خصوصيات

إشكالية حماية الملكية الخاصة في مرسوم الصفقات العمومية

إشكالية حماية الملكية الخاصة في مرسوم
 الصفقات العمومية





الاستاد :الزكراوي محمد
اطار متصرف  وزارة الداخلية
باحث في الشؤون القانونية و الادارية

      
مقدمة
تعتبر الصفقات العمومية  المحرك التنموي للدولة في شتى مناحي التدبير العمومي لارتباطها الوثيق بتدبير المالية العمومية من جهة و ارتباطها بالاستثمار وتحقيق النمو الاقتصادي و الاجتماعي من جهة اخرى ،  فإشباع الصالح العام و الاهتمام بجودة الخدمات ألعمومية وغيرها من المواضيع التي ترتبط بحكامه التدبير المالي و تنمية الاقتصاد الوطني ، يستدعي من الجهات المعنية .اتخاذ كافة  التدابير اللازمة . بهدف  تجنب  ابرامها بشكل غير قانوني والحيد عن جميع الممارسات المخلة و  غير الاخلاقية من هدر للمال العام وضياع  لحقوق الاغيار. والإثراء غير المشروع على حساب دافعي الضرائب  ودلك في احترام و مراعاة تأمتين للمساطر و كيفيات وشروط إبرامها  تبعا للتشريع و القوانين الجاري بها العمل. تجنبا  لأي عرقلة حقيقية للتنمية . فصفقات البناء والأشغال العمومية سوق قائمة بذاتها تخصص لها الدولة كل سنة ميزانية ضخمة. لتنفيذ مشاريعها  الاستثمارية. وتوفير فرصا للمقاولات المغربية والأجنبية التي تتنافس للحصول على نصيبها من الصفقات وهو الأمر الذي يطرح سؤال الشفافية في الولوج إليها، وضمان احترام مساطر ابرامها.
ان الحديث عن مستجدات مرسوم الصفقات العمومية يحيل بينا الى طرح مجموعة من الاشكاليات المتعلقة بمدى شفافية طرق ابرام الصفقات العمومية .ومراعاة حقوق الاغيار بمناسبة ابرامها . فهل فعلا استطاع المشرع المغربي معالجة جميع الاشكاليات المتعلقة بكيفيات وطرق  ابرام الصفقات و احترام شروطها  ؟. و الى أي مدى تمت مراعات حقوق الاغيار بمناسبة تشيد الصفقات فوق عقارات الخواص في غياب تام لاحترام حرمة الملكية الخاصة المنظمة دستوريا ؟.تلكم اسئلة سنحاول الاجابة عنها وفق التصميم التالي:

التصميم
 مقدمة :
- المبحث الاول : فشل مرسوم 20مارس 2013 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية في اقرار الحماية الدستورية للملكية الخاصة
* المطلب الاول : موقع الملكية الخاصة في مرسوم الصفقات العمومية
* المطلب الثاني : طبيعة الصفقات المبرمة على الاملاك الخاصة دون سند قانوني
- المبحث الثاني :  ابرام الصفقات العمومية فوفق الوعاء العقاري الخاص دون احترام لمساطر نزع الملكية
* المطلب الاول : اشكالية  التعسف في ابرام الصفقات العمومية على املاك الخواص و اثارها
* المطلب الثاني : الحلول و المقترحات

الخاتمة:







المبحث الأول : فشل مرسوم 20مارس 2013 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية في اقرار الحماية الدستورية للملكية الخاصة

سعيا لتدارك نقائص المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية والتقليل من الصعوبات و الهفوات المتعلقة به ومواكبة للمستجدات الراهنة سعيا من المشرع المغربي للتغلب على الاكراهات المتعلقة بالاقتصاد الوطني , كان من الضروري اعادة النظر في بعض الاحكام التي تخضع لها الصفقات من خلال اقتراح تدابير جديدة جاء بها مرسوم   20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية ,حيث سجلت عدة جوانب تتضمن تحسين أداء و إبرام و نجاعة الطلبات العمومية وتحديد مستوياتها وكيفية وإجراءات ابرامها وتسوية النزاعات التي يمكن حدوثها بمناسبة تنفيذ الصفقات بغية تشجيع قنوات الانتاج و الاستثمار بالبلاد.
وهكذا جاء بخصوص موضوع ومجال تطبيق المرسوم ما تضمنته المادة 2 منه مايلي:
ان المرسوم يحدد الشروط و الاشكال التي تبرم وفقها صفقات الاشغال و التوريدات و الخدمات لحساب الدولة و المؤسسات العمومية الواردة في اللائحة بقرار لوزير المكلف بالمالية  المنصوص عليها في المادة 60 و يحدد هذا المرسوم كذلك بعض القواعد المتعلقة بتدبير هذه الصفقات و مراقبتها وعليه يكون المرسوم الجديد قد آلزم الصفقات العمومية للمبادئ التالية :
- حرية الولوج الى الطلبات العمومية
- المساواة في التعامل مع المتنافسين
- ضمان حقوق المتنافسين
- الشفافية في اختيار المشروع
وبدلك يكون المرسوم قد أخضع الصفقات لقواعد الحكامة الجيدة حيث أخذ بعين الاعتبار إحترام البيئة و أهداف التنمية المستدامة.
والحقيقة انه من خلال استقراء مضامين المرسوم يتبين للقارئين أن المشرع المغربي  اغفل عنصرا مهما من عناصر الاصلاح في مادة الصفقات العمومية , حيث لم يأخذ  بعين الاعتبار  حماية العقارات الخاصة التي تشيد عليها الصفقات العمومية مما يخل بمبدأ :
الحماية الدستورية للملكية الخاصة للإفراد.
المطلب الاول : موقع الملكية الخاصة في مرسوم الصفقات العمومية

 بموجب أحكام الفصل 35 من دستور 2011  ,يضمن القانون حق الملكية. ولا يمكن
الحد من نطاقها وممارستها  إلا بموجب القانون. او إذا اقتضت ذالك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.ولا يمكن نزع الملكية إلا في حالات ووفق الاجراءات التي ينص عليها القانون.
 كما تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة, و التنافس الحر.كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية مستدامة من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية.والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية,وعلى حقوق الأجيال القادمة. في ايطار تكافؤ الفرص للجميع والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظا.
إن الدستور المغربي  الذي تمت صياغته حديثاً 2011   كرس مفهوم الحماية الخاصة  لعقارات الخواص فالدولة تحمي الملكية وهي ثلاثة أنواع الملكية العامة، والملكية ألخاصة والملكية التعاونية،
  فالمادة المادة 35 من الدستور بمعناها الواسع تحمي  حق ملاك العقارات في أن ينقلوا أصولهم إلى الورثة كما تحميهم من المصادرة إلا في الحالات التي يحددها القانون. ولكن على صعيد آخر، فإن هذه المادة تحمي حق الدولة في مصادرة الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة متى استوجب الامر دالك.
فالملكية الخاصة مصونة وحق الإرث فيها مكفول ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدماً وفقاً للقانون.
ومما يؤسف له،  وانه بعد اطلالة على مواد وفقرات مرسوم  20 مارس لسنة 2013 يتضح جليا ان المشرع المغربي لم يولي أي اهتمام  في تصوره الاصلاحي مراعاة الفصل 35 من  دستور 25 يوليوز 2011 متناسيا بذلك اهمية العقارات الخاصة , مما نجم عنه خرق سافر لمساطر ابرام الصفقات العمومية على حساب املاك الخواص , فكان حري على المشرع ان ينص في مرسوم الطلبيات العمومية , الاخذ بعين الاعتبار الوضعية القانونية لتلك العقارات وان لا تباشر أي صفقة إلا بعد التصفية الكاملة للعقار موضوع وعاء الصفقة المنجزة.


المطلب الثاني : طبيعة الصفقات المبرمة على الاملاك الخاصة دون سند قانوني

جاء في تعريف الاعتداء المادي ، لجوء الادارة الى الاستيلاء على عقارات للقيام بأشغال و خدمات و انجاز مرافق عامة دون سند من القانون , فهو بذلك عمل غير مشروع تأتيه الادارة في مواجهة الأفراد اثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي ويتسم بعدم المشروعية لاعتدائه على حق الملكية الخاصة و الحريات الفردية  المصونة دستوريا.
ادن وانطلاقا من هذا المفهوم نتساءل  حول ماهية او طبيعة الصفقات العمومية المبرمة من طرف الدولة و مؤسساتها .وكدلك تلك المتعلقة بالجماعات الترابية , المشيدة فوق املاك الخواص .؟
لتحديد هذه الطبيعة يتحتم علينا الرجوع الى بعض نماذج الصفقات العمومية
المبرمة من طرف الدولة عبر مؤسساتها او تلك المبرمة من طرف الجماعات الترابية
وهكذا نجد ان معظم الصفقات العمومية التي تم ابرامها  تفتقد لعنصر مراقبة الأعمال التحضيرية المتعلقة بإبرامها , إذ لا يمكن الحديث عن ابرام عقود الطلبات العمومية من دون تقييم اهدافها ونجاعتها في غياب للأعمال التحضيرية المتعلقة  بها , سواء أكانت في شكل إجراءات إدارية ام قرارات منفصلة , وبالعودة الى مدى نجاعة  وفعالية مردودية تلك الصفقات .نجدها تفتقد تماما لآليات الحكامة الجيدة , اد كيف يتم ابرام صفقات تكلف ميزانية الدولة ملايين الدراهم ليتم في الاخير منازعة تلك الصفقة امام القضاء الاداري , ثم في الاخير الاعلان عن توقيف الصفقة لوجود منازعة جدية بخصوصها ¸وهذا ما يفسره وجود صفقات عمومية ابرمت فوق اراضي الخواص دونما اعتبار لقداسة الملكية الفردية و المكفولة بحماية الدستور , ودونما الرجوع الى القانون المنظم لنزع الملكية الاجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت , فمرسوم الصفقات العمومية لم يشر الى ضرورة التصفية القانونية  لعقارات الملك الخاص قبل ابرام أي صفقة اشغال عليها , وذالك تحت مسؤولية الادارة صاحبة المشروع .
وهكذا لا يمكن ان نفسر لجوء الادارة الى اعمال سلطتها في ابرام عقود الصفقات دونما الرجوع الى العمل تسوية الاراضي الخواص عبر نوع ملكيتها في ايطار القانون يعد شططا في استعمال سلطنها اذ  لا نجد له أي مبرر قانوني .مما يشكل اعتداء ماديا و عملا لا يتصف بالمشروعية ¸ تستدعي تدخل القضاء لرفع و جبر الضرر لفائدة المتضرر ¸لا على اساس التعويض عن نزع الملكية بدون مباشرة مساطرها بل تعويضا عن غصب الادارة الناتج عن الاعتداء المادي من طرفها .
هكذا و للإجابة عن سؤالنا بخصوص طبيعة الصفقات المبرمة على وعاء الملك الخاص من دون تسوية الوضعية القانونية لتلك ألعقارات يعد اعتداء مادي على حقوق الاغيار.
- المبحث الثاني : تشييد  الصفقات العمومية  فوق الوعاء العقاري الخاص دون احترام لمساطر نزع الملكية

قد يتساءل القارئ عن مدى العلاقة المترابطة بين مرسوم الصفقات العمومية و قانون ومرسوم نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت , ونحن نجيب على دلك بقولنا ان العقار اصبح له اهمية كبرى في تنشط الدورة الاقتصادية في البلاد , ويشكل دعامة اقتصادية فعالة  مما يوفره من فرص للاستثمار الوطني والمحلي , الى جانب دلك تعتبر الصفقات العمومية استثمار للأموال العمومية لإشباع  الادارة لحاجياتها وبالتالي اشباع حاجيات الافراد و العوام .
وعليه لا يمكن ان نتصور اقامة استثمارات  على اراضي الخواص من دون  اتخاذ  الاجراءات اللازمة لتسوية وضعية العقارات المملوكة من طرف الاغيار.  للحد من الاشكالات و المنازعات التي تعيق تنفيذ  عقود الصفقات العمومية  و بالتالي اهدار المال العام في منازعات مكلفة للإدارة كان بالإمكان الحياد عنها بالتنفيذ الصحيح للمساطر القانونية المعمول بها ¸
* المطلب الاول : اشكالية  التعسف في ابرام الصفقات العمومية على املاك الخواص و اثارها
اذا كان المرجو من مرسوم الصفقات العمومية , بلوغ الاهداف التنموية من خلال حكامة و ترشيد مجالها عبر :
1-        تثمين القواعد التي تشجع على حرية المنافسة وتحت تبار أوسع بين المتعهدين
2- وضع آليات تمكن من ضمان الشفافية في إعداد الصفقات وإبرامها وتنفيذها
3- اعتماد مبدأ المساواة في التعامل مع المتعهدين خلال جميع مراحل إبرام الصفقات
4-إلزام صاحب المشروع بضمان الإعلام المناسب
5-ترسيخ أخلاقيات الإدارة وذلك  بإدراج إجراءات من شأنها التقليص من شأنها التقليص من إمكانيات اللجوء إلى كل الممارسات المرتبطة بأفعال الغش والرشوة ومحاولة التقليص من حجم المنازعات التي تطولها
فان الواقع العملي ابان عن مجموعة من الثغرات  , ذالك ان اتجاه تكريس الادارة سلطتها في ابرام عقود الصفقات العمومية.تعترضه مجموعة من الاختلالات المسطرية الماسة بالتطبيق الامثل للإجراءات القانونية و التنظيمية في هدا المجال , وهكذا جاء في قرار ابرام صفقة على الملك الخاص مايلي:
حكم المحكمة الادارية باكادير-عدد 2008/207 بتاريخ 2008/04/03
--ان اقامة صفقة اشغال على ملك الغير بدون سلوك مسطرة نزع الملكية يعتبر نزعا غير مباشر للملكية –حق المالكين في الحصول على تعويض كامل ونهائي بل اضافت الى دالك كون المساهمة المجانية لمالك العقارات المجاورة للطرق العمومية في احداث الطرق المزكورة تقتضي قيام الجماعات المحلية باتخاد الاجراءات اللازمة لتملك العقارات الواقعة في مساحة الطرق العامة اما برضى مالكيها او نزع ملكيتها.المادة 37 من قانون 90/12  المتعلق بالتعمير --
 وفي امر استعجالي اخر عن المحكمة الادارية بالرباط في ملف رقم 37/08 بتاريخ 16/08/04  .امر عدد   167
 -- اعتبر القضاء ان الحق في الملكية الخاصة مضمون دستوريا ولايجوز نزعه من يد صاحبه إلا وفق الإجراءات المقررة بقانون نزع الملكية 81-7  لدالك اعتبر إقامة أشغال بملك الطالب دون سلوك المسطرة القانونية المتطلبة في حيازة العقار و نقل ملكيته للإدارة كما هو منصوص عليها في القانون رقم  81-7 المتعلق بنوع الملكية والاحتلال المؤقت . يضفي عليها صبغة الاعتداء المادي ويجعل الطلب حول إيقافها مؤسس على سند قانوني  .
وانطلاقا من دالك شكل موضوع الاستغلال للأملاك الخاصة في موضوع الصفقات العمومية نقطة سوداء على مستوى مسيرة الاصلاحات التي طالت وعاء الصفقات العمومية وبالتالي عرقلة مشاريع هامة وفتح مجال المنازعات القضائية التي كبدت الدولة والجماعات الترابية خسائر وخيمة طالت ماليتها . وبالتالي اصبحنا نتحدث عن وهم الحكامة المالية للمال العام , و سراب ربط المسؤلية بالمحاسبة.

المطلب الثاني : الحلول و المقترحات
مع دخول مرسوم الصفقات العمومية حيز التنفيد , صفق له الجميع املا في حل الاشكاليات المتعلقة بموضوع الطلبيات العمومية على صعيد مؤسسات الدولة و الجماعات الترابية التي كانت تعاني منها في ضل مرسوم سنة 2007 , وكان الهدف واضحا آلا و هو بلوغ النضج الحكماتي في تدبير منظومة العقود الادارية المتعلقة بإبرام كافة اشكال الصفقات  وفقا لما تتطلبه القوانين الجاري بها العمل و الاخذ  بالنصوص التنظيمية و المراسيم الموازية و المؤطرة . لسير وتدبير الدولة لمصالحها بهدف اشباع الصالح العام .
لكن في الحقيقة . ان المشرع المغربي غاب عنه الكثير في انصاف موضوع شفافية و حكامة صفقات الدولة والمؤسسات الترابية . وفي نظرنا  لا نظن  دالك سهوا منه , بل نقول عيبا في التشريع المغربي ونقصا يدخل في نفق الاخطاء الجسيمة المرتكبة على مستوى اللجان التحضيرية المسئولة عن   صياغة القوانين اد كيف يعقل ابرام صفقات الاشغال فوق الاملاك الخاصة للمواطنين في غياب أي سند قانوني يبرر دالك . وبالتالي تكون النتيجة عرقلة على مستوى الاهداف و بلوغ النتائج المنتظرة .
ومن منظورنا المتواضع كان على المشرع المغربي الاخذ بعين الاعتبار لمجموعة من المبادئ و الاحكام المنصفة لحقوق الافراد و مراعاة تلك  المتعلقة بالحقوق و الحريات العمة و الخاصة و بالأخص موضوع بحثنا هذا المرتبط بحماية الملك الخاص للإفراد وفق ما يقتضيه القانون . وعليه نوصي بأهمية ادراج النقاط التالية و مراعاتها قبل الحديث عن خوض أي نشاط متعلق بإبرام عقود الصفقات كالأتي ذكره  : 

-          إعداد الصفقة وإبرامها وتنفيذها.وفق ما يقتضيه القانون والنصوص المنظمة
-       التدقيق و التقييم في   نجاعة  الأشغال المنفذة أو التوريدات المسلمة أو الخدمات المنجزة.
-         مراعاة صدقية الوثائق المتعلقة بالصفقة والمقررة في هذا المرسوم.
-         إجبارية نشر الوثائق المختلفة المتعلقة بالصفقة والمقررة في هذا المرسوم.
-        العبرة في انجاز  الأهداف المتوخاة من العمل.وفق ما تنظمه القوانين الموازية في الموضوع
-         تقييم ثمن الصفقة بالنظر إلى الأثمان المطبقة وتقييم كلفة الأعمال موضوع هذه الصفقة. في اطار من الشفافية و النزاهة و تكافؤ الفرص
-         تفعيل مبدأربط المسؤولية بالمحاسبة في ابرام عقود الصفقات 
مع مراعاة احكام و نظم الحماية البيئية .الى جانب التصفية القانونية للعقارات الخاصة و فق ما يقتضيه القانون قبل الشروع في اي صفقة عمومية .


الخاتمة:

إن َّ غياب رؤية موحدة  وبعيدة المدى حول الاستعمال الامثل  والتدبير الجيد لصفقات الدولة و مؤسساتها  وبالتالي خطر الاستعمال  غير المقيد  , من شأنها زر عِ الغموض والمخاوف حول سائر النقاط؛ المنتظرة من ُعُقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خصوصا على مستوى ابرام الصفقات العمومية  . ذالك ان غياب الاليات الرقابية و عدم مراعاة الاحكام الموازية في ابرامها.  يشكل محور للمنازعات التي تثقل كاهل ميزانية الدولة و مؤسساتها . عبر تنفيذ احكام قضائية تستنفد ماليتها لسبب بسيط يتجلى في كون المشرع المغربي لم يحدد في مرسوم الصفقات العمومية اليات للردع و المحاسبة .في حالة تبات مسؤولية الادارات او الاشخاص في عدم تفعيل النصوص القانونية و التنظيمية المتعلقة بنجاعة و فعالية ابرام العقود المتعلقة بشتى انواع الطلبيات العمومية .
لنختم مقالنا هذا بالتساؤل التالي . هل فعلا نجح المشرع المغربي في تفعيل مبدأي الحكامة و  ربط المسؤولية بالمحاسبة  في ضل  مرسوم الصفقات العمومية و خصوصا على المستوى المحلي , ليبقى الجواب متعلقا بما سيجود به صانع القرار في هدا الموضوع.

المراجع :


- مرسوم 30 مارس 2013
-
- مرسوم  فبراير 2007
-
- قانون 90/12 المتعلق بالتعمير
-
- قانون 90/25 المتعلق بالتجزءات العقارية
-
- قانون نوع الملكية لاجل المنفعة العامة  رقم 81-7
-
- دستور 25 يوليوز 2011
-
- حكم المحكمة الادارية باكادير-عدد 2008/207 بتاريخ 2008/04/03
-
- امر اسعجالي اخر عن المحكمة الادارية بالرباط في ملف رقم 37/08 بتاريخ 16/08/04  .امر عدد   167

صدر العدد 15 يوليوز 2016 من مجلة منازعات الأعمال التحميل مجانا

صدر العدد 15  يوليوز 2016 من مجلة منازعات الأعمال
التحميل مجانا


نظرية الاعتداء المادي في التشريع المغربي

نظرية الاعتداء المادي في التشريع المغربي


زهير العمراني
باحث بسلك الماستر
وحدة القانون والممارسة القضائية



مقدمـــــــــــــــــــــــــــــــــة:

         كثيرا  ما تحتاج السلطة العامة في إشرافها على سير المرافق العمومية في تنفيذها لمخططاتها التنموية لعقارات، و قد خص المشرع المغربي العقارات المملوكة للدولة-نظرا للدور الذي تلعبه- بنظام قانوني خاص، و السلطة في حصولها على ما تحتاجه في هذا الصدد، تلجأ عادة إما إلى إقتناء أو مقايضة لعقارات خاصة، و أحيانا قد يوصى لها أو يوهب لها ذلك، من أجل إكمال النقص الذي تواجهه بغية تحقيق الصالح العام،و تتصرف في هذه الحالة كشخص عادي[1].
و قد يستعصي عليها الحصول على ما تحتاجه بالطرق القانونية السالفة الذكر،حتى لا يتعرض نشاطها عموما للشلل، و تتعرض برامجها للتعثر أباح لهل المشرع و بصفة استثنائية أن تلجأ إلى نظام نزع الملكية، و أحيانا أخرى قد تسقط في م يعرف بالإعتداء المادي على حقوق الخواص.
و هكذا فإن الإعتداء المادي الذي تمارسه الإدارة هو إعتداء على القانون، في تصرف ينطوي على مخالفة صارخة لمبدأ المشروعية، سواء في ما يخص العقارات أو ما يصطلح عليه (الغصب )، أو المساس بإحدى الحريات الفردية، المكفولة بموجب الدستور و المواثيق الدولية.
و الإعتداء المادي في الأصل لم يكن سوى نظرية ابتدعها القضاء الفرنسي،للإلتفاف على المنع القانوني القاضي بعدم جواز عرقلة عمل الإدارة،من طرف القضاء، و مفهوم تلك النظرية،  أن الإدارة كلما أتت عملا ماديا عديم الصلة بالقانون، إلا و نزعت عن نفسها الصبغة الإدارية مما يجب معه معاملتها و الخواص سواء بسواء.
و قد كان أول تطبيق لهذه النظرية في القضاء الفرنسي في الحكم الشهير لقضية " لازير" سنة 1837 ،و بعدها توالت التطبيقات القضائية لهذه النظرية ، حماية لحقوق الأفراد من تعسفات الإدارة و تجاوزها للحدود المرسومة لها قانونا.
أما بخصوص المغرب فيرجع أصل نظرية الإعتداء المادي إلى الاختصاصات التي كانت تبث فيها وزارة الشكايات قبل الحماية، ومنها فحص الشطط في استعمال السلطة وكذا أعمال التعدي المرتكبة من طرف الولاة والعمال، واعتبر الأستاذ لحسن سيمو أن القضاء المغربي كان يعرف نظرية الإعتداء المادي تحت اسم أعمال التعدي المشار إليه ضمن اختصاصات وزارة الشكايات. وكان للقضاء حينها كامل الولاية في إصدار أوامر للإدارة بالعمل أو بالامتناع عن القيام بعمل كالإخلاء والهدم والإزالة والترميم  وبالتالي سيتعامل معها بشكل آخر !!!!!
   لقد عرف الفقه الفرنسي الإعتداء المادي بأنه كل عمل مادي تنفيذي غير مشروع، ماس بالملكية الخاصة أو بالحريات العامة أو بحقوق الأفراد والجماعات صادر عن سلطة إدارية، وبالتالي يصبح مجردا عن صفته الإدارية وتفتقد الإدارة بسببه كل الإمتيازات المعترف لها بها كسلطة عامة، فتنزل منزلة الأفراد العاديين ويخرج عملها هذا عن رقابة القضاء الإداري .[2]
وعرفه الفقه المغربي أمثال الدكتور أمال المشرفي على انه كل عمل لا صلة له مطلقا بتطبيق نص قانوني أو تنظيمي، أو حتى بإحدى الصلاحيات المسندة للإدارة. فهو العمل الذي لا يمكن اعتباره عملا ذي طبيعة إدارية يمكن إدراجه ضمن ممارسة السلطة الإدارية.[3] وعرفه الدكتور عبد الله حداد بأن الإدارة تعتبر مرتكبة لاعتداء مادي إذا ما ارتكبت خطأ جسيما أثناء قيامها بعمل مادي يتضمن إعتداءا على حرية مواطن أو على عقار مملوك لأحد الأفراد. وهكذا يشترط ليقام نظرية الإعتداء المادي توفر ثلاثة عناصر: أن يكون العمل الذي تقوم به الإدارة عملا ماديا "الأعمال المادية هي التي لا تستحدث بها الإدارة ولا تعدل ولا تلغى فيها أية أثر قانونية بل يقتصر دورها على إقرار أو إثبات ما سبق أن قررته القوانين أو قررته الإدارة بنفسها بقرارات سابقة"[4]، ثم أن يرتكب أثناء القيام بالعمل المادي خطأ جسيم، وأخيرا أن يقع الاعتداء على حرية  فردية أو عقار مملوك لأحد الأفراد. [5]الاعتداء المادي إذا هو قيام الإدارة بعمل يخالف مبدأ المشروعية – لا يستند إلى نص قانوني أو تنظيميمخالفة جسيمة وصارخة، ومست بذالك إحدى حريات الأفراد أو الملكية الخاصة، وفي هذه الحالة تنزل الإدارة منزلة الأفراد، ويفقدها ذلك التصرف امتيازات السلطة، ويعتبر في الأخير معدوما لا أثر له.
 
كما عرفه الأستاذ الحسن الوزاني شاهدي على انه ارتكاب الإدارة لعدم مشروعية جسيمة، وظاهر أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بالحريات العامة ويكو في حد ذاته منعدم الاتصال بتطبيق أي نص قانوني أو تنظيمي أو حتى بإحدى السلطات المخولة للإدارة .
نفس الاتجاه ذهب إليه القضاء المغربي حين عرف الاعتداء المادي بأنه عمل مادي غير مرتبط بنص تشريعي أو تنظيمي، وليست له أية صلة بالقرارات الإدارية الصادرة عن السلطة الإدارية. قرار مجلس الأعلى عدد 74 بتاريخ 12-3-1992.[6]  وأيضا في قراره الصادر بتاريخ 4-12-1958 في قضية فبليكس ضد الدولة المغربية، حين اعتبر المجلس الأعلى الإعتداء المادي محققا في الحالة التي تكون فيها الإدارة قد اتخذت تصرفا لا صلة له بأية صفة من الصفات بالسلطات التي تستعملها الإدارة والتي خولت لها بمقتضى القوانين المعمول بها.[7] وفي أمر استعجالي لرئيس المحكمة الإدارية بالرباط في قضية شركة ميديا تروست ضد الحكومة المغربية، جاء فيه على أن الإعتداء المادي يتحقق عندما تأتي الإدارة بعمل مادي تنفيذي سواء تعلق الأمر بتنفيذ قرار إداري أم لا، متى شاب هذا العمل خطأ جسيم، أو أن يشتمل التنفيذ على عيب جسيم يخلع عن عمل الإدارة الصفة العامة ويحوله إلى تصرف مادي وفي جميع الحالات يتعين أن تكون المخالفة القانونية بالغة الجسامة. [8]
 
  ويتميز الإعتداء المادي عن غيره من الأعمال المادية الأخرى كالغصب والاستيلاء بالقوة والأعمال الإدارية المنعدمة، والأعمال الإدارية الباطلة "الخطأ البسيط" بكون الإعتداء المادي يتحد ويجتمع معها في انعدام المشروعية، لكنه يختلف عنها. فهو يختلف عن الغصب والاستيلاء بالقوة في كون هذين الأخيرين ينصبان على العقار فقط ويكفي في ذلك بالمخالفة البسيطة لعدم المشروعية في حين أن الاعتداء المادي يرد على العقار والمنقول أيضا كما أنه وكما سبق ذكره تكون مخالفة عدم المشروعية جسيمة وبالتالي فهو أوسع من الغصب والاستيلاء بالقوة،[9] كما يختلف عن الأعمال الإدارية المنعدمة التي تكون منعدمة أساسا بمجرد اتخاذها دون حاجة إلى تنفيذها أي أنها في حكم البطلان المطلق من ساعة صدورها، كما يختلف عن الأعمال الباطلة لكون هذه الأخيرة مشوبة فقط بعيب الخطأ البسيط. في حين يوصف الإعتداء المادي كما أسلف الذكر بأنه عمل مادي تنفيذي صادر عن سلطة إدارية دون غيرها وينطوي على خطأ جسيم وصارخ يتمثل في الإعتداء الواضح على ملكية خاصة أو حرية شخصية. [10]
 
والإعتداء المادي حسب الأستاذ الحسن سيمو لا يتحقق إلا بشرطين، الأول أن يكون هناك مساس خطير بالملكية الخاصة أو الحريات الأساسية، والثاني يستوجب أن يكون تصرف الإدارة مجردا من صفة النشاط     الإداري، ويصعب ربطه بتنفيذ نص قانوني أو تنظيمي. و قد سبقت الإشارة إلى أن الإعتداء المادي , هو ارتكاب الإدارة لخطأ جسيم و ظاهر اأثناء قيامها بعمل مادي تنفيذي, يتضمن اعتداء على حرية فردية أو على مال مملوك لأحد الأفراد. من هنا يمكننا التساؤل عن العناصر التي يرتكز عليها الإعتداء المادي.؟؟
فبالرجوع إلى أحكام محكمة التنازع الفرنسية التي أرست معالم نظرية الإعتداء المادي , يتبين أن هذه العناصر تحددت في عنصرين و هما : أن يتعلق الأمر بوجود تصرف إداري مشوب بعيب جسيم من عيوب المشروعية و أن يقع هذا الإعتداء على الملكية الخاصة أو إحدى الحريات العامة.
فما هي إذن أهم شروط و تجليات الإعتداء المادي في القانون المغربي ؟؟؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنهبنوع من التفصيل، و ذلك من خلال الحديث عن شروط الإعتداء المادي كمطلب أول، ثم التطرق لتجلياته كمطلب ثاني.


المطلب الأول : شروط الإعتداء المادي
لتحقق الإعتداء المادي، لابد من وجود تصرف قانوني أو عمل مادي صادر عن الإدارة ( أولا ) و أن يكون هذا العمل متسم بعيب جسيم و واضح من عيوب عدم الشرعية ( ثانيا )
أولا : وجود تصرف أو عمل  صادر عن الإدارة
لعمل أو تصرف الإدارة عدة تمظهرات لعل أبرزها :
أ- الإعتداء المادي الناتج عن أعمال قانونية: و يقصد بها تلك القرارات التي لا تحتاج في تنفيذها إلى وسائل مادية للتنفيذ[11] . فإذا بلغت تلك القرارات حد الإنعدام , بمعنى شابها عيب جسيم و صارخ في عدم شرعيتها , ففي هذه الحالة يتحقق الإعتداء المادي في تلك القرارات , ومثالها القرار الصادر برفض منح جواز السفر أو القرار الصادر بمنع تمكين فرد من الدخول إلى مسكنه. غير أنه لا يكفي أن يكون القرار معيبا بأحد عيوب الشرعية البسيطة(عيب الإختصاص-عيب المحل-عيب السبب-عيب مخالفة  القانون-عيب الغاية) لكي ينشأ عنه اعتداء مادي ,بل إن محكمة التنازع الفرنسية حددت مقدار العيب اللازم لتوافر الإعتداء المادي بأنه العيب الذي يصل إلى مخالفة القرار للقانون بدرجة يتعذر معها القول بأنه يعتبر تطبيقا لقانون أو لائحة[12] و عليه فالقرار الباطل لا يعد مصدرا للإعتداء المادي.
و ما تجدر الإشارة إليه أن مجال القرار المعدوم واسع جدا,فليس من شأن كل قرار معدوم أن يرتب اعتداء مادي , بل لابد أن يكون ماسا بإحدى الحقوق و الحريات ,كما أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن للقرار المعدوم أن يشكل اعتداءا ماديا مستقلا عن إجراءات تنفيذه أم يشترط دائما التنفيذ؟
اختلف الفقه بصدد هذه المسألة إلى اتجاهات مختلفة. فذهب جانب أول إلى أن القرار المعدوم بذاته و مستقلا عن تنفيذه يمكن أن يرتب وجود الإعتداء المادي, و ذهب جانب اخر إلى اشتراط وجود تنفيذ يتمثل في أعمال مادية خارجية لوضع القرار المعدوم موضع التنفيذ لكي يوجد الإعتداء المادي.وعكس هاذين الإتجاهين لاحظ الفقيه دولوبادير أنه " عمليا يرى القضاء بأنه يكفي أن  يكون هناك تهديد معين من أجل تنفيذ قرار منعدم المشروعية لكي نصبح أمام اعتداء المادي"
أما القضاء سواء في المغرب أو في فرنسا و مصر,فيجمع على أن القرار الإداري المتسم بعدم المشروعية الجسيمة يمكن أن يؤدي-ودون حاجة إلى تنفيذه- إلى ترتيب وجود الإعتداء المادي.
إلا أن حالات الإعتداء المادي المترتبة عن قرارات إدارية تبقى نادرة ,فيما أن أغلبيتها كثيرا ما تكون نتيجة إجراءات التنفيذ نفسها.
ب- الإعتداء المادي الناتج عن أعمال مادية: إذا كان الإعتداء المادي الناتج عن القرار النافذ المعدوم قليل و نادر في الحياة العملية, فأن الإعتداء المادي الناشئ عن العمل المادي للإدارة هو الشائع و الكثير الحدوث في التطبيق العملي, و يتخذ الإعتداء المادي ثلاث مظاهر أساسية:
- التنفيذ المادي بدون قرار إداري سابق:و أهم تطبيقاته الإستيلاء على حقوق الأفراد, و مثالها العمل المادي التنفيذي بنزع الملكية قبل إعلان المنفعة العامة.فقد أوضح القضاء أن استيلاء الإدارة على أراضي الغير بدون اتباع إجراءات نزع الملكية و بدون اتخاذ أي إجراء قانوني مسبق . فقد قضى المجلس الأعلى بأن "استيلاء ابإدارة على قطعة أرضية و تحويلها إلى ساحة عمومية دون اتباع مسطرة نزع الملكية من قبيل الإعتداء المادي[13]
و إذا كان أغلب الفقه يعتبر أن غياب السند القانوني كافي لوحده لقيام الإعتداء المادي ,فإن بعضهم يذهب إلى اعتبار غياب هذا السند لا يكفي وحده لترتيب الإعتداء المادي على أساس أن الإدارة تستطيع تصحيح الإعتداء المادي بإصدارها قرارا جديدا يصحح ما قام من اعتداء.[14]على أملاك.
- تنفيذ مادي مستند إلى قرار قضي ببطلانه: وصورته أن تقوم الإدارة بإصدار قرار إداري ثم تتخذ الأعمال المادية لتطبيقه ,ويأتي القضاء الإداري فيحكم بإلغاء القرار و بطلانه.فما الوضع بالنسبة للأعمال المادية التنفيذية التي سبق للإدارة أن اتخذتها قبل صدور قرار البطلان؟ هل يمكن أن يترتب عنها وجود الإعتداء المادي؟
اختلف موقف القضاء الفرنسي في هذا الشأن ,فذهبت محكمة النقض إلى أن التنفيذ المادي لقرار إداري قضي فيما بعد ببطلانه يرتب إعتداء ماديا , و ذهبت محكمة التنازع إلى رأي مخالف و رأت أنه لا يترتب اعتداء مادي شعلى الفعل المادي الذي قامت به الإدارة لتنفيذ قرارها قبل صدور الحكم بالبطلان[15]
- التنفيذ المباشر غير الشرعي: الأصل هو خضوع الإدارة في قيامها بنشاطها لمبدأ الشرعية.فإذا كان عملها صارخا في مخالفته للقوانين و اللوائح,عد قرارها معدوما و تنفيذه إعتداءا ماديا.
ويضمن المشرع للإدارة امتياز التنفيذ المباشر,بمقتضاه تستطيع بإرادتها المنفردة أن تصدر قرارات تكون نافذة قبل الأفراد دون حاجة إلى تدخل القضاء.غير أن مخالفة  الإدارة للمبادئ و الشروط التي يقوم عليها التنفيذ المباشر , ينتج عنه اعتداء مادي,لأن التنفيذ يصبح بدون سند من القانون.


ثانيا: إتسام العمل بعيب جسيم و واضح من عيوب عدم الشرعية
يرجع الفضل إلى الفقيه الفرنسي "لافريير" في تحديد مدى جسامة العيب الذي ينجم عنه الإعتداء المادي و ذلك في تقريره كمفوض للحكومة إلى محكمة التنازع في قضية "لومونييه كاريول"بتاريخ 5 ماي1877 عندما أوضح أن الفعل المرتكب من شخص عادي و مجرد من كل سلطة ليس فقط قابلا للإلغاء,بل هو عمل منعدم,و إجراءات تنفيذه يمكن أن ينشأ عنها في بعض الأحيان الإعتداء المادي.
و مع ذلك ظل موقف كل من المحاكم القضائية الفرنسية و مجلس الدولة متباينا في تحديد معيار القرار المعدوم,الذي يؤدي تنفيذه إلى وجود الإعتداء المادي حتى أصدرت محكمة التنازع حكمها في قضية "شنايدر"[16] ووضعت معيارا محددا لمقدار الجسامة المطلوبة للقول بوجود اعتداء مادي و مما ورد بهذا الحكم ما يلي:"إنه إذا كانت حماية الملكية الفردية تدخل في اختصاص المحاكم القضائية,فإن المهمة الملقاة على عاتق هذه المحاكم تتحدد بالحظر المفروض عليها و هو عدم الخوض في شرعية القرارات الإدارية , إلا في حالة المخالفة الصارخة للقانون بحيث لا يصدق على القرار نص قانون أو لائحة , فإنه يكون اعتداء ماديا تختص المحاكم القضائية بنظره "
فلا يكفي أن يكون القرار معيبا بعيب بسيط من عيوب القرار الإداري المتعارف عليها,و إنما من الضروري أن يخالف القرار القانون مخالفة صارخة بحيث يكون من شان هذا العيب الجسيم أن لا يعد القرار تطبيقا لنص من قانون أو لائحة.
و يناصر الفقه المغربي هذا التفسير و يعتبر أن الإعتداء المادي ينشأ عند قيام الإدارة بنشاط مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات العامة و يكون في حد ذاته منعدم الإتصال بتطبيق أي نص قانوني او تنظيمي أو حتى بإحدى السلطات المخولة للإدارة.
كما أن الإجتهاد القضائي المغربي دأب على تبني هذه القاعدة,فقد حكمت المحكمة الإدارية بالرباط بأنه"إذا خرجت الإدارة أثناء مباشرتها لوظائفها الإدارية عن الحدود المقررة لها في القانون خروجا يشكل اعتداء صارخا و جسيما على مبدآ الشرعية فإن العمل الإداري يفقد في هذه الحالة طبيعته الإدارية و تنقطع الصلة بينه و بيه القانون و يصبح مجرد عمل مادي يشبه عمل الأفراد العاديين"[17].
صفوة القول ,إن الإعتداء المادي يستلزم وجود اعتداء جسيم وواضح بحيث يكون صارخا في عدم شرعيته و عدم قابليته لأن يكون تطبيقيا لنص قانوني أو لائحي أو أن يكون مظهرا لممارسة اختصاص تملكه الإدارة.

المطلب الثاني : تجليات الإعتداء المادي للإدارة بالمغرب
تتجلى مظاهر الاعتداء المادي في مظهرين أساسيي، الأول يتمثل في الإعتداء على ملكية خاصة ( أولا )، ثم الإعتداء على حريات الأفراد والتي حددها الباب الأول من الدستور ( ثانيا ).

أولا: الإعتداء على الملكية الخاصة
ينص الفصل 35 من دستور 2011 على أنه "يضمن القانون حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد .ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون "
إلى أن الإدارة أحيانا تلجأ إل احتلال عقار أو تضع يدها على منقول مملوك لأحد الأفراد دون إتباع الإجراءات القانونية والمسطرية اللازمة لذلك تحت ذريعة الإستعجال أو تعقد وطول المساطر، وبذلك يتجرد عملها هذا من أية صفة إدارية،  وتنزل منزلة الفرد العادي.
فأمر استعجالي لرئيس المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 6 مارس 2007[18] اعتبر" أن الإدارة بوضع يدها على عقار دون سلوك إجراءات مسطرة نزع اللكية للمنفعة العامة أو مسطرة الإقتناء بالمراضاة يضفي على تصرفها صفة الإعتداء المادي وبالتالي أمر بإيقاف الأشغال التي كانت الإدارة قد بدأتها فوق العقار."
والقضاء الإداري المغربي مليء بأمثلة أخرى ف هذا الصدد، نذكر منها على سبيل المثال: إقدام الدولة على إقامة مدرسة على ملك الغير الخاص دون موافقة أو إذن المالكين، حكم عدد 4 للمحكمة الإدارية بأكادير بتاريخ 6 أكتوبر 1994 ف قضية نسيم ورشيل بن يعيش ضد الدولة الغربية، أو مد قنوات صرف المياه بأرض الطاعن دون رضاه ودون اللجوء إلى مسطرة نزع الملكية، حكم عدد 65 للمحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 23 فباير 1995 في قضية العناية بنداوي ومن معه ضد الجماعة القروية لعين سبت، وكذا استيلاء جماعة حضارية على عقار المدعية واستعماله مستودعا للسيارات والدراجات المحجوزة، حكم عدد 70 للمحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 21 مارس 2001 في قضية شركة الاتصال ومن معها ضد بلدية الدريسية , وكدا حيازة المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء عقار ملوك للغير دون سلوك مسطرة نزع الملكية يعتد اعتداء ماديا، حكم للمحكمة الدارية بالدار البيضاء بتاريخ 29 دجنبر 1999، كما أن هدم عقار المدعي دون وجه حق هو صورة من صور الاعتداء المادي، حكم عدد 17 للمحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 20 فبراير 2002 قضية ميمون  القضاوي ضد عامل إقليم الناظور.[19]
كما قد يكون اعتداء الإدارة على ملكية منقولة وليس فقط على ملكية عقارية، كأن تضع الإدارة يدها على بضائع أو أشياء أخرى منقولة دون موافقة المالك ودون صدور قرار بالاستيلاء، وكأن تقوم ببيع المنقولات المملوكة لتاجر دون إتباع الإجراءات الجوهرية للاستيلاء.
لكن هناك حالات يرفض فيها القضاء تكييف تصرف الإدارة على أنه يشكل إعتداء مادي، فمثلا إذا كان هناك اتفاق مبدئي بين الإدارة والمالك أو الترخيص من هذا الأخير للدولة بالإستيلاء على ملكه والتصرف فيه بشتى أنواع التصرف، حيث ينتفي عنصر المساس بحق الملكية وتنعدم ظاهرة الإعتداء المادي بالرغم من تحققها قانونيا، كذلك العمل المادي غير  المشروع المرتكب في حالة الضرورة أو الظروف الاستثنائية  فإنه لن يرقى إلى اعتداء مادي. فيحكم القاضي برفع الإعتداء وذلك بأمره بالإفراغ، أو بالتعويض عن الضرر الحاصل أو هما معا، إلى انه في حالة قيام الإدارة بإنشاء مرافق فوق العقار الذي نزعته، لن يمكن رفع هذا الاعتداء وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بل تكتفي بالتعويض عن الضرر الحاصل، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكم رقم 525 بتاريخ 26 ماي 2004 حيث جاء في إحدى حيثيات الحكم بأنه بالنظر لكون[20] " العقار موضوع الاعتداء الاداري قد شيد فوقه مرفق عمومي فإن طلب الإفراغ يكون غير مبني على أي أساس لتعذر إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل الاعتداء."

ثانيا: الاعتداء على إحدى الحريات الفردية
لا تقتصر نظرية الاعتداء المادي على حق الملكية فقط، بل تشمل أيضا المساس بأي حرية أساسية أخرى يضمنها الدستور، فنجد الباب الثاني  من دستور 2011  يضمن مجموعة من الحقوق لكل المواطنين كحرية التجول والاستقرار، وحرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع بالإضافة إلى نصوص أخرى من هذا الدستور و التي تضمن لكل المواطنين المغاربة مجموعة من الحقوق السياسية، إلى أن الاجتهاد القضائي الإداري المغربي مازال خجولا نوعا ما في هذا المجال وإن كان هو الذي يحمي المواطنين من تعسف السلطة، وإذا كان القضاء الإداري المغرب غزير بأحكام متعلقة بالاعتداء على الملكية الخاصة، فإن العكس نجده في مجال الاعتداء على الحريات الفردية.
و أهم الأحكام الصادرة في هذا المجال تتعلق أساسا بحرمة السكن وحرية الصحافة، فبخصوص الأول نذكر نازلة علي بوسفية، يتعلق الأمر هنا بأمر استعجال صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 7 نونبر 1999 ضد المفتشية العامة للقوات المساعدة، وتتلخص وقائع هذه النازلة في أن علي بوسفية تعرض مسكنه  للاقتحام من طرف الإدارة حيث قامت بترحيل أمتعته دون سلوك المسطرة القضائية الواجبة الإتباع، فقدم هذا الأخير مقالا استعجاليا أمام المحكمة الإدارية بالرباط لكونه لم يتلقى أي حكم قضائي بالإفراغ، وجاء في إحدى حيثيات هذا الأمر "أن هذا العمل الذي قامت به الإدارة المدعى عليها يشكل انتهاكا لحرمة المنزل المضمونة بالدستور الذي نص في فصله العاشر و الرابع و العشرون في الدستور الجديد على أن المنزل لا تنتهك حرمته، وحيث أن الإدارة حينما تعتدي بشكل صارخ على حق الملكية أو على حق من الحقوق الفردية أو الجماعية، فإن قيامها بتنفيذ عملها الاداري هذا، يدخل في إطار الاعتداء الاداري، ونتيجة لذلك قضت المحكمة بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل إقدام المدعى عليه على اقتحام المنزل".[21]




 محمد الكشبور ، نزع الملكية لأجل المنفعة العامة،قراءة في النصوص و مواقف القضاء، الطبعة الثانية 2007 صفحة 13[1]
[2] مجلة المحاكم المغربية ,عدد86 ,ص 190.
[3] أمال المشرفي :الإعتداء المادي للإدارة في العمل القضائي للمحاكم الإدارية بين التطور والتراجع ,المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية , سلسة مواضيع الساعة,عدد 47 سنة 2004,ص35
[4] مليكة الصروخ :القانون الإداري دراسة مقارنة ,الشركة المغربة للنشر,ط6 نونبر 2006,ص 507.
[5] عبد الله حداد : القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية ,منشورات عكاظ ,ط2, 1995 ,ص49
[6] أشار له : عبد الله حداد : القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية,م.س ,ص49
[7]  مجلة المحاكم المغربية ,عدد86 ,ص 190
 [8] قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية,عدد 86 ,174. 
[9] مصطفى كيرة :نظرية الإعتداء المادي في القانون الإداري ,دار النهضة العربية،1964,ص115.
[10] لحسن سيمو :قضاء الإلغاء و الأعمال المادية الإدارية,مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية,العدد 1 ، 1995، ص41.
 [11]   أحمد أجعون , إختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة , أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،كلية الحقوق أكدال، الرباط، سنة 2000-1999 ص 113
 أورده أحمد أجعون , مرجع سابق ص 114T.C schnieder . 4 Juin 1940 Sirey – p : 248[12]
  [13]  قرار المجلس الأعلى عدد 4 بتاريخ 3 نوفمبر 1972 الأملاك المخزنية ضد محمد بن عمر و من معه,ملف عدد 27127-منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى (1971-1972)ص323
 أورده أحمد أجعون ,مرجع سابق,ص 116E . Desgranges :op.cit p 293 [14]
 أحمد أجعون ,مرجع سابق,ص 116 [15]
 أورده أحمد أجعون , مرجع سابق ص 118T.C Schneider  4 Juin 1940 Sirey-248 ( cité)[16]
[17]  حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 96 بتاريخ  13أبريل 1995 ملف رقم 95\17 قضية شركة بوغاز ش,م ضد الوزير الأول
أمر منشور بجلة المحاكم الإدارية، العدد الثالث، 2008 ص222،.[18]
 الرشدي لحسن رسالة لنيل الماستر في القانون العام الداخلي و الجماعات الترابية سنة 2010-2011ص 12[19]
[20]  حكم منشور بجلة المحاكم الغربية عدد 107، ص .116

[21]  أمر منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 31، مارس-أبريل 2000، ص157