مؤتمر صحفي حول
"جهود خمس سنوات من انخراط نادي قضاة المغرب في مسلسل اصلاح منظومة العدالة
عقد نادي قضاة المغرب ندوة صحفية مساء يوم الخميس 24
مارس 2016 بالرباط حول موضوع "جهود
خمس سنوات من انخراط نادي قضاة المغرب في مسلسل اصلاح منظومة العدالة"، وذلك
تزامنا مع صدور قرار المجلس الدستوري الأخير حول مشاريع قوانين السلطة القضائية،
وهو القرار الذي وضع حدا لجدال كبير عم الوسط القضائي المغربي حول مدى دستورية عدة
مقتضيات أوردتها مشاريع القوانين التي أعدتها الحكومة في اطار مسلسل اصلاح منظومة
العدالة.
افتتحت أشغال الندوة بكلمة الدكتور عبد اللطيف الشنتوف
رئيس نادي قضاة المغرب التي شكر فيها مختلف وسائل الاعلام الوطنية عن دورها في دعم
مسيرة النادي وإيصال أفكاره إلى الرأي العام الوطني، مؤكدا أن الهدف من إقامة هذه
الندوة الصحفية هو تسليط الضوء على المجهودات التي بدلها نادي القضاة مند تأسيسه في
سبيل تكريس قوانين ضامنة للاستقلال الفعلي والحقيقي للسلطة القضائية، حيث بادر إلى
الاسهام في مختلف النقاشات التي عرفتها مشاريع اصلاح القضاء، وعمد إلى اطلاق
مجموعة مبادرات غير مسبوقة في هذا المجال من قبيل :
1- وثيقة المطالبة باستقلال النيابة العامة عن وزارة العدل:
وذلك بتاريخ 05/05/2015 حيث وقعها عليها ازيد من 2000 قاض وقاضية؛
2- المطالبة باستقلال الادارة القضائية عن وزارة العدل،
3- تقييم نتائج أشغال المجلس الأعلى للقضاء الذي كان إلى
عهد قريب مؤسسة منغلقة
4- تسليطه الضوء على طريقة اشتغال المفتشية العامة وضمانات
القضاة أمام هذا الجهاز الذي ظل في منأى عن النقد البناء طيلة عقود
5- اثارته لطريقة عمل المسؤولين القضائيين بالمحاكم وذلك
توخيا لشفافية وتجويد عمل كل هذه المؤسسات
.
وأضاف الدكتور عبد اللطيف الشنتوف أن نادي القضاة اعتمد
في سبيل تحقيق أهدافه وايصال تصوراته على
مجموعة من الآليات الناجعة منها :
1)آلية الاعلام : بحيث انفتح على الاعلام بشكل غير مسبوق مسهما
في تكسير قيود ما عرف بموجب التحفظ إن على صعيد المشاركة في البرامج الحوارية والتصريحات
بمختلف القنوات المغربية والدولية بحيث بلغت هذه المشاركات في مجموعها حوالي 30
مشاركة، وكذا البرامج الاذاعية الوطنية بحيث بلغت أكثر من 70 مشاركة، وكذا
الحوارات الصحفية الطويلة التي بلغت حوالي 20 حوار، والقصيرة 45 حوار، أما
المقالات التي كتبها أعضاء النادي مند التأسيس والمتعلقة فقط بموضوع استقلال
القضاء فبلغت ما يزيد عن 375 مقال صحفي وعلمي، وقد ثم عقد 05 ندوات صحفية.
2)آلية تنظيم الندوات والمشاركة فيها : نظم نادي قضاة المغرب العديد من الندوات الوطنية
والجهوية والورشات التي لها علاقة بقوانين
السلطة القضائية بشكل عام أو لها علاقة
بها ولكنها مركزة على موضوع محدد كندوة استقلال النيابة العامة بالراشدية
وندوة التفتيش القضائي بالقنيطرة وندوة
مفهوم واجب التحفظ في طنجة وقد بلغ مجموع هذه الندوات التي نظمها النادي حوالي 55 ما بين ندوة وورشة دون احتساب الندوات التي لها طبيعة قانونية
صرفة، وأما عن المشاركات في الندوات
المنظمة بشكل مشترك أو مجرد مشاركة فبلغت حوالي 335 مشاركة مسجلة دون احتساب من
شارك بشكل فردي من الاعضاء.
3)التعاون مع الفعاليات الحقوقية والمجتمع المدني
والمؤسسات الرسمية : شارك النادي في
العديد من الأنشطة برفقة الجمعيات الحقوقية والمؤسسات الرسمية أهمها المجلس الوطني
لحقوق الانسان ووزارة العدل والحريات ومؤسسة البرلمان ، كما كان أحد الأعضاء
المؤسسين لمبادرة النسيج المدني للدفاع عن استقلال القضاء التي توجت أعماله بإقامة
مناظرة وطنية كبرى سنة 2014 .
4)آلية الاحتجاج : كان نادي قضاة
المغرب في بعض الاحيان مضطرا إلى أن يلفت نظر الجهات المختصة بواسطة الاحتجاج بعدما كانت مطالبه تواجه بعدم الاكتراث
واللامبالاة ، ومع ذلك فإن هذه الاحتجاحات لم تمس حق المواطن المتقاضي في شئ إما
لكون مختلف الأشكال التعبرية التي قام بها النادي إما أنها رمزية مثل حمل الشارات
اثناء العمل وإما لأنها كانت تقام خارج اوقات العمل، مع توجيه للقضاة المداومين
بعدم الحضور كما هو الحال بالنسبة للوقفات .
5)آلية الحوار والانفتاح على المؤسسات الدستورية :
رغم حدة الخلافات التي
طبعت علاقة نادي قضاة المغرب بوزارة العدل
فإنه مع ذلك انفتح على الكثير من دعوات الحوار التي وجهت اليه او جاءت مبادرات
لأطراف اخرى ولكن نتائج هذه الحوارات لم تكن
مهمة مما حتم على النادي الانسحاب
منها في بعض الاحيان .
كما تم الانفتاح على
مؤسسة البرلمان من خلال لقاء الفرق البرلمانية وتقديم تصورات النادي اليها سواء في
اطار مجلس النواب ومجلس المستشارين .
ومواكبة من نادي
قضاة المغرب فقد طالب منذ البداية بضرورة استحضار المستجدات الدستورية المتعلقة
بالسلطة القضائية عند صياغة مشاريع القوانين المؤطرة لعمل هذه السلطة، غير أن هذا المطلب
لم يجد صدى له عند صياغة مشاريع قوانين السلطة القضائية (مشروع النظام الأساسي
للقضاة و مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية)، حيث تضمنت هذه المشاريع
عددا من الآليات الماسة بضمانات استقلال السلطة القضائية، وهو ما اعتبره نادي قضاة
المغرب من خلال بياناته، التفافا واضحا على مضامين الدستور الجديد، فكان القول
الفصل للمجلس الدستوري الذي أكد في قراره الصادر بتاريخ 15 مارس2016، تحت عدد
16/992 والقرار عدد: 16/991 على عدم دستورية عدد من المقتضيات الواردة في القانونين
التنظيمين المتعلقين بالنظام الأساسي للقضاة والمتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة
القضائية، و فيما يلي بعض الجوانب التي حسم المجلس بشأن دستوريتها :
أولا-على مستوى القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة:
1- استقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية.
انطلاقا من اقتناعه الصميم بكون استقلال السلطة القضائية
كل لا يتجزأ، فقد طالب نادي قضاة المغرب منذ البداية باستقلال النيابة العامة عن
السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل، حيث أصدر وثيقة تاريخية للمطالبة باستقلال
النيابة العامة، وهو المطلب الذي تجاوب معه جل قضاة المملكة من خلال توقيعهم على
عريضة المطالبة باستقلال النيابة العامة، خاصة في ظل بروز عدد من التأويلات
المخالفة للدستور، التي طالبت أساسا بتبعية النيابة العامة للسلطة التنفيذية ممثلة
في وزير العدل، فجاء قرار المجلس الدستوري ليؤكد مطلب نادي قضاة المغرب، و يحسم
الجدل القائم حول استقلالية النيابة العامة عند مناقشته لمقتضيات المادة 25 من
مشروع النظام الأساسي لرجال القضاء، حين نص بشكل صريح على أن جهاز النيابة العامة
هو مكون من مكونات السلطة القضائية، و أنه مشمول بصبغة الاستقلال شأنه شأن قضاء
الحكم، و أنه تبعا لذلك لا يمكن إسناد مهمة رئاسته لمكون خارج السلطة القضائية.
2- ضمانة عدم النقل.
تفاديا
للتأثير في استقلالية القضاة أثناء أدائهم لمهامهم عن طريق آلية النقل، نصت المادة
108 من الدستور المغربي، ومعها مختلف المواثيق الحقوقية الدولية على ضمانة عدم
قابلية القضاة للنقل، و ذلك باعتبارها أحد ضمانات السلطة القضائية المستقلة، إلا
أن مشروع النظام الأساسي للقضاة أسس لمنحى مغاير لهذه الضمانة من خلال المادتين 35
و 72، حيث فتح المجال لنقل القضاة تلقائيا في غياب أي معايير موضوعية واضحة تؤطر
هذا المجال، و هو الأمر الذي ما فتئ نادي قضاة المغرب ينبه إلى خطورته، باعتباره
أحد أهم منافذ المس باستقلال السلطة القضائية، فجاء قرار المجلس الدستوري واضحا
بهذا الخصوص عند مناقشته لمقتضيات المادتين 35 و 72 من مشروع النظام الأساسي
للقضاء، حيث اعتبر أن عـدم القـابلية للنقـل من الضمانات الأساسية المخولة لقضاة
الأحكام، و أنه لا يجوز أن يقرر نقل قضاة الأحكام، دون طلب منهم إلا بصفة
استثنائية، يبررها ضمان حق التقاضي المكفول دستوريا للمواطنين؛ وهو بذلك يؤكد على أن
الاستثناء الوحيد الذي يمكن من خلاله اللجوء إلى النقل التلقائي للقضاة، مرتبط بضمان
الحق في التقاضي المكفول دستوريا للمواطنين، داعيا إلى ضرورة ضمان التوازن بين
المبدإ الدستوري القاضي بعدم قابلية قضاة الأحكام للنقل، والمبدإ الدستوري الذي
يكفل للمواطنين حق التقاضي و المساواة أمام القانون، هذه المساواة التي تستلزم حسب
تعبير المجلس " أن توضع رهن إشارة المواطنين، المحاكم الضرورية والقضاة
اللازمون لجعل حق التقاضي المخول دستوريا للمواطنين حقا مكفولا فعليا"، و عليه
فإن ما تضمنته مقتضيات المادتين 35 و 72 من مشروع النظام الأساسي لرجال القضاء من
حالات غير تلك المرتبطة بضمان حق المواطن في التقاضي و المساواة أمام القانون،
تعتبر حالات غير دستورية بما في ذلك حالة النقل التلقائي على إثر الترقية، مادامت
المادة 72 قد نصت على الاستثناء المقرر من قبل المجلس الدستوري في حالتين أخرتين
هما : حالة إحداث محكمة أو حذفها؛ و حالة شغور
منصب قضائي أو سد الخصاص، لذلك نجد أن المجلس الدستوري لم يقر بدستورية المادتين
أعلاه على حالتهما بشكل قطعي، و إنما أوجب مراعاة ما أورده من ملاحظات بخصوص
الاستثناء الوارد على ضمانة عدم النقل و الذي لا يشمل حالة النقل على إثر ترقية.
3- حق القضاة في التعبير.
لقد
طالب نادي قضاة المغرب من خلال مذكراته و البيانات الصادرة عنه، بضرورة احترام
الحقوق و الحريات المكفولة للقضاة دستوريا و كونيا، بما في ذلك حقهم في التعبير و
في تأسيس الجمعيات و الانتماء إليها وفق ما نصت عليه مقتضيات المادة 111 من
الدستور، و كذا مختلف المواثيق الحقوقية الدولية، التي أقرت حق القضاة في التعبير،
غير أن مشروع النظام الأساسي للقضاة كان له رأي آخر بشأن هذه الحقوق حين أوجد
آليات للمس بها من خلال منع القضاة من تسيير الجمعيات غير المهنية، وكذا وضع
مقتضيات فضفاضة تتيح المس بحق القضاة في التعبير كما هو الشأن بالنسبة للمقطع
الثاني من المادة 97 من المشروع النظام الأساسي للقضاة الذي جعل من الإدلاء بتصريح
يكتسي صبغة سياسية خطأ جسيما، وهو ما أشار إليه المجلس الدستوري في قراره المذكور
سلفا، حين اعتبر أن هذه المخالفة بالنظر لعمومية العبارات التي صيغت بها، ليست من
الأسباب التي تستدعي التوقيف الفوري للقاضي، و أن اعتبار الإدلاء بتصريح يكتسي
صبغة سياسية موجبا لتوقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه، غير مطابق للدستور.
4-الأوامر
الشفوية الموجهة لقضاة النيابة العامة.
لقد شدد نادي قضاة المغرب منذ وضع مشروع النظام الأساسي
لرجال القضاء على عدم دستورية مقتضيات المادة 43 من مشروع النظام الأساسي للقضاة،
التي تلزم قضاة النيابة العامة بالامتثال للأوامر الشفوية لرؤسائهم، و اعتبر
المقتضى مخالفا لمقتضيات المادة 110 من الدستور التي تلزم قضاة النيابة العامة
بتطبيق القانون أساسا، و استثناء تنفيذ التعليمات القانونية الكتابية لرؤسائهم، و
هو الأمر الذي أكده قرار المجلس الدستوري حين اعتبر أن الأوامر الواردة في الفقرة الأخيرة
من المادة 43 المذكورة أعلاه، الموجهة إلى قضاة النيابة العامة من طرف رؤسائهم التسلسليين،
لا يمكن أن تلزم هؤلاء القضاة، إذا كانت تهم اتخاذ النيابة العامة لمقرراتها، إلا
إذا كانت في شكل تعليمات كتابية، و هو بذلك يؤكد عدم دستورية المادة المذكورة على
حالتها، ويلزم بضرورة مراعاة ما أورده من ملاحظات بخصوص اشتراط الكتابة بالنسبة
للتعليمات المرتبطة بمقررات النيابة العامة.
5-الخطأ الجسيم المنسوب للقضاة.
لقد طالب نادي قضاة المغرب منذ وضع مقتضيات المادة 97 من
مشروع النظام الأساسي للقضاة بضرورة إعادة النظر في هذه المقتضيات لعدم دستوريتها،
بالنظر لما توفره من آليات للمس باستقلالية القضاة أثناء أدائهم لمهامهم، و ذلك
بسبب الصياغة غير الدقيقة لهذه المادة، التي تحيل لحقبة التشريع القائم على عبارة
"كل ما من شأنه..."، و كذا لما تضمنته المادة المذكورة من حالات غير
منسجمة مع أحكام الدستور و مع القوانين الجاري بها العمل عند تحديدها لحالات الخطأ
الجسيم، كما هو الشأن بالنسبة للخطأ القضائي الذي اعتبرته المادة 97 خطأ جسيما
موجبا للإيقاف، في وقت أوجد له المشرع طرقا للمعالجة من خلال آليات الطعن التي
يكون الهدف من ورائها تصحيح ما قد يقع من أخطاء أثناء نظر الدعاوى، و كذا من خلال
آلية التعويض عن الخطأ القضائي المنصوص عليها في المادة 122 من الدستور، و لذلك
طالب نادي قضاة المغرب بضرورة مراجعة مقتضيات المادة 97، فكان صدى هذه المطالبة
بأن أقر المجلس الدستوري بعدم دستورية بعض المقتضيات الواردة في المادة 97،
المتسمة بالعمومية و التي تعتبر مدخلا للمس باستقلال القضاة، حيث جاء في بعض
حيثيات القرار ما يلي : (اعتبارا للعواقب الوخيمة المترتبة عن توقيف القاضي
ومراعاة لجسامة مسؤولياته، فإن على المشرع أن يحدد الحالات التي يعتبرها مكونة
للخطأ الجسيم، وأن يستعمل في ذلك عبارات دقيقة وواضحة لا يعتريها لبس أو إبهام؛
وحيث إنه، تأسيسا على كل ذلك، فإن ما نصت عليه الفقرة
الثانية من المادة 97 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة من أنه
يعد خطأ جسيما "بصفة خاصة"، يوحي بوجود حالات أخرى يمكن أن تعد خطأ
جسيما غير تلك المذكورة صراحة في هذه المادة، مما يجعل عبارة "بصفة
خاصة" مخالفة للدستور)، كما أقر المجلس بعدم دستورية ما ورد في البند الأول
من نفس المادة الذي جعل من (إخلال القاضي بواجب الاستقلال والتجرد والنزاهة
والاستقامة) خطأ جسيما، معتبرا أن هذه المخالفة، بالنظر لعمومية العبارات التي
صيغت بها والتي تجعلها تفتقر إلى مضمون محدد، لا يمكن أن تكون أساسا لتوقيف القاضي
حالا عن مزاولة مهامه، الأمر الذي يجعل هذا البند مخالفا للدستور بدوره،
أما بخصوص الخطأ القضائي فقد أكد المجلس على أن القـاضي
لا يسأل عن الأخطاء العادية التي يرتكبهـا عند قيامه بالإجراءات المسطرية أو عند
إصداره للأحكام والتي من أجل تصحيحها وجدت درجات التقاضي وطرق الطعن، وهي أخطاء
يحق لكل من تضرر منها الحصول على تعويض تتحمله الدولة، طبقا للفصل 122 من الدستور،
و أن حرية القاضي في تفسير وتطبيق القانون، حسب فهمه وقناعته، بما يحتمله ذلك من
الخطإ والصواب، من شروط استقلال القاضي الذي لا يمكن تصوره دون توفر الحرية
المذكورة، و أن الخرق الخطير لقاعدة مسطرية تشكل ضمانة أساسية لحقوق وحريات
الأطراف وكذا الخرق الخطير لقانون الموضوع، لا يمكن اتخاذه أساسا لتوقيف القاضي
ولا لمتابعته تأديبيا إلا بعد ثبوته بحكم قضائي نهائي؛ واضعا في نهاية المطاف
تعريفا محددا لمفهوم الخطأ الجسيم، حيث اعتبره : ( كل عمل إرادي أو كل إهمال أو
استهانة يدلان على إخلال القاضي، بكيفية فادحة وغير مستساغة، بواجباته المهنية لدى
ممارسته لمهامه القضائية.
ثانيا-على
مستوى القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية:
1- المفتشية العامة للشؤون
القضائية : موقف المجلس الدستوري بشأن المفتشية العامة للشؤون القضائية يعتبر
انتصارا للإرادة الدستورية و قطعا للطريق على الالتفاف الذي أرادت وزارة العدل و
الحريات أن تكرسه من خلال جعل المفتشية تنظم بموجب قانون و هو ما يجعلها رهن إشارة
السلطة التنفيذية ، و في هذا السياق جاء في قرار المجلس ما يلي : " وحيث إن مبدأ
استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، المقرر في الفصل 107
من الدستور، يقتضي إسناد مهمة تفتيش الشؤون القضائية – التي لا تكتسي صبغة إدارية
أو مالية محضة – إلى جهة تنتمي إلى السلطة القضائية؛"
2- حضور وزير العدل لأشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية : ما ذهب إليه
المجلس الدستوري من جعل حضور وزير العدل لأشغال المجلس لن يكون إلا في إطار
اعتباره من ضمن الشخصيات التي يأخذ المجلس رأيها و يستفسرها في بعض الأمور و بناء
على طلب المجلس ذاته ، أو بناء على طلب وزير العدل وموافقة المجلس الأعلى للسلطة
القضائية و ليس بصورة تلقائية و بمجرد طلب وزير العدل هو موقف سليم و موافق لروح
الدستور . جسده من خلال قراره الذي جاء فيه : " وحيث إن حضور الوزير
المكلف بالعدل في اجتماعات المجلس الأعلى للسلطة القضائية لا يجوز أن يتم إلا بطلب
من المجلس أو بطلب من الوزير بعد موافقة المجلس؛ "
3- تدبير
الوضعية المادية للقضاة :سبق لنادي قضاة المغرب أن أكد على ضرورة جعل استقلال
السلطة القضائية معززا باستقلالها المالي كسلطة و استقلال قرارها المالي في ما
يتعلق بتدبير الوضعية المالية للقضاة ، وفي هذا الصدد جاء موقف المجلس الدستوري الذي قصر دور وزارة العدل
و بتعاون مع وزارة المالية في تنفيذ قرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في هذا
الشأن بتعاون المصالح المالية للمجلس عاليا
ويؤكد ذلك ما جاء في قرار المجلس من أن ذلك : " يتم بتعاون مع المصالح المختصة للمجلس ويقتصر على تنفيذ مقررات هذا الأخير "، ويعتبر بالفعل مدخلا أساسيا في أفق تحقيق الاستقلال
التام في هذا الباب وضمان عدم التأثير بأي وجه من الوجوه.
4- تقارير
السيد الوكيل العام لمحكمة النقض المتعلقة بتنفيذ السياسة الجنائية : إن إقرار
المجلس الدستوري لخصوصية المركز الدستوري للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض يجعل
منه شخصية لا يمكن أن تتساوى من حيث التعامل كما تعامل بها باقي الشخصيات الأخرى ،
و لذلك يمكن اعتبار الموقف الذي سار فيه المجلس الدستوري من عدم دستورية تقديم
الوكيل العام للملك لتقريره حول تنفيذ السياسة الجنائية أمام السلطتين التشريعية و
التنفيذية موقفا مهما و يسير في المنحى المكرس لسلطة قضائية مستقلة عن السلطتين
المذكورتين .
5- الإدارة
القضائية : إن موقف المجلس الدستوري من تكريس التمييز الحقيقي بين الإدارة
العمومية و الإدارة القضائية يعتبر موقفا متقدما ومنسجما مع إرادة القضاة التي ما
فتئوا ينادون بها في الكثير من محطاتهم بهدف انتاج خدمة قضائية في صالح المواطنين
اولا وأخيرا، ويؤكد أن موقف المجلس الدستوري الذي جاء فيه : " وحيث إنه، لئن كانت الإدارة العمومية موضوعة، بموجب الفصل 89 من الدستور،
تحت تصرف الحكومة، فإن الإدارة القضائية تتميز عن باقي الإدارات العمومية
بمساهمتها المباشرة في تدبير الشؤون القضائية المندرجة بطبيعتها في مهام السلطة
القضائية؛
وحيث إن مبدأ استقلال السلطة القضائية عن السلطتين
التشريعية والتنفيذية، المقرر في الفصل 107 من الدستور، لا يمكن اختزاله في المجلس
الأعلى للسلطة القضائية واختصاصاته المحددة في الفصل 113 من الدستور؛
وحيث إن هذا المبدأ لا يمكن إعماله دون توفر المسؤولين
القضائيين على صلاحية الإشراف على المصالح الإدارية للمحاكم؛ " يجعل لمن مركز
المسؤول القضائي مركزا حقيقيا و ليس شكلا ، يؤهله لتصريف مرفق العدالة تصريفا
يتناسب و طبيعة عمل السلطة القضائية .
وفي
الختام تم التأكيد على أنه
رغم أن المجلس الدستوري وفي قراءة
أولية (قانوينة صرفة) لقراريه لم
يتطرف لكثير من المواضيع الذي لها صبغة
دستورية ومكرسة في مقتضيات دستورية أخرى،
من قبيل اشتراط اقامة القضاة في الدوائر التي يعملون بها وهو ما يتعارض مع حرية التنقل
والتجوال كمبدأين دستورين، إذ ان المحاسبة تقتضي محاسبة القضاة على التقصير في
واجباتهم المهنية وليس على مكان سكناهم ، ثم كذلك ما يتعلق بالحق الجمعوي غير
المهني للقضاة الذي هو من الحقوق الأساسية لكل مواطن ، وكذا اشتراط أقدمية 07 سنوات للترشح لعضوية المجلس الاعلى للسلطة القضائية لأن هذا القيد الجديد سوف يقصي قضاة محاكم
الدرجة الاولى من حق التمثيلية داخل المجس الاعلى للسلطة القضائية، وكذلك اشتراط
الإذن لممارسة التدريس والبحث العلمي والإشارة
للصفة في التأليف العلمية، فضلا عن عدم
تعرضه لتطبيقات مبادئ الحكامة والمحاسبة
في التعيين بمناصب المسؤولية القضائية،
لكن مع ذلك يمكن القول ان المجلس الدستوري
خطا خطوة مهمة في تفسير بعض المواد وتقديم تعريفات لبعض المواضيع الشائكة كالخطأ
الجسيم ،مثلا ، بطريقة سوف تجعل المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤطرا بالقرار
التفسيري للمجلس الدستوري بشكل الزامي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق