تعليق على قرار محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء بثاريخ 2013/05/06 حول الرهن المنصب على المواد والمنتجات.
أسامة بن جلون
باحث في القانون الخاص
( كلية الحقوق الدار البيضاء )
القرار المدروس :قرار صادر عن محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء
رقم2013/2537 بثاريخ 2013/05/06
غير منشور
تمهـــــيـــد :
يتعلق الأمر بقرار استئنافي صادر عن المحكمة المذكورة
أعلاه في خصومة بين كل من شركة البنك الشعبي الرباط كمستأنف,وشركة صوماروز كمستأنف
عليها الكائن مقرها الإجتماعي بالقنيطرة
,و ذلك في شخص ممثليهما القانونيين
جدير بالذكر أن هذا النزاع قد عرف عدة مراحل على مستوى
التقاضي,ذلك أنه مر من المرحلة الإبتدائية,,الإستئنافية للطعن بالإستئناف في
الحكم,ثم مرحلة النقض لتتدخل في النضر في النزاع محكمة القانون,لذلك فهذا القرار
موضوع البحث و التعليق جديرٌ بالدراسة و حريٌ بالمتابعة,فنعرض إذن صورة و اجراءات
الدعوى تباعا في دراستنا هذه
مقــــدمـــــة :
قــدم البنك المذكور (البنك الشعبي بالرباط) لشركة
صومازور الموجود مقرها الإجتماعي بالقنيطرة تسهيلات و قروض,فأبرم معها على سبيل
ضمان الوفاء بالدين تجاهه عقد رهن من الدرجة الثانية انصب على سلع مملوكة للشركة
المدينة
لكن الشركة توقفت عن أداء الأقساط المستحقة و الثابتة في
ذمتها ما دفع البنك إلى التقدم إلى المحكمة التجارية لافتتاح دعوى في
مواجهة الشركة المدينة مطالبة باسترجاع دينها موضوع الرهن
و في طلبه هذا استند إلى الفصل386 من مدونة التجارة الذي يجيز للمقرض في
حالة توقف المدين عن اداء لدين موضوع الرهن أن يقدم مقالا إلى قاضي المستعجلات
داخل أجل 10 أيام من حلول أجل أداء القسط, بموجبه يحصل على أمر ببيع السلع
المرهونة بالمزاد العلني وفق الشكليات و الإجراءات المنصوص عليها في الفصل المذكور
لكن المحكمة التجارية قضت برفض طلب المدعية,فلم تسمح له
بتحقيق الرهن و الحصول على مبلغ الدين لتخلف شروط سيأتي ذكرها
استأنف البنك المدعي الحكم,قائلا بمجانبته للصواب,و كان
سنده أن المشرع لم يرتب أي جزاء على تخلف قيد الرهن بالسجل المخصص لهذه اتقييدات
بكتابة ضبط المحكمة التجارية,وكذلك هو الحال بالنسبة لرهن الأصل التجاري و رهن
معدات و أدوات التجهيز,معتبرا هذا القيد مجرد مسطرة إشهارية لعقد الرهن و ضامنة لاستحقاق
الأولوية عن باقي الدائنين في استخلاص الدين
الشيئ الذي أقنع محكمة الإستئناف التجارية و دفعها إلى الإعتداد بهذا
الإستئناف و قبول الطلب أي الأمر ببيع السلع المرهونة بالمزاد العلني من طرف كتابة
الضبط بواسطة رئيس كتابة الضبط بالمحكمة التجارية بالرباط مع تحديد ثاريخ البيع و
إنذار المدين مع إعلام العموم بالوسائل المقررة قانونا في المادة 386 المذكورة
لكن الطعن في هذا القرار من طرف المتضرر منه و هو شركة
صوماروز المستأنف عليها نقل ولاية النضر في النزاع إلى محكمة النقض التي أصدرت قرارا بنقض القرار
الإستئنافي و إحالة القضية على محكمة الإستئناف للنضر فيه من جديد بهيئة مكونة من
قضاة آخرين
و هنا تقدم كل من الخصمين بملتمساته و آراءه
فالبنك,في شخص موكله "ع,غ"قد عارض بعد النقض و الإحالة ما انتهت إليه
محكمة النقض في قرارها ,إذ قال أنها مخطأة في تصورها لشروط صحة تحقيق الرهن المنصب
على السلع المستمدة من م,ت,حينما اشترطت على وجه الوجوب وجود عقد رهن مكتوب
بالإضافة إلى قيد الرهن بسجل مخصص لذلك بكتابة ضبط المحكمة التجارية,و هذا حسب
رأيه متناقض مع مدلول المادة 386 من م.,ت التي تنص على إمكانية بيع
المنثجات أو السلع المرهونة بالمزاد العلني بطلب موحه إلى قاضي المستعجلات بمجرد
رفض المدين للوفاء بدينه تجاه الدائن
المرتهن عن طريق التماس ذلك من قاضي المستعجلات
كذلك دعم رأيه و مطلبه بحالات مماثلة في التشريع المغربي
و بالضبط المادة 114 من مدونة التجارة التي تسمح بتحقيق الرهن المنصب على الأصل
التجاري بلا اشتراط لأي إجراء غير مرور 8أيام على ثاريخ توجيه الإندار اللمدين
الراهن دون استجابة من هذا الاخير,كذلك هو الحال في رهن أدوات و معدات التجهيز
أما شركة صوماروز,فقد تمسك موكلها,بأن الرهن في هذه النازلة منصب على سلع
دون نقل لحيازتها,و المشرع هنا ينص صراحة على ضرورة كتابة عقد الرهن,عملا بالمادة
379 من المدونة المذكورة,كما شدد على دور قيد عقد الرهن و أهميته كمنشئ للأولوية
في استخلاص الدين عن باقي الدائنين و كشرط صحة في تحقيق الرهن المنصب على السلع و
المنثجات كما جاء بالمادة 381,و لم يغفل الإشارة إلى الجزاء المرصود لعدم تجديد
القيد في أجل 15 شهرا من قيده و هو التشطيب التلقائي على عقد الرهن,لينتهي في قوله
بأنه-و الحالة هذه و التي تكون فيها العلاقة التعاقدية بين طرفي الخصومة لا تنم
على تقييد عقد الرهن و بالتبعية عدم تجديده-,لا يمكن الحياد عن المطالب الأساس و
هو إلغاء الحكم الإستئنافي و الحكم من جديد برفض طلب البنك كطرف مستأنف
و بعد المـــداولة أصدرت محكمة الإستئناف قرارها
في القضية و كان هو رفض طلب البنك المستأنف,وذلك لعدم تقييد عقد الرهن بالسجل
المخصص لهذه العملية بكتابة ضبط المحكمة التجارية,وذلك يوم 2013/04/13
فضاهر تنصيص المدونة على أهمية القيام بالإجرائين
المذكورين (الكتابة و القيد),ليصح تحقيق الرهن و يضمن المستفيد منه امتبازه منه
الشيئ الذي يمكننا من صياغة الإشكال الثالي
1-
ما هي إذن شروط صحة و جواز تحقيق الرهن المنصب على
المواد و المنثجات؟
2-
و ما الآثار المترتبة عن توافرها من تخلفها؟
الــعــــــــرض :
أمامنا نازلة
تعرف تعارضا بين وجهتي نضر قانونيتين:
الأول:طلب تحقيق الرهن المنصب على المواد
و المثجات دون اشتراط لأي قيد في ذلك,غير حلول أجل الإستحقاق و رفض
الراهن أداء دينه,و هو طلب استند المتمسك به إلى المادة
386 المذكورة
الثاني:حكم القضاء برفض هدا الطلب,لعدم جواز تحقيق الرهن في الحالة
المدروسة,لوجوب القيام بالإجراءات اللازمة لصحته,و إذ ذاك يصح بيع السلع المرهونة
قصد حصول المدين على مبلغ الدين المقدم للشركة ,و المحكمة في ما ذهبت إليه مؤازرة
بالمواد 379 الموجبة للكتابة,381 التي اشترطت القيد بسجلات كتابة الضبط....,و383
المرتبة لجزاء التشطيب التلقائي على الرهن المقيد عند عدم التجديد
:فنناقش إذن إشكالية القضية بعد أن تبينت من وجهين أو
مبحثين على النحو الثالي
المبحث الأول: شروط تحقيق الرهن المنصب على المواد و
المنثجات في التشرع المغربي :
بالعودة إلى النصوص القانونية و بالضبط لمدونة التجارة
المنضمة لعقد رهن المواد و المنثجات من المواد378 إلى392
نجد أن الفصل 379 يلزم المتعاقدين بإثبات الرهن بعقد رسمي أو عرفي و ذلك
وفق البيانات الواردة بالمادةو هو إجراء متوافر في النازلة المدروسة ,كما نجد
تنصيصا على ضرورة قيد الرهن بسجل خاص بكتابة الضبط الموجودة بدائرة نفوذها السلع
المرهونة و لذلك حسب المادة 381,و قد أغفل البنك القيام بهذا الإجراء,هناك أيضا
جزاء التشطيب على القيد من السجل المقيد به إن لم يجدد قبل عام و ثلاتة أشهر من
قيده و ذلك حسب المادة384
إذن يتبين لنا أنه ثمة اجراءان قانونيان تؤطر شروط تحقيق
الرهن,يجب على العاقدين أن يلتزما بها خلال إبرامهما لهذا العقد,أو كضمان عيني
تبعي
فعلى أساس المقتضيات التشريعية المذكورة انبنى الحكم
الإبتدائي الذي قضى برفض طلب البنك,والذي تأيَد كذلك بالقرار
الإستئنافي الصادر بعد الإحالة من طرف محكمة النقض...بناء على الطعن بالنقض,فإتيان
هذه الإجراءات يحدد إمكانية تحقيق الرهن من عدمها
و أما ما اتخذه البنك في ادعاءه أول الأمر امام المحكمة التجارية,و تمسك به
أمام محكمة الإستئناف,و هو خلو تحقيق الرهن كتدبير من أي ضوابط قانونية باستثناء حلول
أجل الدين و امتناع الراهن عن أداء الدين و سنده في ذلك المادة 386 بالطبع
التي تمنح للدائن الحق في المطالبة قضائيا ببيع السلع
المرهونة قصد استرداد مبلغ الدين,عن طريق مقال موجه لقاضي المستعجلات كما سبق
البيان داخل 10 أيام من امتناعه عن الوفاء ليصدر القاضي أمره في اجل 15 يوما
منثاريخ إيداع المقال
و الحق أن هذا الحق لا يتناقض مع المواد المدكورة
(379,382,و383),لأنه-أي الحق في تحقيق الرهن-لايثبتإلا عند القيام بالإجرائين
المذكورن أكثر من مرة في دراستنا لملابسات الملف,أي ابرام عقد الرهن في شكل
مكتوب,ثم قيده بالسجل المخصص لهذه التقييدات بكتابة ضبط الحكمة التجارية,فإن غاب
هذان الشرطان,وخصوصا القيد فلا حديث عن بيع للسلع المرهونة بالمزاد العلني,لكونهما
شرطا صحة في هذا الإجراء
المبحث الثاني:الآثار المترتبة عن توافر شروط تحقيق
الرهن بهذا العقد,أو تخلفها:
إذا ما ثم قيد الرهن المبرم في شكل مكتوب سواء كان رسميا
أو عرفيا بسجل ممسوك من طرف كتابة ضبط المحكمة التجارية فإن ذلك القيد ,يمكن
الدائن المرتهن من ضمان استحقاقه للمطالبة القضائية بتحقيق الرهن كلما قوبل برفض
المدين الراهن لأداء قسط أو مبلغ الدين كما ينشئ حقه في استيفاء حقه بالأولوية عن
باقي الدائنين
أما لو تخلف القيام بأحد الإجرائين فإن الحق في استرجاع
الدين من ثمن بيع السلع بالمزاد يسقط,كأن يكون قد أبرم عقدا بالرهن و لم يقيده
بالسجل,كما هو الحال بالنازلة المدروسة
فبعض النضر عن صحة التصرف,فإن المشرع قد اشترط إتيان شكليات
معينة و محددة و هي الكتابة,كذلك القيد فلو ثم الإخلال بها لا اعتداد بصحة
التصرف أو العقد
فهذه حالات يسقط فيها الحق في المطالبة بتحقيق الرهن من
القضاء لما للمقتضيات القانونية المنضمو لهذا العقد من إلزامية على طرفيه
:الــتـــــــعـــــــــــــــــلــــــــــــــــــيـــــــــــــق
نشير أولا إلى أن القضاء هو السلطة المخول
لها تطبيق القانون و السعي إلى تحقيق العدالة بين المتنازعين التي يكون تطبيق النص
القاوني مرجعا فيها دون نكران لأثر و درو السلطة التقديرية,بما لا يعارض النص,و
الإجتهاد القضائي كذلك
محمود و جوهري في العمل القضائي لإثرائه
الساحة القضائية و تحقيقه لتطلعات المجتمع و تماشيه مع مصالحه
و أما عن موقفي الخاص كطالب باحث في ما
انتهى إليه القضاء الإستئنافي في النازلة المدروسة,فهو موقف
مؤازرة و تأييد,لأن المحكمة بنباهتها لم
تنطل عليها ادعاءات المدعي(البنك الشعبي),إذ أن خلو الحق في تحقيق الرهن من أي قيد
غير امتناع المدين عن الوفاء,و من أي جزاء لم يكن كفيلا بتوهيمها و إبعادها عن
الحقيقة و القاعدة العامة التي تحكم تحقيق الرهن المنصب على السلع,فكتابة العقد
إلزامية لدواعي استقرار المعاملات و لا ينبغي للمحكمة أن تحيد عنها و تتساهل بخصوصها,و القيد كذلك لا يقل أهمية
عنه,لأنه يفيد عدم وجود أي رهن سابق مقيد على هذه السلع أو المنثجات,من أجل خلق
ضمانة حقيقية لمال الدائن المرتهن,وبالتالي فإن المحكمة تكون مع ما سبق توضيحه على
امتداد قفرات الدراسة على صواب في نضرنا المتواضع فالتزاما باعتبارات الموضوعية
التي يقتضيها البحث العلمي,نذهب إلى تدعيم قرار محكمة الإستئناف,و نأكد صحة الأساس
القانوني الذي انبنلى عليه,على الرغم من الصعوبة التي قد تعتري أي قاض ناضر في مثل
هذا النوع من النزاعات,فقد يغيب النص الصريح المحدد لأثر غياب إجراء ما....لكن
إعمال العقل عند القاضي و التوسع و التأمل الشامل في القواعد المنضمة للنازلة في
شموليتها قد يحيل على الكثير المستنثج من وراء طيات النصوص و هو ما نقف عليه في
القرار موضوع البحث و التعليق,و هو أمر مطلوب في كل قضاة الحكم لتحقيق العدالة في أبهى
صورها,و التبصر للحكم الأصح,فالقواعد القانونية ليست شاملة لكل نواحي و أشكال
الروابط و العلاقات القانونية,و بالتالي فلا غنى عن المرونة في التعامل مع النص و
بالتبعية مع الوقائع محل البث من طرف القاضي
تم
بعون الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق