عدم تجديد الرهن واثره على وضعية الدائن المرتهن وعلى
امكانية بيع الاصل التجاري.
باحث بماستر
القانون والممارسة القضائية
كلية الحقوق السويسي
ان قيام الرهن التجاري كرهن صحيح يستلزم توفر مجموعة من
الشروط الموضوعية منها والشكلية. فمن اهم الشروط الشكلية المتطلبة لصحة الرهن
الواقع على الاصل التجاري نجد:
- وجود عقد رهن مكتوب.
- ضرورة تقييد ملخص للرهن بالسجل التجاري.
واذا كان الشرط الاول لا يثير الاشكال فالشرط الثاني
المتعلق بضرورة التقييد يعتريه بعض الغموض .فقد اعتبره المشرع شرط صحة ,
ومنح اجل 15 يوما من يوم تحرير عقد الرهن لتقييد هذا الرهن بالسجل التجاري تحت
طائلة البطلان[1].
وتجب الاشارة ان هذا الاشهار الذي يخضع له الرهن التجاري لا يخضع للنشر في الجرائد[2].
ان هذا التقييد له اهمية قصوى وذلك بالرجوع الى الضمانات
الممنوحة للدائنين المرتهنين بمقتضى ظهير 1914 لمواجهة المدين وذلك بغية جعل هذا الدين اداة
فعالة لانعاش الاقتصاد, فالدائن المرتهن المقيد يتمتع بامتيازات خاصة نذكر منها:
ü
تمتعه بحق الاولوية[3] او الافضلية : الذي يعطي للدائن المرتهن المقيد الحق في استيفاء
ديونه من ثمن الاصل التجاري بعد بيعه بالاسبقية على باقي الدائنين.
ü
حق التتبع: وبمقتضاه يحق للدائن المرتهن تتبع الاصل التجاري الذي وقع عليه الرهن في
كل يد انتقل اليها من اجل ممارسة حقه في استيفاء حقه بالافضلية.
ونظرا لخصوصية رهن الاصل التجاري فان التقييد يترتب فضلا
عن الحقين اعلاه كما يشير الى ذلك – الاستاذ عبد المجيد غميجة- الحق في الاعلام
Droit d’information وذلك بخصوص كل تغيير من شانه ان يضر بالدائن المقيد ويمس بوضعية
الاصل التجاري المرهون..."[4] .
وبعبارة اخرى فالدائن المرتهن المقيد دينه بالسجل
التجاري له الحق في الحصول على دينه بالاسبقة[5] ومقدما[6] على سائر الدائنين العاديين
والتابعين له في القيد اضافة الى حق تتبع انتقال ملكية الاصل التجاري .
الفقرة الاولى : اثر عدم تجديد
الرهن على الدائن المرتهن.
بالرجوع للمادة 137 من مدونة التجارة نجدها تنص على ان
مفعول التقييد الذي يضمن الامتياز للدائن المرتهن ينتهي بمضي 5 سنوات[7] اذا لم يقع تجديده حيت تقوم
كتابة الضبط بعملية تشطيب تلقائي له .
"كما اكد
على ذلك الاجتهاد القضائي في عدة قرارات من بينها القرار الصادر عن استئنافية
البيضاء التي قررت " ان اعادة تقييد الرهن على الاصل التجاري قبل انتهاء
امد خمس سنوات هو اجراء ضروري ولا يمكن ان يتحلل الدائن المرتهن منه
للمحافظة على حقوقه الامتيازية سوى عند تحقيق الامتياز لاثاره القانونية من خلال
عملية بيع الاصل التجاري فعليا..."[8].
|
ان الجزاء المترتب عن عدم تجديد التقييد نص عليه الفصل
28 من ظهير 31-12-1914 الذي جاء فيه : " ان التقييد من شانه ان يحفظ حق
الامتياز لمدة خمس سنين ابتداءا من يوم تاريخه ويبطل اذا لم يجدد التقييد قبل
انتهاء الاجل المذكور..."[9].
والتوجهات القضائية بالمغرب تسير الى اعمال مقتضيات
المادة 137 من مدونة التجارة اعلاه وذلك
في مجموعة من القرارات نذكر منها على وجه الخصوص:
v
القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالبيضاء الذي جاء
فيه:
"صدور حكم
بالبيع الاجمالي للاصل التجاري لفائدة الدائن الامتيازي قبل تنفيذه وكذا صدور
حكم بالافلاس لا يعفي الدائن الامتيازي من ضرورة تجديد تقييد الرهن على الاصل
التجاري قبل خمس سنوات طبقا للفصل 28 من ظهير 21 دجنبر 1914. وجود هذه
الاحكام لا يعفي الدائن المرتهن من التحليل من هذا الاجراء للمحافظة على
امتيازه"[10].
|
v
القرار الصادر بتاريخ 28-03-[11]2006 الذي جاء في حيثياته:
" حيث
انه لئن كان تقييد الرهن يتضمن الامتياز لمدة خمس سنوات تلي التقييد طبقا للمادة
137 من مدونة التجارة فان مفعول هذا التقييد ينتهي بمجر مرور هذه المدة وعدم
القيام بتجديده وعقد الرهن على الاصل التجاري المحتج به في القضية والذي تم تقييده بتاريخ
97-09-17 انقضى بتاريخ 02-09-17 ومشروع التوزيع بالمحاصة تم بتاريخ 04-02-16 اي
في الوقت الذي اصبح فيه الرهن لاغيا وعليه فانه خلافا لما يتمسك به المستانف فان
مفعول رهنه عل الاصل التجاري انتهى ومشروع التوزيع عندما اعتبره دائنا عاديا
يبقى في مواجهته مشروعا قانونيا كما ان الحكم المستانف عندما اعتبر التقييد لاغيا
يكون في محله والمتعيين هو تأييده ورد الاستئناف."
|
v
القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس [12]الذي جاء فيه:
" لا
يمكن للدائن المرتهن ان يتحلل من تجديد القيد للمحافظة على حقوقه الامتيازية
سوى عبر تحقيق الامتياز لاثاره القانونية من خلال عملية بيع الاصل التحاري
فعليا. وانه اذا ثبت ان الداءن الراهن تقدم بدعواه داخل اجل الخمس سنوات عد اساس
الطلب مقبولا ويتعين اقرار الحكم المتعرض عليه القاضي بذلك."
|
وعليه فانطلاقا من المادة 28 من الظهير اعلاه الملغى
وانطلاقا من المادة 137 من مدونة التجارة يمكن الخروج بالاستنتاجات التالية:
اولا: ان التقييد هو اجراء اساسي لا يمكن للدائن التحلل
منه.
ثانيا: ان المحافظة عن حق الامتياز رهين ببقاء التقييد
صالحا.
ثالثا: ان امد الامتياز للتقييد يستمر لمدة خمس سنوات .
رابعا: انه يتعين تجديد التقييد قبل انصرام الاجل تحت
طائلة بطلان التقييد.
خامسا: ان المدين اذا لم يجدد التقييد يبقى دينه دينا
عاديا بدون الاستفادة بحق الاولوية والاسبقية[13]. حيث يشكل الدائنون
العاديون الحلقة الضعيفة في التزاحم عند التعدد على ثمن بيع الاصل التجاري ان لم
يقم المدين بالوفاء بمبلغ الدين في اجل الاستحقاق وياتي هذا الضعف نتيجة لاهمالهم
وتقاعسهم عن طواعية ولعدم اختيار اللجوء الى ضمانات تحمي حقوقهم ...عملا بالفصل
1242 من قانون الالتزامات والعقود.[14]
ومما لا شك فيه ان اهمية القيد تاتي من الدور الذي يلعبه هذا الاخير في ترتيب
حقوق الدائنين المرتهنين على الرهن , وبالتالي لا نرى ان هذه الضمانة تخرج عن
الترتيب الذي وضعه المشرع في بقية الرهون دون نقل الحيازة والذي يعتمد كما نرى على
اسبقية قيد الرهن , وهذه الاسبقية هي التي تقرر وجود حق الافضلية ومداه في هذه
الرهون... حيث يستطيع الدائن المرتهن ان يمارس عليه حق افضلية مطلق بحكم ما له من حق في الحبس فيه وهذا لا
يتيسر الا في الرهن الحيازي [15].
الفقرة الثانية: إمكانية بيع الأصل التجاري في حالة عدم تجديد الرهن
يستعمل الأصل التجاري كأداة ائتمان بالنسبة
لتاجر نظرا لقيمته المالية المهمة، وهكذا فإنه نظرا لما يتم عبه الأصل التجاري
كمؤسسة اقتصادية يجعل فيه وسيلة ائتمان، ومن ثم فإنه يكون أداة ضمان أو رهن
بالنسبة للدائنين المقرضين، وتزداد أهمية هذا النوع من الضمان إلى كون مالك الأصل
التجاري يبقى حائزا ويستمر أصله التجاري
على الرغم من تقديمه كضمان لفائدة أحد الدائنين وقد ساعد على تحقيق هذه الميزة
وجود الأصل التجاري الذي يمكن أن يسجل عليه هذا الرهن كما يسجل الرهن الرسمي في السجل العقاري الذي لا
يشترط فيه حيازة العقار المرهون كذلك.[16]
ولترتيب
الأثر القانوني لهذا النوع من الرهون يتعين شهر هذا الرهن بالسجل التجاري على
اعتبار أن المشرع المغربي ألزم الدائن بذلك بمقتضى المادة 139 من مدونة التجارة.
وقد
أكد القضاء المغربي هذه القاعدة من خلال قرار محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء حيث
إنه من المقرر فقها وقضاءا أن إعادة تقييد الرهن على الأصل التجاري قبل انتهاء أمد
5 سنوات هو إجراء ضروري بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 28 من ظهير 31 دجنبر 1914، ولا يمكن أن يتحلل الدائن
المرتهن منه للمحافظة على حقوقه الامتيازية سوى عند تحقيق الامتياز لآثاره القانونية
من خلال عملية بيع الأصل التجاري فعليا.
وقد
جاء في نفس المادة أعلاه أنه يقوم كاتب الضبط بالتشطيب تلقائيا على التقييد إذا لم
يقع تجديده ومنه نستشف أن تلك الحقوق التي كانت مخولة له تنقضي أو تسقط فمثلا لا
يحق له المطالبة ببيع الأصل التجاري وهو ما يستنتج بمفهوم المخالفة لهذه المجموعة
من القرارات ومنها[17] الصادرة عن المجلس المادة 114 من مدونة التجارة صريحة في أنه يجوز
للبائع وللدائن المرتهن المقيد دينهما على الأصل التجاري أن يحصل أيضا على الأمر
ببيع الأصل التجاري بعد ثمانية أيام من إنذار بالدفع يبقى بدون جدوى، وكانت المادة
122 من نفس المدونة تسمح لهما (البائع والدائن المرتهن) ببيع الأصل التجاري حيثما
وجد، فغن ذلك رهين بوجود أصل تجاري، وبانتقال الأصل التجاري إلى عنوان آخر، كان
على الطالب القيام بإجراءات المادة 111 من المدونة ومتابعة إجراءات تحقيق الرهن
على الأصل التجاري بالعنوان الجديد.
وكذلك
جاء في قرار آخر[18]
صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس أنه يجب تجديد رهنه داخل أجل 5 سنوات وإلا
سقط حقه في طلب بيع الأصل التجاري المرهون وكذا المعدات والذي لم تحترم بشأنه
المقتضيات السابقة يعد في غير محله ويتعين إلغاؤه واعتبار الطعن المقدم ضده مؤسسا.
وطلب
البيع الإجمالي للأصل التجاري لا يمكن تقديمه إلا من طرف الدائن المرتهن المقيد
بالسجل التجاري ولو كان دائنا امتيازيا آخر مثل المكري وذلك بالنظر لصراحة المادة
المذكورة وإذا ما تجلى للدائن المرتهن أن الأصل التجاري لم يعد كافيا لتغطية
الديون المثقلة بالرهن فإن له الخيار في العمل على استصدار حكم بالأداء ضد مدينه المرتهن في سبيل الحصول على سند
تنفيذي يكفل له التنفيذ على باقي ممتلكاته عملا بالقاعدة القائلة أن الذمة المالية
للمدين تشكل الضمان العام للدائنين وفقا للفصل 1241 من ق.ل.ع. إذ أنه لا يوجد نص يحول دون إعمال
هذه المبادئ[19].
وبالرجوع إلى الإشكالية موضوع المناقشة
والمتعلقة بأثر عدم تجديد الرهن على الأصل التجاري يمكننا الخروج بالآتي:
-
أن
حق المطالبة بالبيع رهين بالتقييد بالسجل التجاري.
-
أن
أثر التقييد يظل مستمرا طيلة 5 سنوات ما لم يقع تجديده.
-
أن
الدائن المرتهن يتوجب عليه تجديد تقييده للحفاظ على حقه في المطالبة بيع الأصل
التجاري.
[1] ) وهو ما جاء في المادة
109 من م.ت على انه:
"ينشا الامتياز المترتب عن الرهن, تحت
طائلة البطلان بمجرد قيده في السجل التجاري بطلب من الدائن المرتهن داخل اجل خمسة
عشر يوما تبتدئ من تاريخ العقد المنشئ.
يجب القيام بالاجراء نفسه لدى كتابة ضبط كل محكمة يوجد بدائرتها فرع
يشمله الرهن."
[2] ) تنص المادة 108 من
م.ت في فقرتها الاخيرة على انه:"لا يخضع هذا التقييد للنشر في الجرائد
".
[3] )جاء في الفصل 1243 من
ق.ل.ع " الامتياز حق اولوية يمنحه القانون على اموال المدين لسبب
الدين".
[4] ) ذ: قاسمي صالح و ذ:
البعاج المصطفى,بحث نهاية التدريب المتعلق بالملحقين القضائيين تحث عنوان
"بيع ورهن الاصل التجاري وفق التشريع المغربي" 1996-1995.ص:36.
[5] ) وهو ما نص عليه
المشرع في ظهير الالتزامات والعقود في الفصل1242 الذي جاء فيه :
" الاسباب القانونية للاولوية هي
الامتيازات والرهون وحق الحبس"
[6] ) جاء في الفصل 1244 من
ق.ل.ع على ان:
" الدين الممتاز مقدم على كافة الديون
الاخرى, ولو كانت مضمونة برهون رسمية.
وتتحدد الافضلية بين الدائنين الممتازين على
اساس الانواع المختلفة للامتيازات."
[7] ) بخلاف المشرع الفرنسي
والبلجيكي اللذين حددا مدة عشر سنوات للامتياز مع امكانية تجديد القيد.
[8] )ذ:عبد الرحيم حميد
.مقال حول :"ملاحضات تطبيقية حول بعض جوانب رهن الاصل التجاري في مدونة
التجارة".
[9] ) ذ: قاسمي صالح و ذ:
البعاج المصطفى, نفس المرجع ص:34.
[10] ) قرار 1565 بتاريخ 22
شتنبر 1991- ملف تجاري عدد 134-90.
[11] )القرار رقم 278. ملف
592-2005 , نوع القضية تحقيق الرهن والضمانات.
[12] )القرار رقم 1384
الصادر بتاريخ 15-11-2005. ملف عدد 1134-05.
[13] ) يحتفظ المدين بحقه من
استيفاء دينه كباقي الدائنين العاديين, حيث جاء في الفصل 1241 من ق.ل.ع على ان:
"اموال المدين ضمان عام لدائنيه ويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما
لم توجد بينهم اسباب قانونية للاولوية".
[14] )احمد شكري السباعي,
الوسيط في الاصل التجاري, الجزء الثالث الطبعة الاولى 2013, ص:310-311.
[15] ) ذ: الحبيب خليفة
جبودة, اطروة لنيل الدكتوراه تحت عنوان "رهن المنقولات دون نقل الحيازة"
السنة 1996-1997.ص:302.
[16] - نجار عبد الرحيم، الإجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية،
العدد 8، فبراير 2009، ص 151.
[17] - المجلس الأعلى القرار عدد 939 المؤرخ في
26/06/2002 ملف تجاري عدد 558/13/2002 البنك العربي للمغرب ضد
ورثة محمد اجبارة.
[18] - قرار محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم
" 852" الصادر بتاريخ 25/05/2006 ملف عدد 453-06.
[19] - ملاحظات تطبيقية حول بعض جوانب رهن الأصل
التجاري في مدونة التجارة ، ذ/ عبد الرحيم حميد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق