليتها في مجال الدراسات القانونية وذلك من خلال أهداف هذه المناهج و محتواها، و
طرق و أساليب معالجتها لمواضيع قانونية و في هذا الإطار تكون الدراسة المسحية الاجتماعية
دراسة قانونية.
* الدراسات المسحية للرأي
العام:
يعتبر
هذا النوع من الدراسة أحد أنواع الدراسات المسحية، و هي تتعلق بالرأي العام، و الرأي
العام هو مجموع الآراء و الأحكام السائدة في المجتمع،و التي تكتسب صفة الاستقرار، و
التي قد تختلف في وضوحها و دلالتها، و لكنها تكون صادرة عن اتفاق متبادل بين غالبيتهم،
رغم اختلافهم في مدى إدراكهم لمفهومها، و مبلغ تحقيقها لنفعهم العام،ومصلحتهم المشتركة.
من
خلال ذلك فإن الرأي العام هو اتجاه جماعي يعبر عن رأي الغالبية العظمى بين أفراد مجتمع
معين نحو أمر من الأمور التي تتعلق بهم و تؤثر فيهم.
و
إذا كان الأمر كذلك، فإن عملية مسح الرأي العام تعتبر طريقة للتعرف على آراء الناس
بشأن مسألة معينة في وقت معين، و يتعلق الأمر هنا بمسألة مفتوحة للجدل و النقاش.
و
هذه الدراسة المسحية للرأي العام تستخدم بالضرورة أدوات البحث العلمي و خاصة المقابلات
و الاستفتاءات، كما أنها تختار عينة كبيرة
العدد على أن تمثل وجهات نظر قطاعات مختلفة و متنوعة معتمدة في ذلك على تنوع السن و
الديانة، و الدرجة العلمية و الحالة العائلية و المستوى الاجتماعي و الاقتصادي و غيرها
من المعايير المختلفة و ذلك من أجل أن تكون عملية قياس الرأي العام عملية موضوعية و
تقترب من الواقع.
و
مثال ذلك: نطرح سؤال ما رأيكم في مسألة المساواة في الارث؟. فنجمع أراء المتحمسين لمسألة المساواة، وآراء طبقة
أخرى متحفظة، وآراء من يرفضون الفكرة أصلا ويرفضون النقاش حولها. هنا يستطيع الباحث
أن يميز بين مختلف الأراء ويستطيع أن يكون فكرة عن الاتجاه العام حول الموضوع حسب أغلبية
الأصوات.
* المسح الاجتماعي:
و هو نوع من الدراسات المسحية ترتكز على الدراسة العلمية لظروف
المجتمع و حاجاته قصد الحصول على بيانات و معلومات تتعلق بالظاهرة المدروسة و القيام
بتحليلها و تفسيرها للوصول إلى تعميمات بشأنها.
من
خلال ذلك نلاحظ أن الدراسة المسحية الاجتماعية تستهدف دراسة ظاهرة أو مشكلة اجتماعية
معينة في منطقة معينة من أجل الوصول إلى حلول بشأن الظاهرة المدروسة.
و مثال ذلك دراسة ظاهرة الفقر في مجتمع معين، أو ظاهرة استهلاك
المخدرات و ترويجها.أوظاهرة البطالة.
إذن
من خلال ذلك فالمسح الاجتماعي قد يعالج مشكلة مرضية في المجتمع، و يحاول الباحث أن
يعالجها معالجة إصلاح بمعنى محاولة النهوض بالأوضاع القائمة، و وضع خطة أو برنامج للإصلاح.
و
قد يكون هذا المنهج شاملا لجميع أفراد المجتمع و تكون هذه الحالة أمام مسح اجتماعي
شامل، و قد يكون لعدد محدود و نكون في هذه الحالة أمام المسح بطريقة العينة.
من خلال ذلك، فإن المسح الاجتماعي يحقق فوائد كبيرة في مجال
عمليات التخطيط الذي ترتكز عليه السياسة العامة للدولة التي تستهدف تطوير الحياة الاجتماعية
و الاقتصادية و تنميتها في فترة زمنية معينة بالإضافة إلى ذلك فإن المسح الاجتماعي
يستفاد به في دراسة الخصائص السكانية و الجوانب الاجتماعية و الاقتصادية لجماعة من
الجماعات للتعرف على القدرة الشرائية لأفراد المجتمع و مدى تأثيرها و تأثرها بالوضع
الاقتصادي و الاجتماعي...الخ
2- منهج
دراسة الحالة :
يعتبر
منهج دراسة الحالة أحد المناهج الوصفية التي تعنى بدراسة وحدة من وحدات المجتمع دراسة
تفصيلية من مختلف جوانبها، و ذلك من أجل الوصول إلى تعميمات تنطبق على غيرها من الوحدات،
و من خلال ذلك فإن هذا المنهج يتميز بالتعمق في دراسة وحدة معينة سواء كانت هذه الوحدة
دولة أو مؤسسة دستورية أو مؤسسة اجتماعية أو مجتمعا محليا أو مجتمعا عاما، يهدف إلى
جمع البيانات و المعطيات و المعلومات المفصلة عن الوضع القائم المتعلق بالوحدة المدروسة
و تاريخها و علاقاتها بالبيئة و تحليل نتائجها بهدف الوصول إلى تعميمات يمكن تطبيقها
على غيرها من الوحدات المتشابهة في المجتمع الذي تنتمي إليه هذه الوحدة أو الحالة،
غير أنه يشترط أن تكون الحالة ممثلة للمجتمع الذي يراد الحكم عليه، مثلا دراسة حالة
التدبير المفوض في المغرب نموذج أمانديس، فدراسة تجربة شركة أمانديس، في تدبير قطاع
الماء والكهرباء بجهة طنجة تطوان، ما هي الا دراسة حالة من حالات تسيير التدبير المفوض
في المغرب، فالتجربة المتوصلبشانها، قد تعمم على باقي التجارب المتعلق بالتدبير المفوض،
أو قد تقتصر فقط على التجارب المتعلق بنفس القطاع.
من خلال التعريف الذي تطرقنا له يمكن أن نستنتج:
II. مميزات منهج دراسة الحالة:
1- يهدف
هذا المنهج إلى الحصول على معلومات شاملة و مفصلة عن الحالة المدروسة.
2- القيام
بدراسة متعمقة للحالة المدروسة.
3- القيام
بدراسة الحالة المدروسة من حيث متابعة تطورها تاريخيا و حاليا، و هذا ما يميز منهج
دراسة الحالة عن منهج الدراسات المسحية.
III. خطوات منهج دراسة الحالة:
يمكن
إجمال خطوات منهج دراسة الحالة فيما يلي
:
1- القيام
بتحديد المشكلة و اختيار الحالة موضوع الدراسة.
2- القيام
بجمع البيانات و المعلومات الضرورية لفهم الحالة المدروسة، و ذلك عن طريق الاستعانة
بأدوات البحث العلمي كالاستبيان و المقابلة.
3- تحديد
الفرضيات
4- القيام
بمسايرة الحالة من أجل الوصول إلى مختلف التطورات المتعلقة بها.
5- الوصول
إلى استخلاص النتائج المتعلقة بالحالة المدروسة و وضع التعميمات على بقية الحالات الأخرى.
ا*ستخدام منهج دراسة الحالة في مجال العلوم القانونية:
يستخدم
منهج دراسة الحالة في مجال العلوم القانونية، و يظهر ذلك بصفة خاصة في مجال العلوم
الجنائية فمثلا من أجل معرفة الدوافع الإجرامية، فإنه يتوجب على الباحث التعمق في دراسة
الحالة من أجل تفسير السلوك الإجرامي خاصة مع التطور المذهل للظاهرة الإجرامية و ظهور
أنماط لم تكن معروفة في السابق.
و
هذا يتطلب دراسات قانونية متخصصة و معمقة و كل ذلك من أجل الوصول إلى وضع تشريعات و
قواعد تواجه هذه الظواهر الجديدة، و يشترط لنجاح هذه الدراسة الاشتراك مع الباحثين
من مختلف التخصصات.
ثانيا: المنهج الإحصائي
قد
يتساءل البعض عن علاقة الإحصاء بمجال العلوم القانونية خصوصا و العلوم الاجتماعية عموما،
إلا أن الجواب هو أهمية استخدام الإحصاء في هذه المجالات. فقد بدأ يتسع مجال استخدامه
بل أصبح المنهج الإحصائي أحد المناهج المهمة في مجال العلوم الاجتماعية.لأن العالم
اليوم يتحدث لغة الأرقام.
إن
استخدام المنهج الإحصائي في مجال العلوم الاجتماعية أضفى الصبغة العلمية على الدراسات
و الأبحاث الاجتماعية و أكسبها الدقة و المصداقية و الموضوعية و الحقيقة أن العلاقة
بين العلوم الاجتماعية و بين العلوم الرياضية عموما و الإحصاء خصوصا يرجع إلى العهد
الإغريقي، حيث كان الفيثاغوريين يستخدمون الإحصاء في بحوثهم، وقد استخدمه عالم الاجتماع
" إميل دوركايم" في دراساته على ظاهرة الانتحار، كما استخدمه "روسو"
في أبحاثه الاجتماعية.
I. تعريف المنهج الإحصائي:
هو علم يرتكز على تجميع الظواهر و الوقائع و الأشياء و تنسيقها
على نحو يؤدي إلى علاقات عددية ثابتة تمكن الباحث من التكهن بالمستقبل()
فعلم
الإحصاء هو علم و فرع من فروع الرياضيات، وهو يعتمد على الجداول و البيانات و عرضها
و تحليلها رياضيا، و إذا كان هذا هو علم الإحصاء، فإن المنهج الاحصائي هو تلك الطريقة
العلمية التي تعتمد على الكم، و التي يتبعها الباحث معتمدا في ذلك على خطوات معينة
تقوم على جمع معلومات و بيانات تتعلق بظاهرة معينة و تحليل رياضي، من أجل الوصول إلى
نتائج دقيقة و علمية بشأن الظاهرة المدروسة.
من
خلال ذلك فإن المنهج الإحصائي يتميز بأنه
- يعتمد على الكم في تفسير
الظواهر الإجتماعية.
- يعتمد على لغة الأرقام
- يعتمد على الإستقراء
في تحليل الظاهرة الاجتماعية حيث ينطلق من الجزء نحو الكل، و يظهر ذلك على طريقة سبر
الآراء
II. خطوات المنهج الإحصائي:
تتمثل
خطوات المنهج الإحصائي فيما يلي:
1- تحديد
الظاهرة الاجتماعية محل الدراسة
2- القيام
بجمع البيانات و المعلومات المتعلقة بالظاهرة
3- ترجمة
هذه البيانات و المعلومات في شكل جدول أو منحنيات بيانية.
4- تصنيف
البيانات
5-الوصول إلى نتائج قابلة
للتعميم.
1)- تحديد
الظاهرة الاجتماعية محل الدراسة:
و هذه هي الخطوة الأولى التي يبدأ بها الباحث دراسته و تعتبر
الخطوة الأولى في جميع مناهج البحث العلمي.
2)- القيام
بجمع البيانات و المعلومات المتعلقة بالظاهرة:
بعد
أن يقوم الباحث بتحديد الظاهرة الاجتماعية، يشرع في جمع البيانات المتعلقة بموضوع البحث
و الدراسة و يعتمد في ذلك على بعض أدوات البحث العلمي كالمقابلات و سبر الآراء و الاستبيان.
3)- ترجمة
هذه البيانات و المعلومات في شكل جداول أو منحنيات بيانية:
حيث يقوم الباحث في هذه الحالة بوضع رسوم بيانية انطلاقا من
المعلومات و البيانات التي بحوزته و قد تكون هذه الرسوم في شكل جداول أو منحنيات أو
مدرجات تكرارية أو دوائر نسبية....الخ
4)- تصنيف
البيانات:
حيث يقوم الباحث بتنظيمها و تبويبها
5)- الوصول
إلى نتائج قابلة للتعميم:
و هذه هي الخطوة الأخيرة التي تشكل هدفا منشودا للباحث، و
هدف الباحث من استعماله للمنهج الإحصائي هو الوصول إلى نتائج دقيقة حول الظاهرة المدروسة.
III. استخدام المنهج الإحصائي
في مجال العلوم القانونية:
يمكن أن تستخدم كل فروع العلوم القانونية المنهج الإحصائي
في البحوث القانونية، و هذا انطلاقا من أن هذه العلوم جزء لا يتجزأ من العلوم الاجتماعية
التي أصبحت تعتبر المنهج الإحصائي وسيلة لإضفاء الدقة على البحوث و الدراسات ففي مجال
القانون الدستوري و بالضبط في مجال عمليات الانتخابات، فإن عملية الإحصاء تعتبر هي
الوسيلة الأولى التي لا يمكن التخلي عليها في إضفاء طابع الدقة على عملية الانتخابات
و ذلك بوضع جداول و أعمدة بيانية و دوائر نسبية
من أجل معرفة عدد المشاركين و عدد الأصوات المقبولة و عدد الأصوات الملغاة و من أجل
معرفة المترشح الفائز في العملية الانتخابية.
الفقرة الثانية: المنهج النسقي
إن مفهوم النسق هو مفهوم قديم، قدم الحضارات الانسانية، فقد
نشأ هذا المفهوم مع بدايات الدراسات الانسانية الاولى، التي كانت تحاول دراسة علاقة
الانسان ببيئته، واحساسه بترابط الاشياء من حوله.كما يمكن ملاحظة هذا المفهوم في بعض
أفكار فلاسفة اليونان، وخاصة أفلاطون، ثم في النظم الاسلامية الشمولية حول الحياة والمجتمع،
وقد اعتمدها هيكل وانصاره في كتاباته، حين قالوا أن الكل أكبرمن مجموع الأجزاء، وأننا
لا نستطيع فهم الأجزاء بمعزل عن الكل.
كما لعبت الأزمة الاقتصادية التي عرفتها و.م.أ. خلال بداية
القرن 20 دورا مهما في انتشار استعمال، هذا المنهج في جل الدراسات الاجتماعية والسياسية
التي انجزت حينها، على اعتبار أن الدراسات النسقية بامكانها وضع تفسير عام، وشامل لمختلف
جوانب هذه الأزمة، وكذلك ادعاءها القدرة على طرح البديل المناسب، وعليه عمل مجموعة
من الباحثين على تطوير هذه النظرية لتصبح منهجا علميا، يتم من خلاله تحليل الظواهر
الاجتماعية عامة والظواهر السياسية خاصة، ومن أبرز هؤلاء الباحثين نذكر دفيد استون D .Eston و
تالوتباغزونسTalottParsans وغيرهما، بحيث أصبح المنهج
النسقي تلك النظرة الشاملة الى الموقف من جميع أبعاده وعناصره، ومحاولة الالمام بمجموع
العوامل المؤثرة فيه، وعدم البحث عن أسباب منفصلة أو عوامل مستقلة، بل دراسة شبكة العوامل
المؤثرة في علاقاتها وتفاعلها مع بعضها.
وقد ساعدت هذه النظرية، الباحثين في التحكم في الظاهرة الاجتماعية
المدروسة، وتناولها في شموليتها وكليتها وتجاوز النظرة المركزية، على تجزيئ الظاهرة
وفصل عناصرها عن بعضها البعض.
خاتمة:
إن تعدد الظاهرة القانونية في حد ذاتها،يحتم عدم إمكانية استخدام
منهج وحيد في دراستها،و في هذه الحالة يستخدم الباحث في مجال العلوم القانونية مزيج
من مجموعة من المناهج في إطار التكامل المنهجي و كمثال على ذلك:
لدراسة ظاهرة الانتخابات يتوجب على الباحث أن يعتمد على المنهج
الاستقرائي بالنسبة للمترشحين للعملية الانتخابية،و المنهج التاريخي لمعرفة نتائج العملية
الانتخابية السابقة،و نعتمد على المنهج المقارن للمقارنة بين ماضي العملية الانتخابية
و حاضرها كما نعتمد على المنهج الإحصائي عند قيامنا بقياس اتجاهات الرأي العام و كذا
نسبة المشاركة على العملية الانتخابية و نسبة الأصوات المقبولة و الملفات.
وفي هذه الحالة نكون أمام تعددية منهجية في بحث قانوني،و هذا
في إطار التكامل المنهجي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق