قراءة في القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط
الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات
والعمال المنزليين.
عدنان
بوشان
باحث في العلوم
القانونية
تقديم:
بعد مرور ثلاثة
عشرة سنة من الانتظار خرج إلى العلن مؤخرا القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط
التشغيل والشغل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، بناء على ما جاء بالمادة
الرابعة من مدونة الشغل، وقد جاء هذا القانون في 27 مادة موزعة على خمسة أبواب.
إن خروج هذا
القانون إلى حيز الوجود ليكتسي أهمية كبرى، خاصة في ظل الوضعية التي تعرفها بعض
العاملات و العمال المنزليين دون السن القانوني للتشغيل، والذين غالبا ما يستثنون
من تطبيق أحكام مدونة الشغل كعاملات المنازل وعمال البستنة والحراسة وشؤون البيت،
الأمر الذي بات يفرض ليس فقط التدخل التشريعي بل ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التزامات
المغرب الدولية باعتباره مصادقا على كل من الاتفاقية الدولية رقم 182 بشأن حظر
أسوء أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، والاتفاقية رقم 138 بشأن
الحد الأدنى لسن الاستخدام، فهل فعلا أخد هذا القانون في الاعتبار هذين الوضعين؟
هو تساؤل سنحاول الإجابة عنه من خلال اتباع التقسيم الذي اعتمده القانون نفسه في
قراءة بسيطة لهذا القانون.
المحور الأول: أحكام عامة
المحور الثاني: شروط التشغيل والشغل
المحور الثالث: المراقبة والعقوبات
المحور الأول: أحكام عامة
لقد تطرق
القانون رقم 19.12 في الباب الأول منه إلى تحديد تعريف لأطراف العلاقة الشغلية،
وموضوع هذه العلاقة وذلك حتى يسهل تحديد مجال تطبيق هذا القانون، فما المقصود بكل
من العاملة أو العامل المنزلي و المشغلة أو المشغل وما هي الفئات التي تخضع لنطاق
تطبيق هذا القانون والفئات التي تستثنى من الخضوع لأحكامه ؟.
أولا: التعاريف
إن أول ما يحسب
لهذا القانون استخدامه مصطلح "العاملة أو العامل المنزلي" بصيغة المؤنث والمذكر في نفس الوقت، عوضا عن
مصطلح "خدم البيوت" الذي استخدمه مشرع مدونة الشغل في المادة الرابعة،
والذي لاقى انتقادا من طرف البعض لما يشكله من تعبير عن استعباد الإنسان لأخيه
الإنسان، هذا وقد عرفت الاتفاقية الدولية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال
المنزليين، العامل المنزلي بالقول "أي شخص مستخدم في العمل المنزلي في
إطار علاقة استخدام"، كما اعتبرت الاتفاقية أنه لا يعتبر عاملا منزليا
الشخص الذي يؤدي عملا منزليا من حين إلى آخر، أو على نحو متقطع فهل كان للقانون
رقم 19.12 نفس التوجه في تحديد تعريف للعاملات و العمال المنزليين؟.
حاول هذا القانون من خلال المادة الأولى منه أن
يسير في نفس اتجاه المعايير الدولية، فأعطى تعريفا للعاملة أو العامل المنزلي
مفاده أن العاملة أو العامل المنزلي هو " الذي يقوم بصفة دائمة واعتيادية
مقابل أجر، بإنجاز أشغال مرتبطة بالبيت أو بالأسرة كما هي محددة في المادة 2 من
هذا القانون سواء عند مشغل واحد أو أكثر"، وهو ما يفيد أن عمل العامل
المنزلي ينبغي أن يكون متصفا بوصفي الدوام والاعتياد، وإذا كان مصطلح الدوام يفيد
الاستمرارية فإن مصطلح الاعتياد يفيد تكرار العمل ولو بشكل متقطع، وذلك حتى لا
يدخل في حظيرة العمال المنزليين، الأشخاص الذين يقومون بأعمال مؤقتة التي يستغرق
شغلها بضع ساعات في الشهر.
كما وقف هذا
القانون على تعريف المشغلة أو المشغل وقد أحسن المشرع باعتماده لهذا المصطلح بدلا
من مصطلح "صاحب البيت" الذي عبر عنه هذا القانون في صيغته
كمشروع، بل زاد حسنا بتعبيره بصيغة المؤنث عن طرفي العلاقة الشغلية، وقد تم تعريف
المشغلة أو المشغل بكونه "كل شخص ذاتي يستأجر عمل عاملة أو عامل منزلي
لإنجاز الأشغال المنصوص عليها في المادة 2 أو أحدها"، ويؤخذ على هذا
التعريف استخدامه لمصطلحات مدنية من قبيل "الاستئجار"
و"الإنجاز" وحبذا لو تم استخدام مصطلحات مثل "الإشتغال" و
"أداء".
وقد أضاف هذا
القانون عن ما كان مضمنا فيه كمشروع، تعريفا للعمل المنزلي باعتباره ذلك العمل
المنجز لدى أسرة أو عدة أسر، وعليه فإن العمل المنزلي قد يشمل بالإضافة إلى
الأشغال المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون، بعض الأشغال الأخرى التي
ترتبط بالأسرة على اعتبار أن الأشغال المحددة بالمادة الثانية جاءت على سبيل
المثال لا الحصر.
من خلال كل ما
سبق يتضح أن هذا القانون نحى نفس التوجه الذي سار عليه المشرع في مدونة الشغل، حيث
لم يعمد إلى إعطاء تعريف لعقد الشغل وإنما اكتفى بتعريف أطراف هذا العقد، وإذا
كانت مدونة الشغل قد وقفت على أهم عنصر في عقد الشغل وهو عنصر التبعية فإن القانون
محل هذه القراءة لم يشر إلى هذا العنصر خلال تعريفه لأطراف العقد.
ثانيا : مجال
التطبيق
بدل أن يعمد
القانون رقم 19.12 إلى تحديد الفئات التي ستستفيد من مقتضياته، عمد إلى التعريف
بأطراف العلاقة الشغلية، وبالعمل المنزلي، وتحديد الأشغال التي تدخل في نطاقه على
سبيل المثال لا الحصر، وهو بذلك حدد نطاق تطبيق هذا القانون من خلال الاعتماد على
التعاريف.
وبذلك فإن الخضوع
لنطاق تطبيق هذا القانون لا يتطلب فقط في العاملة أو العامل المنزلي أداء العمل
بصفة دائمة واعتيادية مقابل أجر سواء عند مشغلة أو مشغل واحد أو أكثر، بل لابد أن
يكون هذا العمل عملا منزليا، يدخل ضمن الأشغال التي حددتها المادة الثانية على
اعتبار أن الأشغال التي حددتها المادة الثانية جاءت على سبيل المثال لا الحصر، أو
يدخل ضمن التعريف الذي حدده المشرع للعمل المنزلي بشكل عام.
وقد أشارت
المادة الأولى من القانون في صيغته كمشروع إلى
ارتباط الأشغال المشار إليها في المادة الثانية فقط بالبيت كالتنظيف والطبخ
وحراسة البيت والبستنة، إلا أنه يمكن كذلك أن ترتبط بشخص صاحب البيت أو ذويه من
خلال الاعتناء بالأطفال أو بفرد من أفراد البيت بسبب سنه، أو عجزه أو مرضه أو كونه
من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد عمل القانون في صيغته الأخيرة إلى التنبه إلى ذلك
باعتماده لمصطلح الأشغال المرتبطة بالبيت أو بالأسرة.
هذا وقد استثنى القانون
محل هذه القراءة من نطاق تطبيق أحكامه، كل عامل يتم وضعه رهن إشارة المشغل من قبل
مقاولة التشغيل المؤقت، على اعتبار أنه يكون في خدمة شخص اعتباري وبالتالي لا
تربطه بالمشغل أي علاقة تعاقدية، كما أن المادة 496 من مدونة الشغل حصرت حالات
اللجوء إلى هذا النوع من العقود، ويخرج من نطاق تطبيق هذا القانون كذلك البوابون
في البنايات المعدة للسكنى نظرا لخضوعهم لنظام خاص بهم، وكذلك الحال بالنسبة
للعمال الذين ينجزون أشغالا لفائدة المشغل بصفة مؤقتة نظرا لتعارض ذلك مع صفة
الدوام والاعتياد التي تميز عمل العاملات و العمال المنزليين.
المحور الثاني: شروط التشغيل والشغل
نظرا لكون
القانون رقم 19.12 سيكون تشريعا موازيا لمدونة الشغل، وخاصا بتنظيم تشغيل فئة العاملات
والعمال المنزليين المستثنين من تطبيق هذه المدونة، فإن مقتضياته ينبغي أن تتسم
بالشمولية والوضوح، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الأشغال التي يقوم بها
العمال المنزليين، ومكان قيامهم بهذه الأشغال.
أولا: شروط التشغيل
خصص هذا القانون الباب الثاني لشروط تشغيل
العاملات و العمال المنزليين، والذي جاء في عشر مواد، تطرق من خلالها إلى كيفية
إبرام عقد الشغل، وشروط هذا الإبرام والتزامات الأطراف إبان هذا الإبرام، إلا أنه
أغفل أهم المراحل التي قد يصل إليها العقد وهي انتهاؤه وأسباب هذا الإنهاء
ومسطرته.
لقد تم تحديد سن
التشغيل في 18 سنة كحد أدنى لا يجوز للمشغل النزول عنه، غير أن المشرع وكأنه لم يستسغ الانتقادات التي تم
توجيهها للقانون في صيغته الأولية كمشروع باعتماده لسن 16 سنة كحد أدنى، حيت عمل
على فتح الباب أمام إمكانية تشغيل الأشخاص
الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة وذلك خلال فترة إنتقالية مدتها خمس سنوات تبتدئ من تاريخ دخول هذا
القانون حيز التنفيذ، ومادام أن الحد الأدنى لسن الاستخدام كما حددته الاتفاقية
رقم 138 يتمثل في 15 سنة فإن القانون قد جاء أكثر حماية مما ورد بالاتفاقية، على
اعتبار أن الإشتغال بالمنازل خاصة الأعمال التي تتعلق بالتنظيف والطبخ وكذا رعاية
الأطفال، تبقى أعمال يصعب تصور قيام طفل لا يتجاوز سنه 18 سنة الاضطلاع بها بالشكل
المطلوب الذي يرضي المشغلة أو المشغل، بل إن البيئة الاجتماعية للبيت والأسرة
المغربية، قد يكون لها تأثير على الصحة النفسية والسلوك الأخلاقي للطفل، خاصة إذا
علمنا أن المادة الأولى أعطت للمشغل تشغيل العاملات و العمال المنزلين في أكثر من
عمل واحد من الأعمال المشار إليها في المادة الثانية، بل يمكن لمجموعة من المشغلين
الاستفادة من خدمات عامل منزلي واحد ودون سن الثامنة عشر.
و حتى يتم إبرام
عقد الشغل بالشكل المطلوب فإن المادة الثالثة من القانون جعلت المشغل يضطلع بهذا
الدور، من خلال السهر على إفراغ تراضي الطرفين الذي يجب أن تتوفر فيه الشروط
المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، حيث يتم إفراغ هذا التراضي في عقد شغل
محدد المدة أو غير محدد المدة الذي سيتم تحديد نموذج له بنص تنظيمي، وهو ما يفيد
أن العقد لا يمكن أن يكون إلا كتابيا ومصادق الإمضاء من طرف السلطة المختصة، حيت
يعمل المشغل على تسليم نظير من العقد للعاملة أو العامل المنزلي مع احتفاظه بنظير
منه، فيما يقوم على ايداع النظير الثالث لدى مفتشية الشغل، ولمفتش الشغل كنوع من
الرقابة القبلية أن يثير انتباه الطرفين في حالة وجود مقتضيات مخالفة لأحكام هذا
القانون قصد العمل على مراجعتها وتعديل العقد، وقد أغفل القانون إمكانية تسليم
نسخة أخرى لولي أمر العامل المنزلي الذي لم يبلغ بعد سن 18 سنة، على الرغم من أنه
نص على ضرورة توفره على إذن مكتوب من ولي أمره لإبرام عقد الشغل.
و تعزيزا للدور
الحمائي وتماشيا مع الاتفاقية الدولية رقم 182 بشأن حظر أسوء أشكال عمل الأطفال
والإجراءات الفورية للقضاء عليها المصادق عليها من طرف المغرب، فإن المادة السادسة
من القانون تمنع أي تشغيل للعاملات والعمال المنزليين يكون ليلا، كما يمنع تشغيلهم
في الأماكن المرتفعة غير الآمنة، وفي حمل الأجسام الثقيلة، وفي استعمال التجهيزات
والأدوات والمواد الخطيرة، وفي كل الأشغال التي تشكل مخاطر بينة قد تضر بصحتهم أو سلامتهم أو
بسلوكهم الأخلاقي، أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالآداب العامة، غير أن هذه الحماية
تم قصرها فقط على العاملات والعمال المنزليين الذين تتراوح أعمارهم مابين 16 و 18
سنة فقط دون غيرهم.
كما يمنع تسخير
العاملة و العامل المنزلي لأداء الشغل قهرا أو جبرا، غير أن هذا القانون لم يبين
الإجراءات الضرورية والفورية الممكن القيام بها بخصوص الممارسات التي يوجد فيها
بعض العاملات والعمال المنزليين، أو يمكن الوقوف عليها إبان تطبيق مقتضيات هذا
القانون.
ثانيا: شروط الشغل
لقد تطرق
القانون محل هذه القراءة ضمن شروط الشغل، إلى مدة الشغل و الراحة الأسبوعية
والعطلة السنوية وأيام العطل، بالإضافة للأجر والذي خصه بباب خاص به.
ومادام أن هذا
القانون سيكون تشريعا موازيا لمدونة الشغل ومستقلا عنها كليا فإن تمتع عمال
المنازل بالحقوق الأساسية في العمل يقتضي الإشارة إلي هذه الحقوق بشكل واضح وصريح،
وقد أغفل القانون مجموعة من هذه الحقوق كعدم تحديده لساعات العمل الإضافية
والتعويض عنها وإغفاله لإجازة الأمومة، كما لم يبين مدى أحقية العمال المنزليين في
الحرية النقابية والحق في التنظيم النقابي وحق المفاوضة الجماعية كما هو مقرر
بالاتفاقية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين.
وإذا كان لعمال
المنازل الحق في الحماية الاجتماعية طبقا للقانون رقم 12.18 المتعلق بالتعويض عن
حوادث الشغل وظهير نظام الضمان الاجتماعي فإننا لم نجد أي نص بالقانون يربط ما بين
عمال المنازل وهذه الحماية.
لقد حددت المادة
الثالثة عشرة من هذا القانون مدة العمل في 48 ساعة في الأسبوع وفي 40 ساعة بالنسبة
للعاملات والعمال المنزليين المتراوحة أعمارهم مابين 16 و 18 سنة يتم توزيعها باتفاق الطرفين، الأمر الذي يتماشى
والاتفاقية 138 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام.
وإذا ما حاولنا
مقارنة بعض المقتضيات التي جاء بها القانون بما هو منصوص عليه بمدونة الشغل
بالنسبة لباقي الأجراء، نجد أن البعض منها جاء موافقا لما هو مكرس ضمن الكتاب
الثاني من مدونة الشغل، خاصة ما يتعلق بالراحة الأسبوعية والراحة في أيام الأعياد
المؤدى عنها، مع استثناء العطل ولو أن عنوان الباب الثالث من هذا القانون أشار إلى
العطل في حين تم التنصيص في متنه على الأعياد الوطنية والدينية فقط، بالإضافة إلى
مدة العطلة السنوية المؤدى عنها والاستراحة الخاصة بالرضاعة، على أن القانون لم
يبين مدى اعتبار هذه الراحة مؤدى عنها من عدمه، وسيطرح الإشكال بلا شك في الحالة
التي يقيم فيها العامل المنزلي مع المشغل وكيفية استفادته من هذه المقتضيات، وهي
نقطة لم يتطرق إليها القانون.
أما بخصوص بعض
التغيبات القانونية فقد أشار القانون إلى نفس التغيبات التي نظمتها مدونة الشغل في
المواد 269 و 274، وما يلاحظ أنها موافقة لما جاء بمدونة الشغل باستثناء زيادة هذا
القانون لثلاث أيام عن التغيب بسبب زواج العامل المنزلي، لتصير المدة سبعة أيام
مؤذاة الأجر عن أربعة أيام منها فقط.
كما تطرق القانون
للأجر واعتبره مبلغا نقديا لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار مزايا الإطعام والمسكن
تدخل ضمن مكونات هذا الأجر، في مقابل ألا يقل هذا المبلغ النقدي عن ستين بالمائة
من الحد الأدنى القانوني للأجر المطبق في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة،
وهو ما يؤكد بشكل ضمني اعتبار هذا القانون للإطعام والمسكن بمثابة أربعين بالمائة
من الحد الأدنى القانوني لأجر العامل المنزلي، ولا شك أن المشرع قد أخد بعين
الاعتبار في تحديده للأجر في حدود ستين بالمائة إمكانية اشتغال العاملة أو العامل
المنزلي لدى أكثر من مشغلة أو مشغل.
هذا وإذا كان
القانون قد أغفل كيفية إنهاء عقد شغل العامل المنزلي وأسباب هذا الإنهاء، فإنه قد
تطرق من خلال المادة 21 إلى استحقاق العامل المنزلي لتعويض عند فصله، غير أنه
اشترط على هذا العامل أن يكون قضى ما لا يقل عن سنة متواصلة من الشغل الفعلي لدى
نفس المشغل، وهي مدة طويلة قد تدفع بعض المشغلين إلى التحايل من خلال فصل العامل
المنزلي قبل مرور تلك المدة وتعويضه بعامل آخر، وكان الأجدر بالمشرع جعل هذه المدة
في ستة أشهر كما هو الشأن بالنسبة للمادة 52 من مدونة الشغل.
المحور الثالث: المراقبة والعقوبات
جاء الباب
الخامس من القانون رقم 19.12 كآخر باب ليؤكد على الجانب الجزري لهذا القانون حيث
تناول من خلاله الدور الرقابي لجهاز مفتش الشغل، والعقوبات الممكن أن تطال كل
مخالف لأحكام هذا القانون.
أولا: المراقبة
في ظل
الانتقادات التي توجه بين الفين والآخر للضعف الذي يعرفه جهاز تفتيش الشغل، سواء
من خلال تعدد الوظائف والمهام الموكولة بهذا الجهاز والنصوص القانونية المكلف
بمراقبة تطبيقها، أو من خلال الأعداد القليلة التي تضطلع بهذه المهام، نجد هذا
القانون محل هذه القراءة قد أولى مهمة أخرى هي السهر على مراقبة تطبيق أحكام هذا
القانون إلى جهاز تفتيش الشغل، الأمر الذي سيؤدي لا محال إلى التأثير على فعالية المراقبة.
وقد تم حصر نطاق
تدخل مفتش الشغل بموجب المادة 22 من القانون في القيام بتلقي الشكايات من طرف
أطراف العلاقة الشغلية، والسهر على إجراء عملية التصالح بين الطرفين، وهو ما يبين
أن القانون يخلط بين المهام التصالحية لمفتش الشغل والمهام الرقابية التي تفترض
وقوف مفتش الشغل على المخالفات التي قد يقترفها المشغلين في حق العمال المنزلين، كتشغيل
المشغل لعمال منزليين في أشغال تشكل مخاطر قد تضر بصحتهم أو سلامتهم أو سلوكهم
الأخلاقي.
ثانيا: العقوبات
عمل القانون رقم 19.12 على حصر العقوبات الزجرية
التي تطال كل مخالف لأحكام هذا القانون في ثلاث مواد، وقد جعل من الغرامة عقوبة
أصلية والتي يمكن أن تتضاعف أوتتحول إلى الحبس في حالة العود بالنسبة للمخالفات
المشار إليها في المادة 23.
و إذا كان مشرع
مدونة الشغل قد جعل للغرامة حدا أدنى وأقصى يتمثل في 300 و30.000 درهم فإن هذا القانون
قد رفع من الحد الأدنى ليصل به إلى 500 درهم، هذا وقد جرم القانون مجموعة من
الأفعال التي قد تقترف من طرف المشغل أو أي شخص آخر كتشغيل العمال المنزليين دون
سن 16 سنة أو التوسط في تشغيلهم بصفة اعتيادية بمقابل، كما تم تجريم الأفعال التي
تستهدف شروط الشغل كعدم تقيد المشغل بإلزامية إتاحة الراحة الأسبوعية أو امتنع من
تمتيع العامل المنزلي بحقه في العطلة السنوية أو الامتناع عن أداء الأجر أو
التماطل في أدائه.
خاتمة:
إن ما يمكن أن
نختم به هذه القراءة القول بأنه إذا كان يصعب تنظيم علاقة شغلية ما بين طرفين
يجمعهما مكان الشغل فقط، فكيف الحال بالنسبة لأطراف يجمعهما مكان الشغل وفي نفس
الوقت هو بيت الأسرة، ولا شك أن تنظيم هذه العلاقة بادرة طيبة ستمكن القضاء من
العمل على تطبيق مقتضيات هذا القانون بدلا من القواعد العامة في انتظار ما ستفرزه
الممارسة العملية والعمل القضائي.
لائحة المراجع المعتمدة:
الكتب:
ü محمد سعيد جرندي، الدليل العملي لمدونة
الشغل، الجزء الأول،مطبعة صناعة الكتاب، الطبعة الأولى 2016.
ü محمود جمال الدين زكي، عقد العمل في القانون
المصري، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الثانية،1982.
الاتفاقيات الدولية:
ü الاتفاقية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال
المنزليين.
ü الاتفاقية رقم 182 بشأن حظر أسوء أشكال عمل
الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها.
ü الاتفاقية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن
الاستخدام.
النصوصو القانونية:
ü قانون رقم 65.99 يتعلق بمدونة الشغل.
ü قانون رقم 12.18 يتعلق بالتعويض عن حوادث
الشغل.
تقارير:
ü رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول
مشروع قانون 19.12 بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين، إحالة
رقم 5/2013.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق