خصوصيات

قراءة في الهياكل التنظيمية للجماعات على ضوء المنشور الوزاري رقم 43 حول تنظيم ادارات الجماعات


قراءة في الهياكل التنظيمية للجماعات على ضوء المنشور الوزاري رقم 43 حول تنظيم ادارات الجماعات



الأستاذ:  الزكراوي محمد
اطار متصرف وزارة الداخلية
باحث في الشؤون  القانونية الادارية




مقدمة :

عرفت الادارة المغربية مجموعة من الاوراش الاصلاحية . كان الهدف منها تحديث و عصرنه الادارة و تقريبها من المواطن المغربي وبالتالي بلوغ الغاية المثلى. ألا وهي الرفع من جودة التدبير ونجاعة  المردودية وفق حكامة راشدة . الغاية منها  ضمان حسن  التسيير والتدبير , هذا الورش الاصلاحي  شمل كذلك اصلاح الادارة الجماعية من حيث مجال تنظيمها وفق هيكلة جديدة تسمح بتقريب خدماتها للمواطنين . فإقامة ادارة جماعية محلية فعالة لا يمكن ان يتم بعيدا عن الاصلاح الشمولي للأجهزة الادارية على مستوى الوطني , الجهوي تم الاقليمي و المحلي .

 و نظرا للمسؤوليات المتعددة الموكولة للجماعات  و ارتباط مصالحها بمصالح الساكنة المحلية . شرعت مؤخرا وزارة الداخلية باستصدار منشور عدد 43 بتاريخ 28/يونيو / 2016  حول التنظيم الاداري  للجماعات يهدف الى تحديث الهيكلة الادارية الجماعية , وفق مستلزمات الاصلاح الاداري ألمحلي الغرض منه الوصل الى هياكل تنظيمية للجماعات توافقية تشمل اهم المرافق و الاقسام و المصالح المطلوبة , حلم طالما انتظاره

فهل فعلا نجحت الجهة الحكومية المختصة في حل اشكالية وضع هياكل تنظيمية بمواصفات حكماتية . جيدة ؟ .

 ولنفترض ان الوزارة المعنية نجحت في تنزيل مضامين منشورها بوضع هياكل نموذجية  للمؤسسات الجماعية , فما مدى الزامية تطبيق منشورها  و الامتثال له من طرف رؤساء الجماعات .

 في ضل ذلك  نتساءل عن  ماهية  المعايير التي اعتمدتها الوزارة في اقرار تلك النماذج المهيكلة للعمل الاداري للجماعات . وهل تم تنزيل  المنشور وفق ما يتطلبه الدستور المغربي من تفعيل  للمبادئ القائمة على المشاركة و الوضوح  وربط المسؤولية بالمحاسبة

وبوضع وتطبيق هدا المنشور نتساءل هل فعلا انصف المشرع المغربي الادارة الجماعية ؟ التي ظلت  مند الستينات مؤسسة لا ترقى الى اضفاء مصطلح الادارة عليها .

تلكم اسئلة سنحاول الاجابة عنها وفق التصميم التالي :



التصميم



مقدمة

المبحث الاول :  الجماعات قبل صدور المنشور المتعلق بتنظيم اداراتها – الهياكل التنظيمية للجماعات-



المطلب الاول :   معانات الجماعات في ظل غياب رؤى الاصلاح

المطلب الثاني :    مضمون  ميثاق رقم 00/78 ومستجدات قانون رقم 113/14 المتعلق بالجماعات -- اصلاح الى الوراء--



المبحث الثاني :  الادارة الجماعية  في منشور رقم 43 حول التدبير الاداري للجماعات و متطلبات الاصلاح

المطلب الاول  : قراءة في منشور وزير  الداخلية  رقم 43 حول تنظيم ادارات الجماعات



المطلب الثاني : افاق الاصلاح في ظل غياب النصوص الموازية لتفعيل اليات واحكام القانون التنظيمي للجماعات



 



الخاتمة



المبحث الاول : الجماعات قبل صدور المنشور المتعلق بتنظيم اداراتها – الهياكل التنظيمية للجماعات-

نظرا لأهمية تدبير السياسات العمومية على المستوى المحلي و من اجل ضمان فعالية ناجعة بخصوص تنفيذ هذه السياسات ،اصدرت مؤخرا وزارة الداخلية  منشورا يهدف الى الارتقاء بالمؤسسة الجماعية بوضع هياكل ادارية  تنظيمية  ضابطة لمهامها .

فهل نجحت الجهة الحكومية المختصة في تحقيق ذلك ؟ سؤال نجيب عنه بعد توطئة وجيزة نخصصها لواقع الادارة الجماعية قبل  صدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية وذلك وفق المطلب الاتي ذكره.



المطلب الاول :   معاناة الإدارة الجماعية في ظل غياب رؤى الاصلاح

في الواقع وقبل الحديث عن الادارة الجماعية ,اعتذر على استعمال مصطلح الادارة الجماعية . لأنه وبكل وضوح لم تعرف المؤسسة الجماعية مفهوما للإدارة بمفهومها الحديث , اللهم في اشارات  عابرة و مشتتة عبر ندوات او مراسلات او ما شابه ذلك .لكن كتنظيم اداري محكم وفق ضوابط قانونية  نشك  في ذلك . باعتبار ان الحديث عن ادارة جماعية يستوجب احداث  هياكل ادارية و تنظيمية مؤطرة بنصوص و مراسيم  معترف بها من الجهة صاحبة الولاية العامة في ذلك . وفي غياب ذلك يمكن الجزم بالقول ان المغرب لم تكن به ادارة جماعية  محلية كما كان يطلق عليها سابقا, وذلك بإجماع جميع العارفين بواقع تدبير الشأن المحلي العام .

و الحقيقة اننا لا ننفي , كون المغرب عرف اصلاحات طفيفة  شملت موضوع تدبير اللامركزية الادارية كمشروع اداري جسد رغبة المشرع المغربي  في تخفيف حدة عمل الادارات المركزية و تحقيق تنمية محلية متناغمة و متناسقة بين ما هو محلي ووطني , فمنذ مطلع الستينات و المشرع المغربي يتطلع الى إيجاد حل للإشكاليات المتعلقة برسم و تنفيذ السياسات العمومية ,حيث بدت ملامح التفكير في اعادة توزيع الاختصاصات و المهام عبر الية الوحدات الترابية التي اصبحت  ضرورة لا مناص منها , رغم كون الحديث عن تجربة الوحدات الترابية لم يتطور بشكل ملموس إلا بعد صدور الميثاق الجماعي لسنة 30 شتنبر 1976 . وان كان هدا الاخير ولد محتشما حيث جاء مقتضبا من حيث نطاق مضمونه و اهدافه  على اعتبار ان الميثاق السالف الذكر لم يكرس مفهوم للإدارة الجماعية كإدارة تستجمع كل مقومات العمل اللإداري المحلي .لذا كان العديد من المهتمين و فقهاء القانون الاداري و حتى على مستوى العمل الأكاديمي يعتبرونها الجهاز القاصر الذي كان من الضروري  ان يخضع لوصاية الوزارة الوصية على القطاع في شخص وزارة الداخلية و هو ما كان  يعرف بأسلوب الوصاية الادارية سابقا  .

وبالفعل نتفق مع اولئك في وصفهم لها بذلك اذ  كيف نتحدث عن ادارة جماعية تفتقد لهياكل ادارية  تسلسلية  بالمفهوم التراتبية الادارية في تدبير الحقل الاداري الجماعي و بخاصة  للعاملين بها .

فالإدارة المركزية  في تلك الحقبة  تولت امر الولاية في الاختصاص  و ممارسة المهام عبر ممثليها في الوحدات الترابية  ¸وفي اعتقادنا ذلك مرده الى مجموعة من الاعتبارات منها ما هو سياسي اداري و امني بالدرجة الاولى  . فبناء الادارة الجماعية امر كان شبه مستحيل , فغياب الارادة السياسية  لتفعيلها في وقت مبكر اثر بشكل كبير في مردوديتها و في طرق عمل المؤسسة الجماعية .وان صح القول منا فجل قراراتها كانت مشوبة بالشطط و تجاوز السلطة وهذا يتضح جليا في احكام و قرارات المحاكم الادارية, اما لسبب عيب في الشكل او الاختصاص او عدم ارتكازها على سند قانوني . فالمنطق يقتضي و جود ادارة تعتمد معايير الجودة و الانتاجية و المرد ودية .و في غياب تنظيم لها ظلت فكرة ترويج مصطلح الادارة سابقا وهما يشاع له لامتصاص عيوب الادارة المحلية في تلك الفترة .



المطلب الثاني :    مضمون  ميثاق رقم 00/78- اصلاح الى الوراء – ومستجدات القانون التنظيمي رقم 113/14

باستقراء مضامين الميثاق الجماعي رقم 00/78 ¸لسنة 2002 و الذي تم تتميمه و تعديله بموجب قانون    08/17   لسنة 2009 . يتضح للقارئ مدى ضبابية مضامينه . فالعبارات المشار اليها فيه  لم تتضمن هي الاخرى مصطلح الادارة الجماعية .و النتيجة مرة اخرى اصلاح  الى الوراء. يعكس خلفية المشرع المغرب في تكريس الوضعية الهشة للإدارة الجماعية وبالتالي انعكاسها سلبا على وضعية الموظف الجماعي بها.

ومع صدور القوانين التنظيمية للجماعات الترابية , اعتقد الجميع انه ان الاوان للارتقاء بالإدارة الجماعية في مصاف مثيلاتها من الادارات العمومية , خصوصا وان المقتضيات الدستورية الجيدة اعطت للجماعات الترابية مكانة الصدارة بغية تنزيل ورش الجهوية المتقدمة , فدستور 2011 خص لهده الاخيرة باب خاص لها  بعنوان الجماعات الترابية , مما يوحي  للمهتمين اننا بصدد ولادة جماعات ذات تنظيم محكم يتماشى و الاهداف المسطرة والمنتظرة من لامركزية متقدمة . عبر وضع هياكل تنظيمية لها .لأجل ضمان السير العادي لها و بالتالي تيسير مهمة تنفيذ قرارات ومقررات المجالس الجماعية.

وهكذا جاء القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات و المقاطعات تحت رقم  14/113   هو الاخر مقتضبا في احكامه  ارتبط تطبيقه بكثرة الاحالات اما على نصوص تنظيمية او مراسيم حيث يتجلى ذلك بوضوح من خلال مضامين  بنوده  نورد منها على سبيل المثال لا الحصر المواد التالية:

و بعد استقراء مضامين هده البنود , يتجلى واضحا ان القانون التنظيمي للجماعات  رقم14 /113 اشار و لأول مرة الى مصطلح الادارة الجماعية . وهدا امر ايجابي لحد ما اذ ان من محاسنه انه  يروم  الى  ادراج المؤسسة الجماعية في منظومة  الادارات العمومية .

لكن هل القانون التنظيمي السالف الذكر  كان  كفيلا  لرد  الاعتبار  للمؤسسة الجماعية ؟ نجيب على دالك بقولنا كثرة الاحالات  المنصوص عليها  باللجوء الى نصوص تنظيمية ومراسيم و اخرى في شكل قرارات  يستشف منها ضبابية وغياب تصور عام بغياب الارادة الفعلية في تفعيل بنود القوانين التنظيمية  , اذ ان اكثر من 33  نصا تنظيميا لم يتم الافراج عنها اللهم في الآونة الاخيرة التي شهدت ميلاد بعضها . ولم تكن تخص ما هو اهم في تلك النصوص. آلا وهو التنظيم الهيكلي و الاداري للجماعات. الى  جانب غياب اي حديث عن النظام الاساسي لموظفيها  على شاكلة الانظمة الاساسية لباقي موظفي و اطر  الادارات العمومية الاخرى . فالموظف الجماعي ظل  ولفترات  طويلة حبيس عنق الزجاجة.  تحكمه مراجع قانونية فارغة من محتواها . ذلك  ان مرسوم 1977 بمثابة النظام الاساسي لموظفي الجماعات لم يعد يساير مجموع التغيرات التي شهدها  صرح اللامركزية من حيث  المرتكزات و  نطاق توسيع اختصاصاتها بدخول تجربة ورش الجهوية المتقدمة. الامر الذي  استدعي او يستدعي بداية التفكير في اعادة النظر في هياكل الادارات الجماعية لمسايرة ركب التحولات التي شهدتها بلادنا في السنوات الاخيرة عبر تطوير اصلاح مسلسل اللامركزية بالبلاد.



المبحث الثاني :  الادارة الجماعية  في منشور رقم 43 حول التدبير الاداري للجماعات و متطلبات الاصلاح



بالرجوع الى منشور وزير الداخلية عدد 43 بتاريخ 28 يوليو 2016 بشأن تنظيم إدارات ألجماعات وبعد استقراء مضمونه , يتضح جليا ان الاهداف المسطرة به هو تمكين رؤساء مجالس الجماعات من تنفيذ السياسات العمومية المرسومة من طرف مجالس الجماعات و السند في دالك بحسب ما اشار اليه المرسوم يجد وعاؤه فيما نصت عليه المادة 94  من القانون التنظيمي رقم 14/113 المتعلق بالجماعات على ان المقرر القاضي بتنظيم ادارة الجماعات و تحديد اختصاصاتها يكون قابلا للتنفيذ بعد التأشير عليه من السيد العمل وعلى هدا الاساس يحدد هدا المنشور معايير و نماذج الهياكل التنظيمية للإدارات الجماعات و التي يقترح للاستئناس اخدها بعين الاعتبار عند تداول المجالس الجماعية بخصوص تنظيم ادارات الجماعات و تحديد اختصاصاتها وكذلك الاعتماد عليها من طرف السادة عمال  العمالات و الاقاليم عند التأشير على مقررات مجالس الجماعات وفق مقتضيات المادة 118 من القانون التنظيمي للجماعات .

وفعلا تم وضع نمادج تنظيمية بغية تمكين الجماعات من التوفر على ادارة جديدة من شانها توفير اطار ملائم للقيام بجميع المهام المنوطة بها بفعالية و نجاعة مع الآخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جماعة على حده .

وظاهر المنشور يفيد ان بان تحديد الهياكل الادارية للجماعات تم وفق معايير كان اهمها  معيار عدد سكان الجماعة وفق اخر احصاء رسمي وذلك وفق  الشكل التالي :

1 – الجماعات التي يفوق عدد سكانها 250 الف نسمة تتوفر على ما يلي :

-        مدير عام للمصالح

-        رئيس الديوان

-        اربعة مستشارين بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات

-        مكلف بمهمة

-        عشرة اقسام

-        اربعون مصلحة

-        2 -  الجماعات التي يتراوح عدد سكانها مابين 100.001 و 250

-        الف نسمة تتوفر على :

-        

-        مدير عام للمصالح او مدير المصالح

-        ستة اقسام

-        عشرون مصلحة

-        

3 -  الجماعات التي يتراوح عد سكانها ما بين 15.001 و100 الف نسمة



-        مدير عام للمصالح او مدير المصالح

-        ثلاثة اقسام

-        اثنى عشرة مصلحة

-        4 – الجماعات التي يقل او يساوي عدد سكانها 15 الف نسمة

-        

-        مدير المصالح

-        ثلاثة مصالح

-        

وهكذا وبعد هده الاشارة  التي خصصناها لدراسة مضمون  المنشور الوزاري  , نتساءل الى اي حد استطاعت الجهة الحكومية المختصة تنزيل منشور الهياكل التنظيمية للإدارات الجماعية وفق ما تمليه ضرورة الحكامة الادارية و متطلبات التنمية المحلية .

تساؤلات سنخوض فيها للحديث عن مكامن  ضعف و ايجابيات تطبيق المنشور و ذلك في محاولة منا لبسط النقائص التي تشوب تطبيق الهياكل التنظيمية .انطلاقا من واقع الادارة الجماعية و من خلال تجربتنا العملية في هدا الميدان .


دراسة تحليلية للمنشور: 

في محاولة منا استقراء مضامين المنشور و ابراز اهم الاختلالات  القانونية و العملية  التي تشوبه . نشير الى اقتصارنا و تركيزنا على الهيكل التنظيمي للجماعات التي يتراوح عدد سكانها ما بين 100 الف و 250 الف نسمة كنموذج للتحليل ,وفق ما جاء بالمنشور الانف الذكر , وذلك لكون معظم الجماعات في المغرب تحتوي  على عدد السكان المشار ايه اعلاه . إلا ان ذلك لا يعفينا من العبور على مضامين الهياكل التنظيمية  الاخرى ولو بشكل وجيز. و هكذا نشير انه .


من حيث الشكل :


الواقع و ما عهد ناه من خلال تجربتنا العملية و القانونية , ان الجهة صاحبة الاختصاص في الدراسات القانونية و الاعمال التحضيرية لها , تنبع من الاقسام او المديريات القانونية .و الحال انه وبعد ملاحظة شكل المنشور يتبين للقارئ و بشكل جلي .ان الجهة المشرفة على استصدار المنشور تم من طرف مديرية المالية المحلية التابعة للمديرية العامة للجماعات المحلية , وكان من الاجدر صدور منشور تنظيم ادارات الجماعات عن مديرية الشؤون القانونية باعتبارها صاحبة الولاية في هذا الشأن .لما لها من اطر قانونية ودراية في وضع القرارات و المناشير وكدلك الدوريات و المذكرات ألوزارية مما يجعلنا نتساءل  مرة اخرى عن مغزى و اهداف المنشور , فتحديد عدد الاقسام و المصالح بالإدارة الجماعية  وبشكل حصري .يحيل بنا الى لمس اعتبارات الوضع المادي و المالي في المنشور .

هذا من جهة , و من جهة اخرى وتفعيلا لمبدأ المقاربة التشاركية و تحديد المسؤوليات , كان  من الافضل على الجهة الحكومية المختصة ان تعمل على صياغة المنشور بشراكة مع وزارة الوظيفة العمومية ووزارة المالية حتى تكون الصياغة تامة و متناغمة لان الموظف الجماعي هو الاخر تحكمه مقتضيات النصوص المنظمة للوظيفة العمومية مثله مثل سائر موظفي الدولة .

فغياب  اشراك المهتمين و العاملين في الادارة الجماعية من موظفين و اطر عليا في صياغة المنشور .و بالتالي غياب تجسيد اهم المبادئ التي جاء بها الدستور المغربي على ارض الواقع  حيث كان على الجهة المختصة اشراك جميع الفئات ذات الاهتمام لما لهم من دراية ميدانية و ما يتطلبه نجاح العمل الاداري لهده الجماعات و بالتالي ضمان السير العادي لها .

اما من حيث الزامية المنشور فهذا يطرح اكثر من اشكالية من حيث مجال تنفيذه و تنزيله وفقا لمتطلبات التنمية و تقريب الادارة من المواطن  , ذلك ان احكام المنشور توحي الى ان طريقة تنزيله  تخضع  لتقدير السلطة الادارية لمجالس الجماعات على اعتبار ان المنشور السالف الذكر فقط يمهد لخارطة طريق بقصد الاستئناس مما يفرغه من محتواه . خصوصا وان واقع رؤساء و نخب الساكنة المحلية ينم عن ضعف تكوينهم في هذا المجال و بالتالي يصعب عليهم تحديد افاق الادارة الجماعية وفق حاجياتها ,لذلك كان املنا ان يتم احاطة المنشور بمزيد من الضوابط الفعالة و الحكماتية في وضع تصور الادارة الجماعية وفق حاجياتها ضمانا لسيرها العادي .  

ان توزيع الاقسام و المصالح بحسب ما جاء به المنشور لا يتماشى وواقع الجهاز الاداري الجماعي . فإدراج  الادارة الجبائية بداخل قسم الشؤون المالية تحث اسم مصلحة الشؤون المالية يثير اكثر من اشكالية  من الناحية العملية والقانونية . دالك ان الادارة الجبائية و حدها تشكل قسم تتفرع عنه ثلاث مصالح و هي مصلحة الوعاء ومصلحة المنازعات وأخيرا مصلحة التحصيل . وهنا يطرح الاشكال نفسه حينما عمد المنشور على ادراجها كمصلحة بقسم الشؤون المالية , خصوصا وان القانون المنظم للجبايات المحلية رقم 06/47 يتحدث و بشكل واضح عن ادارة جبائية وعن تحفيز للعاملين بها .

وما قيل عن الجبايات المحلية  يقال كذلك  عن قسم الممتلكات الجماعية بإلحاقه كمصلحة بقسم التعمير اذ كان حريا على الجهة المختصة ان تعمل على الحاقه بالقسم المالي لما تشكله الممتلكات كمنبع مالي مهم لموارد الجماعات .

و بخصوص القسم الاقتصادي ومن خلال استقراء الهيكل التنظيمي للجماعات كان من الافضل الحاقه بقسم الشؤون القانونية و الادارية , كمصلحة الى جانب مصلحة الشرطة الادارية

تلكم و بصفة مختصرة اهم الملاحظات من حيث شكل المنشور , و اعتذر لكوني ركزت في تحليلي بخصوص توزيع الادوار بين الاقسام و المصالح على نموذج الجماعات التي يتراوح عدد سكانها من 1000 الف الى 250 الف نسمة .نظرا لكون تحليل باقي النماذج الاخرى يتطلب وقتا طويلا , كمان  ان التطرق اليها ليس له من الاهمية بما كان طالما ان المنشور يشير في كنهه انه جاء للاستئناس  به اثناء تداول المجالس الجماعية بخصوص تنظيميها الاداري و اختصاصاتها وفق مقتضيات المادة 118 من القانون رقم 113/14.


من حيث المضمون

ان ضرورة  توفر الجماعات المحلية على ادارة ناجحة واطر ذات كفاءة عالية يبقى امرا لا محيد عنه  حتى تكون قادرة على مجابهة جميع الاشكالات المتعلقة بتنفيذ السياسات العمومية التي نواجه الادارة الجماعية , سوءا تعلق الامر في مجال وضع برامج الاعمال او تنفيذها بشكل متناغم ومخططات الدولة على المستوى الوطني . وحتى يتأتى ذلك كان لازما على الجهة الحكومية المختصة ان تعمل على وضع انظمة قانونية و تشريعات متكاملة تهدف الى تطوير فلسفة و ادوات الادارة المحلية في اتجاه تكريس مبدأي المبادرة الحرة و ربط المسؤولية بالمحاسبة

وبعد هذه التوطئة الوجيزة . نستدرك كتابة مقالنا هذا بطرح السؤال التالي :

 هل راعت  الجهة المختصة باعتمادها المنشور المتعلق بالتنظيم الاداري للجماعات شروط و متطلبات العمل الوظيفي داخل الجماعات الترابية ؟

جوابنا في ذالك و ارتكازا  على فحوى و مضمون المنشور الوزاري . يمكن الجزم بان المنشور المتعلق بوضع الهياكل التنظيمية للجماعات كرس و الى حد ما نفس الوضعية التي كانت تعيشها الادارة الجماعية . بتركه زمام تفعيل المنشور وفق ما تراه الجماعات من امكانية تغييره يعطي صلاحيات واسعة لرؤساء الجماعات في ادماج المصالح و الحاقها بأخرى .وهدا امر نراه غير محمود بحيث مرة اخرى يكرس جو اللامسؤولية , خصوصا وان معظم الجماعات الترابية تتوفر على مجالس و نخب غير مؤهلة لا ثقافيا و لا من الناحية العلمية . مما يصعب معه تحديد الرؤى بشكل صحيح يراعي مبدأ الكفاءة و المر دودية ,

فبالرغم من المجهودات المبذولة في اصلاح ورش الادارة الجماعية كما و نوعا فالحاجة مازالت ماسة لتدارك الثغرات و الانزلاقات . ذلك انه كان بالأولى على الجهة المختصة وقبل تنزيل المنشور ان تعمل على سن نظام خاص بالموظفين العاملين بالإدارة الجماعية يراعى فيه اكراهات و اشكاليات الوظيفة الجماعية وتحفيز العاملين بها مع ايجاد ضمانات فعلية للموظف الجماعي في مواجهة شطط  رؤساء المجالس الجماعية اذ لم نقل المجالس الترابية بصفة عامة .

هدا من جهة .و من جهة اخرى كان لازما  وقبل تنزيل و اعداد الهياكل التنظيمية للجماعات ان تعمل الوزارة المعنية على اعداد نظام تحفيزي للتعويضات لفائدة الموظف الجماعي على شاكلة باقي الادارات العمومية بدلا من ترك اقتسام دالك بين من لهم ولاءات من طرف رؤساء المجالس .فواقع الجماعات الترابية لا يخفى على احد. فازدواجية المهام بين ماهو سياسي و اداري . يضعف  مركز  الموظف الجماعي في تطبيق القانون و احترام المساطر. تلبية  لرغبات ونزوات اعضاء المجالس الدين في اخر المطاف يضلون المستفيد الاكبر وان كان دالك على حساب الموظف الجماعي او حتى خارج دائرة القوانين.


المطلب الثاني : افاق اصلاح الادارة  الجماعية في ظل غياب النصوص الموازية لتفعيل اليات واحكام القانون التنظيمي للجماعات


ان الادارة الجماعية لا تقاس مردوديتها بإمكانياتها المادية ولا بقدراتها البشرية .و انما بكفاءة موظفيها وتكوينهم بهدف الرفع من الانتاجية الادارية وتحسين جودة خدماتها , ومراعاة مبدأ التخصص في اسناد المهام و الوظائف , كما ان اعطاء الوظيفة العمومية الجماعية المستوى الذي تفرضه المسؤوليات تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة  يستوجب اتخاد مجموعة من التدابير الناجعة و الاصلاحات في تنظيم حركية الموظفين الجماعيين على المستوى الجغرافي و الوظيفي وسن نظام خاص للتعويضات لفائدة موظفي ادارة الجماعات الترابية . و هذه هي الحلقة المفقودة في كل مشاريع الاصلاح السابقة سواء تعلق الامر بالميثاق الجماعي لسنة 1976 مرورا بميثاق 00/78 ووصولا الى القوانين التنظيمية للجماعات الترابية.  هذا وان معظم الدراسات التي همت مجال الادارة الجماعية تتفق جميعا على ضرورة ترشيد و عقلنة الاستعمال الامثل لمواردها البشرية و ذلك بضرورة اعادة النظر في الادارة الجماعية و هياكلها التنظيمية , فإقامة ادارات جماعية فعالة لا يمكن ان يتم إلا بإيجاد هياكل تنظيمية قانونية يراعى فيها خصوصيات ومستوى وحجم سكانها تبعا لحاجياتها الواقعية .

وقد شكل هذا الاصلاح الموضوع الرئيسي الذي تطرقت له خطب صاحب الجلالة المغفور له بغية تحقيق ملائمة مستمرة لهياكل الادارة الجماعية و مهامها, بحيث اصبح لازما على المشرع المغربي تبني خطة هرمية وتنظيم اداري فعال يتماشى و خصوصيات الجماعات الترابية .

وللإشارة ان مسعى تخليق الادارة الجماعية و ضرورة احداث  هياكل تنظيمية  للإدارة الجماعية كان من بين التوصيات التي نادت بها المناظرات الوطنية للجماعات المحلية سابقا . ادارات الدولة .

وخلاصة القول ان غياب النصوص الموازية لتفعيل نجاح المنشور الوزاري المتعلق بوضع اطار اداري قانوني تنظيمي للجماعات يكرس نفس الاتجاهات السابقة على مستوى الاصلاح الاداري للجماعات .ذالك انه كان من الاجدر على الجهة الوزارية  المعنية ان لا تعمل على اخراج المنشور الى حيز الوجود إلا بعد استصحابه بمجمع النصوص التنظيمية  و المراسيم المتعلقة بتدبير الادارة المحلية . سواء تعلق الامر بمرسوم  صرف تعويضات رؤساء الاقسام و المصالح للعاملين بالإدارة  الجماعية او حول كيفية اقتراح وولوج المناصب العليا للإدارة  الجماعية. بما في ذالك مناصب المسؤولية وطرق تدبيرها .



الخاتمة

نختتم مقالنا هذا . بقولنا ان الاصلاح الناجح للإدارة الجماعية بالمغرب يستوجب تضافر الجهود  . وان ذالك لا يمكن تحقيقه بعيدا عن تفعيل المقاربة التشاركية في تشخيص الواقع العملي للجماعات . هذا الواقع الذي يجمع بين العمل الاداري و السياسي في ان واحد . جعل من الادارة الجماعية مرتعا و مزرعة لرؤساء الجماعات يدبرون فيه الحياة العملية و الادارية لموظفين و اطر من حاملي الشواهد العليا و الدراسات المعمقة .في اتجاه تكريس اللامبالاة و الغوغائية في التدبير.  في غياب تام لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة  .


فكيف  لنا ان نتحدث عن مشروع اصلاح وضبط الادارة الجماعية في  ايطار  تفعيل الية التدبير الحر ونحن مازلنا نفتقد الى الاليات القانونية الموازية والتي في نظرنا نراها ضرورية لتفعيل مضامين المنشور و تنزيله خصوصا وإننا و في كثير من الاحيان نصطدم ببعض النخب المحلية لا تتوفر على الكفاءة اللازمة في تدبير قضايا تدبير الشأن المحلي فبالأحرى احترام مبدأ التخصص في اعادة انتشار موظفيها بحسب متطلبات الهيكل التنظيمية للإدارة الجماعية ووفق مبدأي المساواة و تكافؤ الفرص .؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق