إيقاف تنفيذ الديون العمومية
المؤلف: سعيد العمري
إذا كان يقصد بتحصيل الديون العمومية
مجموع العمليات و الإجراءات التي تهدف إلى حمل مديني الدولة أو الجماعات المحلية وهيئاتها
والمؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها
العمل، أو ناتجة عن أحكام و قرارات القضاء أو عن الاتفاقات، فإن الأصل في الأمور هو
تميز هذه الديون بالنفاذ.
لكن رغم ذلك، أقر القضاء إمكانية
إيقاف إجراءات تحصيل الديون العمومية الذي يعني ذلك الحكم الذي بموجبه يرى القاضي الإستجابة
بناء على طلب مديني الدولة والمؤسسات العمومية وبعد توفر شروط معينة أن يوقف مؤقتا
إجراءات تحصيل تلك الديون إلى حين البت بحكم نهائي في المنازعة في موضوع الدعوى.
وتتميز هذه المسطرة عن مسطرة وقف
الأداء بكون هذه الأخيرة هي مسطرة إدارية لتأجيل الأداء منظمة بنصوص خاصة (المادتين
117 و 118 من مدونة تحصيل الديون العمومية) يملك فيها المحاسب سلطة تقديرية واسعة،
في حين أن مسطرة إيقاف إجراءات تحصيل الديون العمومية هي مسطرة قضائية تقرر بناء على
حكم أو قرار قضائي في إطار ضوابط قانونية موضوعية حددها الفصل 149 من قانون المسطرة
المدنية المحال عليه بموجب المادة السابعة من القانون رقم 90.41 المحدثة بموجبه المحاكم
الإدارية.
ويشترط لإيقاف إجراءات تحصيل الديون
العمومية أمام القضاء الإداري الإستعجالي، حسبما إستقر عليه الإجتهاد القضائي المغربي
في إطار القواعد العامة للاستعجال المنصوص عليها في الفصل 149 أعلاه، توافر شرطين تقليديين
وهما : جدية المنازعة التي يقصد بها المنازعة الجدية في مبدإ الإخضاع الضريبي أو في
مسطرة فرض الضريبة الآيلة بحسب الظاهر إلى ترجيح إلغاء تلك الضريبة، وعنصر
الإستعجال المستمد من حدوث أضرار يصعب تداركها عند تنفيذ إجراءات التحصيل في مواجهة
المدين، لينضاف إليهما فيما بعد شرطا ثالثا ألا وهو وضع الضمانات الكافية كما هو منصوص
عليها في المادة 118 من القانون رقم 97.15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية السالف
الذكر، وهو ما قد يتنافى وطابع الإستعجال الذي يهدف إلى تجنيب المدين، شخصا طبيعا كان
أو معنويا، كل ما من شأنه أن يتسبب له في أضرار وخيمة قد يصعب تدارك نتائجها في المستقبل،
ويتنافى كذلك ومبدأ المساواة لكون الضمانة تضعف المركز القانوني للمدين الذي يعتبر
الطرف الضعيف في المنازعة الجبائية، الأمر الذي حدا بالقضاء الإداري المغربي، حماية
لمبدأ العدالة الجبائية ومراعاة لمصالح المدينين حسني النية، إلى الحكم بإيقاف تنفيذ
تحصيل الديون العمومية في مواجهتهم ولو بدون إيداع الضمانات المشار إليها أعلاه إلى
حين البت في دعوى الموضوع.
وهذا ما جعل القاضي الإداري هو
الحامي الطبيعي للحقوق والحريات، والضامن لمصالح الأفراد في سياق تحقيق ذلك التوازن
المفقود بين طرفي علاقة غير متكافئة، من خلال مراعاة مصالح المدينين وصون الأموال العمومية
وحمايتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق