تابعونا على الفيسبوك

Disqus

وسائل الدفع الإلكترونية المستحدثة في إطار تسهيل خدمات المعاملات المالية الرقمية.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وسائل الدفع الإلكترونية المستحدثة في إطار تسهيل خدمات المعاملات المالية الرقمية.





 عبد العزيز خنفوسي
أستاذ محاضر قسم –أ-
 أستاذ جامعي دائم كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الدكتور "مولاي الطاهر" بسعيدة، الجزائر.

عيسى لعلاوي.
 باحث دكتوراه علوم، تخصص القانون الدولي والعلاقات دولية، بكلية الحقوق جامعة الجزائر 1.
 أستاذ مؤقت في القانون بكلية العلوم الاقتصادية، جامعة البشير الإبراهيمي برج بوعريريج، الجزائر



 لقد بلغ التقدم العلمي والتكنولوجي اللذين عرفهما العالم في منتصف القرن الماضي خاصة أقصى الحدود، وهذا خدمة للمجتمعات واستجابة لحاجيات الفرد الذي يسعى إلى تسهيل وتفعيل نشاطاته الاقتصادية المتداخلة بعضها البعض من إنتاج، تسويق وتوزيع وانتقال رؤوس الأموال.
  هذا، وقد حفزت ذلك شبكة اتصالات عالمية شاملة ما بين المتعاملين من مؤسسات مالية، منتجين وموردين ومستهلكين، الأمر الذي نجم عنه أن اعتمدت شبكة الانترنت العالمية على البيانات لتبادل المعلومات كوسيلة ذات طبيعة غير مادية ربحا للوقت وتقليصا لتكلفة المعاملات.
        ومما تجدر الإشارة إليه أن الإنترنت لم تعد تعتبر الشريك  الوحيد في مجال الدفع الإلكتروني، وإنما هناك من ينادي بترقية الوسائل الأخرى مثل الإنترانت، الإكسترانت والهاتف النقال الذي يعد الوسيلة الأكثر تداولا لدى الأفراد، وهذا ما تهدف إليه شركة Tragattitude التي تسعى إلى تطوير السوق الإفريقية في هذا المجال، فقد سعى مؤسسها من البداية إلى تطوير دفع وسحب الأموال بالهاتف النقال، خاصة في البلدان الأقل تطورا في استعمال تقنيات الدفع الإلكتروني، وهذا بالتعاون مع البنوك المحلية والمؤسسات الخاصة في هذا المجال.
        بالإضافة إلى ذلك، يستوجب علينا الأمر التعرف على هذه الشبكة التي توفر للبشرية إمكانيات تَعامُل هائلة في مجالات متعددة كالتسويق والتبادل التجاري، وكذلك الدفع الإلكتروني الذي يتم بواسطتها، والذي أضحى يتم من خلال استحداث وسائل عديدة يستخدمها المتعاملون قصد الوفاء بما اقتنوه من سلع وخدمات، وهي وسائل الدفع الالكترونية التي تجد مجالا واسعا لها في جميع مجالات التجارة سواء التجارة التقليدية أو الالكترونية.

          وعليه، فالإشكالية الرئيسية التي نود مناقشتها في خضم جوانب هذا الموضوع الشائك والمتشعب تتمثل فيما يلي:
           ما هي وسائل وأساليب الدفع الالكتروني التي استحدثت من أجل تسهيل خدمات المعاملات المالية الرقمية؟  



           للإجابة على الإشكالية الرئيسية المطروحة رأينا أن نتناول هذا البحث وفق الخطة المنتهجة الآتية:
المبحث الأول: وسائل الدفع الإلكترونية المستحدثة.
لم يتوقف التطور التكنولوجي في مجال المعلوماتية والاتصال في التجارة الإلكترونية عند حد المعالجة الإلكترونية لوسائل الدفع الكلاسيكية، بل تم اختراع ووضع أدوات وليدة التجارة الإلكترونية نفسها، خاصة وأن للعقد الإلكتروني طبيعة غير مادية يلتزم المشتري بالوفاء بالتزاماته المتمثلة في دفع الثمن، وبالتالي لابد أن يكون الثمن إلكترونيا.
وتشكل البطاقات البنكية إحدى وسائل الدفع الحديثة التي اعتمدتها البنوك الجزائرية لفائدة عملائها، وهي تحتوي على تكنولوجيا رقمية متطورة وظيفتها هي حماية البطاقة من عملية التزوير والاحتيال، وهذا باعتماد نظم تقنية معينة من شأنها أن تضفي الثقة والأمان لدى الدائن بأن حامل البطاقة هو الحامل الشرعي لها(1).
كما تم دخول نظام الدفع الإجمالي الفوري للمبالغ الكبيرة والمدفوعات المستعجلة المسمى "آرتس" في التشغيل طبقا لأحكام النظام رقم 05-04 المؤرخ في 13 أكتوبر 2005، ويستجيب هذا النظام لمجموع المبادئ التي أوصت بها لجنة أنظمة الدفع والتسوية التابعة لبنك التسويات الدولية، وإن كان ذلك على مستوى الإطار التنظيمي، والهياكل الأساسية للإنتاج والنجدة أو على مستوى عدم قابلية إلغاء المدفوعات والتسهيلات الموصى بها من أجل عمله.
المطلب الأول: تعريف البطاقات البنكية الالكترونية. 
لم تنشأ بطاقات الوفاء والائتمان نشأة مصرفية كما قد يتصور البعض، فقد نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1914 على يد شركات البترول التي أصدرت هذه البطاقات لعملائها لشراء ما يحتاجون له من منافذ التوزيع التابعة لها، وتسوية الحساب في نهاية كل مدة زمنية، ثم تطورت هذه البطاقات واستخدمتها المحلات التجارية والفنادق.
وقد اختلفت التسميات التي أعطاها الفقه لهذه البطاقات، فيسميها البعض البطاقات البلاستيكية، والبعض الآخر البطاقات الدائنة، والبعض يسميها بطاقات الوفاء أو البطاقات البنكية أو بطاقة الائتمان...الخ.
وحسب تقديرنا فإن تسمية البطاقات البنكية هي التسمية الأنسب، وذلك لحصرها لكافة البطاقات التي تختلف باختلاف وظائفها المتعددة، وكذلك للدور الفعال الذي تقوم به البنوك في العملية المصرفية التي تستعمل فيها هذه البطاقات، والتي يمثل الائتمان فيها أساس العلاقة التعاقدية نتيجة لحاجتها إلى بنك أو مؤسسة مالية كوسيط في العملية النقدية، وعليه فمن المنطقي تسميتها البطاقات البنكية التي تحمل في طياتها كافة هذه البطاقات(2).
وما يعبر عن قوة هذا النظام هو أن حامل البطاقة هو الوحيد الذي يكون على علم بكافة المعلومات الخاصة بالعملية، فالبائع لا يكون على علم بالمعلومات البنكية الخاصة بالمشتري، كما أن البنك لا يكون على علم بكافة جزئيات العملية.
ولقد تناول مشرعنا هذا النمط من وسائل الدفع من خلال القانون رقم 05- 02 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425هـ الموافق لـ 06 فبراير 2005 المعدل والمتمم للأمر رقم 75- 59 المؤرخ في 20 رمضان عام 1359هـ الموافق لـ 26 سبتمبر 1975 والمتضمن القانون التجاري الجزائري.
وفي هذا الصدد عرف المشرع الجزائري بطاقات الدفع والسحب في المادة 543 مكرر 23/24 من القانون التجاري الجزائري المعدل والمتمم، واعتبر بطاقة الدفع كل بطاقة صادرة عن البنوك والهيئات المالية المؤهلة قانونا وتسمح لصاحبها بسحب أو تحويل الأموال، أما بطاقة السحب فهي كل بطاقة صادرة عن البنوك أو الهيئات المالية المؤهلة قانونا وتسمح لصاحبها فقط بسحب الأموال، مع التأكيد على أن الأمر أو الالتزام بالدفع المعطى بموجب بطاقة الدفع غير قابل للرجوع فيه، ولا يمكن الاعتراض على الدفع إلا في حالة ضياع أو سرقة البطاقة المصرح بهما قانونا أو تسوية قضائية أو إفلاس.
كما اهتم الفقه بتعريف البطاقات البنكية، وفي هذا الشأن قدم المجمع الفقهي لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته السابعة بجدة عام 1993 تعريفا أكد على أنها:" مستند يعطيه مصدره لشخص معين بناءًا على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع والخدمات ممن يعتمد المستند دون دفع الثمن حالا لتضمينه التزام المصدر بالدفع، ومنها ما يمكن أن تساعد على سحب النقود من المصارف"(3).
كما نلاحظ أن بعض الفقهاء قد عرّفوا بطاقات الائتمان بأنها:" كل بطاقة بلاستيكية أو ورقية مصنوعة من مادة يصعب العبث بها تصدرها جهة معنية، بنك أو شركة استثمار"، كما يسمي البعض بطاقات الدفع بمحفظة النقود الإلكترونية التي تعد تطبيقا عمليا لفكرة الدفع المسبق للوحدات الإلكترونية، والتي تسمح بتخزين مسبق (in advance) للقيمة الشرائية معبرا عنها بوحدات وعملات إلكترونية يتم استخدامها بعد ذلك في عملية الدفع.
ويتم شحن هذه المحفظة من خلال ماكينات الشحن العادية الموجودة في أماكن عديدة، أو من خلال أجهزة التلفون المخصصة لذلك في مقابل حساب مفتوح لدى الجهة المصدرة والتي قدمت خدمة الشحن عن طريق التليفون، أو في مقابل مبالغ تدفع في مقر البنك أو المؤسسة المالية المصدرة للبطاقة(4).
وعليه تشكل البطاقات المصرفية الإلكترونية أهمية كبرى للكثير من المتعاملين التجاريين والمستهلكين والموظفين على السواء نظرا لما تقدمه هذه البطاقات من خدمات جليلة لهم أصبحت سمة من سمات العصر، ومن هذه الخدمات مناقلة الحسابات، وتسديد قيمة المشتريات والخدمات دون الحاجة لحمل النقود، بل إن بعض البطاقات تقدم لحاملها خدمات حجوزات في الرحلات والفنادق وغيرها.
كما تقدم كذلك الكثير من البطاقات خدمة التأمين على السلع المشتريات بها، بل التأمين على حياة حاملها في مجال إصابته من جراء رحلة اشتريت تذكرتها بالبطاقة أو سيارة استأجرها بالبطاقةولهذا تضاعفت أعداد المستخدمين لهذه الأنواع المختلفة من بطاقات الدفع عبر العالم لمالها من قبول محلي وعالمي(5).
المطلب الثاني: التصنيف القانوني للبطاقات المصرفية الالكترونية.
بصفة عامة فإنه يمكن تصنيف البطاقات التي نص عليها المشرع والتي تصدرها البنوك في الجزائر إلى صنفين: الأولى هي البطاقات المصرفية العادية أو المعروفة باسم بطاقات السحب الآلي، والتي تكون مرتبطة بالحسابات الشخصية للعميل لاسيما حساب الراتب الشهري، أما الثانية فهي بطاقات الدفع المصرفية والتي تسمح لحاملها بسحب الأموال وتسديد فواتير المشتريات والخدمات المقدمة على مستوى جهاز الدفع الإلكتروني (TPE) الموجودة في محلات التجار المنخرطين في شبكة (RMI) والذين يلصقون على واجهة محلاتهم الإشارة (CIB)، والتي يقصد بها شبكة البطاقات البنكية المكونة من شبابيك آلية للبنوك.
وبتوفر الموزعات الآلية للأوراق النقدية وأجهزة الدفع الإلكتروني، فإنه يمكن لصاحب البطاقة أن يستعمل بطاقته البنكية بموافقة البنك، وبالتالي نجد أن البطاقات البنكية تتشكل من دعامة مادية مزودة بسيريغرافيا مع مساحة ممغنطة وميكروبروسيسور مستقل عن الصانع المشخص والبنك المصدر، كما أنها موصلة بشبكة النقد ما بين البنوك تسمح لصاحبها بسحب أمواله عبر كل الموزعات الآلية للأوراق النقدية 07 أيام على 07 أيام و24 ساعة على 24 ساعة وعبر كل الوكالات ذات مصلحة الدفع المسبق.
وقد انطلق مشروع نظام الدفع ما بين البنوك في الجزائر سنة 2002، ولكنه لم يبدأ يشتغل فعلا إلا عام 2006، وقد شهدت سنة 2007 انتشارا للبطاقات البنكية المكونة من شبابيك آلية للبنوك والتي يرمز إليها باختصار (CIB) عبر كامل الوطن، وتم تعميم الدفع ما بين البنوك في شهر نوفمبر من نفس السنة، وتتكفل بتسيير شبكة البطاقات البنكية شركة (SATIM).      
إن استخدام بطاقات الدفع يخضع لنصوص وأحكام وتشريعات وضوابط تحكم مسؤولية كل طرف من الأطراف ذوي العلاقة، وهم:
1- التزامات مصدر البطاقة (البنك):
‌أ-         عن طريق العقد المبرم يلتزم مصدر البطاقة بتنبيه أو تحذير التجار المنخرطين في الشبكة بكل الاعتراضات التي يمكن أن تتم أو تنفذ من قبل أصحاب البطاقات، وبالخصوص يلتزم المصرفي بدفع ثمن الفواتير المقدمة له من طرف العميل وفقا للمبلغ المتفق عليه في العقد، ويكتسي هذا الالتزام في أغلب الاتفاقيات جانبين هما: أن التزام المصرفي هو التزام قطعي ونهائي فيما يتعلق بالفواتير التي لا تتعدى مبلغا ما، وثانيا أنه التزام شخصي غير قابل للرجوع فيه، وفي حالة ما إذا كان مبلغ الفاتورة(6) المقدم من طرف الحامل يفوق ثمن الاتفاق المنصوص عليه في العقد، فإنه يجوز للمصرفي في هذه الحالة رفض الدفع، كما يجوز له قبوله إذا كانت ثقة المصدر تعتمد على الملائمة المالية لحامل البطاقة وقدرته على السداد عند استحقاق الدفع.
‌ب-       ويلتزم مصدر البطاقات بالتحقق من العميل المتعاقد معه، وهذا يتطلب منه انتفاء أو اختيار أصحاب البطاقات، لأنه من غير الممكن قانونا أن يسلم البطاقة لشخص عديم الأهلية أو لناقص الأهلية إلا بحضور الوصي عنه، وذلك لأن تسليم البطاقة لعديم الأهلية يتحمل مخاطرها المصرفي إذا تمت دون رعاية القواعد القانونية التي تحميه.
2- التزامات التاجر:
‌أ-         يلتزم التاجر المنخرط في هذه الشبكة بقبول الدفع عن طريق البطاقة، ويقصد بالتاجر كل ممارس أو مقدم لخدمة، وبصفة عامة كل مهني بائع لحاجات مادية أو مقدم لخدمات، وهذا الالتزام التعاقدي يمكن في بعض الحالات أن يكون محل استثناء سواء عندما يكون الدفع أقل من مبلغ ما، أو عندما يكون للتاجر سبب شرعي لرفض هذا النوع من الدفع، كما أن الانخراط في الشبكة يتطلب من التاجر الالتزام بدفع عمولات(7) لمصدر البطاقات على ثمن المشتريات المدفوعة عن طريق البطاقة، ولا يترتب عنها أي حق حصري لمصلحة المصدر وذلك لأن التاجر حر في الانضمام لعدة شبكات.
وفي معظم العقود عندما يتم التنازل عن المحل التجاري أو في حالة التصفية القضائية للتاجر يؤدي حتما إلى فسخ الاتفاقية، والتاجر المنخرط في الشبكة والذي يقبض الفواتير عوض أن يرسلها إلى البنك لتجنب دفع عمولة يرتكب خطأ تعاقديا يبرر فسخ الاتفاقية.
‌ب-       على التاجر الذي يقبل بالدفع عن طريق البطاقة أن يتوخى الحذر عند قبول بطاقات الدفع في البيع أو تقديم الخدمات(8)، ويتمثل ذلك في التحقيق في تاريخ صلاحية البطاقة، والتدقيق في هوية حامل البطاقة المقدمة للخدمة، وذلك عن طريق أخذ توقيع حامل البطاقة على الآمر بالدفع والتأكد من أن التوقيع مطابق للتوقيع المدون على البطاقة، وغير ذلك من الإجراءات التي تضمن عدم إساءة استخدامها من قبل الغير عند فقدها أو سرقتها أو تزويرها وغير ذلك من الأسباب. وثانيا يجب عليه التحقق من البطاقة المقدمة له إذا لم تكن ضمن قوائم المعترض عليها والتي يبلغه بها المصدر دوريا، وفي حالة العكس أي إذا لم يقم التاجر بالتحقق يكون هو المسؤول وبالتالي يتحمل مخاطر الدفع المغشوش أو المزور، وعندما تتعدى الفاتورة مبلغا ما خلافا لما هو منصوص عليه في العقد لا يكون التاجر مؤمن بالدفع من طرف المؤسسة المصدرة إلا إذا اتخذ واجبات الحيطة بأن يطلب ترخيص خاص إلى مركز مسير البطاقات، ويسمح هذا التحقق للتاجر أن يحبط أي محاولة للتزوير سواء عندما يستعمل حاملها بطاقة عديمة الصلاحية، أو عندما يستعملها شخص آخر عن طريق السرقة.
هذا ولا يحق للتاجر أن يستوفي أية رسوم أو نسبة أو عمولة من حامل البطاقة زيادة على السعر المقرر للبضاعة المباعة أو الخدمات المقدمة، كما أن من ضمن القوانين التي تحكم استخدام البطاقات أيضا أنه لا يحق للتاجر أن يرفض البطاقة التي تقدم له من صاحبها، وذلك لدفع ثمن المشتريات إذا كانت البطاقة سليمة وقانونية خصوصا إذا تم التزامه أمام الجهة المصدرة لها بذلك(9).
3- التزامات صاحب البطاقة:
‌أ-         التوقيع والاستعمال المطابق للبطاقة، وهذا الإجراء يسمح لصاحب البطاقة بالحد من مخاطر الاستعمال المزور(10) للمعطيات المتعلقة بالبطاقة في حالة ضياعها أو سرقتها، وفي حالة العكس يتحمل صاحب البطاقة مسؤوليته هذا من جهة، ومن جهة أخرى لابد على صاحب البطاقة أن يستعمل البطاقة وفقا للموجبات المنصوص عليها في العقد، حيث يكون استخدام البطاقة مقصورا على حاملها الموقع عليها طبقا لشروط استعمال طلب إصدار البطاقة، فلا يحق له أن يتنازل أو يسمح لغيره باستخدامها، كما يجب عليه المحافظة عليها من الضياع، ومن ثم فهو مسؤول عن استعماله لها على غرار مسؤوليته في الحفاظ عليها وعلى رمزه السري بعدم كتابته على البطاقة أو على أي وثيقة أو البوح به لأي شخص آخر مهما كان السبب، ولدى عملية الدفع أو السحب يجب عليه تشكيل رقمه السري خفية وبعيدا عن أنظار الآخرين، كما يجب عليه أن لا يستعمل البطاقة إلا لسحب الأموال أو لتسديد فواتير المشتريات والخدمات المنجزة فعلا، وفي حدود المبالغ القصوى المحددة في العقد لدى التجار المنخرطين في شبكة النقد، وكل تزوير أو تزييف أو تصريح كاذب أو إخلال بالالتزامات التعاقدية من طرف صاحبها يؤدي حتما إلى فسخ العقد وفرض عقوبات جنائية يقرها القانون (حالة التزوير أو التزييف)، والتزام حامل البطاقة بإعادتها إلى مصدرها.
‌ب-       الاعتراض على الدفع في حالة ضياع أو سرقة البطاقة، وفي هذا الشأن تنص المادة 543 مكرر 24 من القانون التجاري الجزائري المعدل والمتمم على أنه:" الأمر أو الالتزام بالدفع المعطى بموجب بطاقة الدفع غير قابل للرجوع فيه، ولا يمكن الاعتراض على الدفع إلا في حالة ضياع أو سرقة البطاقة المصرح بهما قانونا، أو تسوية قضائية أو إفلاس المستفيد"، والضياع كما ذكرنا سالفا يعني خروج البطاقة من حيازة حاملها دون إرادته سواء عن طريق فقدانها أو ضياعها أو سرقتها أو اغتصابها، وفي هذه الحالة يجب على الحامل الشرعي أن يقدم اعتراض لتوقيف البطاقة، وذلك بإعلام المؤسسة المصدرة للبطاقة حالا بواقعة الضياع أو السرقة، وهذا الإخطار من قبل الحامل يجب أن يكون كتابة أو بتصريح شفوي، وأيضا عن طريق الهاتف.
وعلى مصدر البطاقة أن يمتنع عن الوفاء، وإلا اعتبر وفاؤه غير صحيح وبالتالي يتحمل مسؤولية الدفع، وهذا هو جوهر الاعتراض لأنه يخلص الحامل من تحمل مسؤوليته في حالة الاستعمال المزور للبطاقة أو المعطيات المتعلقة بها من طرف السارق أو مخترعها، أما إذا أهمل حامل البطاقة الاعتراض يكون في هذه الحالة هو المسؤول عن سحب الأموال التي تتم من طرف سارق البطاقة أو مخترعها في الموزع الآلي، كما يجوز لصاحب البطاقة رفع دعوى قضائية للحصول على حقه، غير أنه يكون ملزم بأن تكون هذه البطاقة بحوزته وقت وقوع العملية المتنازع عليها، وذلك في الحالات التالية:
-        إذا كانت البطاقة مزيفة.
-        إذا جرت عملية الدفع بطريقة مزورة عن بعد بدون استعمال فعلي للبطاقة، ولكن باستعمال رقم البطاقة فقط وبمعطيات أخرى(11).
كما عرف المشرع الجزائري نوعا آخر للبطاقات المصرفية الإلكترونية يتمثل في بطاقة الوفاء الرقمية التي اعتمدتها البنوك لفائدة عملائها، وتعتبر البطاقة الرقمية جيلا ثالثا لبطاقات الوفاء، وقد ظهرت بعد البطاقة البلاستيكية والممغنطة، وتحتوي على تكنولوجيا رقمية متطورة وظيفتها هي حماية البطاقة من عمليات التزوير والاحتيال، وذلك باعتماد نظم تقنية معينة من شأنها أن تضفي الثقة والأمان لدى الدائن بأن حامل البطاقة هو الحامل الشرعي لها.
ويتطلب الوفاء بالبطاقة الرقمية تدخل المصرف، ويكون هذا التدخل بتنفيذ أمر الدفع الصادر من حامل البطاقة - المدين الأصلي - لفائدة التاجر - الدائن -، وهذا التدخل دفع بأطراف العلاقة الثلاثة إلى تكريس أحد المبادئ القانونية الهامة حتى يضمن التاجر الدائن الوفاء بدينه.
ولقد قدم المشرع الجزائري عدة ضمانات لفائدة التاجر الدائن الذي يقبل الوفاء بالبطاقة الرقمية، وهذه الضمانات هي كالتالي:
-        الضمان الفني: ويتجسد في تقنية التوقيع الإلكتروني التي تعتبر ميزة من ميزات الوفاء بالبطاقة الرقمية، حيث يعتمد عمل البطاقة الرقمية كوسيلة وفاء في تحديد هوية حاملها، وكذا رضاه بالتصرف القانوني على آليتين للتوقيع الإلكتروني(12) وهما آلية التوقيع الرقمي، وآلية التوقيع بتركيب الرقم السري.
وقد تبنى المشرع الجزائري تقنية التوقيع الإلكتروني من خلال الفقرة الثانية من المادة 327 من القانون المدني المعدلة والمتممة بموجب القانون رقم 05/10 المؤرخ في 20/06/2005، حيث نصت على أنه:"ويعتد بالتوقيع الإلكتروني وفق الشروط المذكورة في المادة 223 مكرر01 أعلاه". وبالرجوع للمادة الأخيرة، فإن التوقيع الإلكتروني تكون له الحجية الكاملة إذا استطاع أن يتحقق من هوية الشخص الذي أصدره، وأن يكون معدا ومحفوظا في ظروف تضمن سلامته، بينما عرفته المادة الثالثة من المرسوم التنفيذي رقم 07/162(13) بأنه:" معطى ينجم عن استخدام أسلوب عمل يستجيب للشروط المحددة في المادتين 323 مكرر، و323 مكرر01 من الأمر رقم 75/58 المتضمن القانون المدني".
-        الضمان القانوني: ويتجسد هذا الضمان في نص المادة 543 مكرر24 من القانون التجاري الجزائري المعدل والمتمم التي نصت على أن:" الأمر أو الالتزام بالدفع المعطى بموجب بطاقة الدفع غير قابل للرجوع فيه"، والتي تقابل نص المادة 132 ف02 من القانون النقدي والمالي الفرنسي.
وعليه عندما يستعمل حامل البطاقة بطاقته في الوفاء بقيم السلع أو الخدمات التي يقوم باقتنائها، فإنه يصدر بذلك أمرا إلى البنك مصدر البطاقة بدفع هذه القيم إلى التاجر المتعامل معه، وبناءًا على هذا الأمر يقوم البنك بقيد هذه القيم من جهة في جانب المدين لحساب الحامل، ومن جهة أخرى في جانب الدائن لحساب التاجر.
وعليه فهذا الأمر الصادر هو أمر غير قابل للرجوع فيه، وقد كُرس هذا المبدأ في العقد المبرم بين البنك وحامل البطاقة، ثم جاء المشرع وقننه من خلال المادة 05 ف08 من عقد الحامل الصادر عن الشبكة النقدية ما بين المصارف في الجزائر بأن نص على:" البنك يبقى أجنبيا عن كل نزاع ذو صفة تجارية، أي لا يستند إلى عملية الوفاء، والذي يمكن أن يحدث بين حامل البطاقة والتاجر.
إن وجود مثل هذا النزاع لا يمكن بأي حال أن يبرر رفض حامل البطاقة، أو صاحب الحساب الذي يقترن به استخدام البطاقة تسديد نفقات شراء السلع والخدمات بالبطاقة".
وعلى هذا الأساس، فإن حدوث أي نزاع أو خصومة بين حامل البطاقة والتاجر يترتب عنه تطبيقا لهذا المبدأ عدم قيام الحامل بالتمسك بهذا النزاع في مواجهة البنك، وذلك لرفض رد المبالغ المدفوعة من طرف هذا الأخير(14).
المطلب الثالث: نظام التسوية الإجمالية الفورية للمبالغ الكبيرة والدفع المستعجل
في إطار تحديث وعصرنة النظام المصرفي الجزائري لاسيما من حيث أنظمة الدفع، بادر بنك الجزائر بالتعاون مع وزارة المالية وبمساعدة البنك العالمي في إنجاز نظام دفع إلكتروني متطور هو نظام التسوية الإجمالية الفورية للمبالغ الكبيرة والدفع السريع.
         ويعرف هذا النظام على أساس أنه نظام تسوية المبالغ الإجمالية في وقت حقيقي، ويتم فيه سير التحويلات بصفة مستمرة وعلى الفور بدون تأجيل وعلى أساس إجمالي.
كما يعرف أيضا أنه نظام مركزي إلكتروني يعمل على أساس فوري إجمالي نهائي ومستمر لتنفيذ أوامر التحويل الدائنة، ويوفر نقطة تسوية لأنظمة التصفية العاملة في بلد ما من خلال الحسابات المركزية للمصارف.
وعليه فإن إمكانية انجاز هذا النظام وتوفير الوسائل لتحقيقه من خلال التزام السلطات العمومية والسلطات النقدية بتنظيم ملتقيات داخل الوطن وخارجه، وإنشاء ورشات عمل لتنظيم اجتماعات مع المشرفين على الإنجاز وتحميس المشاركين من المصارف ومركز الصكوك البريدية والمؤسسات المالية، ويتطلب دعم تقني من الخبراء والمشتركين الذين يتمتعون بخبرة واسعة من المصارف المركزية الأجنبية، ودعم مالي من البنك العالمي لإقامة وحدة ناشطة وذات كفاءة لتسيير المشروع، وذلك بإنشاء لجنة قيادية تحت إشراف بنك الجزائر تتولى متابعة المشروع، وإقامة شبكة اتصالات بين جهاز المقاصة الإلكترونية وشركة "سايتم"، وكذلك إقامة شبكة اتصال بين المصارف وبنك الجزائر وشبكة اتصال أخرى مع جهاز المحاسبة العامة لبنك الجزائر.

ويقوم هذا النظام على مجموعة من المبادئ يمكن ذكرها كالآتي:
‌أ          المشاركين: المشاركة في النظام مفتوحة لكل مؤسسة لها حساب تسوية في بنك الجزائر، فيمكن أن ينظم إلى النظام زيادة على بنك الجزائر كمسير وحامل للتسوية مجموعة المؤسسات المصرفية والمالية، الخزينة العمومية، مراكز الصكوك البريدية.
‌ب     العمليات التي يعالجها النظام: يعالج النظام مختلف العمليات المصرفية بين المؤسسات المالية والمصرفية والمشاركين عامة، وذلك على النحو التالي:
-        عمليات ما بين المصارف: حيث يتم من خلال هذا النظام تحويلات بين المصارف أوحسابات الزبائن، والتي تكون فيها المبالغ هامة أومستعجلة.
-        عمليات بنك الجزائر: إن بنك الجزائر هو المشارك الوحيد القادر، وذلك أن حدود اختصاصاته توجيه وإصدار الأوامر للقرض أو الخصم من حسابات المشتركين.
-        تسوية المبالغ عن طريق المقاصة الإلكترونية: إن المبالغ المدينة والدائنة الناتجة عن طريق المقاصة الإلكترونية تعالج بهذا النظام قرضا ودينا في نفس الوقت وفي حسابات المشاركين، وتعمل على أساس مبدأ "الكل أو لاشيء"، وفي حالة استحالة تطبيق العملية ترفض من قبل غرفة المقاصة الإلكترونية وعلى الراغب أن يعيد العملية وفي وقت لاحق.
-        حساب التسوية: إن بنك الجزائر الذي يشرف على إدارة النظام تفتح في سجلاته باسم كل مشارك حسابات تسوية تقسم إلى حسابات فرعية، وهذه الحسابات تحول حسب الحالات (زيادة أو نقصان) في مبالغ الحسابات الجارية للمشاركين والتي تضبطها المحاسبة العامة لبنك الجزائر، والتسويات التي تتم عن طريق هذا النظام تتم بصفة مستمرة وفي وقت حقيقي.
وبعد التأكد الآلي بوجود مخزون كافي في حساب المشارك المعني، فإنه يطبق في هذا مبدأ "أول من يدخل أول من يخرج" مع الأخذ بعين الاعتبار الأولويات المبينة فيما يلي:
1.      الأولوية الأولى: عمليات بنك الجزائر.
2.      الأولوية الثانية: المبالغ المخصصة للمقاصة.
3.      الأولوية الثالثة: أوامر مستعجلة بطبيعتها.

4.      كما أن تسوية الحسابات المعنية تتم بصفة نهائية لا رجعة فيها، حيث بمجرد قبولها من طرف هذا النظام لا يمكن إلغاؤها لاحقا، وذلك أن الغاية من التسويات مضمونة بصفة دائمة على مدى يوم المبادلة، والذي يكون على النحو التالي:
§      من الساعة الثامنة ونصف صباحا تتم معالجة عمليات "بنك الجزائر"، عمليات السوق النقدي، عمليات الصرف.
§      التاسعة والنصف صباحا بدء المبادلات.
§      منتصف النهار تسوية حصيلة المقاصة.
§      الساعة الثالثة يتم وقف المبادلات.
§      من الساعة الثالثة إلى الرابعة يتم تسديد المبالغ التي تمت في اليوم الأخير، وتسوية أو رفض الأوامر التي كانت في الانتظار.
§      الساعة الرابعة اختتام وغلق الحسابات وإرسال إخطارات حصيلة الحسابات واستخراج حسابات المشاركين، وإفراغها في جهاز المحاسبة العامة لبنك الجزائر.
وفي الأخير يمكن القول بأن نظام الدفع الإجمالي الفوري للمبالغ الكبيرة والمدفوعات المستعجلة جاء من أجل تحقيق الأهداف التالية:
‌أ-         تسوية عمليات البطاقة المصرفية في وقت حقيقي، وكل وسائل الدفع الأخرى.
‌ب-       تلبية مختلف احتياجات المستعملين باستخدام نظام الدفع الإلكتروني.
‌ج-        تقليص آجال التسوية وتشجيع استعمال النقود الكتابية(15).
‌د-         تخفيض التكلفة الإجمالية للمدفوعات.
‌ه-       جعل نظام الدفع الجزائري يتمتع بالمقاييس الدولية في تسيير مخاطر السيولة(16).
‌و-         تقوية العلاقات بين المصارف.
‌ز-         تشجيع إقامة المصارف الأجنبية.
‌ح-        تنظيم يوم المقاصة الآلية، والتي تعتبر عملية مرتبطة بنمط السير سواء أكان ممركزا أو غير ممركز، ومزودا بالأجهزة المرسلة والمستقبلة عند المشاركين، وكذلك النظر إلى مدى ارتباطها بالضغوط التجارية والضغوط المالية (لمعرفة ما إذا كانت تكلفة نظام ما جد مرتفعة، وما إذا نهدر مالنا عند تجميدنا له، وفي انتظار اتخاذ بعض الحلول)، والضغوط التنظيمية (أوقات افتتاح أو غلق الوكالات، أو أوقات استعمال وسائل الإعلام الآلي أو الأوقات المطبقة من قبل كل بنك)، وبطبيعة الحال الضغوط التقنية (لاسيما حجم العمليات)، وعلى العموم يمكن حصر ثلاثة مراحل كبيرة ضمن نظام المقاصة الآلية:
1.      مرحلة التبادل التي يرسل فيها كل واحد سنداته.
2.      مرحلة المقاصة التي تقوم فيها الأنظمة بعملية الفرز وتحضير سندات الإياب (الإرسال)، وبالموازاة مع ذلك يتم تحضير أرصدة التسوية ثم إرسالها إلى بنك الجزائر.
3.      مرحلة الاستغلال كمرحلة أخيرة.
لقد كان لدخول هذا النظام في الإنتاج ابتداءً من 08 فيفري 2006 أثرا هاما على تسيير خزينة المصارف وتسيير التدفقات بين المصارف، أما على مستوى إدارة السياسة النقدية، فقد سمح النظام بالاستفادة من مرونة وسرعة في انتقال آثارها.
المبحث الثاني: الأساليب البنكية في مجال السداد الإلكتروني.
يعد تطور الخدمات البنكية من أهم مؤشرات التنمية لأي اقتصاد في العالم، ومفتاح جودة هذه الخدمات هي الحزمة الواسعة من تشكيلات وسائل الدفع، فلهذا نجد أن المنظومة البنكية تعاني من العديد من المشاكل التي تحتم على متخذ القرار إيجاد السبل الكفيلة لحلها من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي الإستراتيجي لتحقيق التنمية الاقتصادية.
وعليه، وأمام هذه المشاكل المتمثلة في الاستخدام الواسع والضخم للنقود السائلة مقابل الشيكات أو النقود الإلكترونية، وكذلك النقص الحاد في السيولة في البنوك التجارية مع اهتراء العملة الورقية نتيجة السنوات العديدة من الاستخدام المكثف، فإنه يمكن حلها بتطوير أساليب السداد البنكي والتقليل من النقد السائل في المعاملات التجارية...الخ، ومن الطرق المبتكرة لحل هذه المعضلات نجد: نظام التحويل الإلكتروني للأموال، نظام الهاتف المصرفي الذي يتجسد في البنوك الخلوية باعتبارها أحد أشكال البنوك الإلكترونية.
المطلب الأول: التحويل الإلكتروني للأموال.
تعتبر التحويلات المالية ما بين المؤسسات المصرفية والنقدية من أهم العمليات والنشاطات التي ترتكز عليها لتحقيق الأهداف المسطرة من طرف هذه المؤسسات، وتطبيق السياسة المسطرة منها في إطار التعاون المصرفي ما بين هذه المؤسسات.
وبتطوير الوسائط الإلكترونية وأنظمة المعلوماتية وقنوات الاتصالات، أصبحت التحويلات المصرفية الإلكترونية أكثر انتشارا، وذلك راجع إلى السرعة في تنفيذ هذه العقود والثقة ما بين المتعاملين في مجال التحويل المصرفي الذي يعتبر عملية لانقضاء التزام أصلي ناتج عن الدفع الإلكتروني ما بين المشتري الذي يستعمل وسيلة إلكترونية لاقتناء حاجياته من سلع وخدمات.
وإذا كان تعريف التحويل المصرفي يعرف بأنه:" عقد بين الآمر بالتحويل المصرفي والبنك مصدر الحوالة، يلتزم بموجبه البنك بأن يدفع بنفسه أو بواسطة غيره مبلغا من النقود يعادل قيمة الحوالة إلى المستفيد من الحوالة مقابل عمولة متفق عليها"، أو كما عرفه القانون النموذجي للتحويلات الدولية للأموال الصادر عام 1992 عن لجنة التجارة الخارجية التابعة للأمم المتحدة المعروف بـ (UNCITRAL) الذي يعرف التحويل المصرفي بأنه:" مجموعة من العمليات التي تبدأ بأمر الدفع الصادر عن الآمر بهدف وضع قيمة الحوالة تحت تصرف المستفيد". فتعريف التحويل المصرفي الإلكتروني لا يختلف عن التحويل المصرفي العادي سوى بوجود وسائل اتصال إلكترونية تسمح بالقيام بالعملية عن بعد، والتي تتم بعلاقة عقدية بين المؤسسات المالية(17).
ولقد اهتم التشريع والفقه بتعريفه، إذ عرف قانون تحويل الأموال الإلكترونية الأمريكي التحويل المصرفي الإلكتروني بأنه:"عملية تحويل للأموال تبدأ أو تنفذ من خلال وسيلة إلكترونية كالهاتف، الحاسوب أو شريط مغناطيسي بهدف أمر أو توجيه أو تفويض منشأة مالية بإجراء قيد دائن أو مدين في الحساب".
ويضيف القانون فيعرف الاتصال الإلكتروني بأنه:" الرسالة المرسلة إلكترونيا بين العميل والمنشأة المالية بصورة تسمح بعرض ورؤية النص بواسطة وسيلة عرض كشاشة الحاسوب"، ويكاد هذا التعريف يكون التعريف التشريعي الوحيد الموجود لعقد التحويل المصرفي الالكتروني.
ويرى جانب من الفقه أن الوسيلة الإلكترونية المقصودة في التعريف السابق هي الأداة الإلكترونية التي يمكن بواسطتها للعميل إجراء التحويل المصرفي الإلكتروني، ولابد لتلك الوسيلة لكي تعتبر وسيلة إلكترونية أن تكون قادرة على تحرير إيصال مكتوب لكل عملية تحويل مصرفية إلكترونية، وبناءًا عليه يرى بأن الهاتف لا يعتبر وسيلة إلكترونية بالمعنى السابق (18)، وتجدر الإشارة إذن إلى أنه لكي يتم تكييف عقد التحويل المصرفي الإلكتروني كذلك أن يصدر الإيجاب والقبول عن بعد، أي دون تحقيق مجلس العقد الذي يجمع بين الطرفين.
ويمكن الإشارة في هذا المقام إلى أن الأمر رقم 03-11 المتعلق بالنقد والقرض المعدل والمتمم، وباستقراء نصوصه لاسيما المادة 51 منه، والتي تندرج في المحور الثالث الخاص بالعمليات التي يقوم بها بنك الجزائر، والتي تنص على أنه:" يمكن  بنك الجزائر أن يجري كل العمليات المصرفية مع البنوك والمؤسسات المالية العاملة في الجزائر ومع كل بنك مركزي أجنبي.
ولا يمكنه أن يتعامل مع البنوك العاملة بالخارج، إلا في عمليات بالعملات الأجنبية"، وبناءًا على ذلك يمكننا الاستنتاج أن التحويل المصرفي الإلكتروني عملية قانونية منصوص عليها في النظام البنكي الجزائري، وذلك اعتمادا على عبارة:"... كل العمليات ...(Toutes Opération)"  السالفة الذكر، والتي تعتبر قفزة نحو تطوير النظام البنكي الجزائري، وتطوير تقنيات نشاطه ما بين المؤسسات المالية والبنوك.
وفي هذا الصدد نجد أن صور التحويل الإلكتروني تتعدد بتعدد أطرافه أو العناصر المتدخلة لإتمامه، ويمكننا التمييز بين عدة صور، وهذا التعدد راجع إلى عدم وجود نظام أحادي للعملية، وإنما يخضع أساسا لحرية التعاقد(19) التي تتمتع بها المؤسسات البنكية في إطار العقد شريعة المتعاقدين.                                       
ومن أمثلة صور التحويل المصرفي الإلكتروني نجد ما يلي:
1- التحويل المصرفي الإلكتروني بحسب البنوك المتدخلة في العقد:
وهذا الأخير يأخذ شكلين اثنين هما:
‌أ-         التحويل المصرفي بين حسابين في بنك واحد: فيقوم البنك بخصم مبلغ الحوالة من حساب الآمر، وإضافته إلى حساب المستفيد، ويترتب عن ذلك نقص في جانب أصول حساب الآمر ليزيد بنفس القدر في حساب المستفيد مع ثبات مجموع أرصدة البنك، وبالتالي تعتبر عملية بسيطة تتم في لحظة واحدة بدون فارق زمني بين عملية الخصم والإضافة عند استعمال القيد عن طريق الحاسوب، وتجدر الإشارة إلى أن التحويل المصرفي ما بين حسابات لدى فروع البنك الواحد تعتبر حسابات لدى بنك واحد، وذلك لأن الفرع لا يتمتع بشخصية مستقلة.
‌ب-       التحويل المصرفي بين حسابين في بنكين مختلفين: وفي هذه الصورة يقوم بنك الآمر بخصم قيمة الحوالة من حساب الآمر، ويقوم في المقابل بنك المستفيد بقيد قيمة الحوالة في حساب المستفيد، ومن ثم تتم عملية التسوية بين البنكين.
2- التحويل المصرفي الإلكتروني بحسب المستفيد:
نصت في هذا المقام المادة 329 ف1 من القانون التجاري المصري على أن التحويل المصرفي قد يتم من حساب إلى آخر، وكلاهما مفتوح باسم الآمر بالتحويل لدى البنك ذاته أو لدى بنكين مختلفين، كما قد يتم بين حسابين لشخصين مختلفين في ذات البنك أو لدى بنكين مختلفين، ونستخلص مما سبق أن هذه الصورة من التحويل يمكن أن تتم بطريقتين هما:
-        إذا قام الآمر بإجراء التحويل من أحد حساباته لدى البنك إلى حساب آخر في ذات البنك، كأن يقوم بتحويل مبلغ من أحد حساباته الدائنة لتغطية أحد حساباته المدينة لدى ذات البنك، ذلك أن الحسابات المختلفة وإن كانت لشخص واحد فإنها تكون مستقلة عن بعضها البعض، وتجدر الإشارة إلى أنه في هذه الحالة نجد أن أطراف عقد التحويل المصرفي هما اثنان، الآمر وهو ذاته المستفيد من جهة، والبنك من جهة أخرى.
-        تتمثل في التحويل من حساب الآمر إلى حساب المستفيد لدى نفس البنك أو لدى بنك آخر، وفي هذه الحالة يضع بنك الآمر تحت أمر بنك المستفيد (إذا كان التحويل بين بنكين مختلفين) ائتمان بمبلغ يساوي المبلغ المراد نقله، ويقوم هذا الأخير بقيد قيمة الحوالة في حساب المستفيد وبعد ذلك تسوى العلاقة بين البنكين.
ولتفعيل وإنجاح هذه العمليات ذات الأهمية البالغة من الناحية الاقتصادية، والتي تسهل سيولة الأموال، فإنه يمكننا الإشارة على سبيل المثال إلى أحد الأنظمة الأوروبية التي تنشط في هذا المجال، وهو نظام "TARGET".
3- نظام "TARGET" نموذج للتحويل المصرفي الإلكتروني في أوروبا:
هو نظام الدفع مباشرة، أي (En temps réel) الذي يستعمل للتحويلات التي تتم بالأورو، والذي يسير من طرف البنك المركزي الأوروبي "BCE"، ويتشكل من 16 نظام داخلي تابع للدول الأوروبية، وكان الغرض من ذلك هو وضع أرضية موحدة لمعالجة الدفع الخاص بالمبالغ الضخمة بالأورو، وكان يهدف أساسا إلى:
-        منح ميكانيزم فعلي وفعال من أجل دفع المبالغ بالأورو ما بين الدول الأوروبية.
-        وضع همزة وصل ما بين أنظمة الدفع في مجال الاتحاد الأوروبي.
-        تطبيق السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، وترقية السوق المالية بالأورو(20).
ولتفعيل التحويل الأسهل للأموال، سار الاتحاد من أجل المتوسط(21) (UPM) في هذا الاتجاه، ويظهر ذلك من خلال اتحاد مجمعات البنوك الأوروبية والإفريقية التابعة لبعض الدول الأعضاء بهدف تسهيل التحويل المصرفي بينها سواء تعلق الأمر بالتحويلات التي يقوم بها المهاجرين أو المستثمرين بين الشمال والجنوب.


المطلب الثاني: نظام الهاتف الخلوي.
إن عبارة المعاملات البنكية عبر الهاتف النقال هو مصطلح يستخدم لإجراء تسوية الحساب في المعاملات الحسابية، المدفوعات، وطلبات الحصول على الائتمان والمعاملات البنكية الأخرى من خلال جهاز محمول مثل الهاتف النقال أو المساعد الرقمي الشخصي(Personale Digital  Assistant)، ولقد عرضت أولى خدمات البنوك الخلوية عبر الرسائل القصيرة (SMS) من خلال الهواتف النقالة الأولى، ودعم ألنت استخدام البنوك الخلوية في عام 1999.
ولقد كانت البنوك الأوروبية هي أول من استخدم هذا الأسلوب عبر الهاتف النقال في النظام الأساسي لعملائها(22)، وتسمح هذه الطريقة بإجراء مختلف العمليات المصرفية وتسيير الحسابات انطلاقا من الهاتف اللاسلكي (الهاتف الخلوي أو النقال) الذي يمثل أحد الخدمات الإلكترونية التي تتم عن بعد، حيث يقوم البنك بتقديمها لعملائه كجزء من الخدمات الإلكترونية، وبالتالي تمكنهم من إجراء العديد من العمليات المصرفية بواسطة الهاتف الخلوي مثل الاستعلام عن الأرصدة أو طلب دفتر الشيكات أو تحويل من حساب إلى حساب آخر في نفس البنك، وغيرها من الخدمات المصرفية التي يسمح بها البنك، وحتى يستفيد عميل البنك من هذه الخدمة لابد أن يكون جهازه يحتوي على خدمة "GPRS"(23).
أما بالنسبة للجزائر فبعد صدور القانون رقم 2000-03 المؤرخ في 05 أوت 2000 والداعي إلى إصلاح قطاع الاتصال، تميزت المرحلة الموالية له بحدوث بعض التعديلات لاسيما تحول وزارة البريد والمواصلات إلى وزارة البريد وتكنولوجيا الإعلام والاتصال، وانفتاح السوق الجزائرية على الاستثمارات والمنافسة الدولية. هذا وقد نتج عن تلك الإصلاحات عدة تطورات خاصة في الفترة الممتدة من 2001 إلى 2003 التي تم فيها ما يلي:
-        إنشاء سلطة الضبط للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية (ARTP).
-        إنشاء اتصالات الجزائر وهي متعامل الهاتف الثابت.
-        إنشاء اتصالات الجزائر للهاتف النقال فرع موبليس.
-        إنشاء بريد الجزائر والخاص بمختلف المعاملات البريدية.
وكما كان مقرر في برنامج الإصلاح لقطاع الاتصال، فإنه قد تم الفتح التدريجي لكل أجزاء السوق الجزائرية على الاستثمار والمنافسة، حيث نلمس هذا من خلال دخول ثاني متعاملي الهاتف النقال للجزائر والمتمثل في مؤسسة أوراسكوم تيليكوم الجزائر (OTA) تحت الاسم التجاري جيزي (GSM)، وذلك بتاريخ 11 جويلية 2001 وبمبلغ قدره 737 مليون دولار بعد حصولها على ترخيص إقامة شبكة ثانية للهاتف النقال ضمن مساعي الدولة الجزائرية لإلغاء الاحتكار على هذا القطاع، وكان ذلك يوم 31 جويلية 2001 بإطلاقها لأول عروضها لخدمات الهاتف النقال، ليتم بعدها دخول المتعامل التاريخي الأول بالجزائر وهو اتصالات الجزائر للهاتف النقال (ATM) تحت اسمها التجاري"موبيليس"، والتي كانت إطلالتها النهائية في هذا المجال بعد استقلالها عن المؤسسة الوطنية لاتصالات الجزائر في أوت 2003، وبمرور أقل من سنة على دخول (ATM) قام الفرع الكويتي(24) بإدخال متعامله الجديد للسوق الجزائرية، والمتمثل في المؤسسة الوطنية تيليكوم الجزائر (WAT) تحت الاسم التجاري له "نجمة"، حيث كان الدخول الرسمي لها بتاريخ 25 أوت 2004 وهذا بطرحها لمنتوجها نجمة في المدن الكبرى للجزائر.
كان هذا في مجال الهاتف النقال، في حين تم بيع أول رخصة تشغيل للهاتف الثابت في أفريل 2005 الأمر الذي سمح بدخول المتعامل الثاني في هذا المجال وهو شركة أوراسكوم تيليكوم هولدينغ مناصفة مع اتصالات مصر بالاسم التجاري "لكم" .
ونظرا لوعي الجزائر بالتحديات التي يفرضها التطور المذهل الحاصل في تكنولوجيا المعلومات والاتصال، فقد أدى هذا بها إلى مباشرة العديد من الإصلاحات كما سبق الإشارة إليها من خلال القانون رقم 2000-03(25)، الأمر الذي نجم عنه إنشاء سلطة ضبط مستقلة إداريا وماليا ومقسمة إلى قسمين: الأول يتكفل بالنشاطات البريدية والخدمات المالية البريدية، والثاني بالاتصالات السلكية واللاسلكية، بحيث نلمس من بين أهم المهام التي تولتها سلطة الضبط نجد:
-        السهر على وجود منافسة فعلية ومشروعة في سوقي البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وهذا باتخاذ كل التدابير الضرورية لترقية أو استعادة المنافسة في هذين السوقين.
-        إعداد مخطط وطني للترقيم ودراسة طلبات الأرقام ومنحها للمتعاملين.
-        المصادقة على عروض التوصيل البيني المرجعية.
-        منح تراخيص الاستغلال واعتماد تجهيزات البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وتحديد المواصفات والمقاييس الواجب توفرها فيها.
-        الحصول من المتعاملين على كل المعلومات الضرورية للقيام بالمهام المخولة لها.
-        التعاون في إطار مهامها مع السلطات الأخرى أو الهيئات الوطنية والأجنبية ذات الهدف المشترك.
-        إعداد التقارير والإحصاءات العمومية وتقرير سنوي يتضمن وصف نشاطاتها وملخصا لقراراتها وآرائها وتوصياتها مع مراعاة طابع الكتمان وسرية الأعمال، وكذا التقرير المالي والحسابات السنوية وتقرير تسيير الصندوق الخاص بالخدمة العامة.
وعليه وأمام هذه المعطيات التي قدمناه، فإننا نرى أن تطور تقنيات البنوك الخلوية سيسهل ويدعم تطور أساليب وطرق الدفع في السوق الجزائرية، مما سيكون له عظيم الأثر على تحسين خدمات البنوك التجارية الجزائرية، ودفعها إلى الأمام لتطوير المنظومة البنكية الجزائرية التي تعتبر إحدى أعمدة تحقيق وتحريك التنمية الاقتصادية.
هذا فضلا عن الفوائد الكبيرة والكثيرة التي تقدمها البنوك الخلوية للسوق الجزائرية، والمتمثلة في ما يلي:
-        توفر أكثر من 27 مليون مشترك في مختلف الشبكات، مما يعني سوق معتبرة للتجارة الخلوية وأفق كبيرة للبنوك الخلوية(26).
-        توفر هذا العدد من المشتركين يستوجب على البنوك التجارية في الجزائر التفكير الجدي في تبني البنوك الخلوية.
-        اعتماد المتاجر الكبرى هذه التقنيات يسهل عملية البيع.
-        حل مشكلة السيولة التي يعاني منها بريد الجزائر والبنوك التجارية، وذلك من خلال جعل تسديد الفواتير والضرائب والرسوم والمعاملات التجارية البسيطة تتم على الأقل من خلال الهاتف النقال.
-        خفض الاستخدام المكثف للأوراق النقدية، وخفض نسبة اهترائها كل سنة.
-        فتح الآفاق أمام التجارة عبر الهاتف النقال في السوق الجزائرية.
-        ظهور تكنولوجيا حديثة تزيد من حجم وقوة البنوك الخلوية والتجارة الخلوية، وذلك مثل: Iphone، Ipud،...الخ، والتي ستفتح أفق جديدة ومتنوعة(27).
وتماشيا مع تطبيق نظام الهاتف الخلوي كأحد الأساليب المصرفية المتطورة في مجال السداد الإلكتروني في الجزائر، فإننا نوجب توفر مجموعة من الشروط هي:
-        ضرورة الرفع من إجراءات أمن المعلومات والتصدي لظاهرة القرصنة التي تتم على مستوى شبكات الهواتف الخلوية، وحفظ قواعد المعلومات المالية من كل الاختراقات.
-        ضرورة تقوية نطاقات تغطية شبكات الهاتف الخلوي أين تجري العمليات بسهولة أكثر وبدون انقطاع.
-        حصر عمليات البنوك الخلوية في العمليات التجارية، وهذا للتقليل من استخدام النقد والقضاء على مشاكل السيولة.
-        استصدار القوانين والتشريعات التي تسهل عملية البنوك الخلوية في الجزائر.
المطلب الثالث: متطلبات نجاح العمل المصرفي الإلكتروني.
إن البنك الإلكتروني عبارة عن سلسلة من الخدمات المصرفية التي يؤديها البنك إلكترونيا لتسهيل عمليات التجارة الإلكترونية، وتوفير أدوات ووسائل إلكترونية لتسوية هذا النوع من المعاملات، وحتى يؤدي البنك الإلكتروني دوره هذا، فإنه ينبغي أن تتوفر له البيئة الإلكترونية  اللازمة لأداء هذه الخدمة على النحو المرجو، ذلك أن عدم توفر التقنية التكنولوجية الكافية والمتطورة سيعيق البنك عن تطوير إستراتيجية مصرفية قائمة على الخدمة الذاتية للعميل، ويمكن القول بأن متطلبات العمل المصرفي الإلكتروني اللازمة لمواكبة التحول المتزايد نحو الحصول على الخدمة المصرفية الإلكترونية تدور حول ضرورة توافر البيئة الإلكترونية المناسبة(28).
فالبنك الإلكتروني يؤدي خدماته عبر شبكة الإنترنت عن طريق برامج يطرحها على عملائه، وذلك من خلال توفير وسائل مستحدثة لتسوية العمليات التجارية الإلكترونية تتفق مع الطبيعة الإلكترونية لهذه المعاملات(29)، ومن ثم فإن الإدخال الناجح للعمل الإلكتروني إلى القطاع المصرفي يقتضي إنجاز مجموعة من الإجراءات تتناول كافة العناصر السابقة، وهو ما نحاول إيجازه على  النحو التالي:
-        ففي مرحلة أولى ينبغي أن يتوافر لكل من البنك والعميل أجهزة كمبيوتر ومجموعة من البرمجيات تمثل البنية التحتية للاتصالات، مع الصيانة المستمرة للأجهزة والمعدات والتطوير الدائم لملاحقة التطورات المستمرة، وبحيث يتوافق ذلك مع تحديث البيانات لتمكين العملاء من الإطلاع على أحدث العروض التجارية التي تقدمها المشروعات والشركات في هذا المجال.
-        إنجاز المصرف موقعا مدروسا على شبكة الإنترنت (Net Bank) بهدف تعريف أو توسيع معرفة العملاء بخدماته، ثم في مرحلة ثالثة يمكن أن يتطور هذا الموقع إلى موقع لتقديم خدمات مصرفية فورية ومتنوعة، وذلك حتى يستطيع العميل الدخول إلى هذا الموقع من خلال جهاز الكمبيوتر الشخصي الخاص به، والاستفادة من الخدمات المصرفية للبنك الإلكتروني، وفي كل الأحوال يجب على المصرف أن يتخذ كل التدابير التي تكفل أمن العمليات التي تتم عبر الإنترنت، وذلك درءًا أو تقليلا للأخطار الكبيرة التي تترتب على إساءة الاستخدام لشبكة الإنترنت.
-        ثم هناك دور مطلوب من الدولة يتمثل في ضرورة تطوير قطاع الاتصالات، ومساعدة المشروعات والأفراد على الاشتراك في العمل الإلكتروني، وذلك من خلال ضمان استمرار عمل شبكات المعلومات السريعة والمستقرة التي تستطيع نقل البيانات بالصوت والصورة بنفس الوقت وبالجودة العالية، ذلك أن ضعف شبكة الاتصالات وانعدام الأمن للبرامج المطروحة عبر الإنترنت من شأنه أن يعرقل نمو التجارة الإلكترونية، وبالتالي يضعف دور البنوك الإلكترونية(30).
-        يجب على السلطات النقدية في الدولة أن تجد حلولا ناجعة لقضايا أساسية مثل أصول وأشكال منح الائتمان الإلكتروني، وشروط إصدار البطاقات الإلكترونية، وإجراءات الأمن والوقاية والرقابة خاصة فيما يتعلق بمراقبة وضبط مسألة إصدار أو خلق النقود الإلكترونية كأداة لتسوية المعاملات التجارية الالكترونية، والتي يتيحها البنك أو المؤسسة المالية الإلكترونية(31)، وبالإجمال يجب على الدولة أن تعمل على إقامة الإطار التشريعي والتقني المناسب لنمو العمل المصرفي الإلكتروني ولمنع الغش التجاري في التجارة الإلكترونية.
-        ضرورة إلمام العاملين بالبنك بالقوانين والضوابط الرقابية التي تنظم عمليات التجارة الإلكترونية والعمليات المصرفية التي تتم عبر الحدود، كالضوابط المتعلقة بضرورة الحصول على التراخيص وحماية المستهلك، وهو ما يتطلب أن يتوافر لدى البنك الكادر الوظيفي القادر على الإلمام بالتقنيات الفنية والإدارية والقانونية ذات الصلة، كما يجب على البنك أن يعمل على تطوير قدراته الذاتية بما يكفل استيعاب العاملين فيها للتكنولوجيا الحديثة في مجال الاتصالات الإلكترونية من خلال التطوير المستمر لأنشطة التدريب، ويتطلب ذلك من ناحية أخرى العمل على زيادة مستخدمي شبكة الإنترنت من خلال إتباع مجموعة من الإجراءات من بينها خفض تكلفة الاتصال مع الشبكة، وخفض أثمان الحاسب الإلكتروني والأجهزة اللازمة للربط مع الشبكة، مع العمل على سرعة تبادل المعلومات عبر الشبكة.
         أخيرا، فإن استخدام العميل للبنك الإلكتروني وللبرمجيات التي يطرحها على موقعه، يستلزم إبرام عقد بين البنك والعميل من خلال التوقيع على ما يسمى بنظام الممارسة البنكية الإلكترونية، وهو نظام اختياري للتعاقد ويشتمل على عدة معايير لممارسة بنكية صحيحة، وقد يقدم البنك كتيب                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  للعميل يحوي معلومات وضوابط حول العديد من القضايا الخاصة بالتعاملات البنكية الإلكترونية التي تربطه بالعميل، والتي قد تشتمل على:
§       الحقوق والواجبات التي تنتج عن علاقة البنك بالعميل.
§       إجراءات فتح الحساب.
§       واجبات البنك بخصوص ضمان سرية معلومات العميل.
§       نظام إصدار الشيكات الإلكترونية.
§       طريقة معالجة البنك لأي شكوى ترد إليه من العميل.
§       أهمية مبادرة العميل إلى إخبار البنك سريعا إذا ما تعرض لأي أزمة مالية.
§       أهمية قيام العميل بالتعرف على كافة ما يطرحه البنك من خدمات مقدمة للعملاء...الخ.
الخاتمة:
      قد يظهر لنا أن تقنية الدفع الإلكتروني من الناحية السطحية عملية بسيطة، إلا أنه ومن خلال دراستنا لهذا الموضوع المتعلق بأساليب الدفع الإلكتروني المستجدة في مجال المعاملات المالية الرقمية، يمكن الحكم عليها بأنها يمكن أن تساهم وبشكل كبير في القضاء على الكثير من المشاكل التي تؤثر على الاقتصاد العالمي بصفة عامة، والاقتصاد الوطني بصفة خاصة، وهذا كالقضاء على مشكل نقص السيولة الذي تعاني منه الجزائر تحديدا، وكذا التقليل إلى حد كبير من مشكل تزوير العملات النقدية، وذلك باستعمال النقود الإلكترونية، وتحقيقها للسرعة والأمان في المعاملات التجارية، كما يمكنها أن تساهم في إنجاح السياسة الاقتصادية للدولة في إطار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
     واعتمادا على ما سبق دراسته يمكننا أن نتقدم ببعض الاقتراحات نرى فيها أنها يمكن أن تساهم في تطوير وسائل الدفع الرقمي خصوصا في الجزائر، وهذا من أجل مواجهة آثار العولمة في شقيها الاقتصادي، وتتمثل جملة هذه التوصيات في:
·       ضرورة وضع تشريع خاص بالتجارة الإلكترونية بمختلف جوانبه قصد إعطاء ضمانات الاستعمال، خاصة فيما يتعلق بالحماية القانونية للمتعاملين في مجال التجارة الإلكترونية، وعدم الاكتفاء ببعض المواد القانونية في نصوص متفرقة.
·       العمل على تكوين الإطارات في مجال استعمال التكنولوجيا الرقمية في ظل تراخيص الاستثمار المخولة للبنوك الأجنبية التي تنشط في الجزائر.
·       تحسيس المجتمع المدني بأهمية التعامل بهذه الوسائل الحديثة من خلال حملات ودراسات خاصة، وهذا قصد تهيئة البنية التحتية التي تتطور فيها التجارة الإلكترونية.
·       الاستفادة من تقنيات الأمان وبرامج الضمان التي تتطلبها هذه التقنيات، خاصة وأن شركة ميكروسوفت لها وكالة في الجزائر يمكن الاستفادة من خبراتها وتجاربها.
·       تسهيل إجراءات الحصول على بطاقات الدفع، وتوفير إمكانيات تفتح الجميع على الإنترنت قصد تطوير الوعي بهذا النوع من التجارة الذي يعتبر حتمية المستجدات الاقتصادية الراهنة.
·       وضع إطار قانوني يشمل كافة الجوانب المتعلقة بمجال الدفع الإلكتروني من إصدار البطاقة إلى وضع إجراءات ردعية للمخاطر التي تمس بهذه التقنيات التي تجلب المستثمرين الأجانب.
·       يؤدي الأخذ بفكرة المستند الإلكتروني إلى ضرورة القيام بتعديلات في القوانين السارية المفعول في الدول، ويكون ذلك بالتعاون والتنسيق الدوليين في السياسات الجنائية.
الهوامش والمراجع:
(1)- أنظر: زياد سليم رمضان و محفوظ أحمد جورة، الاتجاهات المعاصرة في إدارة البنوك، ط2، دار وائل للنشر والتوزيع، 2003، ص: 18.
(2) -Voir: commission européenne, DG concurrence, intérim report 1: payement card, article 17 régulation 1/2003 04 E-Banking, 12 avril 2006, P: 02. Publié sur: www.wikipedia.org/wiki/ carte de paiement.

(3)- كما عرف البعض بطاقة الائتمان بأنها:" بطاقة تصدر بوساطة مؤسسة مالية باسم أحد الأشخاص، وتقوم تلك البطاقة بوظيفتي... والائتمان ، أي أن حاملها يملك إمكانية تتبع سداد المبالغ التي استخدمها في الاعتماد المفتوح من جانب مصدر البطاقة".
(4)- أنظر: شريف محمد غنام، محفظة النقود الإلكترونية رؤية مستقبلية، دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، 2007، ص: 43.
(5)- أنظر: محمد أمين الرومي، التعاقد الإلكتروني عبر الإنترنت، ط1، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2004، ص- ص: 131-137.
(6)-Voir: Wery Etienne, facture, monnaie, LITEC, Paris, 2003, P: 135.
(7)- أنظر: نادر شعبان و إبراهيم السواح، النقود البلاستيكية وأثر المعاملات الإلكترونية على المراجعة الداخلية في البنوك التجارية، الدار الجامعية، مصر، 2006، ص: 27.
8)) -fonction accréditive de la carte qui inspire d'avantage confiance que le chèque. Voir: Perochon François, entreprise en difficulté instrument de droit et de paiement, L.G.D.J, 4ème édition, Paris, P: 678.
(9)- أنظر: نضال إسماعيل برهم، أحكام عقود التجارة الإلكترونية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، مصر، 2005، ص: 108.
(10) -Voir: CH. Gavalda, J. Stoufflet, droit du crédit, effets de commerce chèque carte de paiement transfert de fonds, Ed. LITEC, 6ème édition, 2006, P: 389.
(11) -le titulaire du compte autorise la banque à débiter de son compte sur le vue des enregistrements ou des relevés transmis par le commerçant, pour le règlement des achats des biens ou des prestations de services, Voir: Jean tin Michel et Paul Le Cannu, droit commercial : instruments de paiement et de crédit, entreprise en difficulté, 5ème édition, DALLOZ, Paris, 1999, P: 130.
(12)- أنظر: حامد عبد العزيز الجمال، التعاقد عبر تقنيات الاتصال الحديثة (دراسة مقارنة)، ط1، دار النهضة العربية، مصر، 2006، ص: 217.
(13)- أنظر: المرسوم التنفيذي رقم 07- 162 المؤرخ في 13 جمادي الأولى عام 1428هـ الموافق لـ 30 مايو سنة 2007، يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي رقم 01- 123 المؤرخ في 15 صفر عام 1422 هـ الموافق لـ 09 مايو سنة 2001، والمتعلق بنظام الاستغلال المطبق على كل نوع من أنواع الشبكات بما فيها اللاسلكية الكهربائية وعلى مختلف خدمات المواصلات السلكية واللاسلكية، الجريدة الرسمية، العدد 37، الصادر في 2007.
- (14)Voir: - Christian Gavalda et Jean Stoufflet, instruments de paiement et de crédit, 5ème édition, LITEC, 2003, P: 445.
- Michel Jean tin et Paul Le Cannu et Thiertry Granier, droit commercial (instruments de paiements et de crédit, titrisation), 7ème édition, DALLOZ, 2005, P: 145.
(15)- أنظر: إبراهيم بختي، التجارة الإلكترونية (مفاهيم واستراتيجيات التطبيق في المؤسسة)، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2008، ص: 41.
(16)- أنظر: محمد المبارك، اقتصاد النقود، منشورات دار الأديب، الجزائر، 2006، ص: 82.
-(17)en 1991, 82% des ménages réglaient leurs factures par chèques, ils n'étaient plus que 75% en 1996, alors que dans le même temps les paiements électronique (carte de crédit ou de débit, virement automatiques ont passés de 18% à 25% en France. Voir: Granier Thierry et Joffeux Corynne, internet et transactions financières, éditions economica, Paris, 2002, P: 26.
         Le taux de bancarisation dans les pays africains est l'un des plus faible au monde, s'il atteint 99% dans certains pays industrialisés, de 50% à 60% au Maghreb, il ne représents qu'entre 3% et 7% dans l'union économique et monétaire ouest africaine (UEMOA). Voir: Abdelaziz Dia, banque pour tous à l'horizon 2020.in www.afriqueblogue.com. Le 16 septembre 2009.   
(18)- لم تعد البنوك تستعمل الرسائل البريدية في تنفيذ الحوالات المصرفية سواء الداخلية منها أو الخارجية، وإنما استبدلت الرسائل البريدية بالرسائل الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت أو شبكة سويفت.
        وفي الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم وسيلتان أساسيتان هما شبكة البنك المركزي الفيدرالي، ونظام الدفع الخاص بغرفة المقاصة في نيويورك المعروف بـ (Chips).
(19)- أنظر: محمد عمر ذوابة ، عقد التحويل المصرفي الإلكتروني (دراسة قانونية مقارنة)، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2006، ص: 23.
(20)- كما توجد العديد من الأنظمة الأوروبية للتحويلات الإلكترونية للأموال، منها نظام (ABE) منذ 1998، والذي يجمع حوالي 160 بنك، و يتمخض عنه نظام (Euro 1)، (Step 1)، (Step 2).
-(21)Voir: Pascal Airault, l'offensive des banques méditerranéennes, jeune Afrique, N° 2479 du 13 au 19 juillet 2008, Tunisie, P: 72.
-(22) Voir: l'ouvrage sur le site: http://en.wikipedia.org/wiki/mbanking.
- (23) Voir: general packet radio service (GPRS).
(24)- أنظر: عبد الحليم عماد الدين، المعاملات المصرفية بواسطة الهواتف النقالة، رسالة ماجستير في القانون الخاص، قسم القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، الأردن، أبريل 2010، ص: 13.
(25)- أنظر: القانون رقم 2000- 03 الصادر بتاريخ 05 أوت 2000 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، الجريدة الرسمية، العدد 48، المؤرخ في 06 أوت 2000.
(26)- أنظر: نادر شعبان إبراهيم السواح، النقود البلاستيكية وأثر المعاملات الالكترونية على المراجعة الداخلية في البنوك التجارية، الدار الجامعية، دون بلد نشر، 2006، ص:124.
(27)- أنظر: عبد المجيد قادري، الوفاء الالكتروني، مجلة العلوم القانونية، العدد 12، جامعة باجي مختار، عنابة، جوان 2008، ص، ص: 168، 169.
(28)- أنظر: عبد الرزاق محمد ذكري، النظام القانوني للبنوك الإلكترونية (المزايا-  التحديات- الآفاق)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الأزاريطة، الإسكندرية، مصر، 2010، ص: 30.
- (29)Voir:M. Abels, le commerce sur l'internet, moyens de paiement et risques afférents, RDAI, N° 03, 1998, P: 349.
- M. Andries, développements récents en matière de monnaie électronique, bull. banque de France, N° 72, déc. 1999, P: 87.
(30)- أنظر: أحمد السعيد شرف الدين، قواعد تكوين العقود الإلكترونية، دراسة في القوانين النموذجية والاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية، بدون ناشر، بدون بلد نشر، 2008، ص: 05.

(31)- أنظر: هبة محمود الطنطاوي الباز، التطورات الحديثة في الصناعة المصرفية وإستراتيجية عمل البنوك في مواجهتها، بدون ناشر، بدون بلد نشر، 2006، ص: 20.
التصنيف :
هام : هذا الموضوع ضمن تصنيفات المدونة زووم العربية نشكرك للمتابعة . يمكنك نقل الموضوع من المدونة لكن بشرط يجب ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي قبل نقل أي موضوعالمرجوا زيارة صفحة الخصوصية
نسخ الرابط
نسخ للمواقع

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمات

المساهمات
contentieux des affaires ( ISSN ) 2508-9293 © 2014-2016